مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 537

(76)
جلسة 8 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد نور الدين العقاد وعزيز بشاى سيدهم والدكتور حسين توفيق وحسن عبد الوهاب عبد الرازق - المستشارين.

الطعن رقم 293 لسنة 26 القضائية

تموين - سلطة وزير التموين فى اصدار قرارات لضمان تموين البلاد وعدالة التوزيع - حدودها -
القانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين المعدل بالقانون رقم 380 لسنة 1956 - نص المادة الاولى منه على تخويل وزير التموين سلطة اصدار القرارات بموافقة لجنة التموين العليا بفرض القيود التى يراها على انتاج وتداول واستهلاك السلع وإصدار القرارات بموافقة لجنة التموين العليا بتوزيع السلع بالبطاقات أو التراخيص التى تصدرها وزارة التموين ووضع القيود على منح الرخصة الخاصة بانشاء أو تشغيل المحال التى تستخدم فى تجارتها أو صناعتها أية مادة أو سلعة - كل ذلك لضمان تموين البلاد وتحقيق العدالة فى التوزيع - فرض القيود لا يشمل الحظر الكلى للنشاط ومصادرته مصادرة مطلقة شاملة أساس ذلك - تطبيق: - الغاء قرار وزير التموين لمخالفته القانون فيما قرره من حظر تعبئة الأرز الناتورال فى عبوات خاصة الا على الشركات التابعة لمؤسسة المضارب ومؤسسة السلع الغذائية وما ترتب على ذلك الحظر من مصادرة حق المدعين فى ممارسة صناعة تعبئة الأرز فى عبوات خاصة فى المصانع التى كانوا يملكونها ويقومون بتشغيلها فى تلك الصناعة.


اجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 12/ 1/ 1980 أودعت ادارة قضايا الحكومة نائبة عن وزير التموين والتجارة الداخلية قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد فى جدولها برقم 293 لسنة 26 ق عليا ضد عبده محمد ابراهيم عجلان ومكرم جرجس الدروى وكمال الدين محمد فهمى وعبده محمد عجلان وابراهيم أحمد عينو فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 13/ 11/ 1979 فى الدعوى رقم 2158 لسنة 26 ق والذى قضى بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من قصر تعبئة الأرز الناتورال فى عبوات خاصة على الشركات التابعة للمؤسسة العامة للمضارب والمؤسسة المصرية العامة للسلع الغذائية وما يترتب على ذلك من آثار بالنسبة الى حصص المدعين التموينية، وإلزام الحكومة بالمصروفات. وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وباحالة الطعن الى المحكمة الاداريه العليا لتقضى بقبوله شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزام المطعون ضدهم بالمصروفات عن درجتى التقاضى. وقد أعلن تقرير الطعن الى من المطعون ضدهم على حدة وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت به الحكم برفض طلب وقف التنفيذ وبقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزام الحكومة بالمصروفات. وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 21/ 12/ 1981 وفيها قررت إحالة الطعن الى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره أمامها بجلسة 30/ 1/ 1982 وفى تلك الجلسة قررت المحكمة تأجيل نظر الطعن لجلسة 20/ 3/ 1982 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت إرجاء اصدار الحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن فى ان المدعين عبده محمد إبراهيم عجلان ومكرم جرجس الدروى وكمال الدين محمد فهمى وعبده محمد عجلان وابراهيم أحمد عينو - أقاموا الدعوى رقم 2158 لسنة 26 ق أمام محكمة القضاء الادارى فى 3/ 4/ 1982 وطلبوا فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 37 لسنة 1972 الصادر من وزير التموين والتجارة الداخلية فى 9/ 2/ 1979 بقصر تعبئة الأرز الناتورال فى عبوات خاصة استثناء من أحكام القرار رقم 155 لسنة 61 على الشركات التابعة