مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 1217

(135)
جلسة أول يوليو سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخارى وعبد الستار عبد الباقى آدم ومحمد طاهر عبد الحميد وعباس فهمى محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 748 لسنة 11 القضائية

عقد ادارى. "تعهد بخدمة الحكومة". هيئة السكك الحديدية. "مديرية الحركة والتلغراف". المصروفات الدراسية التى يلزم من يلتحق من العاملين بهيئة السكك الحديدية بمدرسة الحركة والتلغراف بردها فى حالة عدم الوفاء بالتزامه بخدمة الهيئة المدة المقررة - شمولها الرواتب التى كان يتقاضاها العامل المتفرغ للدراسة - أساس ذلك.
ان النفقات التى تتكبدها هيئة السكك الحديدية فى سبيل تفرغ موظفيها للدراسة بمدرسة الحركة والتلغراف لا تقتصر فقط على مصروفات التعليم بل تشمل كل ما تتحمله فى سبيل اعداد هؤلاء الموظفين اعدادا يمكنها من الافادة بخبرتهم الفنية خلال الخمس سنوات التالية لتخرجهم منها.. ولما كان الموظفين الذين يلحقون بهذه المدرسة يتقاضون مرتباتهم خلال مدة الدراسة دون أن يقوموا بأى عمل وذلك حتى تستقر حالتهم المعيشية طوال مدة الدراسة، ولذلك فان هذه المرتبات لا شك تدخل فى نطاق النفقات التى تحملتها الهيئة فى سبيل تعليم هذا النوع الفنى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - فى أن الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية قد أقامت الدعوى رقم 162 لسنة 17 القضائية ضد السيد/ كمال عيداروس نجم والسيد/ عيداروس نجم بصحيفة أودعتها سكرتارية محكمة القضاء الادارى "هيئة العقود الادارية والتعويضات" فى 3 من نوفمبر سنة 1962 طالبة الحكم بالزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا اليها مبلغ 258 جنيها و787 مليما والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.. وقالت - شرحا لدعواها - أن المدعى عليه الأول التحق بمدرسة الحركة والتلغراف فى 17 من مايو سنة 1958 بعد أن وقع تعهدا فى 13 من ذات الشهر بخدمة الهيئة فى أى جهة تراها بحيث اذا استقال من خدمتها أو ترك العمل لأى سبب قبل نهاية مدة خمس سنوات، حتى ولو كان الغرض من تركه العمل هو الالتحاق بمصلحة أخرى، يكون ملزما بدفع جملة ما تكلفته الهيئة من نفقات تعليمه. وقد ضمنه المدعى عليه الثانى بطريق التضامن فى تنفيذ شروط هذا التعهد، ثم انقطع المدعى عليه الأول عن العمل بدون اذن اعتبارا من 27 من يناير سنة 1961 الأمر الذى ترتب عليه صدور قرار بفصله من الخدمة لانقطاعه عن العمل أكثر من المدة القانونية وأنه لذلك يكون قد أخل بالتعهد المشار اليه ولذلك فانه يكون ملزما بسداد جملة ما تكلفته الهيئة فى سبيل تعليمه فأصبح المستحق عليه كالآتى:
218 جنيها و528 مليما قيمة المرتبات التى استولى عليها المدعى عليه الأول مدة دراسته والتى صرفت اليه كمنحة لأنه لم يكن يؤدى أعمال وظيفته فى هذه المدة.
7 جنيهات و650 ميلما قيمة سفريات مدة دراسته وتمرين عقب تخرجه.
32 جنيه و700 مليم مصروفات مدرسية عن 327 يوما على أساس اليوم الواحد مائة مليم.
فيكون المجموع 258 جنيه و787 مليم وهو المبلغ المطالب به.
وقدمت الهيئة التعهد المشار اليه وبيانا بالمبالغ المطلوبة وملف خدمة المدعى عليه الأول.
قدم المدعى عليه الأول مذكرة طلب فيها رفض الدعوى والزام الهيئة المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة واستند فى ذلك الى أنه كان أثناء وجوده بالمدرسة يؤدى عملا مصلحيا ومن ثم يستحق عنه أجرا كما لا يجوز للهيئة مطالبته بمصروفات انتقاله الى المدرسة لتأدية هذا العمل. وان ما تحملته الهيئة فى سبيل تعليمه هو مبلغ 32 جنيها و700 مليم فقط وقد سدد أكثر منه اذ أن هيئة التأمينات والمعاشات قد اقتطعت ربع مكافأته عن مدة خدمته ومقداره 39 جنيها و81 مليما.
