مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ
القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 470
(67)
جلسة 10 من ابريل سنة 1982
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صلاح الدين السعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد محمد عبد المجيد ونصحى بولس فارس وعادل عبد العزيز بسيونى وجمال السيد دحروج - المستشارين.
الطعن رقم 378 لسنة 26 القضائية
جامعات - قرار ادارى - الغاء القرار الادارى - ضرر أدبى ومادى -
تعويض.
قضاء المحكمة بالغاء القرار المطعون فيه الصادر بحرمان المدعى من مباشرة عمله كأستاذ
بإحدى الكليات بجامعة أسيوط وما يترتب على ذلك من آثار استنادا الى أن القرار الصادر
من المجلس الأعلى للجامعات بنقل المدعى الى وظيفة خارج الجامعات لا يعدو أن يكون توصية
لم يصدر بها قرار صريح أو ضمنى من وزير التعليم العالى - قضاء المحكمة بتعويض المدعى
عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بالمدعى من جراء ذلك الإجراء التعسفى - إلزام
الجامعة بالتعويض دون المجلس الأعلى للجامعات لمسئوليتها عنه - أساس ذلك - تطبيق.
إجراءات الطعن
فى يوم الاثنين الموافق 28 من يناير سنة 1980 أودع السيد الأستاذ
عبد الفتاح محمد حسن المليجى المحامى بصفته وكيلا عن الأستاذ الدكتور رئيس جامعة أسيوط
قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقريرا بالطعن قيد برقم 378 لسنة 26 القضائية فى
الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 9
من ديسمبر سنة 1979 فى الدعوى رقم 1620 لسنة 25 القضائية المقامة من السيد الأستاذ
الدكتور محمد عبد الوهاب اسماعيل ضد كل من عميد كلية الهندسة بجامعة أسيوط ومدير الجامعة
المذكورة ووزير التعليم العالى والقاضى بإلزام جامعة أسيوط بأن تدفع للمدعى مبلغ ثلاثة
آلاف جنيه على سبيل التعويض مع الزامها المصروفات وطلبت جامعة أسيوط للأسباب الواردة
فى تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بالغاء
هذا الحكم والقضاء برفض الدعوى والزام المطعون ضده المصروفات وأعلن تقرير الطعن الى
المطعون ضده فى 16 من فبراير سنة 1980 وقدم السيد مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى
فى الطعن انتهى فيه الى طلب الحكم بقبوله شكلا وبرفض طلب وقف التنفيذ وبرفض الطعن موضوعا.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 26 من مارس سنة 1980، وتداول
بالجلسات على النحو الثابت بالمحضر الى أن قررت الدائرة بجلسة 27 من يناير سنة 1982
احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره أمامها جلسة
13 من فبراير سنة 1982. وبعد أن استمعت المحكمة الى ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات
ذوى الشأن قررت نظر الطعن مع الطعنين رقمى 778 لسنة 23 القضائية و900 لسنة 23 القضائية
للارتباط ووحدة المستندات واصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت
مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تخلص فى ان الدكتور محمد عبد الوهاب اسماعيل أقام الدعوى
رقم 1620 لسنة 25 القضائية ضد كل من عميد كلية الهندسة بجامعة أسيوط ومدير جامعة أسيوط
ووزير التعليم العالى بصحيفة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإدارى فى 25 من يولية سنة
1971 طلب فى ختامها الحكم بالزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 20 ألف
جنيه على سبيل التعويض مع الزامهم المصروفات وأتعاب المحاماة. وقال شرحا للدعوى انه
يشغل وظيفة أستاذ كرسى هندسة الراديو والالكترونيات ورئيس قسم الهندسة الكهربائية بكلية
الهندسة بجامعة أسيوط، ولخلاف ثار بينه وبين المسؤولين بالجامعة بسبب تصديه للعديد
من مشاكل العمل مما لم يتفق وهوى هؤلاء المسئولين فضلا عن كشفه للعديد من المخالفات
المادية الجسيمة التى تمسهم على ما أوضحه المدعى تفضيلا فى صحيفة الدعوى قرر رئيس الجامعة
احالته الى المحاكمة التأديبية فى الدعوى رقم 1 لسنة 1970 أمام مجلس تأديب أعضاء هيئة
التدريس بالجامعات عن مخالفات لا أساس لها من الواقع أو القانون، كما عمل عميد الكلية
على الانتقام منه بابعاده عن الكلية ومنعه من ممارسة عمله بها كأستاذ ورئيس قسم، اذ
فوجئ فى 6 من أكتوبر سنة 1970 بمنعه من حضور اجتماع مجلس الكلية بحجة انه صدر قرار
من المجلس الأعلى للجامعات فى 27 من سبتمبر سنة 1970 بنقله الى خارج الجامعة كما تلقى
فى ذات التاريخ اخطاره بذلك من عميد الكلية، وقد رد المدعى على هذا الاخطار كتابه فى
التاريخ ذاته مبديا اعتراضه على هذا التصرف ومخالفة قرار المجلس الأعلى للجامعات المشار
اليه للقانون، كما وجه اعتراضا مماثلا للسيد مدير الجامعة فى 24 من أكتوبر سنة 1970
منبها عليه بأنه ينتظر ابلاغه بالكلية الجديدة التى سيعمل بها ولكنه لم يتلق ردا على
هذا الكتاب ومضى المدعى قائلا ان قرار المجلس الأعلى للجامعات المقول بصدوره فى شأنه
لم يصادف محلا لأنه وان كان قد منع من ممارسة أعباء وظيفته بالكلية استنادا الى هذا
القرار الباطل الا ان الجامعة استمرت رغم ذلك على صرف مرتبه اليه شاملا علاوة أسيوط
بوصفه أستاذا بكلية الهندسة بالجامعة المذكورة، فضلا على ان هذا القرار صدر مشوبا بعيوب
قانونية جسيمة تنحدر به الى درجة الانعدام. ذلك لأن القرار المذكور لم يعتمد من وزير
التعليم العالى ووقع مخالف لأحكام المادتين 60، 61 من القانون رقم 184 لسنة 1958 بشأن
تنظيم الجامعات فضلا عن أن القرار المذكور لم يحدد الجهة التى يتم نقل المدعى اليها
وأنه قصد به فى الواقع مجرد التخلص من المدعى واقصاءه عن عمله بالكلية لإجباره على
الصمت إزاء المشاكل والمخالفات التى حرص على كشفها والتصدى لها مما آثار حفيظة المسئولين
بالجامعة ضده، الأمر الذى يكون معه القرار المذكور قد انطوى فى حقيقة الأمر على عقوبة
تأديبية مقنعة ويكون منعه من العمل استنادا الى هذا القرار الباطل قد وقع بالتالى مخالفا
للقانون ومشوبا بالانحراف بالسلطة. ولما كان المدعى قد أصيب بأضرار مادية وأدبية بالغة
