مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 278

(39)
جلسة 30 من يناير سنة 1982

برئاسة السيد الاستاذ المستشار محمد صلاح الدين السعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة نصحى بولس فارس ومحمد عزيز أحمد على وعادل عبد العزيز بسيونى وجمال السيد دحروج - المستشارين.

الطعون الرقيمة 40 و73 و160 لسنة 27 القضائية

( أ ) عاملون بالقطاع العام - تأديب - فصل من الخدمة - محكمة تأديبية - اختصاص مجازاة عامل فى احدى شركات القطاع العام بفصله من الخدمة لما نسب اليه - اختصاص المحكمة التأديبية بالفصل فى مشروعية هذا القرار التأديبى - أساس ذلك - تطبيق.
(ب) عاملون بالقطاع العام - تأديب - اختصاص مجلس ادارة شركات القطاع العام بتوقيع الجزاءات التأديبية - فصل من الخدمة - محكمة تأديبية - اختصاص.
اختصاص مجالس ادارة شركات القطاع العام فى توقيع الجزاءات التأديبية منوط وفقا لحكم الفقرة الرابعة من المادة 84 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 بالنسبة لشاغلى وظائف الدرجة الثانية فما فوقها بتوقيع أى من الجزاءات الواردة فى المادة 82 من هذا القانون والتى تتراوح بين الانذار أو التنبيه وبين الفصل من الخدمة حسب درجة وظيفة العامل - هذا النص ولئن كان يدل فى ظاهره على اختصاص مجلس ادارة الشركة فى توقيع كافة الجزاءات المنصوص عليها فى المادة 82 الا أن الواضح من المادة 85 من القانون المذكور وأعماله التحضيرية أن المشرع قيد فى هذه المادة اطلاق اختصاص مجلس ادارة الشركة فى توقيع كافة الجزاءات المشار اليها وقصر اختصاصه على توقيع ما دون جزاءى الاحالة الى المعاش والفصل من الخدمة التى ناط توقيعها بالمحكمة التأديبية دون سواها - أساس ذلك - تطبيق. اصدار مجلس ادارة احدى شركات القطاع العام قرارا بفصل أحد العاملين لما نسب اليه يكون مشوبا بالانعدام لعدوانه على اختصاص المحكمة التأديبية.


اجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 20 من نوفمبر سنة 1980 أودع الأستاذ محمد فاضل عبده المحامى بصفته وكيلا عن السيد رئيس مجلس ادارة الشركة المصرية لصناعة النشا والجلوكوز بصفته قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 40 لسنة 27 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بجلستها المنعقدة فى 8 من نوفمبر سنة 1980 فى الدعوى رقم 14 لسنة 14 القضائية المرفوعة من السيد/ ......... ضد السيد رئيس مجلس ادارة الشركة المصرية لصناعة النشا والجلوكوز الذى قضى:
أولا: برفض الدعوى فى شقها الخاص بطلب الغاء قرار الوقف.
ثانيا: باعتبار الخصومة منتهية فى شق الدعوى الخاص بطلب الغاء قرار مجازاة المدعى بخصم عشرة أيام من مرتبه مع الزام المدعى عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
ثالثا: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الشق الثالث من الدعوى الخاص بانهاء خدمة المدعى واحالته بحالته الى الدائرة المختصة بالمنازعات العمالية بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه ورفض الطعن فى القرار الصادر بمجازاة المطعون ضده بفصله، والزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفى يوم الأحد الموافق 7 ديسمبر سنة 1980 أودع الأستاذ الدكتور محمد عصفور المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ ........ قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 73 لسنة 27 القضائية فى الحكم المذكور، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا لحين الفصل فى الطعن وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه بكافة أشطاره والقضاء مجددا بطلبات الطاعن وهى:
أولا: الغاء قرار الايقاف رقم 236 لسنة 1979 الصادر فى 16 من أغسطس سنة 1979 ورفع الجزاء الموقع بخصم عشرة أيام من مرتبه.
ثانيا: بالغاء القرار الصادر بفصل الطاعن من الشركة المطعون ضدها وما يترتب عليه من آثار من الزام الشركة المطعون ضدها بالمصروفات شاملة أتعاب المحاماه.
وفى يوم الأربعاء الموافق 7 يناير سنة 1981 أودع الأستاذ رئيس هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 160 لسنة 27 القضائية فى الحكم المشار اليه، وطلب للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فى شقه الثالث وباعادة الدعوى فى هذا الشق الى المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة للفصل فى موضوعه.
وبعد أن تم اعلان تقارير الطعون الى ذوى الشأن على النحو المبين فى الأوراق أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم:
أولا: بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة.
ثانيا: قبول الطعون الثلاثة شكلا وفى الموضوع الغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية بنظر موضوع الطعن واعادة الطعن الى المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة للفصل فى موضوعه.
وقد عين لنظر الطعون أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11 من مارس سنة 1981 وفيها قررت الدائرة ضم الطعنين رقم 73 لسنة 27 القضائية رقم 160 لسنة 27 القضائية للطعن رقم 40 لسنة 27 قضائية وفى 23 سبتمبر سنة 1981 قررت الدائرة احالة الطعون الثلاثة الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظرها أمامها جلسة 5 من ديسمبر سنة 1981 وفيها سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث أن الطعون الثلاثة قد استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل فى أنه فى 22 من نوفمبر سنة 1979 أقام السيد/ ........ الدعوى رقم 14 لسنة 14 القضائية أمام المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة ضد السيد/ وزير الصناعة بصفته والسيد رئيس مجلس ادارة الشركة المصرية لصناعة النشا والجلوكوز طالبا الحكم.
أولا: بالغاء قرار الايقاف رقم 236 الصادر فى 16 من أغسطس سنة 1979 ورفع الجزاء الموقع بخصم عشرة أيام من مرتبه.
