مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 714

(74)
جلسة 27 من فبراير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ حسن السيد أيوب وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور ضياء الدين صالح وعادل عزيز زخارى وعبد الستار عبد الباقى آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 1259 لسنة 7 القضائية

( أ ) موظف - تأديب - اختصاص - القرار الصادر من مجلس التأديب العادى بعدم اختصاصه بنظر الدعوى التأديبية تأسيسا على أن قرار تعيين المدعى باطل بطلانا مطلقا - ليس حكما بالعزل من الوظيفة - لا يرتب الأثر المنصوص عليه فى المادة 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - أعمال هذا الأثر مقصور على حالة الفصل فى موضوع الدعوى التأديبية بالادانة والعزل.
(ب) موظف - تعيين - وقف - سحب - سحب قرار التعيين - اعتبار الموظف فى حكم من لم يصدر أصلا قرار تعيينه - الغاء القرار الساحب لقرار التعيين - لا يغير من طبيعة قرار السحب خلال الفترة التى نفذ فيها بأن يجعل منه قرار وقف.
(جـ) تأديب - اختصاص - غصب السلطة - اختصاص مجلس التأديب وفقا لنص المادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - مقصور على تقرير ما يتبع فى شأن مرتب الموظف عن مدة الوقف - عدم اختصاصه بالفصل فى استحقاق الموظف خلال الفترة التى أبعد فيها عن العمل نتيجة سحب قرار تعيينه - تصدى مجلس التأديب للفصل فى هذا الاستحقاق ينطوى على غصب للسلطة - قراره فى هذا الشأن بمثابة عمل مادى عديم الأثر قانونا.
(د) اختصاص - محكمة ادارية - مجلس تأديب - قرار منعدم - طلب الحكم بالغاء قرار مجلس التأديب العالى فيما قضى به من الحرمان من المرتب عن مدة الابعاد عن العمل نتيجة سحب قرار التعيين - هدف الدعوى هو التعويض عن الضرر المترتب نتيجة سحب قرار التعيين - اختصاص المحكمة الادارية بنظرها - قرار مجلس التأديب العالى غير ذى أثر على اختصاص المحكمة الادارية - للمحكمة الادارية ألا تعتد به وإن تكشف عن انعدامه بالغائه.
1 - بالرجوع الى قرار مجلس التأديب العادى الصادر فى 12 من أبريل سنة 1958 وهو قرار غير نهائى اذ كان قابلا للطعن فيه بالاستئناف واستؤنف فعلا - يبين أن هذا المجلس قد اقتصر على الفصل فى اختصاصه ينظر الدعوى التأديبية. ولئن كان قد انتهى الى عدم اختصاصه بنظرها تأسيسا على أن قرار تعيين المدعى باطل بطلانا مطلقا الأمر الذى رتب عليه أنه لا يعتبر من عداد موظفى الدولة إلا أنه لم يكن من شأن هذا القرار غير النهائى الصادر بعدم الاختصاص اعتبار المدعى مفصولا من وظيفته فور صدوره - بل تم فصله تنفيذا للقرار الصادر فى 12 من يونيو سنة 1958 بسحب قرار تعيينه - أى أن مجرد صدور قرار مجلس التأديب العادى بعدم الاختصاص لم يترتب عليه قطع صلة المدعى بوظيفته وإنهاء رابطة التوظف بينه وبين الوزارة بل ترتب هذا الأثر على قرار ادارى آخر هو سحب قرار تعيينه.
لذلك فلا يعتبتر قرار مجلس التأديب العادى المشار اليه بمثابة قرار تأديبى بالعزل ولا يترتب عليه الأثر المنصوص عليه فى المادة 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التى كانت تقضى بأن يترتب على الحكم بالعزل من الوظيفة من المجلس التأديبى وقف الموظف حتما رغم طعنه بالاستئناف، اذ أن مجال أعمال هذا النص أن يصدر قرار فى موضوع الدعوى التأديبية بالادانة والعزل.
2 - أن سحب قرار تعيين المدعى هو أعدام لهذا القرار بأثر رجعى وبانعدام هذا القرار تعتبر صلته بوظيفته منقطعة ويعتبر فى حكم من لم يصدر أصلا قرار تعيينه ولئن كانت جهة الادارة قد ألغت بعد ذلك هذا القرار الساحب الا أنه ليس من أثر ذلك أن تتغير طبيعته خلال الفترة التى نفذ فيها من قرار ساحب لقرار التعيين قطع صلة المدعى بوظيفته الى قرار وقف يترتب عليه اعتبار مركزه القانونى فى شأن مرتبه معلقا حتى يصدر مجلس التأديب العالى قراره فى شأنه ذلك أن الوقف لا ينهى رابطة التوظف بل يسقط ولاية الوظيفة اسقاطا مؤقتا أما سحب قرار التعيين فهو أعدام لهذه الرابطة بأثر رجعى.
