مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 545

(77)
جلسة 8 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد نور الدين العقاد وعزيز بشاى سيدهم والدكتور حسين توفيق وعبد المعطى على زيتون - المستشارين.

الطعن رقم 906 لسنة 26 القضائية

تموين - سلطة وزير التموين فى اصدار قرارات لضمان تموين البلاد وعدالة التوزيع - تعويض -
القانون رقم 380 لسنة 1956 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشؤون التموين يجيز فى المادة الأولى منه لوزير التموين لضمان تموين البلاد ولتحقيق العدالة فى التوزيع اتخاذ قرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا بفرض قيود على انتاج أية مادة أو سلعة وعلى تداولها واستهلاكها بما فى ذلك توزيعها بموجب بطاقات أو تراخيص تصدرها وزارة التموين لهذا الغرض وبفرض قيود على نقل أية مادة أو سلعة من جهة الى أخرى - قرار وزير التموين رقم 63 لسنة 1972 بتفويض السادة المحافظين فى مباشرة الاختصاصات المقررة لوزير التموين والتجارة الداخلية بموجب أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 فى اصدار تراخيص نقل السلع الى خارج حدود المحافظة وفقا لما تتضمنه أحكام القرارات الوزارية - لا يجوز للمحافظين فرض قيود على نقل السلع بين المحافظات الا فى حدود ما تتضمنه هذه القرارات الوزارية - أساس ذلك - تطبيق.
قرار المحافظ بحظر نقل الماشية الحية أو المذبوحة من الأبقار والجاموس خارج المحافظة بغير تصريح من مدير الزراعة وضبط الماشية محل المخالفة وتسليمها الى اللجنة المختصة بمديرية الزراعة لتوزيعها على الجمعيات التعاونية والجزارين التعاونيين بالسعر المحلى المتعارف عليه - قرار مخالف للقانون اذا استحدث فرض القيود على نقل المواشى الحية والمذبوحة خارج المحافظة حيث لم يفرض وزير التموين أى قيود على نقلها أصلا.


اجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 29/ 4/ 1980 أودعت ادارة قضايا الحكومة نائبة عن محافظ الفيوم بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد فى جدولها برقم 906 لسنة 26 ق ضد صلاح الدين محمد لبيب فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 4/ 3/ 1980 فى الدعوى رقم 1232 لسنة 29 ق، 1484 لسنة 31 ق والذى قضى بالغاء قرار محافظ الفيوم رقم 136 لسنة 1975 وبإلزام المحافظة بأن تؤدى الى المدعى بصفته مبلغ 219ر597 جنيه باقى ثمن الماشية التى استولت عليها مقدرا على النحو المبين بالأسباب وبمبلغ مائة جنيه كتعويض وإلزام محافظة الفيوم بمصروفات الدعويين. وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعويين المقامتين من المطعون ضده (المدعى) والزامه بالمصروفات عن الدرجتين. وقد أعلن تقرير الطعن الى المطعون ضده. وعقبت هيئة مفوضى الدولة عن الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت به الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا والزام الحكومة بالمصروفات. وتحدد لنظر الطعن جلسة 18/ 1/ 1982 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التى قررت احالة الطعن الى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لتنظره بجلسة 27/ 2/ 1982 وقد نظر الطعن أمام المحكمة فى تلك الجلسة وتأجل نظره لجلسة 27/ 3/ 1982 وقد سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوى الشأن وقررت إرجاء إصدار الحكم فيه لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن ان المدعى أقام الدعوى رقم 1232 لسنة 29 ق أمام محكمة القضاء الادارى فى 15/ 5/ 1975 ضد محافظ الفيوم بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار محافظ الفيوم رقم 136 لسنة 1975 الصادر فى 6/ 3/ 1975 بحظر نقل بعض الماشية خارج المحافظة وفى الموضوع بالغائه وما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة بالمصروفات وقال المدعى فى شرح الدعوى أنه فى 22/ 3/ 1975 استولت الادارة على 14 عجلا مملوكا له بحجة صدور قرار محافظ الفيوم رقم 136 لسنة 1975 بحظر نقل بعض الماشية خارج المحافظة وهذه الماشية لم يتم ضبطها خارج المحافظة. والقرار المطعون فيه قرار غير مشروع، وأن فى تنفيذه ضررا عليه ويلحق به أفدح الخسارة بما يبرر وقف تنفيذه، ويقيم المدعى طعنه على هذا القرار بأنه صدر من المحافظ وكان يتعيين أن يصدر من وزير التموين الذى لم يفوض المحافظين فى هذه السلطة، كما ان قانون الحكم المحلى لا يجيز للمحافظ إصدار مثل هذا القرار.
