مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 740

(76)
جلسة 27 من فبراير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ حسن أيوب وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور/ ضياء الدين صالح وعادل عزيز زخارى وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضيتان رقما 1643 لسنة 7 القضائية، 1508 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظف - تظلم - ميعاد - الحكم بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الطعن تأسيسا على نص القانون رقم 31 لسنة 1963 - لا يحول دون أصحاب الشأن والتظلم من القرار المطعون عليه أمام جهة الاختصاص - رفع الدعوى فى الميعاد أمام المحكمة المختصة يوم رفعها - يحفظ ميعاد التظلم ويظل هذا الأثر قائما لحين صدور الحكم فيها مهما طال أمد نظرها - امتناع الاحتجاج بفوات ميعاد التظلم محسوبا من تاريخ اعلان المطعون عليه بالقرار الصادر بفصله.
(ب) دعوى - مصروفات - اختصاص القضاء الادارى بنظر الدعوى وقت رفعها - صدور قانون معدل للاختصاص صار به القضاء الادارى غير مختص - الزام الحكومة بالمصروفات.
1 - ان الحكم بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الطعن نتيجة صدور القانون رقم 31 لسنة 1963 لا يحول دون المطعون عليه والتظلم من القرار المطعون فيه أمام اللجنة المختصة المنصوص عليها فى المادة 6 مكررا من قرار مجلس الوزراء الصادر فى 6 من أبريل سنة 1955 بشأن اجراءات التظلم الادارى وطريقة الفصل فيه. وذلك ما نصت عليه بكل وضوح المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 359 لسنة 1963 الصادر فى 4 من مارس سنة 1963 - وقد صدر ونشر أخيرا قرار جمهورى بتنظيم بحث تظلمات العاملين فى الدولة الذين يحالون الى المعاش بقرار جمهورى أو يفصلون من الخدمة عن غير الطريق التأديبى ونص هذا القرار الأخير على أن تبحث هذه التظلمات أمام لجنة تشكل بقرار من رئيس الجمهورية من أعضاء اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى العربى، وعلى اللجنة أن تبت فى التظلم قبل مضى ستين يوما من تاريخ تقديمه، فاذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببا ويبلغ صاحب الشأن بالنتيجة بكتاب موصى عليه وغنى عن البيان أنه لا يحتج الى تقديم التظلم من الفصل الى اللجنة المشار اليها، بفوات ميعاد التظلم محسوبا من تاريخ اعلان المطعون عليه بالقرار الصادر بفصله، ذلك أن رفعه للدعوى فى الميعاد أمام المحكمة المختصة يوم رفعها قد حفظ له هذا الميعاد، ويظل هذا الأثر قائما لحين صدور الحكم فيها مهما طال أمد نظرها ما دام الأمر بيد الجهة القضائية المختصة.
2 - اذا كان القضاء الادارى مختصا بنظر الدعوى وقت رفعها ثم اتضح بعد ذلك أنه صار غير مختص بناء على قانون معدل للاختصاص اذا كان ذلك فانه يتعين الزام الحكومة بالمصروفات.


اجراءات الطعن

فى 19 من أغسطس سنة 1961 أودع السيد محامى الحكومة سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم (1643) لسنة 7 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بجلسة 19 من يونيو سنة 1961 فى الدعوى رقم (755) لسنة 8 القضائية المقامة من: جمال الدين محمود الشرنوبى ضد بلدية القاهرة، والذى قضى: (باستمرار صرف راتب المدعى، بصفة مؤقتة لحين الفصل فى طلب الغاء القرار الصادر بفصله، مع الزام الجهة الادارية المصروفات ومقابل الأتعاب). وطلب السيد محامى الحكومة للأسباب التى استند اليها فى تقرير طعنه: (أن تقضى أولا دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم باحالة الطعن الى المحكمة العليا لتقضى فيه بقبوله شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى مع الزام المطعون عليه بالمصروفات وبمقابل الأتعاب). وقد أعلن الطعن رقم (1643) لسنة 7 القضائية الى المطعون عليه فى 2/ 9/ 1961.
