مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 828

(82)
جلسة 6 من مارس 1965

برياسة السيد الأستاذ/ حسن السيد أيوب وكيل المجلس. وعضوية السادة الأساتذة/ ضياء الدين صالح وعادل عزيز وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 1494 لسنة 7 القضائية

طرح النهر وأكله - مواعيد حصر المساحة، وعملية الجاشنى - يحكم هذه المواعيد المادتان 42، 59 من كتاب التعليمات والقوانين والأوامر لمصلحة الأموال المقررة المطبوع سنة 1934 - الميعاد المحدد لعملية الجاشنى يخضع لحكم المادة 42 - لم تحدد هذه المادة أياما معينة بالذات تتم فيها عملية الجاشنى - الميعاد الذى يحكم هذه العملية هو الميعاد المعقول والمناسب الذى يجب أن يسبق موسم الفيضان بمدة معقولة - أساس ذلك.
للتعرف على حقيقة الميعاد الذى يجب أن تنجز فيه عملية الجاشنى بعد عملية حصر المساحة الخاصة بطرح النهر وأكله تورد المحكمة نص المادتين 42، 59 من كتاب التعليمات والقوانين والأوامر لمصلحة الأموال المقررة المطبوع سنة 1934 والذى لا يزال معمولا به حتى تاريخ وقوع المخالفة المنسوبة للطاعن فى سنة 1958 كما يبين ذلك من كتاب هذه المصلحة رقم 2 - 1/ 847 المؤرخ 11/ 7/ 1964 ويجرى صدر المادة الأولى منهما بالآتى: "تبدأ أعمال المساحة لأطيان الجزائر فى 10 يناير من كل سنة ما عدا المواطئ فتبدأ من أول مايو وتقدم دفاتر المساحة أولا بأول من اللجان الى المديرية عن كل بلدة بواسطة المركز بمجرد اتمام اجراءاتها"... ويجرى عجزها بالآتى: "ويجب أن تنتهى مساحة العلو والمرتفعات لغاية منتصف شهر أبريل وأن تنتهى مساحة المواطئ لغاية 15 يونيه للتمكن من أخذ الجاشنى عليها وفحص الشكاوى قبل حلول الفيضان. وعلى المديريات أن تقوم باخطار المصلحة بتاريخ بدء أعمال كل لجنة وتاريخ انتهائها". ويجرى نص المادة 59 بالآتى:
قد حددت المواعيد الآتية لكل جهة تتم فيها واجباتها بدون حاجة الى تجاوزها الا اذا كانت هناك أسباب وجيهة واذا فيتحتم اثبات الأسباب بالأوراق:
أولا: عشرة أيام للجنة الجاشنى عند احالتها عليها لفحص عمل اللجنة الابتدائية.
ثانيا: عشرة أيام للمديرية لمراجعة أوراق البحث بعد اعادتها من لجنة الجاشنى.
ثالثا: عشرة أيام لوجود البحث عند مفتش المالية.
واذ وردت المادة الأخيرة بعد المادة 56 التى تقول "عند مساحة أطيان المواطئ تعمل المساحة على الأطيان الجديدة (طرح البحر) المرتفع منها والمواطئ بقائمة مساحة خاصة بصفة اجمالية بغير ايضاح مفردات وضع اليد ويعمل عنها رسم نظرى مضبوط للدلالة على موقعها، وبعد نص المادة 57 الذى يقول "تقدم اللجنة دفتر المساحة والرسم النظرى، لبحث استمارة رقم 163 بعد الاجابة على الاستعلامات المدرجة لاثبات ما يأتى:
(1) هل نسبة الطرح تبلغ 20% من مقدار أكل البحر بالناحية وفى حالة النفى يتوضح عدد أصحاب العجز.
(2) هل قدمت للجنة معلومات عن وجود شئ من هذا الطرح.
(3) هل يوجد من هذا الطرح مقدار متصل بمرسى المعادى.
(4) اذ كان مقدار الطرح يزيد عن أكل البحر.
(5) توضع ملاحظات اللجنة عما اذا كان الطرح ثابتا ويمكن توزيعه، على أرباب العجز أو أية اجزاء متفرقة تتخلل الفساد.
