مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 1236

(139)
جلسة 2 من سبتمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخارى وعبد الستار عبد الباقى آدم ومحمد طاهر عبد الحميد وعباس فهمى محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 674 لسنة 12 القضائية

( أ ) قرار ادارى. "تعريفه".
(ب) قرار ادارى. "قرار تنظيمى عام وقرار فردى". التفرقة بينهما - القرار الفردى مصدر لمركز قانونى فردى أو خاص متميز عن المركز القانونى العام المتولد عن القانون.
(ج) دعوى "تكييف". المحكمة لا تتقيد بتكييف المدعى لدعواه - طلب المدعى فى صحيفة الدعوى الزام المطعون ضدها بأن تدفع له الفرق بين ما ادى اليه كمعاش للتقاعد وبين ما يستحق قانونا من معاش - ينطوى على طلب الغاء القرار السلبى المتمثل فى امتناع وزارة الخزانة عن رفع معاشه - تحديده طلباته فى جلسات التحضير بالغاء القرار السلبى بامتناع جهة الادارة عن منحه الفرق - لا يعد تعديلا للطلبات أو طلبا عارضا.
(د) محامون. "معاشات". نص المادة 101 من القانون رقم 96 لسنة 1957 فى شأن تنظيم المحاماه أمام المحاكم. يخول الجمعية العمومية للمحامين اجراء التعديل فى مقدار المعاشات المقدرة للمحامين سواء قبل أو بعد نفاذ قرار الجمعية بذلك.
1 - أن القرار الادارى هو أفصاح الادارة عن ارادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد احداث أثر قانونى معين ابتغاء مصلحة عامة.
2 - أن القرار التنظيمى العام يولد مراكز قانونية عامة أو مجردة بعكس القرار الفردى الذى ينشىء مركزا قانونيا خاصا لفرد معين وأنه اذا كان صحيحا أن القرار الفردى تطبيق أو تنفيذ للقانون فأنه فى الوقت ذاته مصدر لمركز قانونى فردى أو خاص متميز عن المركز القانونى العام المجرد المتولد عن القانون ومن ثم فلا يمكن القول بأن العمل الادارى الذى يكون تطبيقا لنص عام مقيد لا ينشىء أو يعدل مركزا قانونيا لأن كل قرار ادارى منشئ لمركز قانونى هو فى الوقت ذاته تطبيق لقاعدة قانونية أعلى.
3 - أنه وان كان الطاعن أقام دعواه وطلب فى ختام صحيفتها الزام المطعون ضدها بأن تدفع له الفرق بين ما أدى اليه كمعاش للتقاعد وبين ما يستحقه قانونا من معاش اعتبارا من التاريخ المحدد فى قرار الجمعية العمومية للمحامين لرفع المعاشات وما يستجد. الا أنه عاد فى جلسات التحضير فحدد طلباته بطلب الغاء القرار السلبى بامتناع جهة الادارة عن منحه الفرق بين ما يحصل عليه وما يستحقه من معاش اعتبارا من أول أبريل سنة 1962 وما يترتب على ذلك من آثار. والطلب الذى ضمنه الطاعن صحيفة الدعوى ينطوى فى الواقع من الأمر على طلب الغاء القرار السلبى المتمثل فى امتناع وزارة المالية عن - رفع معاشه ولا يعد ما أبداه فى جلسات التحضير تعديلا للطلبات أو طلبا عارضا مما يلزم لقبوله ايداع عريضة الطلب سكرتيرية المحكمة أو التقدم به الى المحكمة بهيئتها الكاملة وانما هو تصويب للطلب ذاته واعطاؤه الوصف القانونى السليم. ومهما يكن من أمر خطأ المدعى فى تكييف دعواه فأن من المسلم أن المحكمة لا تتقيد بهذا التكييف وعليها دائما أن تعطى الحق المطالب به الوصف القانونى السليم.