وفى 11 من أغسطس سنة 1962 عاد السيد محامى الحكومة وأودع سكرتيرية المحكمة تقرير طعن ثان أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم (1508) لسنة 8 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية السالفة الذكر بجلسة 11 من يونيو سنة 1962 فى الدعوى رقم (1503) لسنة 8 القضائية المقامة من ذات المدعى المذكور أعلاه ضد محافظة القاهرة والذى قضى هذه المرة: (بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، والزام الجهة الادارية المصروفات ومقابل الأتعاب.). وطلب السيد محامى الحكومة للاسباب التى استند اليها فى تقرير طعنه الثانى: (الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع الزام المطعون عليه المصروفات ومقابل الأتعاب.). وقد أعلن هذا الطعن رقم (1508) لسنة 8 القضائية الى المطعون عليه فى 10 من ديسمبر سنة 1963.
وبجلسة 28 من نوفمبر سنة 1964 أمرت دائرة فحص الطعون باجماع الآراء بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بالطعن الأول رقم (1643) لسنة 7 القضائية وباحالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا دائرة أولى للمرافعة. وكانت دائرة فحص الطعون قد نظرت قبل ذلك بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1964 الطعن رقم (1508) لسنة 8 القضائية وقررت احالته لجلسة 28 من نوفمبر سنة 1964 لنظره مع الطعن الأول رقم (1643) لسنة 7 القضائية وفى هذه الجلسة الأخيرة قررت الدائرة احالة هذا الطعن أيضا رقم (1508) لسنة 8 القضائية الى المحكمة الادارية العليا دائرة أولى للمرافعة بجلسة 2 من يناير سنة 1965 وفيها سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقدمت هيئة مفوضى الدولة لدى هذه المحكمة العليا، تقريرا برأيها، وأوصت بما رأته من الغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعويين نزولا على أحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (31) لسنة 1963 فى شأن تعديل أحكام قانون مجلس الدولة وقد عمل به من تاريخ نشره فى 11 من مارس سنة 1963، ثم قررت المحكمة ضم الطعن الأول رقم (1643) لسنة 7 القضائية الى الطعن الثانى رقم (1508) لسنة 8 القضائية للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد بجلسة 27 من فبراير سنة 1965.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعنين المنضمين تتحصل فى أن المطعون عليه (جمال الدين محمود الشرنوبى) أقام الدعوى الأولى رقم (755) لسنة 8 القضائية فى 29 من أبريل سنة 1961 طالبا الحكم له، بصفة مؤقتة بصرف مرتبه حتى يفصل فى الدعوى الموضوعية رقم (1503) لسنة 8 القضائية التى أقامها فى 24 من سبتمبر سنة 1961 طالبا الحكم له بالغاء قرار فصله من الخدمة، وهو القرار الصادر به قرار السيد رئيس الجمهورية رقم (2062) لسنة 1959 واعادته الى الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار مع الزام جهة الادارة المدعى عليها، محافظة القاهرة - المصروفات ومقابل الاتعاب.
وقال المدعى شرحا لدعواه انه عين بخدمة بلدية القاهرة، بوظيفة ملاحظ بتفتيش المبانى بقسم المتخلفات بالادارة العامة لمجارى القاهرة وذلك اعتبارا من 10 من أكتوبر سنة 1950 ومنذ ذلك التاريخ وهو قائم بعمله على وجه سليم حتى دبر له أحد المقاولين تهمة "الرشوة" وادعى على غير الحقيقة أن المدعى طالبه بمبلغ من النقود فى مقابل التغاضى عن مخالفات ارتكبها المقاول.
