مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 22 نوفمبر سنة 1945 لغاية 9 يونيه سنة 1949) - صـ 673

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1948

برياسة حضرة محمد المفتى الجزايرلى بك وحضور حضرات: أحمد حلمى بك وعبد الرحيم غنيم بك ومحمد عزمى بك وعبد العزيز محمد بك المستشارين.

(346)
القضية رقم 89 سنة 17 القضائية

مجالس محلية. موظف بها. خضوعه من حيث سن التقاعد للائحة صندوق الادخار الصادر بها قرار وزير الداخلية فى 28 من أغسطس سنة 1945.
المجالس المحلية ليست جهات حكومية، فهى بمقتضى المادة الرابعة من اللائحة الأساسية لها الصادرة فى 14 من يوليه سنة 1909 تؤدى اختصاصاتها على مسؤوليتها بلا ارتباط أو ضمان من قبل الحكومة، ولها ميزانية خاصة مستقلة عن ميزانية الدولة تربط عليها مرتبات موظفيها ونفقاتها الأخرى. وإذ كان قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 ينص فى المادة 67 منه على أن أحكامه لا تسرى إلا على الموظفين والعمال المربوطة أجورهم على ميزانية الدولة العامة، فالموظف الذى دخل خدمة الحكومة بعقد ثم شطب اسمه من عداد موظفيها نتيجة لإلغاء وظيفته أو إعمالاً لنصوص عقد استخدامه وألحق بأحد المجالس المحلية واستمر يعمل فيه، يصبح محروماً من الانتفاع بأحكام ذلك القانون، ويكون خاضعاً من حيث تقاعده إلى لائحة صندوق الادخار الخاصة بموظفى المجالس المحلية المختلطة الصادرة فى 14 يونيه سنة 1913 والصادر بسريانها على موظفى المجالس المحلية قرار وزير الداخلية فى 28 من أغسطس سنة 1915.


الوقائع

فى 12 من مايو سنة 1947 طعن الطاعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف مصر الصادر فى 9 من مارس سنة 1947 فى الاستئناف رقم 864 س ق 62 بإلغاء حكم محكمة مصر الابتدائية (فى القضية رقم 1746 سنة 1944 كلى الصادر فى 29 من مارس سنة 1945 برفض دعوى المدعى وإلزامه بالمصروفات ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة) وإلزام مجلس محلى جرجا بأن يدفع إلى المستأنف مبلغ 35 جنيها و910 مليمات والمصروفات المناسبة عن الدرجتين الخ الخ.
وفى 15 من مايو سنة 1947 أعلن المطعون عليهم بتقارير الطعن الخ الخ.


