مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 1135

(124)
جلسة 3 من يونيه سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخارى وعبد الستار عبد الباقى آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف ابراهيم الشناوى المستشارين.

القضية رقم 1213 لسنة 9 القضائية

( أ ) - دعوى "طلب فى الدعوى". رسم "الرسوم القضائية". بطلان - عدم أداء الرسم على الطلب الاحتياطى قبل الفصل فيه - لا يترتب عليه بطلان ما دام أن القانون لم ينص على هذا الجزاء.
(ب) - موظف. "تأديب. واجبات الوظيفة والجرائم التأديبية". عدم تجاوز المدعى مقتضيات التظلم فى الشكوى الجماعية المقدمة منه ومن زملائه - عدم جواز مساءلته تأديبيا عن ذلك لمجرد مخالفة هذه الشكوى لمنشور صادر بنظام تقديم موظفى هيئة البريد لشكواهم يقضى بأن كل شكوى موقع عليها من أكثر من شخص واحد لن يلتفت اليها.
1 - ان النعى على الحكم المطعون بأنه اذ لم يستبعد طلب التعويض الاحتياطى قد شابه ما يستوجب الغاءه - مردود بأنه لو صح أن هناك رسما مستحقا على الطلب المذكور لم يؤد قبل الفصل فيه فان ذلك ليس من شأنه أن يترتب عليه أى بطلان اذ أن المخالفة المالية فى القيام باجراء من اجراءات التقاضى عليها بطلان ما دام أن القانن لم ينص على هذا الجزاء.
2 - ان شكوى المدعى وزملائه قد اقتصرت على التظلم من قرار نقلهم مع بيان أسباب هذا التظلم ولم يجاوزوا فيها مقتضيات التظلم الى ما فيه تحد لرؤسائهم أو التطاول عليهم أو المساس بهم واذا استجابت الهيئة لتلك الشكوى على الوجه السابق بيانه فان فى ذلك ما يكشف عن أنها كانت تقوم على أسباب جدية ومن ثم فان المدعى اذ اشترك فى تقديمها لا يكون قد ارتكب ذنبا يقتضى مجازاته أو مخالفة تستوجب عقابه - أما مجرد مخالفة الشكوى للمنشور الصادر بنظام تقديم موظفى الهيئة لشكواهم والذى تضمن النص على أن كل شكوى (موقع عليها من أكثر من شخص واحد لن يلتف اليها) فليس من شأنه أن يسبغ على الاشتراك فى تقديم تلك الشكوى وصف الذنب الادارى ما دام الشاكون قد التزموا فيها الحدود السابق الاشارة اليها وكل ما يكون لمخالفتهم لهذا المنشور من أثر هو عدم الالتفات الى شكواهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الادارية بالاسكندرية فى 11 من فبراير سنة 1962 أقام السيد/ محمد فرج على الكومى الدعوى رقم 1025 ضد الهيئة العامة لشئون البريد طالبا الحكم بالغاء القرار التأديبى القاضى بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من مرتبه وما يترتب على ذلك من آثار وقال شرحا لدعواه أنه فى أول يونية سنة 1961 فوجئ عند صرف مرتبه عن شهر مايو بخصم ثلاثة أيام منه وعلم أن سبب هذا الخصم هو صدور قرار بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من مرتبه لتقديمه تظلما من قرار نقله من الاسكندرية الى القاهرة وذكر أنه حينما قدم تظلمه كان يباشر حقا خوله له القانون وان الادارة قد استجابت فعلا لهذا التظلم وألغت قرار النقل المذكور - وأضاف أنه تظلم من هذا الجزاء فى 4 من يونية سنة 1961 ولما لم يتلق ردا على تظلمه تقدم بطلب الاعفاء من الرسوم رقم 2070 لسنة 8 القضائية وقبل هذا الطلب فى 5 من ديسمبر سنة 1961.
وأجابت هيئة البريد على الدعوى بأنه شكلت لجنة لفحص أعمال ورشة البريد بالاسكندرية وتضمن تقريرها أن بالورشة عددا من الموظفين والسائقين والعمال يزيد على حاجتها ولما كان قسم الصيانة والورش بالقاهرة فى حاجة ماسة الى الأيدى العاملة - لذلك تقرر نقل العدد الزائد عن حاجة العمل بورشة الاسكندرية الى قسم الصيانة بالقاهرة وكان المدعى من بينهم فتقدم هو وزملاؤه بشكوى جماعية يعارضون فيها قرار النقل مخالفين بذلك النظم والقواعد التى توجب على الموظف تقديم شكواه الى رئاسته وبعد التحقيق قرار المدير العام بما له من سلطة مخولة بالمادة 47 من قرار رئيس الجمهورية رقم 2191 لسنة 1959 مجازاة كل منهم بخصم ثلاثة أيام من مرتبه فى 14 من ديسمبر سنة 1960 وفى 4 من مايو سنة 1961 تظلم المدعى من هذا القرار وتقرر رفض هذا التظلم فى 30 من مايو سنة 1961 وأخطر المدعى بذلك فى 21 من يونية سنة 1961 واذ لم يقم دعواه فى الميعاد المقرر فانها تكون غير مقبولة شكلا.
