مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 1232

(138)
جلسة 2 من سبتمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة عادل عزيز زخارى وعبد الستار عبد الباقى آدم ومحمد طاهر عبد الحميد وعباس فهمى محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 417 لسنة 11 القضائية

عقد ادارى. "تعهد بالتدريس". تراخى الجهة الادارية فى تعيين من تعهد بالتدريس يحله من التزامه.
أن التزام المدعى عليه الأول بالتدريس على الوجه الذى تضمنه تعهده يقابله بحكم اللزوم التزام يقع على عاتق وزارة التربية والتعليم بتعيينه فى احدى مدارسها فور تخرجه من كلية التربية أو بعد ذلك بمدة معقولة اذ أن قيام المدعى عليه الأول بتنفيذ التزامه منوط بقيام جهة الادارة بتمكينه من أداء العمل وذلك بتعيينه فى الوظيفة التى تعهد بالقيام بأعمالها مدة الثلاث سنوات التالية لتخرجه مباشرة فاذا لم تقم الوزارة بتمكينه من تنفيذ ما التزم به أو تراخت فى ذلك مدة غير معقولة فانه لا تثريب على المدعى عليه الأول أن يتحلل هو الآخر من التزامه وأن يضرب صفحا عن طلب جاءه بالتعيين متأخرا بعد مضى مدة تزيد على السنة بعد اتمام دراسته.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - فى أن جامعة عين شمس أقامت الدعوى رقم 400 لسنة 16 القضائية ضد ابراهيم محمد عيد (المطعون ضده الأول) والمرحوم محمد عيد محمد السخاوى (مورث باقى المطعون ضدهم) طلبت فيها الحكم بالزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 30 جنيها والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت الجامعة - شرحا لدعواها - أن المدعى عليه الأول التحق بكلية التربية فى العام الدراسى 1959 بعد أن وقع تعهدا فى 20 من مايو سنة 1959 التزم فيه بالقيام بالتدريس مدة الثلاث سنوات التالية مباشرة لحصوله على دبلوم هذه الكلية طبقا للشروط التى تقرها الجامعة، بحيث اذا لم يقم بذلك أو انقطع عن الدراسة بغير عذر مقبول أو فصل لأسباب تأديبية، يكون ملزما برد المصروفات الدراسية التى أنفقتها عليه الجامعة بواقع 30 جنيها عن كل سنة دراسية وقد تعهد المدعى عليه الثانى بتنفيذ هذا الالتزام بطريق التضامن مع ابنه المدعى عليه الأول. ثم قالت الجامعة أنه بعد أن تخرج هذا الأخير من الكلية رشحته وزارة التربية والتعليم لوظيفة مدرس للمواد الاجتماعية بمدرسة كوم أمبو الاعدادية الصناعية ولكنه لم يتوجه لاستلام عمله فى خلال الخمسة عشر يوما التالية لتعيينه مما حدا بمنطقة أسوان التعليمية الى فصله ومن ثم اعتبر مخلا بتعهده مما رتب للجامعة المدعية حقا فى مطالبته هو وضامنه بأن يدفعا لها على وجه التضامن المبلغ المطالب به.
وعقب المدعى عليه الأول على الدعوى بمذكرة أوضح فيها أن وزارة التربية والتعليم لم تقم بتنفيذ التزامها وذلك بتعيينه مدرسا عقب حصوله على دبلوم معهد التربية فى يونيو سنة 1959 بل تراخى التعيين خمسة عشر شهرا حيث تم فى سبتمبر سنة 1960، هذا الى أن الوزارة قد ردت اليه جميع مسوغات تعيينه فى 5 من يوليو سنة 1960 الأمر الذى يستفاد منه أنها قد رخصت له فى ايجاد عمل آخر. وأضاف المدعى عليه المذكور أن بحكم وظيفته الحالية - وهى الاشراف على طلبة جامعة الاسكندرية لم يبعده عن ميدان التدريس والاعداد التربوى السليم، كما أن وظيفته المشار اليها لا تقل أهمية عن وظيفة مدرس بوزارة التربية والتعليم. وانتهى الى طلب رفض الدعوى.
وبجلسة 5 من يناير سنة 1964 حكمت محكمة القضاء الادارى بانقطاع سير الخصومة لوفاة المدعى عليه الثانى. ثم قامت الجامعة بتجديد الدعوى فى مواجهة ورثته.