للمؤسسة العامة للمضارب والمؤسسة العامة للسلع الغذائية - وفى الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة بالمصروفات والأتعاب. وقال المدعون شرحا للدعوى ان وزارة التموين أصدرت القرار رقم 601 لسنة 1956 بحظر تعبئة المواد الغذائية المسعرة جبريا فى عبوات خاصة تؤدى الى زيادة أسعارها الا بترخيص منها. ثم صدر القرار رقم 61 لسنة 1958 بتنظيم تعبئة الأرز الأبيض النقى أو أى مادة أخرى مسعرة فى عبوات خاصة. اما القرار رقم 155 لسنة 1961 فحظر بغير ترخيص من وزارة التموين تعبئة المواد الغذائية المسعرة جبريا فى عبوات خاصة تؤدى الى زيادة السعر الرسمى للسلعة. واشترط فيمن يطلب الترخيص فى تعبئة الأرز فى عبوات خاصة الا يكون من أصحاب مضارب الأرز أو شريكا فى مضرب أرز أو يعمل لحساب واحد منها الا المضارب المستثناه بقرار من وزير التموين وان يكون الطالب مقيدا فى السجل التجارى منذ عشر سنوات على الأقل لتجارة الأرز ولا يسرى هذا الشرط على المرخص لهم بتعبئة الأرز قبل العمل بذلك القرار ويستثنى من هذا الشرط من يقرر وزير التموين استثناءه. وأن يكون لدى الطالب مصنعا مجهزا تجهيزا فنيا مستوفٍ للشروط الصحية مرخص له بتنقية وتعبئة الأرز الأبيض النقى أو أى مادة أخرى مسعرة يرغب فى تعبئتها تعبئة خاصة. فالقرار رقم 155 لسنة 1961 يصور صناعة تعبئة الأرز على انها صناعة مستقلة عن صناعة ضرب الأرز وحظر الجمع بين صناعة التعبئة وبين صناعة ضرب الأرز. والمدعون أصحاب مصانع تعبئة أرز بالقاهرة مرخصة منذ سنوات عديدة روعى فى انشائها وادارتها أحكام القرار رقم 155 لسنة 1961. وقد صدر القرار المطعون فيه من وزير التموين لمصلحة مؤسسة المضارب ومؤسسة السلع الغذائية، وقد صدر من وزير التموين بالاستناد الى القانون رقم 95 لسنة 1945 فى شأن التموين. وهذا القانون لم يخول وزير التموين سلطة مصادرة نشاط صناعى أو تجارى قائم ومشروع أو سلطة انشاء احتكار قانونى لمصلحة جهة صناعية أو تجارية. والقانون المذكور خول وزير التموين فقط سلطة فرض قيود على النشاط الصناعى والتجارى بحيث لا تكون هذه القيود حيلة للمصادرة أو لانشاء احتكار أو للحظر الكلى للنشاط التجارى أو الصناعى حتى فى حال وقوع مخالفات. والقرار المطعون فيه تضمن إلغاء مصانع المدعين ومصادرة نشاطهم الصناعى وانشاء احتكار عن هذا النشاط لصالح المؤسستين المذكورتين، واستولى على الحصص المقررة لكل منهم بلا سند من القانون وبدون تعويض.
وعقبت الحكومة على الدعوى فقالت انه فى 9/ 2/ 1972 أصدر وزير التموين والتجارة الداخلية القرار رقم 37 لسنة 1972 بقصر تعبئة الأرز الناتورال فى عبوات خاصة على الشركات التابعة لمؤسسة المضارب ومؤسسة السلع الغذائية. ويحظر القرار رقم 155 لسنة 1961 تعبئة الأرز فى عبوات خاصة تؤدى الى زيادة سعره الرسمى الا بترخيص من الوزارة. والأرز الأبيض محدد سعره بالقرار رقم 270 فى 1/ 10 سنة 1970. وقد استهدف القرار المطعون فيه المصلحة العامة. وهو لا يعتبر من قبيل التأميم أو المصادرة أو الغاء صناعة أو تجارة قائمة، وهو ليس أكثر من قرار بالغاء ترخيص سبق صدروه نتيجة للظروف الجديدة. التى جعلت هذه التراخيص القديمة متعارضة مع السياسة التموينية للبلاد ومصالح المستهلكين. وسياسة الدولة التموينية هى انتقال تجارة الجملة فى المواد والسلع الغذائية الأساسية تدريجيا الى القطاع العام باعتبار هذه السلع هى قوت الشعب ضمانا لتنفيذ سياسة الدولة بشأنها. وقد قصر القرار المطعون فيه تعبئة الأرز على شركات القطاع العام وحدها والقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين يجيز لوزير التموين بموافقة لجنة التموين العليا فرض القيود على انتاج أى مادة أو سلعة أو تداولها أو استهلاكها، بما فى ذلك توزيعها بموجب بطاقات أو تراخيص تصدرها وزارة التموين لهذا الغرض.