3 - أن اختصاص مجلس التأديب وفقا لما كانت تقضى به المادة 90 من القانون رقم 210 لسنة 1951 مقصور على تقرير ما يتبع فى شأن مرتب الموظف عن مدة الوقف سواء بحرمانه منه أو بصرفه اليه كله أو بعضه، ونظرا الى أن المدعى لم يكن موقوفا عن عمله حسبما سبق البيان بل كان خلال فترة أبعاده عنه نتيجة لسحب قرار تعيينه فى حكم الموظف المفصول الذى انقطعت صلته بوظيفته فانه لا اختصاص لمجلس التأديب بالفصل فيما يستحقه عن تلك الفترة.
ومهما يكن الأمر فى طبيعة ما يحق للمدعى المطالبة به عن مدة أبعاده عن عمله بعد أن ألغى القرار الساحب لقرار تعيينه وهل هو مرتبه عن تلك المدة أو تعويض عما لحق به من ضرر بسبب هذا القرار فان الجهة المختصة بالفصل فى هذه المنازعة هى المحكمة الادارية المختصة وفقا لحكم المادة 13 من القانون رقم 55 لسنة 1959 سواء كيفت الدعوى بأنها منازعة فى مرتب أو مطالبة بتعويض عن قرار ادارى بالفصل هو القرار الصادر بسحب قرار التعيين.
لذلك فان مجلس التأديب العالى اذ تصدى للفصل فيما يستحقه المدعى عن مدة أبعاده وقضى بعدم استحقاقه لمرتبه عن تلك المدة يكون قد فصل فى منازعة تدخل فى اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضضاء ادارى. وخروج مجلس التأديب عن حدود ولايته على هذا الوجه لا يشوب قراره بمجرد عيب من العيوب التى تجعله قابلا للالغاء مع اعتباره قائما قانونا الى أن يقضى بالغائه بل ينطوى على غصب السلطة ينحدر بالقرار المذكور الى جعله بمثابة عمل مادى عديم الاثر قانونا.
4 - أنه وان كان المدعى قد طلب الحكم بالغاء قرار مجلس التأديب العالى فيما قضى به من حرمانه من مرتبه عن مدة الابعاد وصرف مرتبه عن تلك المدة فان حقيقة ما يهدف اليه بدعواه هو تعويضه عما لحق به من ضرر بسبب القرار الصادر بسحب قرار تعيينه وهى منازعة تدخل فى اختصاص المحكمة الادارية التى رفعت اليها الدعوى. ولئن كان قد دفع بعدم اختصاص تلك المحكمة بمقولة أن هناك قرارا قائما ومنتجا لأثره هو قرار مجلس التأديب العالى بحرمان المدعى من مرتبه عن فترة ابعاده وأن الجهة المختصة بالغاء هذا القرار هى المحكمة الادارية العليا - الا أن هذا الدفع مردود بأن القرار المذكور منعدم ولا يخرج عن كونه عملا ماديا عديم الأثر قانونا وللمحكمة الادارية وهى تفصل فى منازعة مما يدخل فى اختصاصها ألا تعتد بهذا القرار بل وأن تكشف عن أنعدامه بالقضاء بالغائه وأن تعتبره غير ذى أثر على اختصاصها وعلى حق المدعى فى المطالبة بالتعويض عما لحق به من ضرر بسبب القرار الصادر بسحب قرار تعيينه - وهى بقضائها بالغاء قرار مجلس التأديب فيما ورد به من تعرض لراتب المدعى تكون قد أنتهت الى ذات النتيجة المترتبة على انعدام القرار المذكور وهى عدم الاعتداد به باعتباره مجرد عقبة مادية فى سبيل استعمال المدعى لحقه فى الالتجاء الى الجهة القضائية المختصة للمطالبة بما يدعى أنه مستحق له من مرتب أو تعويض.