بسبب موقف الجامعة المتعنت بمنعه من ممارسة عمله منذ 6 من أكتوبر سنة 1970 اذ ترتب
على هذا التصرف الحيلولة بينه وبين البحوث الجامعية والأعمال العلمية واقصاءه عن الوسط
الجامعى فضلا عن الاساءة الى سمعته والمعاناة التى تحملها بسبب أجباره على أن يبقى
معزولا بغير عمل فانه من ثم يطلب تعويضه عن هذه الأضرار بمبلغ 20 ألف جنيه. ثم عدل
المدعى طلباته بصحيفة أعلنت للمدعى عليهم فى 2 من يونيه سنة 1975 بأن حدد قيمة التعويض
الذى يطلب الحكم له به بمبلغ 50 ألف جنيه مقررا فى هذا الخصوص ان قرار المجلس الأعلى
للجامعات الذى صدر فى 27 من سبتمبر سنة 1970 والسالف الاشارة اليه تضمن نقله الى وظيفة
أخرى خارج الجامعات. وأضاف الى الأسباب التى ساقها للتدليل على ان القرار المذكور لم
يصادف محلا وانه جاء عديم الأثر قانونا فى المساس بمركزه الوظيفى بالجامعة أن الأمر
لم يقف عند مجرد عدم اعتماد الوزير لهذا القرار واستمرار الجامعة فى صرف مرتبه اليه
كأستاذ بكلية الهندسة بالجامعة المذكورة وانما تعدى الأمر ذلك الى صدور قرار من الوزير
فى 7 من سبتمبر سنة 1971 باعارة المدعى بصفته المذكورة الى الجامعة الليبية للعام الجامعى
71/ 1972، ثم صدر قرار آخر من الوزير فى 25 من يولية سنة 1972 بتجديد هذه الإعارة للعام
التالى 72/ 1973 ولكن المدعى لم يتمكن من تنفيذ الاعارة لهذا العام الأخير بسبب ملاحقة
مدير الجامعة له باستدعائه للمثول أمام مجلس التأديب فى الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة
1970 سالف الاشارة اليها بعد أن كانت هذه الدعوى قد أوقفت منذ 7 من أكتوبر سنة 1970،
ومن ثم اضطر المدعى الى الاعتذار عن قبول تجديد الاعارة، وأرسل الى مدير الجامعة فى
27 من أغسطس وفى 2 و16 من أكتوبر سنة 1972 يخطره بعجزه عن السفر الى ليبيا وبأنه ينتظر
التعليمات بشأن عمله، ولما لم يتلق ردا على هذه المكاتبات الحقها بانذار على يد محضر
فى 12 من نوفمبر سنة 1972 طالبا تسليمه العمل الا انه يتلق ردا كذلك. كما تقدم بهذا
الطلب مرة أخرى فى 28 من نوفمبر سنة 1972 الى كل من مدير الجامعة وعميد الكلية ولكن
أحدا لم يرد عليه أيضا، الأمر الذى اضطر معه الى توجيه انذار آخر على يد محضر الى كل
من رئيس الجامعة وعميد الكلية ووزير التعليم العالى فى 30 من ديسمبر سنة 1972 و4 و8
من يناير سنة 1973 سجل فيه ما تقدم من وقائع مقررا ان منعه من العمل ينطوى على قرار
ادارى باطل ومنبها عليهم أما بالرد عليه وتحديد المكان الذى سيعمل به وأما بتسليمه
عمله كأستاذ بكلية الهندسة بجامعة أسيوط، الا أن المنذر اليهم استمروا أيضا فى اصرارهم
فى عدم الرد الى ان فوجئ المدعى بأن تلقى فى 22 من أبريل سنة 1973 خطابا من ادارة شئون
العاملين بكلية الهندسة يتضمن اخطاره بأن وزير التعليم العالى وافق فى 3 من فبراير
سنة 1973 على ندبه ندبا كاملا للعمل خبيرا بقطاع التخطيط والمتابعة بوزارة التعليم
العالى. وقال المدعى ان هذا القرار الأخير جاء استمرارا للقرار الباطل الذى أصدره المجلس
