مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 436

(64)
جلسة 4 من ابريل سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبى يوسف وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى عبد الفتاح سليم البشرى وعبد الفتاح محمد إبراهيم صقر ومحمد فؤاد الشعراوى وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 83 لسنة 25 القضائية

( أ ) حكم - طعن - مصلحة - هيئة مفوضى الدولة - تقرير - رئيس هيئة مفوضى الدولة - اختصاصه فى الطعن - دفع بانتفاء المصلحة فى الطعن.
مقتضى المادة 27 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 أن يقوم مفوض الدولة بتهيئة الدعوى للمرافعة وعليه إعداد التقرير محددا الوقائع والمسائل القانونية التى يثيرها النزاع ويبدى رأيه مسببا - ومقتضى المادة 23 من القانون سالف الذكر أن يكون اختصاص الطعن فى الأحكام الى المحاكم الأعلى لرئيس هيئة مفوضى الدولة طالما أنه وجد أن هناك من الأسباب التى اشتملتها المادة سالفة الذكر ما يوجب عليه ذلك - غنى عن البيان أن هيئة مفوضى الدولة إنما تقوم بالطعن فى الأحكام ابتغاء المصلحة العامة - نتيجة ذلك: أن لهيئة المفوضين أن تتقدم بطلبات أو أسباب جديدة غير تلك التى أبدتها أمام المحكمة فى أية درجة ما دامت ترى فى ذلك وجه المصلحة بانزال حكم القانون على الوجه الصحيح فى المنازعة الإدارية - لمفوض الدولة أمام المحكمة الادارية العليا عند تهيئة الطعن للمرافعة واعداد التقرير فيه أن يبدى الرأى على استقلال غير مقيد بما ورد من رأى أو أسباب فى تقرير الطعن بابدائه أسبابا جديدة وبطلبات أخرى غير ما اشتمله تقرير الطعن - أساس ذلك - تطبيق: دفع المطعون ضده بعدم جواز نظر الطعن أو بعدم قبوله لانتفاء المصلحة بعد أن أقرت هيئة مفوضى الدولة باختصاص المحكمة بنظر الدعوى والفصل فى طلبات المطعون ضده بعد تعديلها لا يقبل منها بعد ذلك الطعن فى هذا الحكم على هذا الأساس - هذا الدفع فى غير محله حقيقا بالرفض - طعن رئيس مفوضى الدولة على الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بمقولة انه اخطأ فى تطبيق القانون حين حكم باختصاصه بنظر الدعوى المطروحة - الطعن أقيم من مختص ومن ذوى مصلحة قانونية.
(ب) مجلس الدولة - اختصاص - طلبات فى الدعوى - تعديلها - شركات القطاع العام - تكييفها - الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى بمقولة أن الدعوى تتعلق بمناقشة قرار صادر من احدى الشركات التى تحكم الروابط بينها وبين العاملين بها أحكام القانون الخاص مما يجعل القضاء الإدارى غير مختصة ولائيا بنظرها - هذا الدفع كان يجد صدى له لو كانت طلبات المدعى استمرت طبقا لما أورده فى صحيفة دعواه من طلب الغاء القرار الصادر بتخطيه فى الترقية فى احدى شركات القطاع العام - شركات القطاع العام على الرغم من تملك الدولة لها تعتبر شركات تجارية لكل منها شخصيتها الاعتبارية الخاصة وميزانيتها المستقلة عن ميزانية الدولة وهى بهذه المثابة من أشخاص القانون الخاص التى تمارس نشاطها فى ظل هذا القانون وعليه فلا تعتبر هذه الشركات من أشخاص القانون العام وتنتفى عن العاملين بها صفة الموظف العام - القرارات الصادرة فى شأن ادارتها لا تعتبر على أية حال قرارات إدارية أيا كان مصدرها ومهما كان موقعه فى مدارج السلم الادارى - تعديل المدعى طلباته بتعديل تاريخ ترقيته لوظيفة مدير عام باحدى الهيئات العامة بعد نقله من احدى شركات القطاع العام - اختصاص مجلس الدولة بنظر الدعوى باعتبار العاملين بالهيئات العامة من الموظفين العموميين الذين يختص مجلس الدولة بنظر دعواهم - رفض الدفع بعدم اختصاص القضاء الادارى ولائيا بنظر الدعوى.


