مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 649

(65)
جلسة 13 من فبراير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ حسن السيد أيوب وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور ضياء الدين صالح وعادل عزيز زخارى وعبد الستار عبد الباقى آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 1212 لسنة 7 القضائية

موظف - تأديب - مسئولية ادارية - كثرة العمل ليست من الأعذار التى تعدمها - اعتبارها عذرا مخففا ان ثبت قيام الموظف بأعباء فوق قدرته، وأحاطت به ظروف لم يستطع السيطرة عليها تماما.
أن كثرة العمل ليست من الأعذار التى تعدم المسئولية الادارية اذ هى ذريعة كل من يخل بواجبات وظيفته، ولو أخذ بها على هذا النحو لأضحى الأمر فوضى لا ضابط له، ولكنها قد تكون عذرا مخففا ان ثبت ان الاعباء التى يقوم بها الموظف العام فوق قدرته وأحاطت به ظروف لم يستطع أن يسيطر عليها تماما.


اجراءات الطعن

فى يوم السبت 20 من مايو سنة 1961 أودع الأستاذ محمود عيسى عبده المحامى المقبول أمام هذه المحكمة بصفته وكيلا عن السيد حسين كامل مصطفى العطار الموظف بادارة التدريب بوزارة التربية والتعليم بالتوكيل رقم 1368 لسنة 1961 توثيق الزقازيق فى 17/ 5/ 1961 سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التربية ولتعليم فى الدعوى التأديبية رقم 144 لسنة 2 القضائية بجلسة 9/ 11/ 1960 القاضى بخصم جنيه من راتبه وطلب الطاعن اعتمادا على أسباب طعنه الغاء الحكم المطعون فيه وبراءته مما نسب اليه مع الزام المطعون ضدها الثانية بالمصروفات ومقابل الأتعاب.
وفى 29 من مايو سنة 1961 أعلن الطعن لوزارة التربية والتعليم وفى 30/ 5/ 1961 للنيابة الادارية وتعين له جلسة 25/ 1/ 1964 أمام دائرة الفحص وأخطر بها ذوو الشأن فى 19/ 12/ 1963 فقررت بأحالته الى هذه الدائرة فعينت له جلسة 21/ 3/ 1964 وأخطروا بها فى 30/ 1/ 1963 فسمعت ما رأت ضرورة سماعه من ملاحظات الطرفين ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان وقائع هذه المنازعة تجمل فى أنه على أثر الغاء القسم الاعدادى بمدرسة الجمعية المصرية للبنين فى نهاية عام 1953 - 1954 حول تلاميذ السنة الاعدادية البالغ عددهم 96 تلميذا الى مدرسة علم الدين الاعدادية وحرر كشف بأسمائهم بمعرفة السيد "عطية أحمد الصيرفى" سكرتير المدرسة الأولى فى أول العام الدراسى 1954 - 1955 وأشر عليه بأنهم جميعا معيدون بالسنة الثانية وكان من بينهم التلميذ سمير محمود محمد الحداد الذى فصلته المدرسة فى آخر العام الدراسى لرسوبه سنتين فى السنة الثانية ولكنه حول باعتباره منقولا الى السنة الثانية فتظلم والده باعتباره راسبا لأول مرة فى السنة الثانية وكان مقيدا بالسنة الأولى بالمدرسة الأولى فى العام الدراسى 1953 - 1954 ورسب فى امتحان النقل، وفى 25/ 9/ 1959 وقع سكرتير المدرسة الأولى كتابا يفيد أن هذا التلميذ كان منقولا للسنة الثانية ولما تبين أن هذا الأمر يخالف حقيقة الواقع أجرى تحقيق ظهر منه أن هناك مسئولية على عاتق كل من سكرتيرى المدرسة الأولى والثانية وطلبت النيابة الادارية احالتهما للمحاكمة التأديبية لتوقيع الجزاء المناسب عليهما.
ومن حيث ان تلك المحكمة أصدرت حكمها بتخفيض جنيه واحد من مرتب كل منهما وأقامت هذا القضاء على أنه ظهر من التحقيق أن سكرتير المدرسة الأولى كان على علم تام عند بدء العام الدراسى 1954/ 1955 برسوب التلميذ سمير محمود محمد الحداد بالسنة الأولى اعدادى بما قرر من أنه أخبره خطأ بنجاحه بعد الدور الأول بسبب ما وقع فيه من خلط بين أسمه واسم التلميذ سمير محمود جاد وكان من جراء هذا الخطأ أن التلميذ سمير الحداد لم يدخل امتحان الدور الثانى وأنه لم يكن الأمر وليد خطأ غير متعمد اذ أعطى ولى أمر التلميذ سمير الحداد الخطاب المؤرخ 25/ 9/ 1955 برسم ناظر مدرسة علم الدين الاعدادية بعد أن قررت تلك المدرسة فصله لرسوبه سنتين فى السنة الثانية ولا يجديه نفعا أن يدعى أن تحرير الكشوف ليس من اختصاصاته، اذ مع التسليم جدلا بذلك فان على الموظف اذا ما كلف بعمل ما أن يبذل فيه عناية الرجل الحريص دون تقصير أو اهمال، وان ما أقدم عليه يدل على انحراف عن المسلك القويم والطريق المستقيم فى أداء واجبات الوظيفة العامة.