الأعلى للجامعات فى 27 من سبتمبر سنة 1970 سالف الاشارة اليه، ولم يكن يقصد من قرار
الندب المذكور الا احتواء المدعى فى مثل هذه الوظيفة الصورية بوزارة التعليم العالى
امعانا فى ابقاءه مبعدا عن عمله والحيلولة بينه وبين القيام بواجباته العلمية قتلا
لكفاءته العلمية كأستاذ متخصص فى الالكترونيات وحاصل على مؤهلاته العلمية فى مجال هذا
التخصص من أرقى الجامعات التكنولوجية فى العالم. وقد استمر ابقاء المدعى مبعدا عن مجال
تخصصه طوال المدة منذ 6 من أكتوبر سنة 1970 دون ان يشفع له ان مجلس التأديب أصدر قراره
بعد ذلك فى الدعوى رقم 1 لسنة 1970 ببراءته مما نسب اليه فى تلك الدعوى من مخالفات
منوها بشجاعة المدعى وحرصه على الصالح العام، الأمر الذى يتضح منه بجلاء مدى اصرار
الجهة الادارية على عملها غير المشروع الذى استطال أثره لخمس سنوات أصيب فيها المدعى
بأضرار بالغة مما يخوله فى المطالبة به الى مبلغ 50 ألف جنيه. وأثناء تداول الدعوى
بالجلسات أمام محكمة القضاء الادارى قدم المدعى مذكرة بجلسة 8 من ابريل سنة 1979 حدد
فيها عناصر هذا التعويض وانتهى فيها الى التصميم على الطلبات. وبجلسة 19 من ديسمبر
سنة 1979 قضت محكمة القضاء الإدارى (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بالزام جامعة
أسيوط بأن تدفع للمدعى تعويضا قدره ثلاثة آلاف جنيه، وأقامت قضاءها على أن التكييف
الصحيح لما قدمه المدعى فى صورة تعديل لطلبه الأصلى أمران:
أولهما: تعديل التعويض عن منعه من الاستمرار فى العمل الذى استطال بعد رفع الدعوى وحتى
صدور قرار وزير التعليم العالى فى 3 من فبراير سنة 1972 بندبه للعمل بالوزارة المذكورة
ندبا كاملا.
ثانيهما: طلب جديد بالتعويض عن الأضرار التى لحقته من جراء صدور هذا القرار الأخير.
وقالت عن الأمر الأول ان التعويض عن استمرار منع المدعى من العمل حتى صدور قرار وزير
التعليم العالى سالف الذكر، اذ يرتبط بالطلب الأصلى المقامة به الدعوى ارتباطا لا يقبل
التجزئة، واذ تم تقديمه وفقا للاجراءات الشكلية التى تتطلبها المادة 124 من قانون المرافعات
فانه يتعين على المحكمة ان تفصل فيه عملا بأحكام المادة المذكورة. أما بالنسبة للأمر
الثانى فقد ذكرت المحكمة ان التعويض عن الأضرار التى لقت بالمدعى من جراء اصدار وزير
التعليم العالى 3 من فبراير سنة 1973 قرار الندب المشار اليه لا يعتبر من الطلبات المرتبطة
بالطلب الأصلى ارتباطا لا يقبل التجزئة وان المحكمة لا ترى الاذن بتقديمه اعمالا لسلطتها
المقررة بالمادة 124 من قانون المرافعات سالف الاشارة اليها واستطردت المحكمة قائلة
انه لما كانت جامعة أسيوط قد منعت المدعى عن العمل فى الفترة من 6 من أكتوبر سنة 1970
حتى 2 من مارس سنة 1973 بمقولة انه صدر قرار من المجلس الأعلى للجامعات بجلستى 20 و27
من سبتمبر سنة 1970 بنقله الى خارج الجامعات وكانت المادة 61 من القانون رقم 184 لسنة
1958 فى شأن تنظيم الجامعات الذى كان ساريا فى ذلك الوقت تستلزم لصحة هذا النقل أن