وعقبت الحكومة على الدعوى فقالت ان المدعى بصفته مديرا للجمعية التعاونية المتخصصة بتربية الماشية بناحية قصر رشوان تعاقد مع الشركة العامة للحوم والدواجن والتوريدات الغذائية بموجب عقد مؤرخ 3/ 8/ 1974 جاء فيه ان الجمعيات التعاونيه المتخصصة التابعة لمؤسسة اللحوم قامت بتخصيص كامل إنتاجها من العجول الكندوز المسمنة والتى تصرف الكميات المقررة من الأعلاف بالأسعار الرسمية بتسليمها الى القطاع التموينى - كما ينص العقد على المنع البات لبيع أى كمية من انتاج هذه الجمعيات من الحيوانات المسمنة خارج القطاع التموينى لأى سبب، بل تلزم الجمعية التعاونية بتسليم كامل انتاجها الى القطاع التموينى. وبناء على هذا العقد قام المدعى بتسليم 110 رأسا عن النصف الأول من سنة 1975 بينما جملة المتعاقد عليه 200 رأس - أى ان المدعى كان مقصرا فى توريد 90 رأسا - وفى 6/ 3/ 1975 أصدر محافظ الفيوم القرار رقم 136 لسنة 1975 بأنه يحظر على غير الشركة المصرية للحوم نقل أو الشروع فى نقل الماشية الحية والمذبوحة من الأبقار والجاموس خارج الفيوم بدون تصريح من مدير الزراعة أو من ينوب عنه، وجزاء مخالفة هذا النص حرمان الجمعية المخالفة من كافة المميزات المقررة وتوقع عليها الغرامات المالية المنصوص عليها فى العقد، وفى جميع الأحوال تضبط الماشية وتسلم الى مديرية الزراعة لتوزيعها على الجمعيات التعاونية والجزارين التعاونيين بالسعر التعاونى - وقد حاول المدعى التهرب من التزاماته العقدية وعمل على تهريب ماشية دون اذن أو تصريح من مديرية الزراعة بقصد المتاجرة فيها فى السوق السوداء وبأسعار باهظة بعد ان تسلم أعلفته بالسعر الرسمى، وقد ضبط فى يوم 22/ 2/ 1975 وتحرر محضر عن الواقعة وضبطت الماشية وتم التصرف فى الماشية المضبوطة طبقا للعقد وبيعت 12 رأسا للجزارين التعاونيين بالمحافظة بثمن قدره 1574.320 جنيه بواقع 44 قرشا للكيلو الحى وبيعت الرأسان الباقيتان بمبلغ 561ر260 جنيه وأوقع بنك التسليف الزراعى التعاونى بالفيوم الحجز على الثمن وطلب المدعى تسديد ثمن الماشية المباعة الى بنك التسليف خصما من مطلوبات البنك المستحقة على جمعية قصر رشوان. والأصل طبقا للمادة السادسة من قانون الادارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 ان يعهد الوزير لكل محافظ ببعض اختصاصاته. وبموجب قرار وزير التموين رقم 63 لسنة 1972 فوض وزير التموين المحافظين فى اصدار تراخيص نقل السلع الى خارج دائرة المحافظة كما يقضى القانون رقم 95 لسنة 1945 بأنه يجوز لوزير التموين فرض قيود على نقل المواد التموينية من جهة الى أخرى - وبناء على هذه الأحكام أصدر محافظ الفيوم القرار رقم 136 لسنة 1975 بمنع نقل الماشية الحية والمذبوحة من الأبقار والجواميس خارج دائرة المحافظة الا بتصريح من مدير الزراعة أو من ينوب عنه، وتضبط الماشية وتسليم الى مديرية الزراعة لتوزيعها على الجمعيات التعاونية والجزارين والتعاونيين بالسعر المحلى المتعارف عليه تعاونيا". وهذا القرار لم يصادر حرية الأفراد فى التجارة والنقل ولكنه وضع قيودا توجب الحصول على تصريح من مديرية الزراعة المختصة. كما ان المدعى التزم بتخصيص كامل انتاجه من العجول الكندوز المسمنة وتسليمها الى القطاع التموينى. والثابت ان المدعى لم يف بالتزاماته وانه كان بسبيله الى تهريب ماشيته خارج المحافظة للاتجار بها بالسوق السوداء بدون ترخيص من مدير الزراعة وقبل تسليم الحصة الواجب عليه تسليمها من الماشية المسمنة. وخلصت الادارة الى طلب الحكم برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات.
