مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 611

(87)
جلسة 22 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صلاح الدين السعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد محمد عبد المجيد ونصحى بولس فارس ومحمد عزيز أحمد على وعادل عبد العزيز بسيونى - المستشارين.

الطعن رقم 923 لسنة 23 القضائية

اعلان دستورى - اختصاص رئيس الجمهورية - مجلس الرئاسة - قرار إدارى - انعدامه.
الاعلان الدستورى الصادر فى 27 سبتمبر سنة 1962 بشأن التنظيم السياسى لسلطات الدولة العليا - نص المادة الثامنة منه على أن يقر مجلس الرياسة جميع المسائل والموضوعات التى ينص الدستور المؤقت والقوانين والقرارات على اختصاصات رئيس الجمهورية - مؤدى هذا أن رئيس الجمهورية اذا ما تصدى لاصدار أية مسألة من هذه المسائل دون أن يسبق هذا الإصدار إقرار أو موافقة مجلس الرياسة فان هذا الاصدار يكون فى الواقع قد انصب على مضمون يخرج عن دائرة اختصاص رئيس الجمهورية وينطوى على اغتصاب لاختصاص مجلس الرئاسة المقرر بالاعلان الدستورى - ويفقد هذا الإصدار بالتبعية مبرر وجوده بعد أن فقد ركيزة قيامه ويضحى بهذه المثابة عملا من أعمال الغصب لا يرتب أثرا قانونيا - أساس ذلك - تطبيق.
اثبات - تخلف الخصم عن ايداع البيانات والمستندات المطلوبة أو تسببه فى فقدها يؤدى الى قيام قرينة لصالح الطرف الآخر بحيث تلقى بعبء الإثبات على عاتق الطرف الذى تقاعس عن تقديم المطلوب وتجعل المحكمة فى حل من الأخذ بما قدم من أوراق وبيانات واعتبار المستندات التى قدمها الخصم والوقائع التى استند اليها صحيحة - تطبيق.
احجام الجهة الادارية عن تقديم محضر مجلس الرئاسة المقول بأنه وافق فيها على القرار المطعون فيه والتذرع بعدم العثور عليه أو أية أوراق تتعلق بالموضوع - تأييد الطاعن فيما ذهب اليه التسليم بأن مجلس الرئاسة لم يقر القرار المطعون فيه بعد أن استبان أن مشروع هذا القرار لم يعرض على مجلس الرياسة فى اجتماع قانونى وانما عرض عليه بالتمرير ولم يوافق أعضاؤه عليه بالإجماع.


اجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 29 من أغسطس سنة 1977 أودع الأستاذ/ محمد كمال عوض الله المحامى قلم كتاب المحكمة الادارية العليا بالنيابة عن السيد/ ........ تقرير طعن قيد بجدول المحكمة تحت رقم 923 لسنة 23 القضائية فى الحكم الصادر بجلسة 30 من يونيه سنة 1977 من محكمة القضاء الادارى فى الدعوى رقم 1032 لسنة 27 القضائية المقامة من الطاعن وآخرين ضد السيد رئيس الجمهورية والذى قضى بعدم قبول الدعوى شكلا والزام المدعيين بالمصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى شكلا وفى موضوعها بالغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 1223 لسنة 1963 الصادر فى 27 من يونيه سنة 1963 فيما تضمنه من نقل الطاعن من قسم الرقابة الإدارية الى احدى الوظائف بالمؤسسات العامة مع ما يترتب على ذلك من آثار مع الزام الحكومة المصروفات شاملة مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبعد اعلان تقرير الطعن عقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 13 من مايو سنة 1981 وبجلسة 8 من يوليه سنة 1981 قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 31 من أكتوبر سنة 1981 وبجلسة 27 من فبراير سنة 1982 سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم أرجأت اصدار الحكم الى جلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من الأوراق فى أن المدعى السيد/ ........ أقام وآخرون الدعوى رقم 1023 لسنة 27 القضائية ضد السيد رئيس الجمهورية بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى فى 15 من يونيه سنة 1973 طلبوا فيها الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة 1963 الصادر فى 27 من يوليه سنة 1963 والذى قضى بنقلهم من الرقابة الإدارية الى وظائف بالمؤسسات العامة واعتبار هذا القرار كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام المدعى عليه بالمصروفات والاتعاب ونعى المدعون على القرار المطعون فيه صدوره منعدما، اذ أن نقل المدعيين وزملائهم من وظيفة عضو الرقابة الادارية الى وظيفة أخرى قد تم بدون موافقة مجلس الرئاسة وان الحصول على موافقة بعض اعضائه بطريق التمرير لا يمكن اعتباره موافقة لأن العمل جرى من باب التسهيل الحصول على قرار بطريق التمرير اذا كانت الموافقة اجماعية وهو ما لم يتم بالنسبة للقرار المطعون فيه بعد أن سجل بعض أعضاء مجلس الرئاسة اعتراضاتهم كتابة عليه كما أن القرار المطعون فيه باطل لانه فوت على المدعيين ترقياتهم وتسوية حالاتهم طبقا لقانون الرقابة الادارية الجديد، ولم يصدر القرار المذكور بهدف الصالح العام بل صدر بدافع الانتقام من جهاز الرقابة الادارية الذى أدى واجبه بأمانة واخلاص وأوضح للسيد رئيس الجمهورية الانحرافات التى ارتكبها السيد/ ........ وأسرته والعاملين معه ومن ثم فقد صدر القرار المطعون فيه مشوبا بعيب الانحراف فى استعمال السلطة. وقال المدعون ان العيوب التى لحقت بالقرار المطعون فيه لم تتكشف لهم الا فى 16 من فبراير سنة 1973 عندما علموا من أحد أعضاء مجلس الرئاسة بالطرق الملتوية التى لجأ اليها السيد/ ........ رئيس المجلس التنفيذى فى ذلك الوقت لاستصدار القرار المطعون فيه اذ علم المدعون ان قرار نقلهم وزملائهم عرض على مجلس الرئاسة الذى رفض الموافقة عليه ثم تحايل السيد/ .......... وقام بعرض قرار النقل على أعضاء مجلس الرئاسة بطريقة التمرير فوافق عليه بعض الأعضاء ورفضه البعض الآخر وسبب هذا الرفض كتابة، غير ان السيد/ ...... رئيس المجلس التنفيذى أصدر القرار المذكور رغم أن الموافقة عليه كانت بالتمرير الأمر الذى يستلزم الموافقة الاجماعية عليه وأضاف المدعون أنهم بعد أن علموا بتلك العيوب الجسيمه التى شابت القرار المطعون فيه عن طريق المذكرة التى حررها لهم احد أعضاء مجلس الرئاسة قاموا بالتظلم من القرار المطعون فيه والتمسوا الغاءه واعتباره كأن لم يكن غير ان الجهة الإدارية لم ترد على تظلماتهم فأقاموا دعواهم خلال الستين يوما التالية.
ودفعت الجهة الادارية بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد القانونى تأسيسا على ان القرار المطعون فيه صدر فى 23 من يونيه سنة 1963 وعلم به المدعون فى حينه غير انهم لم يتظلموا منه الا فى 4 من يونيه سنة 1973 ولم يرفعوا دعواهم الا فى 15 من يوليه سنة 1973 وقالت الجهة الادارية انه لا وجه للقول بانعدام القرار المطعون فيه لعدم اتباع الإجراءات الشكلية المقرره فى إصداره اذ أن مخالفه القرار المطعون فيه لاجراء شكلى من الاجراءات اللازمة لصدوره لا يترتب عليه سوى البطلان الذى يتحصن ضد الطعن بالألغاء بفوات الميعاد، كما ان القانون لم يتطلب لاصدار القرار المطعون فيه موافقة أعضاء مجلس الرئاسة بالأغلبية أو بالاجماع وقد صدر استنادا الى المادة 48 مكررا المضافة الى قانون النيابة الادارية بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 68 لسنة 1963 والتى تقضى بجواز نقل أعضاء النيابة الادارية بقسميها الى وظائف عامة بالوزارات والمؤسسات بناء على اقتراح رئيس المجلس التنفيذى وان هذا القانون لم يتطلب صراحة لصدور قرارات جمهورية بنقل أعضاء النيابة الادارية بقسميها الى الوزارات والمؤسسات سوى اقتراح رئيس المجلس التنفيذى واذ كان الثابت ان رئيس المجلس التنفيذى قد تقدم بالفعل باقتراح نقل المدعيين وصدر قرار رئيس الجمهورية المطعون فيه بناء على هذا الاقتراح فانه يكون قد صدر سليما مستكملا لمقوماته الشكلية ويكون النعى عليه بالانعدام بلا سند من القانون. وأضافت الجهة الادارية ان القول بأن مجلس الرئاسه قد وافق على القرار المطعون فيه بطريق التمرير وهو ما يوجب موافقة جميع اعضاء المجلس الأمر الذى لم يتوافر فى القرار المطعون فيه اذ اعترض عليه السيد/ ........ الذى شهد بذلك فى 16 من نوفمبر سنة 1974، هذا القول مردود بما هو ثابت بديباجة القرار المطعون فيه التى تضمنت ما يفيد صدوره بعد الاطلاع على موافقة مجلس الرئاسة، وما ثبت من المذكرة المرفقة بكتاب نائب وزير الداخلية (مباحث أمن الدولة) من "انه تبين من الفحص أنه فى عام 1963 صدر القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة 1963 وموقع من أعضاء مجلس الرئاسة فى ذلك الوقت.. وان السيد........ هو الذى أقر القرار الجمهورى الخاص بنقل أعضاء الرقابة الإدارية الى الوظائف العامة وتمكن من الحصول على توقيعات أعضاء مجلس الرئاسة عن طريق تمرير القرار عليهم".. وقالت جهة الادارة ان ذلك يقطع بسلامة القرار المطعون فيه وان ما ورد بشهادة السيد/ ........ فلا قيمة له ولا يلتفت اليه اذ لا تعدو هذه الشهادة الا ورقة عرفية لا ترقى الى مستوى الدليل المستمد من الورقة الرسمية التى تحمل قرينه الصحة على كل ما ورد فيها شأن القرار المطعون فيه. وفيما يتعلق بما آثاره المدعون من أن هذا القرار صدر مشوبا بعيب الانحراف واساءة استعمال السلطة قالت جهة الادارة ان ما قال به المدعون فى هذا الشأن وهو قول مرسل لا دليل عليه ولا يعتد به اذ ان ذلك العيب من العيوب القصدية التى يتعين اقامة الدليل عليها فضلا عن ان الثابت من المذكرة الايضاحية للقرار المطعون فيه انه قد صدر بباعث من الصالح العام. وانتهت الجهة الإدارية الى طلب الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى شكلا واحتياطيا برفضها موضوعا والزام المدعيين بالمصروفات فى الحالين.