ومن ثم يكون الميعاد المحدد فى المادة 59 خاصا باجراءات طرح النهر وأكله، أو لعل السبب فى تحديد هذه المواعيد القصيرة هو الرغبة فى معرفة حقيقة الطبيعة والأراضى الجديدة حتى تتخذ اجراءات توزيع طرح النهر على مستحقيه بسرعة عندما كان تعويض اكل النهر عينيا قبل العمل بالقانون رقم 181 لسنة 1957 الذى صدر فى 13/ 7/ 1957 - تراجع الوقائع المصرية فى 13/ 7/ 1957 العدد 53 مكرر "ز" والذى الغى التعويض العينى، ويكون الميعاد الذى حدد فى المادة 42 هو لأعمال لجنة الجاشنى الأخرى غير أعمال طرح النهر واكله وذلك لأن قواعد التفسير تقضى بان اعمال الكلام خير من اهماله ولأنه ليس من المقبول عقلا أن يكون واضع هذه المواد بعد ان حدد الميعاد للجنة الجاشنى فى المادة 42 عاد وحدده لها مرة أخرى فى المادة 59 عن ذات العمل وانما القول الذى يستساغ عقلا هو أن يكون ميقات المادة الأخيرة عما جاء فيها وقد سبق ذكره دون غيره الذى يبقى محكوما بنص المادة السابقة عليها وهى المادة 42، ولو ان عبارة هذه المادة واضحة الدلالة على أن البدء فى عملية الجاشى أمر مندوب اليه حتى لا ترفع الزراعات الشتوية من على الأرض وحتى لا تتغير معالم الطبيعة قبل اجراء عملية الجاشنى وفحص ما عساه أن يقدم من شكاوى عنها أو عن العملية السابقة عليها الا انها لم تحدد أياما معينة بالذات كما فعلت المادة 59 التى تلتها.
ومن حيث أن عملية الجاشنى كما حددتها المادة 93 من الكتاب المشار اليه لا تكون بصفة ابتدائية بل هى اجراء مراقبة وفحص اذ تنص على ما يأتى "بعد التأشير من المدير أو من ينوب عنه على الحوافظ بما تؤخذ عنه جاشنى وانتخاب عشرة أسماء فى المائة بدفاتر البلدة المنتخبة من عمال الشراقى والزرع خفية بالعلو والمنافع تحال المسائل المنتخبة على لجنة الجاشنى لمراجعة أعمال اللجنة الابتدائية فيها واذا كان هناك نقص فى الاجراءات فيجب الغاؤها لاستيفائه أثناء وجودها بالبلدة. فالميعاد الذى يحكم عملية الجاشنى هو ذلك الميعاد المعقول والمناسب الذى يجب أن يسبق موسم الفيضان بمدة معقولة كافية لفحص الأعمال والشكاوى التى تقدم كما يجرى نص المادة 42 آنفة الذكر والذى ان فات ينجم عنه ضرر أو احتمال حصوله بسبب تغيير معالم الطبيعة.


اجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 19 من يولية سنة 1961 أودع الأستاذ حنا ناروز المحامى المقبول أمام هذه المحكمة والمنتدب بموجب القرار الصادر فى طلب الاعفاء رقم 99 لسنة 7 القضائية فى 25/ 6/ 1961 عن السيد/ فخرى دانيال باشا مأمور مالية محافظة أسيوط سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الخزانة بجلسة 27/ 11/ 1960 فى الدعوى رقم 138 لسنة 1 القضائية القاضى بخصم خمسة عشر يوما من راتبه، وطلب الطاعن اعتمادا على أسباب طعنه الغاء الحكم المطعون فيه وبراءته مما أسند اليه مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام المطعون ضدها بالمصروفات، وفى 24 من شهر يولية أعلن الطعن وحددت له جلسة 31/ 10/ 1964 أمام دائرة فحص الطعون وأخطر بها ذوو الشأن فى 5/ 10/ 1964 فقررت احالته الى هذه الدائرة فعينت له جلسة 19/ 1/ 1965 وأخطروا بها فى 20/ 12/ 1964 فسمعت ما رأت ضرورة سماعه من ملاحظات الطرفين على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد مطالعة الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن حاصل واقعات هذه المنازعة يتلخص فى أن النيابة الادارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 138 لسنة 1 القضائية ضد الطاعن وآخرين واسند اليه أنه بصفته رئيسا للجنة الجاشنى أهمل فى عمله بأن استبقى قوائم مساحة ناحيتى جزيرة بهيج وبهيج من أواخر أبريل سنة 1958 حتى 22/ 6/ 1958 دون أخذ الجاشنى على مساحة الأراضى المدونة بقوائم الحصر.
