مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 1113

(121)
جلسة 28 من مايو سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل اسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبى وأحمد على البحراوى والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد المستشارين.

القضية رقم 1277 لسنة 8 القضائية

( أ ) لجان قضائية. "الطعن فى القرارات الصادرة منها". الطعن فى القرارات الصادرة من اللجان القضائية من طرق الطعن العادية وفى حكم الاستئناف - أساس ذلك - الطعن فى هذه القرارات متاح لكل خصم يتضرر من القرار دون أن يكون هناك قيد خاص يقيده أو تكون ثمة أوجه معينة ينبغى توفرها وان هذا الطعن يرفع إلى محكمة أعلا - أثر ذلك - جريان الأصل العام الذى يسرى على الاستئناف على هذا الطعن على نحو ما تنص عليه المادتان 409، 411 من قانون المرافعات.
(ب) موظف. "موظفون منسيون. ترقيتهم". "قرار ادارى". "دعوى". "دعوى الالغاء" قواعد قرار مجلس الوزراء الصادر فى 30 من يناير سنة 1944 فى خصوص المنسيين - لا تسمح بالافادة من الترقية لمن توفرت فيه الشروط القانونية إلا بالأسبقية فى حدود ما يخلو من درجات مستقبلا فى النسبة المعينة لذلك - الترقية ليست حتمية بقوة القانون - يلزم لنشوء الحق فيها صدور قرار ادارى خاص بذلك - خضوع المنازعة فيها لميعاد الستين يوما الخاص بدعوى الالغاء.
(جـ) لجان قضائية. "الطعن فى القرارات الصادرة منها. الطلبات الجديدة".
عدم جواز ابداء طلبات جديدة أمام محكمة القضاء الادارى بمناسبة الطعن امامها فى قرار اللجنة القضائية - على المحكمة أن تقضى بعدم قبول الطعن ولو من تلقاء نفسها - مثال بالنسبة لطلب تعويض لم يسبق طلبه فى مرحله التظلم ويختلف موضوعه عن موضوع الطلب الأصلى.
1 - ان الحكم المطعون فيه لم يصدر فى دعوى مبتداة وانما صدر فى طعن فى قرار صادر من لجنة قضائية ومثل هذا الطعن - كما يبين من مطالعة نصوص القانون رقم 160 لسنة 1952 الخاص بانشاء لجان قضائية فى الوزارات للنظر فى المنازعات الخاصة بموظفى الدولة - يعتبر من طرق الطعن العادية لأنه متاح لكل خصم يتضرر من القرار دون أن يكون هناك قيد خاص يقيده، أو تكون ثمة أوجه معينة ينبغى توفرها فيكفى أن يكون لرافعه اعتراض ما على القرار ومصلحة ما فى تعديله أو الغائه. ثم أن مثل هذا الطعن يرفع الى محكمة أعلا، وبهاتين الخصيصتين يعتبر مثل هذا الطعن فى حكم الاستئناف فيجرى عليه الأصل العام الذى يجرى على الاستئناف على نحو ما تنص عليه المادتان 409، 411 من قانون المرافعات من كونه ينقل المنازعة الى محكمة القضاء الادارى بحالتها التى كانت عليها قبل صدور قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من عدم قبول الطلبات الجديدة فى هذه الدرجة الاستئنافية.
2 - ان قواعد قرار مجلس الوزراء الصادر فى 30 من يناير سنة 1944 فى خصوص المنسيين لا تسمح بالافادة من الترقية لمن توفرت فيه الشروط القانونية وهى أن تبلغ مدة خدمته خمسا وثلاثين سنة، وأن يكون قد مضت على آخر ترقية مدة لا تقل عن أربع سنوات - لا تسمح بذلك الا بالنسبة فى حدود ما يخلو من درجات مستقبلا فى النسبة المعينة لذلك. فليست مثل هذه الترقية اذن حتميه تقع بقوة القانون بحسب ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة ومن ثم يلزم لنشوء الحق فيها صدور قرار ادارى خاص بذلك. وبهذه المثابة تخضع المنازعة فيها لميعاد الستين يوما الخاص بدعوى الالغاء.