اجراءات الطعن

بتاريخ 25 من ديسمبر سنة 1978 أودع رئيس هيئة مفوضى الدولة، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 26 من أكتوبر 1978 فى الدعوى المرفوعة من السيد/ السيد محمود طنطاوى القلش ضد وزير الإسكان ورئيس مجلس إدارة شركة المعادى للتنمية والتعمير والذى قضى برفض الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها وبقبول الدعوى شكلا وبقبول تدخل السيد/ كمال ابراهيم اسكاروس خصما منضما لجهة الادارة المدعى عليها وبأحقية المدعى فى ارجاع أقدميته فى الفئة الأولى 1200 - 1800 جنيها سنويا بمستوى الادارة العليا الى 30/ 3/ 1976 بدلا من 16/ 11/ 1977 مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام جهة الادارة المدعى عليها المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب التى استند اليها فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم الطعين والحكم بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى مع الزام المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين.
وقد أعلن الطعن الى ذوى الشأن وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم الطعين والحكم بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى واحالة الدعوى الى محكمة القاهرة الابتدائيه (دائرة العمال المختصة) مع الزام المطعون ضده بالمصروفات عن الدرجتين.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9 من نوفمبر 1981 وبتاريخ 11 من يناير سنة 1982 قررت المحكمة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الثانية" حيث عين لنظره أمامها جلسة 7 من مارس سنة 1982 وفيها استمعت المحكمة الى ما رأت لزوم سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على النحو المبين بمحضرها وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذا النزاع تتلخص حسبما يبين من الأوراق فى ان السيد/ السيد محمود طنطاوى القلش أقام الدعوى أمام محكمة القضاء الادارى طالبا الحكم بالغاء القرارين رقم 123 لسنة 1976، 127 لسنة 1976 الصادرين من السيد المهندس وزير الاسكان والتعمير فيما تضمناه من النقل والتخطى فى الترقية الى وظيفة مدير عام للادارة العامة للشئون القانونية بالشركة بمستوى الادارة العليا (1200 - 1800) وأحقية المدعى فيها من تاريخ صدور القرار رقم 127 لسنة 1976 مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية والزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماه. وقال شارحا دعواه انه بصدور القانون الخاص بالغاء المؤسسات العامة، صدر القرار الوزارى رقم 498 لسنة 1975 بنقله الى الهيئة العامة لبحوث البناء، ثم صدر القرار رقم 17 لسنة 1976 بتعديل النقل الى شركة المعادى للتنمية والتعمير واستلم عمله وباشره فعلا حتى فوجئ بصدور القرار رقم 123 لسنة 1976 بتعديل نقله الى الهيئة العامة لبحوث البناء، وفى اليوم التالى صدر القرار الوزارى رقم 127 لسنة 1976 بترقية السيد/ كمال ابراهيم اسكاروس المحامى بالشركة الى وظيفة مدير عام بمستوى الادارة العليا (1200 -1800)، فيكون القرار قد صدر مشوبا بعيب اساءة استعمال السلطة لأنه أبعد كى يتم ترقية المطعون فى ترقيته مع أن شرائط الترقية كانت متوافرة فيه وتم النقل على غير طلب منه.
وقد عقبت الجهة الادارية على الدعوى قائلة ان النقل تم بمراعاة الصالح العام ولم يكن الهدف منه ترقية غيره، هذا فضلا على ان المطعون فى ترقيته حصل على شهادات عليا بعد ليسانس الحقوق الذى يجمعهما الحصول عليه، كما ان المطعون فى ترقيته عمل بالشئون القانونية لفترة طويلة مما أدى الى أن تطلب شركة المعادى ترقيته قبل نقل المدعى بعام كامل. وقد تقدم المطعون ضده بطلب تدخل منضما الى الجهة الادارية وطلب بصفة أصلية الحكم بعدم اختصاص القضاء الادارى ولائيا بنظر الدعوى وبصفة احتياطية رفضها.
وبجلسة 30/ 3/ 1978 تقدم المدعى بمذكرة موقعة عليها منه انتهى فيها الى ان صمم على الحكم بالطلبات الواردة بعريضة الدعوى ولا يغير من الوضع ما تداركته وزارة الاسكان والتعمير من اصدار القرار الوزارى رقم 623 لسنة 1977 بتاريخ 16/ 11/ 1977 بتعيينه مديرا عاما للشئون القانونية من الفئة 1200/ 1800 جنيه سنويا بالهيئة العامة لمركز بحوث الاسكان والبناء والتخطيط العمرانى اذ أن هذا لا يصحح الخطأ الذى وقعت فيه ونالنى منه أضرار مادية وأدبية.
