مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 379

(55)
جلسة 9 من مارس سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهرى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عبد الرؤوف محمد محيى الدين وعلى السيد على السيد ومحمد كمال سليمان أيوب والدكتور وليم سليمان قلادة - المستشارين.

الطعن رقم 606 لسنة 23 القضائية

اصلاح زراعى - القانون رقم 50 لسنة 1969 - الدفع بعدم دستوريته - قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 9 لسنة 4 بدستورية القانون رقم 50 لسنة 1969 - المادة الثانية من القانون رقم 50 لسنة 1969 ومذكرته الإيضاحية - تحديد مدلول الأسرة - المشرع عرف الأسرة فى تطبيق أحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 بأنها تشمل الزوج وزوجاته جميعا الباقيات على ذمته وأولاده القصر كلهم سواء كانوا من زوجاته الموجودات أو من زواج سابق حتمى ولو كانوا متزوجين - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 2/ 6/ 1977 أودع الأستاذ عبد الحليم رمضان المحامى قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 606 لسنة 23 ق عليا، فى الحكم الصادر بجلسة 28/ 12/ 1976 من محكمة القضاء الإدارى (الدائرة الأولى/ هيئة منازعات الأفراد) فى الدعوى رقم 361 لسنة 26 القضائية القاضى بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا والزام المدعى المصروفات. وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم:
أولا: بقبول الطعن شكلا.
ثانيا: بالغاء الحكم المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن شاملا كافة آثاره وايقاف تنفيذ وإلغاء قرار الاستيلاء موضوع منازعة الطالبين والمدعى عليهم بكل ما يترتب عليه من آثار والزامهم أن يؤدوا التعويض المؤقت المطلوب منهم وقدره قرش صاغ واحد مع جميع مصروفات التقاضى شاملة مقابل أتعاب المحاماة. واحتياطيا: بعد الغاء الحكم المطعون فيه وكافة آثاره - الحكم بقبول طلب الطالبين وقف الفصل فى دعواهم ابتدائيا انتظارا لصدور حكم نهائى فى الدعوى رقم 4317 سنة 1975 مدنى كلى جنوب القاهرة - وإحالة الأوراق الى محكمة القضاء الإدارى للحكم مجددا فى دعواهم من دائرة أخرى غير الدائرة التى أصدرت الحكم المطعون فيه على هدى ما انتهى اليه قضاء الدعوى رقم 4317 لسنة 1975 مدنى كلى جنوب القاهرة انتهائيا مع الزام المقدم ضدهم جميع مصروفات درجات التقاضى شاملة مقابل أتعاب المحاماه مع شمول أحكام الطعن بالنفاذ المعجل وبلا كفالة والأمر بتنفيذها بموجب مسوداتها وبدون اعلان بالتطبيق لنص المادة 286 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وتم تحضير الطعن وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها القانونى انتهت فيه الى طلب الحكم أصليا: بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محكمة القضاء الادارى بمجلس الدولة بنظر هذه الدعوى مع الزام الطاعنين المصروفات - واحتياطيا بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه مع الزام رافعه بالمصروفات.
