مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 320

(44)
جلسة 7 من فبراير سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور نعيم عطية جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى ومحمد فؤاد الشعراوى وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 853 لسنة 25 القضائية

حكم - حكم باختصاص المحكمة الادارية ولائيا بنظر الدعوى - طعن - عدم جواز نظر الطعن.
طعن هيئة مفوضى الدولة أمام الدائرة الاستئنافية على حكم المحكمة الإدارية الذى قضى بقضاء ضمنى باختصاصها ولائيا بنظر الدعوى - لا يجوز الطعن فى مثل هذه الأحكام التى لا تنتهى بها الخصومة الا بصدور الحكم المنهى للخصومة - الحكم بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بعدم جواز الطعن فى حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه - أساس ذلك - المادة 212 من قانون المرافعات.


اجراءات الطعن

بتاريخ 3 من يونية سنة 1979 أودع رئيس هيئة مفوضى الدولة، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 853 لسنة 25 القضائية، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى "الدائرة الاستئنافية" بجلسة 4 من ابريل سنة 1979 فى الطعن رقم 1159 لسنة 4 القضائية الاستئنافية المقام من هيئة مفوضى الدولة عن حكم المحكمة الادارية لوزارتى الرى والحربية فى الدعوى رقم 123 لسنة 17 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد حامد حسن ضد وزير الحربية ورئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات والذى قضى بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وطلب الطاعن للأسباب التى استند اليها فى تقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى وبإحالة الدعوى الى اللجنة القضائية المختصة بضباط القوات المسلحة. وقد أعلن الطعن الى ذوى الشأن وعقبت هيئة مفوضى الدولة بتقرير رأت فيه الغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من اختصاص المحكمة الادارية لوزارة الحربية بالدعوى والحكم باحالتها الى اللجنة القضائية المختصة بمنازعات ضباط القوات المسلحة. وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 11 من مايو سنة 1981 وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن الى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث عين لنظره أمامها جلسة 13 من ديسمبر سنة 1981، وفيها استمعت المحكمة الى ما رأت لزوم سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على النحو المبين بمحضرها، وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذا النزاع تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى ان السيد محمد حامد حسين أقام الدعوى أمام المحكمة الإدارية لوزارتى الرى والحربية طالبا الحكم بأحقيته فى ضم اعانة غلاء المعيشة الى راتبه اعتبارا من 1/ 7/ 1965 وما يترتب على ذلك من آثار وبجلسة 12/ 1/ 1972 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى واحالتها بحالتها الى محكمة القضاء الادارى لنظرها باحدى جلسات شهر مارس سنة 1972 وابقت الفصل فى المصروفات.
وقد قيدت أمام محكمة القضاء الادارى تحت رقم 1965 لسنة 26 ق، وقررت المحكمة بجلسة 28/ 5/ 1971 احالة الدعوى الى المحكمة الادارية لوزارة الحربية، حيث قيدت بها تحت رقم 517 لسنة 20 ق، وبتاريخ 18/ 5/ 1975 حكمت المحكمة بوقف الفصل فى الدعوى حتى تفصل المحكمة الدستورية فى عدم دستورية القانون رقم 96 لسنة 1971 فى الدعوى رقم 4 لسنة 4 ق عليا وأبقت الفصل فى المصروفات. وما زالت هذه الدعوى مرفوعة حتى الآن. وكانت هيئة مفوضى الدولة قد طعنت أمام محكمة القضاء الادارى فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية بجلسة 12/ 1/ 1972، والذى قضى بعدم اختصاصها بنظر الدعوى واحالتها الى محكمة القضاء الادارى وقيد هذا الطعن أمام الدائرة الاستئنافية تحت رقم 1159 لسنة 4 ق . س، وقضت المحكمة فيه بقبوله ورفضه موضوعا وفى نفس الوقت ظلت الدعوى الأصلية قائمة أمام المحكمة الادارية بوزارة الحربية بمقتضى قرار محكمة القضاء الإدارى بإحالتها اليها، وأخذت قيدا آخر تحت رقم 517 لسنة 20 ق وقضت المحكمة بوقف الفصل فيها.
