مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 696

(99)
جلسة 15 من يونية سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهرى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ عبد الرؤوف محمد محيى الدين وعلى السيد على السيد ومحمد كمال سليمان أيوب والدكتور وليم سليمان قلادة - المستشارين.

الطعن رقم 146 لسنة 27 القضائية

اصلاح زراعى - لجان الفصل فى المنازعات الزراعية - عقد ايجار أرض زراعية -
عقدى ايجار قطعتين من الأراضى الزراعية بعقدين مستقلين بين مستأجر واحد ومالك واحد - القطعة الاولى أقل فى المساحة وقيمة الايجار - عدم سداد كامل الايجار عن القطعتين وحلول الدينين فى وقت واحد - سداد المستأجر جزء من الايجار بدون تحديد أى من القطعتين ويفى المسدد ايجار القطعة الأكبر - المادتان 344، 345 من القانون المدنى - خصم المبالغ المسددة من الدين المستحق على القطعة الأكبر باعتباره دينا أشد كلفة - اذا كان الوفاء من المستأجر محله انقضاء الدين ولم يفصح فيه الطرفان صراحة عن نيتهما فى أى الدينين يسدد، يجب أن يفسر لمصلحة المدين (المستأجر) - أساس ذلك: ان هذا التفسير يؤدى الى عدم بقاء جزء من الدينين قائما مما يترتب عليه فسخ العقدين وطرد المستأجر من المساحتين - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق أول يناير سنة 1981 أودع الأستاذ عادل محمد عبد الجواد المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ محمد حسين مصطفى باعتباره وكيلا عن السيدة/ شهيرة حسن مصطفى قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بسجلاتها برقم 146 لسنة 27 القضائية عليا وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (دائرة العقود الادارية والتعويضات) فى القضية رقم 1488 لسنة 29 القضائية المقامة من السيدة/ عزيزة عبد العال أبو جليل ضد السيد/ محمد حسين مصطفى والذى قضت فيها المحكمة بجلسة السابع من ديسمبر سنة 1980 "بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من فسخ عقد ايجار القطعة الأولى من الأراضى الزراعية الكائنة بحوض مصباح (12 س/ 12 ط) وطرد المدعية منها ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وألزمت طرفى الدعوى مصروفاتها مناصفة". وطلبت الطاعنة الحكم "بقبول الطعن شكلا وبصفة مستأجرة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (دائرة العقود) بجلسة 7/ 12/ 1980 والحكم للطاعنة بطلباتها الخاصة بطرد المطعون ضدها وبفسخ عقد الإيجار عن قطعتى الأرض الزراعية مع الزامها بالمصروفات". وقدم مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأى فيه أن تقضى المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الشق العاجل من الطعن برفضه والزام الطاعنة مصروفاته وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من الغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من فسخ عقد ايجار القطعة الأولى من الأرض الزراعية الكائنة بحوض مصباح (12 س/ 12 ط) ورفض دعوى المطعون ضدها والزامها المصروفات وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى حكمت بجلسة 7 من ابريل 1982 باجماع الآراء برفض طلب وقف التنفيذ والزمت الطاعنة مصروفاته وأمرت باحالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظر الموضوع بجلسة 20 من ابريل 1982 وفيها وفيما تلاها من جلسات نظرت المحكمة الطعن على النحو الموضح بالمحاضر وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان وقائع الموضوع تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى أن السيد/ محمد حسين مصطفى تقدم الى لجنة فض المنازعات بناحية الشواى الملق مركز قطور محافظة الغربية بطلب قال فيه ان السيدة/ عزيزه عبد العال أبو جليل تستأجر مساحة 21 س 21 ط بحوض معدان و12 س 12 ط بحوض مصباح ولم تقم بسداد الايجار المطلوب ويبلغ 910ر16 جنيه عن أصل الايجار المستحق عليه عن السنة الزراعية 1971/ 1972، وطلب اتخاذ الإجراءات القانونية. وبجلسة 28/ 3/ 1973 قررت اللجنة طرد المستأجرة من المساحتين وفسخ عقدى الايجار وتقدير المحصول الموجود على العين. فاستأنفت المستأجرة القرار. وبجلسة 25/ 3/ 1974 قررت اللجنة قبول النظام شكلا وفى الموضوع برفضه.
