مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 838

(83)
جلسة 7 من مارس 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومى نصار ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 2395 لسنة 6 القضائية

موظف - مرتب - انتهاء الخدمة بقرار من مجلس الوزراء - نص المادة 115 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على استحقاق الراتب فى هذه الحالة الى اليوم الذى يبلغ فيه بقرار الفصل - استثناء يرد على أصل هو عدم استحقاق الراتب بعد انتهاء الخدمة أيا كان سبب انتهائها - وجوب تفسيره تفسيرا ضيقا مرتبطا بعلته ومتصلا بحكمته - مصادفة الأصل المتقدم حالة واقعية قائمة بالموظف بسبب استمرار اعتقاله - عدم تعارض ذلك مع غرض المشرع من افتراض انقطاع الموظف عن مباشرة عمله فور انتهاء خدمته وزوال حقه فى مزايا وظيفته - لا يغير من هذا الحكم حصول الانقطاع عن العمل بعد انتهاء الوظيفة بعذر أو بغير عذر، بقوة غالبة تمنع من هذه المزاولة أو لمانع لا يبلغ هذا المدى - أساس ذلك.
ان المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة تنص على أن من أسباب انتهاء خدمة الموظف الفصل بقرار من مجلس الوزراء، وحددت المادة 115 من القانون المذكور أمد استحقاق الموظف لراتبه فى هذه الحالة فقررت حقه فيه الى اليوم الذى يبلغ فيه بالقرار الصادر بفصله من الخدمة.
والأصل فى استحقاق الموظف لراتبه هو قيامه بأعباء وظيفته فعلا أو قانونا اذ لا أجر بلا عمل.
ويستفاد من الحكم الوارد فى صدر المادة 115 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة ان الاصل المؤصل الا يستحق الموظف مرتبه بعد اليوم الذى تنتهى فيه خدمته، أيا كان سبب انتهائها، لذلك حرص الشارع فى تعداده لأسباب انتهاء الخدمة على أن يربط أمد استحقاق الموظف لراتبه ببلوغ خدمته أجلها واذا صح أنه أورد فى الفقرة الاخيرة من المادة 115 من قانون نظام موظفى الدولة حكما يثبت للموظف ذلك الاستحقاق بعد انتهاء خدمته فانما أورد ذلك مورد الاستثناء الذى ينبغى تفسيره تفسيرا ضيقا مرتبطا بعلته ومتصلا بحكمته ولم يدر بخلد المشرع علة لما قدره الا أن الموظف وقد حجب عنه العلم بانهاء خدمته، وظل عاكفا على مزاولة وظيفته ينبغى من باب العدل أن يجرى على هذا الموظف راتبه فى مقابل خدمته، حتى لا يجتمع عليه الم الحرمان من الوظيفة، ومرارة التسخير بغير أجر. اذ الاصل ألا أجر بعد انتهاء الخدمة، فاذا صادف هذا الأصل حالة واقعية قائمة بالموظف بسبب استمرار اعتقاله آنذاك كانت هذه المصادفة غير متعارضة مع غرض المشرع من افتراض انقطاعه عن مباشرة عمله فور انتهاء خدمته وزوال حقه فى مزايا وظيفته واذن فلا محل للبحث فيما اذا كان انقطاع المدعى عن عمله بعد انتهاء الخدمة حاصلا بعذر أو بغير عذر، بقوة غالبة منعته قهرا من هذه المزاولة، أو لمانع لا يبلغ هذا المدى، لا يبحث فى كل ذلك ما دام الانقطاع غير حاصل خلال قيام الوظيفة قانونا وانما الذى ينبغى بحثه، هو أن الموظف انقطع عن العمل فعلا فلا يستحق أجرا، أو لم ينقطع عنه فيستحق هذا الأجر الى اليوم الذى يبلغ فيه بقرار الفصل.