اجراءات الطعن

بتاريخ 28 من مايو سنة 1961 أودعت ادارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير التربية والتعليم - قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1259 لسنة 7 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والارشاد القومى بجلسة 27 من مارس سنة 1961 فى الدعوى رقم 1007 لسنة 6 القضائية المقامة من السيد/ محمد السعيد عبد الرحمن ضد وزارة التربية والتعليم والقاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار مجلس التأديب العالى الصادر فى 4 من نوفمبر سنة 1958 فيما ورد به من التعرض لراتب المدعى من تاريخ سحب قرار تعيينه والزام الوزارة المصروفات - وطلب الطاعن للأسباب المبينة فى تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه مع الزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين - وقد أعلن هذا الطعن الى المطعون ضده فى 6 من يونيو سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23 من مايو سنة 1964 وأعلن الطرفان بموعد هذه الجلسة فى 7 من مايو سنة 1964 وقررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا حيث عين لنظره أمامها جلسة 7 من نوفمبر سنة 1964 التى أبلغ بها الطرفان فى 19 من سبتمبر سنة 1964 - وقررت المحكمة بناء على طلب الحاضر مع المطعون ضده تأجيل نظر الطعن لجلسة 2 من يناير سنة 1965 وبعد أن سمعت المحكمة ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت ارجاء النطق بالحكم لجلسة 13 من فبراير سنة 1965 مع الترخيص بتقديم مذكرات وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم مع الترخيص للمطعون ضده فى الرد على مذكرة الوزارة الطاعنة المقدمة فى 30 من يناير سنة 1965.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن ميعاد الطعن كان ينتهى فى 26 من مايو سنة 1961 وقد صادف هذا التاريخ عطلة رسمية هى عيد الأضحى فامتد الميعاد الى أول يوم عمل بعدها وهو يوم 28 من مايو سنة 1961 وهو اليوم الذى أودع فيه تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل فى أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الادارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والارشاد القومى فى 19 من مايو سنة 1959 أقام السيد/ محمد السعيد عبد الرحمن الدعوى رقم 1007 لسنة 6 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم طالبا الحكم بالغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافى الصادر فى 4 من نوفمبر سنة 1958 فيما قضى به من حرمانه من مرتبه عن مدة الابعاد وصرف مرتبه عن هذه المدة وما يترتب على ذلك من آثار مع الزام المدعى بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال بيانا لدعواه أنه قدم للمحكمة التأديبية بمقتضى القرار رقم 343 بتاريخ 22 من مارس سنة 1956 لما نسب اليه من ارتكاب تزوير حيث لم يذكر فى الاستمارة رقم 103 التى حررها عند التحاقه بالخدمة مدة خدمته السابقة التى تبين انه كان قد اتهم أثناءها باختلاس قررت الوزارة بعد التحقيق معه فى شأنه فصله من الخدمة - وذكر أن مجلس التأديب العادى قرر فى أبريل سنة 1958 عدم اختصاصه بنظر الدعوى التأديبية تأسيسا على أنه طبقا للمادة 6 من القانون رقم 210 لسنة 1951 قد صدر قرار تعيينه باطلا لا ينتج أى أثر فلا يعتبر هو من عداد موظفى الدولة - وفور صدور هذا القرار من مجلس التأديب أصدرت المنطقة قرارا بابعاده عن عمله - فلما استؤنف هذا القرار قرر مجلس التأديب الاستئنافى مجازاته بوقفه عن عمله ثلاثة أشهر وحرمانه من مرتبه عن فترة الابعاد - ونعى المدعى على هذا القرار مخالفته للقانون فيما يختص بحرمانه من مرتبه عن تلك الفترة.
(1) لأن قانون التوظف لم ينص على الابعاد كجزاء يوقع على الموظف وذلك فضلا عن صدور قرار الابعاد من مدير المنطقة التعليمية وهو غير مختص باصداره.
(2) ولأنه لو فرض أن الابعاد وقف لوجب على الجهة الادارية أن تعرض الأمر على مجلس التأديب ليقرر ما اذا كان الأمر يتطلب مد فترة الايقاف.
(3) ولأنه ما كان يجوز لمجلس التأديب الاستئنافى أن يوقع جزاءين عن فعل واحد هما وقفه عن عمله لمدة ثلاثة أشهر وحرمانه من مرتبه عن مدة الابعاد وذلك بالاضافة الى أنه ما كان يجوز للمجلس أن يناقش طلبا ليس معروضا عليه - وكان المدعى قبل اقامة هذه الدعوى قد تقدم فى 8 من يناير سنة 1959 بطلب لاعفائه من رسومها وقد صدر القرار باعفائه فى 19 من أبريل سنة 1959.
وأجابت منطقة المنصورة التعليمية على الدعوى بأنه قد قدمت شكاوى ضد المدعى حققتها النيابة الادارية وانتهت الى احالته الى مجلس التأديب - وقرر المجلس فى 12 من أبريل سنة 1958 عدم اختصاصه بنظر الدعوى تأسيسا على أن قرار تعيينه قد صدر باطلا بطلانا مطلقا لأنه ارتكب تزويرا بالترك بعدم ذكره فى الاستمارة رقم 103 التى حررها عند التحاقه بالخدمة مدة خدمته السابقة بالوزارة اذ ثبت انه كان يعمل سكرتيرا لمدرسة طلخا الثانوية ثم اتهم باختلاس فقررت الوزارة بعد التحقيق معه فصله من الخدمة فى 5 من فبراير سنة 1949 فانتفى بذلك شرط من الشروط الواجب توافرها للتعيين المنصوص عليها فى المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنة 1951 الأمر الذى ترتب عليه عدم جواز اعادة تعيينه فيعتبر قرار تعيينه باطلا ومن ثم فانه لا يدخل فى عداد موظفى الدولة ولا يخضع للأحكام الخاصة بهم ومنها المحاكمات التأديبية ويكون لجهة الادارة أن تسحب قرار التعيين فى أى وقت دون حاجة الى الرجوع الى مجلس التأديب. وعند ورود هذا القرار الى منطقة المنصورة التعليمية أبعدته عن العمل من 12 من مايو سنة 1958 وعرضت الأمر على ادارة الفتوى والتشريع المختصة التى رأت أن قرار التعيين ليس فقط باطلا بطلانا مطلقا لمخالفة أحكام القانون مخالفة جوهرية وانما هو قرار مبنى على الغش ولا يجوز لشخص أن يستفيد من غشه وسوء نيته وأن مثل هذا القرار لا يكتسب حصانة مهما مضى عليه من زمن ويجوز سحبه فى أى وقت ومن ثم فان الاجراء الذى اتخذته المنطقة بابعاده عن العمل هو اجراء سليم. وفى 21 من مايو سنة 1958 اعتمد السيد وكيل الوزارة قرار مجلس التأديب على أن يسحب قرار تعيينه. وقد تم هذا السحب وأخطرت به جميع الجهات المختصة.
