مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 493

(70)
جلسة 10 من ابريل سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد نور الدين العقاد وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عزيز بشاى سيدهم والدكتور حسين توفيق وعبد المعطى على زيتون ومحمد أحمد البدرى - المستشارين.

الطعن رقم 1290/ 1481 لسنة 26 القضائية

محكمة القضاء الادارى - تشكيلها - حكم - النطق بالحكم - بطلان.
أوجب المشرع لقيام الحكم القضائى قانونا أن يصدر الحكم فيه من الهيئة المشكلة وفقا لأحكام القانون والتى سمعت المرافعة وأتمت المداولة قانونا ووقعت مسودة الحكم المشتملة على أسبابه - وجود مانع لمن وقع مسودة الحكم من حضور جلسة النطق بالحكم - وجوب أن يتم النطق بالحكم من محكمة مشكلة بذات التشكيل العددى للمحكمة التى أصدرته وفى جلسة علنية والا كان الحكم باطلا - أساس ذلك - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الاربعاء الموافق 25 من يونيو سنة 1980 أودع السيد الأستاذ محمود الطوخى المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ ممدوح اسماعيل فرج الملوانى قلم كتاب المحكمة الادارية العليا - تقرير طعن - قيد بجدولها تحت رقم 1290 لسنة 26 قضائية عليا - فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلستها المعقودة فى 27 من مايو سنة 1980 فى الدعوى رقم 1666 لسنة 31 قضائية المقامة من السيد/ محمد أحمد عبد الرحمن عثمان ضد محافظ الجيزة ووكيل وزارة الاسكان والتعمير والذى قضى قبول تدخل السيد/ ممدوح اسماعيل الملوانى وبقبول الدعوى شكلا وفى موضوعها بالغاء القرار المطعون فيه وألزمت المتدخل بمصاريف تدخله ومحافظة الجيزة بمصاريف طلب الالغاء وطلب الطاعن - للأسباب التى أوردها فى تقرير الطعن - والحكم بقبول الطعن شكلا - ثانيا - وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه - ثالثا - بالغاء الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بصفة أصلية إعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى لتفصل فيه مجددا واحتياطيا برفض الدعوى والزام المطعون ضده بالمصروفات عن الدرجتين.
وفى يوم الخميس 27 من يوليو سنة 1980 أودعت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن محافظ الجيزة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن - قيد بجدولها تحت رقم 1481 لسنة 26 قضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى فى الدعوى رقم 1666 لسنة 31 القضائية السابق الاشارة اليه - وطلب الطاعن للاسباب التى ساقها فى تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى والزام الطاعن بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وتقدمت هيئة مفوضى الدولة بتقرير - بالرأى القانونى - فى الطعن رقم 1290 لسنة 26 قضائية - ارتأت فى - للأسباب التى أوردتها التوصية بالحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم الطعين وفى الموضوع بالغائه وبرفض الدعوى والزام المدعى مصروفات الدعوى عن الدرجتين.
كما تقدمت بتقرير برأيها القانونى فى الطعن رقم 1481 لسنة 26 قضائية - ارتأت فيه للاسباب التى ساقتها - التوصية بالحكم - من ناحية الشكل - بقبول الطعن شكلا. وفى الموضوع بصفة أصلية بالغاء الحكم المطعون فيه لبطلانه واعادة الدعوى الى محكمة القضاء الإدارى الفصل فيها مجددا مع ابقاء الفصل فى المصروفات - وبصفة احتياطية - برفض الطعن موضوعا مع الزام الطاعن بالمصروفات.
