مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 374

(54)
جلسة 9 من مارس سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهرى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عبد الرؤوف محمد محيى الدين وعلى السيد على السيد ومحمد كمال سليمان أيوب والدكتور وليم سليمان قلادة - المستشارين.

الطعن رقم 770 لسنة 20 القضائية

اصلاح زراعى - تحديد المقصود بالأراضى الزراعية وأراضى البناء - التفسير التشريعى رقم 1 لسنة 1953 معدلا بالتفسير التشريعى رقم 1 لسنة 1963 - مفاد نص المادة الثالثة منه أن الأراضى فى البلاد والقرى التى لا تخضع لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضى المعدة للبناء لا تعتبر أرض بناء إلا إذا كانت هى أو ما عساه أن يكون قد أقيم عليها من بناء منبته الصلة باستغلال الأرض الزراعية وغير لازمة التحقيق الغرض من هذا الاستغلال - يشترط ألا تربطها بالأرض الزراعية أية علاقة تبعية بأى وجه من الوجوه - تطبيق لما يعتبر من الأراضى تابعا للأرض الزراعية ولازمة لخدمتها ويأخذ حكم الأراضى الزراعية فى مجال تطبيق قوانين الإصلاح الزراعى(1).


إجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق الثلاثين من مايو سنة 1974 أودع الأستاذ جاد العبد جاد المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد فى جدولها تحت رقم 770 لسنة 20 القضائية فى القرار الصادر من اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى بجلسة 31/ 3/ 1974 فى الاعتراض رقم 770 لسنة 1972 فيما قضى به من قبول الاعتراض شكلا وفى الموضوع برفضه، وطلب الطاعن للأسباب التى فصلها فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه باعتبار المساحة موضوع الطعن أرض بناء وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع الزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن جلسة 17/ 11/ 1976 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التى قررت بجلسة 21/ 12/ 1977 احالته الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره أمامها بجلسة 14/ 5/ 1978 وفيها وفيما تلاها من جلسات استمعت المحكمة الى ملاحظات الطرفين. وبجلسة 16/ 5/ 1978 أصدرت المحكمة حكما تمهيديا يقضى بقبول الطعن شكلا وقبل الفصل فى الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة تفصيلا بمنطوق هذا الحكم. ثم تداول الطعن بجلسات المحكمة الى أن أودع الخبير المنتدب تقريره فى الطعن، وطلب الطرفان بجلسة 15/ 12/ 1981 التعقيب على هذا التقرير، وبجلسة 12/ 1/ 1982 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم وصرحت بتقديم مذكرات لمن يشاء خلال اربعة أسابيع. وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان وقائع الطعن سبق بيانها تفصيلا بالحكم التمهيدى الصادر من هذه المحكمة بجلسة 16/ 5/ 1981، وفيه قضت المحكمة بقبول الطعن شكلا وتمهيديا وقبول الفصل فى الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين للاطلاع على الأوراق والانتقال الى الأرض محل النزاع لمعاينتها على الطبيعة وبيان حدودها ومعالمها وما هو مقام من أبنية وأوصافها والمساحة التى تشغلها وكيفية استغلالها، وبيان ما إذا كانت الأبنية المقامة على تلك الأرض الفضاء منها تابعا لأرض زراعية ولازما لخدمتها عند سريان أحكام كل من القانونين رقمى 127 لسنة 1961 و50 لسنة 1969 أو غير ذلك، على أن يكون للخبير المنتدب فى سبيل ذلك الاطلاع على ما يراه لازما من أوراق فى أية جهة كانت وسماع أقوال طرفى الخصومة وشهودهما ان وجدوا وما يرى سماع أقواله دون يمين، وفى الجملة اتخاذ كل إجراء يراه لازما للكشف عن حقيقة هذه المنازعة.
