مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 1211

(134)
جلسة أول يوليه سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الستار عبد الباقى آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف ابراهيم الشناوى وعباس فهمى محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 184 لسنة 10 القضائية

دعوى. "ميعاد رفعها". رسوم قضائية. قرار الاعفاء من الرسوم القضائية وندب محام لمباشرة الدعوى - قيام مانع يمنع المحامى المنتدب من مباشرتها - يترتب عليه استحالة تنفيذ قرار المعافاة، وبالتالى سقوطه - وجوب رجوع صاحب الشأن الى هيئة المساعدة القضائية قبل فوات ميعاد الستين يوما لندب محام آخر - أثر ذلك - انفتاح ميعاد جديد لرفع الدعوى محسوبا من تاريخ صدور القرار المعدل.
أن القرار الذى يصدر من هيئة المساعدة القضائية باعفاء صاحب الشأن من رسوم الدعوى بطلب الغاء قرار ادارى انما يتناول أمرين أولهما اعفاء الطالب من الرسوم المقررة لرفع الدعوى، والثانى ندب أحد المحامين المقيدين أمام مجلس الدولة لمباشرة الدعوى، وذلك بسبب ما نصت عليه المادة 23 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 من أن "كل طلب يرفع الى مجلس الدولة يجب أن يقدم الى قلم كتاب المحكمة المختصة بعريضة موقعة من محام معتمد بجدول المحامين المقبولين أمام المجلس"، فلا يحقق القرار أثره ولا يتمكن صاحب الشأن من الاستفادة من الاعفاء الذى منح له بعد اذ ثبت بقبول طلبه اعساره وعدم ميسرته، مالم يشتمل القرار على ندب أحد المحامين لمباشرة الدعوى، وينبنى على ذلك أنه اذا ما قام مانع لدى المحامى المنتدب يمنعه من مباشرة الدعوى، كما لو عين فى احدى الوظائف فانه يستحيل تنفيذ القرار الصادر بالمعافاة وبسقط القرار تبعا لذلك، ويتعين على صاحب الشأن الرجوع الى هيئة المساعدة القضائية قبل فوات ميعاد الستين يوما المحددة لرفع الدعوى محسوبة من تاريخ صدور القرار الأول لاستصدار قرار جديد بندب محام آخر لمباشرة الدعوى وفى هذه الحالة يعتبر طلب المعافاة الأول كما لو كان مطروحا على هيئة المساعدة القضائية ولم يفصل فيه بعد اذ سقط القرار الصادر منها بالمعافاة بسبب استحالة تنفيذه، وينفتح ميعاد جديد لصاحب الشأن يحسب من تاريخ صدور القرار المعدل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق، فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 321 لسنة 10 القضائية ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية لدى المحكمة الادارية لوزارة المواصلات والسكة الحديد بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة فى يوم 14 من فبراير سنة 1963 بعد أن حصل على قرار بالاعفاء من رسومها طالبا الغاء القرار رقم 1347 الصادر بتاريخ 5 من سبتمبر سنة 1962 بفصله من الخدمة، وقال شرحا لدعواه أنه بتاريخ 18 من مايو سنة 1962 أصيب بمرض فأخطر جهة الادارة بذلك فأحالته الى الكشف الطبى وتقرر منحه أجازة مرضية تنتهى فى يوم 30 من مايو سنة 1962 وعندما عاد الى مقر عمله فوجئ بصدور قرار بفصله من الخدمة، ولما كان القرار المشار اليه مخالفا للقانون وغير مبنى على سبب صحيح فقد تظلم منه ثم طلب اعفاءه من الرسوم القضائية وتقرر قبول طلبه بجلسة 15 من ديسمبر سنة 1962 ثم بادر الى رفع الدعوى بطلب الغاء قرار الفصل.
أجابت الجهة الادارة بأن المدعى كان يشغل وظيفة فراش ظهورات بتفتيش العربات وقد اعتاد الانقطاع عن العمل بدون اذن فبلغت أيام انقطاعه 47 يوما خلال الخمسة الأشهر الأولى من عام 1962، ثم منح أجازة مرضية فى المدة من 17 من مايو سنة 1962 حتى يوم 22 من مايو سنة 1962 غير أنه لم يعد الى عمله بعد انتهاء الاجازة واستمر منقطعا حتى يوم 30 من مايو سنة 1962 وفى هذا التاريخ عاد الى العمل وطلب تسليمه تقريرا مرضيا، فسلم اليه الايصال ولم يعد بعد ذلك حتى يوم 10 من يونية سنة 1962، وفى هذا التاريخ وردت منه برقية بمرضه وبأنه يلازم الفراش فقامت جهة الادارة باخطار الهيئة الطبية لعيادته وتنبه بعدم تسليمه العمل الا بعد عرض أمره على الجهات المختصة، لأن مدة انقطاعه جاوزت المدة القانونية وقد اتضح بعد ذلك أنه منح أجازة مرضية من يوم 31 من مايو سنة 1962 حتى يوم 18 من يونيه 1962 وكان يتعين عليه العودة فى يوم 19 من يونية سنة 1962 غير أنه لم يفعل وظل منقطعا بغير اذن حتى 15 من أغسطس سنة 1962، ولذلك عرض أمره على اللجنة الفنية التى أوصت بتاريخ 29 من أغسطس سنة 1962 بفصله من الخدمة لاستهتاره ولانقطاعه عن العمل بدون اذن أكثر من المدة القانونية، وبناء على ذلك صدر القرار رقم 1347 بتاريخ 5 من سبتمبر سنة 1962 بفصله من الخدمة.
