مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 618

(63)
جلسة 7 من فبراير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة على محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومى نصار وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 1113 لسنة 7 القضائية

دعوى الالغاء - علم يقينى - مقوماته - اثباته - نشر قرار الترقيات وتوزيعه على جميع أقسام المصلحة وفروعها واداراتها وقت صدوره - هذا النشر والتوزيع وإن لم يعتبر أداه لافتراض العلم حتما الا أنهما ينهضان قرينة قوية على تحققه ما دام لم يثبت العكس - النشرات التى تصدرها المصالح وسيلة من وسائل الاخبار بالقرار الادارى.
ان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن الأصل، بالتطبيق لأحكام قانون مجلس الدولة المعمول بها وقت صدور القرارات المطعون فيها، أن ميعاد رفع الدعوى الى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الالغاء هو ستون يوماً تسرى من تاريخ نشر القرار الادارى المطعون فيه أو اعلان صاحب الشأن به - الا أنه يقوم مقام الاعلان علم صاحب الشأن به بأى وسيلة من وسائل الاخبار بما يحقق الغاية من الاعلان ولو لم يقع هذا الاعلان بالفعل. بيد أن العلم الذى يمكن ترتيب هذا الأثر عليه من حيث سريان الميعاد المقرر لرفع دعوى الالغاء يجب أن يكون علما يقينيا لا ظنيا ولا افتراضيا وأن يكون شاملا لجميع العناصر التى يمكن لصاحب الشأن على أساسها أن يتبين مركزه القانونى بالنسبة الى هذا القرار ويستطيع أن يحدد على مقتضى ذلك طريقه الى الطعن فيه. ولا يجرى الميعاد فى حقه الا من اليوم الذى يثبت فيه قيام هذا العلم اليقينى الشامل. ويثبت هذا العلم من أية واقعة أو قرنية تفيد حصوله دون التقيد فى ذلك بوسيلة اثبات معينة وللقضاء الادارى فى أعمال رقابته القانونية التحقق من قيام أو عدم قيام هذه القرينة أو تلك الواقعة وتقدير الأثر الذى يمكن ترتيبه عليها من حيث كفاية العلم أو قصوره وذلك حسبما تستبينه المحكمة من أوراق الدعوى وظروف الحال فلا يأخذ بهذا العلم الا اذا توافر اقتناعها بقيام الدليل عليه كما لا تقف عند انكار صاحب المصلحة اياه حتى لا تهدر المصلحة العامة المبتغاة من تحصين القرارات الادارية ولا يزعزع استقرار المراكز القانونية الذاتية التى كسبها أربابها من هذه القرارات.
ولما كان الثابت من الأوراق وما أكدته مصلحة الضرائب وهو ما لم يدحضه المدعى بحجة ايجابية ولم يقم الدليل على عكسه أن حركة الترقيات التى أجرتها المصلحة فى 28/ 7/ 1948 و31/ 10/ 1953 قد نشر القراران الصادران بها ووزعا على جميع أقسام المصلحة وفروعها واداراتها وقت صدورهما فان هذا النشر والتوزيع وان لم يعتبر أداة لافتراض العلم حتما الا أنهما ينهضان قرينة على تحققه ما دام لم يثبت العكس وقد اعتد المشرع فى المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 فى شأن تنظيم مجلس الدولة بالنشرات التى تصدرها المصالح كوسيلة من وسائل الاخبار بالقرار الادارى ورتب عليها ذات الأثر الذى رتبه على النشر فى الجريدة الرسمية أو على اعلان صاحب الشأن بالقرار يضاف الى هذا ويعززه أن المدعى رقى بعد ذلك الى الدرجة الخامسة الفنية فى 19/ 8/ 1948 ثم الى الرابعة الفنية اعتباراً من 13/ 11/ 1954 وقد استقر وضعه فى هاتين الدرجتين المتتاليتين وتحدد مركزه القانونى بالنسبة الى زملائه وجرى تدرجه فى السلم الوظيفى إزاءهم على أساسه خلال سنوات عديدة سابقة على تاريخ رفع الدعوى مما لا يقبل معه زعمه متأخرا عدم العلم بالقرارين المطعون فيهما أصليا واحتياطيا فى الوقت المناسب. هذا فضلا عن أن قرارات الترقية الى الدرجة الثالثة الفنية المطعون فيها الصادرة فى 26/ 5/ 1958 و30/ 7/ 1958 و9/ 8/ 1958، 24 من سبتمبر سنة 1958 هى الأخرى قد نشرت بالنشرة الشهرية للمصلحة وفقا لقانونى الموظفين ومجلس الدولة وذلك بالنشرات الموزعة على فروع المصلحة فى 17 أغسطس سنة 1958 و14 من سبتمبر سنة 1958 ورغم ذلك تراخى المدعى فى الطعن فيها الى أن قدم تظلمه الادارى فى 24/ 5/ 1959 مفوتا على نفسه المواعيد القانونية للطعن فى القرارات.