كما أودعت الوزارة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد وفى الموضوع برفضها مع الزام المدعى بالمصاريف.وأسست دفعها بعدم قبول الدعوى على أن قرار مجلس التأديب الاستئنافى قد صدر حضوريا فى 4 من نوفمبر سنة 1958 وهو ليس من القرارات التى أوجب القانون التظلم منها قبل الطعن فيها بالالغاء فيكون ميعاد رفع الدعوى بالغائه قد انتهى فى 3 من يناير سنة 1959. واذ رفعت الدعوى فى 19 من مايو سنة 1959 تكون قد اقيمت بعد الميعاد - وأشارت الوزارة الى أنه قد طعن فى قرار مجلس التأديب أمام مجلس التأديب الاستئنافى الذى قرر فى 4 من نوفمبر سنة 1958 اختصاصه بنظر الدعوى وانتهى الى أن المدعى اذ لم يذكر فى استمارة طلب التوظف المقدمة منه فى 10 من يناير سنة 1951 عمله السابق وسبب تركه الخدمة يكون قد أغفل بيانا جوهريا يتوقف عليه اعمال الادارة لسلطتها التقديرية فى اعادة التعيين وبناء على ذلك قرر مجازاته بوقفه عن العمل بدون مرتب لمدة ثلاثة أشهر مع حرمانه من مرتبه عن فترة الابعاد - وأضافت الوزارة أن قرار ابعاد المدعى الصادر من مدير المنطقة التعليمية ليس الا قرار وقف عن العمل - وأن قرار مجلس التأديب الابتدائى بعدم الاختصاص تفسيره المنطقى انه قرار فصل اذ لم يعتبر المدعى من موظفى الدولة وبالتالى فان المدعى يعتبر موقوفا عن العمل من تاريخ قرار مجلس التأديب الابتدائى بقوة القانون أما عن اختصاص مجلس التأديب الاستئنافى بحرمانه من مرتبه فانه يجد سنده فى المادة 95 من قانون موظفى الدولة.
وقدمت هيئة المفوضين تقريرا برأيها انتهت فيه الى أنها ترى الحكم برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات وذلك تأسيسا على أن مجلس التأديب الاستئنافى لم يقرر حرمان المدعى من مرتبه عن المدة التى لم يكن يؤدى فيها عملا باعتبار ذلك عقوبة تأديبية حتى يمكن القول بأن الطعن فى ذلك مما يدخل فى نطاق دعاوى الالغاء ومن ثم فتكون المنازعة التى يثيرها المدعى من دعاوى التسوية التى تتقيد بمواعيد واجراءات دعاوى الالغاء. وعلى أنه وأن كانت الأحكام السابقة على قانون التوظف لا تمنع من اعادة الموظف المفصول بسبب تأديبى الى الخدمة الا أن ما قام به المدعى من اخفاء مدة خدمته السابقة وسبب انتهائها يعتبر من قبيل الغش الذى يفسد قرار التعيين وينحدر به الى العدم وعلى ذلك فان جهة الادارة اذ قامت بابعاد المدعى ثم سحبت قرار تعيينه عقب صدور قرار مجلس التأديب الابتدائى لا تكون قد خالفت القانون ولما كان الأجر مقابل العمل فان المدعى لا يكون مستحقا لمرتب فى المدة التى لم يقم فيها بأى عمل.
وتقدم المدعى بمذكرة عقب فيها على تقرير هيئة المفوضين بقوله ان قاعدة الأجر مقابل العمل لا تنطبق على حالته لأنه لم يمتنع عن العمل بارادته، كما عقب على دفاع الوزارة بقوله ان قرار ابعاده ليس قرار وقف مؤقت عن العمل ولو أنه قرار وقف لوجب على جهة الادارة الا تتركه موقوفا أكثر من ثلاثة أشهر دون عرض الأمر على مجلس التأديب - ولم ينص قانون التوظف على الابعاد كجزاء يوقع على الموظف.