3 - فيما يتعلق بطلب التعويض فانه يعتبر طلبا جديدا بالنسبة إلى الدرجة الاستئنافية لأن المدعى لم يسبق أن طلبه فى مرحلة التظلم، ولأن موضوعه يختلف عن موضوع الطلب الأصلى، إذ أن الطلب الأصلى يفترض قابلية القرارات الإدارية المطعون فيها للإلغاء، كما أن المدعى كان يبتغى به التنفيذ العينى، على حين أن طلبه التعويض قائم على افتراض حصانة القرارات الادارية المطعون فيها من الالغاء، كما أنه يبتغى به التنفيذ بطريق التعويض، ومن ثم يتعين على المحكمة أن تقضى بعدم قبوله ولو من تلقاء نفسها جرياً على الأصل العام الذى رددته المادة 441 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه ولئن كان تقرير الطعن قد أودع قلم كتاب هذه المحكمة فى يوم 16 من يونيه سنة 1962 على حين صدر الحكم المطعون فيه بجلسة 16 من أبريل سنة 1962: ألا أن آخر ميعاد للطعن وهو يوم 15 من يونيه سنة 1962 قد صادف يوم جمعه وهو يوم عطلة رسمية ومن ثم يمتد الميعاد الى أول يوم عمل بعدها طبقا للمادة 22 من قانون المرافعات، وهو اليوم الذى أودع فيه تقرير الطعن، فيكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يستظهر من أوراق الطعن - فى أن المدعى أقام التظلم رقم 1238 لسنة 1 القضائية ضد وزارة الداخلية بطلب أودع اللجنة القضائية لوزارة الداخلية فى يوم 7 من مايو سنة 1953 قال فيه انه أرفق معه صورا من الشكاوى والتظلمات التى قدمها الى مكتب الشكاوى برياسة مجلس الوزراء والى وزارة الداخلية، وأنه عملا بالمادة 4 من القانون رقم 160 لسنة 1952المعدلة بالقانون رقم 105 لسنة 1953 يرجو النظر فى مظلمته ومنحه الدرجة الرابعة وحفظ أقدميته فيها وصرف الفروق التى تترتب على هذه التسوية. وفى مذكرة لاحقة طلب "(أولا) تعديل ترقيته الى الدرجة الخامسة اعتبارا من أول يوليه سنة 1947، وعلى أسوأ الفروض اعتبارا من 26 من سبتمبر سنة 1948 تاريخ تكملته مدة 35 سنة فى الخدمة. (ثانيا) ترقيته الى الدرجة الرابعة اعتبارا من أول يوليه سنة 1951 (بفرض أن هناك قيدا زمنيا) وقال أنه رقى إلى الدرجة الخامسة اعتبارا من أكتوبر سنة 1951 على حين أن المفروض أن تكون ترقيته إلى الدرجة المذكورة على يد محضر فى 27 من يونيه سنة 1949. وكرر التظلم الى الوزارة ذاتها فى 8 من فبراير سنة 1950. ثم قدم تظلما فى 20 من أغسطس سنة 1952 الى مكتب الشكاوى برياسة مجلس الوزراء. وقد قدمت وزارة الداخلية مذكرة بدفاعها لاحظت فيها من حيث الشكل أن المدعى لم يطعن فى الميعاد القانونى فى قرار ترقيته الى الدرجة الخامسة اعتبارا من 25 من أكتوبر سنة 1951 بطلب اعتباره عديم الأثر فيما يتعلق بهذه الأقدمية وارجاعها إلى تاريخ استحقاقه الدرجة الخامسة حسبما يحدده فى تظلمه. كما لاحظت من حيث الموضوع أنه كان من الجائز ترقية المدعى الى الدرجة الخامسة فى حدود سدسى الدرجات التى تخلو غير أن دوره لم يكن قد حل وقتئذ فى الدرجات التى خلت إذ كان قبله كثيرون من أمثاله. وانتهت الوزارة الى الدفع بعدم قبول التظلم شكلا. وفى 29 من سبتمبر سنة 1953 قررت اللجنة القضائية "عدم قبول التظلم وإلزام المتظلم بالرسوم المستحقة قانونا". وأقامت قرارها على أن اجابة المتظلم الى طلبه تستلزم حتما التعرض بالالغاء لقرارات أصبحت نهائية وعلم بها المتظلم عند صدورها علما يقينا نافيا للجهالة، ولا سبيل الى اجابته الى طلبه هذا بغير هذا الطريق، ومن ثم وجب اعتبار تظلمه فى هذا الشأن بمثابة دعوى الغاء مما يتعين معه اخضاعه للميعاد المقرر بالمادة 12 من القانون رقم 9 لسنة 1949. وهو أمر صادر ممتنعا على المتظلم فى خصوص هذا التظلم.
