مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 633

(89)
جلسة 22 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد نور الدين العقاد والدكتور حسين توفيق وحسن عبد الوهاب عبد الرازق ومحمد أحمد البدرى - المستشارين.

الطعن رقم 1118 لسنة 26 القضائية

اثبات - انكار التوقيع على المحررات الرسمية - سلطة المحكمة.
مفاد نصوص القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الاثبات فى المواد المدنية والتجارية أن انكار التوقيع الوارد على محررات رسمية يكون الادعاء بتزويره أمام المحكمة والتى قدم أمامها المحرر ونص بالإجراءات والشروط التى حددها القانون - لا إلزام على المحكمة باحالة الدعوى الى التحقيق لاثبات الادعاء بالتزوير قد كانت وقائع الدعوى ومستنداتها كافية لتكوين عقيدتها فلها أن تستدل على انتفاء التزوير بما تستظهره من ظروف الدعوى وملابساتها وما تستخلصه من عجز المدعى عن اثبات ما ادعاه - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 4 من يونيه سنة 1980 أودع السيد الأستاذ محمد عبد الحميد نجاتى المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ محمد محمد أحمد الخطيب قلم كتاب المحكمة الادارية العليا - تقرير طعن - قيد بجدولها تحت رقم 1118 لسنة 26 قضائية عليا - فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بجلستها المعقودة فى 16 من ابريل 1980 فى الدعوى رقم 203 لسنة 33 قضائية المرفوعة من الطاعن ضد المطعون ضدهم والذى قضى بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد.
وطلب الطاعن - للأسباب التى أوردها فى تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بكامل أجزائه وبالغاء القرار الصادر بالغاء الترخيص رقم 5763 لسنة 1976 الصادر من حى شرق الاسكندرية فى 19/ 4/ 1978 واعتباره كأن لم يكن وما يترتب على ذلك من آثار والزام المطعون ضده بالمصروفات وأتعاب المحاماه مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن - ارتأت فيه للأسباب التى تضمنها التقرير الحكم بقبول الطعن شكلا - وبصفة أصلية - برفض الطعن - وبصفة احتياطية - فى حالة الادعاء بالتزوير طبقا للاجراءات الواردة فى المادة 49 من قانون الاثبات - وندب خبير حكومى لاجراء المضاهاة وبيان ما اذا كان التوقيع المنسوب الى الطاعن مزورا من عدمه.
وبعد اتخاذ الاجراءات القانونية عرض الطعن على دائرة فحص الطعون لدى المحكمة الادارية العليا - والتى قررت بجلستها المعقودة فى 18 من يناير سنة 1982 احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا - الدائرة الأولى - حيث سمعت المحكمة ما رأته لازما من الايضاحات - وأرجأت إصدار الحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل فى أن السيد/ محمد محمد أحمد الخطيب أقام الدعوى رقم 203 لسنة 33 قضائية أمام محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية طالبا الحكم بوقف تنفيذ قرار الغاء الترخيص رقم 5763 لسنة 1976 الصادر من رئيس حى شرق الإسكندرية فى 19/ 4/ 1978 وفى الموضوع بالغاء القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار - وذهب شرحا لدعواه ان الترخيص المشار اليه الصادر فى 13/ 6/ 1976 بتشغيل المحل الكائن بالعقار رقم 711 شارع ابراهيم سلامة لاصلاح وصيانة الأجزاء الميكانيكية للسيارات يعتبر ترخيصا دائما لم ينص فيه على مدة معينة للانتهاء خلافا لما ورد فى مذكرة ادارة المرافق من كونه محدد المدة وتنتهى فى 12/ 6/ 1978 كما أن القانون رقم 403 لسنة 1954 قد حدد حالات إلغاء الترخيص على سبيل الحصر لم يتحقق أى منها بالنسبة للترخيص محل النزاع.
وفى مقام الرد على الدعوى اكتفت الجهة الادارية بايداع ملف الترخيص محل النزاع والاخطار الموجه للمدعى بمضمون الغاء الترخيص.
وبجلسة 29 من أغسطس سنة 1979 حضرت الأستاذة أميرة فخرى المحامية عن السيد محمد عبد الرحمن حمودة وطلب قبول تدخله خصما منضما للحكومة وقدم صورة من الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية بجلسة 19/ 1/ 1977 فى الدعوى رقم 144 لسنة 28 ق المقامة من طالب التدخل بالغاء الترخيص الصادر للمدعى من حى شرق الاسكندرية فى 9/ 2/ 1974 بادارة محل إصلاح وصيانة الأجزاء الميكانيكية للسيارات وما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 16 من ابريل سنة 1980 قضت محكمة القضاء الادارى بقبول تدخل السيد/ محمد عبد الرحمن حمودة خصما منضما الى الادارة وبعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد والزام المدعى بالمصروفات واقامت قضاءها بالنسبة لقبول التدخل ان المتدخل قد سبق أن حصل على حكم لصالحه فى الدعوى رقم 144 لسنة 28 قضائية بالغاء ترخيص مماثل صادر فى 9/ 2/ 1974 ومن ثم تكون له مصلحة ظاهرة فى التدخل فى الدعوى الحالية وبالنسبة لعدم قبول الدعوى - فان الثابت من ملف الترخيص رقم 5763 لسنة 1976 أن المدعى أخطر بالقرار المطعون فيه بكتاب قسم التراخيص الصحية بحى شرق الاسكندرية فى 25/ 5/ 1978 وانه وقع بالعلم على صورة الكتاب المشار اليه الذى تسلم أصله فى ذات التاريخ فكان يتعين أن يقيم دعواه فى موعد أقصاه 24/ 7/ 1978 واذ تراخى حتى 31/ 12/ 1978 تكون الدعوى غير مقبولة شكلا.
ومن حيث ان قوام الطعن الماثل ان الحكم محل الطعن قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون استنادا الى ان المدعى لم يخطر بالقرار المطعون فيه وأن توقيع المدعى به مدسوس عليه لكونه لم يوقع أى اخطارات وان التوقيع مزور وانه لم يعلم بالقرار محل الطعن الا فى 20/ 12/ 1978 الى قبل ايداع صحيفة الدعوى بيوم واحد الأمر الذى يكون معه الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب يؤيد ذلك ان تقرير مفوض الدولة المودع محكمة القضاء الادارى والذى خلص الى قبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار الصادر من رئيس حى شرق اسكندرية فى 19/ 4/ 1978 بالغاء الترخيص رقم 5763 لسنة 1976.
ومن حيث ان القانون رقم 25 لسنة 1968 باصدار قانون الاثبات فى المواد المدنية والتجارية قد نص فى المادة/ 10 على أن "المحررات الرسمية هى التى يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوى الشأن وذلك طبقا للأوضاع القانونية وفى حدود سلطته واختصاصاته فاذا لم تكتسب هذه المحررات صفة رسمية، فلا يكون لها الا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوو الشأن قد وقعوها بامضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم...".
وتنص المادة/ 29 على انه "انكار الخط أو الختم أو الامضاء أو بصمة الإصبع يرد على المحررات غير الرسمية، أما ادعاء التزوير فيرد على جميع المحررات الرسمية أو غير الرسمية" وتنص المادة/ 49 على أن "يكون الادعاء بالتزوير فى أية حالة تكون عليها الدعوى بتقرير فى قلم الكتاب، وتبين فى هذا التقرير كل مواضع التزوير المدعى بها والا كان باطلا، ويجب أن يعلن مدعى التزوير خصمه فى الثمانية الأيام التالية للتقرير بمذكرة يبين فيها شواهد التزوير واجراءات التحقيق التى يطلب اثباته بها والا جاز الحكم بسقوط ادعائه".
وتقضى المادة/ 52 على أنه "اذا كان الادعاء بالتزوير منتجا فى النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لاقتناع المحكمة بصحة المحرر أو بتزويره، ورأت اجراء التحقيق الذى طلبه الطاعن فى مذكرته منتج وجائز أمرت بالتحقيق".