وبجلسة 27 من مارس سنة 1961 حكمت المحكمة الادارية بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار مجلس التأديب العالى الصادر فى 4 من نوفمبر سنة 1958 فيما ورد به من التعرض لراتب المدعى من تاريخ سحب قرار تعيينه والزام الوزارة المصروفات وأقامت قضاءها بالنسبة الى الدفع بعدم قبول الدعوى على أنه لم يثبت من الأوراق أن القرار المطعون فيه قد نشر أو أعلن للمدعى أو ان المدعى قد علم به علما يقينيا شاملا له ولأسبابه فى تاريخ سابق على تقديمه طلب الاعفاء من المصروفات فى 8 من يناير سنة 1959 وانه لما تقرر قبول هذا الطلب فى 19 من أبريل سنة 1959 أقام دعواه فى 19 من مايو سنة 1959 أى خلال الستين يوما التالية لهذا القبول - وأقامت قضاءها فى الموضوع على أنه ليس لمجلس التأديب أن يتعرض لراتب الموظف سواء بحرمانه منه أو بصرفه اليه كله أو بعضه الا اذا كان قد تقرر وقف هذا الموظف فان لم يكن ثمة قرار وقف فان تصدى المجلس لراتب الموظف يعد مدا منه لولايته خارج النطاق المقرر له قانونا ويكون قراره الصادر فى هذا الشأن مخالفا للقانون حقيقا بالالغاء - ولم يكن المدعى موقوفا عن عمله فى وقت ما بقوة القانون ولا بمقتضى قرار صادر بالوقف ولم يكن هناك مرتب أوقف صرفه له نتيجة لوقفه عن العمل ومن ثم فان تعرض مجلس التأديب العالى لمرتبه عن المدة التالية لتاريخ سحب قرار تعيينه يكون مخالفا للقانون ويكون القرار المطعون فيه معيبا فى هذا الشق منه ويتعين لذلك الحكم بالغائه.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أنه وفقا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951 يترتب على الحكم بالعزل من الوظيفة من المجلس التأديبى وقف الموظف حتما رغم طعنه بالاستئناف وتفريعا على ذلك ومن باب أولى يتعين اعتبار الموظف الذى قضى المجلس التأديبى بانعدام مركزه القانونى كموظف وبعدم وجود رابطة توظف بينه وبين الحكومة فى حكم الموظف الذى قضى بعزله من وظيفته لأن أثر الحكمين واحد.
ومن ثم فاذا كانت جهة الادارة قد أبعدت المدعى عن الوظيفة اعتبارا من 12 من مايو سنة 1958 بعد صدور قرار مجلس التأديب الابتدائى تأسيسا على اعتباره موقوفا بقوة القانون كأثر لهذا القرار الذى لم يعترف بصفته كموظف عام فانها لا تكون قد خالفت القانون مما يستتبع حتما اعتباره موقوفا عن العمل بقوة القانون حتى يقضى المجلس الاستئنافى فى شأنه ويكون قرار المجلس الاستئنافى قد صادف القانون فيما قضى به من حرمانه من مرتبه عن هذه المدة ويكون الحكم المطعون فيه اذ قضى بالغاء قرار المجلس قد خالف القانون.
ومن حيث أن هيئة مفوضى الدولة قد أودعت تقريرا برأيها انتهت فيه الى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع الزام رافعها بالمصروفات وذلك تأسيسا على أن مجلس التأديب الابتدائى نفى وجود رابطة بين الادارة والمدعى لمخالفة تعيينه لأحكام قانون التوظف ومن الطبيعى ازاء هذا أن تعمل الادارة على ابعاده من قوائم موظفيها بحكم انعدام المسوغ لبقائه فى تلك القوائم فاذا ما عرض الأمر بعد ذلك على المجلس الاستئنافى عن طريق المطعون ضده نفسه وقرر هذا المجلس أن رابطة التوظف قائمة للأسباب التى اعتمد عليها فان المدة التى ظل فيها مبعدا عن وظيفته تعتبر فترة وقف بحكم أنه كان طوالها بحسب التكييف الذى ارتآه المجلس الاستئنافى من موظفى الدولة فكان من حق هذا المجلس وقد فصل فى الدعوى التأديبية أن يقرر ما يتخذ بشأن المرتب أثناء فترة الوقف عن العمل بالتطبيق لحكم المادة 95 من قانون التوظف من الحرمان منه أو صرفه كله أو بعضه وقد رأى حرمان المدعى منه عن مدة الوقف.