وبجلسة 30 من يونيه سنة 1977 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا وألزمت المدعيين المصروفات وأقامت قضاءها على انه لا وجه لاستناد المدعيين للشهادة الخطية - العرفية المنسوبة الى السيد/ ........ اذ أنه مع التسليم بصدورها ممن نسبت اليه فان موضوعها لا يعدو أن يكون خبرا أو شهادة متروك تقديرها لسلطة المحكمة وقالت المحكمة ان هذه الشهادة رغم انها خاصة بأمر قديم فانها ليست منزهة عن أن تكون قد أعطيت مجاملة أو حرجا أو عطفا أو كعمل سياسى ومن ثم فانه لا يمكن للمحكمة أن تستريح اليها ولا تصلح بالتالى لزحزحة القرينة المفترضة وهى صحة وسلامة ما جاء فى القرار المطعون فيه الذى نصت ديباجته على انه صدر بعد موافقة مجلس الرئاسة. وأضافت المحكمة انه مع التسليم جدلا بأن الموافقة على القرار المذكور وقد كانت بالتمرير - لم تتم بالاجماع فان هذا العيب على فرض حدوثه لا يعدم القرار الصادر بناء على ذلك وان جعله باطلا يتحصن بفوات الميعاد المقرر للسحب أو الالغاء وقالت المحكمة ان هذا الأثر ذاته يترتب حتى مع القول بأن الشكل أو الاجراءات ركن من أركان القرار الادارى وليست من شروط صحته. وقالت المحكمة انه وقد اتخذت الاجراءات الخاصة بعرض القرار المطعون فيه على مجلس الرئاسة فان العيب الذى يقول المدعوون على فرض حدوثه لا ينحدر بالقرار الى العدم وانما ينال من صحته ومن ثم فانه يتحصن بفوات ميعاد الستين يوما. ومتى كان ذلك وكان المدعون قد علموا بالقرار المطعون فيه فى 27 من يونيه سنة 1963 فقد كان عليهم ان ينهضوا الى التظلم من خلال ستين يوما من تاريخ هذا العلم ولكنهم قدموا تظلمهم لأول مرة فى 5 من ابريل سنة 1973 الأمر الذى يكون معه هذا التظلم غير مقبولا شكلا وبالتالى لا ينتج أثرا فى قطع ميعاد دعوى الالغاء وتكون دعواهم التى أقاموها فى 15 من يوليه سنة 1973 قد أقيمت بعد الميعاد القانونى.
ومن حيث ان الطعن المقدم من السيد/ ........ يقوم على أن الحكم المطعون فيه جاء مخالفا للواقع والقانون ومجحفا بحقوقه ذلك ان الثابت من الأوراق أن أعضاء مجلس الرئاسة لم يوافقوا بالاجماع على القرار المطعون فيه عندما عرض عليهم بالتمرير وبالتالى فلم يصدر قرار مجلس الرئاسة باعتبار ان الموافقة الاجماعية فى حالة التمرير تعتبر ركنا لقيام القرار، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه معدوما، كذلك فقد تضمن الحكم المطعون فيه اخلالا خطيرا بحق الدفاع اذ طلب المدعى ضم أصول الصور الضوئية التى قدمها والثابت فيها اعتراض بعض أعضاء مجلس الرئاسة على القرار المطعون فيه أو انتقال المحكمة الى رئاسة الجمهورية للاطلاع على سجلات مجلس الرئاسة للتأكد من صحة ما ذكره المدعى نعيا على القرار المطعون فيه، غير أن المحكمة لم تستجب الى أى طلب من طلبات المدعى فى هذا الشأن. كما يقوم الطعن على ما شاب الحكم المطعون فيه من قصور مخل فى الأسباب اذ لم يتناول الا سببا واحدا من الأسباب التى أثارها المدعى طعنا على القرار المطعون فيه، دون أن يتطرق بالرد على باقى الأسباب والتى تعلقت بصدور ذلك القرار من غير مختص. وما شاب القانون رقم 68 لسنة 1963 الذى أجاز نقل أعضاء الرقابة الادارية من عيوب تجعله باطلا دستوريا لفقدان صفة العمومية والتجريد وصدوره مشوبا بعيب الانحراف فى السلطة التشريعية.