وبعد اتخاذ الاجراءات القانونية ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى قررت بجلسة 2/ 12/ 1981 إحالته الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 29/ 2/ 1981 وفيها وفى الجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن الحكم المطعون فيه قد صدر فى 28/ 12/ 1976 وأن الطاعنين تقدموا فى 30/ 1/ 1977 بالطلب رقم 44 لسنة 23 معافاة الى لجنة المساعدة القضائية بمجلس الدولة لاعفائهم من رسوم الطعن فقررت بجلسة 4/ 4/ 1977 رفض هذا الطلب، فتقدم الطاعنون بالطعن الماثل فى 2/ 6/ 1977 - وبذلك تكون اجراءات الطعن قد تمت فى المواعيد المقررة قانونا.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل فيما أبداه الطاعنون من أن الدولة اتجهت الى وضع حد أقصى لملكية الأراضى الزراعية فأصدرت المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالاصلاح الزراعى لتجعل الحد الأقصى لملكية الفرد مائتى فدان وأتبعته بالقانون رقم 24 لسنة 1958 لتجعل ملكية الأسرة ثلاثمائة فدان، ثم أصدرت القانون رقم 127 لسنة 1961 لتجعل الحد الأقصى لملكية الفرد بالغا كان أو قاصرا مائة فدان بحسبان ان ذلك القدر لا يعتبر من الملكيات المستغلة أو التى تفتح الباب للاستغلال وفى 21 من مايو سنة 1962 أقر المؤتمر الوطنى للقوى الشعبية مشروع ميثاق قدمه رئيس الجمهورية وقد تضمن الباب السادس منه ان قوانين الاصلاح الزراعى قد انتهت بوضع حد أعلى لملكية الفرد لا يتجاوز مائة فدان وأن روح القانون تفرض ان يكون هذا الحد شاملا الأسرة كلها (الأب والأم والأولاد القصر) حتى لا تتجمع الملكيات فى نطاق الحد الأعلى لتسمح بنوع من الاقطاع وأن التوصل الى ذلك يمكن أن يتم للأفراد خلال الثمانى سنوات القادمة (أى من 21/ 5/ 1962 الى 21/ 5/ 1970) بأن تقوم الأسر التى ينطبق عليها حكم القانون وروحه ببيع الأراضى الزائدة عن هذا الحد بثمن نقدى الى الجمعيات التعاونية لاصلاح الزراعى أو للغير وأضاف الطاعنون انهم رتبوا أمورهم على ذلك واطمأنت به نفوسهم - وعزموا على التصرف فى الزائد لديهم خلال الثمانى سنوات المشار اليها، الا أن الشارع خرج على أحكام الميثاق باصدار القانون رقم 50 لسنة 1969 قبل أن تنتهى الثمانى سنوات وترتب على ذلك قيام الهيئة العامة للاصلاح الزراعى بالاستيلاء على 8 س/ 18 ط/ 106 ف من أملاك الطاعنين باعتبارها زائدة على النصاب الجائز للأسرة تملكه قانونا - الأمر الذى اضطرهم الى رفع الدعوى رقم 361 لسنة 26 ق أمام محكمة القضاء الادارى بمجلس الدولة لتحكم أولا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الإصلاح الزراعى بالاستيلاء المؤقت على مساحة 8 س/ 18 ط/ 106 ف بناحية جزيرة شارونه مركز مغاغه أبو جرح مركز بنى مزار وما يترتب على ذلك من آثار. ثانيا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار مع الزام الحكومة بأن تدفع للمدعين تعويضا مؤقتا قدره قرش صاغ عن الأضرار المادية التى أصابتهم من جراء القرار المطعون فيه مع الزامها بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وبنوا ذلك على ما يأتى:
أولا: أن الطاعن الأول كان سيبلغ سن الرشد فى 15/ 6/ 1969 وبذلك كان سيخرج عن نطاق الأسرة فلا تحتسب ملكيته ضمن ملكية الأسرة اعتبارا من تاريخ بلوغه سن الرشد فى 21/ 5/ 1970 قبل نهاية الثمانى سنوات التى حددها الميثاق - وكذلك الحال بالنسبة للمرحومة عديلة سيد محمد قرش (والدة المدعى الأول) والمتوفاه فى 27/ 3/ 1970 فقد كانت بصدد توفيق أوضاع ملكيتها فى نطاق أسرتها.