ومن حيث أن الوزارة الطاعنة قد تقدمت بعد حجز الطعن للحكم بمذكرة طلبت فيها الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصليا: بعدم اختصاص المحكمة الادارية بنظر الدعوى واحتياطيا برفضها مع الزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وأقامت دفعها بعدم الاختصاص على أنه وفقا لأحكام المادة 15 من القانون رقم 55 لسنة 1959 والمادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 لا يجوز الطعن فى أحكام المحاكم التأديبية الا أمام المحكمة الادارية العليا - وعلى أن هذه الأحكام تسرى أيضا على القرارات الصادرة من المجالس التأديبية فتكون المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم اذ تصدت لنظر الطعن فى قرار مجلس التأديب العالى وفصلت فيه قد جانبت الصواب وخالفت القانون اذ كان يتعين عليها أن تقضى بعدم اختصاصها بنظره - ثم تحدثت الوزارة عن موضوع الطعن فذكرت أنه بعد صدور قرار مجلس التأديب الابتدائى بعدم الاختصاص كان على الوزارة تنفيذا لهذا القرار وما اشتملت عليه أسبابه أن تسحب قرار تعيين المدعى وأن تبعده عن العمل حتى يتم الفصل فى الاستئناف المرفوع منه وكان على مجلس التأديب الاستئنافى اذ الغى هذا القرار أن يتصدى لمرتب المدعى عن فترة الابعاد وأن يفصل فى أمره باعتبار أن الابعاد لم يكن الا أثرا من آثار القرار المستأنف ولم ينشأ الا نتيجة لتنفيذه هذا فضلا عن أن هذه الفترة تعتبر مدة وقف قانونى نتجت عن تنفيذ حكم نهائى واجب النفاذ. كما رددت الوزارة ما تضمنه تقرير الطعن من الاستناد الى المادة 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وذكرت أنه ليس فى مجازاة المدعى بايقافه لمدة ثلاثة أشهر وحرمانه من مرتبه عن فترة الابعاد ازدواج فى الجزاء - كما أن استمرار ابعاده مدة تزيد على ثلاثة أشهر دون عرض الأمر على مجلس التأديب ليس فيه مخالفة للقانون ولا يترتب عليه اعتبار وقفه كأن لم يكن.
ومن حيث أنه بالرجوع الى الأوراق يبين أنه بتاريخ 15 من مارس سنة 1956 صدر قرار من السيد وكيل وزارة التربية والتعليم باحالة المدعى الى مجلس التأديب وتضمن هذا القرار تحديد التهمة الموجهة اليه على الوجه الآتى: - (ارتكب تزويرا بالترك حيث لم يذكر فى الاستمارة رقم 103 التى حررها عند التحاقه بخدمة الوزارة مدة خدمته السابقة بوزارة التربية والتعليم اذ ثبت أنه كان يعمل سكرتيرا لمدرسة طلخا الابتدائية ثم اتهم باختلاس قررت الوزارة بعد التحقيق معه بشأنه فى ملف التحقيقات رقم 8117 بتاريخ 5 من فبراير سنة 1949 فصله من الخدمة لما نسبه اليه وبذلك يكون قد انتفى شرط من الشروط الواجب توافرها فى التعيين حسبما جاء بنص الفقرة الرابعة من المادة 6 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة الأمر الذى يستدعى النظر فى أمره لعدم جواز اعادة تعيينه). وبجلسة 16 من مايو سنة 1956 قرر مجلس التأديب العادى وقف الدعوى التأديبية ريثما يتم الفصل فى الدعوى الجنائية. وبعد أن قررت النيابة العامة فى 24 من نوفمبر سنة 1957 احالة الاوراق الى الجهة التابع لها المدعى لمحاكمته تأديبيا - سار مجلس التأديب فى اجراءات المحاكمة - وبجلسة 12 من أبريل سنة 1958 قرر المجلس عدم اختصاصه بنظر الدعوى وذلك تأسيسا على أن القانون رقم 38 لسنة 1948 بشأن تنظيم المدارس الحرة الذى عين المدعى فى ظله اشترط فيمن يستخدم مدرسا فى مدرسة حرة الا يكون قد حكم عليه تأديبيا بالفصل من الخدمة لامور ماسة بالاخلاق أو الشرف أو الامانة وترتب على اغفال المدعى ذكر البيانات المطلوبة وعلى الأخص سبب انتهاء عمله السابق أن صدر قرار تعيينه على خلاف أحكام القانون مما يجعل هذا القرار باطلا بطلانا مطلقا لا ينتج أى أثر من الآثار القانونية المقررة له فلا يعتبر المدعى من عداد موظفى الدولة ولا يخضع ولا تسرى عليه النظم والقواعد الخاصة بالموظفين ومنها المحاكمات التأديبية بل ويكون لجهة الادارة أن تسحب قرار التعيين الباطل فى أى وقت دون حاجة الى الرجوع