ثم أبلغ المقاول الرقابة الادارية التى أجرت فى خصوص هذا الموضوع شئونها، وقدم المدعى فعلا للمحاكمة بتهمة الرشوة فى القضية رقم "631/ 101" لسنة 1959 جنايات أمن الدولة العليا بناء على هذا الاتهام. ثم قضت محكمة جنايات أمن الدولة ببراءة المدعى مما أسند اليه وذلك بجلستها المنعقدة فى 19/ 12/ 1960، ولكن فى غضون الفترة التى قضاها المدعى فى السجن رهن المحاكمة صدر "قرار رئيس الجمهورية بفصله من الخدمة" ولم يعلن اليه القرار طوال مدة سجنه، فلما قضى ببراءته وعلم بمضمون القرار الصادر برقم 2062 لسنة 1959 تظلم منه بالطريق الادارى المعتاد، فلم يجد استجابة لتظلمه فتقدم بطلب لاعفائه من رسوم الدعوى أمام القضاء الادارى وأجيب الى طلبه بجلسة 16 من أبريل سنة 1961، واستطرد المدعى يقول أن السند المبرر لفصله وهو ارتكاب جناية الرشوة، قد أضحى بعد صدور حكم البراءة غير قائم على سبب صحيح من الحق أو الواقع. - وقدمت الشئون البلدية بمحافظة القاهرة مذكرة بالرد على الدعوى أوضحت فيها أنه بتاريخ 22 من أكتوبر سنة 1959 قبضت شرطة الرقابة بالنيابة الادارية على المدعى (جمال الدين محمود الشرنوبى) متلبسا بجناية رشوة، وقد أحيل الى محكمة جنايات أمن الدولة العليا. وفى 15 من نوفمبر سنة 1959 صدر القرار الجمهورى رقم (2062) بفصل المدعى من الخدمة مع حفظ حقه فى المعاش أو المكافأة. وأوضحت المذكرة ظروف ووقائع جناية الرشوة التى نسبت الى المدعى فأشارت الى أن أحد المقاولين كان قد أبلغ قسم الرقابة بالنيابة الادارية أن المدعى، وهو موظف بقسم المتخلفات بالادارة العامة للمجارى بالشئون البلدية لمحافظة القاهرة، قابله وأفهمه أنه خالف القانون اذ سمح لعماله بصرف مياه الرشح الناتجة من عملية ترميم وتوسيع مسرح حديقة الأزبكية فى المجارى العمومية دون الحصول على اذن من البلدية. وأن هذه المخالفة عقوبتها غرامة قدرها عشرة جنيهات عن كل يوم من أيام الصرف. وقد طلب المدعى من المقاول خمسة جنيهات لكى يتغاضى عن تحرير محضر المخالفة.
ثم قام ضابطان من قسم الرقابة الادارية بالحصول على أذن من النيابة بتفتيش المدعى وسلموا المقاول ورقة مالية من فئة (الخمسة جنيهات) وفى الميعاد المتفق عليه حضر المدعى والمقاول وأحد مساعديه، وقام المقاول بتسليم المدعى الخمسة جنيهات التى وضعها المدعى فى يده اليسرى الا أنه عند مداهمة رجال الشرطة بادر باسقاطها من يده، وبناء على ذلك تم القبض على المدعى، وحبس احتياطيا. ومن ثم صدر قرار السيد المدير العام لبلدية القاهرة رقم (1735) لسنة 1959 المؤرخ 24/ 11/ 1959 بوقف المدعى عن عمله مع ايقاف صرف مرتبه تطبيقا للمادة 96 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وفى 28/ 11/ 1959 نشر بالجريدة الرسمية العدد (280) قرار السيد رئيس الجمهورية رقم (2062) لسنة 1959 المؤرخ 15/ 11/ 1959 بفصل المدعى من وظيفته مع حفظ حقه فى المعاش أو المكافأة، وصدر تنفيذا لذلك قرار السيد المدير العام لبلدية القاهرة رقم (1759) لسنة 1959 المؤرخ 2/ 12/ 1959، وبعد أن أحيل المدعى الى محكمة جنايات أمن الدولة العليا فى جناية الرشوة السالف