وبجلسة 20/ 1/ 1976 أصدرت محكمة القضاء الادارى حكمها فى الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأقامت المحكمة هذا القضاء على أساس ان وزير التموين هو الذى يملك قانونا سلطة فرض القيود على نقل وتداول السلع ولا يملك المحافظ سلطة فرض القيود على نقل السلع وتداولها. وقد فوض وزير التموين المحافظين بالقرار رقم 63 لسنة 1972 فى بعض اختصاصاته ومنها الاختصاص باصدار تراخيص نقل السلع خارج حدود المحافظة. الا انه لم يصدر قرار من وزير التموين بحظر نقل الماشية خارج المحافظات الذى يبقى نشاطا مباحا وليس للمحافظين سلطة تقييده بقرارات منهم وخلصت المحكمة من ذلك الى ان القرار المطعون فيه بحسب الظاهر مشوب بعيب عدم الاختصاص المبطل له، كما ان المنازعة مستعجلة بطبيعتها لتعلق الأمر فيها بحرية ممارسة النشاط التجارى الفردى للمدعى.
وفى يوم 10/ 4/ 1975 أودع المدعى قلم كتاب محكمة جنوب القاهرة الابتدائية صحيفة الدعوى المقيدة فى جدول المحكمة المذكورة برقم 1964 لسنة 1975 مدنى كلى جنوب القاهرة وطلب فيها الحكم بالزام محافظة الفيوم ووزارة الداخلية بأن يدفعوا له مبلغ 275ر5508 ج والمصروفات والأتعاب وقال المدعى فى شرح الدعوى ان الادارة فى محافظة الفيوم استولت على 14 عجلا مملوكة لجمعية قصر رشوان التعاونية لتربية الماشية وزنها الاجمالى عند خروجها من الحظيرة 4801 كيلو بخصم منها 5% بحسب العرف فيكون صافى الوزن 4561 كيلو وثمن الكيلو 55 قرشا فيكون ثمنها الاجمالى 2508.275 جنيه. وهذا الاستيلاء على الماشية قد أصاب المدعى بأضرار لا تقل عن 3000 جنيه ولذلك فانه يحق للمدعى مطالبة المدعى عليهم بأن يدفعوا متضامنين 5508.275 جنيه قيمة الماشية المستولى عليها، والتعويض.
ودفعت الحكومة بعدم قبول الدعوى بالنسبة لاختصام وزيرى الداخلية والزراعة كما دفعت بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى. أما عن الموضوع فقد بيع 12 عجلا بثمن مقداره 1574.320 جنيه. وقد بيعت العجول حسب أوزانها الصحيحة وبالسعر الرسمى. وقد كان المدعى ينوى بيع هذه العجول بأزيد من السعر الرسمى مع ان المحافظة ومؤسسة اللحوم تصرف له الأعلاف. أما العجلان الآخران فلم يتم بيعهما لأن أوزانهما كانت دون الوزن الذى يسمح ببيعهما. وطلبت الادارة من المدعى استلام العجلين والثمن الاجمالى للعجول المستولى عليها.
وبجلسة 23/ 1/ 1977 أصدرت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية حكمها بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وباحالتها الى محكمة القضاء الادارى. وباحالة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى قيدت فى جدولها برقم 1484 لسنة 31 ق. وبجلسة 29/ 1/ 1980 قررت محكمة القضاء الادارى ضم الدعوى رقم 1484 لسنة 31 ق الى الدعوى رقم 1232 لسنة 29 ق ليصدر فيهما حكم واحد - وذلك للارتباط.
