مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 728

(75)
جلسة 27 من فبراير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ حسن أيوب وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور ضياء الدين صالح وعادل عزيز زخارى وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 1573 لسنة 7 القضائية

( أ ) اختصاص - مجلس الدولة - نقل - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى - وارد على سبيل الحصر - ليس منه قرارات النقل المكانى.
(ب) موظف - نقل - المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - النقل الذى يمتنع على جهة الادارة ان تجريه ولو كان لمثل الدرجة والوظيفة - هو ذلك الذى يفوت على المنقول دوره فى الترقية بالأقدمية - هذه المادة لا تمنع النقل ولو فوت على الموظف ميزات مادية فى الجهة المنقول منها.
(جـ) موظف - نقل - تأديب - صدور قرار النقل معاصرا لقرار الجزاء التأديبى أو بعده - لا يعنى وجود انحراف أو اساءة استعمال السلطة - قرار الجزاء التأديبى قد يكشف عن اعتبارات من المصلحة العامة تحتم اجراء النقل.
1 - ان اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى وارد على سبيل الحصر بحسب قانون انشائه وتنظيمه (المادة 8 من القانون رقم 165 لسنة 1955 المعدلة بالقانون رقم 55 لسنة 1959) وليس من القرارات المختص بنظرها تلك الصادرة بالنقل المكانى ولا يكون لهذا القضاء اختصاص بنظرها الا اذا تضمنت قرارا من تلك التى له الحق فى نظرها أو كانت تخفى بين طياتها قرارات من هذا النوع.
2 - يبين من نص الفقرة الاولى من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ان النقل الذى يمتنع على الادارة ان تجريه ولو كان لمثل الدرجة والوظيفة هو ذلك الذى يفوت على المنقول دوره فى الترقية بالأقدمية ولكن هذه المادة لا تمنع النقل ولو فوت على المنقول ميزات أخرى كانت له فى الجهة التى نقل منها ولعل الشارع رأى أن الاحتفال بمثل هذه المزايا قد يغل يد الادارة فى اجراء النقل الذى تتطلبه دواعى المصلحة العامة؛
3 - ليس يكفى للقول بوجود عيب انحراف الجهة الادارية واساءة استعمال سلطتها أو أحدهما أن قرار النقل صدر معاصرا لقرار الجزاء أو بعده، فقد يكشف قرار الجزاء عن اعتبارات من المصلحة العامة تحتم اجراء النقل. وكما أن للجهة الادارية الحرية فى توزيع عمال المرافق العامة بحسب احتياجات هذه المرافق فيجب أن تكون لها هذه الحرية فى ضوء صلاحية هؤلاء العمال واستعدادهم وكفايتهم فى الجهة التى ينقلون منها والتى ينقلون اليها كما يتضح ذلك من شهادات رؤسائهم وتقاريرهم عنهم أو من المخالفات التى تقع منهم.


اجراءات الطعن

فى يوم الاحد الموافق 16 من شهر أغسطس سنة 1961 أودع السيد رئيس ادارة قضايا الحكومة بصفته سكرتارية هذه المحكمة صحيفة طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى فى الدعوى رقم 333 لسنة 12 القضائية بجلسة 7/ 6/ 1961 القاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع برفض الدعوى فيما يتعلق بقرار الجزاء الصادر فى 6/ 6/ 1957 بخصم يومين من ماهية المدعية والغاء القرار الصادر بنقل المدعية من مصلحة المعامل الى مصلحة الأمراض الصدرية وبالزام الطاعنة والمطعون ضدها بالمصروفات المناسبة وطلب الطاعن اعتمادا على أسباب طعنه الغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من الغاء قرار النقل المطعون فيه والقضاء أصليا بعدم اختصاص القضاء الادارى بالفصل فى صحة هذا القرار واحتياطيا برفض طلب الغائه مع الزام المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وفى 30/ 8/ 1961 أعلنت المطعون ضدها وتعين لنظر الطعن أولا جلسة أمام دائرة فحص الطعون فنظرته ثم قررت احالته الى هذه المحكمة فعينت له جلسة 5/ 1/ 1965 وأخطر بها ذوو الشأن فى 17/ 12/ 1964 ثم نظرته على حسب المبين بمحضر الجلسة وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد مطالعة الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن حاصل عناصر هذه المنازعة يجمل فى أنه بتاريخ 30/ 12/ 1957 أقامت المطعون ضدها دعواها طالبة الغاء القرار الادارى الصادر من وزير الصحة فى 6/ 6/ 1957 المعلن اليها فى 13/ 7/ 1957 والذى أوقع جزاء اداريا عليها بخصم يومين من راتبها وبنقلها من مصلحة المعامل الى مصلحة الأمراض الصدرية باعتباره أثرا من آثار القرار الأول مع الزام الطاعنة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وبسطا للدعوى ذكرت أنه حدث فى يوم 23/ 3/ 1957 بينما كانت فى مقر وظيفتها فى المعمل التابع لمصلحة المعامل بوزارة الصحة اذ دخل عليها أحد الموظفين راغبا اجراء "عد دم أبيض" فقامت بمساعدة اثنين من مساعدى المعمل وأجرت الفحص المطلوب وفى صباح اليوم التالى توجهت الى معمل الدكتور ادوارد دميان وكيل قسم الباثولوجى لكى ترتدى معطفها الأبيض من مكانه بالمعمل المذكور فوجدته فحيته وما كادت أن تنصرف حتى بادرها بقوله (تعالى هنا ازاى تقومى بعد دم فلان) فاستفسرت منه عن موضع الغرابة فى ذلك فأجابها بأعلى صوته (أنا مستعد بأن أختم بصوابعى العشرة انك متعرفيش تعملى عد دم) وكان ذلك منه على مسمع ممن كان فى المعمل من فراشين ومساعدين غير مراع لمركزها بينهم فاستنكرت منه صدور هذه العبارة التى وجهها اليها ذاكرة أن ليست هذه أول مرة تقوم فيها بعد الدم وأن لها خبرة تربو على سبعة أشهر فى المعمل ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل شكاها لرئيس القسم فسانده ولما تبينت ذلك قدمت شكوى لرئيس النيابة الادارية ورفضت تحقيق مدير القسم معها كما قدم الأخير من جانبه شكوى لرئيس النيابة الادارية ناعيا عليها فيها أنها تطاولت على وكيل القسم بعبارات ماسة بكرامته وأنها قامت بعملية عد دم أبيض لشخص لم يطلب منها فحصه ولم يقيد طلبه بالطريق الادارى المتبع وقد عمد السيد المدير الى القاء الرعب فى نفوس المرؤسين لحملهم على تأدية الشهادة فى غير صالحها كما أوعز الى السيد مدير عام المصلحة لندبها الى مصلحة الأمراض الصدرية بحجة ما قيل عن تطاولها على وكيل القسم والقول بمخالفتها مقتضيات الأمانة والسرية فى تأدية عملها فى وفعلا تم الندب وأبعدت عن مكان عملها وضعف بذلك مركزها وشهدت زميلات لها فى غير صالحها بغير حق ومع ذلك انتهت النيابة الادارية الى عدم وجود جريمة أو شبه جريمة وأن الأمر لا يعدو أن يكون خطأ فنيا وقعت فيه وأضافت الى ما تقدم انها تظلمت من القرار فى 2/ 9/ 1957 ناعية على هذا القرار انعدام السبب والانحراف ثم ذكرت أنها فى التهمة الأولى مجنى عليها لا جانية، أما ما أسند اليها من أنها نسبت الى السيد وكيل القسم أنه مصاب بعمى الألوان ومن ثم لا يصلح للقيام بأعباء وظيفته لاستحالة قيامه بالفحص المعملى استحالة مطلقة فهذه حقيقة لم يستطع أن يجحدها ومن ثم لا يعد ذكر هذه الحقيقة تطاولا عليه، وأما ذكرها أنه يحضر عينات دم مرضاه الخصوصيين ويقوم بفحصها بالمعمل فتلك أيضا حقيقة ولكنها عجزت عن اثباتها بسبب عدم ادلاء زميلاتها بشهادتهن خشية أن يصيبهن ما أصابها من جزاء وندب، وأضافت الى ما تقدم أن الندب فوت عليها بدل التفرغ الذى كانت تتقاضاه ومقداره خمسة عشر جنيها شهريا وفوت عليها أيضا الدور فى الترقية الى الدرجة الخامسة كما ذكرت أن السيد وكيل المعمل حصل على بدل تفرغ دون وجه حق فى الفترة من أكتوبر سنة 1953 الى 12/ 6/ 1957 اذ كان له عمل خاص خارجى. وأن هناك مخالفات أخرى اقترفها موجودة بملف خدمته ولكن مساندة الرؤساء له ومن بينهم السيد مدير المعمل الحالى "الدكتور حسن سعد" مكنته من الحصول على بدل التفرغ دون وجه حق وأنها لا ترى فى ذكر الحقائق تطاولا تحاسب عليه وان ما أفترى عليها به كان القصد منه ابعادها من المكان الذى عملت فيه وحتى لا تكشف ما فيه من مخالفات خطيرة.