اجراءات الطعن

بتاريخ 24 أبريل سنة 1961 أودع السيد/ أحمد سليمان ابراهيم بلطية عريضة طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 13 أبريل سنة 1960, فى الدعوى رقم 1195 لسنة 13 القضائية المرفوعة من السيد/ أحمد سليمان بلطية ضد وزارة الخزانة (القاضي) بعدم قبول الدعوى والزام المدعى المصاريف وطلب الطاعن للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم بالطلبات الآتية:
أولا: تعديل أقدميته فى الدرجة الخامسة الى 28/ 7/ 1948 بدلا من 19/ 8/ 1948.
ثانيا: تعديل أقدميته فى الدرجة الرابعة الفنية الى 31/ 10/ 1953.
ثالثا: الغاء القرار الصادر فى 29/ 5/ 1958 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى الدرجة الثالثة الفنية بصفة أصلية والغاء القرار الصادر فى 30/ 7/ 1958 و9/ 8/ 1958 فيما تضمناه من تخطيه فى الترقية الى الدرجة الثالثة بصفة احتياطية مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة بالمصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة مع حفظ كافة الحقوق الأخرى.
وقد أعلن الطعن الى الحكومة فى 29/ 4/ 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/ 3/ 1964 وأخطرت الحكومة والمدعى فى 21/ 1/ 1964 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة أحالة الدعوى الى المحكمة الادارية العليا وحددت لذلك جلسة 11/ 10/ 1964، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ملاحظات ذوى الشأن على الوجه المبين بالمحضر قررت أرجاء النطق بالحكم الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد أستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن فى أن المدعى أقام دعواه أمام محكمة القضاء الادارى طالبا الحكم بقبول دعواه شكلا وفى الموضوع باستحقاقه أولا: تعديل أقدميته فى الدرجة الخامسة الفنية بجعلها من 28/ 7/ 1948 بدلا من 19/ 8/ 1948 ثانيا: تعديل أقدميته فى الدرجة الرابعة الفنية بجعلها من 31/ 10/ 1953 بدلا من 13/ 11/ 1954.
ثالثا: ( أ ) الطلب الأصلى الغاء القرار الصادر فى 29/ 5/ 1958 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية للدرجة الثالثة الفنية سواء فى نسبة الأقدمية أو الاختيار.