وبجلسة التحضير المنعقدة فى 19 من يناير سنة 1963 طلب الحاضر مع المدعى احتياطيا الحكم له بتعويض مناسب، ثم بجلسة المرافعة المنعقدة فى 13 من مايو سنة 1963 قرر الحاضر عن المدعى أنه يحيل بالنسبة الى تحديد الطلبات والدفاع الموضوعى الى ما ابداه فى الدعوى رقم 1024 لسنة 9 القضائية المقامة من زميل المدعى وكان قد حدد طلباته الاحتياطية فيها بطلب الحكم له بتعويض مناسب فى حدود الرسوم المقررة على الطلب الأصلى وقدر هذا التعويض بمبلغ مائة جنيه - كما أحال الحاضر عن الهيئة الى ما ابداه من دفاع فى تلك الدعوى مضمونه استبعاد الطلب الاحتياطى لعدم سداد الرسم عنه ولعدم شمول قرار الاعفاء له وان طلب التعويض مغالى فيه كثيرا اذ أن الضرر لا يزيد على مقابل الأيام التى جوزى بها المدعى.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول الغاء قرار الجزاء على أن المدعى قد تظلم منه عقب علمه به فى 4 من مايو سنة 1961 وأخطر برفض تظلمه فى 8 من يولية سنة 1961 وفوت على نفسه مواعيد الطعن بالالغاء وقدم طلب الاعفاء من الرسوم فى 26 من سبتمبر سنة 1961 تقرر قبوله فى 5 من نوفمبر سنة 1961 ولكنه أقام دعوى الالغاء فى 11 من فبراير سنة 1961 أى بعد فوات أكثر من ستين يوما فيكون طلب الالغاء غير مقبول أما الطلب الاحتياطى فانه وان لم يعرض على مفوض الدولة ولم يشمله قرار الاعفاء الا أن ذلك لا يحول دون قبوله ما دامت الرسوم المقررة عنه لا تجاوز الرسوم المقررة على الطلب الأصلى غير مقدر القيمة الصادر به قرار الاعفاء ذلك أن الطلب الاحتياطى لا يعرض على المحكمة لتفصل فيه الا فى حالة رفض الطلب الأصلى - وأقامت المحكمة قضاءها بالتعويض على أن المقرر أن للموظف الحق فى الشكوى فى حدود القوانين واللوائح وبشرط مراعاة الآداب العامة واحترام اللازم لرؤسائه وأن المنشور الخاص بهيئة البريد ولئن حظر تقديم الشكاوى الجماعية التى يوقع عليها أكثر من شخص واحد إلا أنه رتب جزاء محددا على مخالفة هذا النظام هو اهمال الشكوى وعدم النظر فيها وانه اذا كان المدعى قد خالف هذا النظام باشتراكه فى تقديم شكوى جماعية الا أن الهيئة خرجت على أحكام القانون اذ وقعت جزاء تأديبيا بخصم ثلاثة أيام من مرتب كل من الشاكين وكان يتعين عليها احتراما لأحكام نظام الشكاوى الاكتفاء باهمال لشكوى وعدم النظر فيها ما دامت لا تجاوز حدود الحق فى الشكوى اذ أنها لم تتضمن سوى مناقشة القرار الصادر بنقل الشاكين من الاسكندرية الى القاهرة مع بيان الأسباب التى تبرر فى نظر الشاكين الابقاء عليهم فى مدينة الاسكندرية واذ خالفت هيئة البريد أحكام القانون حين وقعت على المدعى جزاء تأديبيا بخصم ثلاثة أيام من مرتبه لمجرد اشتراكه فى تقديم تلك الشكوى فان ذلك يكون عنصر الخطأ واذ ترتب على هذا الخطأ الحاق الضرر بالمدعى فان اركان المسئولية الموجبة لتعويضه عما لحق به من ضرر تكون قد توافرت مما يتعين معه الحكم له بتعويض قدرته المحكمة بمبلغ عشرين جنيها.
ومن حيث ان الطعن يقوم على الاسباب الآتية:
أولا - ان الحكم المطعون فيه قد اخطأ اذ ذهب الى أنه لا محل لاستبعاد الطلب الاحتياطى ذلك أن القرار الصادر باعفاء المطعون ضده من الرسوم قد اقتصر على طلب الغاء القرار الصادر بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من مرتبه ولا صلة له بطلب التعويض عن هذا القرار الذى لم يبده المطعون ضده الا بعد أن أقام الدعوى بطلب الالغاء الأمر الذى يغدو معه الطلب الاحتياطى بالتعويض غير مشمول بقرار الاعفاء من الرسوم وذلك لاختلاف طبيعة الطلبين - وكان على المحكمة وقد قضت بعدم قبول طلب الغاء قرار الجزاء شكلا أن تقضى بالزام المطعون ضده بمصروفات هذا الطلب ومن ثم فقد استنفد قرار الاعفاء غرضه وكان يتعين استبعاد الطلب الاحتياطى لعدم سداد الرسوم المستحقة عليه.
