مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 515

(73)
جلسة 25 من ابريل سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ يوسف شلبى يوسف والدكتور نعيم عطية جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى ومحمد فؤاد الشعرواى - المستشارين.

الطعن رقم 424 لسنة 24 القضائية

ادارة محلية - وظيفة رئيس مدينة - تعيين - الأداة القانونية للتعيين - انهاء تعيين.
صدور قرار من رئيس الجمهورية بتعيين المطعون ضده فى وظيفة رئيس أحد مجالس المدن فى حدود السلطة المخولة له طبقا للمادة 31 فقرة (ج) من القانون رقم 124 لسنة 1960 باصدار نظام الادارة المحلية المعمول به وقت صدور هذا القرار - عدم جواز انهاء تعيينه فى هذه الوظيفة الا بالأداة القانونية ذاتها التى تم بها التعيين وهى القرار الجمهورى - صدور قرار من وزير الدولة للحكم المحلى بانهاء ندب المطعون ضده فى هذه الوظيفة إعادته الى عمله الأصلى بديوان عام المحافظة هو قرار باطل لصدوره من غير مختص اذ أن شغل هذه الوظيفة لا يكون الا بالتعيين بقرار من رئيس الجمهورية - صدور قرار وزارى بإنهاء شغل أحد المعينين بقرار جمهورى وأن سمى القرار الوزارى المذكور بأنها انهاء ندب هو فى حقيقته قرارا بإنهاء التعيين فى تلك الوظيفة.


اجراءات الطعن

وفى يوم الخميس الموافق 18/ 5/ 1978 أودعت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد وزير الحكم المحلى بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 23/ 3/ 1978 فى الدعوى رقم 1477 لسنة 28 ق المقامة من السيد/ نجيب عزت ابراهيم بطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر من وزير الحكم المحلى برقم 73 لسنة 1974 فيما تضمنه من فصله من وظيفته كرئيس لمجلس مدينة أبو تشت وما يترتب على ذلك من آثار. وقد قضى الحكم المطعون فيه بقبول الدعوى شكلا وفى موضوعها بالغاء القرار المطعون فيه الصادر بانهاء تعيين المدعى رئيسا لمجلس مدينة أبو تشت وما يترتب على ذلك من آثار والزم الحكومة المصروفات وقد طلبت ادارة قضايا الحكومة فى تقرير طعنها الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع الزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه عن الدرجتين وقد أعلن الطعن على النحو المبين بالاوراق وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه والزام الادارة المصروفات. وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت بجلسة 9/ 11/ 1981 احالته الى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الثانية" التى نظرته بجلسة 10/ 1/ 1982 وفيها استمعت الى ما رأت لزوم سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على النحو المبين بمحضرها. ثم قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم. وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان وقائع هذه المنازعة تخلص - كما يبين من أوراق الطعن - فى أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 1477 لسنة 28 ق أمام محكمة القضاء الادارى طالبا الحكم بالغاء القرار الصادر من وزير الحكم المحلى رقم 73 لسنة 1974 فيما تضمنه من فصله من وظيفة رئيس مجلس مدينة أبو تشت وما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة بالمصروفات والأتعاب. وقال المدعى شرحا لدعواه أنه عين رئيسا لمجلس مدينة أبو تشت بالقرار الجمهورى رقم 448 لسنة 1974 وقد صدر قرار سكرتير المحافظة فى 10/ 7/ 1974 برقم 483 لسنة 1974 بمجازاته ويخصم ثلاثة أيام من راتبه، فتظلم من هذا القرار الى وزير الحكم المحلى وبدلا من سحب قرار الجزاء لبطلانه ومخالفته للقانون وصدوره ممن لا يملك سلطة إصداره، أصدر وزير الادارة المحلية القرار رقم 72 فى 28/ 8/ 1974 باجراء تنقلات بين رؤساء مجالس المدن تضمن شغل وظيفة المدعى دون أن ينقل المدعى رئيسا لمجلس مدينة أخرى، كما صدر القرار