وبجلسة 5/ 10/ 1978 تقدم المدعى بمذكرة أخرى جاء بها "وحيث ان الوزارة تداركت أخيرا ما وقعت فيه من خطأ باصدارها القرارين المطعون فيهما.... فأصدرت أخيرا القرار الوزارى رقم 623 لسنة 1976 فى 16/ 11/ 1976 بتعيينى مديرا عاما للادارة القانونية بالهيئة العامة لبحوث الاسكان والبناء والتخطيط العمرانى بمستوى الادارة العليا ذات الربط المال 1200/ 1800 جنيه سنويا اعتبارا من 16/ 11/ 1977 وبناء عليه يلتمس المدعى من عدالة المحكمة الحكم بالآتى:
1 - عدم قبول التدخل لانتفاء صفة المتدخل وانعدام مصلحته وبالتالى عدم قبول الدفع المقدم منه.
2- تعديل تاريخ الترقية لوظيفة مدير عام الادارة القانونية من الفئة ذات الربط المالى 1200/ 1800 جنيه بمستوى الإدارة العليا من 16/ 11/ 1976 الى 30/ 3/ 1976 مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام السيد وزير الاسكان وشركة المعادى للتنمية والتعمير بالمصاريف وأتعاب المحاماة.
وبجلسة 26/ 10/ 1978 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاص الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها وبقبول الدعوى شكلا وبقبول تدخل السيد/ كمال ابراهيم اسكاروس خصما منضما لجهة الادارة المدعى عليها وبأحقية المدعى فى ارجاع أقدميته فى الفئة الأولى 1200 - 1800 جنيها سنويا بمستوى الادارة العليا الى 30/ 3/ 1976 بدلا من 16/ 11/ 1977 مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام جهة الادارة المدعى عليها المصروفات. وأقامت قضاءها على أساس ان المدعى أقدم فى شغل الفئة الثانية من المطعون فى ترقيته كما لم يثبت من الأوراق ان المدعى أقل منه كفاءة والمدعى تقاريره كلها ممتازة وكل ذلك يقطع فى ان المدعى كان مستوفيا شروط الترقية الى الفئة الأولى وان ذلك كان تحت نظر شركة المعادى وقت أن بدأت فى اتخاذ اجراءات ترشيح المتدخل الى هذه الفئة، الا انها رغم ذلك تجاهلت هذه الحقائق واستمرت فى اجراءات الترشيح وأبعدت المدعى إلى جهة أخرى قبل الترقية بيوم واحد، حتى تتخلص من منافسته للمتدخل فى الترقية الى الفئة المذكورة وينبنى على ذلك أحقية المدعى فى ارجاع أقدميته فى الفئة الأولى لتكون من تاريخ الترقية بالقرار المطعون الى هذه الفئة اعتبارا من 30/ 3/ 1976.
ومن حيث ان الطعن يقوم على ما ورد فى تقرير الطعن وحاصله ان المدعى يطعن فى قرار صادر فى شأن ترقية عامل بشركة المعادى، وهى احدى شركات القطاع العام، والعامل بها لا يعتبر موظفا عموميا بل يخضع لاحكام القانون الخاص فى كل شئونه، واختصاص مجلس الدولة قاصر على الموظفين العموميين، ولا ينبسط الى العاملين بالشركات عامة كانت أم خاصة. كما ان شركة المعادى لا تعتبر مرفقا عاما، ومن ثم فان القرار الذى يصدر بترقية احداهما أو تخطيه لا تعتبر قرارا اداريا.