4 - أن نص المادة 10 من القانون رقم 96 لسنة 1957 يخول الجمعية العمومية للمحامين بحكم عموميته واطلاقه - صلاحية اجراء التعديل فى مقدار المعاشات المقررة للمحامين زيادة أو نقصان سواء فى ذلك المعاشات التى قررت من قبل أو التى يتم تقريرها بعد نفاذ قرار الجمعية يؤيد ذلك صراحة نص القرار الصادر بالتعديل فى رفع المعاش الكامل للمحامى الى أربعين جنيها، دون تفرقة بين المعاشات السابقة أو اللاحقة كذلك فان التطبيق العملى قد دل على المفهوم الصحيح لهذا القرار.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص - على ما يبين من أوراق الطعن. فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 157 لسنة 18 القضائية بصحيفة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الادارى فى 19 من نوفمبر سنة 1963 ضد وزارة الخزانة وادارة المعاشات طالبا الحكم بالزام المدعى عليهما بأن يدفعا له مبلغ 304 جنيهات وما يستجد له من أول نوفمبر سنة 1963 بواقع 16 جنيها شهريا والزامهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد عدل المدعى طلباته بعد ذلك الى طلب الحكم بالغاء القرار السلبى بأمتناع جهة الادارة عن منحة الفرق بين ما يحصل عليه وما يستحقه معاش وقدره 16 جنيها شهريا اعتبارا من أول أبريل سنة 1962 وما يترتب على ذلك من آثار، وقد تم هذا التعديل بجلسة التحضير المنعقدة فى 11 من نوفمبر سنة 1964، وقال المدعى فى شرح دعواه أنه قيد محاميا بجدول المحامين المشتغلين أمام المحاكم المختلطة من سنة 1920 ولما ألغيت هذه المحاكم نقل الى جدول المحامين أمام المحاكم الوطنية فى 15 من أكتوبر سنة 1949 عملا بالقانون رقم 51 لسنة 1939 وفى سنة 1954 طلب احالته الى المعاش فقبل طلبه وأحيل الى المعاش فى أول يوليه سنة 1954 ودرجت وزارة الخزانة منذ ذلك التاريخ حتى الآن على صرف معاشه بانتظام بواقع 24 جنيها شهريا. وفى 16 من مارس سنة 1962 قررت الجمعية العمومية لنقابة المحامين زيادة معاش المحامين الى أربعين جنيها شهريا ابتداء من أول أبريل سنة 1962 استنادا الى المادة 101 من القانون رقم 96 لسنة 1957 وأبلغت قرارها هذا الى الوزارة المختصة فاتصل بادارة صندوق المعاشات لصرف فرق المعاش ومراعاة صرف المعاش مستقبلا بواقع 40 جنيها شهريا الا أنها لم تستجب لطلبه. فأقام دعواه مستندا فيها الى ما تنص عليه المادة 22 من القانون رقم80 لسنة 1944 انشاء صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة من أن يكون معاش التقاعد مساويا للمعاش المحدد للمحامى بنقابة المحامين الوطنية عن السنة المالية المقابلة يؤكد ذلك ما أوردته المذكرة الايضاحية للقانون فى هذا الصدد. وانه صدر القانون 192 لسنة 1954 بحل صندوق المحامين المختلط ألغى من القانون رقم 80 لسنة 1944 المواد من 3 الى 11 والمواد 19 و20 