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق ان السيد رئيس المجلس التنفيذى رفع مذكرة الى السيد رئيس الجمهورية، تضمنت "ان اصلاح أداة الحكم هدف أساسى من أهداف الحكومة وتحقيقا لهذا يجب احكام الرقابة على الموظفين فى قيامهم على تنفيذ القوانين على نحو يكفل تحقيق الصالح العام وأخذ المقصر بجرمه تأكيدا لاحترام القانون. ولهذه الغايات أعيد تنظيم النيابة الادارية فى سنة 1958 والجديد فى فى هذا التنظيم هو انشاء قسم الرقابة وغاية هذا القسم هو التحرى والكشف عن المخالفات وقد تبين من الدراسات التى تمت فى هذا الشأن ان بعض الأعضاء فى قسم الرقابة غير صالحين للعمل فى هذا الجهاز لهذا فقد رأينا ضمانا لحسن سير العمل بجهاز الرقابة ومراعاه للصالح العام ابعاد أعضاء قسم الرقابة الموضحة اسماؤهم فى القرار المرفق من هذا الجهاز نقلا الى وظائف عامة أخرى بالمؤسسات العامة المذكورة قرين اسم كل منهم وذلك حتى تؤتى الرقابة ثمرتها من ازالة الخطأ والاتجاه الى التوجيه والاصلاح على أساس ما تسفر عنها". وفى 27 من يونيه سنة 1963 صدر قرار رئيس الجمهورية المطعون فيه رقم 1223 لسنة 1963 باجراء تعيينات بالمؤسسات العامة، وتضمن فيما تضمنه تعيين السيد/ ........ (الطاعن) بالمؤسسة المصرية العامة لتعمير الأراضى. وقد أشير فى ديباجة هذا القرار الى الدستور المؤقت والاعلان الدستورى الصادر فى 27 من سبتمبر سنة 1962 فى شأن التنظيم السياسى لسلطات الدولة العليا، كما أشير فى تلك الديباجة الى القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية والقوانين المعدلة له وكذلك الى موافقة مجلس الرئاسة.
وفى 16 من فبراير سنة 1973 حرر السيد/ ........ سفير جمهورية مصر العربية فى لندن والعضو السابق بمجلس الرياسة مذكرة تناول فيها بواعث اصدار القرار المطعون فيه والظروف والملابسات التى أحاطت بصدوره وقال فيها "ان السيد رئيس المجلس التنفيذى تمكن منذ أن كان وزيرا لشئون رئاسة الجمهورية من أن يطلع - بحكم موقعه - على ما كتبه أعضاء الرقابة الادارية ضده وضد بعض أقاربه ومعاونيه لذلك فقد بادر بعد أن تولى مسئولية الاشراف على جهاز النيابة الادارية بعد تعيينه رئيسا للمجلس التنفيذى سنة 1963 بمحاولة نقل أعضاء الرقابة الادارية الا أنه لم يتمكن لما تضمنه قانون النيابة الادارية مع عدم جواز النقل الا بمسببات واجراءات خاصة، لذلك عمد السيد/ ........ رئيس المجلس التنفيذى الى تغيير هذه المادة فى القانون فاستصدر بتاريخ 20 من يونيه سنة 1963 القرار الجمهورى بالقانون رقم 68 لسنة 1963 متضمنا اضافة مادة جديدة برقم 48 مكررا الى قانون النيابة الادارية تقضى بجواز نقل أعضاء النيابة الادارية الى وظائف عامة بالوزارات والمؤسسات العامة بناء على اقتراح رئيس المجلس التنفيذى وعقب صدور هذا التعديل فى القانون الذى استحدثه بغرض التنكيل بأعضاء الرقابة الادارية بدأ فى استكمال تنفيذ مخططه بأن عرض على مجلس الرئاسة - وكنت وقتئذ عضوا بهذا المجلس - بالتمرير بتاريخ 27 من يونيه سنة 1963 القرارات الجمهورية المتتابعة أرقام 1222، 1223، 1224 لسنة 1963 القرار الأول والثانى يقضى بنقل رئيس جهاز الرقابة الادارية الى المؤسسات العامة والقرار الثالث بترقية من تبقى بجهاز الرقابة الادارية من أعضاء متخطيا بذلك الأعضاء المنقولين الذين كان معظمهم يستحق هذه الترقية وأضاف السيد........ فى مذكرته "انه اعترض بحكم عضويته فى مجلس الرئاسة على هذه القرارات اعتراضات مسببة مبينا أن بعض المنقولين كانوا من أنشط الأعضاء ومنهم من تولى التحقيق فى كثير من القضايا التى تمس السيد/ ........ وأقاربه ومعاونيه وان النقل بهذه الصورة يحمل معنى التنكيل ويمكن الرجوع الى محاضر اجتماعات مجلس الرئاسة فى هذا الشأن علاوة على أن هذه القرارات باطلة لضرورة موافقة مجلس الرئاسة عليها بالاجماع نظرا لعرضها بطريقة التمرير" واختتم السيد/ ........ مذكرته بالقول بأن الأمر معروض لرفع الظلم عن هذه الفئة ولرد اعتبارهم باعادتهم الى مواقع عملهم التى أبعدتهم عنها مراكز القوى والارهاب والتسلط أسوة بما اتبع بالنسبة لرجال القضاء والقوات المسلحة وغيرهم.