ومن حيث ان الطاعنة أجابت على الدعوى أولا بأن فى تصرف المطعون ضدها ما يثير الشك وأنها كانت منتدبة شفويا بالقسم "السيرولوجى" وليس لها من عمل بالقسم الباثولوجى وأنها رفضت تحقيق مدير القسم وأصرت على ضرورة احالة الأوراق الى النيابة الادارية مع تكرار ابداء النصح لها بأبداء أقوالها أمام مدير القسم ولكنها أصرت على رأيها ومن ثم أضطر السيد مدير القسم الى طلب نقلها الى خارج المصلحة لما أقدمت عليه من اتهام رئيسها وكيل القسم بتهم غير صحيحة ولقيامها بعملية عد دم من غير أن تكلف بها رسميا وقبل ان تقيد هذه الحالة بالسجل وفقا لنظام المصلحة.
ومن حيث ان تلك المحكمة أصدرت حكمها السابق ذكره واقامته من ناحية الشكل: على ان الطاعنة لم تخطر بقرار الجزاء الا فى 13/ 7/ 1957 وكان تظلمها الاول فى 26/ 6/ 1957 وجاء هذا التظلم عاما غير محدد لمشتملات القرار ولا تفيد عباراته علمها يقينا بمشتملات القرار ويكون التظلم الثانى فى 2/ 9/ 1957 للسيد الوزير هو القاطع للميعاد المحدد فى المادة 19 من القانون 165 لسنة 1955 واذ أقامت دعواها فى 30/ 12/ 1957 فيكون فى الميعاد القانونى. ومن ناحية الموضوع: على ما أثبته تحقيق النيابة الادارية من أن المطعون ضدها تطاولت على رئيسها وأسندت اليه أنه غير كفء ومصاب بعمى الألوان وانه يستغل مركزه فى تحليل عينات مرضاه الخصوصيين بالمجان فى معمل الطاعنة وأن الشهود أجمعوا على أنهم لم يسمعوا العبارة النابية الصادرة من الوكيل لها وانها خرجت على حدود واجبات طاعة الرئيس على مرؤسيه ووصلت الى حد امتهان الرئيس أو التمرد عليه ومن ثم تكون قد أخلت بواجبات الوظيفة كما أن التهمة الثانية ثابتة قبلها اذ لم تكلف رسميا بعد الدم ولم تتم اجراءات قيد الطلب الذى قامت بفحصه ومن ثم يكون قرار الجزاء قد قام على سببيه الثابتين من ناحية الواقع ولم تثبت المطعون ضدها انحراف مصدره عن المصلحة العامة.
