مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 672

(69)
جلسة 14 من فبراير 1965

برئاسة السيد الاستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومى نصار وحسنين رفعت حسنين المستشارين.

القضية رقم 1372 لسنة 7 القضائية

دعوى الالغاء - بدء سريان ميعاد رفعها - نشر القرار الادارى فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات المصلحية ليس الا قرينة على علم صاحب الشأن به - أحداث النشر أثره فى بدء سريان الميعاد مشروط بأن يكشف عن فحوى القرار الادارى بحيث يكون فى وسع صاحب الشأن أن يحدد موقفه حياله.
تنص المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 فى شأن تنظيم مجلس الدولة على أن "ميعاد رفع الدعوى الى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الالغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار الادارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح أو اعلان صاحب الشأن به، وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم الى الهيئة الادارية التى أصدرت القرار أو الى الهيئات الرئيسية...." ومفاد ذلك أن المشرع قد جعل مناط سريان ميعاد رفع الدعوى أمام القضاء الادارى هو واقعة نشر القرار الادارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح أو اعلان صاحب الشأن به. والنشر المقصود الذى يسرى منه الميعاد المنصوص عليه فى المادة سالفة الذكر هو النشر فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح والتى صدر بتنظيمها قرار مجلس الوزراء الصادر فى 30 من مارس سنة 1955 - وغنى عن البيان انه اذا كانت أحكام القانون المشار اليه قد حددت واقعة النشر لبدء سريان الميعاد المقرر لرفع دعوى الالغاء، فان القضاء الادارى فى مصر لم يلتزم حدود النص فى ذلك، فهو لا يرى فى النشر الا قرينة على وصول القرار المطعون فيه الى علم صاحب الشأن، ومن ثم فهو يوجب لكى يؤدى النشر مهمته أن يكشف عن فحوى القرار الادارى بحيث يكون فى وسع صاحب الشأن أن يحدد موقفه حياله.


اجراءات الطعن

بتاريخ 25 من يونيو سنة 1961 أودعت ادارة قضايا الحكومة أوراق الطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى فى جلسة 26 من أبريل سنة 1961 فى الدعوى رقم 546 لسنة 14 القضائية والقاضى باعتبار أقدمية المدعى فى الدرجة الخامسة الادارية راجعة الى 31 من أغسطس سنة 1958 وما يترتب على ذلك من آثار والزمت الوزارة المدعى عليها بالمصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة، وطلبت الطاعنة للاسباب الواردة، فى عريضتها قبول الطعن شكلا وفى الموضوع أصليا بعدم قبول الدعوى شكلا واحتياطيا برفضها مع الزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين - وقد نظرت هذه الدعوى أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 7 من ديسمبر سنة 1963، فأحالتها الى المحكمة الادارية العليا ونظرت بجلسة 25 من يناير سنة 1964 وفيها سمعت الملاحظات على الوجه المبين بالمحاضر وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة حسبما يبين من أوراقها تجمل فى أن المدعى أقام دعواه أمام محكمة القضاء الادارى بعريضة أودعت سكرتيريتها طالبا الحكم بقبول دعواه شكلا وفى الموضوع باعتبار ترقيته الى الدرجة الخامسة راجعة الى 31 من أغسطس سنة 1958 وسابقا على السيد/ محمد كمال هيبة مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه وقال شرحا لدعواه أنه تظلم فى 7 من سبتمبر سنة 1959 طالبا اعتبار ترقيته الى الدرجة الخامسة راجعة الى أول سبتمبر سنة 1958 بحيث يسبق محمد كمال الدين هيبة ولما لم ترد جهة الادارة أقام دعواه وهو لم يعلم بقرار ترقية زميله الا مصادفة، ومضى المدعى قائلا أنه من مقتضى تطبيق القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 