ثانيا: أن القانون رقم 50 لسنة 1969 شابته عيوب كثيرة تنحدر به إلى درجة الانعدام أهمها استناده الى القانون رقم 15 لسنة 1967 وهو قانون يفتقد مشروعيته الدستورية كما أنه جاء بأحكام مخالفة للميثاق الوطنى الصادر فى 21/ 5/ 1962 - واذ تم الاستيلاء بقرار ادارى أصدرته الجهة الادارية مستندة الى أحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 وهو قانون يفتقد مشروعيته على نحو ما فصله الطاعنون فى تقرير الطعن أمام المحكمة القضاء الإدارى فان قرار الاستيلاء هو الآخر يكون منعدما.
ثالثا: أن هذا الاستيلاء فى ذاته قد بنى على تفسير خاطئ للقانون المذكور اذ اعتبر تعدد الزوجات للرجل الواحد يأخذ حكم الأسرة الواحدة والحال أن المدعى الرابع كان وقت صدور القانون رقم 50 لسنة 1969 متزوجا من المدعيين الثانية (فوزية محمد عبد الله) والثالثة (كريمة توفيق محمد) - والمرحومة عديلة سيد محمد قرش التى توفيت فى 27/ 3/ 1970 وانحصر ميراثها فى المدعى الرابع وأبنائها وهم مجدى (المدعى الأول) ومصطفى وعبد الصمد وآمنه وإيمان ومنتصر وآمال وسمير ورضا - كما رزق المدعى الرابع من زوجته المدعية الثانية بأولادها محمد ومحمود وعبد اللطيف وفاطمة وابراهيم وعلى وعمر ورضى - ورزق من المدعية الثالثة أحمد ويسين وحسين وساريه وعبد الوهاب - وبذا بلغ عدد أفراد المدعيين جميعا وقت صدور القانون 50/ 1969 خمسة وعشرين فردا - اعتبرهم القرار المطعون فيه أسرة واحدة فى تطبيق أحكام هذا القانون - رغم تعدد زوجات رب الأسرة على اعتبار أن لفظ الزوجة الوارد فى المادة الثانية من القانون ينصرف الى النوع وتندرج تحته الأسرة التى يكون للزوج فيها أكثر من زوجة واحدة وهو ما لا يتفق والتفسير السليم وبما فى قصد الشارع.
واذ رأت محكمة القضاء الادارى أنه لا يتسنى الفصل فى النزاع الا فى ضوء الفصل فى الدفع بعدم دستورية القانون رقم 50 لسنة 1969 لما قدمه المدعون من أسانيد تضفى على هذا الدفع صفة الجدية - فقد قضت بجلسة 29/ 5/ 1973 بوقف الفصل فى الدعوى حتى تفصل المحكمة العليا فى الدفع المثار من المدعيين بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 50/ 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد فى الأراضى الزراعية وما فى حكمها - والقانون رقم 15 لسنة 1967 بتفويض رئيس الجمهورية فى اصدار قرارات لها قوة القانون - وحددت للمدعيين ميعاد ثلاثة أشهر لرفع الدعوى أمام المحكمة العليا فتقدم المدعون بالدعوى رقم 9 لسنة 4 ق أمام المحكمة العليا بطلب الحكم بعدم دستورية القانون رقم 15 لسنة 1967 وقرار رئيس الجمهورية رقم 50 لسنة 1969 المشار اليهما - فقضت المحكمة العليا بجلسة الخامس من ابريل سنة 1975 برفض الدعوى.
وفى مذكرة المدعيين المقدمة لجلسة الحكم ذكروا أن المحكمة العليا أنشئت بالقانون رقم 81 لسنة 1969 الصادر بقرار من رئيس الجمهورية استنادا الى التفويض الصادر اليه بالقانون رقم 15 لسنة 1967 وأنهم رفعوا الدعوى المدنية رقم 4317 لسنة 1975 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم ببطلان وانعدام حكم المحكمة العليا الصادر فى دعواهم رقم 9 لسنة 4 ق وأجلت لجلسة 28/ 11/ 1976 وأن هذه الدعوى الأخيرة تستوجب وقف الدعوى الماثلة حتى يقضى فيها. وقدمت الحكومة مذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لاختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى بالمنازعات الخاصة بما يجب الاستيلاء عليه وطلبت رفض الدعوى باشطارها جميعا.