يصدر به قرار من وزير التعليم العالى يتضمن تحديدا للوظيفة التى يتم النقل اليها خارج
الجامعات، وهو ما لم يتحقق فى حالة المدعى الذى استمر قانونا عضوا بهيئة التدريس بكلية
الهندسة بجامعة أسيوط، بدليل أن وزير التعليم العالى أصدر قرارا باعارته بهذه الصفة
للعمل بالجامعة الليبية خلال العام الدراسى 71/ 1972 ثم أصدر قرارا آخر بتجديد هذه
الاعارة سنة أخرى، حتى كان أن أصدر الوزير قراره فى 2 من مارس سنة 1973 بندب المدعى
من جامعة أسيوط للعمل بوزارة التعليم العالى. لما كان ما تقدم فانه لا يكون قد صدر
ثمة قرارات بات بنقل المدعى الى خارج الجامعات، ويكون منع المدعى من ممارسة أعباء وظيفته
كأستاذ بكلية الهندسة بجامعة أسيوط على أثر ما نسب اليه من اتهامات قد قصد به مجرد
اقصاء المدعى عن وظيفته، أى وقفه عن العمل طوال المدة من أكتوبر سنة 1971 حتى 3 من
مارس سنة 1973 دون اتباع الاجراءات القانونية التى يتطلبها قانون تنظيم الجامعات الأمر
الذى يكون معه القرار المذكور قد انطوى على خطأ جسيم تتحقق به مسئولية الجامعة عن تعويض
المدعى عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من جرائه. ولما كان المدعى قد أصيب
طوال المدة سالفة الذكر بضرر أدبى يتمثل فيما ترتب على هذا الوضع الذى يتساوى فى أثره
مع الوقف عن العمل من مساس بمركزه العلمى والقاء ظلال من الشك حوله والتقليل من مكانته
فضلا عما ترتب على هذا القرار من الحيلولة دون المدعى وموالاة البحث العلمى فى مجال
تخصصه كما ان المدعى أصيب طوال المدة المشار اليها بأضرار مادية يتمثل فى حرمانه من
تقاضى البدل المقرر لرئيس القسم ومن مكافآت التدريس ومقابل الاشراف على البحوث العلمية.
لما كان ذلك فان المحكمة تقدر للمدعى تعويضا عن هذه الأضرار قدره ثلاثة آلاف جنيه يتعين
الحكم بالزام الجامعة به مقررة انه مما يخفف من وطأة الأضرار الأدبية التى حاقت بالمدعى
انه رغم صدور قرار المجلس الأعلى للجامعات بنقله الى وظيفة أخرى خارج الجامعات استمر
يعامل كأستاذ بكلية الهندسة بجامعة أسيوط بدليل ما تم من اعارته بهذه الصفة الى الجامعة
الليبية ثم تجديد هذه الاعارة.
ومن حيث ان حاصل أسباب الطعن ان الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه، وذلك
ان المدعى أجرى معه تحقيق ادارى انتهى الى مساءلته عن المخالفات التالية:
1 - تغيبه عن الكلية أكثر من يومين أسبوعيا اذ كان يصل أسيوط فى الثانية عشرة والنصف
ظهر يوم الأحد ليغادرها فى الرابعة الا الثلث عصر يوم الثلاثاء.
2 - صرفه مكافأت تدريس دون وجه حق، حيث كان يصرف أجرا عن ساعات زائدة عن النصاب فى
أيام ثبت انه كان يحضر اجتماعات مجلس الكلية خلالها.
3 - خروجه على التقاليد والأصول الجامعية باتباعه أساليب غير لائقة فى تقديم الشكاوى
واعلانها والتقدم بها الى جهات خارج الجامعة.
4 - قيامه بعمل من أعمال الخبرة دون الحصول على ترخيص بذلك من الجامعة فى الوقت الذى
حصل فيه على بدل تفرغ اذ جاء بتقرير الرقابة الادارية انه يدير مصنعا مملوكا للسيدة
زوجته أثناء تواجده بالقاهرة.
