مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 682

(97)
جلسة 13 من يونية سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبى يوسف وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور نعيم عطية جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى ومحمد فؤاد الشعراوى وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعنان رقما 517 و518 لسنة 24 القضائية

حكم - طعن - بطلان.
عدم اشتمال مسودة الحكم على الأسباب التى بنى عليها واقتصار المسودة على الاحالة الى أسباب الحكم الصادر فى دعوى أخرى - بطلان الحكم - أساس ذلك: الأصل المسلم فى فقه المرافعات أن يكون كل حكم مستوفيا فى ذاته جميع أسبابه بحيث لا تصلح الإحالة فى سببه على ما جاء فى ورقة أخرى والا عد باطلا.


اجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 12 من يونية سنة 1978 أودع الأستاذ عبد المسيح عوض يوسف المحامى بصفته وكيلا عن أحمد محمد هنو قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 517 لسنة 24 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 17 من ابريل سنة 1978 فى الدعوى رقم 919 لسنة 28 القضائية المقامة من أحمد محمد هنو ضد كل من هيئة قناة السويس والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والذى قضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بأحقية المدعى فى اعادة تسوية معاشه على أساس مرتبه شاملا بدل الارشاد وما حل محله من بدل تعويض خلال فترة توقف الملاحة بقناة السويس مع ما يترتب على ذلك من آثار. على التفصيل الموضح بالأسباب والزام الهيئتين المدعى عليهما متضامنين المصاريف - وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبتعديل الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن فى اعادة تسوية معاشه على أساس الأجر المقطوع الذى كان يتقاضاه مضافا اليه المنحة السنوية ومقابل ارشاد سبع مراكب وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المستحقة له من تاريخ احالته الى المعاش فى أول يناير سنة 1974.
وفى يوم الثلاثاء الموافق 13 من يونية سنة 1978 أودع الأستاذ عطية نجيب حسن نجيب المحامى بصفته وكيلا عن هيئة قناة السويس قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن ضد كل من أحمد محمد هنو والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية قيد بجدولها برقم 518 لسنة 24 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 17 من ابريل سنة 1978 فى الدعوى رقم 919 لسنة 28 القضائيه سالف الذكر. وقد طلبت الهيئة الطاعنة - لما أبانته من أسباب فى تقرير طعنها - الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه بالنسبة لما قضى به وبرفض كافة طلبات المطعون ضدهما والزامهما المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريران مسببين بالرأى القانونى فى الطعنين ارتأت فى كل منهما الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزام كل طاعن مصروفات طعنه.
وعين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 14 من ديسمبر سنة 1981 وفيها قررت الدائرة ضم الطعن رقم 518 لسنة 24 القضائية الى الطعن رقم 517 لسنة 24 القضائية ليصدر فيهما حكم واحد وحجزهما للحكم لجلسة 11 من يناير سنة 1982 وفى هذه الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعنين الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثانية) حيث تحدد لنظرهما جلسة 7 من مارس سنة 1981 وبعد تداول الطعنين أمام المحكمة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات قررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بموجب عريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى فى 9 من يونية سنة 1974 أقام أحمد محمد