وعرض الطعنان على دائرة فحص الطعون لدى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الأولى" التى قررت بجلستها المعقودة فى 16 من نوفمبر سنة 1981 احالة الطعنين الى المحكمة الادارية العليا لنظرهما بجلسة 12 من ديسمبر سنة 1981 وفى تلك الجلسة قررت المحكمة ضم الطعنين وسمعت ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن وأرجأت اصدار الحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث ان الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة - والتى صدر بشأنها الحكم محل الطعن فى الطعنين الماثلين - تحصل فى أن السيد/ محمد أحمد عبد الرحمن عثمان "المطعون ضده فى الطعنين" اقام الدعوى رقم 1666 لسنة 31 قضائية أمام محكمة القضاء الادارى ضد محافظ الجيزة والسيد وكيل وزاره الاسكان والتعمير بمحافظة الجيزة بصفته جاء فيها انه تقدم الى محافظة الجيزة بناء على ما أعلنت فى الصحف فى شهر أكتوبر سنة 1975 عن حاجتها الى تجار حديد مسلح لتوزيع حصص الحديد الخاصة بالاسكان وكان من بين المتقدمين السيد/ اسماعيل فرج الملوانى بصفته وليا طبيعيا عن ولده ممدوح وهو طالب بالاعدادية وليس تاجرا - وقام المجلس المحلى بترشيح المدعى الى لجنة توزيع مواد البناء بالمحافظة حيث تمت الموافقة واعتمد قرارها من المحافظ فى 2/ 8/ 1976 - فتقدم السيد/ اسماعيل فرج الملوانى بطلب آخر فوافقت المحافظة فى 15/ 6/ 1977 - على تخصيص حصة قدرها 1% تنتقص من حصة المدعى وهو يعادل نصف الحصة الخاصة بالمدعى لذلك فقد اقام المدعى دعواه مطالبا بالحكم بوقف تنفيذ قرار المحافظة فيما تضمنه من اعتبار السيد/ اسماعيل فرج الملوانى بصفته المذكورة موزعا لحصة حديد تسليح وفى الموضوع بالغاء هذا القرار واحقية المدعى فى الاستمرار كموزع للحصة المقررة له أسوة بزملائه مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات استنادا الى أن قرار المحافظة يعتبر سحبا لقرار سليم تحصن قانونا - كما ان القرار محل الطعن صدر من لجنة غير مختصة تم تشكيلها من المجلس المحلى فضلا عن أن السيد/ اسماعيل الملوانى يعمل شيخا لناحية كرداسة وان شقيقه عضو بالمجلس المحلى مما يشكك فى أعمال اللجنة المذكورة - ولا يجوز للمحافظة ان تنتقص من حصته وحده دون غيره من زملائه مما يشكل اهدار لمركزه القانونى وانه لا يجوز للجنة بعد ان رفضت منح حصة للسيد المذكور أن تعدل عما قررته على حساب المدعى وبدون وجه حق كما ان الترخيص قد تم للسيد/ اسماعيل فرج الملوانى بصفته وليا طبيعيا وبهذا ينصرف الترخيص لابنه ممدوح وهو ليس بقاصر.
وقدمت ادارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم برفض الدعوى استنادا الى ان الترخيص الصادرة بشأن التعامل فى مواد البناء هو تصرف ادارى مؤقت بطبيعته لا يكسب حقا لصاحبه وان المصلحة العامة - وفقا لما ارتآه المجلس المحلى بكرداسة تتحقق فى مشاركة السيد/ اسماعيل الملوانى للمدعى فى الحصة وان القرار محل الطعن قد صدر من لجنة توزيع مواد البناء واعتمد من محافظ الجيزة وارفقت حافظة مستندات.
وبجلسة 4 من ابريل سنة 1978 قضت محكمة القضاء الادارى فى الشطر المستعجل بوقف تنفيذ القرار محل الطعن مع إلزام الحكومة بالمصروفات.
تقدمت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن محافظ الجيزة بالطعن رقم 467 لسنة 24 ق فى الحكم المشار حيث قضت المحكمة الإدارية العليا بجلستها المعقودة فى 10 من مارس سنة 1979 بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف التنفيذ والزمت المدعى المصروفات استنادا الى عدم توافر ركن الاستعجال.
وقد نظرت محكمة القضاء الادارى طلب الالغاء، وبجلسة 11 من مارس سنة 1980 حضر الأستاذ محمود الطوخى المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ ممدوح اسماعيل فرج الملوانى وطلب تدخله خصما منضما للحكومة فى طلب رفض الدعوى.