وقد وجهت النيابة الادارية هذا الاتهام بعد أن باشرت تحقيق الشكوى التى أحالتها اليها مصلحة الأموال المقررة وهى من مجهول يقول فيها أن أطيانا زراعية للحكومة تزيد مساحتها على مائة فدان يزرعها شخص يدعى عمر عامر وقد اتفق مع بعض موظفى المديرية على قياس بعض هذه الأراضى وترك بعضها الآخر وطلب الشاكى قياس هذه الأرض وهى الواقعة فى زمام جزيرة بهيج وكذلك قياس أرض الحكومة الواقعة بزمام بلدة بهيج فانتدبت المصلحة لجنة من مهندسين ومساحين فتبين لها وجود 10 فدادين و17 قيراطا متروكة دون حصر من المساح عبد العزيز أحمد محمد وكذلك مساحة قدرها 14 فدانا و4 قراريط و3 أسهم دون حصر متروكة من المساح محمد فهمى عبد المجيد كما تبين لتلك اللجنة أن ناحيتى بهيج وجزيرة بهيج لم يؤخذ عليها جاشنى حتى 22/ 6/ 1958، وفى 27/ 8/ 1958 أحالت المصلحة الأوراق الى النيابة الادارية لتحديد المسئولية فظهر لها أن قوائم المساحة الخاصة بجزيرة بهيج سنة 1958 وردت الى قلم الجزائر بمديرية أسيوط فى 24/ 4/ 1958 وأرسلت الى لجنة الجاشنى فى 28/ 4/ 1958 وأن قوائم مساحة بهيج وردت فى 11/ 3/ 1958 وأحيلت الى لجنة الجاشنى فى 23/ 4/ 1958.
وبسؤال الطاعن قرر انه تعذر أخذ الجاشنى حتى 22/ 6/ 1958 بسبب انتداب عدادى المساحة للعمل فى أطيان الجزائر بمركز البدارى وعندما عاد أحدهم وهو أحمد على فى أواخر أبريل سنة 1958 قام بعمل الجاشنى على بلاد المديرية من الجهة القبلية الى الجهة البحرية ثم كلفه المراقب المالى للمديرية فى 21/ 5/ 1958 بالتفرغ لمراجعة وفحص المستندات المقدمة من مستلمى أطيان طرح النهر واستمر فى هذا العمل حتى حضر مهندس المصلحة واشترك معه فى الحصر يوم 22/ 6/ 1958.
وقال أنه سلم المأمور الثانى الأوراق الداخلة فى خط سيره فقط دون غيرها من الأوراق اعتقادا منه أن المهمة التى كلف بها من المراقب المالى لن تستغرق وقتا طويلا.
ثم خلصت النيابة الادارية الى أن الطاعن مسئول عن ابقائه قوائم المساحة الخاصة بناحيتى بهيج وجزيرة بهيج من أواخر أبريل سنة 1958 حتى 22/ 6/ 1958.
ومن حيث أن تلك المحكمة أصدرت حكمها الآنف ذكره فى 27/ 11/ 1960 وأقامته على أنها تبينت من كتاب مديرية أسيوط المؤرخ 11/ 10/ 1958 أن الطاعن تسبب فى تأخير الأوراق الموجودة بعهدته اذ كان واجبه يقتضى منه اعادتها الى المديرية أو تسليمها لزميله عندما اسند اليه عمل آخر بالمديرية ومن ثم تكون تهمة الاهمال ثابتة قبله ولم يدفعها بشئ مقبول ومن ثم أدانته فيها بأن أوقعت به جزاء الخصم من راتبه آنف الذكر.