ومن حيث ان مفاد تلك النصوص ان انكار التوقيع الوارد على محررات رسمية يكون بالادعاء بتزويره أمام المحكمة التى قدم أمامها المحرر وذلك بالاجراءات والشروط التى حددها القانون - ومن جهة أخرى فان المسلم به انه لا إلزام على المحكمة باحالة الدعوى الى التحقيق لاثبات الادعاء بالتزوير متى كانت وقائع الدعوى ومستنداتها كافية لتكوين عقيدتها فلها ان تستدل على انتقاء التزوير بما تستظهره من ظروف الدعوى وملابساتها وما تستخلصه من عجز المدعى عن اثبات ما ادعاه.
ومن حيث أن المسلم به ان الدعوى التى صدر بشأنها الحكم محل الطعن - من دعاوى الإلغاء - وانه يكون للمحكمة ان تتصدى لبحث قبولها من تلقاء نفسها - وان الثابت من الرجوع الى ملف الترخيص محل النزاع المودع فى الدعوى ان الطاعن قد حصل على الترخيص رقم 3846 فى 9/ 2/ 1974 لادارة محل لاصلاح وصيانة الأجزاء الميكانيكية للسيارات لمدة عامين تنتهى فى 8/ 2/ 1976 - ولقد حصل السيد/ محمد عبد الرحمن حمودة على حكم من محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية فى 19/ 1/ 1977 فى الدعوى رقم 144 لسنة 28 قضائية ضد الطاعن بالغاء الترخيص المذكور استنادا الى أنه صدر فى منطقة غير مصرح بالترخيص فيها بمباشرة الأعمال محل الترخيص المذكور - وكان الطاعن قد حصل على تجديد للترخيص بمقتضى قرار رئيس حى شرق الاسكندرية برقم 5763 فى 12/ 6/ 1976 - ولقد تقدم السيد مدير عام مرافق شرق بمذكرة الى السيد/ رئيس حى شرق الاسكندرية بشأن الموافقة على إلغاء الترخيص الأخير تنفيذا للحكم المشار اليه فوافق على ذلك فى 19/ 4/ 1978 وبناء عليه وجه السيد/ مدير التراخيص بحى شرق كتابا الى الطاعن مؤرخ 25/ 5/ 1978 باحاطته بقرار رئيس الحى بالغاء الترخيص رقم 5763 فى 13/ 6/ 1976 عن الموقع والنشاط الوارد به - ووقع الطاعن على صورة هذا الكتاب بما يفيد استلامه للأصل فى 25/ 5/ 1978 الأمر الذى يعد اعلانا للطاعن بالقرار محل المنازعة - فضلا عن كونه قرارا منفذ لحكم قضائى نهائى بما لا محل للطعن عليه أصلا - ولا يغير من ذلك أن الحكم قد انصب على قرار الترخيص رقم 3846 الصادر فى 9/ 2/ 1974 - اذ ان الثابت ان قرار الترخيص رقم 5763 فى 12/ 6/ 1976 لا يعدو أن يكون تجديدا واستمرارا لذات القرار الذى صدر الحكم بشأنه - بل ومن جهة أخرى فانه لا سند للطاعن فيما تمسك به فى طعنه - من انكار لتوقيعه على الكتاب الموجه اليه لاخطاره بقرار الغاء الترخيص - ما دام الثابت انه لم يطعن عليه بالتزوير وبعدم شواهده بل اكتفى بالقول المرسل الذى يدحضه ظاهر الحال وتماثل توقيعه - على الاخطار المشار اليه - مع توقيعاته الأخرى الواردة فى ملف الترخيص - ويكون الطاعن وقد أقام دعواه فى 31 من ديسمبر سنة 1978 قد فوت الميعاد ويكون الحكم محل الطعن وقد خلص الى ذلك قد أصاب الحق والتزم صحيح حكم القانون الأمر الذى يتعين معه قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا والزام الطاعن بالمصروفات عملا بأحكام المادة/ 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن بالمصروفات.