وبجلسة 5 من نوفمبر سنة 1962 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، الذى أبدته هيئة مفوضى الدولة فى التقرير المقدم منها وفى الموضوع بالغاء القرار رقم 1347 بتاريخ 5 من سبتمبر سنة 1962 الصادر من مدير المنطقة المركزية بفصل المدعى من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار، وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة الى الدفع بعدم قبول الدعوى على أن المدعى تظلم من قرار فصله ثم قدم طلبا فى خلال الميعاد القانونى لاعفائه من الرسوم القضائية وتقرر قبوله بجلسة 15 من ديسمبر سنة 1962 مع ندب السيد الأستاذ صلاح الدين عبد الحميد عطية المحامى لمباشرة الدعوى، وبتاريخ 11 من فبراير سنة 1962 قدم المدعى طلبا الى هيئة المساعدة القضائية أوضح فيه أن المحامى المنتدب عين باحدى شركات القطاع العام، وطلب ندب محام آخر، فتقرر بتاريخ 12 من فبراير سنة 1963 قبل انتهاء الميعاد المحدد لرفع الدعوى بيوم واحد ندب السيد الاستاذ صادق حنس المحامى وقد قام هذا الأخير بايداع صحيفة الدعوى بتاريخ 14 من فبراير سنة 1963 فى اليوم التالى لانقضاء الميعاد المحدد لرفع الدعوى. واذ كان رجوع صاحب الشأن الى هيئة المساعدة القضائية لاستبدال المحامى المنتدب لمباشرة الدعوى بآخر يستلزم مدة معقولة، فانه يمتنع سريان ميعاد الطعن فى حق المدعى فى خلال هذه المدة وأقل حد للمدة المعقولة فى نظر المحكمة يوازى المدة التى تأخرها المدعى فى رفع الدعوى، وهى يوم واحد، وينبنى على ذلك أن الدفع يكون على غير أساس متعينا رفضه، وأما بالنسبة الى موضوع الدعوى فقد أقامت المحكمة قضاءها على أن القرار المطعون فيه ليس قرارا تأديبيا وانما هو قرار بالفصل بنى على أن المدعى انقطع عن عمله اعتبارا من يوم 20 من يونيه سنة 1962 حتى 15 من أغسطس سنة 1962 بدون اذن فتوافرت فى حقه القرينة القانونية التى تخول جهة الادارة اعتباره مستقيلا من الخدمة، واذ كان الثابت من أوراق الدعوى أن المدعى منح اجازة مرضية فى المدة من 31 من مايو سنة 1962 حتى 18 من يونية سنة 1962 ثم عاد الى عمله فى يوم 20 من يونية سنة 1962 وكان هناك أمر بعدم تسليمه العمل فمن ثم فان المدعى لم ينقطع بارادته لمدة عشرة أيام متصلة بغير عذر مقبول، ويكون القرار المطعون فيه قد قام على غير سبب، ومخالف للقانون متعينا الحكم بالغائه.
ومن حيث ان مبنى الطعن أن الحكم أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه من وجهين أولهما حين قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها، ذلك لأنه وان كان المحامى الذى ندبته هيئة المساعدين القضائية قد عين باحدى الشركات واستبدل بمحام آخر فى يوم 12 من فبراير سنة 1963 فقد كان فى وسع هذا المحامى الأخير أن يقيم الدعوى فى اليوم التالى، أى فى خلال الميعاد القانونى، أما وقد أقامها بعد فوات ذلك الميعاد فان الدعوى تكون غير مقبولة شكلا، واذ قضت المحكمة بامتداد ميعاد الطعن فى القرار تأسيسا على ما أسمته الميعاد المناسب فانها تكون قد استحدثت طريقا جديدا لامتداد ميعاد الطعن، وخالفت بذلك ما استقر عليه القضاء الادارى من أن ميعاد الطعن فى القرارات الادارية لا ينقطع الا لأحد أسباب ثلاثة وهى التظلم من القرار ورفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة وتقديم طلب الاعفاء من الرسوم القضائية المقررة لرفع الدعوى والثانى خالف الحكم الثابت فى الأوراق، ذلك لأن المدعى فصل من الخدمة تأديبيا طبقا لنص المادة الأولى من لائحة الجزاءات المرفقة بالقرار رقم 108 لسنة 1960 الخاص بعمال السكة الحديد، ذلك لأنه انقطع عن عمله مدة تقارب المائة يوم خلال سنة 1962 وهو ما يدل على مدى استهتاره ولا يتفق مع طبيعة العمل بذلك المرفق، أما القواعد المنصوص عليها فى قرار وزارة المالية الصادر فى 8 من مايو سنة 1962 فيما نصت عليه من فصل العمال اذا تغيبوا عن العمل بدون عذر لمدة عشرة أيام متتالية فانها لم تطبق فى حق المدعى لأنه ليس من عمال اليومية الدائمين.