وأضافت الحكومة ان القرار المطعون فيه لم يواجه التراخيص الصادرة للمدعين ولكنه يعالج بصفة عامة النشاط الصناعى لتعبئة الأرز، وذلك بحظر نشاط تعبئة الأرز على شركات القطاع العام وكان هذا النشاط رهينا قبل صدور القرار المطعون فيه بصدور ترخيص بشأنه من وزارة التموين، ويترتب على القرار المطعون فيه الغاء التراخيص القديمة ومنها التراخيص السابق صدورها للمدعين والتى ترخص لهم فى تعبئة الأرز. ولا يعتبر القرار المطعون فيه من قبيل قرارات التأميم لأنه لا يتضمن نقل ملكية أو أموال من المدعين الى الدولة.
وبجلسة 23/ 1/ 1973 قضت محكمة القضاء الادارى بوقف تنفيذ قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 37 لسنة 1972 الصادر فى 9/ 2/ 1972 بشأن تنظيم الاتجار فى الأرز الأبيض فيما تضمنه من قصر تعبئة الأرز الناتورال فى عبوات خاصة على الشركات التابعة لمؤسستى المضارب والسلع الغذائية استثناء من قرار وزير التموين رقم 155 لسنة 1961 وما يترتب على ذلك من آثار بالنسبة الى حصص المدعين التموينية والزام الحكومة بمصروفات الطلب المستعجل.
وبجلسة 13/ 11/ 1979 قضت محكمة القضاء الادارى بالغاء القرار المطعون فيه - وأقامت هذا القضاء على أساس ان حكم المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 معدلة بالقانون رقم 380 لسنة 1956 يجيز لوزير التموين اصدار قرارات بالقيود التى تفرض على انتاج المواد والسلع اللازمة لتموين البلاد أو على تداولها أو استهلاكها كما يجيز له فرض القيود على منح التراخيص للمحال التجارية والصناعية التى تستخدم فى تجارتها أو صناعتها أية مادة أو أية سلعة، وذلك كله اذا كان فرض القيود أمرا يستلزمه ضمان تموين البلاد وتحقيق العدالة فى توزيع المواد والسلع على أفراد الشعب وعملية التنظيم تجد حدها الطبيعى فى بقاء النشاط مباحا دون ان تجاوز ذلك الى حد تحريم ممارسة النشاط على أى وجه. والقول بغير هذا النظر يحمل معنى أجازة مصادرة النشاط بقرار يصدر من الوزير، وهو ما يتعارض مع النصوص التى تكفل حق الأفراد فى العمل وتأمين مصادرة أى نشاط إلا بقانون يجيز ذلك. ومن ثم يكون القرار المطعون فيه اذ قصر تعبئة الأرز الناتورال على شركات القطاع العام، قد جاء محرما لنشاط قائم ومشروع هو نشاط تعبئة الأرز الناتورال بأن حظر ممارسة هذا النشاط على الأفراد فى حين ان القانون لم يجيز للوزير الا سلطة فرض القيود وتقييد منح الرخص للمصانع، ويكون القرار المطعون فيه لهذا السبب معيبا بعيب مجاوزة السلطة.