ثانيا: الغاء القرار الصادر بفصله من الشركة المدعى عليها والغاء كل ما يترتب عليه من آثار مع الزام المدعى عليهما بالمصروفات شاملة أتعاب المحاماة. وبجلسة 31 من مايو سنة 1980 تنازل المدعى عن اختصام السيد وزير الصناعة، وقال بيانا لدعواه أنه عين بالشركة المدعى عليها بوظيفة أمين مخازن بالفئة الخامسة فى 5 من أغسطس سنة 1965 وظل يقوم بعمله على أكمل وجه وتدرج لوظائف الشركة الى أن رقى للفئة الأولى وعين مديرا لادارة الشئون المالية والادارية بها وعضوا بالجمعية العمومية لهذه الشركة وحدث أن قام بمنع تحميل سيارات الشركة بالمنتجات لرئيس قطاع الصناعات الغذائية المهندس........ وشقيقته........ بدون نولون وبفرارغ ملك الشركة وبناء عليه أوعز رئيس القطاع لرئيس ادارة الشركة بطلب ابعاده عن الجمعية العمومية للشركة خلال شهر مايو سنة 1978. ثم تعرض لسلسلة من المضايقات فى العمل تمثلت فى حرمانه من مباشرة اختصاصات وظيفته وتحريض عامل على الاعتداء عليه سبا وقذفا وضربا مما اضطره الى ابلاغ النيابة العامة ضد العامل المذكور حيث أدين فى الجنحة رقم 198 لسنة 1978 المعادى وحكم عليه فيها بغرامة قدرها عشرة جنيهات ولم يقم رئيس مجلس ادارة الشركة بأى اجراء ضد هذا العامل. وأضاف المدعى أنه وجه أكثر من خطاب سرى وشخصى الى رئيس مجلس ادارة الشركة موضحا فيه أنه قام بسلب اختصاصات وظيفته وأنه كثير الكيد له والتنكيل به لغير سبب الا عدم قبوله السكوت على تبديد المال العام ثم عدم قبوله أيضا وأساسا مسايرته فى انحرافه الخلقى ورجاه أن ينقله أو يندبه لمكان آخر. وأثر ذلك استدعاه رئيس مجلس الادارة وكلفه بتقديم طلب لنقله أو ندبه دون ذكر أى بيانات تمس موضوع انحرافه الذى يشهد به الكافة فبادر بتحرير خطاب مؤرخ فى 23 من مايو سنة 1978 طالبا نقله أو ندبه لجهة أخرى. وبناء عليه أصدر رئيس الشركة القرار رقم 164 لسنة 1978 فى 15 من يونية سنة 1978 بندبه الى جهة أخرى ظل فيها بلا عمل فاضطر الى تقديم شكوى الى السيد وزير الصناعة وأخرى الى النيابة العامة قيدت برقم 5915 لسنة 1978 ادارى الويلى ثم قام بتحرير خطاب سرى وشخصى لرئيس الشركة فى 7 من يولية سنة 1979 أوضح فيه كل تصرفاته المخالفة للقانون والناجمة عن مرضه بالشذوذ الجنسى، وقد حاول رئيس الشركة اجباره على سحب هذا الخطاب وعدم ابلاغ جهات الاختصاص وأعاده الى المصنع فى 9 من يوليه سنة 1979 الا أنه ظل كما كان قبل الندب مسلوب الاختصاص وبلا عمل.
ولما يئس من تصرف رئيس الشركة واصراره على عدم التسليم له باختصاصاته أو بأى عمل يقوم به قام بابلاغ السيد وزير الصناعة فى 15 من أغسطس سنة 1979 بالمخالفات المتقدمة وقد أحيل هذا البلاغ الى النيابة الادارية حيث قيد تحت رقم 8 لسنة 1979 ولم ينته التحقيق فيما بعد. ولقد اضطر رئيس الشركة الى التقدم ضده ببلاغ الى النيابة العامة فى 28 من أغسطس سنة 1979 قيد برقم 5837 لسنة 1979 حفظته النيابة اداريا فى 23 من سبتمبر سنة 1979 وأثر ذلك أقام رئيس الشركة الجنحة رقم 6220 لسنة 1979 مصر القديمة ضده وقد طعن بتزوير أوراقها ولم يفصل فيها بعد.
ومضى المدعى قائلا أنه عقب ذلك أتهمه رئيس الشركة دون حق بالغياب عن العمل بدون اذن والامتناع عن العمل. وقد علم بهذا الاتهام أثناء قيامه بالأجازة المصرح له بها من 12 من أغسطس سنة 1979 الى 21 من أغسطس سنة 1979 فعاد على الفور الى عمله الا أن مدير المصنع منعه من مباشرة عمله مما دعاه الى ابلاغ الشرطة بذلك، ثم أصدر رئيس الشركة قرارا بايقافه عن العمل اعتبارا من 18 من أغسطس سنة 1979 ولمدة ثلاثة أشهر واستدعته الادارة القانونية للتحقيق معه مساء يوم 17 من سبتمبر سنة 1979 فطلب احالة الموضوع الى النيابة الادارية، الا أن الشركة أحالته الى اللجنة الثلاثية طالبة الموافقة على فصله. وقد رأت اللجنة الثلاثية بجلستها المنعقدة فى 17 من أكتوبر سنة 1979 ان ما ارتأته الشركة من فصله لا يتفق وحكم القانون وذلك استنادا الى أن المدعى وقد تسلم عمله فى 9 من يولية سنة 1979 وحصل على أجازة اعتيادية فى 12 من أغسطس سنة 1979 لمدة عشرة أيام لذلك لايكون ممتنعا عن العمل خلال هذه المدة وقالت اللجنة بالنسبة لاتهامه رئيس الشركة بالشذوذ الجنسى بانه ليس محل التحقيق الذى قدم به اللجنة الثلاثية، وذكرت بالنسبة للمخالفات الأخرى أنه تم مجازاته بعشرة أيام خصما من مرتبه طبقا لقرار مجلس ادارة الشركة فى 30 من سبتمبر سنة 1979. وأضاف المدعى أنه بالرغم من ذلك فقد أصدرت الشركة المدعى عليها بالقرار رقم 307 لسنة 1979 فى 23 من أكتوبر سنة 1979 بفصله من العمل بها وأخطرته بهذا القرار فى 27 من أكتوبر سنة 1979 ونعى المدعى على هذا القرار بأن رئيس الشركة بيت النية على الغدر به والانتقام منه لكشفه انحرافاته الخلقية والوظيفية وان السبب الظاهر الذى قام عليه هذا القرار وهو امتناعه عن العمل فى المدة المدعاة غير قائم على أساس سليم وقد رفضته اللجنة الثلاثية.