(ب) الطلب الاحتياطى الغاء القرارين الصادرين فى 30/ 7/ 1958، 9/ 8/ 1958 فيما تضمناه من تخطى المدعى فى الترقية للدرجة الثالثة الفنية سواء فى نسبة الأقدمية أو الاختيار ومع ما يترتب على ذلك من آثار والزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال فى بيان ذلك انه التحق بخدمة مصلحة الضرائب فى وظيفة من الدرجة السادسة الفنية ورقى الى الدرجة الخامسة الفنية في 19/ 8/ 1948 والى الدرجة الرابعة الفنية فى 13/ 11/ 1954 وبتاريخ 24/ 5/ 1959 علم بطريق المصادفة أن مصلحة الضرائب استصدرت قرارا وزاريا بالترقية الى الدرجة الخامسة الفنية اعتبارا من 28/ 7/ 1948 وأن من بين هؤلاء المرقين زميله سيد محمد حبيب. واستطرد المدعى يقول أن القاعدة القانونية التى كانت مقررة وقتذاك للترقية هى الكفاية مع مراعاة الأقدمية ولما كان سيد محمد حبيب لا يفوقه كفاية بل يتساوى معه فى درجة الكفاية أن لم يفضله المدعى كما هو ثابت من تقاريره السرية السابقة على هذا القرار كما أنه يسبقه فى ترتيب الأقدمية اذ ترجع أقدميته فى الدرجة السادسة الى 28/ 8/ 1943 بينما أقدمية زميله المطعون عليه فى هذه الدرجة ترجع الى 30/ 8/ 1943 لذلك تكون الادارة قد خالفت القانون فى اصدار هذا القرار لانها أهدرت عنصر الأقدمية فى حالة التساوى فى درجة الكفاية وعليه يكون قرارها بالترقية الصادر فى 28/ 7/ 1948 جديراً بالإلغاء لتخطيه فى الترقية وأردف المدعى أنه تأسيسا على استحقاقه للترقية للدرجة الخامسة من 28/ 7/ 1948 فقد تعلق حقه فى الترقية الى الدرجة الرابعة الفنية اعتبارا من 31/ 10/ 1953، والى الدرجة الثالثة اعتبارا من 29/ 5/ 1958 أو 30/ 7/ 1958 أو 9/ 8/ 1958 أى فى حركات الترقيات الصادرة فى هذه التواريخ - ولما كان المدعى قد رقى الى الدرجة الخامسة من 19/ 8/ 1948 والى الدرجة الرابعة من 13/ 11/ 1954، لذلك فانه يقصر طلباته على تعديل أقدميته فى الدرجتين الخامسة والرابعة والغاء قرارات الترقية الى الدرجة الثالثة على النحو المبين بعاليه ودلل المدعى على أن دعواه مقبولة شكلا لرفعها فى الميعاد القانونى بقوله أنه قدم تظلما إداريا للسيد وزير الخزانة بتاريخ 24/ 5/ 1959 تاريخ علمه بقرارى الترقية الى الدرجة الخامسة والرابعة الصادرين فى 28/ 7/ 1948 و31/ 10/ 1953 ذلك أنه لم يعلم علما يقينيا بالقرارين المذكورين لعدم نشرهما أو أعلانه بهما فيكون له الحق فى الطعن فيهما من تاريخ علمه بهما فى 24/ 5/ 1959 تاريخ تقديم تظلمه الادارى أما نشر القرارات المطعون فيها فى الدرجة الثالثة فلا يحق له أن يطعن فيها من تاريخ نشرها لعدم استقرار مركزه القانونى فى الدرجتين الخامسة والرابعة والتى هى محل النزاع فى هذه الدعوى وعليه تعتبر هذه القرارات أثرا من آثار الترقية للدرجتين الخامسة والرابعة ويبدأ ميعاد الطعن فيها من تاريخ علمه بقرار 28/ 7/ 1948 و31/ 10/ 1953 وردت مصلحة الضرائب على الدعوى بقولها أن المدعى حاصل على بكالوريوس سنة 1941 والتحق بخدمة الحكومة فى وظيفة مساعد مأمور من الدرجة السادسة الفنية فى 28/ 8/ 1943 ورقى الى الدرجة الخامسة الفنية فى 19/ 8/ 1948، والرابعة الفنية فى 13/ 11/ 1954 وتقدم المدعى بتظلم ادارى مؤرخ 24/ 5/ 1959 عن موضوع هذه الدعوى ودفعت المصلحة بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد على أساس أن القرارات