مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 682

(70)
جلسة 20 من فبراير 1965

برئاسة السيد الاستاذ حسن أيوب وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبى يوسف وعادل عزيز زخارى وعبد الستار آدم المستشارين.

القضية رقم 190 لسنة 8 القضائية

( أ ) محاكمة تأديبية - ضمانات التحقيق والمحاكمة - قرار الاتهام - تقيد المحكمة بما ورد فيه سواء بالنسبة الى المخالفات المبينة به أو العاملين المنسوبة اليهم - أثر ذلك: عدم جواز ادانة العامل فى تهمة لم ترد بقرار الاتهام، ولم تكن احدى عناصر الاتهام المطروحة على المحكمة بهذا القرار.
(ب) محاكمة تأديبية - قرار الاتهام - تقيد المحكمة بالمخالفات المحددة به، دون الأوصاف القانونية التى تسبغها النيابة الادارية على الوقائع - حرية المحكمة فى تكييف الوقائع المطروحة أمامها وتمحيصها.
1 - ان المستفاد من أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 - باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية - أن النيابة الادارية هى التى تقيم الدعوى التأديبية وهى التى تتولى الادعاء أمام المحاكم التأديبية، اذ نص هذا القانون فى المادة 4 منه على ان "تتولى النيابة الادارية، مباشرة الدعوى التأديبية أمام المحاكم التأديبية بالنسبة الى الموظفين المعينين على وظائف دائمة" وفى المادة 22 منه على ان "يتولى الادعاء أمام المحاكم التأديبية أحد أعضاء النيابة الادارية" وفى المادة 23 على ان "ترفع الدعوى التأديبية من النيابة الادارية بايداع أوراق التحقيق وقرار الاحالة بسكرتيرية المحكمة المختصة ويتضمن قرار الاحالة بيان المخالفات المنسوبة الى الموظف ويحدد رئيس المحكمة جلسة لنظر الدعوى".. كما جرى المشرع فى القانون المذكور على توفير الضمانات الأساسية للمتهم للدفاع عن نفسه وذلك باحاطته علما بما هو منسوب اليه وأعلانه بقرار الاحالة المتضمن بيان وتاريخ الجلسة ليتمكن من الحضور وتقديم ما لديه من بيانات وأوراق وأوجه دفاع وما الى ذلك مما يتصل بحق الدفاع ويعتبر بالنسبة لهذا الحق ضمانة جوهرية... واذ كانت النيابة الادارية هى التى تصدر قرار الاحالة متضمنا بيان العامل أو العاملين المحالين الى المحاكمة التأديبية والمخالفات المنسوبة الى كل منهم.. واذا كانت هى التى تقيم الدعوى التأديبية وتتولى مباشرتها فان المحكمة التأديبية تتقيد بقرار الاتهام سواء بالنسبة الى المخالفات المبينة به أو العاملين المنسوبة اليهم هذه المخالفات.. وبالتالى فلا يجوز للمحكمة التأديبية أن تدين العامل فى تهمة لم ترد بذلك القرار ولم تكن احدى عناصر الاتهام.
2 - انه - وان كانت المحكمة التأديبية مقيدة بالمخالفات المحددة فى قرار الاتهام - الا أن الذى لاشك فيه انها لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة الادارية على الوقائع التى وردت فى القرار المذكور بل عليها أن تمحص الوقائع المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تنزل عليها حكم القانون.