ثانيا - ان الحكم قد خالف القانون اذ ذهب الى ان هيئة البريد قد خالفت القانون حين وقعت على المطعون ضده جزاء تأديبيا ذلك أنه اذا كان المذكور وزملاؤه قد خالفوا نظام الشكاوى المعمول به فى هيئة البريد بتقديم شكوى جماعية من القرار الصادر بنقلهم فان هذه المخالفة تستوجب توقيع الجزاء على المخالف حسبما تقدره جهة الادارة للغاية التى استهدفها القانون وهى الحرص على حسن سير العمل.
ثالثا - ان الحكم قد خالف القانون اذ قدر التعويض بمبلغ عشرين جنيها اذ ان أقصى ضرر يمكن أن يكون قد أصاب المطعون ضده هو قيمة أجر ثلاثة أيام التى تقرر خصمها من مرتبه وهو أقصى تعويض يجوز الحكم به ان كان ثمة حق فى التعويض.
ومن حيث ان النعى على الحكم المطعون بأنه اذ لم يستبعد طلب التعويض الاحتياطى قد شابه ما يستوجب الغاءه - مردود بأنه لو صح أن هناك رسما مستحقا على الطلب المذكور لم يؤد قبل الفصل فيه فان ذلك ليس من شأنه أن يترتب عليه أى بطلان اذ أن المخالفة المالية فى القيام باجراء من اجراءات التقاضى لا يترتب عليها بطلان ما دام ان القانون لم ينص على هذا الجزاء.
ومن حيث انه بالرجوع الى الأوراق يبين أنه فى 17 من نوفمبر سنة 1960 صدر قرار بنقل المدعى وزملائه من الاسكندرية الى القاهرة فاشتركوا فى التظلم من هذا القرار بشكوى تقدموا بها تضمنت بيان أسباب تظلمهم وأسفر التحقيق الذى أجرى معهم عن أنهم لم يقصدوا بشكواهم الامتناع عن تنفيذ القرار موضوع تظلمهم - وقد استجابت هيئة البريد لتلك الشكوى وذلك بارجاء تنفيذ النقل ثم بنقل معظم الشاكين الى أعمال أخرى بمدينة الاسكندرية - وفى 12 من ديسمبر سنة 1960 رفع مدير التفتيش مذكرة إلى مدير عام الهيئة أشار فيها الى كل ما تقدم وأقترح مجازاة الشاكين بخصم ثلاثة أيام من مرتب كل منهم لمخالفتهم التعليمات وتقديم شكاوى جماعية ووافق المدير العام على هذا الاقتراح بقراره الصادر فى 14 من ديسمبر سنة 1960.
ومن حيث ان شكوى المدعى وزملائه قد اقتصرت على التظلم من قرار نقلهم مع بيان أسباب هذا التظلم ولم يجاوزوا فيها مقتضيات التظلم الى ما فيه تحد لرؤسائهم أو التطاول عليهم أو المساس بهم واذ أستجابت الهيئة لتلك الشكوى على الوجه السابق بيانه فان فى ذلك ما يكشف عن أنها كانت تقوم على أسباب جدية - ومن ثم فان المدعى اذ اشترك فى تقديمها لا يكون قد ارتكب ذنبا يقتضى مجازاته أو مخالفة تستوجب عقابه - أما مجرد مخالفة الشكوى للمنشور الصادر بنظام تقديم موظفى الهيئة لشكواهم والذى تضمن النص على أن كل شكوى (موقع عليها من أكثر من شخص واحد لن يلتفت اليها) فليس من شأنه أن يسبغ على الاشتراك فى تقديم تلك الشكوى وصف الذنب الادارى ما دام الشاكون قد التزموا فيها الحدود السابق الاشارة اليها وكل ما يكون لمخالفتهم لهذا المنشور من أثر هو عدم الالتفات الى شكواهم.
ومن حيث انه ولئن كان الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فى قضائه اذ أنتهى الى أن القرار الصادر بمجازاة المدعى مخالف للقانون والى توافر اركان المسئولية الموجبة لتعويضه الا أنه جاء قاصرا فى بيان عناصر الضرر الذى قضى من أجله بتعويض قدره عشرون جنيها وترى هذه المحكمة مراعية فى ذلك ما لحق المدعى من ضرر بسبب مجازاته بالخصم من مرتبه وايداع قرار الجزاء ملف خدمته - وما استنفذه من وقت وجهد فى التقاضى - تقدير التعويض المستحق له بمبلغ عشرة جنيهات.
ومن حيث انه لذلك يتعين تعديل الحكم المطعون فيه وذلك بالقضاء بالزام هيئة البريد بأن تدفع للمدعى تعويضا قدره عشرة جنيهات مع الزامها بالمصروفات وفقا لما تقضى به المادة 359 من قانون المرافعات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بالزام الهيئة العامة للبريد بأن تدفع للمدعى تعويضا قدره عشرة جنيهات مصرية والزمتها بالمصروفات.