واستنادا الى تلك المذكرة قام الطاعن وآخرون فى 5 من ابريل سنة 1973 بالتظلم من قرار رئيس الجمهورية رقم 1223 لسنة 1963 الذى قضى بنقلهم كأعضاء بالرقابة الادارية الى وظائف بالمؤسسات العامة والتمسوا الغاء هذا القرار واعتباره كأن لم يكن واذ لم ترد الجهة الادارية على تظلمهم قام المدعى وآخرون باقامة دعواهم مثار الطعن الماثل بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى فى 15 من يوليه سنة 1973.
وفى يوليه سنة 1974 تقدم الطاعن وآخرون بشكوى الى السيد رئيس الجمهورية أشاروا فيها الى ان السيد/ ......... قد بطش بأعضاء الرقابة الادارية القدامى الذين تم اختيارهم من القوات المسلحة والشرطة والذين باشروا عملهم فى خدمة وطنهم بالحق والجهد والاخلاص ولكن لأحقاد وأهواء شخصية قام سيادته باستصدار القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة 1963 بتشتيتهم من الرقابة الإدارية الى غير تخصصاتهم تنكيلا بهم وقد ترتب على ذلك انهم لا زالوا يعانون من آثار هذا النقل الذى أثر على مستقبلهم الوظيفى ومستقبل أسرهم والتمسوا فى شكواهم تصحيح أوضاعهم وتسوية حالاتهم. وقد أحيلت هذه الشكوى الى المدعى العام الاشتراكى وقيدت برقم 3594 لسنة 1974 عرائض وتولى المدعى العام الاشتراكى التحقيق فيما ورد فيها. وتناول التحقيق سؤال السيد/ ........ الذى أقر بصدور المذكرة المؤرخة فى 16 من فبراير سنة 1973 منه وانه كان قد سلمها للشاكيين وأكد ما تضمنته تلك الشكوى من أن الباعث على اصدار القرار المطعون فيه لم يكن الصالح العام وانما كان التنكيل بمن شملهم ذلك القرار بالنقل من الرقابة الادارية وذلك بسبب ما قدموه من تقارير كشفت عن قضايا ضد بعض الشخصيات ومن أبرز هذه القضايا القضية التى اتهم فيها شقيق زوجة السيد/ ........ وقضايا الاصلاح الزراعى وقال السيد/ ........ أن السيد/ ........ قام لذلك باعداد مشروعات القرارات الجمهورية المتتابعة أرقام 1222، 1223، 1224، سنة 1963 السالف الاشارة اليها - وعند عرض هذه القرارات الجمهورية على أعضاء مجلس الرئاسة للتوقيع عليها بالتمرير لم يوافق على القرار الخاص بنقل هؤلاء الأعضاء الى جهات أخرى وأثبت على نفس محضر الجلسة اعتراضه ومبررات هذا الاعتراض وأضاف انه بالرغم من أن القرار الذى ينتهى بالتمرير يتعين قانونا موافقة جميع الأعضاء عليه. وبالرغم من اعتراضه المسبب على القرار المطعون فيه فقد صدر هذا القرار ولا يدرى كيف صدر، وقرر مقدموا الشكوى فى التحقيق أن محضر مجلس الرئاسة بالتمرير مودع برئاسة الجمهورية بالأرشيف التابع للسيد الدكتور........ سكرتير السيد الرئيس للاتصالات الخارجية. وقد طلب السيد المدعى الاشتراكى من السيد أمين عام مجلس الوزراء المذكرات الخاصة بالقرارات الجمهورية السابق الاشارة اليها وكذلك محضر جلسة مجلس الرئاسة بالتمرير المشار اليه، فوردت اليه فى نوفمبر سنة 1974 صور من تلك المذكرات دون محضر جلسة الرئاسة وكان السيد المدعى العام الاشتراكى قد أحال الشكوى الى السيد اللواء نائب وزير الخارجية لمباحث أمن الدولة لفحصها فورد كتابه رقم 852 لسنة 74 المؤرخ فى 10 من سبتمبر سنة 1974 مرفقا به مذكرة بنتيجة فحص الشكوى جاء بها انه يتردد ان السيد/ ........ كان يشغل منصب وزير شئون رئاسة الجمهورية - واطلع بحكم موقعه على ما كتبه أعضاء الرقابة الادارية ضده وضد بعض أقاربه ومعاونيه - وراء هذا القرار الذى أراد به التنكيل بأعضاء الرقابة الادارية الذين شملهم القرار رقم 1223 لسنة 1963 بالنقل من الرقابة الادارية الى المؤسسات العامة والدليل على ذلك انه قام بتعديل قانون الرقابة الادارية فى عام 1963 باضافة مادة جديدة اليه تقضى بجواز نقل عضو الرقابة الى الوظائف العامة بناء على اقتراح رئيس المجلس التنفيذى بعد أن كان نقل العضو مرهونا بتقرير مسبب من لجنة خاصة، وان السيد/ ........ هو الذى أقر القرار الجمهورى الخاص بنقل أعضاء الرقابة الادارية الى الوظائف العامة رقم 1223 لسنة 1963 وتمكن من الحصول على توقيعات أعضاء مجلس الرئاسة عن طريق تمرير القرار عليهم ثم أعقب ذلك صدور القرار رقم 1224 لسنة 1963 بترقية من تبقى بجهاز الرقابة من أعضاء متخطيا الأعضاء المنقولين وكان معظمهم يستحق الترقية وقد انتهى السيد المدعى العام الاشتراكى من تحقيق الشكوى الى توجيه كتابه المؤرخ فى 14 من يونيه سنة 1975 الى السيد/ سكرتير خاص السيد رئيس الجمهورية الذى اختتمه بقوله "بأن الثابت ان القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة 1963 لم يصدر بغية الصالح العام وانما بقصد التشفى والتنكيل بالشاكيين لقيامهم بواجبات وظيفتهم على أكمل وجه مما ألحق بهم أبلغ الأضرار. وأنه من المبادئ المقررة شرعا وقانونا ان الضرر يجب رفعه وان الحق يجب أن يرد الى صاحبه لذا فاننا نبعث لسيادتكم بهذا التقرير رجاء التكرم باتخاذ الاجراءات الكفيلة نحو اعادة النظر فى القرار الجمهورى آنف الذكر بما يحقق رفع الظلم عن الشاكيين ورد حقوقهم المسلوبة اليهم".