وفى يوم 19 من فبراير سنة 1955 أودع المدعى قلم كتاب محكمة القضاء الادارى عريضة طعن فى قرار اللجنة القضائية المشار اليه قيد بجدول المحكمة المذكورة تحت رقم 1367 لسنة 9 القضائية، وذلك بناء على قرار صادر لصالحه فى 29 من يناير سنة 1955 من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة سالفة الذكر فى طلب الاعفاء رقم 107 لسنة 9 القضائية المقدم منه ضد وزارة الداخلية فى 7 من نوفمبر سنة 1954. وطلب فى عريضة الطعن "الحكم بالغاء قرار اللجنة القضائية لوزارة الداخلية رقم 1238 لسنة 1 القضائية، والغاء قرار وزير الداخلية الصادر فى أول ديسمبر سنة 1949، والقرارات التالية له فيما تضمنته من ترك المدعى فى الترقية الى الدرجة الخامسة. وما يترتب على ذلك من صرف فروق المرتب وفروق المعاش. واحتياطيا الزام الحكومة بمبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. وفى الحالتين بالزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال تأييدا لطعنه أن قرار اللجنة القضائية المطعون فيه لم يوفق الى الصواب لأنه وهو من موظفى الأقاليم لم يعلم ولا يستطيع أن يعلم بقرارات الترقية ولا بأقدميات أصحابها، وأن كل ما أمكنه الوقوف عليه أخيرا هو أن أحد زملائه المنسيين المدعو أمين حنا طنيوس رئيس شياخات مديرية الدقهلية قد رقى فى الدرجة الخامسة فى أول ديسمبر سنة 1949 على الرغم من أنه أحدث منه فى الخدمة، وأنه من المبادئ المقررة أنه ما دام القرار لم ينشر ولم يعلن فلا يحتج عليه بالميعاد الا من التاريخ الذى يثبت فيه علمه بالقرار علما يقينيا شاملا لمحتويات وأقدميات من رقوا به، وأن التظلمات التى قدمت منه ليست فيها أية اشارة الى قرار بعينه بل كانت كلها تتضمن المطالبة بترقيته لاستيفائه الشروط التى نص عليها قرار انصاف المنسيين والكتاب الدورى الصادر تنفيذا له، ولأن تلك الترقية وجوبية وليست جوازية. ثم استدرك المدعى فقال انه اذا رؤى على الرغم من ذلك أن ميعاد الطعن قد فات فلا يسعه وحقه فى الترقية ثابت ومقرر بقاعدة تنظيمية عامة الا أن يطلب احتياطيا الحكم له بمبلغ ألف جنيه تعويضا له عما لحقه من ضرر نتيجة امتناع الادارة عن ترقيته الى الدرجة الخامسة من سنة 1949 وما ضاع عليه بسبب ذلك من فروق فى المرتب وفروق فى المعاش. وفى مذكرة لاحقة قال ان الادارة لم تنازع فى أنه دخل الخدمة اعتبارا من 25 من سبتمبر سنة 1913 فهو على هذا الأساس يتم 35 سنة فى الخدمة فى 25 من سبتمبر سنة 1948، ولما كان قد منح الدرجة السادسة الشخصية منسيا اعتبارا من أول يولية سنة 1943، فانه يستحق أن يمنح أول درجة خامسة توجد خالية فى 25 من سبتمبر سنة 1948 أو تخلو بعد هذا التاريخ ولا تملك الادارة أية سلطة تقديرية فى هذا الشأن. واذا كانت الادارة تنازع فى حقه بمقولة أن الدور لم يكن ليدركه، اذ كان يوجد منسيون آخرون يسبقونه فى الأقدمية، فانه يبين من الاطلاع على كشف الأقدمية وعلى قرارات الترقية الى قدمتها