وبجلسة 27 من مايو سنة 1980 قضت محكمة القضاء الادارى بقبول تدخل السيد/ ممدوح اسماعيل فرج الملوانى وبقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه والزمت المتدخل بمصاريف تدخله ومحافظة الجيزة بمصاريف طلب الالغاء - وأقامت قضاءها على ان الثابت من الأوراق ان جهة الادارة سبق ان ارتأت ان مركز اوسيم لا يحتاج الا لثلاثة تجار لتوزيع مواد البناء وخصصت لكل منهم 2% من اجمالى الحصة المقررة للمحافظة ثم عادت وقبلت السيد/ ممدوح اسماعيل فرج وقررت مشاركته للمدعى فى حصته ولم تعط الجهة الادارية تبريرا لتصرفها الذى ينطوى على الغاء جزئى وتعديل للترخيص الصادر للمدعى دون ان تتبين وجه المصلحة العامة فيما ذهبت اليه كما انها لم تعقب بشيء على ما ذكره المدعى من ان السيد/ ممدوح الملوانى طالب بالاعدادية وليس بتاجر وغير مقيد بالسجل التجارى ولا مسند للجهة الادارية فيما ساقته من عبارات مرسلة لحمل القرار ازاء ما نعاه المدعى عليه ولأن السلطة التقديرية لا تعنى السلطة المطلقة ولا تنأى عن رقابة القضاء.
واذ لم يرتض أى من السيد/ ممدوح اسماعيل فرج الملوانى والسيد/ محافظ الجيزة المحكوم ضدهما بالحكم المشار اليه - لذلك فقد تقدم الأول بالطعن رقم 1290 لسنة 26 قضائية وقوامه أن الحكم قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وذلك للاسباب الآتية:
أولا: ان الحكم المطعون فيه قد صدر وتلى علنا من الهيئة المشكلة من السادة المستشارين مصطفى كمال إبراهيم وعلى فؤاد الخادم ومحمود مجدى أبو النعاس فيما عدا الأستاذ مصطفى كمال ابراهيم فلم يحضر جلسة النطق بالحكم ومعنى ذلك ان الحكم قد صدر من اثنين من المستشارين بالمخالفة لأحكام المادة 4/ 2 من قانون مجلس الدولة.
ثانيا: ان الحكم لم يلتفت لأوجه الدفاع الجوهرية التى أثارها الطاعن فى مذكرته واكتفى باثبات تقديم الطاعن لمذكرة لم يبين فحواها.
ثالثا: ان ادخال الطاعن كموزع قد تم فى ضوء دراسات واقتراحات خاصة بزيادة منافذ التوزيع تحقيقا المصالح العام.
كما تقدمت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد/ محافظ الجيزة بالطعن رقم 1481 لسنة 26 قضائية والذى نعى على الحكم مخالفته للقانون بحسبان ان الترخيص تصرف ادارى مؤقت لا يكسب حقا ومن ثم فلا تثريب فيما ارتآه المجلس المحلى - تحقيقا للصالح العام من مشاركه السيد/ ممدوح إسماعيل وفقا لما انتهى اليه المجلس المحلى لمدينة كرداسة حتى تتعدد منافذ التوزيع - اما عن القول بأن المرخص له ليس بتاجر ولم يقيد بالسجل التجارى فان الثابت ان لجنة توزيع مواد البناء قد اعتمدته ضمن تجار الحديد بجلسة 15/ 5/ 1977 وقد علم المطعون ضده بهذا القرار - ولم يطعن فيه بل انصرف طعنه الى القرار الصادر بالمشاركة فى الحصة بما لا مجال للتمسك بذلك.