و 24 ولم يلغ المادة 22 المشار اليها وأحل وزارة المالية والاقتصاد محل صندوق معاشات المحامين المختلط فى كافة حقوقه والتزاماته وأوجبت المادة الرابعة منه على الوزارة المذكورة أن ترصد بميزانيتها السنوية الاعتمادت اللازمة للمعاشات والاعانات الممنوحة أو التى ستمنح بموجب القانون رقم 80 لسنة 1944 وعلى ذلك فأن وزارة الخزانة تلتزم بأداء المعاشات للمحامين المختلط بذات القيمة المقررة لزملائهم المحامين أمام المحاكم الوطنية ولما كان تحديد قيمة المعاش لهؤلاء الآخرين يتم بقرار من الجمعية العمومية للمحامين طبقا لما تنص عليه المادة 101 من القانون رقم 96 لسنة 1957 التى حددته أول الأمر بمبلغ عشرين جنيها ثم زادته الى أربعة وعشرين ثم الى أربعين بمقتضى قرارها الصادر فى 16 من مارس سنة 1962 فأن هذه الزيادة تسرى على المحامين المختلط اعمالا لنص المادة 22 من القانون 80 لسنة 1944. وقد ردت الحكومة على الدعوى بمذكرة جاء فيها أنه منذ نقل صندوق المحامين المختلط الى وزارة الخزانة بمقتضى القانون رقم 192 لسنة 1954 أصبحت هذه الوزارة ملتزمة بالمعاشات المقررة لهؤلاء المحامين بموجب القانون رقم 80 لسنة 1944 والذى يقضى بأن يكون المعاش المقرر لهؤلاء المحامين 24 جنيها شهريا وقد خصص فى ميزانية الوزارة مبالغ بقيمة هذه المعاشات ونظرا الى أن ميزانية الدولة تقرر بقانون فان أى زيادة فى بنود الميزانية يجب أن تقرر أيضا اذا ما وجدت مبررات لهذه الزيادة وأن القانون رقم 192 لسنة 1954 قضى بالغاء موارد صندوق المحامين المختلط على أن تحول هذه الموارد مستقبلا الى صندوق المحامين الوطنيين، وعلى ذلك فان المعاشات التى ألزمت بها الوزارة ليس لها مقابل فى الأعباء الأمر الذى يدعو الى عدم امكان زيادة هذه المعاشات بأى حال من الأحوال مراعاة لميزانية الدولة وعلى ذلك فلا حق للمدعى قبل الوزارة فى زيادة معاشه. وأن الوزارة قد أعدت مشروع قانون يقضى بنقل صندوق المحامين المختط الى نقابة المحامين. وأضافت أن المقصود من عبارة السنة المالية المقابلة التى أوردتها المادة 22 من القانون رقم 80 لسنة 1944 هو المعاش المقرر للمحامى الوطنى فى السنة التى يتقرر فيها معاش المحامى المختلط ذلك لأن النصوص المالية لا تنطبق الا على الحالات التى تنشأ بعد صدورها ولا تسرى على الحالات السابقة عليها الا بنص صريح وأن من المقرر أنه اذا ما تقرر المعاش وتم ربطه فى سنة معينة أصبح نهائيا. ولا محل لتعديله بالزيادة أو بالتخفيض سواء من جانب الحكومة أو صاحب الشأن محافظة على استقرار الأوضاع الادارية وعدم تعريض الميزانية للمفاجات. وأنه متى كان المدعى قد ربط له معاش شهرى قدره 24 جنيها شهريا منذ أن أحيل الى التقاعد فى يولية سنة 1954 فانه لا يجوز له أن يناقش هذا المعاش أصلا أو مقدارا وتكون دعواه غير قائمة على أساس سليم.