الادارة فان السيد/ أمين حنا طنيوس الذى منح الدرجة الخامسة اعتبارا من أول ديسمبر سنة 1949 بالقرار رقم 682 الصادر فى 29 من نوفمبر سنة 1949 التحق بخدمة الحكومة فى سنة 1914، وان السيد محمد أحمد يسرى الذى منح الدرجة الخامسة اعتبارا من أول ديسمبر سنة 1950 بالقرار رقم 799 الصادر فى 31 من أغسطس سنة 1950 التحق بخدمة الحكومة فى سنة 1926، وأن السيدين/ كامل دميان ومحمود حسين بهنساوى اللذين منحا الدرجة الخامسة اعتبارا من أول أغسطس سنة 1951 بالقرار رقم 668 الصادر فى 22 من يوليه سنة 1951 التحقا بخدمة الحكومة فى سنة 1914. وخلص المدعى من ذلك الى أن القرارات المشار اليها قد خالفت القانون اذ شملت هؤلاء على حين أنه أقدم منهم فى الخدمة. وقد عقبت وزارة الداخلية على الطعن بمذكرة طلبت فى ختامها "الحكم أصليا: (أولا) بتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول تظلم المدعى. (ثانيا) عدم قبول طلب التعويض. واحتياطيا: الحكم برفض الدعوى". وفيما يتعلق بطلب تأييد اللجنة القضائية أسست دفاعها على أن ترقية الموظف طبقا للفقرة "هـ" من البند العاشر من كتاب وزارة المالية رقم (ف 234 - 1/ 302) المؤرخ 12 من فبراير سنة 1944 ليست ترقية حتمية تقع بقوة القانون. فاذا صدر قرار بالترقية بالمخالفة لأحكامها فانه يجب الطعن فيه فى الميعاد الذى حدده القانون للطعن فى القرارات الادارية. وأنه من الواضح من التظلمين المقدمين من المدعى فى 6 من فبراير سنة 1950، 20 من أغسطس سنة 1952 انه كان يعلم بالقرارات التى يطعن فيها علما يقينيا، وعلى ذلك فقد قدم تظلمه الى اللجنة القضائية فى 6 من يونيه سنة 1953، أى بعد الميعاد، أما فيما يتعلق بطلب عدم قبول طلب التعويض فأقامت دفاعها على أن طلب التعويض لم يسبق عرضه على اللجنة القضائية، ومن ثم كان يجوز ابداؤه لأول مرة أمام محكمة القضاء الادارى عند الطعن فى قرار اللجنة القضائية. وفيما يتعلق بالموضوع بنت دفاعها على أن جميع من يطعن المدعى فى ترقيتهم يسبقونه فى أقدمية الدرجة السابقة، فلم يكن ثمة خطأ فى ترقيتهم الى الدرجة الخامسة قبله، على أنه قبل أن يحل دور هذا الأخير فى الترقية طبقا لقواعد انصاف المنسيين صدر قرار مجلس الوزراء فى 25 من يونيه، 8 من أغسطس سنة 1950 وطبقا لأحكامهما رقى الى الدرجة الخامسة اعتبارا من 25 من أكتوبر سنة 1951
ومن حيث انه فى جلسة 16 من أبريل سنة 1962 قضت محكمة القضاء الادارى "بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية لوزارة الداخلية فى التظلم رقم 1238 لسنة 1 القضائية، وما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة بالمصروفات" وأقامت قضاءها على أن العبارات التى أوردها المدعى فى التظلم المقدم منه فى 6 من فبراير سنة 1950 وتلك التى وردت فى التظلم المقدم منه فى 20 من أغسطس سنة 1952، وان كانت تصلح قرينة على قيام علمه بوجود درجات خالية منذ سنة 1949 وان الوزارة قامت بترقية آخرين