وبجلسة 8 من نوفمبر سنة 1980 حكمت المحكمة:
أولا: برفض الدعوى فى شقها الخاص بطلب الغاء قرار الوقف.
ثانيا: باعتبار الخصومة منتهية فى شق الدعوى الخاص بطلب الغاء قرار مجازاة المدعى بخصم عشرة أيام من مرتبه مع الزام المدعى عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
ثالثا: بعدم اختصاصها بنظر الشق الثالث فى الدعوى الخاص بانهاء خدمة المدعى وباحالته بحالته الى الدائرة المختصة بالمنازعات العمالية بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية.
وأقامت المحكمة حكمها على أن القرار رقم 236 لسنة 1979 الصادر بوقف المدعى عن العمل ثلاثة أشهر اعتبارا من 8 من أغسطس سنة 1979 وقد صدر من السيد رئيس مجلس الادارة وارتبط ببدء التحقيق مع المدعى فى عدة مخالفات من بينها التعدى على رؤسائه والامتناع عن العمل، يكون قد صدر على الوجه الذى رسمه القانون فى المادة 86 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 ومن ثم يكون الطعن عليه بالالغاء غير قائم على أساس سليم وقالت المحكمة بالنسبة لقرار مجلس ادارة الشركة الصادر فى 30 من سبتمبر سنة 1979 بخصم عشرة أيام من مرتب المدعى أن مفاد قرار مجلس الادارة الصادر بجلسته المنعقدة فى 20 من أكتوبر سنة 1979 بالغاء ما سبق أن قرره بجلسته السابقة من مجازاة المدعى بالخصم من مرتبه لمدة عشرة أيام لأنه سحب لهذا الجزاء ومن ثم يجب الحكم باعتبار الخصومة منتهية.
وقال الحكم بالنسبة لقرار فصل المدعى المطعون فيه رقم 307 لسنة 1979 أنه يتضمن قرارين أولهما خاص بانهاء خدمة المدعى باعتباره مستقيلا لامتناعه عن العمل المكلف به والآخر خاص بفصله لتطاوله على رؤسائه. وأردف الحكم أنه متى كان ذلك وكان انهاء الخدمة للاستقالة الحكمية والفصل كجزاء تأديبى يتفقان فى الحالة الماثلة من انهاء خدمة العامل جبرا عنه وبغير ارادته فمن ثم فلا يتصور أن يرد أحدهما على الآخر فمن أنهيت خدمته للاستقالة لا يسوغ أن توقع عليه أية عقوبة بعد انهاء خدمته وينبنى على ذلك أن قرار فصل المدعى يعتبر وكأنه لم يكن. وخلصت المحكمة الى أن الخصومة بناء على ذلك تنحصر فى قرار انهاء خدمة المدعى لامتناعه عن العمل باعتبار أنه لا وجود له وأنه لما كان هذا القرار لا يعد من القرارات التأديبية، لذلك فان المحاكم التأديبية لا تختص بنظر الطعن عليه، وانما تختص به المحاكم العادية.
ومن حيث أن مبنى الطعن رقم 40 لسنة 27 القضائية المقام من الشركة المصرية لصناعة النشا والجلوكوز أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون تأسيسا على أن امتناع العامل عن العمل مخالفة ادارية فى حكم لائحة الجزاءات تستوجب المجازاة بالفصل من الخدمة وذلك دون النظر الى الصياغة التى أوردتها اللائحة فى هذا الشأن وعلى ذلك فانه وان كان العامل المنقطع يعتبر مقدما استقالته، الا أن ذلك ينطبق على العامل الذى يحضر لمقر عمله ولكنه يمتنع عن أداء ما كلف به ففى هذه الحالة يتعين توقيع الجزاء التأديبى المنصوص عليه فى اللائحة وهو الفصل من الخدمة وأضاف تقرير الطعن أن ما انتهت اليه المحكمة من أن قرار انهاء خدمة المدعى ينطوى على قرارين وأنه لا يسوغ توقيع عقوبة الفصل عليه بعد انتهاء خدمته لاستقالته فيه مصادرة على ما سوف تنتهى اليه المحكمة المختصة فى شأن مخالفة الامتناع عن العمل فقد تنتهى الى عدم ثبوت المخالفة وعلى ذلك يتعين الاعتداد بقرار توقيع جزاء الفصل على المدعى ولما كانت المحكمة التأديبية تختص بالنظر فى الطعن المقام من المدعى فى شأن قرار فصله التأديبى فقد كان على المحكمة أن توقف نظر الدعوى حتى تنتهى المحكمة العمالية من الفصل فى مخالفة المدعى عن امتناعه عن العمل. وانتهى الطعن الى طلب للحكم بالغاء الحكم المطعون فيما قضى به من الغاء القرار الصادر بمجازاة المدعى بالفصل ورفض دعوى المدعى فى هذا الشق منها.
