مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 644

(91)
جلسة 29 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد نور الدين العقاد وعزيز بشاى سيدهم وحسن عبد الوهاب عبد الرازق ومحمد أحمد البدرى - المستشارين.

الطعن رقم 428 لسنة 27 القضائية

حكم - طعن - مواعيد الطعن - هيئة مفوضى الدولة - ميعاد مسافه.
الثابت بصريح نص المادة 23 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 أن رئيس هيئة مفوضى الدولة هو وحده صاحب الاختصاص فى الطعن فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الادارى أمام المحكمة الإدارية العليا وكان مكانه القاهرة وهو ذات المكان الذى توجد فيه المحكمة الإدارية العليا - لا مجال لاعمال حكم المادة 16 من قانون المرافعات التى أوجبت مواعيد المسافة - المشرع قدر ان فترة الستين يوما المنصوص عليها فى المادة 23 سالفة الذكر والتى يجب ان يتم خلالها الطعن كافية لمراجعة الأحكام بعد صدورها - لا وجه للقول بأن ميعاد المسافة ما بين الإسكندرية والقاهرة لمصلحة عضو هئية المفوضين المستشار المقرر اذ أن القانون لم يجعل له أى اختصاص فى الطعن فى الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا وانما قرر هذا الاختصاص لرئيس الهيئة ومحله القاهرة.


اجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 28 من فبراير سنة 1981 أودع رئيس هيئة مفوضى الدولة بقلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 428 لسنة 27 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (دائرة المنصورة) بجلسة 28 من ديسمبر سنة 1980 فى الدعوى رقم 204 لسنة 1 القضائية، المقامه من السادة/ شوقى وفؤاد وبهجت وسنية - أولاد المرحوم عبد الرحمن مكاوى ضد: (1) محافظ الشرقية (2) رئيس مجلس مدينة الزقازيق، والذى قضت فيه المحكمة "بعدم اختصاصها بنظر الدعوى والزمت المدعين بالمصروفات" وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإدارى (دائرة المنصورة) بنظر الدعوى، واعادتها اليها للفصل فيها.
وأعلن الطعن وعرض على دائرة فحص الطعون فنظرته وبجلسة أول فبراير سنة 1982 قررت إحالة الطعن الى هذه المحكمة التى حددت جلسة اليوم لإصدار الحكم فيه، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث أن وقائع هذه المنازعة تخلص فى أنه بعريضة أودعت بقلم كتاب محكمة الزقازيق الابتدائية فى 23 من سبتمبر سنة 1971 أقام المدعون الدعوى رقم 1761 لسنة 1971 مدنى كلى الزقازيق ضد محافظ الشرقية ورئيس مجلس مدينة الزقازيق، طالبين الحكم بعدم أحقية مجلس مدينة الزقازيق لأى رسوم بلدية فى ذمتهم مع الزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماه وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة - وقال المدعون شرحا للدعوى أنهم يملكون مصنعا للثلج ببندر الزقازيق، وفوجئوا بفرض رسوم محلية على انتاج مصنعهم 3 مليمات عن كل لوح ثلج وذلك بالمخالفة للقرار الصادر برقم 890 لسنة 1973 من محافظ الشرقية بشأن فرض رسوم محلية وفقا للفئات والأوعية المدرجة بالجداول المرفقة بقرار وزير الادارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 المعمول به من أول يناير سنة 1974 - ذلك ان هذا القرار قد نص على انه لا يجوز الجمع بين الفئات الوارده به وبين الضريبة الاضافية المقررة بأحكام القانون رقم 155 لسنة 1950 بفرض ضريبة اضافية على الأرباح التجارية والصناعية لمصلحة المجالس البلدية والقروية، ولما كان المدعون خاضعين لأحكام هذا القانون ويسددون هذه الضريبة فانه لا يجوز الجمع بين هذه الضريبة وبين الرسوم المحلية المذكورة، وردت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن المدعى عليهما على الدعوى بما محصله انه يجوز الجمع بين الضريبة