وضم مدة خدمته السابقة واعتبار أقدميته فى الدرجة السادسة راجعة الى 23 من يونيو سنة 1954 أن يمنح كافة المراكز القانونية المترتبة على هذه الأقدمية الجديدة وليس للدعوى ميعاد لاقامتها، وأضاف المدعى أن الجهة الادارية ضمت مدة خدمته فى 30 من نوفمبر سنة 1958 الا أن لهذا القرار أثره منذ 3 من مارس سنة 1958 وهو تاريخ صدور القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 وهو لا يضار بتأخير جهة الادارة فى ضم مدة خدمته، وخلص المدعى الى الطلبات السابق بيانها - فردت الجهة الادارية على الدعوى مبينة أن المدعى تظلم فى 7 من سبتمبر سنة 1959 لتعتبر ترقيته فى الدرجة الخامسة راجعة الى أول سبتمبر سنة 1958 وسابقا على محمد كمال الدين هيبة من هذا التاريخ، وأن خلاصة حالته أنه حاصل على الليسانس فى الحقوق سنة 1952 وعين فى الدرجة السادسة الادارية بالقرار رقم 72 المؤرخ 5 من فبراير سنة 1956، وأنه لما صدر القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 بحساب مدة الخدمة السابقة تقدم بطلب لضم مدة سابقة قضاها بالمحاماة من 9 من ديسمبر سنة 1953 حتى تاريخ تعيينه طبقا للقرار المذكور وعرض موضوعه على لجنة شئون الموظفين بطريق التمرير فى 26 من نوفمبر سنة 1958 فوافقت على ضم المدة فى ضوء تفسيرات ديوان الموظفين بالكتاب الدورى رقم 23 لسنة 1958 المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1958 ثم صدر القرار رقم 953 والمؤرخ 30 من نوفمبر سنة 1958 بتعديل أقدميته فى الدرجة السادسة لتصبح راجعة الى 23 من يونيو سنة 1954 بدلا من 5 من فبراير سنة 1956 بعد ضم 3/ 4 المدة المذكورة وفعلا رقى الى الدرجة الخامسة الادارية فى 31 من أغسطس سنة 1959 بالقرار رقم 669 لسنة 1959 المؤرخ أول سبتمبر سنة 1959، ومضت الجهة الادارية فدفعت الدعوى بأنها ليست تسوية حالة لأن المدعى لا يستمد حقا من قاعدة قانونية وانما دعواه دعوى الغاء فلابد لاجابة طلبه باعتبار ترقيته الى الدرجة الخامسة راجعة الى تاريخ ترقية كمال الدين هيبة فى أول سبتمبر سنة 1958 لابد أن يكون هناك طعن على هذا القرار ودعواه غير مقبولة شكلا - استنادا الى المادة 22 من القانون 55 لسنة 1959 الخاص بمجلس الدولة اذ الميعاد ستون يوما من تاريخ نشر القرار الادارى المطعون فيه أو اعلان صاحب الشأن به، والقرار المطعون فيه الصادر بترقية محمد كمال الدين هيبة الى الدرجة الخامسة قد صدر فى أول سبتمبر سنة 1958 ونشر فى نشرة الوزارة فى 11 من سبتمبر سنة 1958 ومن هذا النشر يسرى ميعاد الستين يوما، إلا أن المدعى لم يتظلم الا فى 7 من سبتمبر سنة 1959 أى بعد فوات الميعاد، وأنه اذا فرض أن القرار الصادر بضم مدة المحاماة الى مدة خدمته فى 30 من نوفمبر سنة 1958 يفتح له ميعادا جديدا للطعن فان تظلمه يكون قد قدم بعد الميعاد كذلك، واستطردت الجهة الادارية تقول أن المدعى عين فى 5 من فبراير سنة 1956 أى فى ظل قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من ديسمبر سنة 1952 ولم يفد منه بضم مدة المحاماة لعدم انطباق شروطه على حالته، ولما صدر القرار 159 لسنة 1958 استقر الرأى على أن جميع الموجودين بالخدمة وقت صدوره لهم حق الافادة منه وأذاع ديوان الموظفين الكتاب الدورى رقم 23 لسنة 1958 المؤرخ 16 من أكتوبر لسنة 1958 فى شأن تطبيقه وقضت الفقرة الرابعة من المادة (2) من القرار الجمهورى المذكور بحساب ثلاثة أرباع المدة فى غير الحكومة بشرط أن تكون طبيعة العمل فيها متفقة مع طبيعة العمل بالحكومة وتفصل فى ذلك لجنة شئون الموظفين، وقد وافقت لجنة شئون الموظفين بوزارة الداخلية على ضم الخدمة السابقة للمدعى فى 26 من نوفمبر سنة 1958 بالقرار رقم 1953 فى 30 من نوفمبر لسنة 1958، ومن هذا التاريخ تعدل مركز المدعى ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر فى أول سبتمبر سنة 1958 فلا اثر لقرار لجنة شئون الموظفين عليه، وخلصت الجهة الادارية الى طلب الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى شكلا ومن باب الاحتياط رفضها والزام المدعى المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبجلسة 26 من ابريل لسنة 1961 حكمت محكمة القضاء الادارى فى موضوع الدعوى باعتبار أقدمية المدعى فى الدرجة الخامسة الادارية راجعة الى 31 من أغسطس سنة 1958 بما يترتب على ذلك من آثار والزمت الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وأسست المحكمة المذكورة قضاءها من ناحية الشكل بأنه ولئن كان النشر قد تم فعلا الا ان النشر وحده لا يترتب عليه سريان الميعاد الا باعتباره قرينة على العلم وأنه يشترط فى النشر أن يتضمن كافة العناصر الأساسية للقرار الادارى التى من مقتضاها يستطيع صاحب الشأن أن يتبين مركزه القانونى بالنسبة للقرار المذكور ويمكنه أن يحدد طريقه فى الطعن عليه، ولما كان القرار المطعون فيه المنشور بالنشرة لم يحدد أقدمية محمد كمال الدين هيبة بالدرجة السادسة الادارية وبدهى ان تحديد هذه الأقدمية بالغ الأهمية اذ على ضوئه يستطيع كل صاحب شأن فى الدرجة السادسة الادارية (كما هو الحال بالنسبة للمدعى) أن يتبين ما اذا كان الموظف المرقى قد تخطاه من عدمه - فاذا أضيف الى ما تقدم أن جهة الادارة لم تبت بعد فى طلب ضم مدة الخدمة السابقة للمدعى (بالمحاماة) بحيث تستقر أقدميته فى وضعها الحقيقى، ومن ثم فان ميعاد التظلم بالنسبة للمدعى فى خصوص هذه الدعوى لا يسرى الا من تاريخ تحققه من عنصرين هامين أولهما أقدمية المطعون ضده فى الدرجة السادسة وثانيهما أقدمية المدعى نفسه فى هذه الدرجة، واذ ذكر المدعى انه لم يعلم بحقيقة أقدمية المطعون عليه فى الدرجة السادسة الا قبل تقديم التظلم مباشرة ولم تقدم جهة الادارة ما يثبت انه علم بتلك الأقدمية فى تاريخ سابق على التظلم بأكثر من ستين يوما ومن ثم فان دعواه تكون مقبولة شكلا لايداعه صحيفة دعواه فى 31 من ديسمبر سنة 1959 أى فى بحر الستين يوما لاعتبار تظلمه مرفوضا.
وأضافت بالنسبة للموضوع بأن الجهة الادارية تعجلت الأمور ورقت المطعون ضده الى الدرجة الخامسة الادارية اعتبارا من 31 من أغسطس سنة 1958 قبل أن تبت فى الطلب المقدم من المدعى فى الميعاد الذى حدده القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 ويبين ان السند الذى استندت اليه هو بيان ما اذا كان المعين قبل القانون رقم 383 لسنة 1956 يفيد منه من عدمه - هذا السبب الذى ساقته المدعى عليها لا يكفى لكى يضار منه المدعى ومن ثم فان الجهة الادارية بتأخيرها فى نظر طلب ضم المدة قد فوتت على المدعى دوره فى الترقية بالأقدمية وبالتالى تخطته بمن كان يسبقه فى ترتيب الأقدمية، ولو أنها كانت قد ضمت ثلاثة أرباع المدة السابقة لرجعت أقدمية المطعون ضده فى هذه الدرجة السادسة الى 15 من يوليو سنة 1954 ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد خالف القانون فيما تضمنه من تخطى المدعى (المطعون ضده) فقدمت جهة الادارة طعنا على هذا الحكم طالبة الغاءه استنادا الى أولا: أن الثابت أن الوزارة نشرت القرار المطعون فيه فى النشرة التى أصدرتها الوزارة متضمنة للأوامر العمومية وذلك بتاريخ 11 من سبتمبر سنة 1958 ولكن المطعون ضده لم يتقدم بتظلمه الا فى 7 من سبتمبر سنة 1959 أى بعد فوات أكثر من ستين يوما على نشر القرار المطعون فيه - ومن ثم فتكون دعواه غير مقبولة شكلا وان لا حجة فى القول بأن نشر القرار المطعون فيه لم يشتمل على بيان أقدمية المطعون عليه ذلك انه وان كان من المقرر انه حتى يؤدى النشر مهمته يجب أن يكشف عن فحوى القرار بحيث يكون فى وسع ذى المصلحة أن يلم به تماما الا ان ذلك