ومن حيث ان المطعون ضده تقدم أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة بمذكرة جاء بها ان هيئة مفوضى الدولة أقرت باختصاص المحكمة بنظر الدعوى والفصل فى طلبات المدعى قبل تعديلها، ومن ثم فانه لا يقبل منها الطعن بعد ذلك فى الحكم حتى ولو كان قد قضى بإلغاء قرارى وزير الاسكان اللذين سبق ان طلب المطعون ضده الغائهما ذلك ان ما حكم به هو عين ما طلبت الهيئة من المحكمة القضاء به فى الدعوى وانتهى الى طلب تأييد الحكم المطعون فيه فيما انتهى اليه ورفض الطعن وعدم الأخذ بما ذهب اليه تقرير الطعن من أسباب لا أساس لها من الواقع والقانون. وبجلسة 7 من مارس سنة 1982 دفع الحاضر مع المدعى بعدم جواز نظر الطعن أو بعدم قبوله لانتفاء المصلحة.
ومن حيث انه وبالنسبة للدفع بعدم جواز نظر الطعن أو بعدم قبوله لانتفاء المصلحة، فان أساسه على ما يبدو من مذكرة المطعون ضده المشار اليها والمقدمة فى جلسة 7 من مارس 1982 ان هيئة مفوضى الدولة أقرت باختصاص المحكمة بنظر الدعوى والفصل فى طلبات المطعون ضده قبل تعديلها ومن ثم فانه لا يقبل منها بعد ذلك الطعن فى هذا الحكم على هذا الأساس، ذلك ان ما حكم به هو عين ما كان قد طلبته أما محكمة القضاء الادارى، وبالتالى لا يجوز لها الطعن بعد ذلك لانتفاء المصلحة.
ومن حيث ان المادة 23 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تقضى بأنه يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الادارى وذلك فى الأحوال الآتية: (1) اذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله. (2) ...... (3) ......
ويكون لذوى الشأن ولرئيس هيئة مفوضى الدولة ان يطعن فى تلك الأحكام خلال ستين يوما من تاريخ صدور الحكم وذلك مم مراعاة الأحوال التى يوجب عليه القانون فيها الطعن فى الحكم. وتجرى المادة 27 من القانون المشار اليه كالآتى: تتولى هيئة مفوضى الدولة تحضير الدعوى، وتهيئتها للمرافعة، ولمفوضى الدولة فى سبيل تهيئة الدعوى........ ويودع المفوضى بعد اتمام تهيئة الدعوى تقريرا يحدد فيه الوقائع والمسائل القانونية التى يثيرها النزاع ويبدى رأيه مسببا ويجوز لذوى الشأن ان يطلعوا على تقرير المفوض بقلم كتاب المحكمة ولهم ان يطلبوا صورة منه على نفقتهم. ومقتضى ذلك ان مفوضى الدولة يهيئ الدعوى للمرافعة وعليه اعداد التقرير محددا الوقائع والمسائل القانونية التى يثيرها النزاع ويبدى رأيه مسببا. أما اختصاص الطعن فى الأحكام الى المحاكم الأعلى فهو اختصاص أناطه القانون برئيس هيئة مفوضى الدولة طالما انه وجد ان هناك من الأسباب التى اشتملتها المادة 23 من القانون ما يوجب عليه ذلك، وغنى عن البيان ان هيئة مفوضى الدولة انما تقوم بالطعن فى الأحكام ابتغاء المصلحة العامة باعتبار ان رأى الهيئة يتمثل فيه الحيدة لصالح القانون وحده الذى يجب ان تكون كلمته هى العليا، ويتفرع على ذلك ان لهذه الهيئة أن تتقدم بطلبات أو أسباب جديدة غير تلك التى أبدتها أمام المحكمة فى أية درجة ما دامت ترى فى ذلك وجه المصلحة بانزال حكم القانون على الوجه الصحيح فى المنازعة الادارية، بل ولمفوض الدولة أمام المحكمة الادارية العليا عند تهيئة الطعن للمرافعة واعداد التقرير فيه ان يبدى الرأى على استقلال غير مقيد بما ورد من رأى أو أسباب فى تقرير الطعن، بابدائه أسبابا جديدة وبطلبات أخرى غير ما اشتمله تقرير الطعن. كل ذلك ابتغاء المصلحة العامة ما دام المراد هو الى مبدأ المشروعية نزولا على سيادة القانون فى روابط القانون العام، فاذا جاء رئيس هيئة مفوضى الدولة وطعن فى حكم صادر من محكمة القضاء الادارى بمقولة انه أخطأ فى تطبيق القانون حين حكم باختصاصه وبنظر الدعوى المطروحة - والاختصاص من النظام العام ويمكن ابداءه ولأول مرة فى أية مرحلة من مراحل الدعوى كما يمكن للمحكمة ان تقضى بها من تلقاء نفسها - فان الطعن يكون قد أقيم من مختص ومن ذى مصلحة قانونية وبالتالى يكون الدفع الذى أبداه المطعون ضده فى غير محله حقيقا بالرفض.