وفى مجال تحضير الدعوى رقم 1032 لسنة 27 القضائية مثار الطعن الماثل طلبت هيئة مفوضى الدولة ضم محضر جلسة مجلس الرئاسة التى وافق فيها على القرار المطعون فيه غير ان السيد مساعد سكرتير السيد رئيس الجمهورية للاتصالات الخارجية أفاد بكتاب رقم 3996 المؤرخ فى 21 من مايو سنة 1975 بأنه ليس لديه أية معلومات عن هذا الموضوع، وبمعاودة الكتابة الى ديوان السيد رئيس الجمهورية لتقديم المحضر المشار اليه أفاد السيد مدير مكتب رئيس ديوان رئيس الجمهورية بكتابه رقم 3827 المؤرخ فى 2 من أغسطس سنة 1975 انه بالبحث لم يعثر على هذا المحضر أو أية أوراق أخرى بشأن هذا الموضوع كذلك فقد أفاد السيد أمين عام مجلس الوزراء المساعد للشئون التشريعية بكتابه رقم 1321 المؤرخ فى 7 من فبراير سنة 1976 ردا على طلب بعض البيانات المتعلقة بتلك الدعوى انه يمكن طلب تلك البيانات من مكتب السيد المدعى العام الاشتراكى وجهاز الرقابة الادارية لوجود هذه البيانات لديها.
وبجلسة المحكمة فى 17 من فبراير 1977 صمم المدعون على ضم محضر مجلس الرياسة الخاص بالقرار المطعون فيه ثم قدموا بجلسة 24 من مارس سنة 1977 صورة ضوئية قالوا انها لملخص التأشيرات على محضر مجلس الرئاسة في 6 من يونيه سنة 1963، وقد طلب الحاضر عن الحكومة أجلا للاستيثاق من صحة ما قدمه المدعون الا أنه لم يقدم ما يفيد فى هذا الشأن بالرغم من تأجيل نظر الدعوى عدة مرات لهذا السبب وتحميله مسؤولية الفصل فى الدعوى بحالتها.
ومن حيث ان الثابت من الاطلاع على الاعلان الدستورى الصادر فى 27 من سبتمبر سنة 1962 بشأن التنظيم السياسى لسلطات الدولة العليا أن المادة الأولى منه تنص على أن يكون التنظيم العام للسلطات العليا فى الدولة على الوجه الآتى:
( أ ) رئيس الدولة: وهو رئيس الجمهورية ويرأس مجلس الرياسة ومجلس الدفاع القومى.
(ب) مجلس الرياسة: وهو الهيئة العليا لسلطة الدولة ويمارس اختصاصاته الواردة فى هذا الاعلان على الوجه المبين به.
(جـ) المجلس التنفيذى: وهو الهيئة التنفيذية والادارية العليا للدولة ويتولى اختصاصاته طبقا للقانون ولقرارات مجلس الرياسة.
كما تنص المادة الثالثة على أن يتولى رئيس الجمهورية اصدار المعاهدات والقوانين والقرارات التى يوافق عليها مجلس الرياسة وتقضى المادة الثامنة بأن يقر مجلس الرياسة جميع المسائل والموضوعات التى ينص الدستور المؤقت والقوانين والقرارات على اختصاص رئيس الجمهورية بها وذلك مع مراعاة الأحكام الواردة فى هذا الاعلان. وأوضحت المذكرة الايضاحية للاعلان الدستورى المذكور انه قد أصبح محتما أن تتلاءم جميع أوضاع العمل الوطنى فى كل مجالاته مع مبادئ الميثاق وأحكامه وروحه المستلهمة من روح الشعب وارادته... ولقد حرص الميثاق فى فصوله المختلفة وعلى الاخص فى فصله الخامس عن الديمقراطية ان يضع للديمقراطية ضماناتها الأكيدة وفى مقدمتها جماعية القيادة وانتقالا بذلك كله من مجال المبادئ الى مجال التنفيذ فلقد كان لا بد من ايجاد المؤسسات الجماعية التى يستند عليها نظام الحكم فى الجمهورية العربية المتحدة ولتتحقق الديمقراطية على أعلى المستويات كما يتحقق الضمان للاستمرار الثورى وبناء على ذلك فلقد قرر رئيس الجمهورية ان يعطى سلطات منصبه الى مجلس للرياسة يعتبر الهيئة العليا لسلطة الدولة ويتولى رسم سياستها وتخطيط الوصول اليها.