ومن حيث أنه بالنسبة الى الوجه الأول من الطعن فان القرار الذى يصدر من هيئة المساعدة القضائية باعفاء صاحب شأن من رسوم الدعوى بطلب الغاء قرار ادارى انما يتناول أمرين أولهما اعفاء الطالب من الرسوم المقررة لرفع الدعوى، والثانى ندب أحد المحامين المقيدين أمام مجلس الدولة لمباشرة الدعوى، وذلك بسبب ما نصت عليه المادة 23 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 من أن "كل طلب يرفع الى مجلس الدولة يجب أن يقدم الى قلم كتاب المحكمة المختصة بعريضة موقعه من محام معتمد بجدول المحامين المقبولين أمام المجلس"، فلا يحقق القرار أثره ولا يتمكن صاحب الشأن من الاستفادة من الاعفاء الذى منح له بعد اذ ثبت بقبول طلبه اعساره وعدم ميسرته، ما لم يشتمل على ندب أحد المحامين لمباشرة الدعوى، وينبنى على ذلك أنه اذا ما قام مانع لدى المحامى المنتدب عنه من مباشرة الدعوى، كما لو عين فى احدى الوظائف فانه يستحيل تنفيذ القرار الصادر بالمعافاة، ويسقط القرار تبعا لذلك، ويتعين على صاحب الشأن الرجوع الى هيئة المساعدة القضائية قبل فوات ميعاد الستين يوما المحددة لرفع الدعوى محسوبة من تاريخ صدور القرار الأول لاستصدار قرار جديد بندب محام آخر لمباشرة الدعوى، وفى هذه الحالة يعتبر طلب المعافاة الأول كما لو كان مطروحا على هيئة المساعدة القضائية ولم يفصل فيه بعد اذ سقط القرار الصادر منها بالمعافاة بسبب استحالة تنفيذه، وينفتح ميعاد جديد لصاحب الشأن يحسب من تاريخ صدور القرار المعدل.
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على الأوراق المرفقة بملف الطعن أن المدعى استصدر بتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1962 قرارا من هيئة المساعدة القضائية بالمحكمة الادارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة لشئون السكك الحديدية باعفائه من الرسوم المقررة لرفع الدعوى بطلب الغاء قرار فصله من الخدمة، وبندب السيد صلاح الدين عبد الحميد عطية لمباشرة الدعوى، وقد قام المدعى باستخراج صورة رسمية من هذا القرار بتاريخ 8 من يناير سنة 1963، وبتاريخ 26 من يناير سنة 1963 أثبت المحامى المنتدب على الصورة الرسمية للقرار بأنه سيعتذر عن القيام بمباشرة الدعوى نظرا لأنه عين باحدى شركات القطاع العام وطلب ندب محام آخر بدله وقد قام المدعى بعرض ذلك الطلب على السيد مفوض الدولة المختص الذى أصدر قرارا بتاريخ 12 من فبراير 1963 بندب السيد الأستاذ صادق حنس المحامى لمباشرة الدعوى، ثم قام سيادته بايداع عريضة الدعوى بطلب الغاء القرار المطعون فيه بتاريخ 14 من فبراير سنة 1963.
ومن حيث أنه ينبنى على ذلك، أنه وقد صدر قرار مفوض الدولة باستبدال المحامى المنتدب لمباشرة الدعوى بآخر بتاريخ 12 من فبراير سنة 1963 فانه ينفتح أمام صاحب الشأن ميعاد جديد يحسب من تاريخ صدور ذلك القرار، واذ أقيمت الدعوى بايداع صحيفتها سكرتيرية المحكمة فى يوم 14 من فبراير سنة 1963 فانها تكون مرفوعة فى الميعاد القانونى ويكون هذا الوجه من وجهى الطعن على غير أساس سليم عن القانون حقيقا بالرفض.
ومن حيث أنه بالنسبة الى الوجه الثانى من الطعن فان الحكم المطعون فيه فى محله للأسباب التى بنى عليها والتى تأخذ بها هذه المحكمة وتعتبرها أسبابا لحكمها.
ومن حيث أنه ينبنى على ذلك أن الطعن يكون فى غير محله ومن ثم فانه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا مع الزام الهيئة العامة للسكك الحديدية بالمصروفات.

"ولهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الهيئة العامة للسكك الحديدية بالمصروفات.