تفصيلها صدر الحكم بتاريخ 19/ 12/ 1960 ببراءة المدعى لعدم كفاية الأدلة. وفى 18/ 1/ 1961 تظلم المدعى من قرار فصله الى وزير الشئون البلدية والقروية. وطلبت البلدية رفض الطلب المستعجل استنادا الى انتفاء أركان الدعوى المستعجلة ولعدم احتمال كسب الدعوى الأصلية المتعلقة بالغاء قرار الفصل لأن المدعى لم يتظلم من قرار الفصل الا فى 8/ 1/ 1961 فى حين أن قرار الفصل صدر فى 15/ 11/ 1959 ونشر فى 28/ 11/ 1959 وأضافت البلدية أن المدعى قد فصل بغير الطريق التأديبى بمقتضى قرار السيد رئيس الجمهورية طبقا للفقرة السادسة من المادة (107) من القانون رقم 210 لسنة 1951 وقد صدر قرار الفصل بباعث من المصلحة العامة وأن حكم البراءة الصادر من محكمة جنايات أمن الدولة العليا لا ينهض مبررا لدفع الشبهات والريب التى أحاطت بالمدعى.
وبجلسة 19 من يونيو سنة 1961 حكمت المحكمة الادارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية (باستمرار صرف راتب المدعى بصفة مؤقتة لحين الفصل فى طلب الغاء القرار الصادر بفصله مع الزام الجهة الادارية المصروفات ومقابل الأتعاب). ثم بجلسة 11 من يونيو سنة 1962 حكمت المحكمة نفسها فى موضوع الدعوى (بقبولها شكلا، وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الادارية المصروفات). وأقامت المحكمة الادارية لوزارة الشئون البلدية حكمها على أن محكمة جنايات أمن الدولة العليا قد قضت ببراءة المدعى من تهمة الرشوة التى نسبت اليه استنادا الى عدم اقتناعها بثبوت واقعة الرشوة. وأن الحكم الجنائى الصادر بالبراءة، وان كان له حجيته فى نطاق ثبوت أو عدم ثبوت التهمة التى كانت محل المحاكمة الجنائية الا أنه لا ينهض مانعا من المؤاخذة الادارية متى أمكن اسناد فعل ايجابى أو سلبى محدد الى الموظف يعد مساهمة منه فى وقوع مخالفة ادارية. وخلصت تلك المحكمة الادارية الى القول بأنه لا يوجد فى أوراق الدعوى الجنائية بعد انتفاء تهمة الرشوة ما يمكن أن ينسب معه الى المدعى فعل ايجابى أو سلبى محدد يعد فى حد ذاته مخالفة ادارية.
ومن حيث أن طعن الحكومة فى الحكمين الصادرين لصالح المطعون عليه، يقوم على أن الحكم الجنائى الصادر ببراءة المطعون عليه من تهمة الرشوة التى استندت اليه لم يكن مبناه (عدم صحة الواقعة أو عدم الجناية) وانما قام على شك ساور المحكمة الجنائية فى الأدلة التى ساقتها النيابة ضد المدعى. فجرى حكم البراءة بما يأتى: (وبما أنه من كل ما سبق تكون التهمة المنسوبة الى المتهم غير قائمة على أدلة كافية للادانة، فيتعين براءة المتهم مما أسند اليه عملا بالمادتين (304، 381) من قانون الاجراءات الجنائية فلهذه الأسباب حكمت المحكمة ببراءة المتهم). ومن حيث أن القرار المطعون فيه قد صدر فى 15/ 11/ 1959 ونشر فى الجريدة الرسمية - العدد (260) فى 28/ 11/ 1959 - وهذا نصه: رئيس الجمهورية، بعد الاطلاع على الدستور المؤقت، وعلى القانون رقم 210 لسنة 1951 قرر:
مادة (1) يفصل من الخدمة السيد/ جمال الدين محمود الشرنوبى الملاحظ بالأقسام العامة للمجارى التابعة لبلدية مدينة القاهرة مع حفظ حقه فى المعاش أو المكافأة.