ومن حيث ان المستفاد من استقرار النصوص المتقدمة للاعلان الدستورى على هدى مذكرته الايضاحية ان مصدر الدستور اتجهت ارادته تعميقا للحكم الديمقراطى وكفاية ضماناته ان يأخذ بمبدأ جماعية القيادة وتطبيقا لهذا المبدأ وما يمليه من ايجاد مؤسسات جماعية يستند اليها نظام الحكم فقد اتجه على ما يبين من نص المادة الثالثة من الاعلان الدستورى الى قصر سلطات رئيس الجمهورية فى اصدار المعاهدات والقوانين والقرارات على ما يوافق عليه مجلس الرياسة باعتبار ان هذا المجلس قد أصبح الهيئة العليا لسلطة الدولة. وتأكيدا لهذا الاتجاه قضت المادة الثامنة من الاعلان الدستورى بنص محكم بأن يقر مجلس الرياسة جميع المسائل والموضوعات التى ينص الدستور المؤقت والقوانين والقرارات على اختصاص رئيس الجمهورية بها ومؤدى هذا ان اختصاص رئيس الجمهورية فى اصدار المعاهدات والقوانين والقرارات التى ينص الدستور المؤقت والقوانين والقرارات على اختصاص رئيس الجمهورية لها لم يعد مطلقا من أى قيد بل مشروطا بسبق موافقة مجلس الرياسة على هذه المسائل واقراره بها وبناء عليه فان أية مخالفة لهذا الحكم تعتبر خروجا سافرا على النظام الأساسى الذى أقامه الاعلان الدستورى وعدوانا على السلطات والاختصاصات التى خولها هذا الاعلان لمجلس الرياسة وبهذه المثابة فان رئيس الجمهورية اذا ما تصدى لاصدار أية مسألة من المسائل المشار اليها دون أن يسبق هذا الاصدار اقرار أو موافقة مجلس الرياسة فان هذا الاصدار يكون فى الواقع قد انصب على مضمون يخرج عن دائرة اختصاص رئيس الجمهورية وينطوى بالتالى على اغتصاب لاختصاص مجلس الرئاسة المقرر بالاعلان الدستورى ويفقد هذا الاصدار بالتبعية مبرر وجوده بعد أن فقد ركيزة قيامه ويضحى بهذه المثابة عملا من أعمال الغصب لا يرتب أثرا قانونيا.
ومن حيث ان المادة 48 مكررا من القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والتى أضيفت بالقانون رقم 68 لسنة 1963 وان كان نصها يجرى على أنه يجوز نقل أعضاء النيابة الادارية بقسميها الى وظائف عامة بالكادر المالى بميزانية الدولة أو الى وظائف عامة فى المؤسسات والهيئات العامة بقرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح المجلس التنفيذى الا ان الالتزام بأحكام الاعلان الدستورى المذكور باعتبار انه يسمو فى قوته على نصوص القانون من مقتضاه أن نقل أى عضو من أعضاء النيابة الادارية بقسميها - فى ظل العمل بالاعلان الدستورى المشار اليه - لا تتوافر اداته القانونية الا بعد موافقة مجلس الرئاسة على هذا النقل واقراره له ثم يعرض هذا القرار على رئيس الجمهورية ليصدره ويستتبع هذا ان رئيس الجمهورية اذا ما انفرد بنقل أحد أعضاء النيابة الادارية بقسميها دون سبق أقرار مجلس الرياسة لهذا النقل فان قراره يكون منعدما على ما سلف بيانه.
ومن حيث ان الطاعن ينعى على القرار المطعون فيه بأنه عرض على مجلس الرياسة بالتمرير وان بعض أعضاء هذا المجلس لم يوافقوا عليه وأيد ما ذهب اليه بما تضمنته المذكرة الصادرة من السيد/ ........ أحد أعضاء مجلس الرياسة السابق الاشارة اليها والتى أشار فيها الى أن القرار المطعون فيه عرض على مجلس الرياسة بالتمرير وأنه اعترض عليه اعتراضا مسببا مبينا ان بعض المنقولين كانوا من أنشط الأعضاء ومنهم من تولى التحقيق فى كثير من القضايا التى تمس السيد/ ........ وأقاربه ومعاونيه وان النقل بهذه الصورة يحمل معنى التنكيل وان محاضر اجتماعات مجلس الرياسة تؤكد صحة هذا القول وبالتالى تكون هذه القرارات منعدمة لعدم موافقة مجلس الرئاسة عليها بالاجماع عند عرضها عليه بالتمرير.