ومن حيث ان طعن رئيس هيئة مفوضى الدولة يقوم على أساس ان التعرض للاختصاص الولائى يقوم على التعرض لموضوع الاختصاص النوعى، اذ فى قضائها بعدم الاختصاص النوعى قضاء ضمنى باختصاصها ولائيا وهى غير مختصة ولائيا بهذا النزاع ذلك ان الاختصاص معقود للجنة العليا للضباط اعمالا للقانون رقم 232 لسنة 1959، وانتهى الى طلب الحكم بالغاء حكم المحكمة الادارية والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر المنازعة واحالتها الى اللجنة العليا للضباط.
وبجلسة 4/ 4/ 1979 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وأقامت قضاءها على أساس ان مجلس الدولة هو القاضى العام فى المنازعات الادارية كافة طبقا للدستور كما ان لجنة الضباط لا تختص ينظر الدعوى بضباط الشرف لأن اختصاصها قاصر على المنازعة المترتبة على قرارات لجان الضباط، كما أن الثابت بالأوراق ان الدعوى قد آلت الى المحكمة الإدارية لوزارة الحربية من محكمة القضاء الإدارى فأصبحت فى ولاية احدى محاكم مجلس الدولة المختصة بنظر المنازعة موضوعا.
ومن حيث ان طعن رئيس هيئة مفوضى الدولة يقتصر على ما قضت به المحكمة الادارية من اختصاصها ولائيا بنظر المنازعة وما أبدته المحكمة الاستئنافية حين رفضت الطعن المقدم من هيئة مفوضى الدولة فى الحكم المشار اليه.
ومن حيث انه يتعين القول ابتداء ان المادة 212 من قانون المرافعات تقضى بأنه "لا يجوز الطعن فى الأحكام التى تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة الا بعد صدور الحكم المنهى للخصومة كلها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبرى ومفهوم ذلك على ما أوردته المذكرة الايضاحية - هو لتبسيط الأوضاع ومنع تقطيع أوصال القضية فاتجه المشرع الى عدم جواز الطعن على استقلال فى الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامى المنهى لها وذلك فيما عدا ما عددته من أحوال رأت استثناءها.
ومن حيث ان اجماع الأحكام المستقرة ان الحكم برفض الدفع بعدم الاختصاص لا يحسم الا شقا من النزاع ولا تنتهى به الخصومة كلها فلا يقبل الطعن المباشر الا بصدور الحكم فى موضوع الدعوى وعندئذ يستأنف أمام القضاء الأعلى كافة الأحكام التى كانت قد صدرت أثناء نظر الدعوى.
ومن حيث ان طعن هيئة مفوضى الدولة أمام الدائرة الاستئنافية أنصب على أن المحكمة الادارية قضت بقضاء ضمنى، باختصاصها ولائيا بنظر الدعوى الأمر غير المقبول قانونا وكان عليها أن تتريث حتى الفصل فى الموضوع فتعرض على المحكمة الاستئنافية جميع الأحكام التى سبق صدورها غير المنهية للخصومة ولم تكن تقبل الطعن المباشر استقلالا وذلك وفقا للمادة 212 المشار اليها.
ومن حيث انه ولو ان الطعن الماثل أنصب على حكم صريح للمحكمة الادارية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى نوعيا واحالتها الى محكمة القضاء الإدارى، إلا أن هذا الحكم أيضا لا يعتبر بدوره حاسما الا لشق من النزاع ولم تنته به الخصومة كلها، بل على العكس عاد الحكم مرة ثانية الى المحكمة الإدارية بقرار من محكمة القضاء الادارى فصار الموضوع أمامها من جديد، وقضت فيه بوقف الفصل فى الدعوى انتظارا لحكم المحكمة الدستورية العليا. ولم يفصل فى الموضوع حتى الآن.
ومن حيث انه لذلك فما كان يجوز لهيئة مفوضى الدولة الطعن على حكم المحكمة الادارية لوزارتى الرى والصحة رقم 123 لسنة 17 ق أمام الدائرة الاستئنافية بمحكمة القضاء الادارى سواء للرفض الضمنى بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى أو بحكمها الصريح بعدم اختصاصها بنظر الدعوى واحالتها الى محكمة القضاء الادارى، فانه على كلا الأمرين لا يجوز الطعن فى مثل هذه الأحكام التى لا تنتهى بها الخصومة الا بعد صدور الحكم المنهى للخصومة كلها، وهو لم يصدر بعد.
ومن حيث انه كان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تحكم بعدم جواز نظر الطعن على الوجه المشار إليه، إلا انها وقد قضت برفض الطعن وجب تعديل قضائها إلى عدم جواز الطعن فى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الرى والحربية المطعون فيه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بعدم جواز الطعن فى حكم المحكمة الادارية لوزارتى الرى والحربية المطعون فيه.