هنو الدعوى رقم 919 لسنة 28 القضائية ضد هيئة قناة السويس العامة للتأمينات الاجتماعية طالبا الحكم بقبول الدعوى شكلا وبأحقيته فى تسوية معاشه على أساس الأجر الاجمالى الذى كان يتقاضاه من هيئة قناة السويس وهو 158.077 جنيها وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المستحقة له من تاريخ احالته الى المعاش مع الزام الهيئتين المصروفات. وقال شرحا للدعوى انه التحق باحدى الوظائف بهيئة قناة السويس بعد تأميمها بمقتضى القانون رقم 285 لسنة 1965 وكان يخضع فى علاقته بها لأحكام هذا القانون وقانون نظام الهيئة رقم 146 لسنة 1957 وفى مارس سنة 1959 أصدرت الهيئة لائحة نهاية الخدمة للعاملين المعينين بها بعد التأميم، وكانت تعطى العاملين الحق فى الحصول على معاش عند نهاية خدمتهم بشروط معينة وعلى أثر صدور قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 طلبت الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية اشتراك موظفى هيئة قناة السويس فى التأمينات التى أتى بها فى هذا القانون اعتبارا من تاريخ العمل به فى أول ابريل سنة 1964 وعلى أساس أجورهم الشاملة تطبيقا للمادة الأولى من القانون التى تقضى بأن المقصود بالأجر فى تطبيق هذا القانون هو الأجر المنصوص عليه فى قانون العمل وهو كل ما يعطى للعامل لقاء عمله مهما كان نوعه مضافا اليه جميع العلاوات أيا كان نوعها وعلى الأخص العمالة والامتيازات العينية والعلاوات التى تصرف بسبب غلاء المعيشة والأعباء العائلية الا ان هيئة قناة السويس عارضت هذا النظر الأمر الذى أدى الى ان أبرم اتفاق بين وزير العمل والتأمينات الاجتماعية ورئيس هيئة قناة السويس سنة 1971 فسر فيه الأجر بأنه الأجر المقطوع وأشار المدعى انه ترتب على هذا التفسير أن أصيب بضرر بالغ اذ كان يتقاضى من هيئة قناة السويس مرتبا مقطوعا مقداره 105 جنيها حسب المعاش على أساسه فأصبح يتقاضى معاشا مقداره 611ر70 جنيها فقط اعتبارا من شهر مايو سنة 1974 فى حين انه يستحق الحد الأقصى للمعاش المنصوص عليه فى المادة 91 من القانون رقم 63 لسنة 1964 لأنه كان يتقاضى بدل ارشاد شهرى مقداره 077ر53 جنيها وهذا البدل يعتبر جزء من الأجر الذى يتعين ان يربط المعاش على أساسه والذى يبلغ عندئذ 158.077 جنيها وعلى ذلك يكون الاتفاق المنوه عنه مخالفا صريح نصوص القانون وبهذا طلب المدعى الحكم بما سلف بيانه.
وردت هيئة قناة السويس على الدعوى بأن أودعت ملف خدمة المدعى ومذكرة بدفاعها أبانت فيها انه التحق بخدمة الهيئة فى 15 من أغسطس سنة 1956 وظل يعمل بها فى وظيفة مرشد الى ان انتهت خدمته فى 30 من يونية سنة 1974 لبلوغه سن الستين وعلى أثر ذلك ربط معاشه على أساس مرتبه المقطوع الذى بلغ متوسطه فى السنتين الأخيرتين 102.500 جنيها فكان المعاش الشهرى 611ر70 جنيها تم صرفه اليه علاوة على مبلغ الميزة الأفضل التى يتمتع بها.. وأشارت الهيئة الى ان المدعى كان يتقاضى مكافأة ارشاد وليس بدل ارشاد كما يقررو ذلك استنادا للمادة 29 من لائحة البدلات الموحدة التى تقضى بأن تصرف للمرشد فى حالة قيامه بارشاد أية سفينة بوجه مرض وفقا لمقتضيات العمل سواء كانت حمولة تلك السفينة أكبر أم أصغر من طبقة الحمولة المحددة للمرشد مكافأة الارشاد المبينة فيما يلى: .. فهذه المكافأة تصرف للمرشد فى حالة قيامه فعلا بارشاد أية سفينة وقد قصد بالمكافأة ايجاد حافز فى العمل ولا يستحقها المرشد الا اذا تحقق سببها ومن ثم فهى غير ثابتة كما انها غير مستقرة لأنها عرضة للزيادة والنقصان طبقا لمقتضيات العمل وبذا تفقد أهم عناصر اعتبارها جزء من الأجر وهما عنصرا الثبات والاستقرار.. وهذا النظر هو ما أخذ به قانون التأمين رقم 79 لسنة 1975 حين استبعد من الأجر الذى يحسب على أساسه اشتراكات التأمين البدلات المرتبطة أو العمل وكذا الأجور الاضافية والمكافأت التشجيعية.