اجراءات الطعن

فى يوم 14 من يناير سنة 1962 أودع السيد/ حنفى محمود الغزالى سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن قيد بجدولها تحت رقم 190 لسنة 8 قضائية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالاسكندرية بجلسة 11 من نوفمبر سنة 1961 فى الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 2 قضائية المقامة من النيابة الادارية ضد: الطاعن - السيد/ حنفى محمود الغزالى - وآخرين والذى قضى بمجازاة الطاعن بخصم شهر من مرتبه.. وقد طلب الطاعن - للأسباب الواردة بصحيفة الطعن - احالة طعنه الى المحكمة الادارية العليا حتى تحكم بقبول هذا الطعن شكلا والحكم بالغاء الحكم التأديبى المطعون فيه وبراءة الطاعن مما نسب اليه وذلك مع الزام النيابة الادارية ووزارة الاقتصاد بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.. وقد أعلنت صحيفة الطعن للنيابة الادارية فى 20 من يناير سنة 1962 ولوزارة الاقتصاد فى 21 من ذات الشهر.. وقد عقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا انتهت فيه الى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بخصم شهر من مرتبه والقضاء ببراءته مما أسند اليه بقرار الاتهام.. وبعد مضى المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أى من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 7 من نوفمبر سنة 1964 وأخبر بها ذوو الشأن فى 7 من أكتوبر سنة 1964 وفيها قررت الدائرة أحالته الى المحكمة الادارية العليا حيث عين لنظره جلسة 23 من يناير سنة 1965 وأخطر بها ذوو الشأن فى 22 من ديسمبر سنة 1964، وفيها قدم الطاعن صورتين فوتوغرافيتين من الاستمارتين 12 و19 ك. م وصورة فوتوغرافية من كتاب مصلحة الجمارك المؤرخ 11 من ديسمبر سنة 1961 ونسخة من كراسة اختصاصات عمال أقسام الأرصفة ونسختين من مجلة الجمارك.. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن قررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وصرحت فى تقديم مذكرات ومستندات الى ما قبل الجلسة بأسبوعين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن النيابة الادارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 2 قضائية أمام المحكمة التأديبية بالاسكندرية ضد الطاعن - السيد/ حنفى محمود الغزالى الجراد بجمرك المحمودية وموظفين آخرين بالجمرك المذكور وبسكة حديد القبارى لأنهم - فى المدة من 18 من مايو سنة 1958 الى 27 من ذات الشهر- بجمرك المحمودية وبمحطة القبارى ارتكبوا المخالفات المبينة بقرار الاتهام.. وقد نسب الى الطاعن فى القرار المذكور أنه لم يؤد عمله بالدقة وخرج على مقتضى الواجب فى أعمال وظيفته بأن أغفل التحقق من ماهية البضاعة لمعرفة ما اذا كانت من صنع الخارج أم أنها محلية الصنع، وأثبت على ظهر شهادتى الاجراءات الجمركية الخاصة بها أنها صناعة محلية فى حين أنها أجنبية الصنع.. وقد رد الطاعن على هذه التهمة بمذكرة بأن البضاعة التى عرضت عليه كانت محلية الصنع فأثبت ذلك واثباته هذا ليس نهائيا ولكنه خاضع لرقابة مثمن الصنف.. ولا يعنيه بعد ذلك أن يجرى تغيير وتبديل أو اضافة فى البضاعة التى عرضت عليه وأضاف الطاعن أن الثابت من التحقيقات أن طرودا تبلغ العشرين قد أضيفت الى الرسالة المسموح بشحنها بعد أن بارحت الدائرة الجمركية اذ ثبت أن صورة الاستمارة 159 ك. م الموجودة بالمصلحة عن 18 طردا ثم أجرى المستفيد منها تصحيحها الى 38 طردا. ومن يملك الاضافة يملك الابدال. وهذه الاضافات والابدال ثبت أنها بضاعة أجنبية الصنع وانتهى الطاعن من ذلك