رقم 73 فى 28/ 8/ 1974 بالغاء ندبه لرياسة مجلس مدينة أبو تشت واعادته الى عمله الأصلى بمحافظة بنى سويف. ومؤدى ذلك ان وزير الحكم المحلى أصدر قرارين رقمى 72 و73 فى 28/ 8/ 1974 بانهاء خدمة المدعى كرئيس لمجلس مدينة ومؤدى هذين القرارين هو فصل المدعى من وظيفته كرئيس لمجلس المدينة بغير الطريق التأديبى بعد أن عين فى هذه الوظيفة بقرار جمهورى. واذا كان رئيس الجمهورية هو الذى يملك سلطة التعيين فى وظيفة رئيس مجلس مدينة، فهو الذى يملك سلطة الفصل منها. ولا يجوز القول بأن انهاء خدمة المدعى على هذا النحو مما يدخل فى حدود السلطة المقررة للوزير فى النقل ذلك ان الأمر ليس نقلا من وظيفة الى أخرى، بل هو انهاء للخدمة من وظيفة رئيس مجلس المدينة وفصل منها، ذلك ان وزير الحكم المحلى يملك نقل رئيس مجلس المدينة الى وظيفة رئيس مجلس مدينة أخرى، أما النقل خارج نطاق رؤساء مجالس المدن فانه يعتبر فصلا لا يملكه سوى رئيس الجمهورية. ومن ثم يكون قرار إنهاء خدمة المدعى كرئيس لمجلس مدينة قد صدر باداة أدنى من القرار الجمهورى، وهو قرار من وزير الحكم المحلى وهذا القرار الأخير فيه غصب للسلطة لتعدى وزير الحكم المحلى على سلطة رئيس الجمهورية، مما يجعل القرار غير مشروع، بل وينحدر به عيب عدم المشروعية الى حد العدم.
وقد ردت جهة الادارة المدعى عليها على الدعوى بأن المدعى ندب فى 15/ 9/ 1973 من محافظة بنى سويف للعمل بمحافظة سوهاج وقد صدر القرار الجمهورى رقم 448 لسنة 1974 فى 2/ 4/ 1974 بتعيينه رئيسا لمجلس مدينة، وفوض القرار الجمهورى نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية فى تحديد مجالس المدن التى يرأسها السادة رؤساء مجالس المدن المبينة اسماؤهم فى المادة الأولى ومنهم المدعى. وعلى ذلك فان القرار الجمهورى سالف الذكر يعتبر بمثابة ندب للمدعى من جهة عمله الأصلى الى أن يتم نقله الى الدرجات المخصصة بهذه المجالس بعد التثبيت من صلاحيته للوظيفة المنتدب لها. وقد خرج المدعى على واجبات وظيفته وذلك بتكليفه السيد/ ثابت محمود عبد الحافظ سكرتير المجلس بجمع مبالغ من أصحاب المقاهى دون إعطائهم ايصالات تبين قيمة ما تبرعوا به رغم مخالفة ذلك لقرارات المحافظة بجمع المال للمجهود الحربى، كما لم يقم بتوريد 79 جنيها قام بجمعها من الموظفين. ولذلك فقد صدر القرار الوزارى رقم 483 لسنة 1974 بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه ثم صدر القرار الوزارى رقم 72 لسنة 1974 بندب عبد الله الامام موسى رئيس مجلس قروى نفيشة لشغل وظيفة رئيس مجلس مدينة أبو تشت اعتبارا من 7/ 9/ 1974 ثم صدر القرار الوزارى رقم 73 لسنة 1974 بانهاء ندب المدعى من منصبه كرئيس لمجلس مدينة أبو تشت وعودته الى جهة عمله الأصلية من 6/ 9/ 1974 واضافت الحكومة ان المدعى ندب من محافظة بنى سويف للعمل بمحافظة سوهاج طبقا لحكم المادة 28 من القانون رقم 58 لسنة 1971 وقد صدر القرار الجمهورى بتعيين المدعى رئيسا لمجلس مدينة طبقا لحكم المادة 30 من القانون رقم 124 لسنة 1960 ثم صدر القرار الوزارى رقم 47 لسنة 1974 بتعيينه رئيسا لمجلس مدينة أبو تشت ندبا من محافظة بنى سويف من 15/ 9/ 1973 ولا يعد غصبا للسلطة أن يصدر قرار من وزير الحكم المحلى بانهاء ندب المدعى ما دام تعيينه قد تم بموجب قرار وزارى على سبيل الندب لوظيفة رئيس مجلس مدينة أبو تشت، وقرار الغاء ندب المدعى لرئاسة مجلس مدينة أبو تشت ليس قرارا عقابيا. وقد الغى ندب المدعى لرئاسة مجلس مدينة أبو تشت بعد ثبوت فقدانه شرطا من شروط شغل هذه الوظيفة بمجازاته عن ذلك بخصم ثلاثة أيام من راتبه، والغاء ندب المدعى من الملاءمات التى تترخص فيها الادارة وهو من صميم سلطتها التقديرية وقد راعت الادارة فى ذلك صالح العمل ومقتضيات المصلحة العامة لادارة مرفق حيوى هو مرفق الحكم المحلى. وطلبت الحكومة الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.