المحكمة

حيث إنه (الطعن) بنى على سببين محصل أولهما أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعن بالمطالبة بالتضمينات لفصله من الخدمة قبل بلوغه سن الخامسة والستين إعمالاً فيها لأحكام لائحة صندوق الادخار الذى أنشئ فى سنة 1913 لموظفى المجالس المحلية المختلطة ثم طبق على المجالس المحلية بقرار من وزير الداخلية فى 28 أغسطس سنة 1915 يكون قد خالف القانون العام الذى ينظم الرابطة بين الموظف والحكومة وقانون عقد استخدام الطاعن المبرم فى فبراير سنة 1913، وكلاهما يخوله الحق فى المعاملة على مقتضى أحكام قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 من حيث السن الذى يفصل عند بلوغه من الخدمة. ذلك أنه دخل خدمة الحكومة فى سنة 1910 فى ظل هذا القانون وتحت حماية أحكامه. ثم أبرم بينه وبين وزارة الأشغال عقد استخدام تاريخه سنة 1913 نص فى المادة الثامنة منه على أنه لا يكون له حق فى معاش أو مكافأة على مقتضى قانون المعاشات الملكية المعمول به أو بأى صفة أخرى إلا ضمن حدود الأحكام الخصوصية التى قد ينص عليها القانون المذكور بخصوص المكافآت للمستخدمين الظهورات أو المؤقتين ولعائلاتهم. وقد نصت المادة 14 من القانون رقم 5 لسنة 1909 على أن يرفت المستخدمون المؤقتون والخدمة الخارجون عن هيئة العمال متى بلغوا سن الخامسة والستين من سنهم ما لم يرخص لهم ناظر المالية بالبقاء فى الخدمة لمدة معينة بناءً على طلبهم، ومع ذلك يجوز فى أى حال من الأحوال إبقاؤهم فى الخدمة بعد سن السبعين. وقد تجدد العقد لمدة تنتهى فى ديسمبر سنة 1914 وفى أثناء ذلك صدر قرار وزير الداخلية فى 13 من مايو سنة 1914 بإلغاء مجلس تنظيم ملوى وتتبيع موظفيه إلى مجلس محلى ملوى، وظل الطاعن يتنقل من مجلس لآخر حتى شهر يوليو سنة 1935 فاضطر مكرهاً لأن يشترك فى صندوق الادخار إلا أن ذلك لا يخرجه من حماية قانون المعاشات الذى دخل الخدمة وقدر له مبلغ المكافأة على أساسه، لأن الغرض من إنشاء صناديق الادخار ليس إلا تدبير المال اللازم للمجالس البلدية أو المحلية لصرف مكافآت المستخدمين الذين يتبعونها وليست لائحة إنشائه لائحة استخدام. ولا يمكن أن يكون لقرار وزير الداخلية بإنشاء هذا الصندوق أى أثر قانونى بغير ما ورد فى قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 أو غيره من القوانين المنظمة لعلاقة الموظف بالحكومة. ومع ذلك فإن هذه اللائحة لم تحدد سناً للتقاعد، وما ورد فى المادة الثامنة منها فى هذا الشأن ليس مقصوداً به تعيين سن التقاعد بل تنظيم تصفية حساب المشتركين فى الصندوق.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ أسس قضاءه فى الدعوى على أن سن التقاعد عن الخدمة بالنسبة إلى الطاعن هو الستون استند إلى أن العقد المبرم بين الحكومة والطاعن قد انقضى بتعيينه فى مجلس محلى ملوى فى أول مايو سنة 1914 فلا حق له فى طلب المعاملة على مقتضى قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 وإلى أن الطاعن إنما يخضع من حيث تحديد سن تقاعده إلى لائحة صندوق الادخار الصادر بها قرار وزير الداخلية فى 28 أغسطس سنة 1915 وفقاً للمادة الثامنة منها.
ومن حيث إنه فى 13 من مايو سنة 1914 أصدر وزير الداخلية قراراً بإلغاء مجلس تنظيم بندر ملوى الذى كان الطاعن يعمل به وبتتبيع موظفيه بمجلس محلى ملوى وبأن المجلس الأخير أصبح هو المكلف بصرف ماهيات العمال والمكتب وخلافه من ميزانيته اعتباراً من أول مايو سنة 1914، وأنه بسبب هذا التتبيع زيد مبلغ 195 جنيهاً على الإعانة المقررة للمجلس سنوياً. ثم أصدر وزير الداخلية قراراً تاريخه 26 من مايو سنة 1914 بشطب اسم الطاعن من عداد موظفى الحكومة. وسواء أكان هذا فصلاً نتيجة لإلغاء وظيفة الطاعن من ميزانية الدولة أم