الى أنه قد أدى واجبه على أكمل وجه وأن مصلحة الجمارك - بكتابها رقم 5480 فى 9 من يونيه سنة 1960 - قد اعتبرت الموضوع منتهيا - بالنسبة لموظفيها لأنه قد وضح لديها أن التلاعب قد تم خارج الدائرة الجمركية دون أن يكون لموظفيها يد فيه.. (وقدم صورة من الكتاب المذكور) وطلب لذلك الحكم ببراءته مما نسب اليه بقرار الاتهام. وبعد تداول الدعوى التأديبية بالجلسات أمام المحكمة التأديبية بالاسكندرية حكمت المحكمة المذكورة بجلسة 11 من نوفمبر سنة 1961 بمجازاة الطاعن بخصم شهر من مرتبه.. وأقامت قضاءها بالنسبة لما قضت به على الطاعن المذكور - على أنه قد أقر بالتحقيقات الرسائل موضوع الدعوى كان بعض أجزائها موضوعا فى مقاطف والبعض مواسير والبعض صناديق وأن ختم البضائع المصدرة بالأختام الجمركية هو الأصل وعدم ختمها هو الاستثناء ولا يكون الا فى حالة تعذر اجراء الحزم والختم وأنه لما كان الطاعن هو المكلف بوضع الأختام الجمركية فقد كان من المتعين عليه، وقد أغفل المأمور المختص التأشير بوضع الأختام، أن ينبه الى ذلك اذا ما تبين له أن البضائع المصدرة من الممكن ختمها وأنه لذلك يكون قد أهمل اهمالا جسيما باغفاله التنبيه الى وجوب وضع الأختام الجمركية مما كان سببا مساعدا لتسهيل عملية التهريب ويكون هذا الاهمال من جانبه مستحقا الجزاء عنه.. وفى يوم 14 من يناير سنة 1962 أودع الطاعن سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن فى الحكم المذكور قيد برقم 190 لسنة 8 قضائية طالبا القضاء بقبول طعنه شكلا وبالغاء الحكم التأديبى المطعون فيه وبراءته مما نسب اليه مع الزام النيابة الادارية ووزارة الاقتصاد بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.. وبنى طعنه على السببين الآتيين:
السبب الأول: البطلان الذى شاب اجراءات المحاكمة.. وقال الطاعن فى بيان ذلك أن النيابة الادارية وجهت اليه تهمة معينة تدور حول قيامه باثبات أن البضائع صناعة محلية بينما أتضح عندما كشفت بجمرك القنطرة أنها أجنبية الصنع وأنه قد أوضح للمحكمة فساد هذا الاتهام وقد تبين لها أن اضافة البضائع الأخرى للرسالة أو الابدال تم بعد مبارحة الدائرة الجمركية وبذلك فقد انهار الأساس الذى بنت عليه النيابة الادارية اتهامها له.. الا أن المحكمة - بدلا من أن تبرئه كما برأت المثمن الذى وجهت اليه نفس الاتهام - ضمنت أسباب حكمها واقعة جديدة، لا علاقة لها بالوقائع التى قدمته النيابة للمحاكمة على أساسها، وقضت بادانته عنها بالرغم من أنها لم تعدل وصف التهمة فى مواجهته أو تمكنه من الدفاع عن نفسه فيها. وأنه كان على المحكمة أن تحيل هذه الواقعة الجديدة للنيابة لتحقيقها أو على الأقل تواجهه بها. وهذا يعنى أن الاتهام الجديد - الذى توقع الجزاء على أساسه - لم يسبقه تحقيق أو دفاع وبذلك تكون المحكمة قد خرجت على أصول المحاكمات الواجب اتباعها وتكون اجراءات المحاكمة قد شابها بطلان مؤثر فى الحكم.. أما السبب الثانى للطعن فهو مخالفة القانون.. وقال الطاعن فى بيان هذا السبب أن الحكم المطعون فيه قد ذهب الى أنه (أى الطاعن) هو المكلف بوضع الأختام الجمركية.. وهو قول مخالف للواقع اذ أن اختصاص الجراد موضح بدفتر الاختصاصات وبمنشور مصلحة الجمارك الصادر فى هذا الشأن وينحصر فى مراجعة عدد الطرود وتوضيح الأصناف وتنتهى مهمته عند التحقق من ماهية البضاعة المصدرة وصفتها يلى ذلك اجراءات جمركية أخرى على الرسالة يقوم بها غيره.. وليس من ضمن اختصاصات الجراد وضع الأختام الجمركية على البضائع ومن ثم فان مؤاخذته - لعدم تنبيهه المأمور المختص أو نائبه اغفال التأشير