يتأتى على أتم وجه بنشر القرار جميعه، وقد قامت جهة الادارة بنشره كاملا وخاصة وأن هذا القرار نص فيه على أن الترقية بالأقدمية، وأن المشرع يسر على الموظفين سبيل التعرف على الأقدميات فنصت المادة (12) من اللائحة التنفيذية لقانون موظفى الدولة على انه "للموظف الحصول على صورة من كشوف الأقدمية الخاصة بدرجته متى طلب ذلك ويجب تسليم الصورة خلال ثمانية أيام من تاريخ وصول الطلب" وفضلا عن ذلك فانه حتى اذا قيل بأن القرار الصادر فى 30 من نوفمبر سنة 1958 بضم ثلاثة أرباع مدة خدمة المطعون ضده السابقة يفتح أمامه مواعيد الطعن فى قرار الترقية المطعون فيه فان الدعوى تكون أيضا غير مقبولة شكلا لتظلم الصادر بذلك خلال ثلاثين يوما والا كانت الاستقالة مقبولة بقوة لا ينشأ مباشرة من القاعدة التنظيمية العامة المنصوص عليها فى القرار الجمهورى ولكنه لابد من تدخل لجنة شئون الموظفين بارادتها لاحداث هذا المركز القانونى فتترتب آثاره من تاريخ أعمال اللجنة لارادتها واصدارها قرار بضم مدة الخدمة السابقة، ولذلك فان الطعن استنادا الى هذه الأقدمية المعدلة لا يجوز الا بالنسبة للقرارات التى تلى القرار الصادر بضم هذه المدة دون ما سبقه من قرارات اذ أنه فى تاريخ صدور هذه القرارات الأخيرة لم يكن قد نشأ بعد حق المدعى فى ارجاع أقدميته الى تاريخ يجعل له الحق فى أن تشمله هذه القرارات ولا يجوز نسبة التعجل فى اصدار القرار المطعون فيه الى الادارة اذ أن بحث الطلبات لضم مدد الخدمة السابقة مع ما يستلزمه ذلك من التحقق من توافر شروط الضم وبحث المستندات المقدمة تدعيما لهذه الطلبات قد تستغرق وقتا طويلا ولا وجه لالزام الادارة بالانتظار طوال هذه المدة وعدم اصدار قرارات بترقيات تترخص فى اصدارها فى أى وقت وخلصت الطاعنة الى طلب الغاء الحكم المطعون فيه - فقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا ذهبت فيه من حيث الشكل الى أنه لم يثبت من الأوراق - ولم تدع الوزارة الطاعنة - أن القرار رقم 953 بتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1958 الذى عدلت بمقتضاه أقدمية المدعى وفقا للقرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 سالف الذكر - قد نشر أو علم به المطعون ضده فى تاريخ سابق على تاريخ تظلمه من تخطيه، وكان ذلك فى 7 من سبتمبر سنة 1959، ولذلك فان ميعاد التظلم من التخطى انما يبدأ من هذا التاريخ الأخير، ومن ثم يكون المطعون ضده قد التزم المواعيد المقررة قانونا اذ رفع دعواه بطلب الالغاء فى 31 من ديسمبر سنة 1959 وانه لا سند لما ذهبت اليه جهة الادارة فى الوجه الثانى من طعنها من أن ضم مدة الخدمة السابقة للمطعون ضده بالقرار رقم 953 بتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1958 لا يخوله حق الطعن فى قرارات الترقيات السابقة على قرار الضم، لا سند فى ذلك لأن ضم مدة الخدمة السابقة طبقا للقرار سالف الذكر انما يعتبر تسوية وفقا للقانون وأن القرار الصادر من لجنة شئون الموظفين هو قرار كاشف وليس منشئا وانتهى تقرير مفوضى الدولة الى تأييد الحكم المطعون فيه من ناحية الموضوع - وقد قدمت جهة الادارة تأييدا لوجهة نظرها فى الدفع من ناحية الشكل الى أن قرار ضم المدة رقم 953 بتاريخ 31 من نوفمبر سنة 1958 قد أعلن الى المطعون ضده وتأشر منه بالعلم، وقد قدم المطعون ضده مذكرة ردد فيها وجهة نظر الحكم المطعون فيه من ناحية العلم بالقرار، ومن أن النشر لم يكن كاملا من ناحية فحوى القرار ومشتملاته اذ لم يذكر أقدمية المطعون فيه ثم أضاف المطعون ضده من ناحية الموضوع أن اعتبار أقدمية المدعى فى الدرجة السادسة راجعة الى 13 من فبراير سنة 1954 يقتضى منحه كافة المراكز القانونية المترتبة على الأقدمية الجديدة ومنها الترقية الى الدرجة الأعلى بالأقدمية وأن هذا لا يخضع لأى معيار.
