مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 589

(84)
جلسة 16 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبى يوسف وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى عبد الفتاح سليم البشرى وعبد الفتاح محمد إبراهيم صقر ومحمد فؤاد الشعراوى وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 1317 لسنة 26 القضائية

وزارة التربية والتعليم - مدرسين ونظار ووكلاء - إعارة - قواعد الترشيح للاعارة - وظيفة وكيل مدرسة بجدول كامل - وضعها القانونى.
وضع قواعد تنظيمية عامة لوزارة التربية والتعليم للترشيح للاعارة - تحديد نسبة للنظار والوكلاء وقدرها 5% من نسبة عدد الإعارات وتحديد نسبة للمدرسين - وظيفة وكيل مدرسة ابتدائية بجدول كامل - حقيقة وضعهم الفعلى والقانونى - من المتعين على الوزارة إدراجهم ضمن نسبة المدرسين دون معاملتهم بوصفهم وكلاء مدارس ابتدائية - أساس ذلك - تطبيق.


اجراءات الطعن

بتاريخ 28 من يونيه سنة 1980 أودعت ادارة قضايا الحكومة نائبة عن وزير التربية والتعليم بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1317 لسنة 26 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بالمنصورة بجلسة 11 من مايو سنة 1980 فى الدعوى رقم 41 لسنة 2 القضائية المرفوعة من السيد/ صلاح باز أبو العينين محمد ضد وزير التربية والتعليم والذى قضى برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباختصاصها وبإثبات ترك المدعى للخصومة فى طلب وقف التنفيذ وألزمته مصروفات هذا الطلب وبقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار وزير التربية والتعليم الصادر به الأمر التنفيذى رقم 266 فى 10 من يوليو سنة 1979 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى حركة الإعارات الخارجيه للعام الدراسى 1979/ 1980 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الادارة بمصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن للأسباب التى استند اليها فى تقرير طعنه الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ هذا الحكم وبقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه والحكم برفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعلن الطعن الى المطعون ضده، وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه قبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا مع الزام الجهة الادارية المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25 من مايو سنة 1980 وبجلسة 6 من يونيه سنة 1981 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والزمت المطعون ضده مصروفات هذا الطلب، وقررت احالة الطعن الى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث عين لنظره أمامها جلسة 22 من نوفمبر سنة 1981 وتداول الطعن بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها وفيها استمعت المحكمة الى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذا النزاع تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى أن السيد/ صلاح باز أبو العينين محمد أقام الدعوى رقم 41 لسنة 2 ق أمام محكمة القضاء الادارى بالمنصورة طالبا الحكم بصفة مستعجلة بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ الأمر التنفيذى رقم 266 الصادر فى 10 من يوليو سنة 1979 فيما تضمنه من رفض اعارته وفى الموضوع بالغاء الأمر المذكور وما يترتب على ذلك من آثار والزام الادارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماه، وقال شارحا دعواه انه التحق بخدمة الوزارة عام 1966 وتدرج فى وظائفها حتى عين فى وظيفة وكيل مدرسة ابتدائية بجدول كامل وترك عند الترشيح للاعارة الى اليمن الشمالية على الرغم من ادراج اسمه ضمن المرشحين لحصوله فى عامى 77/ 1978، 78/ 1979 على تقريرين بمرتبه ممتاز وانطباق كافة شروط الاعارة عليه الأمر الذى يصم القرار بالمخالفة القانونية.