وبجلسة 25 من أبريل سنة 1965 قضت محكمة القضاء الادارى بالزام المدعى عليهما متضامنين بان يدفعا للهيئة المدعية مبلغ 40 جنيها و260 مليما والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 3 من نوفمبر سنة 1962 حتى تمام السداد والمصروفات المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وأقامت قضاءها على أن المدعى عليه الأول قد انقطع عن العمل دون عذر مقبول مما اضطر الهيئة الى فصله قبل أن يتم مدة خمس السنوات المنصوص عليها فى تعهده فيتعين الزامه بالتضامن مع ضامنه المدعى عليه الثانى بدفع جملة ما تكلفته الهيئة من نفقات تعليمه وهى تتمثل فى مصاريف التعليم وقيمة السفريات ومقدارها 40 جنيها و260 مليما. أما المرتبات التى تطالب بها الهيئة فانها لا تدخل ضمن نفقات التعليم لأن المدعى عليه استحقها باعتباره موظفا يقوم بعمل مصلحى ثم ذكرت المحكمة أنه لا يغير من هذا النظر عدم قيام المدعى عليه الأول بهذا العمل المصلحى بموافقة الهيئة خلال مدة الدارسة تشجيعا وترغيبا فى الالتحاق بهذه المدرسة لسد ما تعانيه الهيئة من نقص فى فئة النظار والمعاونين. وما دام أن الهيئة لم تضمن التعهد نصا صريحا يقضى برد ما صرف من مرتبات طيلة مدة الدراسة فى حالة الاخلال به فلا يمكن المطالبة بأزيد مما تضمنه التعهد.
طعنت الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية فى هذا الحكم بصحيفة أودعتها سكرتارية هذه المحكمة فى 23 من يونية سنة 1965 طالبة القضاء بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلبات رد المرتبات التى قبضها المطعون ضده الأول والحكم بالزام المطعون ضدهما بالتضامن بدفع مبلغ 258 جنيها و787 مليما والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبنت طعنها على أن المرتبات انما تصرف مقابل عمل يؤديه الموظف فى حين أن المطعون ضده كان يعمل بالهيئة ولما رغب فى الالتحاق بالمدرسة أرادت الهيئة أن تساعده فى الاحتفاظ بمستوى معيشته فاستمرت فى صرف مرتباته مساعدة له لاستمراره فى تلقى العمل لحين تخرجه ومن ثم فانها تعتبر من ضمن المصروفات الدراسية اذ أنها لم تعهد اليه بأى عمل طوال مدة الدراسة وأن عدم النص فى التعهد على رد تلك المبالغ لا يسقط حق الهيئة فى المطالبة بردها.
ومن حيث أنه - ولئن كان الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فى قضائه بالزام المدعى عليهما برد مصاريف الدارسة وقيمة السفريات ومقدارها 40 جنيها و260 مليما، للأسباب التى استند اليها والتى تأخذ بها هذه المحكمة - الا أنه قد جانب الصواب فى قضائه برفض طلب رد المرتبات التى قضاها المدعى عليه الأول أبان مدة دراسته بالمدرسة. ذلك أن النفقات التى تتكبدها الهيئة فى سبيل تفرغ موظفيها للدراسة بهذه المدرسة لا تقتصر فقط على مصروفات التعليم بل تشمل كل ما تتحمله فى سبيل اعداد هؤلاء الموظفين اعدادا يمكنها من الافادة بخبرتهم الفنية خلال الخمس سنوات التالية لتخرجهم منها. ولما كان الموظفون الذين يلتحقون بهذه المدرسة يتقاضون مرتباتهم خلال مدة الدراسة دون أن يقوموا بأى عمل وذلك حتى تستقر حالتهم المعيشية طوال مدة الدراسة، ولذلك فان هذه المرتبات لا شك تدخل فى نطاق النفقات التى تحملتها الهيئة فى سبيل تعليمهم هذا النوع من التعليم الفنى.. واذا كانت مدة الدراسة قد اعتبرت بمثابة عمل مصلحى، ومن ثم استحق هؤلاء الموظفون مرتباتهم خلالها، الا أن ذلك منوط بخدمتهم للهيئة مدة لا تقل عن خمس سنوات فى الأعمال التى درسوها بالمدرسة اذ أن حكمة منحهم مرتباتهم خلال مدة الدراسة انما هى الافادة بخبرتهم فى خدمة الهيئة التى هيأت لهم سبيل تحصيل تلك الخبرة.. فاذا كان المطعون ضده قد أخل بذلك فقد أصبح حقا عليه الالتزام برد هذه المرتبات ومقدارها 218 جنيها و528 مليما طبقا للبيان المقدم من الهيئة والذى لم يجحده المدعى عليهما - بالاضافة الى المبلغ المحكوم به بالحكم المطعون فيه ويتعين لذلك القضاء بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بالزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للهيئة مبلغ 258 جنيها و787 م والفوائد القانونية لهذا المبلغ بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 3 من نوفمبر سنة 1962 حتى تمام الوفاء مع الزامهما بالمصروفات كاملة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بالزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للهيئة المدعية 258 جنيها و787 مليما (مائتان وثمانية وخمسون جنيها وسبعمائة وسبعة وثمانون مليما) والفوائد القانونية لهذا المبلغ بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 3 من نوفمبر سنة 1962 حتى تمام الوفاء وألزمتهما بالمصروفات.