مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 22 نوفمبر سنة 1945 لغاية 9 يونيه سنة 1949) - صـ 641

جلسة 21 من يونيه سنة 1948

برياسة حضرة محمد المفتى الجزايرلى بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات محمد صادق فهمى بك وأحمد حلمى بك وعبد الرحيم غنيم بك وفهيم إبراهيم عوض بك المستشارين.

(326)
القضية رقم 51 سنة 17 القضائية

جامعة. التقدم إلى الكشف الطبى أو النجاح فيه. ليس شرطاً لقبول الطلاب بالجامعة.
إنه يبين من نص المادة 18 من القانون رقم 32 لسنة 1942 بإنشاء وتنظيم جامعة فاروق الأول أن شروط القبول فى الكليات لا تقررها الجامعة وحدها وإنما تتقرر بمرسوم، كما يبين من نص المرسوم الصادر فى 16 سبتمبر من سنة 1942 بشأن قبول الطلاب فى كليات جامعتى فؤاد الأول وفاروق الأول الذى صدر تنفيذاً لنص المادة المذكورة أنه لم يجعل التقدم إلى الكشف الطبى ولا النجاح فيه شرطاً فى القبول. ولئن كان للجامعة أن تضع - بغير استصدار مرسوم - إجراءات تنظيمية فى سبيل تنفيذ أحكام المرسوم الصادر فى 16 من سبتمبر سنة 1942 فإنها لا تملك تحت هذا الستار أن تضع شروطاً أخرى للقبول ليست واردة فى هذا المرسوم، فلها أن تحدد موعداً لتقديم الطلبات إذ هذا الإجراء يقتضيه وجوب تعرف عدد الراغبين فى الالتحاق من بين من تتوافر فيهم شروط القبول لتقبل منهم بحسب ترتيب درجاتهم العدد الذى يملأ المحال الخالية، فهو إجراء تنظيمى بحت لا دخل له فى شروط القبول بحيث إن من يتخلف عن تقديم طلبه فى الميعاد لا يعد فاقداً لشرط من شروط القبول بل يعتبر متخلياً عن استعمال حقه، وليس الكشف الطبى من قبيل الإجراءات التنظيمية التى تملكها الجامعة، إذ هو غير لازم لتنفيذ أحكام المرسوم، لأن قبول الطلبات وفقاً لهذه الأحكام لا يتطلب لذاته إجراء كشف طبى. فإذا اشترطته الجامعة للقبول فإنها تكون متجاوزة حد الاختصاص التنظيمى الذى لها، ولا يكون لها قانوناً أن ترتب على التخلف عن التقدم إليه فى الميعاد الذى تحدده اعتبار الطالب فاقداً لشرط من شروط القبول.