وأما عن الطعن فى القرار الثانى الصادر فى 27/ 6/ 1957 بنقل المطعون ضدها من مصلحة المعامل الى مصلحة الأمراض الصدرية فان القضاء الادارى لا اختصاص له بقرارات النقل المكانى كما يبين ذلك من الفقرات 3، 4، 5 من المادة 8 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بتنظيم مجلس الدولة التى حددت اختصاصاته القضائية واذ تنعى المطعون ضدها على قرار النقل بأنه قرار تأديبى ساتر لعقوبة مقنعة اتخذت شكل النقل اذ صدر بدافع الانتقام بسبب اتهامها للسيد وكيل القسم ولأنه فوت عليها الدور فى الترقية الى الدرجة الخامسة بمصلحة المعامل كما الحق بها ضررا بليغا هو حرمانها مما كانت تتمتع به من مميزات فى تلك المصلحة واذ بان من تقضى مراحل نقل المطعون ضدها أنه بدء ندبا بقرار السيد وكيل الوزارة المساعد فى 30/ 3/ 1957 بناء على كتاب مصلحة المعامل الموجه اليه تحت رقم 88 في 30/ 3/ 1957 وكتاب السيد مدير قسم الباثولوجى الموجه الى مدير عام مصلحة المعامل رقم 169 فى 28/ 3/ 1957 فيكون المقصود من الندب توقيع عقوبة على المطعون ضدها عن المخالفتين اللتين ارتكبتهما ولم تكن النيابة الادارية قد حققتهما بعد ولم يكن القصد منه توزيع الموظفين بحسب حاجات المرافق العامة بما يكفل لها حسن الاداء واذ ورد بالكتابين الأنفى الذكر أن ما اقترفته المطعون ضدها يتنافى مع الأمانة والسرية اللازمتين لأعمال المعامل مما لا يجعل المصلحة تطمئن الى بقائها فيها وأن المصلحة أرادت من طلب النقل توقع الجزاء على المخالفتين فان هذا كاف فى الكشف عن الغرض الحقيقى من النقل وهو توقيع الجزاء وهذا ظاهر بوضوح من كتاب مدير قسم الباثولوجى المرسل الى السيد مدير عام مصلحة المعامل المشار اليه أنفا اذ جاء فيه (لهذه الأسباب ونظرا لحداثة عهدها بخدمة المصلحة نرى الاكتفاء هذه الدفعة بانذارها ونقلها من قسم الباثولوجى اذ أننا نلاحظ أنها لا تتقدم مطلقا فى عملها الفني..) ثم وافقت لجنة شئون الموظفين على النقل فى 26/ 6/ 1957 واعتمد السيد الوزير النقل فى 27/ 6/ 1957 ومن ثم يكون القرار قرارا تأديبيا مقنعا مما تختص المحاكم الادارية بنظره واذ تظلمت منه الى السيد الوزير فى 2/ 9/ 1957 بعد أن علمت به فلا يكون تظلمها السابق فى 26/ 6/ 1957 قبل صدوره بذى أثر على مواعيد رفع الدعوى اذ العبرة بأول تظلم لا حق لصدور القرار ولم يثبت علمها به قبل هذا التظلم ومن ثم تكون دعواها من حيث الشكل أيضا مقبولة.
ومن حيث ان مبنى الطعن أن قرارات النقل المكانى لا يختص بنظرها مجلس الدولة لأن قانون انشائه وتنظيمه لم يدرج هذا النوع من القرارات فى اختصاصاته ومن ثم لا ينعقد له اختصاص بنظرها الا اذا كانت تحمل بين طياتها قرارا مما يختص بنظره مثل القرار التأديبى وليس القرار المطعون فيه من هذا النوع اذ القرار الذى ينطوى على جزاء تأديبى مقنع هو الذى يترتب عليه اخلال بالمركز القانونى للموظف كأن يفوت عليه دوره فى الترقية أو يكون لوظيفة درجتها أقل. واستشهد فى هذا الصدد بالحكم الصادر من هذه المحكمة فى الطعن رقم 874 لسنة 4 القضائية الصادر بجلسة 25/ 4/ 1959 ثم أضاف الطعن الى ما تقدم أن الحكم المطعون فيه أخطأه التوفيق اذ أن توزيع الموظفين على المرافق العامة لا يستهدى فيه بحاجة هذه المرافق فحسب بل يستهدى فيه أيضا باستعداد الموظف وكفايته للجهة المراد النقل اليها والذى يكشف عن ذلك التقارير السرية والمخالفات التى يرتكبها فى الجهة التى ينقل منها وليس من الصالح العام فى شئ أن تغل يد الادارة عن النقل اذا ما تكشفت لها عدم صلاحية موظف فى جهة ما من المخالفات التى اقترفها فيها فوضعته فى المكان المناسب بحجة أن فى ذلك عقوبة مقنعة وفى هذا المقام استشهد بالحكم الصادر فى الطعن رقم 1953 لسنة 2 القضائية فى 20/ 4/ 1957 وفى الطعن رقم 870 لسنة 2 القضائية فى 8/ 3/ 1958. ثم انتهى الى القول بأن الدفع بعدم الاختصاص على أساس سليم ويتعين الأخذ به.