ومن حيث أن مبنى الطعن رقم 73 لسنة 27 القضائية المقام من السيد/ ...... أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيق القانون وتأويله واستند فى ذلك الى أن ما ذهب اليه الحكم المطعون فيه من أن قرار فصله ينطوى على قرارين أولهما قرار بانهاء خدمته باعتباره مستقيلا لامتناعه عن العمل والآخر قرار بفصله لتطاوله على رؤسائه ينطوى على مخالفة للقانون، وذلك لأن قرار فصل المدعى ارتد الى تاريخ وقفه عن العمل ولو قصدت الشركة الى انهاء خدمته بالاستقالة لارتدت بأثر القرار الى تاريخ امتناعه المزعوم فى 9 من يولية سنة 1979، وعلى ذلك فان قرار فصله يعتبر قرارا جزائيا مما تختص به المحكمة التأديبية. وبالاضافة الى ذلك فان قرار الفصل جاء عقب عدة تحقيقات أجريت معه وفى أعقاب ايقافه عن العمل تم توقيع جزاء خصم عشرة أيام من مرتبه لذات السبب، وهذه الملابسات فى ذاتها كافية لحمله على محمل الجزاء وأنه لما كان ذلك وكان قرار الفصل قد صدر دون سحب القرار الأول بخصم عشرة أيام من مرتبه وكان المبدأ المستقر هو أن سلطة الشركة بالنسبة لجزاء وقع بالفعل هو التخفيف أو الالغاء فقط وليس لها أن تشدد الجزاء لما فى ذلك من اخلال بالمركز القانونى للمدعى والذى استقر بالقرار الأول فان قرار فصله يكون قد صدر بالمخالفة للقانون ونعى الطعن على الحكم أنه لم يتعرض للباعث الحقيقى والدافع على توقيع جزاء الفصل وهو الخلافات التى استمرت بين المدعى ورئيس الشركة، كما أن المحكمة لم توفق فى فحص المستندات المقدمة بالدعوى والدليل على ذلك تأييدها لقرار وقف المدعى عن العمل بينما هى التى قررت فى 20 من أكتوبر سنة 1979 صرف نصف مرتبه الموقوف صرفه. وانتهى الطعن الى طلب الحكم بالغاء الحكم المطعون فيه بجميع أشطاره والحكم بالغاء القرارات المطعون عليها الصادرة بوقف المدعى احتياطيا عن عمله وبمجازاته بالخصم من مرتبه لمدة عشرة أيام وبفصله من الخدمة.
ومن حيث أن مبنى الطعن رقم 160 لسنة 27 القضائية المقام من هيئة مفوضى الدولة أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله تأسيسا على أن قرار فصل المدعى تكاملت فى شأنه عناصر القرار التأديبى الصريح فجاء مستندا الى اتهامين نسبا الى المدعى وقد راعت الشركة فى شأنهما الاجراءات التى رسمها الشارع من سماع دفاع المدعى وتحقيقه وأن ما تصورته المحكمة فى قرار فصله جاء مسبوقا بقرار انهاء خدمته لامتناعه عن العمل غير قائم على أساس سليم وذلك من المسلم به أن المدعى لم ينقطع عن عمله على نحو يمكن اعتباره ممتنعا عنه، يضاف الى ذلك أن الأخذ بمنطق الحكم فى هذا الشأن سوف يترتب عليه أن تظل المخالفة الثانية المنسوبة للمدعى وهى اعتداؤه على رؤسائه بالقول بغير مساءلة بعد أن تكون خدمته قد انتهت بسبب امتناعه عن العمل، وهذا المنطق لا يتفق ونية الشركة فى مساءلته عما نسب اليه، وعلى ذلك فقد كان على المحكمة التأديبية أن تفصل فى مشروعية قرار فصله. وانتهى الطعن الى طلب الحكم بالغاء الحكم المطعون فيه فى شقه الثالث وباعادة الدعوى فى هذا الشق منها الى المحكمة التأديبية للفصل فى موضوعه.
ومن حيث أن الثابت فى الأوراق أنه فى 13 من أغسطس سنة 1979 أخطر السيد/ مدير عام مصنع طره بالشركة المصرية لصناعة النشا والجلوكوز السيد رئيس مجلس ادارة الشركة بأن تصرفات السيد/ ....... مدير الشئون الادارية بالفئة الأولى قد تجاوزت كل الحدود وأصبح يشكل عنصرا معوقا للعمل وذكر دليلا على ذلك أنه امتنع عن العمل وغاب بدون اذن فى بعض الأيام وخرج على حدود الأدب والأخلاق فى مخاطبة رؤسائه والتهديد بالضرب للسيد مدير عام العلاقات الصناعية أمامه وأمام السادة/ الشهود كما أعد السيد مدير عام المصنع المذكور مذكرة للعرض على السيد رئيس مجلس ادارة الشركة وأثبت فيها أن السيد/ ........ حضر الى المصنع بطره فى الساعة 20ر10 من يوم الخميس الموافق 16 من أغسطس سنة 1979 بالرغم من أنه بأجازة اعتيادية لمدة عشرة أيام تم الترخيص له بها بمعرفته شخصيا ولم يتم استدعاؤه من الأجازة، وأنه قام بالاطلاع على تقرير حركة المنتجات الثانوية للمصنع وقام بالتأشير بتوقيعه على تقرير الحركة عن يوم 9 من أغسطس سنة 1979 كما قام بالتأشير على تقرير حركة الأذرة فى الأيام 9، 10، 11، من أغسطس سنة 1979 بوضع توقيعه على الصور المثبتة بأصل هذه التقارير وأرقامها، 220، 221، 222، فى حين أن أصل التقارير قد أرسل للمركز الرئيسى، كما أعد السيد مدير عام ادارة العلاقات الصناعية بالشركة المذكورة مذكرة مؤرخة فى 11 أغسطس سنة 1979 للعرض على السيد رئيس مجلس ادارة الشركة ذكر فيها أنه أثناء وجوده بمكتب السيد مدير عام مصنع طره فى 11 من أغسطس سنة 1979 قام بعتاب السيد/ ........ على الأسلوب الذى كتب به رده المؤرخ فى 4 من أغسطس سنة 1979 على الكتاب الموجه للمصنع بخصم أيام غيابه عن شهر يولية سنة 79 وقد ذكر له السيد/ ........ أن هناك مخططا موضوعا بمعرفة السيد رئيس مجلس الادارة ومدير عام التنظيم والعلاقات الصناعية للنيل منه وتفوه بألفاظ غير لائقة تخرج تماما عن الأسلوب اللائق بمخاطبة الرؤساء.