وبجلسة 14 من نوفمبر سنة 1977 قدم المدعى مذكرة عدل فيها طلباته الى طلب الحكم بأحقيته فى تسوية معاشه على أساس الأجر الاجمالى الذى كان يتقاضاه من هيئة قناة السويس وهو 077ر158 جنيها مضافا اليه بدل ارشاد 2 و1/3 سفينة والمنحة السنوية التى حصل عليها فى السنتين الأخيرتين ومقدارها 50 جنيها سنة 1971 و75 جنيها فى سنة 1974 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المستحقة له من تاريخ احالته الى المعاش - وأشار فى هذا الصدد الى ان العمل جرى على انه اذا توقفت الملاحة فى القناة بسبب حادث لا يد للمرشد فيه تصرف له الهيئة بدل ارشاد عن سبع سفن طبقا للمادة 56 من لائحة البدلات وانه حدث بعد اغلاق قناة السويس على أثر الاعتداء الثلاثى على البلاد سنة 1956 ان قامت الهيئة بمنح المرشدين بالقناة بدل ارشاد عن سبع سفن وظلت تصرف هذا البدل حتى أعيد فتح القناة سنة 1957 ثم عندما حدث الاعتداء على البلاد سنة 1967 كان يتعين على الهيئة ان تصرف للمرشدين بدل ارشاد عن سبع سفن الا أن رئيس الهيئة قرر تخفيض هذا البدل الى بدل ارشاد تعويض بواقع 4 و2/ 3 مركب دون سند قانونى.
هذا وقد قدمت الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية مذكرة أوضحت فيها انه لم يسبق اخطارها ببدل الارشاد المنوه عنه بموجب الاستمارات المقدمة من هيئة قناة السويس لامكان معرفة مدى توافر صفة الثبات والاستقرار بشأنه وبالتالى مدى اعتباره جزء من الأجر وانها أى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لا تمانع من اعادة تسوية مستحقات المدعى من اعتبار بدل الارشاد جزء من الأجر اذا ما توافر له عنصرا الدوام والاستقرار مع أحقيتها فى الرجوع على هيئة قناة السويس بقيمة فرق الاشتراكات وجميع المبالغ الأخرى المستحقة وفقا لأحكام القانون.
وبجلسة 17 من ابريل سنة 1978 أصدرت محكمة القضاء الادارى حكمها المطعون فيه قاضيا فى منطوقه بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بأحقية المدعى فى اعادة تسوية معاشه على أساس مرتبه شاملا بدل الارشاد وما حل محله من بدل تعويض خلال فترة توقف الملاحة بقناة السويس مع ما يترتب على ذلك من آثار على التفصيل الموضح بالأسباب والزام الهيئتين المدعى عليهما متضامنين المصروفات - وفيما يتعلق بالأسباب التى استندت اليها المحكمة فى هذا القضاء فانه يبين من الاطلاع على مسودة الحكم الخطية انها تضمنت عرضا وافيا لوقائع الدعوى وأوجه دفاع الخصوم فيها كما تضمنت أسباب الحكم بقبول الدعوى شكلا ثم بدأت المحكمة فى المسودة تناقش موضوع الدعوى فرددت فى البداية الطلبات التى طلبها الخصوم واشفعت ذلك مباشرة قولها "ومن حيث انه لا خلاف... (تنقل باقى الأسباب من الحكم الصادر اليوم فى الدعوى رقم 319 لسنة 28 القضائية) فلهذه الأسباب ثم تضمنت المسودة منطوق الحكم وتوقيع المستشارين رئيس المحكمة وأعضاء الدائرة الذين اشتركوا فى اصداره - أما نسخة الحكم الأصلية الموقع عليها من رئيس المحكمة وسكرتير الجلسة فتتضمن أسبابا كاملة.
ومن حيث ان مبنى الطعن رقم 517 لسنة 24 القضائية ان الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون حين رفض احتساب المنحة السنوية ضمن الأجر الذى يسوى على أساسه المعاش مع انها كانت تصرف سنويا للطاعن منذ التحاقه بالعمل مرشدا بالهيئة فى سبتمبر سنة 1956 حتى تاريخ احالته الى المعاش فى أول يوليو سنة 1974 أى لمدة 18 سنة بصفة مستمرة ومنتظمة وكان الصرف يستند الى قرار يصدره مجلس ادارة الهيئة فى نهاية كل سنة مالية وقد جرى العرف على صرف المنحة سنويا وبصفة منتظمة حتى أصبح يعتبرونها جزء من الأجر وليس تبرعا من جانب الهيئة كما تصرف رغم توقف الملاحة فى قناة السويس. كما أخطأ الحكم المطعون فيه حين رفض احتساب الأجر على أساس سبع مراكب لأن الأصل هو احتساب الأجر على أساس الأجر المقطوع مضافا اليه بدل ارشاد السفن التى يقوم المرشد بارشادها فعلا أيا كان عددها ولكن نظرا لتوقف الملاحة فى القناة لسبب خارج عن ارادة المرشد فانه يستحق بدل الارشاد عن سبع مراكب شهريا تعويضا له وكان المدعى يتقاضى هذا البدل أثناء غلق القناة طبقا للمادة 56 من لائحة البدلات. غير انه صدر قرار رئيس الهيئة فى سنة 1970 بتخفيض هذا البدل التعويض الى 4 و2/ 3 مركب بدلا من سبع مراكب ولم يثبت ان مجلس ادارة الهيئة أصدر قرار بتعديل نص المادة 56 سالفة الذكر وعلى فرض صدور مثل هذا القرار فهو باطل بعدم نشره فى الجريدة الرسمية ولا يسرى فى حق المدعى، هذا فضلا عن ان هذا التخفيض كان لصالح المجهود الحربى بسبب عدوان سنة 1967 وقد أزالت حرب سنة 1973 آثار العدوان وبالتالى يكون المدعى التمسك بأحقيته فى بدل ارشاد سبع مراكب بدلا من 4 و2/3 مركب.