أما من ناحية الموضوع فان الحكم المطعون فيه لم يدلل على انحراف شاب القرار المطعون فيه لأن المطعون ضدها غير صالحة للبقاء فى القسم الذى نقلت منه اذ أن أبحاثها لا تشير الى أى نوع من التقدم بشهادة مدير هذا القسم.
ومن حيث ان هيئة مفوضى الدولة قالت فى تقريرها الذى تقدمت به أن المطعون ضدها نقلت من وظيفة طبية درجة سادسة بمصلحة المعامل الى وظيفة من ذات الدرجة فى مصلحة الأمراض الصدرية ومن ثم فان قرار النقل المطعون فيه لا ينطوى على أى تنزيل لها فى درجتها أو فى وظيفتها ولا يعتبر ذلك قرارا تأديبيا مقنعا والنقل جائز من وظيفة الى أخرى بشرط ألا تقل درجتها عن درجة الموظف طبقا للمادة 47 من القانون 210 لسنة 1951 الخاص بموظفى الدولة وما دام ذلك قد خلا من اساءة استعمال السلطة (الحكم فى الطعن رقم 2066 لسنة 2 القضائية بجلسة 10/ 12/ 1955 برقم 35 ص 294) واذ كانت لم تمض المدة اللازمة للترقية الى الدرجة الخامسة كما أنها ليس لديها الرغبة فى الأبحاث المعملية بشهادة مدير المعامل فان قرار النقل يكون بريئا من اساءة استعمال السلطة واذ هو قرار نقل مكانى بحت فانه يخرج من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى اذ اختصاصه ليس عاما فى القرارات الادارية بل ورد على سبيل الحصر ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ويتعين الغاؤه والحكم بعدم الاختصاص.
ومن حيث ان ادارة قضايا الحكومة قدمت مذكرة بدفاع وزارة الصحة رددت فيها ما جاء فى الطعن وأضافت ان بقاء المطعون ضدها فى مصلحة المعامل ضار بصالح العمل ولم تظهر أى تقدم وأن النقل تم بعد أن استحال التعاون والتفاهم بينها وبين رئيسها فى العمل وأن النقل الى مثل وظيفتها لا يفوت عليها أية ميزة وما ذكرته عن بدل التفرغ فان حقيقة هذا البدل أنه ليس ميزة مقررة للوظائف الخاصة بمصلحة المعامل وانما هو بدل مقرر لكل من يغلق عيادته من أطباء وزارة الصحة على اختلاف مصالحهم أو الجهات التى يعملون بها وأن الثابت من الأوراق أنها حصلت فعلا على مزايا من الوظيفة التى نقلت اليها لم تكن مقررة من قبل اذ أنها تتقاضى بدل وقاية من خطر الأشعة ومن خطر العدوى وهى من البدلات المقررة لأطباء المصلحة التى نقلت اليها بحكم طبيعة عملهم ثم انتهت هذه المذكرة الى طلب الغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصليا: بعدم اختصاص القضاء الادارى بنظر الطلب الخاص بالغاء قرار نقل المطعون ضدها واحتياطيا برفض الدعوى والزام المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث أن المطعون ضدها قدمت مذكرة بدفاعها تعقيبا على تقرير هيئة مفوضى الدولة ومذكرة الحكومة قائلة ان العبرة بالباعث على اتخاذ الاجراء لمعرفة ما اذا كان قد أتخذ لمصلحة المرفق أم أن الجهة الادارية لم تقنع بسلطتها فى التأديب فسخرت سلطتها الرئاسية فى توقيع عقوبات دون أن توفر للموظف ضمانات السلطة التأديبية وأنه فى نظرها ليس بلازم لكى يعتبر القرار الادارى بمثابة الجزاء التأديبى المقنع أن يكون عقوبة من العقوبات التأديبية المعينة والا لكان جزاء تأديبيا صريحا وانما يكفى أن تتبين المحكمة من ظروف الأحوال وملابساتها أن نية الادارة اتجهت الى عقاب الموظف ولكن بغير اتباع الاجراءات والأوضاع المقررة لذلك فانحرفت بسلطتها فى القرار لتحقيق هذا الغرض المستتر" (حكم هذه المحكمة فى الطعن رقم 282 لسنة 7 القضائية بجلسة 24/ 3/ 1957) ثم أضافت الى ما تقدم ذكره أن القرار الصادر بنقلها قد انحرف وقصد توقيع جزاء عليها ومن ثم يكون لها مصلحة فى الغائه وأن هناك آثارا مادية وأدبية تتمثل فيما يأتى:
(1) بدل العدوى لجميع الفئات العاملة فى مصحة الأمراض الصدرية هو بواقع خمسة جنيهات كبدل عدوى وخمسة جنيهات بدل أشعة بينما البدل للعاملين فى مصلحة المعامل هو بواقع خمسة عشر جنيها بالنسبة لموظفى الدرجة السادسة يزاد الى خمسة وعشرين لمن هم فى الدرجة الرابعة.