ومن حيث ان الخبير المنتدب باشر مهمته وأودع تقريره المؤرخ فى 3/ 11/ 1981، وورد تفصيلا فيه أن الأرض محل النزاع تقع بالجزء الشرقى القبلى من القطعة رقم 1 بحوض عزبة الحموى/ 226 بزمام ناحية الناصرية مركز الفيوم، وتبلغ جملة مساحتها من واقع قياسها على الطبيعة 16 س/ 6 ط/ 4 ف وليست 7 س/ 10 ط/ 3 ف كما ورد بتقرير الطعن. ويدخل ضمن هذه المساحة مبانى عزبة سليم الحموى البالغة 8 س/ 12 ط الموضحة على الخريطة المساحة 1/ 2500 التى عملت بمعرفة الهيئة المصرية العامة للمساحة سنة 1902. ويحد أرض النزاع من الناحية البحرية باقى القطعة رقم 1 بحوضه بطول 190 مترا، ومن الناحية الشرقية فاصل حوض بين المسقتين/ 127 بطول 151 مترا، ومن الناحية القبلية طريق حرم السكة الحديد (من الواسطى الى الفيوم) بطول 177 مترا، ومن الناحية الغربية باقى القطعة رقم/ 1 بحوضه وهى عبارة عن أرض بور مثلثة الشكل بطول 40 مترا. وأشار التقرير الى أن أرض النزاع تنقسم الى ثلاثة اجزاء، الأول عبارة عن أرض فضاء متروكة بدون زراعة ومساحتها حسب القياس بالطبيعة 17 س/ 12 ط/ 1 ف، وقد قرر وكيل الطاعن انها تستغل كجرن، والجزء الثانى ويقع فى منتصف أرض النزاع تبلغ مساحته حسب القياس بالطبيعة 16 س/ 12 ط/ 1 ف وهو مسور بالخارج، ويقع بالجزء البحرى فيه فيلا مبنية بالطوب الأحمر على مساحة قيراط واحد تقريبا، وهو تستغل كاستراحة للطاعن، ويشمل هذا الجزء أيضا أربعة زرايب للمواشى وغرفة لتربية الطيور وأخرى للجمال، وغرفة تستعمل مخزنا لعلف المواشى، وغرفة أخرى كمخزن للكيماوى والاسمدة، والباقى أرض فضاء بها جرارين زراعيين وماكينة دراس للأرز تخص نجل الطاعن. والجزء الثالث والأخير تبلغ مساحته 7 س/ 5 ط/ 1 ف مقام عليه العديد من منازل الفلاحين، ويقع بداخل هذه المنازل حجرات معيشة للفلاحين المقيمين بها وزرايب لمواشيهم وحيواناتهم المختلفة، وهى مقامة بالطوب ومسقفة بالبوص، وقرروا انهم يقيمون بها من زمن بعيد، ويحيط منطقة المبانى اعمدة كهربائية أنشئت سنة 1975. كما أشار التقرير الى انه يوجد بالجهة الغربية التى تحد أرض النزاع حنفية مياه عمومية لتغذية السكان من الفلاحين ومنشأة حوالى سنة 1962 تقريبا، وقد قرر الفلاحون الذين يقطنون بهذه المنازل أنهم يعملون فى زراعة الأرض المواجه لمساكنهم ملك الطاعن وأيضا يعملون فى أرض الإصلاح الزراعى المجاورة للمنطقة، وقرر وكيل الطاعن ان الطاعن لا يحصل على أجرة من الفلاحين لقاء سكناهم فى هذه المنازل، وان المساحة المقام عليها هذه المنازل يسدد عنها ضريبة أطيان زراعية. وخلص التقرير من كل ذلك أن أرض النزاع جميعها بما فيها الأرض الفضاء وتلك المقام عليها المبانى ومنازل الفلاحين لازمة جميعها لخدمة الأراضى الزراعية المملوكة للطاعن وأسرته قبل سريان أحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 والقانون رقم 50 لسنة 1969.