وتقدم الطاعن - فى الطعن رقم 1290 لسنة 26 قضائية - بمذكرتين شارحتين مؤرختين 16/ 3/ 1981 و15/ 6/ 1981 تضمنت الأولى الرد على ما ورد فى تقرير مفوض الدولة من أن وجود أعضاء المحكمة عند النطق بالحكم لا يعتبر اجراء جوهريا يؤدى الى بطلان الحكم فأوضح أنه طبقا لأحكام المادة 174 من قانون المرافعات فإن النطق بالحكم من هيئة المحكمة بالنصاب العددى المقرر لها جزء من عملية اصدار الحكم وأن توقيع الأعضاء الثلاثة الذين سمعوا المرافعة لا تغنى عن اصداره من هيئة مكتملة. وتناول فى المذكرة الثانية بيان أن الطعن فى الحكم بالنسبة للخصم المنضم للجهة الادارية فى الدعوى لا يعتبر حقا أصيلا - كما انه نظرا لطبيعة دعوى الالغاء وكونها خصومة عينية ومن ثم فانه متى ثبت ان الطعن قد تم فى الميعاد فيظل صحيحا ولا يبطله ادخال الجهة الادارية بعد الميعاد - ومن جهة أخرى فان الثابت أن الطاعن كان مقيدا فى السجل التجارى عند تقدمه للاسهام فى توزيع حصة الحديد ولا يغير من ذلك كونه قد تراخى فى تعديل مهنته بالبطاقة - لأن ذلك لا يطمس حقا بل ان المطعون ضده - قد أثبت فى بطاقته كونه مزارع ولم ينازع أحد فى جواز مباشرته للتجارة.
وتقدم الأستاذ الدكتور محمد عصفور المحامى بصفته وكيلا عن المطعون ضده بمذكرتين بالدفاع مؤرختين فى 15/ 6/ 1981 و28/ 12/ 1981 تضمنت الرد على ما انتهى اليه تقرير مفوض الدولة من طلب رفض الدعوى استنادا الى أنه كان على محكمة القضاء الادارى طلب المستندات من الجهة الادارية بدلا من أن تأخذها بسكوتها أو بعدم تعقيب ممثلها فى الدفاع عما ورد فى دفاع المطعون ضده بالنسبة لعدم توافر الشروط المطلوبة فى الطاعن - اذ يرد على ذلك بأن المطعون ضده قد تقدم بناء على ما أعلنته المحافظة فى الصحف ضمن 62 تاجرا بينهم والد الطاعن بصفته وليا طبيعيا عليه حيث تم اختيار المطعون ضده لما يتمتع به من سمعة طيبة وثقة بين المتعاملين ثم عرض الترشيح على لجنة توزيع مواد البناء المتفرعة من إدارة الاحتياجات بالمحافظة حيث تمت الموافقة واعتمد القرار من السيد المحافظ فى 2/ 8/ 1976 وهو القرار الذى اعتمد اسماء التجار وحدد الحصص والذى ظل قائما حتى صدر القرار الطعين فى 11/ 6/ 1976 بناء على توصية لجنة غير مختصة شكلها المجلس المحلى بعيدا عن لجنة توزيع مواد البناء وبمراعاة ان الطاعن هو شيخ ناحية كرداسة وان شقيقه عضو بالمجلس المحلى كما أن الثابت ان الشروط الواجب توافرها فى المتقدمين من تجار حديد التسليح غير متوافرة فى الطاعن وفى مقدمتها ان تكون المهنة الاصلية للمتقدم التجارة فى مواد البناء فى حين ان الثابت ان مهنته الثابتة فى بطاقته الشخصية كونه ميكانيكى - وأضاف ان القرار محل المنازعة صدر مشوبا بعيب الانحراف بالسلطة ولم يستهدف الصالح العام اما عن الزعم ببطلان تشكيل المحكمة فان الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة مشكلة من ثلاثة مستشارين طبقا لأحكام المادة 4/ 2 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وأن الملاحظة التى وردت فى نهاية الحكم قد أكدت ان السيد الأستاذ المستشار مصطفى كمال ابراهيم قد حضر المرافعة والمداولة ووقع مسودة الحكم الامر الذى يهدم ما ذهب اليه الطاعن ويكون الحكم قد صدر طبقا لأحكام المادة 166، 167 من قانون المرافعات - ومن جهة أخرى فان القول بأن توزيع مواد البناء لا يعتبر عملا تجاريا يتجافى مع العقل وأحكام القانون لان ورود قيود على التوزيع لصالح المستهلك ليس من شأنها ان تنعكس على طبيعة العمل وخلص الى طلب الحكم برفض الطعنين وتأييد الحكم محل الطعن.