ومن حيث أن المادة (19) من القانون رقم 165 لسنة 1955 فى شأن تنظيم مجلس الدولة تنص على أن "ميعاد رفع الدعوى الى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الالغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار الادارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح أو اعلان صاحب الشأن به - وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم الى الهيئة الادارية التى أصدرت القرار أو الى الهيئات الرئيسية.... ومفاد ذلك أن المشرع قد جعل مناط سريان ميعاد رفع الدعوى أمام القضاء الادارى هو واقعة نشر القرار الادارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح أو اعلان صاحب الشأن به. والنشر المقصود الذى يسرى منه الميعاد المنصوص عليه فى المادة سالفة الذكر هو النشر فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح والتى صدر بتنظيمها قرار مجلس الوزراء الصادر فى 30 من مارس سنة 1955 - وغنى عن البيان انه اذا كانت أحكام القانون المشار اليه قد حددت واقعة النشر لبدء سريان الميعاد المقرر لرفع دعوى الالغاء، فان القضاء الادارى فى مصر لم يلتزم حدود النص فى ذلك، فهو لا يرى النشر الا قرينة على وصول القرار المطعون فيه الى علم صاحب الشأن، ومن ثم فهو يوجب لكى يؤدى النشر مهمته أن يكشف عن فحوى القرار الادارى بحيث يكون فى وسع صاحب الشأن أن يحدد موقفه حياله.
ومن حيث انه بتطبيق ما سلف على الحالة المعروضة يبين انه قد صدر قرار وكيل وزارة الداخلية رقم 673 بتاريخ أول سبتمبر سنة 1958 قرر فيه "ترقية محمد كمال الدين محمد هيبة الموظف من الدرجة السادسة الادارية بمصلحة الهجرة والجوازات والجنسية الى الدرجة الخامسة بالأقدمية اعتبارا من 31 من أغسطس سنة 1958 ومنحه علاوة الترقية القانونية وقيمتها 96 جنيه اعتبارا من أول سبتمبر سنة 1958 ثم أعقب ذلك نشر القرار سالف الذكر فى النشرة الخاصة بوزارة الداخلية (أوامر عمومية) المؤرخة 27 من صفر سنة 1378 (11 من سبتمبر سنة 1958) تحت بند 485 ترقية وجاء نص النشرة كالآتى: "بناء على قرار لجنة شئون الموظفين بالوزارة بطريق التمرير المعتمد بتاريخ 31 من أغسطس سنة 1958، يرقى السيد/ محمد كمال الدين محمد هيبة الموظف من الدرجة السادسة بمصلحة الهجرة والجوازات والجنسية الى الدرجة الخامسة الادارية بالأقدمية اعتبارا من 31 من أغسطس سنة 1958 ويمنح علاوة الترقية القانونية وقيمتها 96 جنيها سنويا اعتبارا من أول سبتمبر سنة 1958 - ويبين من ذلك ان ما ورد فى النشرة جاء مطابقا فى طبيعته للقرار المطعون فيه، واذ نشر القرار فى النشرة التى تصدرها وزارة الداخلية على الوجه المتقدم فانه يفترض وصول فحواه الى علم المدعى قانونا واذ تضمنت النشرة اسم من رقى والدرجة التى رقى اليها والأساس الذى قامت عليه حركة الترقيات من أنها تمت بالأقدمية ومن ثم فقد تم النشر بالصورة وعلى الوجه الكافى للتعريف بالقرار ومحتوياته الجوهرية وتحقق من ثم علم المدعى