وعقبت الجهة الادارية على الدعوى بقولها ان المدعى يعمل وكيلا لمدرسة ابتدائية بجدول كامل وقد اكتفت الادارة العامة للاعارات الخارجية عند اعارتهم فحددت لهم نسبة مئوية مقدارها 5% من عدد الوظائف المطلوب الاعارة لها من المدرسين. فرشحت فى حدود هذه النسبة من رجعت أقدميتهم فى الترقية الى عام 1973 واستبعدت الباقين وهم من رجعت أقدميتهم الى ما بعد هذا التاريخ. واستطردت الى القول بأن قرارات الاعارة تدخل فى سلطة الإدارة التقديرية ولا معقب عليها فى هذا الشأن طالما خلا قرارها من عيب الانحراف بالسلطة وبجلسة 11/ 5/ 1980 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباختصاصها واثبات ترك المدعى للخصومة فى طلب وقف التنفيذ وألزمته بمصروفات هذا الطلب وبقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار وزير التربية والتعليم الصادر به الأمر التنفيذى رقم 266 فى 10 من يوليو سنة 1979 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى حركة الإعارات الخارجية للعام الدراسى 1979/ 1980 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الادارة بمصروفات هذا الشق من الدعوى وأقامت قضاءها على التفرقة بين وظيفة وكيل المدرسة ذات الاشراف بجدول كامل وقالت ان طائفة وكلاء المدارس الابتدائية بجدول كامل يدخلون بحسب طبيعة عملهم وبحكم كونهم يقومون بذات العمل الذى يقوم به المدرسون الأوائل فى النسبة المقررة للمدرسين دون تلك المقررة للنظار والوكلاء وهذا ما انتهت اليه الجهة الادارية حين أصدرت مديرية التربية والتعليم بمحافظة الدقهلية توجيهاتها بأن يتقدم الوكلاء بجدل كامل، ومن بينهم المدعى بطلبات الاعارة باعتبارهم مدرسين كما أكد ذلك بمذكرة نائب وزير التربية والتعليم المؤرخة 13 من أغسطس سنة 1979 من أن الوكلاء بجدول كامل الذين تقدموا بطلبات اعارة يقومون بتدريس جدول كامل ولا يمارسون أعمال وظيفة وكيل مدرسة ابتدائية، وأن هؤلاء كان يدركهم الدور فى الاعارة لو أخذ فى الاعتبار دخولهم فى النسبة المقررة للمدرسين.
ومن حيث ان الطعن يقوم على ما دون فى تقرير الطعن وحاصله أن قرار الإعارة كقرار الندب المكانى كلاهما يخرج عن اختصاص مجلس الدولة فلا يخضع للرقابة القضائية وعن الموضوع فان الوكلاء يتساوون فى نسبة حددتها الوزارة بقاعدة تنظيمية عامة مقدارها 5% من عدد الاعارة، والمدعى سواء كان بجدول كامل أم غير ذلك يخضع لهذه النسبة، كما أن الاعارة من القرارات التى تصدرها الادارة بمقتضى سلطة تقديرية مطلقة لا يحدها الا عيب اساءة استعمالها. وانتهت الجهة الادارية فى طعنها الى طلب الحكم بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماه عن الدرجتين.
ومن حيث انه ولو ان الجهة الادارية لم تضمن طلباتها الختامية الحكم بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بالنظر فى القرار محل الطعن الا انه فطالما ان الاختصاص من النظام العام فان المحكمة تتعرض له من تلقاء ذاتها.
ومن حيث ان الدستور ينص فى المادة 172 منه على أن "مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة" ويختص بالفصل فى المنازعات الادارية وفى الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى وجاء قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وجرت المادة العاشرة منه كالآتى: "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية: (رابع عشر) سائر المنازعات الادارية". الأمر الذى يجعل من مجلس الدولة قاضيا للقانون العام، فى جميع المنازعات الادارية متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص أو عيبا فى الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ فى تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة. وعليه ومتى كان الطعن القائم على قرار صادر من الجهة الادارية بالاعارة الخارجية وقد مس موظفا عاما فتختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فيه بوصفه منازعة ادارية.
ومن حيث انه بالنسبة للموضوع فان مقطع النزاع فى الدعوى المطروحة هو ما اذا كان المدعى - وهو يشغل وظيفة وكيل مدرسة ابتدائية بجدول كامل - يدخل عند الاعارة الخارجية فى نسبة النظار والوكلاء وقدرها 5% من نسبة عدد الاعارات أم انه يدخل ضمن نسبة المدرسين بالشروط والأوضاع التى اشترطتها القواعد التنظيمية العامة لوزارة التربية والتعليم.