إعمالاً لنص البند الثالث من عقد الاستخدام الذى يخول وزير الداخلية حق الاستغناء عن خدمة الطاعن فى أى وقت بعد إعلان كتابى سابق بمدة شهر، وقد قبله الطاعن وظل يؤدى عمله بعد ذلك سنوات عدة، فإن القرار المذكور ينهى على كل حال عقد الاستخدام المبرم بينه وبين الحكومة. إذ ليست المجالس المحلية جهات حكومية فهى - بمقتضى المادة الرابعة من اللائحة الأساسية لها الصادرة فى 14 من يوليو سنة 1909 - تؤدى اختصاصاتها على مسؤوليتها بلا ارتباط أو ضمان من قبل الحكومة ولها ميزانية خاصة مستقلة عن ميزانية الدولة تربط عليها مرتبات موظفيها ونفقاتها الأخرى. وقد برز هذا المعنى صريحاً فى القرار بإنشاء مجلس محلى ملوى كما تقدم. ومؤدى انقضاء عقد الاستخدام بين الطاعن والحكومة فى 26 من مايو سنة 1914 أن لا يجوز الاستناد إليه فيما أحال به على المعاملة بأحكام قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 الذى كان قائماً عند التعاقد. ومؤدى ذلك أيضاً أن يصبح الطاعن بالتحاقه بخدمة المجالس المحلية محروماً من الانتفاع بأحكام هذا القانون وفقاً لنص المادة 67 منه التى نصت على أن لا تسرى أحكامه إلا على الموظفين والعمال المربوطة أجورهم على ميزانية الدولة العامة.
ومن حيث إن الطاعن قد اشترك فى صندوق الادخار وقد أثبت الحكم المطعون فيه بأدلة سائغة أنه لم يكره على هذا الاشتراك كما يزعم. وإذا كانت اللائحة الصادرة فى 14 من يونيو سنة 1913 فى شأن موظفى المجالس المحلية المختلطة والتى صدر بسريانها على موظفى المجالس المحلية قرار وزير الداخلية فى 28 من أغسطس سنة 1915 وضعت نظاماً خاصاً لهؤلاء الموظفين ينظم مكافآتهم عند تقاعدهم عن العمل والشروط الواجب توافرها فيهم والإجراءات الواجب عليهم اتباعها، قائمة فى ذلك مقام قانون المعاشات بالنسبة لموظفى الحكومة، فقد كان طبيعياً أن تنص على سن التقاعد لموظفيها وإلا لأصبح الأمر فيه بلا ضابط بعد أن انقطعت صلتهم بقانون المعاشات كما تقدم. ومن ثم نصت المادة الثامنة من هذه اللائحة على أن تكون سن الإحالة إلى المعاش هى الستين. وهو نص صريح لا لبس فيه فى صدد تعيين سن التقاعد. ولا يمكن أن يشكك فى ذلك أنه ورد فى باب تصفية حصة الموظفين فى صندوق الادخار فقد ورد فى الباب نفسه النص على سن التقاعد فى كل من لائحة صندوق الادخار لموظفى مجالس المديريات ولائحة الادخار لرؤساء ورئيسات ومعلمى ومعلمات التعليم الإلزامى وهما اللتان يستند إليهما الطاعن.
ومن حيث إنه لا محل للاعتراض بأن اللائحة المذكورة وقد صدرت بقرار من وزير الداخلية لا يمكن أن تبدل حكم قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 فهو اعتراض ساقط الأساس إذ أنه لا يقوم إلا على زعم أن قانون المعاشات سار على هؤلاء الموظفين، وقد تقدم قبل أن ذلك غير صحيح وأنهم معاملون بتلك اللائحة التى هى نظام خاص بهم قبلوا التعامل بها والاشتراك فى صندوق الادخار على أساسها فهى قانون اتفاقهم. ولا محل كذلك للاستناد إلى المنشور الصادر من الإدارة العامة للبلديات إلى المجالس المحلية فى فبراير سنة 1941 للقول بأن هذه المجالس تتبع كادر موظفى الحكومة ونظمها، فهذا المنشور إن دل على شئ فعلى أن موظفى المجالس المحلية ليسوا فى عداد موظفى الدولة فلا ينطبق عليهم الكادر الخاص بهؤلاء الموظفين بل يوضع لهم كادر على غراره، ثم إن معاملتهم بكادر موظفى الحكومة أو بما يوضع على غراره ليس معناها أن يعاملوا بقانون المعاشات الذى هو أمر آخر مستقل عن كادر التوظف.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الحكم - إذ قال بعدم معاملة الطاعن بقانون المعاشات بل بلائحة الادخار وبأن سن تقاعده عن الخدمة هو الستون - يكون لم يخالف القانون، ويكون هذا السبب الأول من الطعن مرفوضاً.