(2) ما تتحمله فى الانتقالات اذ أن مصلحة المعامل داخل المدينة ومصلحة الأمراض الصدرية خارج حدود المدينة - والعمل فى مستشفيات الصدر ومخالطة المصدورين يلقى على من يعمل بها كثيرا من النفقات فى سبيل الوقاية.
(3) نوع التخصص فقد حرمت من تحضير الدبلوم الذى كانت تسعى فى الحصول عليه.
(4) لوث قرار النقل سمعتها فان آثاره السيئة قائمة وتلاحقها فى نفسيتها وله أثر على حياتها.
وبعد أن انتهت من ذلك نعتت القرار الصادر بنقلها بعدم المشروعية ثم قالت ان القرار الصادر بالجزاء كان بسبب ما نسب اليها من اعتداء على وكيل القسم الذى كانت تعمل فيه فى حين أن النقل يقوم على الطعن فى كفايتها وصلاحيتها لشغل وظيفتها بالمعامل ولا ارتباط بين الواقعتين لاختلاف السبب القانونى فى كل حالة وأخرى واذ انتهى الحكم المطعون فيه الى القول بعدم مشروعية القرار فان قضاءه سديد ومن ثم يتعين تأييده.
ومن حيث انه يبين مما تقدم أن مناط الخلاف فى هذه المنازعة ينحصر فيما اذا كان قرار النقل المطعون فيه قرارا مكانيا ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظره أم أنه ينطوى على جزاء تأديبى مقنع ومن ثم يكون القضاء الادارى مختصا بنظره.
ومن حيث ان المحكمة تبادر الى القول بأن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى وارد على سبيل الحصر بحسب قانون انشائه وتنظيمه (تراجع المادة - 8 من القانون رقم 165 لسنة 1955 المعدلة بالقانون رقم 55 لسنة 1959) وليس من القرارات المختص بنظرها تلك الصادرة بالنقل المكانى ولا يكون لهذا القضاء اختصاص بنظرها الا اذا تضمنت قرارا من تلك التى له الحق فى نظرها أو كانت تخفى بين طياتها قرارات من هذا النوع كما جرى قضاء هذه المحكمة فى العديد من أحكامه.
ومن حيث انه للتعرف على ما اذا كان قرار النقل المطعون فيه قرارا مكانيا أم قرارا تأديبيا مقنعا تعرض المحكمة لظروف وملابسات اصدار هذا القرار اذ المرجع فى ذلك بحث كل حالة على حدتها وتلاحظ أن القرار المطعون فيه صدر بعد تحقيق قام به مدير القسم الباثولوجى بالمعامل فى 26/ 3/ 1657 ولم تشأ المطعون ضدها أن تدلى بأقوالها أمامه وبعد أن تولت النيابة الادارية التحقيق فى 4/ 4/ 1957 وأشارت فى صدر محضرها أنها أجرت هذا التحقيق بناء على شكوى المطعون ضدها الى رئيس النيابة الادارية فى 3/ 4/ 1957 ضد السيد وكيل معامل مصلحة الصحة فيما نسبته اليه وكذلك أشارت أيضا أنها تجريه فيما نسب اليها من قيامها بفحص عينة دم دون تكليف رسمى ثم أشارت الى التحقيق الذى أجراه السيد مدير القسم الباثولوجى عن هذه الواقعة فى 26/ 3/ 1957 وبعد أن فرغت منه وضعت تقريرها عنه وضمنته النتائج الآتية:
(1) أن المطعون ضدها نسبت الى الطبيب ادوارد دميان وكيل مصلحة المعامل أنه وجه اليها عبارة جارحة فى يوم 24/ 3/ 1957 فى أثناء فحصها حالة عد دم وكان ذلك أمام احدى زميلاتها وجمع من الموظفين رماها فيها بالجهل.