ومن حيث ان الطعن بنى على القول بأنه لم يحصل تأخير فى أعمال الجاشنى اذ أتمها قبل 15 من أغسطس سنة 1958 كما تقضى تعليمات مصلحة الأموال المقررة أى قبل حلول موسم الفيضان، عن المدة الواردة فى قرار الاتهام (أواخر أبريل حتى 22/ 6/ 1958) فان أغلبها يقع قبل ورود جميع الحالات المطلوب فحصها ومنها حالات المواطئ التى لا تنتهى منها لجان المساحة الا فى 15 من يونية من كل عام ولا يعتبر يوم 22/ 6/ 1958 ميعادا كافيا لورود الحالات التى تتم فى 15/ 6/ 1958 من قلم المساحة بقلم الضرائب والجزائر ومراجعتها وعرضها على السيد المدير أو نائبه لانتخاب الحالات التى تجرى عليها عملية الجاشنى وأنه لا يعقل أن تتم جميع الحالات فى جميع البلاد فى وقت واحد ولم تحل اليه أوراق بلدة جزيرة بهيج وبهيج بصفة مستعجلة وقد كانت لديه أعمال فى الفترة التى حددها قرار الاتهام بالغة الأهمية وهى مراجعة توزيع طرح النهر بأمر من رؤسائه من 21/ 5/ 1958 الى 21/ 6/ 1958 ولم يكن فى استطاعته القيام بأعمال الجاشنى فى تلك الفترة بسبب عدم وجود عدادى المساحة بالمديرية اذ كانوا جميعا منتدبين للعمل فى مركز البدارى وبمجرد عودة أحدهم فى أواخر أبريل وضع خط سيره فى العمل وقام بتنفيذها حتى صدرت تعليمات فى 21/ 5/ 1958 بالتفرغ لمراجعة وفحص المستندات المقدمة من مستلمى اطيان الطرح واستمر فى هذا العمل حتى 22/ 6/ 1958 ولما فرغ منها قام بانجاز خط سيره فى عملية الجاشنى فأتمها قبل الموعد المحدد فى التعليمات ومن ثم ينهار أساس الاتهام الموجه اليه، أما القول بأنه كان يتعين عليه تسليم الأوراق الى لجنة أخرى فليس من شأنه الا تأخير انجاز العمل اذ أن تلك اللجنة سوف تنتهى من عملها أولا ثم تشرع فى انجاز ما يحال عليها.
ومن حيث أن هيئة مفوضى الدولة قدمت تقريرا وذهبت فيه الى القول بأن التعليمات التى وضعتها مصلحة الأموال المقررة سنة 1934 والتى لا يزال العمل جاريا بها فى سنة 1958 كما يبين كتاب هذه المصلحة رقم 2 - 1/ 847 المؤرخ 11/ 7/ 1964 يقضى بأن لجنة الجاشنى يجب أن تنتهى من عملها فى عشرة أيام من تاريخ احالة الأوراق اليها الا اذا وجد سبب يدعو الى تأخير بحث هذه الأوراق، وفى هذه الحالة يتعين عليها بيان هذا السبب (ترجع المادة 59 منها) واذ أحيلت أوراق ناحية بهيج الى لجنة الجاشنى فى 23/ 4/ 1958 كما أحيلت اليها أوراق ناحية جزيرة بهيج فى 28/ 4/ 1958 ولم يشرع الطاعن فى مراجعتها خلال مدة العشرة أيام المنصوص عليها بالمادة 59 آنفة الذكر بل أبقاها لديه دون اتخاذ أى اجراء حتى 22/ 6/ 1958 فتكون المخالفة ثابتة فى حقه ثبوتا كافيا ولا يعفيه من المسئولية القول بوجوب الانتظار حتى ترد جميع الحالات ومنها حالة المواطئ اذ لم يثبت من الاوراق أن بلدتى جزيرة بهيج وبهيج بهما مواطئ ولا كذلك القول بأن أوراقهما لم تحل الى اللجنة التى يرأسها بصفة عاجلة لأن المادة 59 آنفة الذكر لم تفرق بين حالة وأخرى ولا يجديه القول بأن أعمالا أخرى ذات أهمية كانت محالة عليه فى تلك الفترة لأنه كان يتعين عليه اخطار رؤسائه بما يكلف به من أعباء تحول بينه وبين مباشرة العمل المطلوب منه فى الميعاد المحدد وأن يترك لهم حرية تقدير اتخاذ الاجراء المناسب، وكذلك لا يعفيه من المسئولية القول بعدم حصول ضرر مادى نتيجة لعدم قيامه بواجبه على الوجه الأكمل وان كان ذلك يعتبر سببا لتخفيف هذه المسئولية، وقد راعته المحكمة المطعون فى حكمها، ومن ثم يكون هذا الحكم سديدا ويتعين بالتالى رفض الطعن والزام الطاعن بمصروفاته.