وفى 16 من أغسطس سنة 1979 أعد السيد مدير الادارة القانونية بالشركة المشار اليها مذكرة أشار فيها الى الاتهامات الموجهة للسيد/ ........ والخاصة بامتناعه عن العمل واعتدائه بالقول على السيد مدير ادارة العلاقات الصناعية وتقديمه خطابا مؤرخا فى 4 من أغسطس سنة 1979 للسيد رئيس مجلس ادارة الشركة ضمنه عبارات خارجة تعتبر اخلالا بواجب الاحترام لرؤسائه، وحضوره الى المصنع يوم 16 من أغسطس سنة 79 واثارته الشغب مع مديره، وأضاف أنه استدعى السيد/ ........ للتحقيق يوم 14 من أغسطس سنة 1979 ونظرا لعدم حضوره فقد استدعاه تلغرافيا لسماع أقواله يوم 16 من أغسطس سنة 1979، وخلص الى انه تبين من الأوراق أنه يثير حاليا موجة من الشغب داخل المصنع مما لا يستقيم معه سير العمل داخله، وأن مصلحة التحقيق حاليا تقتضى وقفه احتياطيا عن العمل لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من 18 من أغسطس سنة 1979. وفى 16 من أغسطس سنة 1979 أصدر السيد رئيس مجلس ادارة الشركة القرار رقم 236 لسنة 1979 بوقف السيد/ ........ عن العمل لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من 18 من أغسطس سنة 1979 مع وقف صرف نصف مرتبه عن مدة الايقاف مع اخطار المحكمة التأديبية للنظر فى صرف نصف المرتب الموقوف وتنفيذا لهذا القرار أخطرت ادارة الدعوى التأديبية لاتخاذ اللازم فى هذا الشأن. وبجلسة مجلس ادارة الشركة المنعقدة فى 30 من سبتمبر سنة 1979 عرضت مذكرة بنتيجة التحقيق الذى أجرى مع السيد/ ........ ورأى المجلس 1) أن العقوبة التى تتناسب وما ثبت فى حقه من خروج على الحدود بأسلوب فاق حد التصور ويتعارض تماما ومقتضيات الواجب الأخلاقى مما يعد اخلالا خطيرا بمسئولياته وخاصة بعد أن أفصح عن قصد الاساءة والتشهير، وقرر المجلس أن العقوبة التى تتناسب وهذا الاخلال هى عقوبة الفصل من الخدمة بالاضافة الى ما ثبت عن امتناعه عن العمل. (2) عرض المخالفات التى صدرت منه على اللجنة الثلاثية طبقا لأحكام المادة 85 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام والفقرة العاشرة من المادة 76 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 للنظر فى فصل المذكور من الخدمة وذلك لثبوت المخالفتين الآتيتين: -
( أ ) الامتناع عن العمل.
(ب) خروج المذكور عن الحدود الاخلاقية بما يفصح عن سلوكه الشائن.
3 - يعاد العرض على المجلس بعد موافاته بما تنتهى اليه اللجنة الثلاثية من رأى فى هذا الشأن لتقرير ما يراه واجبا حيال المذكور.
4 - مجازاة المذكور بخصم عشرة أيام من مرتبه لما ثبت فى حقه من مخالفات فى مخاطبة رؤسائه بطريقة غير لائقة على النحو الموضح بمذكرة الادارة القانونية.
وبعرض أمر فصل السيد/ ...... على اللجنة الثلاثية قررت فى 17 من أكتوبر سنة 1979 بالأغلبية أن فصله لا يتفق وأحكام القانون وذلك لانه استلم عمله فى 9 من يوليو سنة 1979 وأخذ أجازة اعتيادية فى 12 من أغسطس سنة 1979 وانه اذا كان ممتنعا عن العمل خلال هذه المدة لما ووفق له على الاجازة الاعتيادية لمدة عشرة أيام وأنه بالنسبة لاتهام السيد رئيس مجلس ادارة الشركة بالشذوذ الجنسى فانه ليس محل التحقيق الذى قدم به للجنة الثلاثية، وذلك وفقا لما قرره المحقق من ان هذا الموضوع خارج نطاق التحقيق وأنه معروض على محكمة مصر القديمة وأنه بالنسبة الى المخالفات الأخرى فقد تم مجازاته بعشرة أيام خصما من مرتبه طبقا لقرار مجلس ادارة الشركة المنعقد فى 30 من سبتمبر سنة 1979.
وبجلسة مجلسة ادارة الشركة المنعقد فى 20 من أكتوبر سنة 1979 قرر المجلس: -
1 - مجازاة السيد/ ...... بعقوبة الفصل من الخدمة عن امتناعه عن العمل فى الفترة من 9 من يولية سنة 1979 الى 9 من أغسطس سنة 1979.