الى مجلس التأديب - وعقب صدور هذا القرار قامت منطقة المنصورة التعليمية بابعاد المدعى عن عمله فى 12 من مايو سنة 1958 مع عدم صرف مرتبه من ذلك التاريخ وعرض قرار مجلس التأديب على السيد وكيل الوزارة فى 21 من مايو سنة 1958 فقرر اعتماده على أن يسحب قرار التعيين الباطل الصادر للمدعى - وأبلغ المدعى بقرار مجلس التأديب فى 22 من مايو سنة 1958 فرفع استئنافا عنه فى 26 من مايو سنة 1958 - وكانت منطقة المنصورة التعليمية قد طلبت بكتابها المرسل الى ادارة الفتوى والتشريع المختصة فى 18 من مايو سنة 1958 ابداء الرأى فى الموضوع فأجابت بكتابها المؤرخ 7 من يونية سنة 1958 بأن قرار تعيين المدعى قرار باطل بطلانا مطلقا ليس فقط لمخالفته أحكام القانون مخالفة جوهرية وانما لأنه قرار مبنى على الغش ولا يجوز أن يستفيد الشخص من غشه وسوء نيته ومثل هذا القرار لا يكتسب حصانة مهما مضى عليه من زمن ويجوز سحبه فى أى وقت وانه لذلك فان الاجراء الذى اتخذته المنطقة بابعاد المدعى عن العمل هو اجراء سليم وأشارت باصدار قرار تسحب بمقتضاه قرار تعيينه. وفى 12 من يونيو سنة 1958 أصدر مدير عام المنطقة قرارا بسحب قرار تعيين المدعى اعتبارا من 14 من يناير سنة 1951 تاريخ تعيينه وباعتباره كأن لم يكن. وبجلسة 4 من نوفمبر سنة 1958 أصدر مجلس التأديب العالى قراره فى استئناف المدعى بقبول هذا الاستئناف شكلا وفى الموضوع باختصاصه بنظر الدعوى ومجازاة المستأنف بايقافه مدة ثلاثة أشهر - وتضمنت أسباب هذا القرار أن المدعى قد أعيد للخدمة فى أكتوبر سنة 1950 واستقر مركزه القانونى بمضى المدة التى تستقر بها القرارات الادارية وانه اذ كان لم يذكر فى استمارة طلب التوظف التى أعيد على أساسها للخدمة عمله السابق وسبب تركه فانه يكون قد أغفل بيانا هاما - وأن المجلس يرى ادانته فى هذه المخالفة بايقافه عن العمل ثلاثة أشهر ونظرا الى أنه لم يؤد أعمالا من تاريخ سحب قرار تعيينه فان المجلس يرى عدم صرف مرتبه عن هذه المدة مع اعادته للخدمة - وفى 27 من نوفمبر سنة 1958 أصدر مدير عام منطقة المنصورة التعليمية قرارا بالغاء القرار الصادر فى 12 من يونيو سنة 1958 بسحب قرار تعيين المدعى واعادته للعمل اعتبارا من 4 من نوفمبر سنة 1958 وبوقفه عن عمله لمدة ثلاثة أشهر من هذا التاريخ مع عدم صرف مرتبه اليه وحساب المدة من 12 من مايو سنة 1958 تاريخ ابعاده عن العمل الى تاريخ عودته اليه بدون ماهية - وفى 31 من يناير سنة 1959 أصدر مدير عام المنطقة قرارا باعادته الى عمله اعتبارا من 4 من فبراير سنة 1959 التاريخ التالى لانتهاء مدة الوقف التى قضى بها مجلس التأديب العالى.
ومن حيث انه بالرجوع الى قرار مجلس التأديب العادى الصادر فى 12 من أبريل سنة 1958 - وهو قرار غير نهائى اذ كان قابلا للطعن فيه بالاستئناف واستؤنف فعلا - يبين أن هذا المجلس قد اقتصر على الفصل فى اختصاصه بنظر الدعوى التأديبية، ولئن كان قد انتهى الى عدم اختصاصه بنظرها تأسيسا على أن قرار تعيين المدعى باطل بطلانا مطلقا الأمر الذى رتب عليه أنه لا يعتبر من عداد موظفى الدولة الا أنه لم يكن من شأن هذا القرار غير النهائى الصادر بعدم الاختصاص اعتبار المدعى مفصولا من وظيفته فور صدوره - بل تم فصله تنفيذا للقرار الصادر فى 12 من يونية سنة 1958 بسحب قرار تعيينه - أى أن مجرد صدور قرار مجلس التأديب العادى بعدم الاختصاص لم يترتب عليه قطع صلة المدعى بوظيفته وانهاء رابطة التوظف بينه وبين الوزارة بل ترتب هذا الأثر على قرار ادارى آخر هو سحب قرار تعيينه.
ومن حيث انه لذلك فلا يعتبر قرار مجلس التأديب العادى المشار اليه بمثابة قرار تأديبى بالعزل فلا يترتب عليه الأثر المنصوص عليه فى المادة 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التى كانت تقضى بأن (يترتب على الحكم بالعزل من الوظيفة من المجلس التأديبى وقف الموظف حتما رغم طعنه بالاستئناف)، اذ أن مجال أعمال هذا النص أن يصدر قرار فى موضوع الدعوى التأديبية بالادانة والعزل.