وبجلسة 23/ 3/ 1978 حكمت محكمة القضاء الادارى في الدعوى بقبولها شكلا وفى موضوعها بالغاء القرار الصادر من وزير الحكم المحلى برقم 73 فى 31/ 8/ 1974 بانهاء تعيين المدعى رئيسا لمجلس مدينة أبو تشت وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات واستندت محكمة القضاء الادارى فيما قضت به الى أن القانون رقم 124/ 1960 باصدار قانون نظام الإدارة المحلية المعدل بالقانون رقم 151 لسنة 1961 والقانون رقم 54 لسنة 1963 يقضى فى المادة 31 من الفقرة جـ منه بأن يعين رئيس الجمهورية بقرار منه احد الأعضاء رئيسا للمجلس وينتخب الأعضاء وكيلا للمجلس من بين الأعضاء المنتخبين، وعلى ذلك فالأصل ان يكون رئيس مجلس المدينة عضوا فى المجلس ثم يصدر قرار جمهورى بتعيينه رئيسا للمجلس فرئيس مجلس المدينة هو أحد أعضاء مجلس المدينة ويجرى تعيينه بأداة القرار الجمهورى. ثم صدر القانون رقم 65 لسنة 1964 ونص على أنه "لا يشترط أن يكون رئيس مجلس المدينة من بين أعضاء المجلس ويستثنى رؤساء مجالس المدن من شرط العضوية فى الاتحاد الاشتراكى العربى المنصوص عليه فى المادة الأولى من هذا القانون ويجوز لوزير الادارة المحلية عند الضرورة نقل رؤساء مجلس المدن التى يرأسونها الى مجالس مدن أخرى" وقد عمل بهذا القانون الأخير من تاريخ نشره فى 22/ 3/ 1964 ومؤدى ذلك ان المشرع عاد فألغى الشرط الوارد فى المادة 31 من القانون رقم 124 لسنة 1960 الخاص بأن يكون رئيس مجلس المدينة عضوا فى مجلس المدينة. ومن ثم بات حكم القانون من وقت العمل بالقانون رقم 65 لسنة 1964 انه لا يشترط فى رئيس مجلس المدينة ان يكون عضوا فى مجلس المدينة ولا يشترط فيه ان يكون عضوا فى الاتحاد الاشتراكى العربى. وأجاز القانون لوزير الادارة المحلية (الحكم المحلى فيما بعد) عند الضرورة نقل رؤساء مجالس المدن من مجلس مدينة الى مجلس مدينة آخر. وبقى حكم القانون رقم 124 لسنة 1960 الخاص بان يعين رئيس الجمهورية رؤساء مجالس المدن بقرارات منه - بقى هذا الحكم دون تغيير حتى فى ظل العمل بأحكام القانون الحالى رقم 57 لسنة 1971 فى شأن الحكم المحلى. وعلى ذلك فانه لا خلاف أن رئيس مجلس المدينة التى يجرى تعيينه باداة القرار الجمهورى. وانه يجوز لوزير الحكم المحلى نقل رئيس مجلس المدينة الى رئاسة مجلس مدينة آخر عند الضرورة. والثابت فى خصوص الدعوى الماثلة انه فى 2/ 4/ 1974 صدر القرار الجمهورى رقم 448 لسنة 1974 بتعيين نجيب عزت ابراهيم (المدعى) مع آخرين رؤساء لمجالس المدن. ونصت المادة الثانية من القرار الجمهورى سالف الذكر على تفويض نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية فى تحديد مجالس المدن التى يرأسها السادة رؤساء مجالس المدن المبينة اسماؤهم فى المادة الأولى ومنهم المدعى. وعلى ذلك فالقرار الجمهورى سالف الذكر قاطع فى معنى تعيين المدعى رئيسا لمجلس مدينة مع تفويض نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية فى تحديد مجلس المدينة الذى يعين المدعى رئيسا له. وقد صدر قرار وزارى بوضع المدعى رئيسا لمجلس مدينة أبو تشت. وعلى ذلك لا يصح القول بان علاقة المدعى بمجلس مدينة أبو تشت هى علاقة ندب مؤقت. لأن القرار الجمهورى رقم 448 لسنة 1974 قاطع فى معنى تعيين المدعى رئيسا لمجلس مدينة، وعلى ذلك يكون القول بان علاقة المدعى برياسة مجلس مدينة أبو تشت هى علاقة ندب مؤقت منتزعا من مصادر لا تؤدى اليه ولا تنتجه ولا تبرره قانونا وهو يخالف الحكم الصريح الوارد فى القرار الجمهورى رقم 448 لسنة 1974 بتعيين المدعى رئيسا لمجلس مدينة. ومتى كان حكم القانون ان رئيس الجمهورية يعين بقرار منه رؤساء مجالس المدن، فان انهاء خدمة رؤساء مجالس المدن لا يكون الا باداة القرار الجمهورى أيضا. وعلى ذلك فان القرار الوزارى المطعون فيه رقم 73 لسنة 1974 الصادر من وزير الحكم المحلى فى 31/ 8/ 1974 بانهاء ندب المدعى رئيسا لمجلس مدينة أبو تشت مع عودته الى عمله الأصلى، يكون مخالفا للقانون، اذ لا يملك وزير الحكم المحلى انهاء خدمة رؤساء مجالس المدن المعينين باداة القرار الجمهورى، وتكون هذه السلطة لرئيس الجمهورية وحده الذى له وحده أيضا سلطة تعيين رؤساء مجالس المدن، أما وجه المخالفة الثانية للقانون الواردة فى القرار الوزارى المطعون فيه سالف الذكر فهى ما تضمنه من وصف وضع المدعى فى رئاسة مجلس مدينة أبو تشت بانه ندب يخضع لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 58 لسنة 1971 ذلك ان وضع المدعى رئيسا لمجلس مدينة أبو تشت هو تعيين له فى هذا المنصب باداة القرار الجمهورى، ويخضع هذا التعيين لأحكام القانون رقم 124 لسنة 1960 الخاص بنظام الادارة المحلية، ولا محل لأعمال أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة فى مجال هذه الخصومة التى تخضع لأحكام قانون خاص هو قانون نظام الإدارة المحلية وقانون الحكم المحلى. كما انه لا محل لمناقشة صلاحية المدعى لوظيفة رئيس مجلس مدينة فى ضوء القرار التأديبى الصادر من سكرتير عام محافظة قنا بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه لخروجه على مقتضى الواجب الوظيفى فى ادائه لعمله بالدقة والأمانة المطلوبة بأن كلف السيد/ ثابت محمود عبد الحافظ بجمع مبالغ للمجهود الحربى بطريقه تخالف قرارات المحافظة التى تقضى بالا يقوم الأفراد مطلقا بجمع هذه المبالغ وان يتم التوريد بفروع البنوك مباشرة وان تتحرك لجنة المعركة كفريق - لا محل لمناقشة صلاحية المدعى فى ضوء هذا القرار التأديبى ولا محل لمناقشة مشروعية هذا القرار التأديبى، لأن ذلك كله لا يخول وزير الحكم المحلى انتزاع السلطة المقررة لرئيس الجمهورية فى تعيين وانهاء خدمة رؤساء مجالس المدن طبقا لأحكام القانون، فانه مع التسليم جدلا بخروج المدعى على واجبات وظيفته فان ذلك لا يبرر خروج وزير الحكم المحلى على أحكام القانون وممارسته سلطة مقررة بالقانون لرئيس الجمهورية.