وبالنسبة للمتهم الطاعن ذكر الحكم أنه اعترف باستلام كشف التلاميذ المحولين ولكن قرر انه فقد وأرجع فقده الى كثرة الأيدى
التى تداولته وهو المسئول الأول عنه، كما أنه اعترف انه لم يراجع ملفات التلاميذ وانما أخذ "جشنى" عليها مما يقطع باهماله فى أداء واجبات الوظيفة اذ هذا النوع من المراجعة هو من عمل المشرفين وليس من عمل الموظف المسند اليه العمل كما أعترف بعد استيفاء سجلات قيد التلاميذ لبيان حالة كل منهم ومعرفة المنقول منهم والمعيد ولا يجديه نفعا التعلل بكثرة العمل، وأن حسن نيته بعيد فى مسألة التلميذ سمير محمود الحداد فضلا عن اهماله وعدم دقته فى أداء واجباته بل لقد أخل بها اخلالا جسيما الأمر الذى يستلزم أخذه وزميله بشئ من الشدة حتى يقوما بعملهما على الوجه السليم البعيد عن الشبهات.
ومن حيث ان الطعن أسس على القول بأن الحكم لم يتعرف على حقيقة ما أسند اليه فهو الذى بلغ عن حالة سمير محمود الحداد ولو كان ضالعا فيها لحرص على السكوت حتى تطوى فى عالم النسيان ومن جهة أخرى فان النيابة اسندت اليه اهمالا وتقصيرا ولكن المحكمة تشددت وقالت ان تصرفه يشوبه سوء النية دون أن تقيم دليلا على ذلك، وأن الحكم ساوى فى الجزاء بينه وبين المتهم الأول الذى اقترف تزويرا واعترف به وحرر به كتابا تضمن وقائع تخالف الحقيقة وهذا ينم عن سوء تقدير الحكم فى الجزاء وهو من قبيل الخطأ فى تطبيق القانون، وأن الحكم لم يقم وزنا لكثرة الأعباء التى يضطلع بها اذ أن كثرتها من شأنها أن تهبط بمسئوليته الى حد العدم أن لم تعدمها وذلك فى كل ما نسب اليه ومع التسليم بكثرة الأعمال قررت المحكمة مساءلته مع التشديد فى العقاب.
ومن حيث أن هيئة مفوضى الدولة قدمت تقريرا برأيها ذكرت فيه أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية ولكنه على غير أساس من الوجهة الموضوعية اذ الحكم المطعون فيه لم يخرج عن دلالة القرائن التى توحى بها الأوراق وظروف الحال والملابسات اذ قد تبين من التحقيق أن سجلات قيد التلاميذ بمدرسة علم الدين فى العام 1954 - 1955 لم يبين فيها أمام كل اسم فى المكان المعد لذلك انه منقول أو معيد فاذا كان اغفال هذه البيانات ثابت وان علله بكثرة العمل - فانه ليس من قبيل المصادفات فقد كشف التلاميذ المحولين، واذا ما أضيف الى ذلك انه لم يراجع ملفات التلاميذ المحولين واكتفى بمراجعتها عن طريق الجشنى. ومن ثم يكون الحكم سليما فيما استخلصه من قرائن الحال، اذ التهمة ليست مجرد اهمال ولكنه اتسم بسوء النية وان كلا من المتهمين أخل بواجبات وظيفته اخلالا جسيما ومن ثم يكون الجزاء الذى أوقعه مناسبا ولا محل للطعن عليه بشئ ما.
ومن حيث أنه يبين من التحقيق الذى أجرته النيابة الادارية أن الطاعن اعترف بما اسند اليه وان ارجعه الى كثرة العمل.
ومن حيث أن كثرة العمل ليست من الاعذار التى تعدم المسئولية الادارية اذ هى ذريعة كل من يخل بواجبات وظيفته، ولو أخذ بها على هذا النحو لأضحى الأمر فوضى لا ضابط له، ولكنها قد تكون عذرا محففا ان ثبت أن الأعباء التى يقوم بها الموظف العام فوق قدرته وأحاطت به ظروف لم يستطيع أن يسيطر عليها تماما، الأمر الذى لم يثبت من الأوراق.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه استخلص استخلاصا سالفا من عيون الأوراق.. وجاء الجزاء مناسبا لما اقترف الطاعن من اثم ومن ثم يكون تقدير لحكم للجزاء تقديرا سديدا وبالتالى يكون الطعن على غير أساس ومتعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزمت الطاعن المصروفات.