ويقوم طعن الحكومة على أساس ان القانون رقم 95 لسنة 1945 المعدل بالقانون رقم 380 لسنة 1956 وكذلك القانون رقم 163 لسنة 1950 يجعل لوزير التموين سلطة وضع قيود على أية سلعة انتاجا أو تداولا أو استهلاكا لضمان عدالة التوزيع. والقانون لم يحدد ماهية القيود ومداها، ولوزير التموين سلطة تقديرية فى تحديد ماهية القيود ومداها، تحقيقا للهدف الذى شرعت من أجله الأحكام وقد يتسع القيد ليشمل الحظر الكامل على إنتاج وتداول واستهلاك السلع، وتعبئة الأرز الناتورال نشاط مقصور على شركات القطاع العام بناء على القرار المطعون فيه الذى صدر من وزير لتموين فى حدود السلطة المخولة له قانونا. ولوزارة التموين طبقا لقرار وزير التموين رقم 155 لسنة 61 سلطة تعديل والغاء التراخيص السابق اصدارها للافراد بتعبئة الأرز الناتورال وبيعه بعد التعبئة بأكثر من السعر الجبرى.
ومن حيث ان المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين المعدل بالقانون رقم 380 لسنة 1956 ينص فى مادته الأولى على أنه "يجوز لوزير التموين لضمان تموين البلاد ولتحقيق العدالة فى التوزيع ان يتخذ بقرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا كل التدابير الآتية أو بعضها:
( أ ) فرض قيود على انتاج أية أو سلعة وتداولها واستهلاكها بما فى ذلك توزيعها بموجب بطاقات أو تراخيص تصدرها وزارة التموين لهذا الغرض.
(ب) ..........
(جـ) تقييد منح الرخصة الخاصة بانشاء أو تشغيل المحال التى تستخدم فى تجارتها أية مادة أو سلعة.
(د) ..........
(هـ) ..........
(و) ..........
ويتضح من هذا النص ان القانون رقم 380 لسنة 1956 قد خول وزير التموين سلطة إصدار القرارات بموافقة لجنة التموين العليا بفرض القيود التى يراها على انتاج وتداول واستهلاك السلع، وله اصدار القرارات بموافقة لجنة التموين العليا بتوزيع السلع بالبطاقات أو التراخيص التى تصدرها وزارة التموين كما ان له وضع القيود على منح الرخص الخاصة بانشاء أو تشغيل المحال التى تستخدم فى تجارتها أو صناعتها أية مادة أو سلعة - كل ذلك لضمان تموين البلاد وتحقيق العدالة فى التوزيع. وفرض القيود لا يشمل الحظر الكلى للنشاط، ومصادرته مصادرة مطلقة شاملة ذلك ان فرض القيود يستلزم ان يستمر النشاط فى الأصل مباحا وجائزا ولكن بالقيود التى يضعها وزير التموين وقد أصدر وزير التموين القرار رقم 155 لسنة 1961 وفيه يحظر بغير ترخيص من وزارة التموين تعبئة المواد الغذائية الخاضعة للتسعير الجبرى فى عبوات خاصة تؤدى الى زيادة السعر الرسمى المحدد لها وقد اشترط القرار سالف الذكر شروطا معينة لاصدار الترخيص فى تعبئة الأرز فى عبوات خاصة، كما أوجب على المعبئين للأرز أو أى مادة أخرى مسعرة يرغبون فى تعبئتها أن يتبعوا جميع الشروط والمواصفات والأسعار التى تحددها الوزارة فى هذا الشأن. كما حظر على من يرخص له فى التعبئة ان يكون له أكثر من مصنع واحد أو ان يتنازل عن المصنع أو يؤجره أو يجدد الاجارة الا أن يكون الترخيص لمدة سنة تجدد بموافقة وزارة التموين. وقد أصدر وزير التموين القرار رقم 270 لسنة 1970 بشأن تحديد أسعار الأرز الأبيض، وفى 9/ 2/ 1972 أصدر وزير التموين القرار رقم 37 لسنة 1972 بشأن تنظيم الاتجار فى الأرز الأبيض ونص فى مادته الثانية على ان "يقتصر تعبئة الأرز الناتورال فى عبوات خاصة استثناء من أحكام القرار رقم 155 