2 - ومجازاته بذات العقوبة عن خروجه على مقتضى الواجب والاحترام المفروض للرؤساء بأن ضمن أقواله فى التحقيق اعتداء جسيما بالقول ضد السيد رئيس مجلس الادارة والاعتداء بالقول على السيد مدير عام الادارة العامة للتنظيم والعلاقات الصناعية والسيد مدير عام مصنع طره.
3- الغاء ما سبق أن قرره المجلس فى 30 من سبتمبر سنة 1979 من مجازاة المذكور بخصم عشرة أيام من مرتبه وتنفيذا لهذا القرار اصدر السيد رئيس مجلس ادارة الشركة القرار رقم 307 لسنة 1979 فى 23 من أكتوبر سنة 1979 بمجازاة المذكور بعقوبة الفصل من الخدمة لامتناعه عن العمل فى الفترة من 9 من يوليه سنة 1979 الى 9 من أغسطس سنة 1979 ومجازاته بذات العقوبة عما بدر منه من اعتداء جسيم بالقول ضد السيد رئيس مجلس الادارة ومدير عام ادارة العلاقات الصناعية ومدير عام مصنع طره، وعلى أن يكون الفصل اعتبارا من 18 من أغسطس سنة 1979 تاريخ ايقافه عن العمل.
ومن حيث أن النعى على القرار رقم 236 لسنة 1979 الصادر فى 16 من أغسطس سنة 1979 بوقف المدعى احتياطيا عن عمله بدعوى أنه صدر مخالفا للقانون، فانه مردود بأن السيد رئيس مجلس ادارة الشركة اصدر قراره هذا فى حدود الاختصاص التقديرى المخول له فى المادة 86 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وذلك بمناسبة التحقيق مع المدعى فيما تضمنته مذكرة السيد مدير الادارة القانونية بالشركة المؤرخة فى 16 من أغسطس سنة 1979 من اتهامات، واذ كان الأمر كذلك وكان وقف المدعى عن العمل قد عرض على المحكمة التأديبية وفقا للاجراءات التى رسمها القانون للنظر فى صرف نصف المرتب الموقوف صرفه فلا وجه للنعى على القرار المذكور بدعوى مخالفة القانون. ولا ينال من ذلك أن المحكمة التأديبية قررت فى 20 من أكتوبر سنة 1979 صرف نصف مرتب المدعى الموقوف اليه طالما أن مصدر القرار قد رأى بسلطته التقديرية ملاءمة اصدار هذا القرار فى حينه دون قيام ثمة دليل فى الأوراق على انحرافه بسلطته بحسبان أن هذا الوقف صدر بناء على طلب السيد مدير الشئون القانونية بعد استعراض ما نسبه كل من السيدين مدير عام مصنع طره بالشركة والسيد مدير عام ادارة العلاقات الصناعية بها الى المدعى من اتهامات. وبناء عليه يكون الحكم المطعون فيه قد صادف الصواب فيما انتهى اليه من رفض الدعوى فى هذا الشق منها.
ومن حيث أنه عن طلب الغاء قرار مجلس ادارة الشركة المدعى عليها الصادر فى 30 من سبتمبر سنة 1979 بمجازاة المدعى بخصم عشرة أيام من مرتبه لما ثبت فى حقه من مخالفات فى مخاطبة رؤسائه بطريقة غير لائقة على النحو الموضح بمذكرة الادارة القانونية. فالثابت على ما سلف بيانه أن مجلس الادارة أخذ هذا القرار بعد أن سجل أن جزاء الفصل من الخدمة هو ما يتناسب مع ما ثبت فى حق المدعى من خروج على الحدود بأسلوب فاق التصور ويتعارض تماما مع مقتضيات الواجب الاخلاقى مما يعد اخلالا خطيرا بمسئولياته وخاصة بعد أن أوضح عن قصد الاساءة والتشهير، وفى سبيل ذلك رأى مجلس الادارة عرض الامر على اللجنة الثلاثية للنظر فى فصل المدعى من الخدمة وبعد اتمام هذا العرض قرر مجلس الادارة بجلسته المنعقدة فى 20 من اكتوبر سنة 1979 الغاء قرار مجازاة المدعى بالخصم من مرتبه لمدة عشرة أيام، وفصله من الخدمة لخروجه على مقتضى الواجب والاحترام المفروض للرؤساء اذ ضمن أقواله فى التحقيق اعتداء جسيما بالقول ضد السيد رئيس مجلس الادارة والاعتداء بالقول على كل من السيد مدير عام الادارة العامة للتنظيم والعلاقات الصناعية والسيد مدير مصنع طرة. ويستبين من هذا السياق ان مجلس الادارة كان قد قرر بجلسته المنعقدة فى 30 من سبتمبر سنة 1979 مجازاة المدعى بالخصم من مرتبه عن واقعة أخرى منبتة الصلة بالواقعة التى ارتأى فيها عرض الأمر على اللجنة الثلاثية للنظر فى فصل المدعي. اذ كان مناط الواقعة الاولى هو الاعتداء على الرؤساء بينما كان مناط الواقعة الثانية هو التشهير الموجه لرئيس مجلس الادارة واذ ارتأى مجلس الادارة بجلسته المنعقدة فى 20 من أكتوبر سنة 1979 فصل المدعى عن الواقعتين معا والغاء جزاء الخصم من مرتب المدعى فأنه يكون فى الواقع من الأمر قد رأى - الاكتفاء بعقوبة الفصل التى كان قد أقرها بادئ الأمر عن تهمة التشهير برئيس مجلس الادارة بما مفاده أن مجلس الادارة عندما سحب قرار جزاء الخصم لم يكن يستهدف التشديد أو اعادة تقدير الجزاء وانما اكتفاء بالجزاء الأشد الذى وقعه والذى كان فى نية مجلس الادارة ابتداء توقيعه على المدعى عن تهمة التشهير برئيس مجلس الادارة وهو الفصل من الخدمة بجانب جزاء الخصم من المرتب الذى كان قد ارتأه عن واقعة الاعتداء على الرؤساء الآخرين ولما كان ذلك وكان المستفاد من الأوراق أن جزاء الخصم من المرتب المشار اليه قد سحب قبل رفع الدعوى وهو ما لم تجادل فيه الشركة المدعى عليها فأن اختصام هذا الجزاء والامر كذلك يكون قد وقع على غير محل مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى لهذا الطلب لتعلقه بقرار غير قائم عند رفع الدعوى. واذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا وقضى بأعتبار الخصومة منتهية فى هذا الشق من الدعوى بالرغم من أن الخصومة لم تنعقد أصلا بالنسبة لهذا الطلب لاستهدافه قرار غير قائم عند رفع الدعوى، فان الحكم يكون قد خالف القانون ويتعين تصحيحه وفق ما تقدم.