اجراءات الطعن

بتاريخ 10/ 8/ 1960 أودع الاستاذ محمود عيسى عبده المحامى والوكيل عن السيد/ محمد محمد ماضى قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2395 لسنة 6 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بتاريخ 3/ 11/ 1959 فى الدعوى رقم 55 لسنة 12 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد محمد ماضى ضد وزارة التربية والتعليم والقاضى برفض الدعوى والزام المدعى مصروفاتها. وقد أعلن الطعن للمطعون ضده بتاريخ 16/ 8/ 1960 وحدد لنظره أمام المحكمة جلسة 22/ 11/ 1964 وبعد ان سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت أرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 55 لسنة 2 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم طالبا الحكم باستحقاقه لمرتبه عن المدة من 1/ 5/ 56 الى 15/ 9/ 1956 وما يترتب على ذلك من آثار فى المكافأة وغيرها والزام المدعى عليه المصروفات ومقابل الاتعاب شارحا دعواه بأنه حصل على دبلوم دار العلوم فى مايو سنة 1933 والتحق بالمدارس الحرة من سنة 1933 ثم التحق بمصلحة الأملاك فى 22/ 7/ 1936 ونقل الى وزارة التربية والتعليم من 17/ 1/ 1947 وظل يتدرج فى الوظائف حتى وصل الى الدرجة الرابعة. وفى أول سبتمبر سنة 1954 اعتقل ثم أفرج عنه فى 18/ 6/ 1956 وفصل بقرار مجلس الوزراء الصادر فى 2/ 5/ 1956 ولم يخطر الا فى 15/ 9/ 1956، وقد امتنعت الوزارة عن صرف مرتبه ابتداء من 1/ 5/ 1956 وهذا يخالف نص المادة 115 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التى تقضى فى فقرتها الأخيرة بأن الموظف الذى يفصل بقرار مجلس الوزراء يستحق مرتبه الى اليوم الذى يبلغ فيه القرار ومن ثم فان حقه فى أن يأخذ مرتبه من 1/ 5/ 1956 الى تاريخ ابلاغه بقرار الفصل فى 15/ 9/ 1956، وقد أجابت الوزارة بأن مجلس قيادة الثورة قرر فى 1/ 5/ 1956 فصل المدعى هو واخرين مع حفظ حق كل منهم فى المعاش او المكافأة وقد وافق مجلس الوزراء على ذلك بجلسة 2/ 5/ 1956 واخطر المدعى بالقرار بواسطة منطقة بنى سويف التعليمية التابع لها فوقع على الكتاب بالعلم فى 10/ 7/ 1956 وبذلك ينحصر حقه فى المدة من 1/ 5/ 1956 الى 10/ 7/ 1956 لا فى 15/ 9/ 1956 كما ذكر خطأ فى عريضة دعواه. هذا فضلا عن أن المدعى كان معتقلا حتى 18/ 6/ 1956 حسبما جاء فى عريضة دعواه ومن ثم فانه لم يتسلم عمله بمدرسة المعلمات العامة ببنى سويف من 1/ 5/ 1956 الى 10/ 7/ 1956 ولما كان الأجر مقابل العمل فان دعواه على غير أساس ويتعين رفضها والزامه المصروفات.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه استجاب الى دفاع الوزارة وقضى برفض الدعوى والزام المدعى المصروفات.
ومن حيث ان الطاعن يطعن فى هذا الحكم طالبا قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء باستحقاق الطاعن لراتبه عن المدة من 1/ 5/ 1956 الى 15/ 9/ 1956 وما يترتب على ذلك من آثار والزام الوزارة مصروفات الدعوى ومقابل اتعاب المحاماة، ويستند فى ذلك الى أن الفقرة الأخيرة من المادة 115 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تحدد تاريخ استحقاق الموظف الذى تنتهى خدمته بسبب الغاء الوظيفة بمرسوم أو بأمر جمهورى أو بقرار من مجلس الوزراء فقررت حقه فى الراتب الى اليوم الذى يبلغ فيه القرار غير مشترطة استمرار قيامه بالعمل حتى هذا التاريخ، كما فات الحكم أن الطالب كان معتقلا فى جزء كبير من المدة التى يطالب فيها بمرتبه وهو سبب يأخذ حكم القوة القاهرة التى تسقط التكاليف.
