مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 1129

(123)
جلسة 3 من يونية سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخارى وعبد الستار عبد الباقى آدم ويوسف ابراهيم الشناوى وعباس فهمى محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 935 لسنة 9 القضائية

( أ ) - موظف. "تأديب. المحكمة التأديبية". موظفو المحاكم "تأديبهم". المادة 77 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 - المناط فى اختصاص مجالس التأديب المنصوص عليها فيها بمحاكمة موظفى المحاكم - أن تكون المخالفة قد وقعت من الموظف أثناء قيامه بوظيفته واخلالا منه بواجباتها - لا تنبسط ولاية هذه المجالس على المخالفات التى ارتكبها موظفو المحاكم فى جهات أخرى قبل التحاقهم بالمحاكم.
(ب) - موظف. "تأديب. المحاكمة التأديبية". موظفو المحاكم "تأديبهم".
نص المادة 24 من قانون النيابة الادارية على أن تكون المحاكمة على أساس اعتبار الموظف تابعا للجهة أو الوزارة التى وقعت فيها المخالفة ولو كان تابعا عند المحاكمة أو المجازاة لوزارة أخرى - سريانه على موظفى المحاكم - أساس ذلك من نص المادة 49 من قانون نظام القضاء - ينعقد الاختصاص بشأن محاكمتهم للمخالفات التأديبية التى ارتكبوها قبل التحاقهم بالمحاكم للجهة التى وقعت فيها المخالفة - لا يحول دون هذه النتيجة نص المادة 46 من قانون النيابة الادارية - أساس ذلك.
1 - من الرجوع الى الأحكام الخاصة بموظفى المحاكم فى قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 يبين أنه تناول فى الفصل الخامس من الباب الثانى واجبات موظفى المحاكم والأعمال المحرمة عليهم وعالج أحكام تأديبهم فى الفصل الخامس الذى نصت فيه المادة 77 على أن "من يخل من موظفى المحاكم بواجبات وظيفته أو يأتى ما من شأنه أن يقلل من الثقة اللازم توافرها فى الأعمال القضائية أو يقلل من اعتبار الطبقة التى ينتمى أليها سواء كان ذلك داخل دور القضاء أو خارجها تتخذ ضده الاجراءات التأديبية" والمستفاد من هذا النص أن المناط فى اختصاص مجالس التأديب التى نص عليها قانون نظام القضاء بمحاكمة موظفى المحاكم ليس مجرد تبعية الموظف عند المحاكمة للمحاكم فحسب وانما يلزم أن تكون المخالفة المسندة اليه قد فرطت منه أثناء قيامه بوظيفته بالمحاكم واخلالا منه بواجباتها، فلا تنبسط ولاية هذه المجالس على المخالفات المسلكية التى ارتكبها موظفو المحاكم فى جهات أخرى قبل التحاقهم بالمحاكم.
2 - ان المادة 24 من قانون النيابة الادارية رقم 117 لسنة 1958 عالجت الاختصاص بالمحاكمة التأديبية فى حالة انتقال تبعية الموظف من الوزارة التى ارتكب فيها المخالفة الى وزارة أخرى فنص على أن تكون محاكمة الموظف أو الموظفين المتهمين بارتكاب مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها أو مجازاتهم على أساس اعتبارهم تابعين للجهة أو الوزارة التى وقعت فيها المخالفة أو المخالفات المذكورة ولو كانوا تابعين عند المحاكمة أو المجازاة لوزارة أخرى. وقد استمد هذا الحكم من نص المادة 86 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذى استحدث لأول مرة بالقانون رقم 94 لسنة 1953.
ولما كانت المادة 49 من قانون نظام القضاء قد نصت على أنه "فيما عدا ما نص عليه فى هذا القانون تسرى على موظفى المحاكم الأحكام العامة للتوظف فى الحكومة" وكان الحكم الوارد فى المادة 24 من قانون النيابة الادارة والمردد لحكم المادة 86 مكررا فى قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 هو من قبيل هذه الأحكام التى لم يرد بشأنها نص خاص فى قانون نظام القضاء فأنه لا شك فى سريان حكم المادة 24 المشار اليه على موظفى المحاكم الذين اُنتقلت تبعيتهم الى المحاكم بعد ارتكابهم لمخالفات مسلكية فى الوزارة التى كانوا تابعين لها، فينعقد الاختصاص بشأن محاكمتهم للجهات التأديبية بالوزارة التى وقعت فيها المخالفة.