ومن حيث أنه عن طلب المدعى الغاء قرار فصله من الشركة المدعى عليها لامتناعه عن العمل الصادر من مجلس ادارتها بجلسته المنعقدة فى 20 من أكتوبر سنة 1979 والمنفذ بقرار رئيس مجلس ادارة هذه الشركة رقم 307 لسنة 1979 فان المستفاد من صياغة هذين القرارين ومن استقراء مراحل اصدارهما انهما استهدفا فصل المدعى تأديبيا من خدمة الشركة لامتناعه عن العمل بها فى الفترة من 9 من يولية سنة 1979 الى 9 من أغسطس سنة 1979، كما أستهدف توقيع ذات الجزاء على المدعى لخروجه على مقتضى الواجب والاحترام المفروض للرؤساء بأن ضمن اقواله فى التحقيق اعتداء جسيما بالقول ضد السيد رئيس مجلس الادارة والاعتداء بالقول على السيد مدير عام الادارة العامة للتنظيم والعلاقات الصناعية والسيد مدير عام مصنع طره. وليس صحيحا ما ذهب اليه الحكم المطعون فيه من أن القرارين المشار اليهما انطويا على انهاء خدمة المدعى باعتباره مستقبلا لامتناعه عن العمل المكلف به، ذلك أن القرارين المشار اليهما قد نصا بصريح اللفظ على مجازاة المدعى بفصله من الخدمة لهذا الاتهام بما يغنى عن أى اجتهاد. ويؤكد ذلك ان الفصل كان من تاريخ وقف المدعى عن العمل وليس من تاريخ الامتناع المنسوب اليه ويساند هذا النظر ما قرره مجلس ادارة الشركة فى 30 من سبتمبر سنة 1979 من عرض أمر امتناع المدعى عن العمل على اللجنة الثلاثية للموافقة على فصله وهو ما لا يجب الا فى حالة الفصل التأديبى، كما أن مجلس الادارة هو الذى قرر فصل المدعى عن هذا الاتهام بالتطبيق لحكم المادة 84 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 78 بوصفه سلطة تأديبية ولو كان الأمر أمر انهاء خدمة للاستقالة الضمنية وما اليها لما لزم العرض على مجلس الادارة بسلطته هذه ولما كان الأمر كذلك فان الحكم المطعون فيه يكون قد جانب الصواب فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة التأديبية بالفصل فى مشروعية هذا القرار التأديبى ويتعين من ثم الغاء الحكم المطعون فيه فى هذا الشق منه.
ومن حيث أنه عن فصل المدعى من الخدمة بسبب ما نسب اليه من الاعتداء على رؤسائه فى الشركة فقد تنكب الحكم المطعون فيه صواب القانون فيما ذهب اليه من أن مجلس ادارة الشركة وقد أنهى خدمة المدعى باعتباره مستقبلا لامتناعه عن العمل، فما كان يسوغ له أن يعود فيفصله لتطاوله على رؤسائه بعد أن أنهيت خدمته للاستقالة فليس صحيحا على ما سلف ان مجلس ادارة الشركة قرر انهاء خدمة المدعى للاستقالة، وانما قرر فصله تأديبا عن تهمة الامتناع عن العمل. ومع ذلك فانه سواء أكان هذا القرار قرار انهاء خدمة للاستقالة أم قرار فصل تأديبى فليس ثمة ما يحول قانونا دون الفصل فى صحة القرار التأديبى الثانى طالما أن لكل من القرارين سببه الخاص به. والقول بغير ذلك يؤدى الى التنصل من القضاء فى موضوع الجزاء التأديبى دون مسوغ من قانون وما يترتب على ذلك من اضطراب فى سير العدالة وانكار لها. ومن ثم يتعين الغاء الحكم المطعون فيه فى هذا الشق والفصل فى مشروعية هذا الجزاء.
ومن حيث أن الفصل فى مشروعية قرار فصل المدعى من الخدمة لتطاوله على رؤسائه يقتضى بادئ ذى بدء الفصل فى مدى سلطة مجلس ادارة الشركة فى توقيع هذا الجزاء.