وعقبت مديرية الزراعة بالفيوم على الدعوى فقالت ان محافظ الفيوم أصدر القرار رقم 136 لسنة 1975 بحظر نقل الماشية الحية والمذبوحة من الأبقار والجاموس خارج المحافظة بغير ترخيص من مدير الزراعة وبضبط الماشية المهربة وتوزيعها على الجمعيات التعاونية والجزارين التعاونيين بالسعر المحلى المتعارف عليه. وفى 22/ 3/ 1975 تم ضبط السيارة رقم 353 نقل الفيوم محملة بمواشى عددها 14 عجلا وعمل محضر بمركز سنورس بضبط الواقعة وتم تسليم العجول لمديرية الزراعة. وتم وزن العجول وهى مملوكة للجمعية التعاونية التى يرأسها المدعى وهى كلها صالحة للذبح فيما عدا عجلان لم يستوفيا الأوزان وبعد بيع 12 عجلا وايداع ثمنها خزينة المديرية أوقع بنك التسليف حجز ما للمدين لدى الغير على ثمنها سدادا لقروض البنك المنصرفة وبقى العجلان بمقر الوحدة الارشادية الى ان وصلا الى الأوزان المقررة للذبح وتم بيعهما للجزارين التعاونيين بمبلغ 320ر276 جنيه خصم منه مبلغ 15.759 جنيه - للمصروفات وكان الصافى 561ر260 جنيه وبناء على طلب المدعى قامت المديرية بدفع مبلغ 320ر1574 جنيه قيمة 12 عجل بقرى، ومبلغ 260.561 جنيه قيمة العجلين الأخيرين الى خزينة بنك التسليف الزراعى والتعاونى بالفيوم.
وبجلسة 4/ 3/ 1980 صدر الحكم المطعون فيه فى الدعويين رقمى 1232 لسنة 29 ق، 1484 لسنة 31 ق بالغاء قرار محافظ الفيوم رقم 136 لسنة 1975 وبالزام المحافظة بأن تؤدى للمدعى بصفته مبلغ 219ر597 جنيه باقى ثمن الماشية التى استولت عليها. وأقامت قضاءها بالغاء القرار سالف الذكر على أساس ان قانون الحكم المحلى لا يخول المحافظين سلطة فرض القيود على نقل السلع وتداولها والتحفظ عليها، وانه متى لم يصدر قرار بحظر نقل السلع خارج المحافظات من وزير التموين فان هذا النشاط يظل مباحا. وعلى ذلك يكون استيلاء المحافظ على الماشية استنادا الى القرار رقم 136 لسنة 1975 الصادر من محافظة الفيوم بلا سند من القانون، وقد ترتبت عليه أضرار مادية وأدبية لحقت بالمدعى وتوافرت علاقة السببية بين خطأ المحافظة وبين الضرر ولذلك تسأل المحافظة عن تعويض الضرر الذى أصاب المدعى عنها - أما عن التعويض فان مجموع أوزان 14 عجلا هو 4422 كيلو حسبت للمدعى بسعر 44 قرشا للكيلو وهو السعر المقرر للبيع بالجمعيات التعاونية والجزارين التعاونيين. الا ان المحكمة قضت بأن يكون الحساب على أساس السعر 55 قرشا للكيلو لأن المدعى غير ملزم بالسعر التعاونى وبذلك يكون ثمن الماشية 100ر2432 جنيه سددت المحافظة منها 881ر1834 جنيه ويكون الباقى 219ر597 جنيه، وقدرت المحكمة التعويض عن الأضرار المادية والأدبية الأخرى بمائة جنيه، وقد صدر الحكم المطعون فيه قاضيا بالزام محافظة الفيوم بأن تدفع الى المدعى بصفته مبلغ 597.219 جنيه باقى ثمن الماشية، ومبلغ 100 جنيه مائة جنيه كتعويض.