(2) أنه غير صالح لوظيفته وفى وجوده بها خطورة على حياة المرضى ومستقبلهم لأنه مصاب بعمى الألوان.
3 - انه يستغل وظيفته الحكومية ويقوم بتحليل عينات مرضاه الخصوصيين فى معامل وزارة الصحة بالمجان ويتقاضى عن هذا اجرا خاصا له وقد انتهت النيابة فى ختام تقريرها الى أن شكواها ضد وكيل المصلحة تنطوى على وقائع غير صحيحة ومن ثم أرتأت حفظها لهذا السبب.
واما فيما يتعلق بالمخالفة التى ينسبها اليها مدير عام مصلحة المعامل من انها قامت بعملية عد دم فى يوم 23/ 3/ 1957 قبل قيدها فى السجل وتكليفها بالقيام بها وفقا للنظام الذى يجرى عليه العمل بقسم الباثولوجى فانه بعد أن قدمت النيابة الادارية تقريرها الآنف الذكر المحرر فى 24/ 5/ 1957 حرر السيد مدير عام مصلحة المعامل كتابا الى السيد وكيل وزارة الصحة المساعد ضمنه رأى المصلحة التى يمثلها وهو:
1 - أن المطعون ضدها تطاولت على الطبيب ادوارد دميان ونسبت اليه اتهامات فشلت فى اثباتها.
2 - انها خالفت النظم الادارية فى فحص عينة عد دم وملابساتها لا تسمح بفرض حسن نيتها فى تصرفاتها.
وأن هذه المصلحة تقترح مجازاتها بخصم يومين من ماهيتها نظير تطاولها على رئيسها ثم تداخلها بشكل مريب فى عمل ليست مسئولة عنه ولم يطلب منها اداؤه.
واما عن شكواها من قرار ندبها من المعامل الى مصلحة الأمراض الصدرية فان الأسباب التى بنى عليها الندب لا تبرر عودتها للمصلحة بل تبرر نقلها نهائيا من المعامل فأمر السيد وزير الصحة فى 26/ 6/ 1957 باعتماد هذه الاقتراحات.
وبتاريخ 26/ 6/ 1957 اجتمعت لجنة شئون الموظفين بالديوان العام وعرضت عليها حالة المطعون ضدها بمذكرة من مصلحة المعامل بطلب نقلها نهائيا فرأت نقلها للأسباب الموضحة بالمذكرة واعتمد السيد وزير الصحة قرار لجنة شئون الموظفين فى 27/ 6/ 1957.
ومن حيث انه يبين مما تقدم ان مصلحة المعامل اقترحت على السيد وزير الصحة اقتراحين أحدهما بالجزاء لما نسب الى المطعون ضدها وثانيهما نقلها فوافق على الجزاء فى 6/ 6/ 1957 كما اقترحته تلك المصلحة ثم وافق على قرار نقلها بعد ان عرض على لجنة شئون الموظفين كما يقضى قانون نظام موظفى الدولة أى بعد أن استكمل قرار النقل المراحل التى يجب ان يمر بها قبل صدوره.
ومن حيث أن هذين القرارين صدرا ضد المطعون ضدها والأول تضمن توقيع جزاء عليها والثانى تضمن نقلها.
ومن حيث أن القرار الثانى وحده هو موضوع الطعن كما يبين من صحيفته.