وبجلسة 25 من يناير سنة 1966 أصدرت محكمة القضاء الادارى حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن المادة 22 من القانون رقم 80 لسنة 1944 بانشاء صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة نصت على أن يكون معاش التقاعد مساويا للمعاش المحدد للمحامى بنقابة المحامين الوطنيين عن السنة المالية المقابلة، وجاء بالمذكرة الايضاحية لهذا القانون أن المشرع يحدد مقدار المعاشات التى يؤديها صندوق المحامين أمام المحاكم المختلطة وفقا للمقدار الذى يعين للمحامين أمام المحاكم الوطنية والقرارات التى يتخذها هؤلاء فيما يتصل بصندوقهم تسرى حتما على المحامين أمام المحاكم المختطة وكذلك الأمر فى شأن القواعد التى يضعها المحامون الوطنيون فى حدود المرتبات والاعانات والتاريخ الذى يستحق فيه المعاش، وان القانون رقم 192 لسنة 1954 الصادر بحل صندوق المعاشات المختلط نص فى المادة الثانية على أن تحل وزارة المالية والاقتصاد محل الصندوق المذكور فى كافة حقوقه والتزاماته وعلى أن تباشر هذه الوزارة وفقا لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1944 كافة اختصاصات ذلك الصندوق المخولة له بمقتضى القانون المذكور كما نصت المادة الرابعة على أن يضاف فائض تصفية الصندوق المذكور الى أموال الدولة وترصد وزارة المالية والاقتصاد بميزانيتها السنوية الاعتمادات الضرورية للمعاشات والاعانات المنوحة أو التى ستمنح بموجب القانون المذكور. واستطرد الحكم الى القول بأن القانون رقم 192 لسنة 1954 لم يلغ نص المادة 22 من القانون رقم 80 لسنة 1944 التى سوت بين معاش المحامى المختلط وزميله المحامى الوطنى فى السنة المالية المقابلة، وأنه يتعين اعمالا لصريح هذا النص أن تدرج الجهة الادارية فى ميزانيتها المبالغ اللازمة لتحقيق هذه المساواة فى الموعد الذى حدده المشرع لنفاذ أحكام القانون وانه لا يسوغ للجهة الادارية أن تعطل تنفيذ أحكام القانون بسبب تراخيها فى ادراج الاعتمادات اللازمة خصوصا وأن المادة الرابعة من القانون رقم 192 لسنة 1954 قد أوجبت على وزارة المالية والاقتصاد أن ترصد فى ميزانيتها السنوية الاعتمادات الضرورية للمعاشات الممنوحة أو التى ستمنح بموجب القانون رقم 80 لسنة 1944 المشار اليه. ولا صحة لما ذهبت اليه الحكومة من أن القانون رقم 80 لسنة 1944 يقضى بأن يكون معاش المحامى 24 جنيها شهريا اذ لم يحدد القانون مقدار معاش التقاعد وانما نصت المادة 22 من القانون على أن يكون معاش المحامى المختلط مساويا لمعاش زميله المحامى الوطنى فى السنة المالية المقابلة.
وبعد أن فند الحكم المطعون فيه دفاع الحكومة على الوجه المتقدم بنى قضاءه برفض الدعوى على أن مناط الافادة من قرار الجمعية العمومية العادية للمحامين الصادر فى 16 من مارس سنة 1962 (بالموافقة على قرار مجلس النقابة بجلسته المنعقدة فى 2 من نوفمبر سنة 1961 برفع المعاش الكامل للمحامين الى أربعين جنيها) أن يكون المحامى مشتغلا فعلا بالمحاماة وقت صدوره، ذلك لأن قرار الجمعية العمومية لم يتضمن نصا صريحا بسريانه على الماضى وأن الأصل فى القوانين ألا تسرى على الماضى الا اذ تضمنت نصا صريحا يقضى بذلك وأنه من ثم فان القرار المشار اليه يسرى بأثره الحال المباشر على المحامين المشتغلين بالمحاماة فعلا عند صدوره والذين أحيلوا الى المعاش فى ظله. وأنه لما كان الثابت من أوراق الدعوى أن المدعى أحيل الى المعاش قبل صدور قرار الجمعية العمومية المشار اليه فانه لا يفيد من أحكامه.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله اذ جعل مناط الافادة من قرار الجمعية العمومية للمحامين أن يكون المحامى مشتغلا فعلا بالمحاماة وقت صدوره ذلك أن قرار الجمعية العمومية قد صدر عاما وشاملا بزيادة المعاش الى أربعين جنيها دون تفرقة بين طوائف المحامين ودون نص على قصر تطبيقه على المحامين المشتغلين فعلا هذا فضلا عن أن النقابة قد جرت فى تنفيذه على جميع المعاشات دون استثناء. وقد قدم الطاعن تأييدا لذلك شهادة صادرة من نقابة المحامين جاء بها أنه "بالكشف من سجلات نقابة المحامين اتضح أن الجمعية العمومية للمحامين قررت بجلستها المنعقدة فى 16 من مارس سنة 1962 الموافقة على قرار مجلس النقابة الصادر فى 2 من نوفمبر سنة 1961 برفع المعاش الكامل للمحامى الى أربعين جنيها ونفاذه من الشهر التالى لموافقة الجمعية العمومية. واعتبارا من أول أبريل سنة 1962 تقوم النقابة بالصرف على هذا الأساس للسادة المحامين وورثتهم الذين كانوا يتقاضون معاشا قبل ذلك التاريخ ولمن تقرر لهم معاش بعد ذلك التاريخ.