ومن حيث أن اختصاص مجالس ادارة شركات القطاع العام فى توقيع الجزاءات التأديبية منوط وفقا لحكم الفقرة الرابعة فى المادة 84 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 بالنسبة لشاغلى وظائف الدرجة الثانية فما فوقها - شأن المدعى - بتوقيع أى من الجزاءات الواردة فى المادة 82 فى هذا القانون والتى تتراوح بين الانذار أو التنبيه وبين الفصل من الخدمة حسب درجة وظيفة العامل. وهذا النص ولئن كان يدل فى ظاهره على اختصاص مجلس ادارة الشركة فى توقيع كافة الجزاءات المنصوص عليها فى المادة 82 بما فيها جزاء الفصل من الخدمة على شاغلى وظائف الدرجة الثانية فما فوقها، الا أن الواضح من استقراء المادة 85 من القانون المذكور وأعماله التحضيرية أن المشرع قيد فى هذه المادة اطلاق اختصاص مجلس ادارة الشركة فى توقيع كافة الجزاءات المشار اليها وخصص عمومه فقصر اختصاصه على توقيع ما دون جزائى الاحالة الى المعاش والفصل من الخدمة التى ناط توقيعها بالمحكمة التأديبية دون سواها اذ نصت المادة 85 المشار اليها على أنه اذا رأى مجلس الادارة ورئيس المجلس ان المخالفة التى ارتكبها العامل تستوجب جزاء الاحالة الى المعاش او الفصل من الخدمة تعين قبل احالة العامل الى المحكمة التأديبية عرض الامر على اللجنة الثلاثية المشكلة لهذا الغرض، وأردفت هذه المادة فى معرض بيان الجزاء المترتب على مخالفة الحكم السابق أن كل قرار يصدر بفصل أحد العاملين خلافا لأحكام هذه المادة يكون باطلا بحكم القانون دون حاجة لاتخاذ أى اجراء آخر. ولقد أفصحت الأعمال التحضيرية لهذا القانون بجلاء عن اتجاه المشرع فى هذا الشأن فقد قال السيد وزير الدولة للتنمية الادارية أمام مجلس الشعب على ما جاء بمضبطة الجلسة الثامنة والسبعين المنعقدة فى 10 من يونية سنة 1978 أنه عند مناقشة المادة 84 من لجنة القوى العاملة استبعدت اللجنة توقيع عقوبتى الفصل من الخدمة والاحالة الى المعاش من سلطة رئيس مجلس الادارة أو مجلس الادارة وقصرت هذا الحق على المحكمة التأديبية ثم عاد وقرر أن توقيع عقوبتى الفصل والاحالة الى المعاش أصبحتا من اختصاص المحكمة التأديبية فقط. ومؤدى ذلك أن توقيع جزاءى الاحالة الى المعاش والفصل من الخدمة أصبح توقيعهما خارجا عن دائرة اختصاص مجلس الادارة ومنوطا بالمحكمة التأديبية دون سواها عملا بحكم المادة 85 المشار اليها. والجزاء المترتب على العدوان على اختصاص المحكمة التأديبية فى هذا الشأن هو ولا شك الانعدام لصدور القرار عندئذ من سلطة غير ذات اختصاص، أصلا وهو ما عبرت عنه الفقرة الأخيرة من المادة 85 سالفة الذكر بأن كل قرار بفصل أحد العاملين خلافا لأحكام هذه المادة يكون باطلا بحكم القانون ودون حاجة لاتخاذ أى اجراء آخر.
ومن حيث أنه لما كان الأمر كما تقدم فان قرار مجلس الادارة المطعون فيه بمجازاة المدعى بالفصل من الخدمة لاعتدائه على رؤسائه يكون مشوبا بالانعدام لعدوانه على اختصاص المحكمة التأديبية واغتصابه لسلطتها فى هذا الشأن.
ومن حيث أنه بالنسبة لقرار مجلس الادارة الآخر الصادر بفصل المدعى من الخدمة تأديبيا لامتناعه عن العمل فان الحكم المطعون فيه وان كان قد تسلب من الفصل فى مشروعيته بدعوى أنه قرار انهاء خدمة يخرج عن دائرة اختصاص المحكمة التأديبية، بما كان يقتضى اعادة طلب الغائه الى المحكمة للفصل فيه بعد ان انتهى قضاء هذه المحكمة الى عدم صواب ذلك على التفصيل السابق، أن الامر وان كان كذلك، الا أن هذه المحكمة وقد خلص قضاؤها بصدد قرار الفصل السابق الى انعدام كل قرار يصدره مجلس ادارة الشركة بفصل العامل من الخدمة تأديبيا، بما ينطوى على فصل صريح فى موضوع هذا الطلب، فأنه يصبح من العبث اعادة الامر الى المحكمة التأديبية لتقضى فيه مرة أخرى على هذا الوجه، ويتعين تبعا لذلك انزال هذا القضاء على قرار فصل المدعى المذكور والحكم بأعتباره منعدما كذلك شأن القرار السالف ولا يغل هذا القضاء بطبيعة الحال يد الشركة فى اتخاذ ما تراه من اجراءات قانونية للنظر فى أمر المدعى بما نسب اليه فى قرارى فصله من الخدمة المشار اليهما سواء باحالته الى المحكمة التأديبية المختصة أم الى السلطة التأديبية الرئاسية للفصل فيما أسند اليه وفقا لأحكام القانون.
ومن حيث أنه لما كان الأمر كما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون على التفصيل السابق فقد تعين القضاء بقبول الطعون المضمومة شكلا وفى موضوعها بالغاء الحكم المطعون فيه وبالغاء القرارين المطعون فيهما الصادرين من مجلس ادارة الشركة المدعى عليها بفصل المدعى من الخدمة، وبعدم قبول طلب الغاء قرار مجلس ادارة هذه الشركة بمجازاة المدعى بالخصم من مرتبه لمدة عشرة أيام لسحب هذا القرار قبل اقامة الدعوى، وبرفض طلب الغاء قرار وقف المدعى عن عمله وبرفض الطعون فيما عدا ذلك.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعون المضمومة شكلا وفى موضوعها بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم أولا: بالغاء القرارين المطعون فيهما الصادرين من مجلس ادارة الشركة المدعى عليها بفصل المدعى من الخدمة - وثانيا: بعدم قبول طلب الغاء قرار مجلس ادارة الشركة بمجازاة المدعى بالخصم من مرتبه لمدة عشرة أيام لسحب هذا القرار قبل اقامة الدعوى وثالثا: برفض طلب الغاء قرار وقف المدعى عن عمله ورابعا: برفض الطعون فيما عدا ذلك.