ومن حيث ان القرار الوزارى رقم 15 لسنة 1970 ينص على أنه "يجوز ترقية المدرسين الى وظائف وكلاء مدارس بجدول كامل وذلك تمهيدا لترقيتهم أو ترشيحهم للترقية الى وظائف نظار مدارس" ويقوم شاغل هذه الوظيفة بذات الاعباء التى كان يقوم بها فى وظيفة مدرس فالمدرس الابتدائى بجدول كامل يدرس 24 حصة أسبوعيا واذا كان مدرسا أولا اكتفى بتدريس 16 حصة ولا يقوم بأية أعمال ادارية وقد أصدرت الوزارة قرارا آخر برقم 16 لسنة 1976 وضع حولات محددة للترقية الى وظيفة وكيل مدرسة بأن يرقى وكيل واحد لكل مدرسة يتراوح عدد الفصول بها بين عشرة وعشرين فصلا ووكيلين لما يزيد على ذلك وان يقوم الوكيل بتدريس 12 حصة فى الاسبوع ويساعد ناظر المدرسة فى الأعمال الادارية بها. ومن ذلك يبين ان وكلاء المدارس نوعان الأول الوكيل بجدول كامل وهذا ليس له أى اشراف ادارى ويقوم بالتدريس كاملا فاذا كان مدرسا عاديا ينظر به العدد المحدد للحصص وقدره 24 حصة أسبوعيا واذا كان مدرسا أول ينظر به العدد المحدد للحصص المقررة له وقدرها 16 حصة أسبوعيا أما الوكيل المشرف أو بمعنى آخر الوكيل الإدارى فانه يساعد الناظر فى ادارة المدرسة وعليه مقررا للتدريس لا يتعدى 12 حصة أسبوعيا.
ومن حيث أن قواعد الترشيح للاعارة الصادر بها القرار الوزارى رقم 291 لسنة 1978 قد أفردت نسبة محددة للترشيح لمن يشغل وظيفة ناظر مدرسة أو وكيل بها قدرها 5% من عدد المرشحين فى كل مادة تخصص وأطلقت بقية وظائف المدرسين ضمن باقى النسبة.
ومن حيث ان هذا القرار وقد أباح لوكلاء المدارس ونظارها فى مختلف المراحل التعليمية ان يتقدموا للاعارة كمدرسين بالشروط والأوضاع التى حددها فان مفهوم ذلك وقد أضاف الوكلاء الى النظار ليسرى عليهم ذات الحكم ان الوكيل المقصود هو الوكيل فى الوظيفة الاشرافية والذى يحل محل الناظر ويأخذ حكمه فهو الوكيل من النوع الذى نص عليه القرار الوزارى رقم 16 لسنة 1976 السابق الإلماح اليه اما النوع الأول الذى حدده القرار الوزارى رقم 15 لسنة 1970 السابق الاشارة اليه فهو مدرس فعلا وان كان حكما يتمتع بلقب وكيل مدرسة يؤكد ذلك ان الوكيل الفعلى والناظر يتقدمون الى الاعارة كمدرسين لزوال هذه الصفة عنهم فعلا اما الوكلاء بجدول فهم ما زالوا مدرسين يتقدمون بهذه الصفة ضمن النسبة المقررة للمدرسين لأن هذه الصفة لم تزايلهم أبدا.
ومن حيث ان المقطوع به بحسب الوقائع الواردة فى الأوراق ان الوزارة عاملت هذه الطائفة ومنهم المدعى بوصفهم وكلاء مدارس ابتدائية فتكون الوزارة بذلك قد أغفلت وضعهم الفعلى والقانونى وكان من المتعين عليها أن تدرجهم ضمن نسب المدرسين.
ومن حيث ان الوزارة لا تنازع فى ان شروط الاعارة الخارجية تدرك المدعى لو كان قد أدرج ضمن نسب المدرسين لا الوكلاء فانه وعلى مقتضى ذلك يكون القرار الصادر باغفاله ضمن الترشيح للاعارة بمقتضى القرار الوزارى رقم 79/ 1980 قد جاء مخالفا لحكم القانون حقيقا بالالغاء.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد سار على هذا النهج الصحيح من تفسير القانون والقواعد التنظيمية العامة فانه يكون قد صدر بمنجى عن الطعن فيه وبالتالى يكون الطعن قد قام على غير سبب صحيح خليقا برفضه مع الزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.