وبجلسة 28 من ديسمبر سنة 1976 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه والقاضى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات وبنت قضاءها فيما يتعلق بعدم الاختصاص على ان حكمها الصادر بوقف الدعوى فى 19/ 5/ 1972 قد عرض فى أسبابه لدفاع المدعيين عن اختصاص المحكمة ثم قضى بوقف الفصل فيها حتى تفصل المحكمة العليا فى الدفع بعدم دستورية الأمر الذى يعتبر معه أن المحكمة قطعت باختصاصها بنظر الدعوى بما لا وجه معه لاثارة الدفع من جديد فى ذات الدعوى - أما ما يتعلق بعدم دستورية القانون رقم 15 لسنة 1967 والقرار الجمهورى بالقانون رقم 50 لسنة 1969 - وهو الأساس الذى بنى عليه المدعون دعواهم فقد انهار بقضاء المحكمة العليا فى الدعوى رقم 9/ 4 ق برفضها استنادا الى دستورية كل من القانونين سالفى الذكر وبذلك ينهار هذا السبب من أسباب الطعن أما استنادهم فى طعنهم الى الخطأ فى تفسير القانون رقم 50 لسنة 1969 لاعتباره الأسرة الواحدة تضم الأزواج والأولاد القصر على الرغم من تعدد الزوجات حيث كان للمدعى ثلاث زوجات له من كل منهن أولاد بينما كان الواجب اعتبار كل زوجة وأولادها أسرة فان نص المادة الثانية من القانون رقم 50 لسنة 1969 قضت بأنه فى تطبيق أحكام هذا القانون تشمل الأسرة الزوج والزوجة والأولاد القصر ولو كانوا متزوجين وأن يحسب ضمن أسرة الزوج أولاده القصر من زواج سابق كما نصت المذكرة الايضاحية للقانون على أنه اذا كان التعبير بلفظ الزوجة ينصرف الى النوع فانه يندرج تحت هذا التعريف الأسرة التى يكون للزوج فيها أكثر من زوجة - وان مفاد ذلك أن المشرع قد عرف الأسرة فى تطبيق أحكام هذا القانون انها تشمل الزوج وزوجاته جميعا الباقيات على ذمته وأولاده القصر كلهم سواء كانوا من زوجاته الموجودات أو من زواج سابق وحتى لو كانوا متزوجين وبذلك ينهار السند الذى بنى المدعون طعنهم عليه مما يجدر معه رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لانهيار ركن الجدية فيه، ورفض دعوى الغاء هذا القرار لقيامها على غير أساس من القانون، ورفض طلب التعويض لانهيار ركن الخطأ الموجب للتعويض. وأخيرا عن طلب وقف الدعوى حتى يبت فى الدعوى التى أقامها المدعون أمام المحاكم المدنية بتقرير بطلان حكم المحكمة العليا الصادر ضدهم فى الدعوى رقم 9 لسنة 4 ق - فقد رأت المحكمة انه قد وضح لها من أوجه الدفاع التى قدمها المدعون فى جميع أطوارها ان السبيل الجديد الذى انتهجه المدعون لاسقاط حجية الأمر المقضى به للحكم الصادر من المحكمة العليا غير جدى ولم يقصد به إلا تعطيل الفصل فى الدعوى بغير سند صحيح من القانون مما يتعين معه الالتفات عنه لعدم جديته.
ومن حيث ان ما انتهت اليه محكمة القضاء الادارى فى حكمها المطعون فيه قد بنى على أسباب سائغة تؤدى اليه ومن ثم تأخذ به هذه المحكمة أسبابا لها ويكون الطعن بذلك قد بنى على غير أساس سليم من القانون متعينا الحكم برفضه، وإلزام الطاعنين المصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعنين المصروفات.