ومن حيث أن ادارة قضايا الحكومة قدمت مذكرة بدفاع مصلحة الأموال المقررة المطعون ضدها قالت فيها ان التعليمات حددت المواعيد الواجب مراعاتها لانجاز الاعمال التى كلف بها الطاعن وهى عشرة أيام من تاريخ احالة الأوراق اليه واذ الثابت فى دفاعه أنه لم يقم بأخذ الجاشنى حتى 22/ 6/ 1958 رغم استلامه قوائم المساحة فى 23/ 4/ 1958 و28/ 4/ 1958 فانه يكون قد أهمل فى أداء واجبه وخالف التعليمات ومن ثم قامت مسئوليته، أما ما ذهب اليه من أنه لا يوجد ما يمنع من أخذ الجاشنى حتى تاريخ الفيضان ففيه مخالفة للتعليمات الصريحة (المادة 59) وليس ثمة دليل يسند هذا القول، وكذلك قوله بعدم وجود عداد مساحة وكذلك قوله بأن أعمالا أخرى ذات أهمية كانت محالة عليه وقد حمله تقرير المراقب المالى مسئولية تأخيره فى اتخاذ ما كلف به فى الميعاد المحدد ومن ثم يكون معترفا بابقاء هذه الأوراق لديه مدة تزيد على شهرين ويكون قد أخل بواجبات وظيفته وهى التى نصت عليها التعليمات والقواعد التنظيمية العامة واستشهدت فى هذا المقام بحكم هذه المحكمة فى الطعن رقم 1134 لسنة 2 القضائية الصادر بجلسة 5/ 1/ 1957 - (المنشور فى مجموعة السنة الثانية من القواعد القانونية ص 315) ومن ثم طلبت رفض الطعن والزام الطاعن بالمصروفات.
ومن حيث أن الطاعن قدم مذكرة بدفاعه ذكر فيها أن مصلحة الأموال المقررة أوردت فى دفاعها فقرة من المادة 59 من التعليمات وتجاهلت المواد 56، 57، 58 وهى مرتبطة بها وكذلك لم تورد كل ما جاء فى المادة 59 من فقرات أخرى كما تجاهلت حقائق واقعية وهى عدم وجود أطيان مواطئ بناحيتى بهيج وجزيرة بهيج مع أن أوراقهما وردت اليه فى 17/ 5/ 1958 برقم 126 والثانية فى 5/ 8/ 1958 برقم 187 وما تقصده المادة 59 هى الأعمال الخاصة بمباحث طرح النهر وأكله التى كانت تعمل على الاستمارة 163 أموال مقررة فى ظل القانون رقم 48 لسنة 1932 ثم القانون 73 لسنة 1953 الخاص بطرح النهر وأكله فالأوراق البى عنتها المادة 59 هى استمارة 163 ثم صدر القانون رقم 181 لسنة 1957 فى شأن طرح النهر وأكله فى يوليه سنة 1957 بالغاء القانون رقم 73 لسنة 1953 وكل نص يتعارض مع القانون الذى قضى بالغاء التعويض العينى ومنها الغاء المباحث التى كانت تعمل على الاستمارة 163 وكذلك التعليمات الخاصة بها لعدم الحاجة اليها وأصبحت المواد الأربع آنفة الذكر غير ذات موضوع ومن ثم يكون الميعاد القانونى الذى يعتبر به هو الذى نصت عليه المادة 42 من التعليمات وهى تنتهى لجنة الجاشنى من عملها قبل فيضان النيل وتغيير معالم الطبيعة ومن ثم لم يرتكب أى اهمال وأن ما أصابه من جزاء الحق به ضررا جسيما اذ حرمه من الترقية دون وجه حق ولما أن أدركه المعاش وجد راتبه قد خفض شهريا بأكثر من خمسة جنيهات فيكون قد ختم حياته الوظيفية بظلم بين أصابه وهو الذى قام بواجبه على الوجه الاكمل ومن ثم صمم على طلباته الواردة فى صحيفة طعنه.
ومن حيث أن مثار البحث فى هذه المنازعة هو معرفة الميعاد الذى يجب أن تنجز فيه عملية الجاشنى بعد عملية المساحة وهل هو الذى نصت عليه المادة - 42 من التعليمات أم الذى نصت عليه المادة - 59 منها، وهل هذا الميعاد محدد بأيام معينة أم هو الميعاد المعقول والمناسب لهذه العملية.
ومن حيث أنه للتعرف على حقيقة الميعاد تورد المحكمة نص المادتين آنفى الذكر من كتاب التعليمات والقوانين والأوامر لمصلحة الأموال المقررة المطبوع سنة 1934 والذى لا يزال معمولا به حتى تاريخ وقوع المخالفة المنسوبة الى الطاعن فى سنة 1958 كما يبين ذلك من كتاب هذه المصلحة رقم 12/ 847 المؤرخ 11/ 7/ 1964 ويجرى صدر المادة الأولى منهما بالآتى: "تبدأ أعمال المساحة لأطيان الجزائر فى 10 يناير من كل سنة ما عدا المواطئ فتبدأ من أول مايو وتقدم دفاتر المساحة أولا بأول من اللجان الى المديرية عن كل بلدة بواسطة المركز بمجرد اتمام اجراءاتها" ... ويجرى عجزها بالآتى: ويجب أن تنتهى مساحة العلو والمرتفعات لغاية منتصف شهر أبريل وأن تنتهى مساحة المواطئ لغاية 15 يونية للتمكن من أخذ الجاشنى عليها وفحص الشكاوى قبل حلول الفيضان.
وعلى المديريات أن تقوم باخطار المصلحة بتاريخ بدء عمل كل لجنة وتاريخ انتهائها.ويجرى نص المادة - 59 بالآتى:
قد حددت المواعيد الآتية لكل جهة تتم فيها واجباتها بدون حاجة الى تجاوزها الا اذا كانت هناك أسباب وجيهة واذا فيتحتم اثبات هذه الاسباب بالاوراق.
أولا: عشرة أيام للجنة الجاشنى عند أحالتها عليها لفحص عمال اللجنة الابتدائية.
ثانيا: عشرة أيام للمديرية لمراجعة أوراق البحث بعد أعادتها من لجنة الجاشنى.
ثالثا: عشرة أيام لوجود البحث عند مفتش المالية.
واذ وردت المادة الاخيرة بعد المادة - 56 التى تقول "عند مساحة أطيان المواطئ تعمل المساحة على الأطيان الجديدة "طرح البحر" المرتفع منها والمواطئ بقائمة مساحة خاصة بصفة اجمالية بغير ايضاح مفردات وضع اليد ويعمل عنها رسم نظرى مضبوط للدلالة على موقعها" وبعد نص المادة - 57 الذى يقول. "تقدم اللجنة دفتر المساحة والرسم النظرى لبحث استمارة رقم 163 بعد الاجابة على الاستعلامات المدرجة به لاثبات ما يأتى:
(1) هل نسبة الطرح تبلغ 20% من مقدار أكل البحر بالناحية وفى حالة النفى يتوضح عدد أصحاب العجز.
(2) هل قدمت اللجنة معلومات عن وجود شئ من هذا الطرح.
(3) هل يوجد من هذا الطرح مقدار متصل بمرسى المعادى.
(4) اذا كان مقدار الطرح يزيد عن أكل البحر.