الوقائع

فى 13 من مارس سنة 1947 طعن الطاعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف مصر الصادر يوم 15 من ديسمبر سنة 1946 فى الاستئناف رقم 5 س ق 63 برفضه وتأييد حكم محكمة مصر الابتدائية (فى القضية رقم 560 سنة 1943 الصادر فى 18 من فبراير سنة 1945: أولاً - برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بالنظر فى الدعوى وباختصاصها. ثانياً - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وقبولها. ثالثاً - وفى الموضوع برفض الدعوى وإلزام رافعها بالمصروفات وخمسمائة قرش أتعاب محاماة للمدعى عليهما) وإلزام المستأنف بالمصروفات وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب إلى هذه المحكمة قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع نقض الحكم المطعون فيه وإلغاءه مع التقرير بطلب الدعوى والحكم بإلزام المطعون عليهما بأن يدفعا بالتضامن إلى الطاعن مبلغ عشرة آلاف جنيه مصرى، واحتياطياً نقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف مصر مع إلزامهما فى جميع الأحوال بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع مراحل التقاضى.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم أنه خالف القانون. ذلك أنه اعتبر أن تخلف الطاعن عن التقدم إلى الكشف الطبى فى يوم 3 من أكتوبر سنة 1942 مسوغ لعدم قبول طلبه الالتحاق بكلية العلوم (قسم إعدادى الطب) فى حين أن التقدم إلى الكشف الطبى والنجاح فيه ليس شرطاً فى قبول الطالب فى حكم المرسوم الصادر فى 16 من سبتمبر سنة 1942 بشأن قبول الطلاب فى كليات جامعتى فؤاد الأول وفاروق الأول.
ومن حيث إن المادة 18 من القانون رقم 32 لسنة 1942 بإنشاء وتنظيم جامعة فاروق الأول قررت أن شروط قبول الطلاب فى الجامعة يصدر بها مرسوم بعد أخذ رأى مجلس الجامعة. وقد صدر هذا المرسوم فى 16 من سبتمبر سنة 1942 ونص على أنه يشترط لقبول الطلاب فى كليات جامعتى فؤاد الأول وفاروق الأول حصولهم على شهادة الدراسة الثانوية (القسم الخاص) أو على شهادة يعتبرها مجلس الجامعة معادلة لها. ويقبل من الطلبة فى كل كلية بعدد المحال الخالية فيها وعلى حسب الترتيب فى درجات النجاح فى الشعبة المؤهلة للكلية. ويلغى ما يخالف ذلك من القيود المنصوص عليها فى أحكام اللوائح الداخلية لمختلف كليات جامعة فؤاد الأول". ومن هذا يبين أن شروط القبول فى الكليات لا تقررها الجامعة وحدها وإنما تتقرر بمرسوم، ويبين كذلك أن المرسوم الصادر فى هذا الشأن لم يجعل التقدم إلى الكشف الطبى ولا النجاح فيه شرطاً فى القبول.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ أيد قضاء الحكم الابتدائى الصادر برفض دعوى الطاعن قال فى صدد الكشف الطبى "إن المستأنف حاول فى هذا الشأن أن يقلل من أهمية الكشف الطبى على اعتبار أنه ليس شرطاً للقبول وأن الغرض منه هو مجرد التحقق من خلو الطالب من الأمراض المعدية وأنه حتى فى هذه الحالة لا يصح رفض قبول مثل هذا الطالب بل يرجأ ذلك حتى يعالج، إلا أن الأمر فى هذه المسألة ليس أمر النجاح أو عدم النجاح فقط، ولكنه قبل ذلك أمر تنظيم لا بد منه لتعيين المقبولين فشأنه فى ذلك شأن موعد تقديم طلب الالتحاق الذى اعتبره المستأنف صراحة فى صحيفة دعواه أنه موعد قانونى. فإذا كان التقدم بالطلب فى الموعد الذى تحدده الكلية شرطاً للقبول فإن التقدم للكشف الطبى فى الموعد المحدد له لا يقل عنه شأناً. ذلك لأنه على الأقل يدل على حرص الطالب على الالتحاق بالكلية فضلاً عن قيمته فى معرفة حالته الصحية مما ليس محل نزاع فى الدعوى. وعلى هذا فإن مجرد ما استند إليه المستأنف فى عريضة دعواه من أن شرط النجاح فى الكشف الطبى قد توافر فى 14 أكتوبر لا يكفى لإثبات حق ابنه فى الالتحاق بل يجب البحث فى سبب تخلفه عن الكشف يوم 3 أكتوبر الذى عينته الكلية لجميع الراغبين فى الالتحاق بها". ثم قال الحكم "وحيث إنه لكل هذه الاعتبارات يتحتم الأخذ بدفاع المستأنف ضدهما من أن ابن المستأنف قد تخلف عن الكشف الطبى المعلن عن إجرائه فى 3 أكتوبر. ولما كان هذا الكشف حسب الإعلان المنشور عنه شاملاً لكافة الراغبين فى الالتحاق وهم الذين حدد يوم 30 سبتمبر كآخر موعد لقبول طلباتهم فلا يحق له أن يتضرر من قبول من هم أقل منه مستوى ممن تقدموا لهذا الكشف ما دام هو المتسبب بتخلفه فى ضياع الفرصة على نفسه".
ومن حيث إنه يبين من هذا الذى قاله الحكم أنه مقام على أساس أن التقدم إلى الكشف الطبى شرط فى القبول باعتباره إجراءً تنظيمياً تملكه الجامعة حكمه حكم التقدم بالطلب فى الموعد الذى تحدده الكلية.
ومن حيث إنه كان للجامعة أن تضع، بغير استصدار مرسوم، إجراءات تنظيمية فى سبيل تنفيذ أحكام مرسوم 16 من سبتمبر سنة 1942 إلا أنها لا تملك، تحت هذا الستار، أن تضع شروطاً أخرى للقبول ليست واردة فى هذا المرسوم.
ومن حيث إن تحديد موعد لتقديم الطلبات يعتبر إجراءً تنظيمياً بحتاً ليس فيه معنى إضافة شرط جديد. ذلك أن تنفيذ أحكام المرسوم يقتضى الجامعة تعرف عدد الراغبين فى الالتحاق من بين من تتوافر فيهم شروط القبول، وهذا بطبيعة الحال يجب أن يتم فى وقت مناسب قبل بدء الدراسة حتى تستطيع الجامعة أن تقبل منهم العدد المعادل للمحال الخالية وبحسب ترتيب الدرجات. وعلى ذلك فان المتخلف عن تقديم طلبه فى الميعاد لا يكون فاقداً لشرط من شروط القبول وإنما يعتبر متخلياً عن استعمال حقه. أما الكشف الطبى فهو غير لازم لتنفيذ أحكام المرسوم لأن قبول الطلبات وفقاً لهذه الأحكام لا يتطلب بطبيعته إجراء كشف طبى، فهو إذن لا يعتبر إجراءً تنظيمياً تملكه الجامعة. وهى إذ اشترطته متجاوزة حد الاختصاص التنظيمى لا يكون لها قانوناً أن ترتب على التخلف عن التقدم إليه فى الميعاد الذى ضربته اعتبار الطالب فاقداً لشرط من شروط القبول.
وحيث إنه متى تقرر ذلك كان قضاء الحكم برفض الدعوى مقاماً على أساس خاطئ وتعين نقضه بلا حاجة إلى النظر فى باقى أسباب الطعن وإحالة القضية على محكمة الاستئناف لتفصل فيها على الأساس المبين فى هذه الأسباب.