وانه لما كان المجلس الأعلى للجامعات قد قرر فى 20 و27 من سبتمبر سنة 1970 على أثر
التحقيق الادارى المشار اليه نقل المدعى الى وظيفة خارج الجامعات فانه اذا صح جدلا
أن الامر كان يقتضى ان يصدر وزير التعليم العالى قرارا تنفيذيا لقرار المجلس الأعلى
للجامعات سالف الذكر فان المسئولية فى ذلك تقع على المجلس الأعلى للجامعات ووزارة التعليم
العالى وليس على جامعة أسيوط الأمر الذى يكون معه الحكم المطعون فيه قد أخطأ حين قضى
الزام الجامعة المذكورة بالتعويض. هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى فقد فات الحكم المطعون
فيه ان المدعى كان معارا للجامعة الليبية خلال الفترة التى قضى له بالتعويض عنها وانه
حقق من تلك الاعارة كسبا كبيرا يفوق بمراحل ما زعم انه قد أصيب به من أضرار خاصة وان
البدل المقول بأنه حرم منه لا يتجاوز بضعة جنيهات قليلة ليست ذات شأن.
ومن حيث ان هذه المحكمة قضت بجلسة اليوم فى الطعنين رقم 778 لسنة 23 قضائية ورقم 900
لسنة 23 القضائية بالغاء القرار المطعون فيه الصادر بحرمان المدعى من مباشرة عمله أستاذا
بكلية الهندسة بجامعة أسيوط وما يترتب على ذلك من آثار، استنادا الى أن القرار الصادر
من المجلس الأعلى للجامعات بجلستى 20 و27 من سبتمبر سنة 1970 بنقل المدعى الى وظيفة
خارج الجامعات لا يعدو ان يكون مجرد توصية لم يصدر بها قرار صريح أو ضمنى من وزير التعليم
العالى وفقا لحكم المادتين 17، 61 من القانون رقم 184 لسنة 1958 بنظام الجامعات وبالتالى
لا يكون لها ثمة قوة تنفيذية ويضحى الاستناد اليها فى الحيلولة بين المدعى وبين ممارسته
لأعباء وظيفته مجرد استناد الى عقبة مادية يحق القضاء بازالتها دون التقيد بمواعيد
الطعن بالالغاء.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه أصاب وجه الحق فيما قضى به من تعويض للمدعى عن الأضرار
المادية والأدبية التى لحقت بالمدعى من جراء ذلك القرار التعسفى وذلك للأسباب التى
قام عليها الحكم المذكور والتى تقرها هذه المحكمة. وليس فيما قدره هذا الحكم من تعويض
للمدعى بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه جبرا للأضرار المذكورة أية مغالاة أو تجاوز لمقدار الضرر
الذى حاق بالمدعى وذلك مع استبعاد فترة العام الدراسى 71/ 1972 التى أمضاها المدعى
معارا الى الجامعة الليبية وحقق خلالها كسبا لا شك فيه الأمر الذى لم يغب عن الحكم
المطعون فيه حين قدر للمدعى مبلغ التعويض سالف الذكر.
ومن حيث انه لا وجه لما نعته الجامعة على الحكم المطعون فيه فيما قضى به من الزامها
هى بذلك التعويض دون المجلس الأعلى للجامعات أو وزارة التعليم العالى ذلك لأن المجلس
الأعلى للجامعات لا يتمتع بأية شخصية مستقلة عن الجامعة ولا يعدو ان يكون مجرد جهاز
من أجهزتها تنصرف اليها آثار القرارات التى يصدرها كما لا ينال من مسئولية الجامعة
عن تلك القرارات ما خوله القانون لوزير التعليم العالى من اختصاص فى التصديق على بعض
تلك القرارات كما هو الشأن فى القرار الذى يصدر بنقل عضو هيئة التدريس الى خارج الجامعة
اذ أن دور الوزير فى هذا الخصوص ليس الا دورا وصائيا لا يخل بنسبة صدور القرار الى
الجامعة ومسئوليتها عنه بالتالى.
ومن حيث انه متى كان ما تقدم فقد تعين الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وإلزام
الجامعة المصروفات.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الجامعة المدعى عليها المصروفات.