ومن حيث ان المستأجرة أقامت دعوى تطعن فيها على هذا القرار نظرت أمام محكمة القضاء الإدارى وصدر فيها الحكم المطعون فيه القاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من فسخ عقد ايجار القطعة الأولى من الأرض الزراعية الكائنة بحوض مصباح (12 س 12 ط) وطرد المدعية منها ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت طرفى الدعوى مصروفاتها مناصفة. وأوردت المحكمة فى حكمها نص المادة 35 من قانون الاصلاح الزراعى الصادر بالقانون رقم 178. لسنة 1952 قبل تعديلها بالقانون رقم 67 لسنة 1975. ثم قالت ان الثابت من الوقائع أن المدعية تستأجر قطعتين من الأرض بعقدين مستقلين الأولى مساحتها 12 س 12 ط بحوض مصباح 18 من السيدة/ شهيرة حسين مصطفى والثانية مساحتها 12 س 21 ط بحوض معدان 17 من السيدة/ فاطمة يوسف شكرى وقد تأخرت المستأجرة فى سداد مبلغ 910ر16 جنيه من ايجار السنة الزراعية 71/ 1972 عن المساحتين. وأضافت المحكمة ان مؤدى ذلك أن ما تأخرت فى سداده يقل عن ايجار القطعة الثانية البالغ 800ر24 جنيه مما يدل على أن المستأجرة سددت كامل ايجار القطعة الأولى علاوة على مبلغ 890ر7 جنيه من ايجار القطعة (800ر24 جنيه – 910ر16 جنيه) وخلصت المحكمة من ذلك الى أن قرار لجنة الفصل فى المنازعات الزراعية الصادر بتاريخ 28/ 3/ 1973. بفسخ عقد ايجار القطعة الأولى (12 س 12 ط) غير قائم على أساس سليم من القانون وكذا قرار اللجنة الاستئنافية المؤيده له. أما عن القطعة الثانية فان قرار الفسخ والطرد يقوم على أساس سليم باعتبار أن المدعية لم تسدد الايجار المتأخر عن هذه القطعة الا بعد صدور قرار لجنة القرية فلا يعتد به فى هذا المجال.
ومن حيث ان الطعن تقوم أسبابه على أساس أنه بتطبيق الأحكام التى أوردتها المادة 35 من القانون رقم 52 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 بالاصلاح الزراعى على الحالة المعروضة يبين أن الحكم المطعون فيه وزع المبالغ الموفى بها على القطعتين وحدد نصيب كل منهما فيها وهذا أمر لا تملكه المحكمة ويخرج عن ولايتها فى النزاع المطروح أمامها، ويكون ما انتهت اليه على هذا الأساس مخالفا للقانون. وأضافت الطاعنة أن المحكمة أغفلت حافظة المستندات المقدمة منها بجلسة 6/ 9/ 1979 وكذا المذكرتين المقدمتين لجلسة 6/ 4/ 1980 ولجلسة 27/ 5/ 1980 وبذلك تكون المحكمة قد أغفلت ما أوردته المدعى عليها فى دفاعها. ويقوم السبب الثالث على أساس أن شطر قرار الطرد الى قسمين وقبوله بالنسبة للمساحة الأولى دون الثانية يتعارض مع حكم سابق للمحكمة بتأييد قرار الطرد كاملا.