وفى هذا الحكم طعنت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الحكم المحلى بصفته واستندت فى طعنها الى أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، ذلك ان المركز القانونى للمطعون ضده ليس الا ندبا فى وظيفة رئيس مدينة أبو تشت، وآية ذلك ما يلى:
1 - ان شغل المطعون ضده لهذه الوظيفة تم بقرار السيد نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية رقم 47 لسنة 1973 الذى قرر ندبه من محافظة بنى سويف اعتبارا من 15/ 9/ 1973 ولم يتم شغله لهذه الوظيفة بقرار السيد رئيس الجمهورية، ولذلك فان اعتبار المطعون ضده معينا فى هذه الوظيفة بالقرار الجمهورى رقم 448 لسنة 1974 غير سديد.
2 - ان القرار الجمهورى رقم 448 لسنة 1974 وان تضمن تعيين المطعون ضده فى هذه الوظيفة الا ان الدرجة المالية التى تسمح بنفاذ هذا القرار لم تكن موجودة حتى تاريخ انهاء ندب المطعون ضده، الأمر الذى يتعين معه حمل هذا القرار على انه مجرد شغل المطعون ضده لهذه الوظيفة بذات النظام الذى بدأت به وهو الندب.
3 - ان القول باكتساب المطعون ضده المركز القانونى بشغل درجة مالية، أى تعيينه بصفة دائمة، فى وظيفة رئيس مجلس مدينة أبو تشت لمجرد ورود لفظ تعيين فى القرار الجمهورى سالف الذكر هو استناد غير سديد، ويتنافى مع موقف جهة الادارة سواء من جهة الحاقه بداءة بهذا العمل أو بعدم وجود الدرجة المالية التى تسوغ اعتباره معينا فى هذه الوظيفة.
4 - أن المطعون ضده استمر يصرف مرتبه من محافظة بنى سويف طوال فترة عمله رئيسا لمجلس مدينة أبو تشت باعتباره منتدبا فيها ولم يصرف مرتبه من ميزانية مجلس المدينة المذكور والتابعة لمحافظة قنا لأنه كان منتدبا اليها ولم يكن معينا فيها. ومفاد ما سبق ان المطعون ضده شغل وظيفة رئيس مجلس مدينة بطريق الندب لا التعيين. واذا كان ذلك فان لوزير الادارة المحلية سلطة الغاء هذا الندب طبقا لسلطته التقديرية فى هذا الشأن، وبما يراه محققا للصالح العام طبقا للقانون رقم 58 لسنة 1971 بشأن العاملين فى الدولة.
واستطردت ادارة قضايا الحكومة فى أسباب طعنها تقول ان المطعون ضده لا يغنيه نعيا على القرار المطعون فيه قوله أن هذا القرار جزاء تأديبيا عن ذنب سبق مجازاته عنه فهذا النظر من جانبه مردود بأن ما نسب اليه من مخالفات لواجبات وظيفته قد ثبت وجودها بالتحقيقات التى أجريت بشأنها، وجوزى عنها بالخصم ثلاثة أيام من مرتبه. أما انهاء ندبه فلا يسوغ القول بأنه جزاء تأديبى لانه فضلا عن أن انهاء الندب مرده السلطة التقديرية لجهة الادارة، وليس للموظف حق الاحتفاظ بالوظيفة المنتدب اليها فان تقدير صلاحية الموظف للاستمرار فى الوظيفة المنتدب اليها منوط بالجهة الادارية القائمة على حسن سير المرافق العامة طالما ان هذا القرار لم يمس حقا أو مركزا قانونيا مكتسبا للموظف المنتدب ولا يجوز القول بان استمرار المنتدب فى الوظيفة المنتدب اليها من حقوقه الوظيفية. ومن كل ذلك فان القرار المطعون فيه يكون قد صدر من مختص باصداره مستهدفا الصالح العام، ولا وجه للحكم بالغائه.