ومن حيث أن المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة تنص على أن من أسباب انتهاء خدمة الموظف الفصل بقرار من مجلس الوزراء، وحددت المادة 115 من القانون المذكور أمد استحقاق الموظف لراتبه فى هذه الحالة فقررت حقه فيه الى اليوم الذى يبلغ فيه القرار الصادر بفصله من الخدمة. والأصل فى استحقاق الموظف لراتبه هو قيامه بأعباء وظيفته فعلا أو قانونا اذ لا أجر بلا عمل.
ويستفاد من الحكم الوارد فى صدر المادة 115 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة أن الاصل المؤصل الا يستحق الموظف مرتبه بعد اليوم الذى تنتهى فيه خدمته، أيا كان سبب انتهائها، لذلك حرص الشارع فى تعداده لأسباب انتهاء الخدمة على أن يربط أمد استحقاق الموظف لراتبه ببلوغ خدمته أجلها واذا صح أنه أورد فى الفقرة الأخيرة من المادة 115 من قانون نظام موظفى الدولة حكما يثبت للموظف ذلك الاستحقاق بعد انتهاء خدمته فانما أورد ذلك مورد الاستثناء الذى ينبغى تفسيره تفسيرا ضيقا مرتبطا بعلته ومتصلا بحكمته ولم يدر بخلد المشرع علة لما قدره الا أن الموظف وقد حجب عنه العلم بانتهاء خدمته، وظل عاكفا على مزاولة وظيفته ينبغى من باب العدل أن يجرى على هذا الموظف راتبه فى مقابل خدمته، حتى لا يجتمع عليه ألم الحرمان من الوظيفة، ومرارة التسخير بغير أجر. اذ الأصل الا أجر بعد انتهاء الخدمة، فاذا صادفت هذا الأصل حالة واقعية قائمة بالموظف بسبب استمرار اعتقاله آنذاك كانت المصادفة غير متعارضة مع غرض المشرع من افتراض انقطاعه عن مباشرة عمله فور انتهاء خدمته وزوال حقه فى مزايا وظيفته واذن فلا محل للبحث فيما اذا كان انقطاع المدعى عن عمله بعد انتهاء الخدمة حاصلا بعذر أو بغير عذر، بقوة غالبة منعته قهرا من هذه المزاولة، أو لمانع لا يبلغ هذا المدى، لا يبحث فى كل ذلك ما دام الانقطاع غير حاصل خلال قيام الوظيفة قانونا وانما الذى ينبغى بحثه، هو أن الموظف انقطع عن العمل فعلا فلا يستحق أجرا، أو لم ينقطع عنه فيستحق هذا الأجر الى اليوم الذى يبلغ فيه قرار الفصل.
ومن حيث أن الثابت من الاوراق ان المدعى اعتقل من 1/ 9/ 1954 الى 18/ 6/ 1956 ووافق مجلس الوزراء بتاريخ 2/ 5/ 1956 على فصله من الخدمة مع الاحتفاظ بحقه فى المعاش أو المكافأة المستحقة له. وان الادارة صرفت له مرتبه حتى 30/ 4/ 1956 وانه على أثر اطلاق سراحه من الاعتقال، لم يباشر عمل الوظيفة اطلاقا حتى اليوم الذى أبلغ فيه قرار الفصل من الخدمة.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه اذ بنى قضاءه فى رفض دعوى المدعى على أنه كان معتقلا من 1/ 9/ 1954 الى 18/ 6/ 1956 وعلى انه بالتالى لم يقم بأى عمل بعد تاريخ فصله بقرار مجلس الوزراء الصادر فى 2/ 5/ 1956 حتى أبلغ قرار الفصل المشار اليه، يكون هذا الحكم قائما على أساس سليم من القانون مما يتعين معه رفض الطعن فيه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزمت المدعى بالمصروفات.