مادة 2 - على وزير الشئون البلدية والقروية بالاقليم الجنوبى تنفيذ هذا القرار.
ومن حيث انه فى 4 من مارس سنة 1963 صدر قرار السيد رئيس الجمهورية بالقانون رقم (31) لسنة 1963 فى شأن تعديل أحكام قانون مجلس الدولة وقد عمل به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية فى 11/ 3/ 1963 ونص فى مادته الأولى على أن يستبدل بالمادة (12) من القانون رقم (55) لسنة 1959 المشار اليه النص الآتى: (لا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بالنظر فى الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة. ويعتبر من قبيل أعمال السيادة قرارات رئيس الجمهورية الصادرة باحالة الموظفين العموميين الى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم عن غير الطريق التأديبى). واذ كان هذا القانون باعتباره معدلا لاختصاص مجلس الدولة يسرى بأثر مباشر على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الاجراءات قبل تاريخ العمل به ما دام هذا التاريخ واقعا قبل قفل باب المرافعة فى الدعوى، وذلك بالتطبيق لحكم المادة الأولى بند (1) من قانون المرافعات المدنية والتجارية (حكم هذه المحكمة العليا فى طعون مماثلة بجلسة 29 من يونيو سنة 1963) فانه ثم يتعين الحكم بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعويين (755 لسنة 8 القضائية و1503 لسنة 8 القضائية (المحكمة الادارية لوزارة الشئون البلدية) (رقم الطعنين (1643) لسنة 7 القضائية، (1508) لسنة 8 القضائية عليا).
ومن حيث أن الحكم بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الطعن نتيجة صدور القانون رقم 31 لسنة 1963 لا يحول دون المطعون عليه، والتظلم من القرار المطعون فيه أمام اللجنة المختصة المنصوص عليها فى المادة (6) مكرر من قرار مجلس الوزراء الصادر فى 6 من أبريل سنة 1955 بشأن اجراءات التظلم الادارى وطريقة الفصل فيه. وذلك ما نصت عليه بكل وضوح المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم (359) لسنة 1963 الصادر فى 4 من مارس سنة 1963 - وقد صدر ونشر أخيرا قرار جمهورى بتنظيم بحث تظلمات العاملين فى الدولة الذين يحاولون الى المعاش بقرار جمهورى أو يفصلون من الخدمة عن غير الطريق التأديبى ونص هذا القرار الأخير على بحث هذه التظلمات أمام لجنة تشكل بقرار من رئيس الجمهورية من أعضاء اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى العربى، وعلى اللجنة أن تبت فى التظلم قبل مضى ستين يوما من تاريخ تقديمه، فاذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببا ويبلغ صاحب الشأن بالنتيجة بكتاب موصى عليه وغنى عن البيان أنه لا يحتج عند تقديم التظلم من الفصل الى اللجنة المشار اليها، بفوات ميعاد التظلم محسوبا من تاريخ اعلان المطعون عليه بالقرار الصادر بفصله، ذلك أن رفعه للدعوى فى الميعاد أمام المحكمة المختصة يوم رفعها، قد حفظ له هذا الميعاد، ويظل هذا الأثر قائما لحين صدور الحكم فيها مهما طال أمر نظرها ما دام الأمر بيد الجهة القضائية المختصة.
ومن حيث ان القضاء الادارى كان مختصا بنظر الدعويين السالف الاشارة اليهما وقت رفعهما ثم اتضح بعد ذلك أنه صار غير مختص بناء على قانون معدل للاختصاص فانه يتعين الزام الحكومة بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين رقمى 1643 لسنة 7 القضائية و1508 لسنة 8 القضائية شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكمين المطعون فيهما وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعويين 755 لسنة 8 القضائية و1503 لسنة 8 القضائية والزمت الحكومة المصروفات.