لسنة 1961 المشار اليه على الشركات التابعة للمؤسسة العامة للمضارب والمؤسسة المصرية العامة للسلع الغذائية" كما تضمنت المادة الثالثة السعر المحدد رسميا لبيع الأرز بجميع أصنافه سواء للمستهلكين أو لتجار التجزئة تسليم المضارب ومراكز التوزيع بجميع المحافظات. ويتضح من هذين القرارين ان القرار الأول رقم 155 لسنة 1961 قد جاء متفقا مع أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 المعدل بالقانون رقم 380 لسنة 1956 ذلك انه جعل تعبئة المواد الغذائية الخاضعة للتسعير الجبرى فى عبوات خاصة من شأنها زيادة السعر الرسمى المحدد لبيعها رهينا بالحصول على ترخيص من وزارة التموين، ولا يصدر هذا الترخيص الا بتوافر الشروط التى حددها القرار الوزارى سالف الذكر سواء فى حق طالب الترخيص أو فى المصنع الذى تجرى فيه التعبئة من حيث تجهيزه فنيا واستيفائه الشروط الصحية ومراعاة الشروط الأخرى الواردة فى القرار. وهذه الشروط كلها تتفق فى المعنى مع الاجازة المقررة لوزير التموين بالقانون رقم 380 لسنة 1956 فى فرض القيود على انتاج وتداول واستهلاك وتوزيع أية مادة أو سلعة وتقييد منح الرخص الخاصة بانشاء أو تشغيل المحال التى تستخدم فى تجارتها أو صناعتها أية مادة أو سلعة. اما القرار المطعون فيه رقم 73 لسنة 1972 فقد حظر حظرا كليا شاملا غير مقيد بأى قيد زمنى أو مكانى تعبئة الأرز الناتورال فى عبوات خاصة، وقصر هذا النشاط بصفة مطلقة - استثناء من أحكام القرار رقم 155 لسنة 1961 على الشركات التابعة لمؤسستى المضارب والسلع الغذائية. وقد ترتب على هذا القرار منع المدعين منعا كليا من ممارسة صناعة تعبئة الأرز الناتورال فى عبوات خاصة فى مصانع التعبئة التى يملكونها والتى كانوا يمارسون فيها هذه الصناعة طبقا لأحكام القانون رقم 95 لسنة 1945 والقانون رقم 380 لسنة 1956 وقرار وزير التموين رقم 155 لسنة 1961 - ولا ريب أن وزير التموين لا يملك سلطة الحظر الكلى والمصادرة المطلقة لنشاط الأفراد والهيئات فى مجالات انتاج وتداول واستهلاك وتعبئة المواد والسلع، لأن القانون رقم 380 لسنة 1956 لم يرخص له الا فى فرض القيود وليس فى فرض الحظر المطلق والمصادرة الشاملة لنشاط الأفراد والهيئات فى المجالات المذكورة. وعلى ذلك يكون القرار الصادر من وزير التموين رقم 37 لسنة 1972 قد خالف القانون وجاء حقيقا بالالغاء فيما قرره من حظر تعبئة الأرز الناتورال فى عبوات خاصة الا على الشركات التابعة لمؤسسة المضارب ومؤسسة السلع الغذائية، وما ترتب على ذلك الحظر من مصادرة حق المدعين فى ممارسة صناعة تعبئة الأرز فى عبوات خاصة فى المصانع التى كانوا يملكونها ويقومون بتشغيلها فى تلك الصناعة. واذ قضى الحكم المطعون فيه بالغاء قرار وزير التموين رقم 37 لسنة 1972 فيما تضمنه من قصر تعبئة الأرز الناتورال فى عبوات خاصة على الشركات التابعة لمؤسسة المضارب ومؤسسة السلع الغذائية وما يترتب على ذلك من آثار بالنسبة الى حصص المدعين التموينية - فانه - أى حكم المطعون فيه - يكون قد جاء مطابقا لأحكام القانون، ويكون الطعن فيه فى غير محله وعلى غير أساس سليم من القانون بما يتعين الحكم برفضه.
ومن حيث أنه لما تقدم فانه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه برفضه، وإلزام الحكومة بالمصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعنة بالمصروفات.