على هذه الدرجات، الا أنها لا تفيد علمه بأى قرار من القرارات التى تضمنت الترقية الى تلك الدرجات علما يقينيا شاملا لجميع العناصر التى يستطيع على أساسها أن يتبين مركزه القانونى بالنسبة اليها وأن يحدد على مقتضاها طريق الطعن فيها. وفيما يتعلق بالموضوع أقامت قضاءها على أن ثبوت الحق فى أولوية الترقية بين الموظفين المنسيين طبقا للفقرة "هـ" من البند العاشر من كتاب وزارة المالية الدورى رقم ف 234 - 1/ 302 - الصادر من فبراير سنة 1944 ومناط تفضيل أحدهم على الآخر رهين بالأسبقية فى اكتساب صفة الموظف المنسى، أى بمن اجتمع له قبل سواه شرطا أقدمية الخدمة وأقدمية الدرجة معا، دون اعتداد بالأقدمية فى الدرجات السابقة. وقد قامت صفة الموظف المنسى بالمدعى اعتبارا من 25 من سبتمبر سنة 1948 على حين أن السيد/ أمين حنا طنيوس الذى شمله قرار الترقية رقم 682 فى 29 من نوفمبر سنة 1949 لم تتوفر فيه صفة الموظف المنسى الا اعتبارا من 25 من أكتوبر سنة 1949 لأنه دخل الخدمة فى 25 من أكتوبر سنة 1914.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن المطعون عليه كان دائب الشكوى والتظلم للوزارة فى شأن تخطيه فى ترقيات تمت الى الدرجة الخامسة، وان ذلك يعنى انه قد علم بالقرارات التى أدت الى تلك الترقيات. لأنه لا يتأتى علمه بالترقية دون علمه بقرارات هذه الترقية. وفيما يتعلق بالموضوع يقوم الطعن على أنه اذا أريد عقد مقارنة بين اثنين من الموظفين المنسيين للنظر فيمن هو أسبق فانه من المنطق أن يراعى من رقى منسيا قبل سواه اذ فضلا عن كون الترقية بقواعد المنسيين هو شرط جوهرى للافادة من حكم الفقرة "هـ" المشار اليها الا أنها هى أيضا المعيار الطبيعى للإفادة من أحكام المنسيين. فاذا اتحد تاريخ ترقية كل منهما منسيا، فيتحتم الرجوع الى أقدمية كل منهما فى الدرجة السابقة باعتبارها المعيار الموضوعى الذى يكشف عن الأقدمية فى الدرجة.
ومن حيث إنه يخلص ما تقدم أن الحكم المطعون فيه لم يصدر فى دعوى مبتدأة وانما صدر فى طعن فى قرار صادر من لجنة قضائية ومثل هذا الطعن - كما يبين من مطالعة نصوص القانون رقم 160 لسنة 1952 الخاص بانشاء لجان قضائية فى الوزارات للنظر فى المنازعات الخاصة بموظفى الدولة - يعتبر من طرق الطعن العادية لأنه متاح لكل خصم يتضرر من القرار دون أن يكون هناك قيد خاص بقيده، أو تكون ثمة أوجه معينة ينبغى توفرها. فيكفى أن يكون لرافعه اعتراض على القرار ومصلحة ما فى تعديله أو الغائه. ثم ان مثل هذا الطعن يرفع الى محكمة أعلا. وبهاتين الخصيصتين يعتبر مثل هذا الطعن فى حكم الاستئناف. فيجرى عليه الأصل العام الذى يجرى على الاستئناف. على نحو ما تنص عليه المادتان 409، 411 من قانون المرافعات من كونه ينقل المنازعة الى محكمة القضاء الادارى بحالتها التى كانت عليها قبل صدور قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من عدم قبول الطلبات الجديدة فى هذه الدرجة الاستئنافية.
