أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 240

جلسة 15 من يناير سنة 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة. أديب قصبجى وعضوية السادة المستشارين/ محمد فاضل المرجوشى، وممدوح عطية، وشرف الدين خيرى، وأحمد شوقى المليجى.

(52)
الطعن 701 لسنة 41 القضائية

حكم "حجية الحكم". عمل.
قضاء المحكمة الجنائية ببراءة العامل من تهمة القتل الخطأ لعدم ثبوت قيادته للسيارة بسرعة. رفض الحكم المطعون فيه دعوى التعويض عن الفصل. استناده إلى أن العامل قاد السيارة بسرعة تبرر فصله مخالفة لحجية الحكم الجنائى السابق.
مؤدى نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الاثبات فى المواد المدنية والتجارية أن الحكم الصادر فى المواد الجنائية تكون له حجيته فى الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلا لازما فى وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية فى هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها وعليها أن تلتزم فى بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكى لا يكون حكمها مخالفا للحكم الجنائى السابق له، لما كان ذلك وكان الحكم الصادر فى الجنحة المستأنفة قد قضى ببراءه الطاعن - العامل - من تهمة القتل والإصابة الخطأ وقيادة السيارة بسرعة تزيد على المقرر المسندة إليه. وأقام قضاءه بذلك على ما أورده من أسباب منها أن اسناد الإسراع بالسيارة إلى الطاعن محوط بالشك؛ فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى بالتعويض عن الفصل التعسفى تأسيسا على أن خطأ الطاعن بإسراعه بالسيارة يعد إخلالا بالتزاماته الجوهرية يبرر فصله وهو ذات الخطأ الذى قضى الحكم الجنائى بعدم ثبوته وأهدر بذلك حجية هذا الحكم فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى اوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 333 لسنة 1967 عمال كلى القاهرة على الشركة المطعون ضدها، وانتهى فيها إلى طلب الحكم أصليا بالغاء قرار فصله وإعادته إلى عمله واحتياطيا بالزام الشركة بأن تدفع له مبلغ 1000 جنيه على سبيل التعويض، وقال بيانا لها أنه كان يعمل سائق سيارة بالشركة إلى أن فصلته بتاريخ 16/ 6/ 1966 بدعوى أنه وقع منه حادث تصادم أثناء قيادتة إحدى سياراتها فى 23/ 5/ 1966، وإذ كان هدا الفصل قد تم قبل الحكم نهائيا فى الدعوى الجنائية التى رفعت بشأن هذا الحادث فانه يكون فصلا تعسفيا، ولذلك أقام الدعوى بطلباته المتقدمة. وبتاريخ 17/ 11/ 1970 قضت محكمة أول درجة بالزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن مبلغ 300 جنيه وأقامت قضاءها على أن فصل الطاعن كان بغير مبرر مستندة فى ذلك إلى حجية الحكم الصادر فى الجنحة المستأنفة رقم 1699 سنة 1967 وسط القاهرة ببرائته. استأنف الطاعن هذا الحكم الصادر لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 3840 سنة 1987 ق، كما استأنفته الشركة المطعون ضدها وقيد استئنافها برقم 3515 سنة 1987 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت فى 13/ 6/ 1971 بالغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وأسست قضاءها على أن الادلة التى استند إليها الحكم الجنائى ببراءة الطاعن لا تجوز الحجية. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم، وعرض الطعن على غرفه المشورة فحددت لنظرة جلسة 8/ 12/ 1976 وفيها التزمت النيابة رايها.
وحيث إن الطعن يقوم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك يقول أن يقول أن الحكم أقر الشركة على أنه قاد سيارتها بسرعة زائدة أدت إلى وقوع الحادث بما يعد إخلالا بالتزاماتة الجوهرية يبرر فصله مع أن الحكم الجنائى الصادر فى قضية الجنحة المستأنفة رقم 1699 لسنة 1967 وسط القاهرة قضى ببراءتة مما أسند إليه فى هذا الحادث على أساس انتفاء تلك السرعة، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه بحجية هذا الحكم فأنه يكون قد خالف حكم المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "يكون للحكم الجنائى الصادر من المحكمة الجنائية فى موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة شئ المحكوم به أمام المحاكم المدنية فى الدعاوى التى لم تكن قد فصل فيها نهائيا فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانونى ونسبتها إلى فاعلها ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بنى على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة ولا تكون له هذه القوة إذ كان مبينا على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون" كما تنص المادة 102 من قانون الاثبات فى المواد المدنية والتجارية على أن "لا يرتبط القاضى المدنى بالحكم الجنائى إلا فى الوقائع التى فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضروريا" وكان مؤدى ذلك أن الحكم الصادر فى المواد الجنائية تكون له حجيته فى الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما قد فصل فصلا لازما فى وقوع الفصل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية فى هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلتزمها فى بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكى لا يكون حكمها مخالفا للحكم الجنائى السابق له، لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم الصادر فى الجنحة المستأنفة رقم 1699 سنة 1967 وسط القاهرة بتاريخ 25/ 5/ 1967 أنه قضى ببراءة الطاعن من تهم القتل والإصابة الخطأ وقيادة السيارة بسرعة تزيد على المقرر المسندة اليه وأقام قضاءه بذلك على ما أورده من أسباب منها أن إسناد الاسراع بالسيارة إلى الطاعن محوط بالشك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى تأسيسا على أن خطأ الطاعن بإسراعه بالسيارة يعد إخلالا بالتزاماته الجوهرية يبرر فصله وهو ذات الخطأ الذى قضى الحكم الجنائى السابق بعدم ثبوته، واهدر بذلك حجية هذا الحكم فانه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.