ويقوم الطعن على أساس أن المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنه 1945 قد أجازت لوزير التموين فرض قيود على نقل المواد التموينية من جهة الى أخرى وقد فوض وزير التموين بموجب قراره رقم 63 لسنة 1972 المحافظين فى مباشرة هذا الاختصاص كل فى دائرة محافظته. وبموجب هذا التفويض أصبح من سلطة المحافظين فرض القيود على نقل السلع خارج حدود المحافظة. وقد صدر القرار رقم 136 لسنة 1975 بناء على هذا التفويض من محافظ الفيوم وهو يملك سلطة اصداره. أما عن ثمن الماشية فقد أخطأ الحكم المطعون فيه فى تحديد سعر الكيلو من اللحوم بناء على ما ذكره المدعى فى صحيفة دعواه بلا مناقشة وبلا رجوع الى المختصين فى هذا الشأن ورتب الحكم للمدعى على المحافظة التزاما ماليا بدون وجه حق، اذ الثابت ان ثمن الماشية كاملا قد دفع الى بنك التسليف الزراعى والتعاونى لتسديد ديون المدعى المستحقة للبنك وكان ذلك بناء على طلب المدعى نفسه.
ومن حيث ان القانون رقم 380 لسنة 1956 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 45 الخاص بشؤون التموين يجيز فى المادة الأولى منه لوزير التموين - لضمان تموين البلاد، ولتحقيق العدالة فى التوزيع - اتخاذ قرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا بفرض قيود على انتاج أية مادة أو سلعة وعلى تداولها واستهلاكها بما فى ذلك توزيعها بموجب بطاقات أو تراخيص تصدرها وزارة التموين لهذا الغرض. وبفرض قيود على نقل أية مادة أو سلعة من جهة الى أخرى. وقد أصدر وزير التموين القرار رقم 63 لسنة 1972 بتفويض السادة المحافظين فى مباشرة الاختصاصات المقررة لوزير التموين والتجارة الداخلية بموجب أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 فى اصدار تراخيص نقل السلع الى خارج حدود المحافظة وفقا لما تتضمنه أحكام القرارات لوزارية وتجيز المادة 27 من قانون الحكم المحلى رقم 57 لسنة 1971 لكل وزير ان يعهد بقرار منه الى المحافظ ببعض اختصاصاته المنصوص عليها فى القوانين واللوائح. ويتبين من ذلك ان الأصل هو حرية نقل السلع والمواد من محافظة الى أخرى واستثناء من هذا الأصل أجاز القانون لوزير التموين ان يفرض قيود على نقل السلع والمواد من محافظة الى أخرى. ولما كان لوزير التموين ان يفوض المحافظين فى بعض اختصاصاته المنصوص عليها فى القانون رقم 380 لسنة 1956 لذلك فقد فوض وزير التموين السادة المحافظين فى اصدار تراخيص نقل السلع الى خارج حدود المحافظة فى حدود ما تتضمنه القرارات الوزارية وعلى ذلك لا يجوز للمحافظين فرض القيود على نقل السلع بين المحافظات الا فى حدود ما تتضمنه القرارات الوزارية. وحيث لا يصدر قرار من وزير التموين بفرض قيود على نقل سلعة معينة من محافظة الى أخرى لا يملك المحافظ استحداث فرض هذه القيود ابتداء. والثابت انه لم يصدر قرار من وزير التموين بفرض قيود على نقل الماشية الحية والمذبوحة بين المحافظات، ومن ثم يكون قرار محافظ الفيوم رقم 136 لسنة 1975 الصادر فى 6/ 3/ 1975 بحظر نقل الماشية الحية والمذبوحة من الأبقار والجاموس خارج محافظة الفيوم بغير تصريح من مدير الزراعة وبضبط الماشية محل المخالفة وتسليمها الى اللجنة المختصة بمديرية الزراعة لتوزيعها على الجمعيات التعاونية والجزارين التعاونيين بالسعر المحلى المتعارف عليه - يكون هذا القرار قد استحدث فرض القيود على نقل المواشى الحية والمذبوحة خارج محافظة الفيوم حيث لم يفرض وزير التموين أى قيود على نقلها أصلا، ومن ثم يكون هذا القرار قد خالف القانون بما يوجب الحكم بالغائه وما يترتب على هذا الالغاء من آثار. وقد أصاب الحكم المطعون فيه وجه الحق فى قضائه بالغاء قرار محافظ الفيوم رقم 136 لسنة 1975.