ومن حيث ان قوام الطعن الثانى رقم 518 لسنة 24 القضائية ان الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله فضلا عن القصور والفساد فى الاستخلاص اذ أغفل واقعة ان المدعى لم يقم بارشاد أية سفينة منذ سنة 1967 وطبقا للمادة 76 من القانون رقم 63 لسنة 1964 فان المعاشات تربط على أساس متوسط الأجر الشهرى الذى سدد عنه الاشتراك خلال السنتين الأخيرتين أو مدة الاشتراك فى التأمين وان قلت عن ذلك واذا كان صحيحا أن المدعى كان يتقاضى مكافأة ارشاد خلال سنوات سابقة على السنتين الأخيرتين من خدمته فانه لا عبرة بذلك فى صدور ربط معاشه اذ ان السنتين الأخيرتين هما من 30 من يونية سنة 1971 حتى 30 من يونية 1973 وهما تقعان بأكملهما فى فترة الملاحة فى القناة التى بدأت فى 5 من يونية سنة 1967 وانتهت فى 5 من يونيه سنة 1975 وان استحقاق وصرف مكافأة الارشاد يدور وجودا وعدما مع شرط أساسى ليس هو مجرد القيام بعملية ارشاد سفينة بل لا بد ان يكون ذلك على وجه فرضية وفقا لمقتضيات العمل حسبما تتطلبه المادة 56 من لائحة البدلات والمدعى لم يحصل على أية مكافآت ارشاد طيلة فترة توقف الملاحة بالقناة واذ قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك فانه يكون قد خرج عن المجال الزمنى للسنتين الأخيرتين من الخدمة، كما خرج عن المجال الزمنى لاستحقاق البدل يغطى فترة توقف الملاحة من 5 يونية سنة 1967 حتى 5 من يونية سنة 1970 بأكملها فهو يزيد على المجال الزمنى للسنتين الأخيرتين من الخدمة وارشاد الطعن الى ان بدل التعويض ليس جزء من الأجر ولكنه منحة استثنائية لا يقابلها أداء عمل وذلك استنادا الى القرار رقم 238 لسنة 1970 المنشئ لهذا البدل اذ قضى بأن يصرف للمرشدين خلال فترة توقف الملاحة بالقناة بدلا تعويضيا يعادل... فالبدل اذن وقتى وعرضى ويفتقد صفة الدوام والاستقرار وطبيعة التوقيت والحرب حالة وقتية عرضية استثنائية مآلها ان تنتهى وتزول وتعود الحال الى الأصل الدائم المستقر العادى وهو السلم وذلك بصيرورة القناة مفتوحة للملاحة طبقا لمفهوم اتفاقية القسطنطينية فى 29 من أكتوبر سنة 1888 بشأن ضمان حرية استعمال قناة السويس البحرية وازاء ذلك يكون ربط معاش المدعى على أساس الأجر المقطوع اجراء سليم يتفق مع حكم القانون.