ومن حيث انه يبين من الأوراق أن المستأجرة المطعون ضدها تستأجر من الطاعنة قطعة أرض مساحة الأولى 12 س 12 ط بعقد إيجار مسجل رقم 1033 فى 9/ 5/ 1970 وتبلغ قيمة ايجارها 325ر15 جنيه والثانية مساحتها 12 س 21 ط بعقد ايجار مسجل برقم 1034 فى 9/ 5/ 1970 وتبلغ قيمة ايجار هذه القطعة 800ر24 جنيه فى السنة. وقدمت المؤجرة طلبا الى لجنة الفصل فى المنازعات الزراعية تقول أن المستأجرة تأخرت فى سداد مبلغ 910ر16 جنيه من اجمالى ايجار المستحق بالعقدين عن السنة الزراعية 1971/ 1972. وأمام اللجنة الاستئنافية قرر وكيل المؤجرة أن باقى المتأخر هو مبلغ 910ر8 جنيه قامت المستأجرة بدفعه.
ومن حيث ان المادة 344 من القانون المدنى تنص على أنه "اذا تعددت الديون فى ذمة المدين وكانت لدائن واحد من جنس واحد وكان ما أداه المدين لا يفى بهذه الديون جميعا جاز للمدين عند الوفاء أن يعين الدين الذى يريد الوفاء به ما لم يوجد مانع قانونى أو اتفاقى يحول دون هذا التعيين" وتنص المادة 345 على أنه "اذا لم يعين الدين على المبين فى المادة السابقة كان الخصم من حساب الدين الذى حل فاذا تعددت الديون الحالة فمن حساب أشدها كلفه على المدين فاذا تساوت الديون فى الكلفة فمن حساب الدين الذى يعينه الدائن".
ومن حيث ان المستأجرة المدنية تعددت ديونها للمؤجرة المالكة الطاعنة عن العقد المسجل برقم 1033 والعقد المسجل برقم 1034 وقد حلت هذه الديون فى وقت واحد.
ومن حيث ان الدين المستحق عن العقد المسجل برقم 1034 هو أشد كلفة عليها من الدين المستحق عن العقد الآخر اذ أن قيمة الايجار بالنسبة للأول أكبر من الايجار المتفق عليه فى العقد الثانى - فيكون خصم المبالغ التى دفعتها المستأجرة من الايجار الأكبر. ويبين من محضر اللجنة الاستئنافية سالف الذكر أن حقيقة الايجار المتأخر هو 910ر8 جنيه. أى أن المستأجرة دفعت من قبل كامل ايجار المساحتين 125ر43 جنيه ناقصا 910ر8 جنيه أى أنها دفعت 215ر34 جنيه وهو ما يغطى الايجار الأكثر كلفة بالتطبيق لأحكام المادة 345. فضلا عن أن تصفية العلاقة بين الطرفين على هذا النحو يتفق مع ما تنص عليه المادة 151 من القانون المدنى التى تقضى بأن يفسر الشك فى مصلحة المدين "فاذا كان الوفاء من المستأجرين وهو تصرف قانونى محله انقضاء الدين لم يفصح فيه الطرفان صراحة عن نيتهما فى أى الدينين اتفقا على أن يكون خصم المبالغ المدفوعة منه، فان التفسير الذى يتفق وأحكام القانون يجب أن ينصرف الى تحقيق مصلحة المدين وهو هنا المستأجرة. فلا يؤدى التفسير فى هذه الحالة الى إبقاء جزء من كل من الدينين قائما بما يترتب عليه من فسخ العقدين وطرد المستأجرة من المساحتين معا.
ومن حيث ان هذا التفسير المطابق لما ينص عليه القانون يترتب عليه أن يفسخ عقد الايجار عن مساحة 12 س/ 12 ط المسجل برقم 1033 وبقاء الايجار المسجل برقم 1034 عن مساحة 12 س 21 ط وهو ما يخالف الحكم المطعون فيه الا أنه نظرا لأن هذا الحكم لم يطعن فيه. من جانب المستأجرة وأصبح بالنسبة لها نهائيا علاوة على أنه من المبادئ الأصولية أن لا يضار طاعن من طعنه فانه يتعين الحكم برفض الطعن والزام الطاعنة المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعنة المصروفات.