ومن حيث أن الطاعن عقب على هذا التقرير بمذكرة حاصلها ان تقرير الخبير أثبت أن المبانى الواقعة بأرض النزاع تكون قرية تسمى بعزبة سليم الحموى ومقامة منذ زمن بعيد طبقا لما ورد بالخريطة المساحة سنة 1902، وتقع القرية على طريق عام مجاور لشريط السكة الحديد من الفيوم إلى الواسطى وأن العزبة اتسعت بعد ذلك تبعا للنمو العمرانى، وهى مضاءة بالكهرباء ومزودة بالمياه النقية وأن باقى المساحة عبارة عن أرض فضاء تقع داخل هذه الكتلة السكنية وتعتبر والحالة هذه من أراضى البناء، وأيضا المساحة المخصصة منها لسكن المالك. كما تضمنت المذكرة ان الفلاحين الذين يسكنون هذه المنازل يعملون لحسابهم الخاص، وان هذه المساكن مخصصة لخدمتهم أنفسهم وليس لخدمة الأرض المملوكة للطاعن، وبالتالى لا تعتبر المساكن المشار اليها المقامة على أرض النزاع تابعة لخدمة أراضى الطاعن حتى تعتبر ملحقة بهذه الأراضى وتأخذ حكمها حسبما تتطلب الفقرة الثالثة من التفسير التشريعى رقم (1) لسنة 1963 ولكى تعتبر بهذه المثابة من قبيل الأرض الزراعية، وانتهت المذكرة الى تصميم الطاعن على طلباته الواردة بصحيفة الطعن.
ومن حيث ان التفسير التشريعى رقم (1) لسنة 1953 المعدل بالقرار رقم (1) لسنة 1963 ينص فى مادته الثالثة على أنه "لا تعتبر أرضا زراعية فى تطبيق أحكام المادة الأولى من قانون الاصلاح الزراعى"... 3 - أراضى البناء فى القرى والبلاد التى لا تخضع لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضى المعدة للبناء وذلك اذا كان مقاما عليها بناء غير تابع لأرض زراعية ولازم لخدمتها، أو إذا كانت أرض فضاء تابعة لبناء غير تابع لأرض زراعية ولازم لخدمتها بتبعية تجعلها مرفقا له وملحقا به..." والمستفاد من هذا النص أن الأرض فى البلاد والقرى التى لا تخضع لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضى المعدة للبناء، لا تعتبر أرض بناء الا اذا كانت هى أو ما عساه أن يكون قد أقيم عليها من بناء منبتة الصلة باستغلال الأراضى الزراعية وغير لازمة لتحقيق الغرض من هذا الاستغلال، وبالتالى لا تربطها بهذه الأرض علاقة تبعية بأى وجه من الوجوه. والثابت بيقين من مطالعة تقرير الخبير ان الأرض محل النزاع عبارة عن ثلاثة اجزاء الأول منها ومقداره 17 س/ 12 ط/ 1 ف أرض فضاء تستغل جرنا للحاصلات الزراعية المتعلقة بأطيان الطاعن، والجزء الثانى ومقداره 16 س/ 12 ط/ 1 ف يحوى استراحة للطاعن وزرايب لمواشيه ومخازن لعلف هذه المواشى وأخرى للأسمدة الكيماوية المتعلقة بزراعته، والجزء الأخير ومقداره 7 س/ 5 ط/ 1 ف يشمل عدة منازل لسكنى الفلاحين الذين يقيمون فيها بدون مقابل ويقومون حسب ما جاء بأقوالهم بالعمل فى أراضى الطاعن بجانب عملهم بأرض الاصلاح الزراعى، وجميع ذلك يقطع فى أن أرض النزاع تعتبر تابعة لباقى أراضى الطاعن الزراعية ولازمة لخدمتها تبعية تجعلها مرفقا لها وملحقة بها وتأخذ بهذه المثابة حكمها، وتعتبر بذلك أرضا زراعية فى تطبيق أحكام قانون الاصلاح الزراعى وعلى مقتضى ذلك يكون طلب الطاعن اعتبار هذه الأرض من أراضى البناء وما يترتب على ذلك من آثار غير قائم على أساس سليم من القانون أو الواقع متعين الرفض.
ومن حيث ان الطاعن وقد خسر الطعن فانه يلزم بمصروفاته عملا بنص المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.


(1) يراجع الحكم الصادر فى الطعن رقم 137 لسنة 19 ق جلسة 27/ 4/ 1976.