ومن حيث أن هذين القرارين صدرا ضد المطعون ضدها رالأول تضمن درجتها عن درجته وذلك طبقا لنص المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وهو من الملاءمات المتروك تقديرها لجهة الادارة بما لا معقب عليها فى هذا الشأن ما دام لا يفوت به الدور فى الترقية بالاقدمية وما دام خلا من سوء استعمال السلطة. (يراجع حكم هذه المحكمة فى الطعن رقم 26 لسنة 2 القضائية المنشور فى السنة الرابعة من مجموعة القواعد ص 294 وما بعدها وحكمها فى الطعن رقم 874 لسنة 4 القضائية جلسة 25/ 4/ 1959).
ومن حيث ان الفقرة الأولى من المادة 47 من القانون 210 لسنة 1951 تنص على ما يأتى: يجوز نقل الموظف من ادارة الى أخرى رقم 210 لسنة 1951 أن النقل الذى يمتنع على الادارة أن تجريه ولو كان النقل لا يفوت عليه دوره فى الترقية بالأقدمية أو كان بناء على طلبه.
ومن حيث انه يبين من نص الفقرة الأولى من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أن النقل الذى يمتنع على الادارة تجريه ولو كان لمثل الدرجة والوظيفة هو ذلك الذى يفوت على المنقول دوره فى الترقية بالأقدمية ولكن هذه المادة لا تمنع النقل ولو فوت على المنقول ميزات أخرى كانت له فى الجهة التى نقل منها ولعل الشارع رأى أن الاحتفال بمثل هذه المزايا قد يغل يد الادارة عن اجراء النقل الذى تتطلبه دواعى المصلحة العامة ومن ثم لو كانت للمطعون ضدها مزايا مادية فى الجهة التى نقلت منها فليست بمانعتها من النقل.
ومن حيث انها عجزت عن اثبات انحراف الجهة الادارية أو انها اساءت استعمال سلطتها اذ ليس يكفى القول بوجود عيب انحراف الجهة الادارية واساءة استعمال سلطتها أو أحدهما أن قرار النقل صدر معاصرا لقرار الجزاء أو بعده فقد يكشف قرار الجزاء عن قيام اعتبارات من المصلحة العامة تحتم اجراء النقل فكما أن للجهة الادارية الحرية فى توزيع عمال المرافق العامة بحسب احتياجات هذه المرافق يجب أن تكون لها هذه الحرية فى ضوء صلاحية هؤلاء العمال واستعدادهم وكفايتهم فى الجهة التى ينقلون منها والتى ينقلون اليها كما يتضح ذلك من شهادات رؤسائهم وتقاريرهم عنهم أو من واقع المخالفات التى تقع منهم.
ومن حيث أن ملابسات وظروف اصدار قرار الجزاء تكشف عن عدم صلاحية المطعون ضدها فى المعامل اذ شهد رئيسها المباشر أنها لم تبد تقدما فى العمل وليس عندها ميل للأبحاث المعملية. واذ هى حديثة العهد بالمعامل وقد أخلت بواجبات وظيفتها بأن خرجت على طاعة الرئيس بعد أن اقترفت خطأ فنيا فى أداء عملها ولم تكمل بعد المدة اللازمة للترقية الى الدرجة التالية وليس لها من حق مكتسب فى ان تعمل فى جهة معينة ولو كانت أقل عبئا عليها، وخاصة وانه من دواعى المصلحة العامة أن يسود الوئام بين عمال المرافق العامة ولا يستمر أوار الخلف وروح عدم الطاعة فيما بينهم لأن أثر ذلك يكون سيئا على حسن سير المرفق العام.
ومن حيث انه بان مما تقدم أن القرار المطعون فيه برئ من الانحراف وسوء استعمال السلطة بل جاء وليد اعتبارات من الصالح العام فهو قرار سليم. واذ هو قرار بنقل مكانى وليس قرارا تأديبيا مقنعا فمن ثم لا يكون لمجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى الاختصاص بنظره وبالتالى يتعين الحكم بعدم اختصاصه واذ قضى الحكم المطعون فيه باختصاص هذا المجلس فانه يكون حكما مخالفا للقانون ويتعين الغاؤه.
ومن حيث ان المطعون ضدها اصابها الخسر فى الطعن فتتحمل عبء مصروفاته وذلك اعمالا لنص المادة 357 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى وألزمت المطعون ضدها بالمصروفات.