ومن حيث ان المدعى - فى تلك الدرجة الاستئنافية - لم يطلب - بعد طلب الغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه - ما سبق أن طلبه فى مرحلة تظلمه أمام اللجنة القضائية من تعديل أقدميته فى الدرجة الخامسة على أساس استحقاقه الافادة من احكام الفقرة "هـ" من البند رابعا تحت رقم 10 الخاص بالمعينين بالكتاب الدورى الصادر من وزارة المالية فى شأن القواعد التى تتبع تنفيذا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 30 من يناير سنة 1944، وانما طلب الحكم بالغاء قرار وزير الداخلية الصادر فى أول ديسمبر سنة 1949 والقرارات التالية له فيما تضمنته من تركه فى الترقية الى الدرجة الخامسة، واحتياطيا الزام الحكومة بمبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض.
ومن حيث فيما يتعلق بطلب الالغاء فإنه ان صح أن هذا الطلب لا يعتبر جديدا فى تلك الدرجة الاستئنافية، وأن المدعى انما قصد به بيانا أو تحديدا أو تصحيحا لما سبق.. أن طلبه فى مرحلة تظلمه أمام اللجنة القضائية، فان قواعد قرار مجلس الوزراء الصادر فى 30 من يناير سنة 1944 فى خصوص المنسيين لا تسمح بالافادة من الترقية لمن توفرت فيه الشروط القانونية، وهى أن تبلغ مدة خدمته خمسا وثلاثين سنة، وأن تكون قد مضت على آخر ترقية لمدة لا تقل عن أربع سنوات - لا تسمح بذلك إلا بالنسبة فى حدود ما يخلو من درجات مستقبلا فى النسبة المعينة لذلك. فليست مثل هذه الترقية اذن حتمية تقع بقوة القانون. بحسب ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة. ومن ثم يلزم لنشوء الحق فيها صدور قرار ادارى خاص بذلك. وبهذه المثابة تخضع المنازعة فيها لميعاد الستين يوما الخاص بدعوى الالغاء المنصوص عليه فى المادة 12 من القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة الذى كان ساريا وقت أن قدم المدعى تظلمه رقم 1238 لسنة 1 القضائية الى اللجنة القضائية لوزارة الداخلية. وقد سبق أن قضت هذه المحكمة بأن ميعاد الستين يوما هذا يسرى من تاريخ نشر القرار الادارى المطعون فيه أو اعلان صاحب الشأن به. وانه يقوم مقام الاعلان علم صاحب الشأن علما يقينيا بالقرار الادارى المطعون فيه شاملا لجميع العناصر التى يمكنه على أساسها أن يتبين مركزه القانونى بالنسبة لهذا القرار. وأن الميعاد المذكور يجرى فى حقه من اليوم الذى يثبت فيه قيام هذا العلم اليقينى الشامل.. وأن هذا العلم يثبت من أية واقعة أو قرينة تفيد حصوله دون التقيد فى ذلك بوسيلة اثبات معينة اذا توفر اقتناع المحكمة بقيام الدليل عليه حسبما تستبينه من أوراق الدعوى وظروف الحال.