ومن حيث ان المادة 3 من قانون اصدار قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تقضى بتطبيق الاجراءات المنصوص عليها فيه وبتطبيق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك الى ان يصدر قانون بالاجراءات الخاصة بالقسم القضائى فى مجلس الدولة وتنص المادة 33 من القانون المذكور على أن يصدر الحكم فى جلسة علنية "كما تنص المادة 43 على ان تصدر الأحكام مسببة ويوقعها الرئيس والأعضاء ومن هذا يتضح ان قانون مجلس الدولة لم يتضمن من قواعد الاجراءات بشأن الأحكام التى تصدرها محاكم مجلس الدولة سوى القاعدتان اللتان توجبان صدور الأحكام فى جلسة علنية وان تكون مسببة ويوقعها الرئيس والأعضاء، ومن ثم يتعين الرجوع الى باقى القواعد الاجرائية التى تضمنها قانون المرافعات فى مجال الأحكام وتقضى المادة 175 من هذا القانون الأخير بأنه يجب فى جميع الأحوال ان تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم والا كان الحكم باطلا وتقضى المادة 76 بأنه يجب ان تشمل الأحكام على الأسباب التى بنيت عليها والا كانت باطلة وتقضى المادة 177 بأن تحفظ مسودة الحكم المشتملة على منطوقه وأسبابه بالملف وأخيرا تقضى المادة 178 بأنه يجب أن يبين فى الحكم المحكمة التى أصدرته وتاريخ اصداره ومكانه.. وأسماء القضاه الذين سمعوا المرافعة واشتركوا فى الحكم وحضروا تلاوته.. وأسماء الخصوم.. وما قدموه من طلبات أو دفاع أو دفوع وخلاصه ما استندوا اليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية ومراحل الدعوى... ثم تذكر بعد ذلك أسباب الحكم ومنطوقه والقصور فى أسباب الحكم الواقعية والنقص أو الخطأ الجسيم فى أسماء الخصوم وصفاتهم وكذا عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم يترتب عليه بطلان الحكم ويتضح من هذه النصوص ان المشرع أوجب فيما ما اقتنعت به المحكمة وجعلته اتجاها وسند لحكمها ورتب البطلان جزاء على صدور حكم غير مشتمل على الأسباب، كما أوجب حفظ مسودة الحكم المشتملة على منطوقه وأسبابه بملف الدعوى أو الطعن ثم أوجب أيضا ان تتضمن أسباب الحكم الأدلة الواقعية والحجج القانونية التى استندت اليها المحكمة فى اصدار حكمها ورتب المشرع جزاء البطلان على كل قصور فى أسباب الحكم الواقعية وهذه النظرة من جانب المشرع فى اضفاء كل تلك الضمانات على الحكم قصد بها ولا شك الحيدة فى القضاء وضمان تقدير أو ادعاءات الخصوم ومنهم ما أحاط بها من مسائل قانونية فضلا عن اضفاء الاطمئنان فى نفوس المتقاضين. وعلى ذلك لا يجوز للمحكمة عند تسبيب حكمها ان تحيل الى أسباب وردت فى حكم آخر صادر عنها أو صادر من محكمة أخرى فى نزاع آخر دون ان تبين ماهية هذه الأسباب تفصيلا أو اجمالا متى كان النزاع الآخر من أوراق ملف الدعوى أو الطعن التى صدر فيها الحكم المتضمن تلك الاحالة اذ يشترط القانون - كما تقدم - ان يكون ملف الدعوى أو الطعن محتويا على مسودة الحكم المشتملة هى بذاتها على جميع الأسباب التى بنى عليها، ذلك ان الأصل المسلم به فى فقه المرافعات ان يكون كل حكم مستوفيا فى ذاته جميع أسبابه بحيث لا تصلح الاحالة فى تسبيبه على ما جاء فى ورقة أخرى والا عد باطلا.
ومن حيث انه تبعا لذلك واذ كان الثابت من الأوراق ان مسودة الحكم المطعون فيه لم تشمل - كما سبق ايضاحه - على الأسباب التى بنى عليها بل اقتصرت المسودة على الاحالة الى أسباب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 319 لسنة 28 القضائية فان الحكم المطعون فيه يصبح والحالة هذه غير مشتمل فى مسودته على الأسباب التى قام عليها والتى أوجب القانون تضمينها اياها ومن ثم يكون باطلا بما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلا وببطلان الحكم المطعون فيه وباعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى (دائرة التسويات) لتصدر فى النزاع حكمها مستوفيا أسبابه فى المسودة وكذا باقى الشرائط القانونية مع إبقاء الفصل فى المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وباعادة الدعوى الى محكمة القضاء الإدارى للفصل فيها وأبقت الفصل فى المصروفات.