الاضافية المفروضة على النشاط التجارى والصناعى لصالح المجالس المحلية طبقا لأحكام القانون رقم 155 لسنة 1950 وبين الرسوم المحلية المقررة بقرار محافظ الشرقية رقم 890 لسنة 1973 لعدم التعارض بينهما. وبجلسة 15 من يونيه سنة 1977 حكمت محكمة الزقازيق الابتدائية "بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وباحالتها الى محكمة القضاء الادارى بالقاهرة، دائرة طعون الأفراد. وأبقت الفصل فى المصروفات" واستندت المحكمة فى قضائها الى أن الدعوى تتضمن مساسا بقرار ادارى وهو قرار محافظ الشرقية رقم 890 لسنة 1973. وبناء على ذلك أحيلت الدعوى الى محكمة القضاء الادارى بالقاهرة وقيدت برقم 1147 لسنة 32 القضائية ثم أحيلت الدعوى الى محكمة القضاء الادارى (دائرة المنصورة) وقيدت بجدولها برقم 204 لسنة 1 القضائية. وبجلسة 28 من ديسمبر سنة 1980 حكمت المحكمة "بعدم اختصاصها بنظر الدعوى والزمت المدعين بالمصاريف" وأسست المحكمة قضاءها على أن اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات فى الضرائب والرسوم - حتى لو تعلقت المنازعة بطعن في قرار ادارى صادر بشأن ضريبة أو رسم - معلق نفاذه على صدور قانون ينظم كيفية نظرها أمام المحاكم المذكورة، ولما كان هذا القانون لم يصدر بعد فانه يمتنع على هذه المحاكم مباشرة هذا الاختصاص ونظر المنازعات الضريبية ومن ثم تكون جهة القضاء العادى لا تزال هى المختصة حاليا بالفصل فى هذه المنازعات باعتبارها صاحبة الولاية العامة فى نظر كافة المنازعات طبقا لحكم المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 72 واستصحابا لاختصاصها الحالى المقرر بنصوص صريحة وردت فى بعض القوانين الخاصة بالضرائب كالقانون رقم 14 لسنة 1939، واذ استبان ان اختصاص القضاء الإدارى بنظر منازعات الضرائب والرسوم لم يزل معطلا فانه يتعين الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، ولا يحول دون ذلك أن تكون الدعوى محالة بحكم صادر من محكمة الزقازيق الابتدائية حيث لا وجه لاحالة الدعوى ثانية الى محاكم القضاء العادى المختصة قانونا لاستنفاذ ولايتها.
وفى يوم السبت الموافق 28 من فبراير سنة 1981 أودع رئيس هيئة مفوضى الدولة تقرير طعن فى الحكم المذكور. وطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، وباختصاص محكمة القضاء الادارى (دائرة المنصورة) بنظر الدعوى، واعادتها اليها للفصل فيها، وأودعت هيئة مفوضى الدولة مذكرة، وينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه خطأه فى قضائه بعدم الاختصاص اذ كان على المحكمة - وقد أحيلت إليها الدعوى من محكمة الزقازيق الابتدائية بعد ان قضت بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى عملا بحكم المادة 110 من قانون المرافعات - الا تعاود البحث فى الاختصاص لما استهدفه المشرع من ايراد حكم نص هذه المادة وهو حسم المنازعات ووضع حد لها فلا تتقاذفها أحكام عدم الاختصاص من محكمة الى أخرى فضلا عما فى ذلك من مضيعة لوقت القضاء ومجلبة لتناقض أحكامه.
ومن حيث ان المادة 23 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 قد نصت على انه "يجوز الطعن أمام المحكمة الادارية العليا فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الادارى أو من المحاكم التأديبية وذلك فى الاحوال الآتية:
1 - اذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله.
2 - اذا وقع بطلان فى الحكم أو بطلان فى الاجراءات أثر فى الحكم
3 - اذا صدر الحكم على خلاف حكم سابق حاز قوة الشئ المحكوم فيه سواء دفع بهذا الدفع أو لم يدفع - ويكون لذوى الشأن ولرئيس هيئة مفوضى الدولة ان يطعن فى تلك الأحكام خلال ستين يوما من تاريخ صدور الحكم وذلك مع مراعاة الأحوال التى يوجب عليه القانون فيها الطعن فى الحكم".