بوضع الأختام - تقوم على اتهام غير سليم.. وقد عقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا انتهت فيه الى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بخصم شهر من مرتبه والقضاء ببراءته مما أسند اليه بقرار الاتهام.. واستندت هيئة المفوضين فى ذلك الى أن التقصير الذى أخذته المحكمة على الطاعن - وهو عدم التنبيه الى ختم البضائع قبل تصديرها - وان كل يتصل بموضوع الدعوى الا أنه لا مشاحة فى أنه اتهام جديد لم يسأل عنه فى التحقيق ولم تناقش المحكمة الطاعن فيه ولم تنبهه الى الدفاع عن نفسه عن هذا التقصير الذى رأته ومن ثم تكون قد أخلت بحق الدفاع وهو اخلال يؤثر فى الحكم ويعيبه.. ومن ناحية أخرى فان الطاعن - بوصفه جرادا - ليس مختصا بختم وحزم الرسائل أو التنبيه الى ذلك اذ أن هذا العمل من اختصاص المأمور أو مساعده ومن ثم فان ادانة الطاعن فى هذا الخصوص تكون غير مستخلصة استخلاصا سليما.. وبجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة قدم الطاعن صورتين فوتوغرافيتين من الاستمارتين رقم 12 ك. م، 19 ك. م.. وصورة فوتوغرافية من خطاب المصلحة المؤرخ 11 من ديسمبر سنة 1961 الذى رأت فيه حفظ الطلب المقدم من الطاعن - لمنحه شهادة باختصاصات وظيفة الجراد - اكتفاء بورود البيانات المطلوبة بكراسة اختصاصات عمال الأرصفة وقد قدم الطاعن نسخة من هذه الكراسة كما قدم نسختين من مجلة الجمارك.
ومن حيث أن السبب الأول من سببى الطعن يقوم - حسبما سبق بيانه - على أن المحكمة قد خرجت، فى حكمها المطعون فيه، على أصول المحاكمات اذ أدانته عن واقعة جديدة بعيدة عن التهمة الموجهة اليه بقرار الاتهام بالرغم من أنها لم تعدل وصف التهمة فى مواجهته كما أن هذه الواقعة الجديدة لم يسبقها تحقيق أو دفاع.
ومن حيث أن المستفاد من أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 - باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية - أن النيابة الادارية هى التى تقيم الدعوى التأديبية وهى التى تتولى الادعاء أمام المحاكم التأديبية؛ اذ نص هذا القانون فى المادة 4 منه على أن "تتولى النيابة الادارية مباشرة الدعوى التأديبية أمام المحاكم التأديبية بالنسبة الى الموظفين المعينين على وظائف دائمة" وفى المادة 22 منه على أن "يتولى الادعاء أمام المحاكم التأديبية أحد أعضاء النيابة الادارية" وفى المادة 23 على أن "ترفع الدعوى التأديبية من النيابة الادارية بايداع أوراق التحقيق وقرار الاحالة بسكرتيرية المحكمة المختصة ويتضمن قرار الاحالة بيان المخالفات المنسوبة الى الموظف ويحدد رئيس المحكمة جلسة لنظر الدعوى".. كما جرى المشرع فى القانون المذكور على توفير الضمانات الأساسية للمتهم للدفاع عن نفسه وذلك باحاطته علما بما هو منسوب اليه واعلانه بقرار الاحالة المتضمن بيان التهم وبتاريخ الجلسة ليتمكن من الحضور وتقديم ما لديه من بيانات وأوراق وأوجه دفاع وما الى ذلك مما يتصل بحق الدفاع ويعتبر بالنسبة لهذا الحق ضمانة جوهرية... واذ كانت النيابة الادارية هى التى تصدر قرار الاحالة متضمنا بيان العامل أو العاملين المحالين الى المحاكمة التأديبية والمخالفات المنسوبة الى كل منهم.. واذ كانت هى وحدها التى تقيم الدعوى التأديبية وتتولى مباشرتها فان المحكمة التأديبية تتقيد بقرار الاتهام سواء بالنسبة الى المخالفات المبينة به أو العاملين المنسوبة اليهم هذه المخالفات.. وبالتالى فلا يجوز للمحكمة التأديبية أن تدين العامل فى تهمة لم ترد بذلك القرار ولم تكن احدى عناصر الاتهام المطروحة على المحكمة بالقرار المذكور.