ولئن نصت المادة 46 من قانون النيابة الادارية على أن لا تسرى أحكام هذا القانون على الموظفين الذين ينظم التحقيق معهم أو تأديبهم قوانين خاصة مما قد يوحى بامتناع تطبيق الحكم الوارد بالمادة 24 من قانون النيابة الادارية على موظفى المحاكم الا أن الواقع أن مناط أعمال الحكم الوارد بالمادة 46 المشار اليه على اطلاقه هو ألا تتضمن هذه القوانين الخاصة النص على سريان القواعد المتعلقة بموظفى الدولة فيما لم يرد فيه نص فى القوانين الخاصة اذ يعتبر مثل هذا النص مكملا لنص المادة 46 من قانون النيابة الادارية وموضحا أبعاد تطبيقه بالنسبة الى هؤلاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان وقائع هذه المنازعة تخلص فى أن النيابة الادارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 98 لسنة 4 القضائية أمام المحكمة التأديبية لوزارتى الاشغال والحربية بصحيفة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة فى 6 من مارس سنة 1962 ضد السيد/ حبيب ميخائيل أسعد وآخرين لأنهم فى غضون عامى 1960، 1961 بادارة التعيينات بوزارة الحربية لم يؤدوا أعمالهم المنوطة بهم بدقة وأمانة وخرجوا على مقتضى الواجب. ونسب الى المطعون ضده أنه بصفته موظف العقود بادارة التعيينات أرسل أوراق مناقصة توريد البصل الناشف اللازم للقوات المسلحة عام 1961/ 1962 الى وزارة الحربية فى 6 من يولية سنة 1961 دون أن يوضح تاريخ انتهاء سريان مفعول عطاء السيد/ خيرت يوسف، وأنه مد سريان عطاء السيد/ عبد الرحمن القسقاس دون باقى العطاءات المقدمة مخالفا بذلك أشارتى الوزارة المؤرختين 22 من مايو سنة 1961 بمد سريان كافة العطاءات الأمر الذى ترتب عليه ارساء عطاء المناقصة على السيد/ فكرى النواوى بسعر اعلا من سعر عطاء السيد/ خيرت يوسف فخسرت الدولة 3571 جنيها قيمة فرق سعر العطائين. وقد طلبت النيابة الادارية معاقبة المطعون ضده وزملائه طبقا للمادة 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958 لارتكابهم المخالفات المالية والادارية المنصوص عليها فى المواد 73، 72 مكررا و 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951. وبجلسة 10 من أبريل سنة 1963 أصدرت المحكمة التأديبية حكمها بعدم اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الدعوى بالنسبة الى المطعون ضده وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن (المطعون ضده) عين أمين سر بمحكمة القاهرة الابتدائية وتسلم عمله فى 24 من فبراير سنة 1962 فأصبح خاضعا لنظام تأديبى خاص يحكمه القانون رقم 147 لسنة 1949 بشأن نظام القضاء الذى أفرد لتأديب موظفى المحاكم الفصل السادس أوضح به اجراءات التأديب والجهات المختصة بتوقيع الجزاءات وطريقة تشكيل مجالس التأديب ونظام التظلم من قراراتها على الوجه المفصل فى المواد 78 - 82. وأنه لما كانت أحكام هذا القانون هى التى تسرى حق المطعون ضده باعتبار أنها حددت الجهة التى لها ولاية محاكمته فى كل ما يتصل بشئون الوظيفة وبذلك يزول اختصاص المحاكم التأديبية بمحاكمته أخذا بالقاعدة المقررة من أن الخاص يقيد العام ولا عكس وأنه يقرب وجهة النظر هذه أن المادة 46 من القانون رقم 147 لسنة 1958 تنص على أن لا تسرى أحكام هذا القانون على الموظفين الذين ينظم التحقيق معهم وتأديبهم قوانين خاصة. وأن هذا النص قد جاءت صيغته مطلقة بمعنى أنه طالما أن الموظف أصبح خاضعا لنظام معين فى التأديب فانه يخضع لأحكامه فى جميع الأحوال دون النظام الذى كان خاضعا له وقت وقوع المخالفة باعتبار أن الاختصاص فى الحالة المعروضة يتصل بالولاية ذاتها وهى تتصل النظام العام.
ومن حيث ان الطعن قد بنى على أن الحكم قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله لأنه وان كانت المادة 46 من قانون النيابة الادارية قد استثنت من تطبيق أحكام القانون الموظفين الذين ينظم التحقيق معهم وتأديبهم قوانين خاصة الا أن مناط أعمال هذا الاستثناء هو بوقت ارتكاب المخالفة بالوزارة أو الجهة التى ارتكبت فيها المخالفة بمعنى أنه اذا ارتكب الموظف المخالفة الموجبة لمساءلته تأديبيا فى وقت كان خاضعا فيه لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 ثم أصبح عند محاكمته خاضعا لتنظيم تأديبى خاص فلا يطبق فى حقه الاستثناء المنصوص عليه فى المادة 46 المشار اليها بل يخضع فى محاكمته التأديبية لأحكام القانون 117 لسنة 1958 دون أحكام النظام التأديبى الخاص. هذا فضلا عن أن المفهوم من نصوص قانون نظام القضاء أن أحكامه التأديبية لا تطبق الا بالنسبة لموظفى المحاكم الذين يرتكبون جريمة تأديبية لها اتصال بأعمال المحاكم أو فيها اخلال بوظيفة موظفى المحاكم وبما يجب أن تتوافر فيهم من ثقة يضاف الى ذلك أن القانون رقم 117 لسنة 1958 قد حدد القاعدة العامة فى الاختصاص فى المحاكمات التأديبية فى المادة 24 منه التى نصت على أن تكون محاكمة الموظف أو الموظفين المتهمين بارتكاب مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها ومجازاتهم على أساس اعتبارهم تابعين للجهة أو الوزارة التى وقعت فيها المخالفة أو المخالفات المذكورة ولو كانوا تابعين عند المحاكمة أو المجازاة لوزارة أخرى. وهذه القاعدة العامة فى الاختصاص هى ذاتها التى كانت مقررة بالمادة 86 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 قبل صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 وعلاوة على ذلك فان من الأصول المسلمة فى المحاكمات جميعها جنائية أو تأديبية انه إذا تعدد المحاكمون وجب تجميعهم عند المحاكمة أمام جهة واحدة.