وقد دفعت الحكومة أمام دائرة فحص الطعون بعدم اختصاص القضاء الادارى بنظر الدعوى لعدم تعلقها بقرار ادارى مما يختص القضاء الادارى بطلب الغائه بمقولة أن الطاعن انما يطلب فى حقيقة الأمر الحكم بأحقيته فى معاش تقاعد قدره أربعون جنيها اعتبارا من أول أبريل سنة 1962 استنادا الى نص المادة 22 من القانون 80 لسنة 1944 بانشاء صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلط وبهذه المثابة تكون دعواه من دعاوى التسوية التى يستمد الطاعن حقه فيها - أن كان له أصل حق - من القانون مباشرة أما ما تصدره وزارة الخزانة بشأن هذا المعاش من أوامر أو تصرفات فليست مجرد أعمال تنفيذية مادية تهدف الى مجرد القانون على حالته وليست قرارات ادارية.
ومن حيث أن القرار الادارى هو افصاح الادارة عن أرأدتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد احداث أثر قانونى معين ابتغاء مصلحة عامة.
ومن حيث انه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن القرار التنظيمى العام يولد مراكز قانونية عامة أو مجردة بعكس القرار الفردى الذى ينشىء مركزا قانونيا خاصا لفرد معين وأنه اذا كان صحيحا أن القرار الفردى تطبيق أو تنفيذ للقانون فانه فى الوقت ذاته مصدر لمركز قانونى فردى أو خاص متميز عن المركز القانونى العام المجرد المتولد عن القانون ومن ثم فلا يمكن القول بأن العمل الادارى الذى يكون تطبيقا لنص عام مقيد لا ينشىء أو يعدل مركزا قانونيا لأن كل قرار ادارى منشئ لمركز قانونى هو فى الوقت ذاته تطبيق لقاعدة قانونية أعلا.
ومن حيث انه فى ضوء ما تقدم فان ما قامت به وزارة المالية من الامتناع عن رفع المعاش المقرر للطاعن لم يكن فى حقيقته عملا ماديا على نحو ما ذهبت المطعون ضدها وانما هو تصرف ارادى قصدت به الادارة الى انشاء مركز قانونى ضار بالطاعن وهو مركز متميز عن المركز القانونى العام المتولد من القاعدة التنظيمية التى وضعتها الجمعية العمومية للمحامين برفع المعاش ومن ثم فأن امتناع الوزارة عن تعديل معاش الطاعن على هذا الوجه يشكل قرارا اداريا سلبيا مما يختص القضاء الادارى بالنظر فى مشروعيته ويكون الدفع بعدم الاختصاص غير قائم على أساس سليم من القانون حقيقا بالرفض.