وبجلسة 31 من يناير سنة 1965 قضت المحكمة المذكورة برفض طلبات الجامعة المدعية وألزمتها المصروفات. وأقامت قضاءها على أن التزام المدعى عليه الأول بالتدريس على الوجه الذى تضمنه تعهده يقابله بحكم اللزوم يقع على عاتق وزارة التربية والتعليم بتعيينه فى احدى مدارسها فور تخرجه من كلية التربية أو بعد ذلك بمدة معقولة اذ أن قيام المدعى عليه الأول بتنفيذ التزامه منوط بقيام جهة الادارة بتمكينه من أداء العمل وذلك بتعيينه فى الوظيفة التى تعهد بالقيام بأعمالها مدة الثلاث سنوات التالية لتخرجه مباشرة فاذا لم تقم الوزارة بتمكينه من تنفيذ ما التزم به أو تراخت فى ذلك مدة غير معقولة فانه لا تثريب على المدعى عليه الأول أن يتحلل هو الآخر من التزامه وأن يضرب صفحا عن طلب جاءه بالتعيين متأخرا بعد مضى مدة تزيد على السنة بعد اتمام دراسته اذ أنه فى هذه الحالة يكون قد رتب حياته على أساس الوضع الظاهر من موقف الوزارة الذى يوحى بذاته عن عدم وجود وظائف خالية يمكن الحاقه بها وأنه مما يؤكد هذا النظر أنه فى 5 من يوليو سنة 1959 أعادت اليه الوزارة مسوغات تعيينه التى سبق له أن تقدم بها.. ثم قالت المحكمة أنه على مقتضى ما تقدم فليس ثمة موجب فى أن تعود الوزارة - بعد أن تراخت فى تمكين المدعى الأول من العمل مدة تزيد عن السنة بكثير - وتطلب منه تنفيذ التزامه فى الوقت الذى أعد نفسه لعمل آخر بعد أن طال به الانتظار.. سيما وأن انتظاره فى تقبل الوظيفة والتى نص التعهد على الحاقه بها مباشرة عقب حصوله على الدبلوم، كان على حساب وسائل عيشة وأنه ترتيبا على ذلك تكون دعوى الجامعة المدعية على غير أساس سليم من القانون متعينه الرفض.
وقد طعنت الجامعة فى هذا الحكم طالبه القضاء بقبول طعنها شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبالزام المطعون ضدهم الأول بصفته مدينا أصليا وفى حدود ما آل اليه من تركة مورثة والباقين بالنسبة لما آل اليهم من تركة مورثهم بالتضامن بدفع مبلغ 30 جنيها والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماه.. وبنت طعنها على أن التأخير فى تعيين المطعون ضده الأول لم يتجاوز عام دراسى واحد وهو أمر يستوجبه تنظيم مرفق التعليم اذ لا يمكن تعيين المدرسين فور تخرجهم بل لا بد من مرور مدة لاتخاذ الاجراءات اللازمة للتعيين.. هذا بالاضافة الى أن المذكور قد تعهد بوضع نفسه تحت تصرف الوزارة وخدمتها مدة الثلاث سنوات التالية لتخرجه.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فى قضائه - برفض طلبات الجامعة المدعية للأسباب التى استند اليها والتى تأخذ بها هذه المحكمة وتضيف اليها أنه كان يتعين على الوزارة أن تتخذ الاجراءات اللازمة لتعيين المدعى عليه الأول فى مدة معقولة فلا تثريب عليه أن هو سعى وراء البحث عن عمل بعد أن تراخت الوزارة عن تعيينه زهاء الخمسة عشر شهرا.
ومن حيث أنه لا حجية فيما ذكرته الوزارة فى صحيفة طعنها - من أن مدة الثلاث سنوات التالية لتخرجه - لا حجة فى ذلك لأن التأخير فى اتخاذ اجراءات التعيين لا يجوز أن يضاربه المتعهد بعد أن تفتحت أمامه سبل العمل بعد تخرجه بمدة معقولة كان فيها فى أنتظار قرار التعيين بوزارة التربية والتعليم.. هذا فضلا عن أن مدة الثلاث سنوات آنفة الذكر انما هى مدة تدريس فعلى بالمدارس التى تختارها الوزارة وليست مدة تربص حتى يصدر قرار التعيين.
ومن حيث أنه لذلك يكون طعن الجامعة غير قائم على أساس سليم من القانون ويتعين لذلك القضاء برفضه مع الزام الجامعة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت جامعة عين شمس بالمصروفات.