ومن حيث انه عن الطلب الخاص بثمن الماشية والتعويضات - فان الثابت من الأوراق أنه فى 3/ 8/ 1974 أبرم عقد بين الشركة العامة للحوم والدواجن والتوريدات الغذائية والمؤسسة العامة للحوم والألبان - وبين جمعية قصر رشوان ويمثلها رئيس مجلس ادارتها المدعى (صلاح الدين محمد لبيب) على ان تخصص الجمعية كامل انتاجها من العجول الكندوز والمسمنة والتى تصرف عنها الأعلاف بالسعر الرسمى - للقطاع التموينى ويحظر على الجمعية بيع انتاجها من الحيوانات المسمنة خارج القطاع التموينى لأى سبب من الأسباب، وتضع لجنة مختصة سعر استلام اللحوم من جهات الانتاج على فترتين سنويا على أساس متوسط أسعار مشتروات مؤسسة اللحوم للكيلو الحى القائم مخصوما منه عشرون مليما بالنسبة للكندوز البلدى. ونص العقد على طريقة استلام الماشية بمعرفة لجنة يمثل فيها الطرفان بموجب محاضر يوقع عليها مندوبو الطرفين يبين فيها أذون العجول قبل وبعد الخصم مسموح به نظير عدم التصويم وفقد الطريق، ويعتبر هذا المحضر أساس المحاسبة بين الطرفين. وفى يوم السبت 22/ 3/ 1975 تم ضبط السيارة رقم 353 نقل الفيوم وهى تحمل 14 عجلا مملوكة للجمعية التى يرأسها المدعى فى محاولة منها لتهريبها الى خارج محافظة الفيوم، وقد تشكلت لجنة فنية قامت باثبات حالة هذه العجول من حيث اللون والسن والوزن والأرقام التى تحملها، واذ وجدت اللجنة ان اثنى عشر عجلا من مجموع أربعة عشر عجلا قد وصلت الى الأوزان التى تسمح بذبحها فقد قامت لجنة أخرى ببيع هذه العجول الى الجزارين التعاونيين وتم تسديد ثمنها الى بنك التسليف الزراعى والتعاونى بالفيوم تسديدا لديون البنك المستحقة فى ذمة الجمعية، وجرى تسمين العجلين الباقيين الى ان وصل وزنهما الى الحد الذى يسمح بذبحهما وقد تم ذلك وبيعا الى الجزارين التعاونيين وتسدد ثمنهما الى بنك التسليف التعاونى بالفيوم أيضا (وذلك بواقع 1574.320 جنيه ثمن الاثنى عشر عجلا، 561ر260 جنيه ثمن العجلين الأخيرين) وتم الوفاء بثمن العجول الأربعة عشر فى 9/ 8/ 1975 بناء على طلب المدعى بصفته رئيس جمعية قصر رشوان لتربية الماشية وفاء لبنك التسليف التعاونى فى الفيوم لحساب جمعية قصر رشوان من أصل حقوق البنك المستحقة على الجمعية المذكورة. والثابت من الاوراق أنه قد تم وزن العجول بمعرفة اللجنة المنوط بها استلام العجول، ويخضع تحديد السعر لأحكام العقد سالف الذكر، فتحدده لجنة على فترتين فى السنة على أساس متوسط أسعار مشتروات مؤسسة اللحوم للكيلو الحى القائم. وقد تمت محاسبة المدعى محاسبة وقتية طبقا لأحكم العقد سواء بالنسبة الى تحديد أوزان العجول أو سعر بيعها الى الجزارين التعاونيين طبقا للقاعدة المنصوص عليها فى العقد سالف الذكر. والثابت ان المدعى هو الذى أخل بالتزاماته العقدية، ذلك انه كما يبين من الأوراق كان عليه ان يسلم 90 رأس من العجول حتى 30/ 6/ 1975 - وهذه الكمية تعادل الباقى المستحق تسليمه بعد ان قام المدعى فعلا بتسليم 110 رأس من العجول من أصل 200 رأس متعاقد عليها معه - الا انه شرع فى تهريب 14 رأس من العجول ضبطت يوم 22/ 3/ 1975 فى محاولة لتهريبها الى خارج محافظة الفيوم لتباع فى الأسواق الحرة لحساب الجمعية بأكثر من السعر الذى كانت تدفعه لها