ومن حيث ان اقتناع هذه المحكمة قد توفر بقيام الدليل على ان المدعى قد اكتمل علمه اليقينى بالقرارات الادارية المطعون فيها فى 20 من أغسطس سنة 1952 تاريخ شكواه التى قدمها الى مكتب الشكاوى برياسة مجلس الوزراء. وعلى أن هذا العمل كان شاملا لجميع العناصر التى يمكنه على أساسها أن يتبين مركزه القانونى بالنسبة لهذه القرارات. اذ فضلا عما يستخلص من شكاياته التى قدمها قبل ذلك التاريخ ومن تعددها فقد وردت فى هذه الشكوى على لسانه العبارات الآتية: "ومع خلو وظائف درجة خامسة كثيرة بالوزارة سنة 1947 الى تاريخ ترقيتى الى الخامسة فقد أهملتنى الوزارة ورقت آخرين متخطية فى ذلك أبسط قواعد العدل والانصاف". وهى عبارات ناطقة باكتمال علم المدعى اليقينى بالقرارات الادارية المطعون فيها. وهو علم شامل لجميع العناصر التى يمكنه على أساسها أن يتبين مركزه القانونى بالنسبة لهذه القرارات. اذ هو أقر بعلمه بخلو درجات خامسة، وبعلمه بترقيات من يزاحمونه الى هذه الدرجات دونه، وكذا بعلمه بتخطى الوزارة له فى هذه الترقيات. وليس بعد ذلك مزيد من العلم يفتقر اليه المدعى ليتبين مركزه القانونى بالنسبة للقرارات الادارية المطعون فيها. واذا صح أنه لم يكن يعلم وقتذاك بتاريخ صدور كل قرار منها ورقمه على وجه محدد، فان علمه بذلك لم يكن ليزوده بعنصر يعوزه ليتبين مركزه القانونى بالنسبة للقرارات المذكورة. كما أن جهله بذلك لم يكن ليمنعه من التقدم بمنازعته فى الميعاد. وليس أدل على ذلك من أنه حين طلب هو فى طعنه فى قرار اللجنة القضائية الغاء القرارات التالية لقرار وزير الداخلية الصادر فى أول ديسمبر سنة 1949، وطلب ذلك دون تحديد لتاريخ صدور كل قرار منها أو رقمه، ولم يقف هذا حائلا دون تقدمه بطعنه بغير تحديد لتواريخ القرارات المذكورة وأرقامها.
ومن حيث انه وقد ثبت على نحو ما سلف بيانه أن المدعى كان فى 20 من أغسطس سنة 1952 يعلم القرارات الادارية المطعون فيها علما يقينيا شاملا لجميع العناصر التى يمكنه على أساسها أن يتبين مركزه القانونى بالنسبة لهذه القرارات، فان ميعاد الستين يوما الخاص بدعوى الالغاء يجرى فى حقه من اليوم المذكور، وقد كان يتعين عليه أن يحافظ على هذا الميعاد بأن يتقدم بمنازعته فى أجل غايته 19 من أكتوبر سنة 1952. وما دام لم يتقدم بتظلمه رقم 1238 لسنة 1 القضائية الى اللجنة القضائية لوزارة الداخلية الا فى 7 من مايو سنة 1953. أى بعد فوات هذا الميعاد، فان تظلمه يكون غير مقبول شكلا لرفعه بعد الميعاد القانونى، ويكون قرار اللجنة القضائية صحيحا اذ قضى بذلك، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله اذ لم يأخذ بهذا النظر.
ومن حيث فيما يتعلق بطلب التعويض فإنه يعتبر طلبا جديدا بالنسبة الى الدرجة الاستئنافية لأن المدعى لم يسبق أن طلبه فى مرحلة التظلم، ولأن موضوعه يختلف عن موضوع الطلب الأصلى، اذ أن الطلب الأصلى يفترض قابلية القرارات الادارية المطعون فيها للالغاء، كما أن المدعى كان يبتغى به التنفيذ العينى، على حين أن طلبه التعويض قائم على افتراض حصانة القرارات الادارية المطعون فيها من الالغاء، كما أنه يبتغى به التنفيذ بطريق التعويض. ومن ثم فانه يتعين على المحكمة أن تقضى بعدم قبوله ولو من تلقاء نفسها جريا على الأصل العام الذى رددته المادة 411 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وتأييد قرار اللجنة القضائية لوزارة الداخلية الصادر فى التظلم رقم 1238 لسنة 1 القضائية وعدم قبول طلب التعويض، والزام المدعى بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وبتأييد قرار اللجنة القضائية لوزارة الداخلية الصادر فى التظلم رقم 1238 لسنة 1 القضائية، وبعدم قبول طلب التعويض، وألزمت المدعى بالمصروفات.