(5) توضع ملاحظات اللجنة عما اذا كان الطرح ثابتا ويمكن توزيعه، على أرباب العجز أو أية اجزاء متفرقة تتخلل الفساد.
ومن حيث أنه يترتب على ذلك أن يكون الميعاد المحدد فى المادة 59 خاصا باجراءات طرح النهر وأكله، ولعل السبب فى تحديد هذه المواعيد القصيرة هو الرغبة فى معرفة حقيقة الطبيعة والأراضى الجديدة حتى تتخذ اجراءات توزيع طرح النهر على مستحقيه بسرعة عندما كان تعويض أكل النهر عينيا قبل العمل بالقانون رقم 181 لسنة 1957 الذى صدر فى 13/ 7/ 1957 تراجع الوقائع المصرية فى 13/ 7/ 1957 العدد 53 مكرر "ز" والذى الغى التعويض العينى، ويكون الميعاد الذى حدد فى المادة - 42 هو لأعمال لجنة الجاشنى الأخرى غير أعمال طرح النهر وأكله وذلك لأن قواعد التفسير تقضى بأن أعمال الكلام خير من اهماله ولأنه ليس من المقبول عقلا أن يكون واضع هذه المواد بعد أن حدد الميعاد للجنة الجاشنى فى المادة 42 عاد وحدده لها مرة أخرى فى المادة 59 عن ذات العمل وانما القول الذى يستساغ عقلا هو أن يكون ميقات المادة الأخيرة عما جاء فيها وقد سبق ذكره دون غيره الذى يبقى محكوما بنص المادة السابقة عليها وهى المادة 42، ولو أن عبارة هذه المادة واضحة الدلالة فى أن البدء فى عملية الجاشنى أمر مندوب اليه حتى لا ترفع الزراعات الشتوية من الأرض وحتى لا تتغير معالم الطبيعة قبل اجراء عملية الجاشنى وفحص ما عساه أن يقدم من شكاوى عنها وعن العملية السابقة عليها الا أنها لم تحدد أياما معينة بالذات كما فعلت المادة 59 التى تلتها.
ومن حيث ان عملية الجاشنى كما حددتها المادة - 93 من الكتاب المشار اليه لا تكون بصفة ابتدائية بل هى اجراء مراقبة وفحص اذ تنص على ما يأتى "بعد التأشير من المدير أو من ينوب عنه على الحوافظ بما يؤخذ عنه جاشنى وانتخاب عشرة أسماء فى المائة بدفاتر البلدة المنتخبة من أعمال الشراقى والزرع خفية بالعلو والمنافع تحال المسائل المنتخبة على لجنة الجاشنى لمراجعة أعمال اللجنة الابتدائية فيها واذا كان هناك نقص فى الاجراءات فيجب الغاؤها لاستيفائه أثناء وجودها بالبلدة.
ومن حيث ان الميعاد الذى حددته المادة - 59 هو ما جاء خاصا بمباحث أكل النهر وطرحه على سبيل الحصر وليست منها حالة منسوبة للطاعن وانه لم يحصل ضرر لاحد بسبب عدم تغيير معالم الطبيعة ومن ثم يكون القول بتطبيق حكم المادة 59 على الطاعن ومحاسبته على أساس نصوصها واعتبار ما وقع منه أخلالا بواجبه لمخالفته لهذه المادة على غير أساس من القانون اذ الميعاد الذى يحكم اعماله هو ذلك الميعاد المعقول والمناسب الذى يجب ان يسبق موسم الفيضان بمدة معقولة كافية لفحص الاعمال والشكاوى التى تقدم كما يجرى نص المادة - 42 آنفة الذكر والذى ان فات ينجم عنه ضرر أو احتمال حصوله بسبب تغيير معالم الطبيعة.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه وقد أدان الطاعن على أساس مخالفته حكم المادة - 59 آنفة الذكر يكون حكما مخالفا للقانون ويتعين الغاؤه وبراءة الطاعن مما أسند اليه.
ومن حيث ان المطعون ضدها أصابها الخسر فى الطعن فتحمل عبء مصروفاته وذلك اعمالا لنص المادة - 357 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما نسب اليه والزمت الحكومة المصروفات.