ومن حيث انه بالنسبة للدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الادارى بنظر الدعوى بمقولة ان الدعوى تتعلق بمناقشة قرار صادر من احدى الشركات التى تحكم الروابط بينها وبين العاملين بها أحكام القانون الخاص مما يجعل محكمة القضاء الادارى غير مختصة ولائيا بنظرها فان هذا الدفع كان يجد صدى له لو كانت طلبات المدعى استمرت طبقا لما أورده فى صحيفة دعواه من طلب إلغاء القرار الصادر بتخطيه فى الترقية فى شركة المعادى للتنمية والتعمير ذلك أنه لا خلاف فى ان شركات القطاع العام على الرغم من تملك الدولة لها تعتبر شركات تجارية لكل منها شخصيتها الاعتبارية الخاصة وميزانيتها المستقلة عن ميزانية الدولة، وهى بهذه المثابة تعتبر من أشخاص القانون الخاص التى تمارس نشاطها فى ظل هذا القانون وعليه فلا تعتبر هذه الشركات من أشخاص القانون العام وتنتفى عن العاملين بها صفة الموظف العام، هذا فضلا على ان القرارات الصادرة فى شأن ادارتها ومنها القرار المشار اليه - لا تعتبر على أية حال قرارات ادارية أيا كان مصدرها ومهما كان موقعه فى مدارج السلم الادارى. ولكن المدعى عدل طلباته فى المذكرة المقدمة منه بجلسة 5/ 10/ 1978 الى طلب الحكم بتعديل الحكم بتعديل تاريخ الترقية لوظيفة مدير عام الادارة القانونية من الفئة ذات الربط المالى 1200/ 1800 جنيها من 16/ 11/ 1976 الى 30/ 3/ 1976 بالهيئة العامة لبحوث الاسكان والبناء والتخطيط العمرانى. وهى هيئة عامة ويعتبر العاملين بها من الموظفين العموميين الذين يختص مجلس الدولة بنظر دعاواهم، وعليه يكون الدفع بعدم اختصاص القضاء الادارى ولائيا بنظر الدعوى فى غير محله حقيقا بالرفض.
ومن حيث ان طعن هيئة المفوضين التى ليست طرفا ذا مصلحة شخصية فى المنازعة وانما تتمثل فيها الحيدة التامة لصالح القانون وحده، يفتح الباب أمام المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون ثم تنزل حكمه فى المنازعة غير مقيدة بطلبات هيئة المفوضين.
ومن حيث ان طلبات المدعى انحصرت وتحددت فى المذكرة المقدمة منه بجلسة 5/ 10/ 1978 أمام محكمة القضاء الإدارى بطلبه ارجاع أقدميته فى الدرجة التى رقى اليها بالهيئة العامة لبحوث الاسكان والبناء والتخطيط العمرانى من 16/ 11/ 1976 الى 30/ 3/ 1976، وهذا الطلب لا يسانده واقع أو قانون أو قاعدة تنظيمية يستمد منها حقا فى ارجاع أقدميته فى الدرجة المرقى اليها بالهيئة الى التاريخ المشار اليه، فاذا كان ما يبتغيه مرده الى التاريخ الذى جرى بترقية غيره بعد نقله فى شركة المعادى للتنمية والتعمير فان ذلك لا يتأتى الا بالطعن فى القرار الصادر بنقله من هذه الشركة إلى الهيئة المشار اليها أولا حتى يتسنى له الطعن فى القرارات الصادرة من الجهة المنقول منها، الا أنه وقد تنازل عن هذا الطلب بالتعديل النهائى لطلباته السابق الإلماح إليها - فيكون طلبه إرجاع أقدميته على الوجه الذى أراده لا يسانده واقع حقيقى أو قانون صحيح الأمر الذى يجعل دعواه ولا أساس لها حقيقة برفضها.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد ذهب الى غير هذا النظر فيكون قد خالف حكم الواقع والقانون معا حقيقا بالإلغاء وبرفض الدعوى مع إلزام المدعى المصروفات عن الدرجتين.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه برفض الدعوى وألزمت المدعى المصروفات.