ومن حيث ان الطاعن أقام دعواه وطلب فى ختام صحيفتها الزام المطعون ضدها بأن تدفع له الفرق بين ما أدى اليه كمعاش للتقاعد وبين ما يستحقه قانونا من معاش اعتبارا من التاريخ المحدد فى قرار الجمعية العمومية للمحامين لرفع المعاشات وما يستجد... الا أنه عاد فى جلسات التحضير فحدد طلباته بطلب الغاء القرار السلبى بامتناع جهة الادارة عن منحه الفرق بين ما يحصل عليه وما يستحقه من معاش اعتبارا من أول أبريل سنة 1962 وما يترتب على ذلك من آثار. وجلى أن الطلب الذى ضمنه الطاعن صحيفة الدعوى ينطوى فى الواقع من الأمر على طلب الغاء القرار السلبى الممثل فى امتناع وزارة المالية عن رفع معاشه ولا يعد ما أبداه فى جلسات التحضير تعديلا للطلبات أو طلبا عارضا مما يلزم لقبوله ايداع عريضة الطلب سكرتيرية المحكمة أو التقدم به الى المحكمة بهيئتها الكاملة وانما هو تصويب للطلب ذاته واعطاؤه الوصف القانونى السليم. ومهما يكن من أمر خطأ المدعى فى تكييف دعواه فان من المسلم أن المحكمة لا تتقيد بهذا التكييف وعليها دائما أن تعطى الحق المطالب به الوصف القانونى السليم.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون اذ جعل مناط الافادة من قرار الجمعية العمومية للمحامين الصادر فى 16 من مارس سنة 1962 - برفع المعاش الكامل المقرر للمحامى الى أربعين جنيها - أن يكون المحامى مشتغلا فعلا بالمحاماة وقت صدوره بمقولة أن قرار الجمعية العمومية خلا من نص صريح على سريانه على الماضى.
ومن حيث ان الجمعية العمومية للمحامين استندت فى اصدار قرارها بزيادة المعاش الكامل المقرر للمحامى الى ما تنص عليه المادة 101 من القانون رقم 96 لسنة 1957 فى شأن تنظيم المحاماة أمام المحاكم من أن "تحدد الجمعية العمومية معاش التقاعد الذى يصرف للمحامى ولها بناء على اقتراح مجلس النقابة تعديل مقدار المعاش زيادة أو نقصا بحسب موارد الصندوق ومقتضيات الاحتياطى وتحديد ميعاد هذا التعديل وواضح أن هذا النص يخول الجمعية العمومية للمحامين - بحكم عموميته واطلاقه صلاحية اجراء التعديل فى مقدار المعاشات المقررة للمحامين زيادة أو نقصا سواء فى ذلك المعاشات التى قررت من قبل أو التى يتم تقريرها بعد نفاذ قرار الجمعية العمومية يؤيد ذلك صراحة نص القرار الصادر بالتعديل فى رفع المعاش الكامل للمحامى الى أربعين جنيها دون تفرقة بين المعاشات السابقة أو اللاحقة. كذلك فان التطبيق العملى قد دل على المفهوم الصحيح لهذا القرار.
ومن حيث أنه وفقا للمادة 22 من القانون رقم 80 لسنة 1944 بانشاء صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة فان أى تعديل تجريه الجمعية العمومية للمحامين الوطنيين فيما يتعلق بمقدار معاشات التقاعد تسرى بالتبع على المحامين الخاضعين لأحكام هذا القانون وتلتزم وزارة الخزانة طبقا لأحكام القانون رقم 92 لسنة 1954 (يحل صندوق المعاشات المشار اليه) بأن تدرج فى الميزانية الاعتمادات اللازمة لاداء المعاشات المقررة أو التى تقرر بمقتضى القانون ومن ثم فانه يحق للطاعن بوصفه من رجال المحاماة المختلطة الخاضعين لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1944 الاستفادة من التعديل الذى استحدثته الجمعية العمومية للمحامين بجلستها المنعقدة فى 16 من مارس سنة 1962 وذلك برفع معاشه الى أربعين جنيها اعتبارا من أول أبريل سنة 1962 تاريخ نفاذ هذا القرار ويكون القرار السلبى بالامتناع عن رفع المعاش مخالفا للقانون.
ومن حيث انه لما تقدم فان الحكم المطعون فيه غير قائم على أساس سليم حقيقا بالالغاء.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعى فى صرف فرق المعاش على أساس 40 جنيها فى الشهر (أربعون جنيها) اعتبارا من أول أبريل سنة 1962 وألزمت الحكومة بالمصروفات.