الشركة العامة للحوم والدواجن مستفيدا من التعاقد معها بالحصول على أعلاف التسمين بالسعر الرسمى والكميات المقررة اللازمة للتسمين. وقد شرع المدعى فى تهريب هذه العجول مع انه يلتزم قانونا بتسليم الشركة العامة للحوم والدواجن والتوريدات الغذائية كامل انتاج الجمعية من العجول الكندوز والمسمنة والتى تصرف لها الكميات المقررة من الأعلاف بالأسعار الرسمية. وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما ذهب اليه من الاعتداد بأقوال المدعى فى تحديد سعر الكيلو القائم الحى من اللحوم وفيما ذهب اليه من تعويضه عن الأضرار المادية والأدبية، ذلك ان المدعى لا يملك سلطة تحديد سعر الكيلو القائم الحى من اللحوم، كما انه وهو الذى صدر عنه الخطأ العقدى لا يستحق التعويض، اذ فضلا عن انعدام الخطأ فى حق الادارة والشركة العامة للحوم والدواجن، فانه فى كل الأحوال لم يصب المدعى بضرر من جراء الاستيلاء على العجول التى كان ينوى تهريبها الى خارج محافظة الفيوم بعد اذ بيعت بالسعر الصحيح والأوزان الصحيحة الى الجزارين التعاونيين طبقا لأحكام العقد المبرم بين المدعى من ناحية وبين الشركة العامة للحوم والمؤسسة العامة للحوم والألبان من ناحية أخرى. وقد كان المدعى ملزما حسب هذا العقد بتسليم هذه العجول الى الشركة لتوزيعها فى النهاية على الجزارين التعاونيين. وعلى ذلك فسواء صدر أو لم يصدر قرار محافظ الفيوم رقم 136 لسنة 1975 فان واقعة استيلاء الادارة على العجول التى شرع فى تهريبها، وبيعها للجزارين التعاونيين بالسعر التعاونى تنفيذا للعقد المبرم مع المدعى لا تبرر الحكم للمدعى بأى تعويض، لأنه هو - أى المدعى - المنسوب اليه وحدة الخطأ العقدى المتمثل فى عدم تسليم كامل انتاجه من العجول الكندوز والمسمنة الى الشركة العامة للحوم والمؤسسة العامة للحوم والألبان. وتأسيسا على ما تقدم يكون المدعى قد تقاضى حقه كاملا غير منقوص فى أى عنصر من عناصر تشكيل ثمن العجول الأربعة عشرة المضبوطة يوم 22/ 3/ 1975، وقد تم تسديد ثمن هذه العجول كاملا الى بنك التسليف الزراعى بالفيوم تسديدا لديون البنك المستحقة فى ذمة جمعية قصر رشوان التى يمثلها المدعى، وكان ذلك الوفاء بناء على طلب المدعى من ناحية، وتنفيذا لحجز ما للمدعى لدى الغير من ناحية أخرى. وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما قضى به من الزام محافظة الفيوم بأن تؤدى الى المدعى باقى ثمن الماشية المستولى عليها بواقع 597.219 جنيه والتعويض بواقع 100 جنيه (مائة جنيه).
ومن حيث انه يتعين لذلك الحكم بقبول الطعنين شكلا وفى موضوعهما بتعديل الحكم المطعون فيه بالغاء قرار محافظ الفيوم رقم 136 لسنة 1975 وبالزام محافظ الفيوم بمصروفات الدعوى 1232 لسنة 28 ق، وبرفض الدعوى رقم 1484 لسنة 31 وبإلزام المدعى بمصروفات دعواه. وبإلزام كل من الطاعنين بمصروفات طعنه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وفى موضوعهما بتعديل الحكم المطعون فيه أولا بإلغاء قرار محافظ الفيوم رقم 136 لسنة 75 والزمت محافظة الفيوم بمصروفات الدعوى 1232 لسنة 29 ق. ثانيا برفض الدعوى 1484 لسنة 21 ق وألزمت المدعى بمصروفات الدعوى ثالثا بإلزام كل من الطاعنين بمصروفات طعنه.