ومن حيث أن سحب قرار تعيين المدعى هو اعدام لهذا القرار بأثر رجعى وبانعدام هذا القرار تعتبر صلته بوظيفته منقطعة ويعتبر فى حكم من لم يصدر أصلا قرار بتعيينه. ولئن كانت جهة الادارة قد الغت بعد ذلك هذا القرار الساحب الا أنه ليس من أثر ذلك أن تتغير طبيعته خلال الفترة التى نفذ فيها من قرار ساحب لقرار التعيين قطع صلة المدعى بوظيفته الى قرار وقف يترتب عليه اعتبار مركزه القانونى فى شأن مرتبه معلقا حتى يصدر مجلس التأديب العالى قراره فى شأنه؛ ذلك أن الوقف لا ينهى رابطة التوظف بل يسقط ولاية الوظيفة اسقاطا مؤقتا أما سحب قرار التعيين فهو اعدام لهذه الرابطة بأثر رجعى.
ومن حيث ان اختصاص مجلس التأديب وفقا لما كانت تقضى به المادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 مقصور على تقرير ما يتبع فى شأن مرتب الموظف عن مدة الوقف سواء بحرمانه منه أو بصرفه اليه كله أو بعضه، ونظرا الى أن المدعى لم يكن موقوفا عن عمله حسبما سبق البيان بل كان خلال فترة أبعاده عنه نتيجة لسحب قرار تعيينه فى حكم الموظف المفصول الذى انقطعت صلته بوظيفته فانه لا اختصاص لمجلس التأديب بالفصل فيما يستحقه عن تلك الفترة.
ومن حيث أنه مهما يكن الأمر فى طبيعة ما يحق للمدعى المطالبة به عن مدة ابعاده عن عمله بعد أن الغى القرار الساحب لقرار تعيينه أهو مرتب عن تلك المدة أو تعويض عما لحق به من ضرر بسبب هذا القرار فان الجهة المختصة بالفصل فى هذه المنازعة هى المحكمة الادارية المختصة وفقا لحكم المادة 13 من القانون رقم 55 لسنة 1959 سواء كيفت الدعوى بأنها منازعة فى مرتب أو مطالبة بتعويض عن قرار ادارى بالفصل هو القرار الصادر بسحب قرار التعيين.
ومن حيث انه لذلك فان مجلس التأديب العالى اذ تصدى للفصل فيما يستحقه المدعى عن مدة ابعاده وقضى بعدم استحقاقه لمرتبه عن تلك المدة فيكون قد فصل فى منازعة تدخل فى اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى. وخروج مجلس التأديب عن حدود ولايته على هذا الوجه لا يشوب قراره بمجرد عيب من العيوب التى تجعله قابلا للالغاء مع اعتباره قائما قانونا الى أن يقضى بالغائه بل ينطوى على غصب للسلطة ينحدر بالقرار المذكور الى جعله بمثابة عمل مادى عديم الأثر قانونا.
ومن حيث انه وان كان المدعى قد طلب الحكم بالغاء قرار مجلس التأديب العالى فيما قضى به من حرمانه من مرتبه عن مدة الابعاد وصرف مرتبه عن تلك المدة فان حقيقة ما يهدف اليه بدعواه هو تعويضه عما لحق به من ضرر بسبب القرار الصادر بسحب قرار تعيينه وهى منازعة تدخل فى اختصاص المحكمة الادارية التى رفعت اليها الدعوى.
ومن حيث أن الدفع بعدم اختصاص تلك المحكمة يقوم على أن هناك قرارا قائما ومنتجا لأثره هو قرار مجلس التأديب العالى بحرمان المدعى من مرتبه عن فترة ابعاده وان الجهة المختصة بالغاء هذا القرار هى المحكمة الادارية العليا - وهذا الدفع مردود بأن القرار المذكور منعدم ولا يخرج عن كونه عملا ماديا عديم الأثر قانونا فللمحكمة الادارية وهى تفصل فى منازعة مما يدخل فى اختصاصها الا تعتد بهذا القرار بل وأن تكشف عن انعدامه بالقضاء بالغائه وأن تعتبره غير ذى أثر على اختصاصها وعلى حق المدعى فى المطالبة بالتعويض عما لحق به من ضرر بسبب القرار الصادر بسحب قرار تعيينه - وهى بقضائها بالغاء قرار مجلس التأديب فيما ورد به من تعرض لراتب المدعى تكون قد انتهت الى ذات النتيجة المترتبة على انعدام القرار المذكور وهى عدم الاعتداد به باعتباره مجرد عقبة مادية فى سبيل استعمال المدعى لحقه فى الالتجاء الى الجهة القضائية المختصة للمطالبة بما يدعى أنه مستحق له من مرتب أو تعويض.
ومن حيث أنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى اليه ويكون الطعن غير قائم على أساس سليم مما يتعين معه رفضه والزام الوزارة الطاعنة المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزمت الحكومة المصروفات.