المطعون فيها الخاصة بتعديل أقدمية المدعى بالدرجة الخامسة والرابعة الفنية صدرت فى 28/ 7/ 1948 وو31/ 10/ 1953 أى منذ مدة طويلة ونشرت ووزعت على فروع وأدارات المصلحة المختلفة وفقا للنظام الذى كان متبعا للنشر وقتئذ ولم يكن فى وسع المصلحة لاثبات العلم اليقينى بصدورها أن يكلف من يهمه الأمر أو لا يهمه بالتوقيع على كل قرار لتعذر ذلك عملا كما ان انقضاء مدة طويلة على صدور القرار الادارى ونشره يعتبر قرينة قاطعة على علم الكافة به - وأضافت المصلحة أن قرارات الترقية الى الدرجة الثالثة الفنية المطعون فيها الصادرة فى 29/ 5/ 1958 و30/ 7/ 1958 و9/ 8/ 1958 هى الأخرى نشرت بالنشرة الشهرية للمصلحة وفقا لقانونى الموظفين ومجلس الدولة وذلك بالنشرات الموزعة على فروع المصلحة فى 7 من أغسطس سنة 1958، 24 سبتمبر سنة 1958 ورغم ذلك تراخى المدعى فى الطعن فيها الى حين تقديم تظلمه الادارى فى 24/ 5/ 1959، مفوتا على نفسه المواعيد القانونية للطعن فى القرارات ومن ثم تكون هذه الدعوى غير مقبولة شكلا لرفعها بعد الميعاد ودفعت المصلحة الدعوى احتياطيا بسقوط حق المدعى بالتقادم فى المطالبة بالفروق المالية المترتبة على الغاء القرارات المطعون فيها الصادرة فى 28/ 7/ 1948 و31/ 10/ 1953 وذلك عملا بالمادة 375 من القانون المدنى أما عن موضوع الدعوى فطلبت المصلحة رفضه لأن ترقية المطعون فيه السيد/ سيد محمد حبيب بالقرار الصادر فى 28/ 7/ 1949 تمت بالاختيار قبل العمل بقانون الموظفين وكانت للادارة حرية التقدير تترخص فيها وفقا لما تراه محققا للصالح العام وما تلمسه فى الموظف المرشح للترقية من خبرة وكفاية تؤهلانه للترقية وتقدير الادارة فى هذا الشأن له اعتباره ولا معقب عليه من القضاء إذا ما خلا من اساءة استعمال السلطة ومخالفة القانون وانها عند اجراء حركة الترقية راعت عدة عوامل فى المرشحين وأن قرارها صدر سليما ومتمشيا مع القانون ولذلك يكون المدعى غير محق فى طلبه الأول وبالتالى ينهار طلبه الثانى المؤسس على الطلب الأول كما أن طلبه الثالث واجب الرفض كذلك لأنه يؤسس طلبه هذا على اجابته لطلبيه الأول والثانى اللذين ظهر عدم أحقيته فيهما وانتهت المصلحة الى طلب الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا لتقديمها بعد الميعاد وفى الموضوع برفضها مع الزام المدعى بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 13 أبريل سنة 1960 قضت محكمة القضاء الادارى بعدم قبول الدعوى والزمت المدعى مصاريفها - وأقامت المحكمة قضاءها على أن القرارات المطعون فيها قد نشرت ووزعت على فروع وادارات مصلحة الضرائب فى حينها وأنه اذا كان هذا النشر يعتبر قرينة قوية على علم المدعى بها فى وقت صدورها فلا يقبل منه مجرد انكار هذا العلم دون أن يثبت عدم علمه حقا بصدورها ولما كان المدعى يتظلم من هذه القرارات ويتبع تظلمه باللجوء الى القضاء الادارى طعنا عليها بالالغاء فى غير المواعيد القانونية فان دعواه تكون غير مقبولة شكلا لرفعها بعد الميعاد.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن المحكمة استندت فى قضائها الى العلم الظنى وافترضت علم الطاعن بالقرارات محل الطعن دون أن تثبت جهة الادارة بالدليل المادى نشر هذه القرارات فضلا عن أن مدة خدمته بالمصلحة قضاها بعيدا عن القاهرة وعن الادارة العامة التى تصدر قرارات الترقية.
عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد:
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن الأصل بالتطبيق لأحكام قانون مجلس الدولة المعمول بها وقت صدور القرارات المطعون فيها، أن ميعاد رفع الدعوى الى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الالغاء هو ستون يوما تسرى من تاريخ نشر القرار الادارى المطعون فيه أو اعلان صاحب الشأن به - الا أنه يقوم مقام الاعلان علم صاحب الشأن به بأى وسيلة من وسائل الاخبار بما يحقق الغاية من الاعلان ولو لم يقع هذا الاعلان بالفعل. بيد أن العلم الذى يمكن ترتيب هذا الأثر عليه من حيث سريان الميعاد المقرر لرفع دعوى الالغاء يجب أن يكون علما يقينيا لا ظنيا ولا افتراضيا وأن يكون شاملا لجميع العناصر التى يمكن لصاحب الشأن على أساسها أن يتبين مركزه القانونى بالنسبة الى هذا القرار ويستطيع أن يحدد على مقتضى ذلك طريقه الى الطعن فيه. ولا يجرى الميعاد فى حقه الا من اليوم الذى يثبت فيه قيام هذا العلم اليقينى الشامل. ويثبت هذا العلم من أية واقعة أو قرينة تفيد حصوله دون التقيد فى ذلك بوسيلة اثبات معينة وللقضاء الادارى فى أعمال رقابته القانونية التحقق من قيام أو عدم قيام هذه القرينة أو تلك الواقعة وتقدير الاثر الذى يمكن ترتيبه عليها من حيث كفاية العلم أو قصوره وذلك حسبما تستبينه المحكمة من أوراق الدعوى وظروف الحال فلا يؤخذ بهذا العلم الا اذا توافر اقتناعها بقيام الدليل عليه كما لا تقف عند أنكار صاحب المصلحة اياه حتى لا تهدر المصلحة العامة المبتغاة من تحصين القرارات الادارية ولا يزعزع استقرار المراكز القانونية الذاتية التى كسبها أربابها بمقتضى هذه القرارات.
ومن حيث أنه لما كان الثابت من الاوراق وما أكدته مصلحة الضرائب وهو ما لم يدحضه المدعى بحجة ايجابية ولم يقم الدليل على عكسه أن حركة الترقيات التى أجرتها المصلحة فى 28/ 7/ 1948 و31/ 3/ 1953 قد نشر القراران الصادران بها ووزعا على جميع أقسام المصلحة وفروعها واداراتها وقت صدورهما فان هذا النشر والتوزيع وان لم يعتبر أداة لافتراض العلم حتما الا أنهما ينهضان قرينة قوية على تحققه ما دام لم يثبت العكس وقد أعتد المشرع فى المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 فى شأن تنظيم مجلس الدولة بالنشرات التى تصدرها المصالح كوسيلة من وسائل الاخبار بالقرار الادارى ورتب عليها ذات الاثر الذى رتبه على النشر فى الجريدة الرسمية أو على أعلان صاحب الشأن بالقرار يضاف الى هذا ويعززه أن المدعى رقى بعد ذلك الى الدرجة الخامسة الفنية فى 19/ 8/ 1948 ثم الى الرابعة الفنية اعتبارا من 13/ 11/ 1954 وقد أستقر وضعه فى هاتين الدرجتين المتتاليتين وتحدد مركزه القانونى بالنسبة الى زملائه وجرى تدرجه فى السلم الوظيفى أزاءهم على أساسه خلال سنوات عديدة سابقة على تاريخ رفع الدعوى مما لا يقبل معه زعمه متأخرا عدم العلم بالقرارين المطعون فيهما أصليا واحتياطيا فى الوقت المناسب. هذا فضلا عن أن قرارات الترقية الى الدرجة الثالثة الفنية المطعون فيها الصادرة فى 26/ 5/ 1958 و30/ 7/ 1958 و9/ 8/ 1959 هى الاخرى قد نشرت بالنشرة الشهرية للمصلحة وفقا لقانونى الموظفين ومجلس الدولة وذلك بالنشرات الموزعة على فروع المصلحة فى 17 من أغسطس سنة 1958، 24 من سبتمبر سنة 1958 ورغم ذلك تراخى المدعى فى الطعن فيها الى أن قدم تظلمه الادارى فى 24/ 5/ 1959 مفوتا على نفسه المواعيد القانونية للطعن فى القرارات.
ومن حيث انه لما تقدم تكون الدعوى قد رفعت بعد فوات الميعاد القانونى المقرر للطعن بالالغاء ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من عدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد ويكون طعن السيد/ أحمد سليمان ابراهيم بلطية بطلب الغاء هذا الحكم والقضاء بقبول الدعوى فى غير محله متعينا رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزمت المدعى بالمصروفات.