بمضمون القرار المطعون فيه واذ كان الواضح من ذلك أن القرار المطعون فيه قد نشر فى النشرة المصلحية المعدة لهذا الغرض متضمنا جميع البيانات الجوهرية المتعلقة بالمطعون عليه وذلك فى أول سبتمبر سنة 1958، واذا كان الثابت من الأوراق ومن رد جهة الادارة ان المدعى عين بها فى وظيفة من الدرجة السادسة الادارية بالقرار رقم 72 المؤرخ 5 من فبراير سنة 1956 وله مدة خدمة سابقة بالمحاماة من 9 ديسمبر سنة 1953 حتى تاريخ تعيينه بخدمة الوزارة وانه لما عرض موضوع مدة اشتغاله بالمحاماة وافقت لجنة شئون الموظفين (بطريق التمرير) فى 26 من نوفمبر سنة 1958 على ضم ثلاثة أرباع مدة خدمته السابقة على ضوء تفسيرات ديوان الموظفين بالكتاب الدورى رقم 23 لسنة 1958 المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1958، وفعلا صدر القرار رقم 953 فى 30 من نوفمبر سنة 1958 بتعديل أقدمية المدعى فى الدرجة السادسة بجعلها 23 من نوفمبر سنة 1954 بدلا من 5 من فبراير سنة 1956 وقد أخطر المطعون ضده بصورة من هذا القرار ووقع بالعلم بتاريخ 27 من يناير سنة 1959 ومن ثم فقد تحدد مركز المدعى على وجه يقينى ونهائى من هذا التاريخ الأخير، وكان يتعين عليه أن يتخذ سبيله للطعن على هذا القرار خلال ستين يوما اعتبارا من 27 من يناير سنة 1959، أما وقد ثبت انه لم يتقدم بتظلمه الا فى 7 من سبتمبر سنة 1959 فانه يكون قد فوت على نفسه الميعاد المقرر قانونا للطعن على القرار الصادر بترقية محمد كمال الدين هيبة الى الدرجة الخامسة اعتبارا من 31 من أغسطس سنة 1958 وتكون دعواه غير مقبولة شكلا.
ومن حيث انه لا يجدى المدعى (المطعون عليه) الحجاج بأن النشر الذى تم بالنسبة الى القرار المطعون فيه لا يمكن أن يتحقق به العلم بهذا القرار ذلك انه لم يذكر فيه أقدمية المطعون فيه، لا يجدى المدعى الحجاج بذلك، ذلك أن المتطلب قانونا أن يتضمن النشر البيانات الجوهرية الخاصة بالقرار المطعون فيه وقد جاءت نشرة وزارة الداخلية محققة لذلك الغرض، يضاف الى ما تقدم ان التظلم الادارى الذى تقدم به المدعى فى 7 من سبتمبر سنة 1959 يؤكد احاطته بأقدمية المطعون فى ترقيته فى الدرجة السادسة ويؤخذ منه ان علمه بذلك كان حاصلا لديه قبل صدور القرار الادارى فى 30 من نوفمبر سنة 1958 بتعديل أقدميته فى الدرجة السادسة.
ومن حيث انه يؤخذ من هذه القرائن مجتمعة افتراض علم المدعى بالقرار المطعون فيه علما يمكنه من تحديد موقفه حياله، فاذا تبين من الوقائع السالفة انه أمسك عن التظلم من هذا القرار حتى انقضى الميعاد المقرر محسوبا على أحسن الفروض من تاريخ ابلاغه فى 27 من يناير سنة 1959 بتعديل أقدميته فى الدرجة السادسة كانت دعواه غير مقبولة أعتبارا بأنه لم يتظلم الا فى 7 من سبتمبر سنة 1959 على ما سلف الايضاح.
ومن حيث ان لكل ما تقدم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد، مع الزام المدعى بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى والزمت المدعى بالمصروفات.