ومن حيث أنه من الرجوع الى الأحكام الخاصة بموظفى المحاكم فى قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 يبين أنه تناول فى الفصل الخامس من الباب الثانى واجبات موظفى المحاكم والأعمال المحرمة عليهم وعالج أحكام تأديبهم فى الفصل الخامس الذى نصت فيه المادة 77 على أن من يخل من موظفى المحاكم بواجبات وظيفته أو يأتى ما من شأنه أن يقلل من الثقة اللازم توافرها فى الأعمال القضائية أو يقلل من اعتبار الطبقة التى ينتمى اليها سواء كان ذلك داخل دور القضاء أو خارجها تتخذ ضده الاجراءات التأديبية والمستفاد من هذا النص ان المناط فى اختصاص مجالس التأديب التى نص عليها قانون نظام القضاء بمحاكمة موظفى المحاكم ليس مجرد تبعية الموظف عند المحاكمة للمحاكم فحسب وانما يلزم أن تكون المخالفة المسندة اليه قد فرطت منه أثناء قيامه بوظيفته بالمحاكم واخلالا منه بواجباتها. فلا تنبسط ولاية هذه المجالس على المخالفات المسلكية التى ارتكبها موظفو المحاكم فى جهات أخرى قبل التحاقهم بالمحاكم.
ومن حيث ان المادة 24 من قانون النيابة الادارية رقم 117 لسنة 1958 عالجت الاختصاص بالمحاكمة التأديبية فى حالة انتقال تبعية الموظف من الوزارة التى ارتكب فيها المخالفة الى وزارة أخرى فنص على أن تكون محاكمة الموظف أو الموظفين المتهمين بارتكاب مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها أو مجازاتهم على أساس اعتبارهم تابعين للجهة أو الوزارة التى وقعت فيها المخالفة أو المخالفات المذكورة ولو كانوا تابعين عند المحاكمة أو المجازاة لوزارة أخرى. وقد استمد هذا الحكم من نص المادة 86 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذى استحدث لأول مرة بالقانون رقم 94 لسنة 1953.
ومن حيث انه لما كانت المادة 49 من قانون نظام القضاء قد نصت على أنه "فيما عدا ما نص عليه فى هذا القانون تسرى على موظفى المحاكم الأحكام العامة للتوظف فى الحكومة". وكان الحكم الوارد فى المادة 24 من قانون النيابة الادارية والمردد لحكم المادة 86 مكررا فى قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 هو من قبيل هذه الأحكام التى لم يرد بشأنها نص خاص فى قانون نظام القضاء، فانه لا شك فى سريان حكم المادة 24 المشار اليه على موظفى المحاكم الذين انتقلت تبعيتهم الى المحاكم بعد ارتكابهم لمخالفات مسلكية فى الوزارة التى كانوا تابعين لها. فينعقد الاختصاص بشأن محاكمتهم للجهات التأديبية بالوزارة التى وقعت فيها المخالفة.
ومن حيث انه ولئن نصت المادة 46 من قانون النيابة الادارية على أن لا تسرى أحكام هذا القانون على الموظفين الذين ينظم التحقيق معهم أو تأديبهم قوانين خاصة مما قد يوحى بامتناع تطبيق الحكم الوارد بالمادة 24 من قانون النيابة الادارية على موظفى المحاكم الا أن الواقع أن مناط أعمال الحكم الوارد بالمادة 46 المشار اليه على اطلاقه هو ألا تتضمن هذه القوانين الخاصة النص على سريان القواعد المتعلقة بموظفى الدولة فيما لم يرد فيه نص فى القوانين الخاصة اذ يعتبر مثل هذا النص مكملا لنص المادة 46 من قانون النيابة الادارية وموضحا ابعاد تطبيقه بالنسبة الى هؤلاء.
ومن حيث انه لما تقدم فان الاختصاص بمحاكمة المطعون ضده ينعقد للمحكمة التأديبية لوزارتى الأشغال والحربية ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه الغاؤه واعادة القضية الى هذه المحكمة للفصل فيها.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيهه وباختصاص المحكمة التأديبية لوزارتى الأشغال والحربية بنظر الدعوى وباعادتها اليها للفصل فيها.