ومن حيث ان الأصل انه اذ اشترط لصدور القرار من هيئة أو مجلس مشكلا تشكيلا خاصا الا يصدر هذا القرار الا بعد مناقشة وتمحيص أى بعد اجتماع يدعى اليه فى وقت مناسب وان يتكامل فيه النصاب القانونى للاجتماع حتى يكون القرار الصادر فيه وليد المناقشة والبحث ومن ثم فان صدور قرار من المجلس بطريق التمرير وإن كان جائزا فى حالات الضرورة والاستعجال فان شرط هذا الجواز بداهة الموافقة الاجماعية على القرار ومن ثم فان مجرد اعتراض أحد أعضائه موجب لعرض الأمر فى اجتماع قانونى اذ قد تكون حجة المعارض من القوة بحيث يعتنقها كل أو بعض ذوى الرأى المضاد، وترتيبا على ذلك فان القرار الصادر بالتمرير لا يتم قانونا الا بتوقيع جميع أعضاء المجلس عليه بالموافقة.
ومن حيث أنه فى مجال تحقيق ما قال به الطاعن من أن القرار المطعون فيه عرض على مجلس الرياسة بالتمرير وان بعض أعضاء هذا المجلس لم يوافقوا عليه فقد طلب السيد المدعى العام الاشتراكى محضر اجتماع مجلس الرياسة الذى وافق فيه على القرار المطعون فيه كما طلبت كل من هيئة مفوضى الدولة ومحكمة القضاء الادارى ضم هذا المحضر غير أن الجهة الادارية أمسكت عن تقديمه وأفاد السيد/ مساعد سكرتير رئيس الجمهورية للاتصالات الخارجية بأنه ليس لديه أية معلومات عن هذا الموضوع كما أبدى السيد مدير مكتب رئيس الجمهورية انه بالبحث لم يعثر على هذا المحضر أو أية أوراق أخرى بشأن هذا الموضوع. هذا وقد وعد الحاضر عن الجهة الادارية أمام محكمة القضاء الادارى أكثر من مرة بتقديم ما يرد له من مستندات تتعلق بهذا الموضوع من ادارة الشئون القانونية بالرئاسة التى وعدته بذلك وبالرغم من تأجيل نظر الدعوى لهذا السبب وليستوثق الحاضر عن الجهة الادارية مما قدمه المدعى من مستندات فانه لم يقدم أى مستند يدحض به ما قال به المدعى أو ما قدمه من مستندات مما حدا بالمحكمة الى تحميله مسئولية الفصل فى الدعوى بحالتها.
ومن حيث ان تخلف الخصم عن ايداع البيانات والمستندات المطلوبة أو تسببه فى فقدها يؤدى الى قيام قرينة لصالح الطرف الآخر بحيث تلقى بعبء الإثبات على عاتق الطرف الذى تقاعس عن تقديم المطلوب وتجعل المحكمة فى حل من الأخذ بما قدم من أوراق وبيانات واعتبار المستندات التى قدمها الخصم والوقائع التى استند اليها صحيحة.
ومن حيث انه لما كانت الجهة الادارية قد احجمت عن تقديم محضر جلسة الرياسة المقول بأنه وافق فيها على القرار المطعون فيه وتذرعت بعدم العثور على ذلك المحضر أو أية أوراق تتعلق بالموضوع وكانت الظروف والملابسات سالفة البيان التى أحاطت باصدار القرار المطعون فيه على نحو ما استظهرته تحقيقات السيد المدعى العام الاشتراكى وما قرره السيد/ ....... أحد أعضاء مجلس الرياسة فى أقواله فى تلك التحقيقات، وما انتهى اليه السيد المدعى العام الاشتراكى تؤيد الطاعن فيما ذهب اليه من ان موافقة مجلس الرياسة على القرار المطعون فيه قد تمت بالتمرير وان بعض أعضائه قد اعترض عليه، فلا محيص من التسليم بأن مجلس الرياسة لم يقر القرار المطعون فيه بعد أن استبان أن مشروع هذا القرار لم يعرض على مجلس الرياسة فى اجتماع قانونى وانما عرض عليه بالتمرير ولم يوافق أعضاؤه عليه بالاجماع واذ أصدر رئيس الجمهورية القرار المطعون فيه وكان هذا القرار منعدم الوجود قانونا لعدم سبق موافقة واقرار مجلس الرياسة عليه قانونا فان اصداره والأمر كذلك يكون بدوره منعدما لأن ما يبنى على العدم عدم مثله وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه حقيقا بالالغاء لانعدامه قانونا.
ومن حيث انه وقد ثبت انعدام القرار المطعون فيه فانه يعتبر كأن لم يكن ولا تلحقه أية حصانة ولا يزيل انعدامه فوات ميعاد الطعن فيه اذ لا يتقيد الطعن فيه بالاجراءات والمواعيد القانونية المقررة لدعوى الالغاء، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد فى غير محله واذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى بعدم قبول الدعوى شكلا فانه يكون قد خالف القانون واخطأ فى تأويله وتطبيقه.
ومن حيث انه لما تقدم من أسبابه فانه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلا وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من نقل المدعى من الرقابة الإدارية الى المؤسسة المصرية العامة لتعمير الأراضى وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من نقل المدعى من الرقابة الإدارية الى المؤسسة المصرية لتعمير الأراضى وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.