ومن حيث انه ولئن كانت المحكمة التأديبية مقيدة بالمخالفات المحددة فى قرار الاتهام - الا أن الذى لاشك فيه أنها لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة الادارية على الوقائع التى وردت فى القرار المذكور بل عليها أن تمحص الوقائع المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تنزل عليها حكم القانون.
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على قرار الاتهام الذى اودعته النيابة الادارية ملف الدعوى التأديبية أن التهمة الموجهة الى الطاعن تنحصر فى أنه "لم يؤد عمله بالدقة وخرج على مقتضى الواجب فى أعمال وظيفته بأن أغفل التحقق من ماهية البضاعة لمعرفة ما اذا كانت من صنع الخارج أم أنها محلية الصنع، وأثبت على ظهر شهادتى الاجراءات الجمركية الخاصة بها انها صناعة محلية فى حين أنها صناعة أجنبية". وهذه التهمة وحدها هى التى كانت محل تحقيق النيابة الادارية فلم تسأله عن أية واقعة سواها (تراجع تحقيقات النيابة المذكورة صفحات 16، 17، 18).
ومن حيث أن المحكمة التأديبية - وان كانت قد أشارت فى صدر حكمها المطعون فيه الى تلك التهمة الواردة بقرار الاتهام - الا أنها لم تناقش هذه التهمة فى حيثيات الحكم فلم تقرر ما اذا كانت ثابتة قبل الطاعن أم أنه برئ منها ولكنها أتت بتهمة جديدة بعيدة كل البعد عن التهمة الأولى ولا يمكن اعتبارها عنصرا من عناصرها وناقشت هذه التهمة الجديدة وأدانته فيها حيث قالت أنه (أى الطاعن) وهو المكلف بوضع الأختام الجمركية على البضائع المصدرة كان يتعين عليه وقد أغفل المأمور المختص التأشير بوضع الأختام أن ينبه الى ذلك اذا ما تبين له أن هذه البضائع من الممكن ختمها وانه لذلك يكون قد أهمل أهمالا جسيما باغفاله التنبيه الى وجوب وضع الأختام الجمركية مما كان سببا مساعدا لتسهيل عملية التهريب ويكون مستحق الجزاء عن هذا الاهمال.. وهذا الذى أدانته المحكمة من أجله لم يرد أصلا بقرار الاتهام ولم ترفع عنه الدعوى التأديبية ولم يعلن به الطاعن ولم يسبق التحقيق معه بشأنه لا أمام النيابة الادارية ولا أمام المحكمة التأديبية وهذا أمر غير جائز قانونا مما يعيب الحكم.
ومن حيث ان المحكمة اذ عاقبت الطاعن عن تهمة عدم تنبيهه الى وضع الأختام على البضائع المصدرة فانها لا تكون قد عدلت وصف الواقعة التى رفعت عنها الدعوى التأديبية أو كيفتها التكييف القانونى الصحيح، بل هى فى الواقع قد جاوزت ذلك الى معاقبته عن واقعة أخرى لم يحقق معه فيها ولم يسمع له دفاع بشأنها كما لم ترد بقرار الاتهام ولم ترفع عنها الدعوى وهو أمر غير جائز قانونا على ما سبق بيانه.
ومن حيث انه لذلك يكون الحكم المطعون فيه - فيما تضمنه من ادانة الطاعن عن الواقعة المذكورة ومعاقبته عنها بخصم شهر من مرتبه - قد خالف القانون وجانب الصواب الأمر الذى يتعين معه القضاء بالغائه دون حاجة الى بحث السبب الآخر من سببى الطعن.. كما يتعين القضاء باعادة الدعوى للمحكمة التأديبية لمحاكمة الطاعن عن التهمة المنسوبة اليه بقرار الاتهام مع الزام الحكومة بمصروفات الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية المختصة للفصل فى الاتهام الموجه الى الطاعن فى قرار الاتهام وألزمت الحكومة المصروفات.