ومن حيث انه يبين من الاطلاع على القرار الجمهورى رقم 448 لسنة 1974 الصادر بتاريخ 2/ 4/ 1974 أنه نص فى المادة الأولى منه على ان يعين من وردت أسماؤهم فيه ومنهم المطعون ضده رؤساء للمدن ونص فى المادة الثانية على ان "يفوض نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية فى تحديد مجالس المدن التى يرأسها السادة رؤساء مجالس المدن المبينة اسماؤهم فى المادة الأولى" ومن ثم فانه أزاء صراحة هذا القرار الجمهورى فيما نص عليه وصدوره من مختص باصداره. وفى حدود السلطة المخولة له طبقا للمادة 31 فقرة (جـ) من القانون رقم 124 لسنة 1960 باصدار نظام الادارة المحلية المعمول به وقت صدور القرار الجمهورى رقم 448 لسنة 1974 - أزاء ذلك فانه بصدور القرار الجمهورى المشار اليه يعتبر المطعون ضده معينا فى وظيفة رئيس مجلس مدينة وما يترتب على ذلك من آثار، وفى مقدمتها عدم جواز انهاء تعيينه فى هذه الوظيفة الا بالأداة القانونية ذاتها التى تم بها التعيين وهى القرار الجمهورى، أما قرار وزير الدولة للحكم المحلى فلا يؤتى فى هذا الخصوص أثرا قانونيا، وعلى ذلك فان القرار الوزارى الصادر من وزير الحكم المحلى برقم 73 فى 31/ 8/ 1974 بانهاء ندب المطعون ضده لوظيفة رئيس مدينة أبو تشت واعادته الى عمله الأصلى بديوان عام محافظة بنى سويف اعتبارا من 6/ 9/ 1974 هو قرار باطل لصدوره من غير مختص، اذ ان شغل هذه الوظيفة لا يكون كما سلف البيان الا بالتعيين بقرار من رئيس الجمهورية واذا صدر قرار وزارى بانهاء شغل أحد المعينين بقرار جمهورى فى وظيفة رئيس مدينة، وسمى القرار الوزارى المذكور بأنه انهاء ندب كان فى حقيقته وجوهره قرارا بانهاء التعيين فى تلك الوظيفة ومن ثم كان قرارا باطلا لصدوره من غير مختص.
ومن حيث انه متى كان ذلك فانه لا حجة لما ذهب اليه الطعن من ان المطعون ضده شغل وظيفة رئيس مجلس مدينة بقرار من نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية، فهذا مخالف لما ثبت من الأوراق على ما توضح آنفا، ولأن التعيين فى وظيفة رئيس مجلس مدينة لا يكون طبقا للقانون إلا بقرار من رئيس الجمهورية. وليس فى استلزام ان يكون انهاء خدمة من يعين رئيسا لمجلس مدينة بالاداة القانونية ذاتها التى تم التعيين بها ما يعنى الا ان انهاء شغل المطعون ضده لوظيفة رئيس مجلس مدينة لا يكون بمجرد قرار وزارى بل بقرار جمهورى. واذا كان يجوز لوزير الادارة المحلية عند الضرورة - طبقا للمادة 3 من القانون رقم 65 لسنة 1964 سالف الاشارة اليه - نقل رؤساء مجالس المدن من مجالس المدن التى يرأسونها الى مجالس مدن أخرى، الا أنه لا يملك أن ينقل أحد رؤساء مجالس المدن الى وظيفة أخرى غير رياسة مجلس مدينة، فهذا لا يملكه قانونا الا رئيس الجمهورية. ولا يغير من كل ما تقدم ان يكون المطعون ضده - على حد قول الوزارة الطاعنة - يتقاضى مرتبه من مصرف مالى آخر غير المصرف المالى المقرر لوظيفة رئيس مجلس مدينة أبو تشت بحجة انه مجرد منتدب لتلك الوظيفة، ذلك ان هذا القول منهار الأساس اذ ثبت ان المطعون ضده لم يكن منتدبا بل معينا وبقرار جمهورى فى وظيفة رئيس مدينة.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب فانه يكون قد أصاب وجه الحق ويكون الطعن فيه خليقا بالرفض، مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعنة بالمصروفات.