وحيث ان المسلم به ان الحكم هو القرار الصادر من محكمة مشكلة تشكيلا قانونيا فى منازعة مطروحة عليها بخصومة رفعت إليها وفقا للقانون وانه فى مقام تحديد الاجراءات والقواعد المنظمة لدور القضاة ازاء الفصل فى المنازعة فقد نص قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 فى المادة/ 3 من قانون الاصدار على أن "تطبق الاجراءات المنصوص عليها فى هذا القانون وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص، وذلك الى ان يصدر قانون الاجراءات الخاصة بالقسم القضائى - ونصت المادة/ 4 من قانون مجلس الدولة الواردة فى الفصل الأول من الباب الأول تحت عنوان الترتيب والتشكيل على ان يكون مقر المحكمة الادارية العليا فى القاهرة ويرأسها رئيس المجلس وتصدر أحكامها من دوائر من خمسة مستشارين وتكون لها دائرة أو أكثر لفحص الطعون وتشكل من ثلاثة مستشارين.
ويكون مقر محكمة القضاء الادارى مدينة القاهرة ويرأسها نائب رئيس المجلس لهذه المحكمة وتصدر أحكامها من دوائر تشكل كل منها من ثلاثة مستشارين ويحدد اختصاص كل دائرة من دوائر محكمة القضاء الادارى بقرار من رئيس مجلس الدولة.......
وحيث ان قانون المرافعات المدنية والتجارية قد أفرد الفصل الأول من الباب التاسع الخاص بالأحكام تحت عنوان "اصدار الأحكام" حيث نصت المادة 166 على أن "تكون المداولة سرية بين القضاه مجتمعين" وتنص المادة 167 على انه "لا يجوز أن يشترك فى المداولة غير القضاه الذين سمعوا المرافعة والا كان الحكم باطلا" وتنص المادة/ 170 على انه "يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا فى المداولة تلاوة الحكم فاذا حصل لأحدهم مانع وجب ان يوقع مسودة الحكم" وتنص المادة 174 على انه "ينطق بالحكم بتلاوة منطوقة، أو بتلاوة منطوقة مع أسبابه ويكون النطق به علانية والا كان الحكم باطلا" وتنص المادة/ 178 معدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1973 على انه "يجب ان يبين فى الحكم المحكمة التى أصدرته وتاريخ اصداره، ومكانه وما إذا كان صادرا فى مادة تجارية أو مسألة مستعجلة وأسماء القضاه الذين سمعوا المرافعة، واشتركوا فى الحكم وحضروا تلاوته وعضو النيابة الذى أبدى رأيه فى القضية ان كان، وأسماء الخصوم والقابهم وصفاتهم وموطن كل منهم، وحضورهم وغيابهم.
كما يجب ان يشمل الحكم على عرض مجمل لوقائع الدعوى، ثم طلبات الخصوم، وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهرى ورأى النيابة العامة ثم تذكر بعد ذلك أسباب الحكم ومنطوقه.
والقصور فى أسباب الحكم الواقعية والنقص أو الخطأ الجسيم فى أسماء الخصوم وصفاتهم كذا عدم بيان أسماء القضاه الذين أصدروا الحكم يترتب عليه بطلان الحكم.
وحيث انه يبين من استقراء الأحكام الواردة فى تلك النصوص ان المشرع قد أوجب لقيام الحكم القضائى قانونا ان يصدر الحكم فيه من الهيئة المشكلة وفقا لأحكام القانون والتى سمعت المرافعة وأتمت المداولة قانونا ووقعت مسودة الحكم المشتملة على أسبابه - باعتبارها - بمراعاة ما تقدم - تمثل القاضى الطبيعى للخصوم الذين مثلوا أمامها وتقدموا بدفاعهم ودفوعهم لديها لتنزل القول الفصل فى النزاع القائم - وبالنظر الى أن الحكم يمثل خلاصة ما أسفرت عنه المداولة قانونا حتى لحظة النطق به - وضمانا لأداء أمانة القضاء كما شاء لها الشارع ان تكون فقد أوجب القانون ان يتضمن الحكم رصدا وتسجيلا لسير الخصومة وارتسام الاجراءات الجوهرية فيها وبيانا لقضائها حتى النطق بالحكم حتى يكون الحكم بيانا بما قدم فى سبيل الوصول الى كلمة القانون فى النزاع وعنوانا للحقيقة فيما فصل فيه ورتب القانون على الاخلال فى بيان أسباب الحكم الواقعية أو النقص أو الخطأ فى أسماء الخصوم وصفاتهم وعدم بيان أسماء القضاه الذين أصدروا الحكم بطلان الحكم.
ومن حيث انه يخلص مما تقدم ان القواعد التى سنها المشرع فيما يتعلق بتشكيل المحكمة من عدد معين من القضاه وفقا لدرجة أهمية المنازعة، وباجراءات نظر الدعوى أمامها، وبالمداولة واصدار الحكم فيها، وبالنطق به - هذه القواعد جميعا - تعد من النظام العام بحيث يترتب على الاخلال بأى منها بطلان الحكم، ومن ثم يتعين على محكمة الطعن أن تتصدى لبحثها ولو لم يثرها الخصوم.
ومن حيث انه يجب - طبقا للأحكام المذكورة - ان ينطق بالحكم فى جلسة علنية، وان الأصل انه يجب ان يحضر جلسة النطق بالحكم القضاة الذين اشتركوا فى المداولة بحسبانهم الذين أصدروه، وانه اذا كان المشرع قد قدر ان يحدث لأحدهم مانع من حضور هذه الجلسة فأوجب أن يكون قد وقع مسودة الحكم فانه يجب أن يتم النطق بالحكم من محكمة مشكلة بذات التشكيل العددى للمحكمة التى أصدرته وفى جلسة علنية والا كان الحكم باطلا.
ومن حيث انه بتطبيق تلك الأصول فى خصوصية الطعن الماثل فانه يبين من الاطلاع على الصورة الأصلية للحكم المطعون فيه والتى تم تسليم الصورة التنفيذية، بموجبها الى المحكوم لصالحه أنه قد ورد بصدد الحكم انه صدر من دائرة منازعات الأفراد والهيئات بمحكمة القضاء الإدارى المشكلة برئاسة السيد المستشار/ مصطفى كمال ابراهيم نائب رئيس مجلس الدولة رئيسا وعضوية السيدين المستشارين/ على فؤاد الخادم ومحمود مجدى أبو النعاس، وهى الدائرة التى نظر أعضاؤها الدعوى واشتركوا فى المداولة ووقعوا مسودة الحكم الا انه قد أثبت بنهاية الحكم عبارة تفيد انه بالجلسة المحددة للنطق به حصل مانع للسيد/ المستشار مصطفى كمال ابراهيم، فحل محله السيد المستشار/ على فؤاد الخادم - ومفاد ذلك ان الهيئة التى نطقت بالحكم كانت مشكلة من اثنين فقط من المستشارين وليس من ثلاثة مستشارين حسبما يقضى به القانون بالنسبة لتشكيل دوائر محكمة القضاء الادارى.
ومن حيث ان النطق بالحكم المطعون فيه - وقد تم على النحو المذكور قد ترتب عليه بطلانه أو خالف قاعدة متعلقة بالنظام العام، لذلك يتعين الحكم بإلغائه مع اعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى مع إبقاء الفصل فى مصروفاتها - وإلزام محافظة الجيزة بمصروفات الطعنين.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى الى محكمة القضاء الإدارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى وأبقت الفصل فى مصروفات الدعوى والزمت محافظة الجيزة بمصروفات الطعنين.