ومن حيث ان الثابت من الأوراق ان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1980 وان تقرير الطعن فى هذا الحكم أودع قلم كتاب هذه المحكمة فى 28 من فبراير سنة 1981 فى حين انه - طبقا لحكم المادة 23 سالفة الذكر - كان يتعين إيداع تقرير الطعن خلال ستين يوما من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، أى فى ميعاد غايته يوم 26 من فبراير سنة 1981، أما وقد أودع تقرير الطعن فى 28 من فبراير سنة 1981 فانه يكون مودعا بعد الميعاد القانونى ولا يغير من ذلك ما ذهب اليه هيئة مفوضى الدولة فى مذكرتها المقدمة من أن الرأى قد استقر على اضافة ميعاد مسافة الى ميعاد الطعن بالنسبة الى الطعون المقدمة من ذوى الشأن على أساس المسافة بين موطن الطاعن ومقر المحكمة الادارية العليا، ولم تتمتع فى السابق الطعون المقامة من هيئة مفوضى الدولة بهذه الميزة اعتبارا بأن طعونها تقدم باسم رئيس الهيئة ومقره القاهرة، الا ان الأمر فى حاجة الى معاودة النظر فى ظل قرار رئيس مجلس الدولة رقم 369 لسنة 1980 بتنظيم هيئة مفوضى الدولة حيث نصت المادة الخامسة منه على أن يعاون رئيس هيئة المفوضين وكيلين للمجلس على أن يختص أحدهما بنشاط الهيئة فى الاسكندرية والوجه البحرى، ويختص ثانيهما بنشاط الهيئة فى القاهرة والوجه القبلى، وذلك طبقا للنظام الذى يضعه رئيس الهيئة فى هذا الشأن. وأن الأخذ باتجاه الرأى القائل بضرورة تمتع طعون هيئة المفوضين المقدمة عن أحكام محكمتى القضاء الادارى بالاسكندرية والمنصورة بميعاد مسافة أسوة بطعون ذوى الشأن يساعد على تحقيق مصلحة القانون التى تستهدفها طعون هيئة المفوضين، وذلك لاتحاد العلة ذلك ان طعون هيئة المفوضين تعد من قبل فرع الهيئة بالاسكندرية الأمر الذى يقتضى سفر المستشار المقرر من الاسكندرية الى القاهرة لعرض الطعن على رئيس الهيئة ولايداع التقرير بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - لا يغير هذا الذى ذهبت اليه هيئة مفوضى الدولة فى مذكرتها من أن طعنها الماثل مقدم بعد الميعاد وبالتالى فهو غير مقبول شكلا ذلك لأن القرار رقم 369 لسنة 1980 الصادر من رئيس مجلس الدولة ليس الا تنظيما لأعمال هيئة المفوضين لم يقصد به الا تيسير العمل الداخلى فى الهيئة وتحديد الاختصاص فى عرض الأحكام على رئيسها، ولذلك فلا يكون له من أثر على حق الطعن وميعاده اللذين نص عليهما القانون ذاته، ويضاف الى ذلك أن الهدف من تقرير مواعيد مسافة هو انه تمكينا للخصوم من الاستفادة الكاملة بالمواعيد المقررة لصالحهم فقد نص القانون على ان تضاف الى الميعاد الأصلى ميعاد مسافة بين المكان الذى يجب انتقال الشخص المستفيد أو ممن يمثله منه وبين المكان الذى يجب عليه الحضور فيه أو القيام بعمل اجرائى ما خلال هذا الميعاد. ولما كان الثابت بصريح نص المادة 23 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ان رئيس هيئة مفوضى الدولة هو وحده صاحب الاختصاص فى الطعن فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الادارى أمام المحكمة الادارية العليا، وكان مكانه القاهرة وهو ذات المكان الذى توجد فيه المحكمة الادارية العليا، فلا يكون هناك ثمة مجالا لاعمال حكم المادة 16 من قانون المرافعات التى أوجبت احتساب مواعيد المسافة - يضاف الى ذلك أن المشرع قدر أن فترة الستين يوما المنصوص عليها فى المادة 23 سالفة الذكر - والتى يجب أن يتم خلالها الطعن - كافية لمراجعة الأحكام بعد صدورها لتقرير ما اذا كان قد اعتورها عيب من العيوب الثلاثة المشار إليها فى المادة 23 من قانون مجلس الدولة مما يوجب الطعن فيها من عدمه. وفضلا عن ذلك فان الرأى الذى ترى هيئة مفوضى الدولة الأخذ به انما يعنى أن ميعاد المسافة الذى سيقرر على أساس المسافة بين الإسكندرية والقاهرة سيكون لمصلحة عضو هيئة المفوضين - المستشار المقرر- رغم أن القانون لم يجعل له أى اختصاص فى الطعن فى الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا وانما قرر هذا الاختصاص لرئيس الهيئة ومحله القاهرة.
ومن حيث أنه وقد ثبت أن الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1980 وأن تقرير الطعن أودع بقلم كتاب هذه المحكمة فى 28 من فبراير سنة 1981 وبعد مضى أكثر من ستين يوما من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه لذلك يتعين - والحالة هذه - الحكم بعدم قبول الطعن شكلا.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلا.