مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 843

(84)
جلسة 7 من مارس 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ الدكتور أحمد موسى، وعلى محسن مصطفى، وعبد الفتاح بيومى نصار، وحسنين رفعت حسنين - المستشارين.

القضية رقم 1016 لسنة 7 القضائية

( أ ) موظف - تعيين تحت الاختبار - ترقية - مدة الاختبار - المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فى شأنها، المادة 11 من المرسوم الصادر باللائحة التنفيذية لهذا القانون- هذا التعيين ليس نهائيا باتا، وموقف الموظف أثناء فترة الاختبار - معلق ولا يستقر الا بعد قضائها وانحسام موقفه بقرار من الادارة بصلاحيته للبقاء فيها أو عدم صلاحيته - اثر ذلك - امتناع الترقية خلال فترة الاختبار.
(ب) موظف - تعيين تحت الاختبار - ضم مدة خدمة سابقة فى الحكومة تزيد على فترة الاختبار - عدم اعتبار ذلك تعيينا جديدا فى حكم المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - الاعفاء من قضاء فترة الاختبار فى هذه الحالة منوط بتوافر شرطين: الأول - تعيين الموظف فى ذات الدرجة وفى ذات الكادر، والثانى - أن يكون التعيين فى ذات الوظيفة أو فى الأقل فى وظيفة متفقة فى طبيعتها مع الوظيفة الجديدة - تخلف هذين الشرطين أو أحدهما يجعل اعادة التعيين تعيينا لأول مرة فى حكم المادة 19 سالفة الذكر.
1 - تنص المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة على أن "يكون التعيين لأول مرة فى أدنى الدرجات بوظائف الكادرين الفنى العالى والادارى، ويكون التعيين فى وظائف الكادر الفنى المتوسط فى الدرجتين السابعة والثامنة حسب الوظيفة المطلوب التعيين فيها، ويكون التعيين فى وظائف الكادر الكتابى فى وظائف الدرجتين الثامنة والتاسعة وذلك مع عدم الاخلال بما جاء فى الفقرة الأخيرة من المادة 40 ويكون التعيين فى الوظائف المشار اليها تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر" ومدة الاختبار على ما سبق أن قضت به هذه المحكمة هى فترة زمنية فعلية أراد الشارع أن يظل الموظف خلالها تحت رقابة الجهة الادارية وأشرافها المباشر لامكان الحكم على مدى صلاحيته للعمل الحكومى المسند اليه وعلى كيفية نهوضه بمسئوليات وظيفته وما يتطلبه من استعداد خاص لاتصال ذلك بالمرفق العام ويؤيد قضاء هذه المدة ما نصت عليه المادة 11 من المرسوم الصادر فى 12 من يناير 1953 باللائحة التنفيذية للقانون 210 لسنة 1951 فى شأن نظام موظفى الدولة من أن "يدون الرئيس المباشر ملاحظاته شهريا على عمل الموظف المعين تحت الاختبار، وذلك على النموذج الذى يعده ديوان الموظفين وتعرض هذه الملاحظات على الرئيس الأعلى للرئيس المباشر فى نهاية مدة الاختبار ليضع تقريرا على النموذج سالف الذكر موضحا به رأيه وأسانيده" ومقتضى هذا أن تعيين الموظف لا يكون فى مدة الاختبار المنصوص عليها فى المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 نهائيا باتا، بل أن بقاءه فى الوظيفة بعد تعيينه فيها يكون منوطا بقضائه فترة الاختبار على ما يرام، أى أن موقف الموظف المعين تحت الاختبار هو موقف وظيفى معلق أثناء تلك الفترة، اذ لا يستقر وضعه القانونى فى الوظيفة الا بعد قضاء الفترة المذكورة وانحسام موقف الموظف بقرار من الجهة الادارية من حيث الصلاحية للبقاء فيها أو عدمها، ومتى كان الأمر معلقا على هذا النحو وكان قضاء فترة الاختبار على ما يرام شرطا لازما للبقاء فى الوظيفة، فان الترقية الى الدرجة التالية قبل قضاء هذه الفترة واستقرار وضع الموظف بصفة نهائية باجتيازه اياها بنجاح تكون ممتنعة، اذ يترتب عليها اخراج الموظف من أدنى الدرجات واعفائه من فترة الاختبار التى لا تكون الا فى هذه الدرجة الدنيا والاقرار له بالكفاية وبصلاحيته قبل الأوان مع أنه لم تكتمل له أسبابها وأخصها عنصر الخدمة الفعلية وعامل الزمن وبذلك يغل يد جهة الادارة عن ممارسة حقها المقرر لها بمقتضى المادة 19 من قانون نظام موظفى الدولة فى فصله من وظيفته لعدم الصلاحية اذ ما ثبت لها أنه لم يمض فترة الاختبار على وجه مرضى يسمح باستمراره فى الخدمة.
2 - أنه ولئن كان من المقرر أنه اذا كانت للموظف مدة خدمة سابقة فى الحكومة تزيد على فترة الاختبار، ثم أعيد تعيينه فيها، فان هذا لا يعتبر تعيينا جديدا فى حكم المادة 19، الا أن هذا التعميم ليس على اطلاقه بل يجد حده الطبعى فى لزوم أن تقضى مدة الخدمة السابقة فى ذات الوظيفة أو الدرجة الداخلة فى الهيئة التى يعين فيها الموظف أو يعاد تعيينه فيها بقطع النظر عما عسى أن يكون له من مدد عمل سابقة يجوز حسابها فى تقدير الدرجة والمرتب أو أقدمية الدرجة، ذلك أن نظام الاختبار له مجاله الواجب اعماله فيه، ولضم مدد الخدمة السابقة مجاله الواجب اعماله فيه كذلك - وينبنى على الايضاح السالف أن هناك شرطين ينبغى توافرهما حتى يعفى الموظف من قضاء فترة اختبار جديدة أولهما أن يعين الموظف فى ذات الدرجة وفى ذات الكادر وثانيهما أن يكون تعيينه الجديد فى ذات الوظيفة أو فى الأقل أن تكون الوظيفة السابقة متفقة فى طبيعتها مع الوظيفة اللاحقة، فان تخلف الشرطان المذكوران كلاهما أو احدهما فان تعيين الموظف فى الوظيفة الجديدة يعتبر تعيينا لأول مرة فى حكم المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سالفة الذكر، ويتعين على الموظف أن يقضى فترة اختبار جديدة لقيام الموجب لها ولتوافر الحكمة التى تغياها الشارع من وراء تقرير فترة الاختبار.


اجراءات الطعن

بتاريخ 26 من مارس سنة 1961 أودعت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن مدير هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية عريضة طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى فى القضية رقم 63 لسنة 13 القضائية بتاريخ 25 من يناير سنة 1961 والقاضى بارجاع أقدمية المطعون ضده فى الدرجة الخامسة الى 10 من يوليه سنة 1958 مع الزام الطاعن بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة، وطلبت الطاعنة للاسباب الواردة فى عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع الزام المدعى بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجتين، وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 25 من مايو سنة 1963 فقررت احالته الى المحكمة الادارية العليا حيث نظر بجلسة 10 من يناير سنة 1965 وأرجى النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تجمل حسبما يبين من أوراقها فى أن المدعى (المطعون ضده) أقام دعوى أمام محكمة القضاء الادارى بعريضة أودعت سكرتيريتها فى 21 من أكتوبر سنة 1958 طالبا فيها الحكم بعدم تأثير القرار الصادر فى 24 من أبريل سنة 1954 بالترقية الى الدرجة الخامسة على أقدميته فى هذه الدرجة بحيث ترجع أقدميته فى الدرجة المذكورة الى تاريخ القرار سالف الذكر - وقال شرحا لدعواه أنه تخرج فى كلية التجارة عام 1951 وعين بالدرجة السادسة الفنية العالية بوزارة التربية والتعليم فى 10 من نوفمبر سنة 1951 وأنه تقدم لامتحان ديوان الموظفين لشغل وظيفة مفتش حسابات بمصلحة التليفونات عام 1956 واجتاز الامتحان وصدر قرار تعيينه بتاريخ 30 من سبتمبر سنة 1956 بشغله للوظيفة المذكورة بالكادر الادارى تحت الاختبار لمدة سنتين وقد طالب بضم مدة خدمته السابقة فوافقت الهيئة على ضمها ومنح علاوته الدورية على أساس اتصال خدمته السابقة وأنه قد تولى عمله فى الهيئة وقام به خير قيام. الأمر الذى دعا رؤساءه الى التوصية بانتهاء فترة الاختبار أسوة بزملائه الذين تماثل حالاتهم حالته والذين انتهت فترة اختبارهم فى أقل من المدة التى حددت لهم وقال المدعى أنه تقدم بعدة التماسات طلب فيها انهاء فترة اختباره لا سيما وأن الادارة ضمنت له مدة خدمته السابقة وفى هذا اعتراف منها بأن طبيعة عمله السابق متفقة مع عمله الجديد وأسوة بزملائه الذين انتهت فترة اختبارهم رغم أنهم ليست لهم مدة خدمة سابقة، واستطرد المدعى أنه بتاريخ 24 من أبريل سنة 1958 صدر القرار الوزارى رقم 828 بترقية بعض زملائه الى الدرجة الخامسة الادارية مع حجز أحدى الدرجات له، وبتاريخ 4 من مايو سنة 1958 صدر القرار الوزارى رقم 81 بانهاء فترة اختباره، وبتاريخ 20 من يوليه سنة 1958 صدر قرار بترقيته الى الدرجة الخامسة الادارية ولم يراع القرار المذكور ارجاع أقدميته الى 24 من أبريل سنة 1958 تاريخ ترقية زملائه، وأنه تظلم من حركة 24 من أبريل سنة 1958 منبها الى ضرورة انهاء فترة اختباره أسوة بزملائه الذين استفادوا من الحركة المذكورة وأضاف المدعى أن المادة (19) من قانون التوظف والخاصة بفترة الاختبار انما تتحدث عن العمل بالحكومة لأول مرة وهذا مخالف لحالته نظرا الى أن له مدة خدمة سابقة وافقت الادارة على ضمها وأن ما جاء برد مدير المستخدمين على أحد التماساته بأن عدم أنهاء فترة اختباره يرجع الى اختلاف طبيعة عمله السابق مع طبيعة عمله الجديد قول جانبه الصواب لأن ضم المدة اقرار بوحدة الطبيعة بين العملين - وقد ردت الجهة الادارية على الدعوى بأن دفعت بعدم قبولها شكلا استنادا الى أن القرار رقم 81 قد صدر فى 21 من يوليه سنة 1958 وأنه نشر بتاريخ 4 من أغسطس سنة 1958 فى حين أن المدعى أقام دعواه فى 21 من أكتوبر سنة 1958، وأما عن الموضوع فقد ذكرت الهيئة أن المدعى كانت له مدة خدمة سابقة بوزارة التربية والتعليم وأنه طالب بضمها بالتماسه المؤرخ فى 21 من أكتوبر سنة 1956 وأن الهيئة استطلعت رأى ديوان الموظفين فى هذا الضم وأشار الديوان بتاريخ 24 من مارس سنة 1957 بجواز الضم وفقا لكتابه الدورى رقم 5 لسنة 1953 وأن الكتاب لم يشترط اتحاد طبيعة العمل الا بالنسبة لمن لهم مدة خدمة سابقة فى غير الحكومة، وبتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1957 تقدم المدعى بالتماس يطلب فيه انهاء فترة اختباره المحددة بقرار تعيينه حيث أنه قضى فترة اختبار بوزارة التربية والتعليم وليس هناك ما يدعو الى اعادة هذه الفترة بالهيئة ولذلك يحق له الترقية الى الدرجة الخامسة، فاستطلعت الهيئة رأى ديوان الموظفين بكتابها رقم ج 788/ 24 - 72 بتاريخ 5 من ديسمبر الذى أفاد بعدم جواز ترقية المدعى الا بعد انتهاء فترة اختباره بغض النظر عن وجود أو عدم وجود مدة خدمة سابقة ذلك أن الترقية ليست مناطها الأقدمية فقط بل الأقدمية والصلاحية معا، كما أفاد الديوان بأنه لا يمكن القول بأن الموظف الذى قضى فترة اختبار بوزارة التربية والتعليم يصبح صالحا للعمل بوزارة المواصلات بغير فترة اختبار اذ أن طبيعة العمل فى الجهتين مختلفة - فقضت محكمة القضاء الادارى بارجاع أقدمية المدعى فى الدرجة الخامسة الادارية الى 24 من أبريل سنة 1958 تاريخ صدور هذا القرار المطعون فيه، وألزمت الهيئة المدعى عليها المصروفات - ومقابل أتعاب محامى المدعى، وبنت قضاءها من ناحية الشكل، على أن الثابت أن القرار الادارى المطعون فيه بالدعوى الحالية رقم 128 بترقية زملاء المدعى الى الدرجة الخامسة الادارية قد صدر بتاريخ 24 من أبريل سنة 1958، وقد بادر المدعى بالتظلم منه اداريا الى جهة الادارة فى 5 من يونيه سنة 1958 والثابت من مراجعة ملف التظلم أن الجهة الادارية حينما تلقت التظلم قامت باخطار المدعى فى 23 من يونيه سنة 1958 بورود تظلمه وأنه قيد بالسجلات وستتخذ الاجراءات اللازمة لفحصه وأخطاره بالنتيجة قانونا، وقامت الجهة الادارية باحالة التظلم الى مفوض الدولة لبحثه وقد ظل هذا البحث مستمرا الى أن أعد مفوض الدولة مذكرة برأيه بتاريخ 30 من سبتمبر سنة 1958 وقد أشار المفوض برفض التظلم بتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1958، ثم قامت الجهة الادارية باخطار المدعى برفض تظلمه الأمر الذى تنتفى معه قرينة الرفض الحكمى بمرور ستين يوما من تاريخ تقديم التظلم واذ قام المدعى خلال الستين يوما التالية لاخطاره برفض تظلمه برفع دعواه أمام هذه المحكمة بتاريخ 21 من أكتوبر سنة 1958 فالدعوى على هذا الاعتبار تكون قد استوفت أوضاعها واجراءاتها الشكلية - وأردفت المحكمة بالنسبة للموضوع بأن الثابت من الأوراق أن المدعى عين بالهيئة بوظيفة مفتش حسابات بالدرجة السادسة الادارية اعتبارا من 30 من سبتمبر سنة 1956 وقد كانت له مدة خدمة سابقة بوزارة التربية والتعليم منذ 10 من نوفمبر سنة 1951 بالدرجة السادسة بالكادر الفنى العالى، وعلى ذلك يسرى فى شأن ضم مدة خدمته السابقة قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من ديسمبر سنة 1952 ولا جدال فى أنه يستفاد من القرار المذكور أنه يشترط لجواز ضم مدد الخدمة السابقة سواء أكانت حكومية أو غير حكومية أن يكون العمل السابق متفقا فى طبيعته مع العمل الجديد اللاحق بحيث يكسب الموظف خبرة تفيده فى أداء عمله الجديد، ولا شك فى أن الحكمة التى تدور حولها جمبع القرارات الصادرة بجواز ضم مدد الخدمة السابقة والتى يتعين تفسير هذه القرارات فى ضوء الحكمة منها انما تقضى باشتراط تجانس طبيعة العملين السابق واللاحق أو أن يكون على الأقل العمل السابق مهما كان مصدره قد أكسب الموظف خبرة يفيد منها فى عمله الجديد الذى يناط به أداؤه - واذا قامت الجهة الادارية بتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من ديسمبر سنة 1952على حالته فقامت بضم مدة خدمته بالتدريس بوزارة التربية والتعليم الى مدة خدمته بالهيئة فان مؤدى هذا التطبيق أن طبيعة العمل السابق بالتدريس يتفق مع طبيعة العمل بالهيئة، وعلى ذلك فلم يكن هناك ثمة حاجة الى أن يكون تعيين المدعى بالهيئة تحت الاختبار لمدة سنتين طالما أن الثابت أن الاختبار المقول به سبق أن مر به المدعى حينما كان يعمل بالتدريس بوزارة التربية والتعليم، وأضاف الحكم المذكور أنه مما يؤكد وجهة النظر سالفة الذكر أن مؤدى الفقرة الثالثة من المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أن بقاء الموظف بعد تعيينه يكون منوطا بقضائه فترة الاختبار على ما يرام، أى أن موظف الموظف المعين تحت الاختبار هو موقف وظيفى معلق أثناء تلك الفترة اذ لا يستقر وضعه القانونى فى الوظيفة الا بعد قضاء فترة التعليق وانحسام موقف الموظف بقرار من الجهة الادارية من حيث الصلاحية ولا شك أن هذا كله لا يكون الا فى حالة تعيين الموظف لأول مرة، أما اذا كانت للموظف مدة خدمة سابقة تزيد على الفترة المقررة للاختبار ثم أعيد تعيينه فان هذا التعيين لا يعتبر جديدا فى حكم المادة 19 المذكورة يستتبع وضع الموظف تحت الاختبار مرة أخرى، وأنه ينبنى على ذلك أنه ليس لجهة الادارة أن تتخذ هذا الاجراء الخاص ذريعة لتخطى المدعى فى الترقية الى الدرجة الخامسة خلال سنتى الاختبار المزعوم - واذ كان المدعى أقدم من زملائه محمد سلطان محمد ومحمد محمود عبد الرحمن ونجيب محمد عبد الخالق وبشاى لوما عجايبى وسعد الدين مصطفى، فمن ثم يتعين الغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى الدرجة الخامسة الادارية وأرجاع أقدميته فى هذه الدرجة الى 24/ 4/ 1958 - فطعنت الجهة الادارية على هذا الحكم بأن دعوى المدعى غير مقبولة شكلا بمقوله أن القرار المطعون فيه صدر فى 20/ 7/ 1958 ونشر فى جميع فروع الهيئة فى 11/ 10/ 1958 فى حين أن عريضة الدعوى أودعت بتاريخ 21 من أكتوبر سنة 1958 بعد الميعاد وأردفت بالنسبة للموضوع بأن هذه الدعوى على غير أساس، ذلك أن الموظف الذى قضى فترة بوزارة التربية والتعليم لا يمكن أن يكون صالحا للعمل بوزارة المواصلات بغير اختبار لان طبيعة العمل فى الوزارتين مختلفه ولا شأن فى ذلك بضم مدة الخدمة السابقة فقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا تعرضت فيه لناحية الشكل، فذكرت أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم 828 بترقية زملاء المدعى (المطعون ضده) الى الدرجة الخامسة الادارية قد صدر بتاريخ 24 من ابريل سنة 1958، وقد بادر المدعى بالتظلم منه اداريا الى الجهة الادارية بتاريخ 5 من يونيه سنة 1958 وحين تلقت الجهة الادارية التظلم المذكور أخطرت المدعى (المطعون ضده) فى 23 من يونيه سنة 1958 بورود تظلمه وقيده فى ذلك التاريخ وأنها ستتخذ الاجراءات اللازمة لعرضه واخطاره بالنتيجة، ثم قامت الجهة الادارية باخطار المدعى برفض تظلمه فى 6 من أكتوبر سنة 1958 فقام برفع دعواه أمام محكمة القضاء الادارى بتاريخ 21 من أكتوبر سنة 1958، واذ راعى المطعون ضده مواعيد الطعن بالالغاء المقررة فى القانون رقم 165 لسنة 1955 محسوبة من تاريخ ورود التظلم وقيده فى السجلات فى 23 من يونيه سنة 1958 ولم يغفل المشرع بيان طريقة حساب ميعاد الطعن القضائى ضبطا لهذه المواعيد وتنفيذا لأحكام القانون فى هذا الصدد قرر مجلس الوزراء بقراره الصادر فى 6 من ابريل سنة 1955 بيان طريقة التظلم الادارى وطريقة الفصل فيه وأنشاء سجل خاص يبين فيه تاريخ تقديم التظلمات، ومن ثم يتعين تحديد ميعاد الطعن على أساس حسابه من تاريخ تقديم التظلم وقيده برقم مسلسل فى السجل الخاص، لا من تاريخ تحريره أو من أى تاريخ آخر، واذ كانت الجهة الادارية أخطرت المطعون ضده بورود تظلمه وقيده فى 23 من يونيه سنة 1958 فمن الطبيعى أن يعتبر المطعون ضده أن هذا هو التاريخ الذى يبدأ منه حساب مواعيد الطعن بالالغاء طالما أن النظر فى تظلمه لن يبدأ الا من هذا التاريخ، وليس من المنطق أن يطالب المطعون ضده باغفال هذا التاريخ والتغاضى عنه والاعتداد بتاريخ أرساله للتظلم أو من أى تاريخ غيره ما دامت الحكمة من مدة الستين يوما التى حددها المشرع وطلب من المتظلم من القرار الادارى انتظار فواتها أنما هى منح جهة الادارة المهلة اللازمة لبحث التظلم والبت فيه وأردفت الهيئة بالنسبة للموضوع بأن مجرد كون المطعون ضده له مدة خدمة سابقة قضاها فى الحكومة، وكون هذه المدة قد ضمت له أقدمية الدرجة التى أعيد تعيينه فيها ليس من شأنه أن يعطل حكم المادة 19 من القانون 210 لسنة 1951 فى حقه طالما أن فترة الاختبار المنصوص عليها فى هذه المادة قد شرعت لحكمة جوهرية هى أن تتحقق جهة الادارة من صلاحية الموظف للوظيفة، فاذا كانت مدة الخدمة السابقة التى ضمت للمطعون ضده قد قضيت فى وظيفة مدرس لغة ومواد اجتماعية، فانها تكون بعيدة كل البعد عن الوظيفة التى أعيد تعيينه فيها وهى وظيفة مفتش حسابات ولا تكون المدة التى قضاها ممارسا لوظيفة التعليم بذات أثر فى صلاحيته وكفايته لممارسة وظيفة مفتش حسابات، ومن ثم تكون الهيئة المذكورة محقة كل الحق فى تعيين المطعون ضده فى وظيفته الجديدة تحت الاختبار لمدة سنتين، وعلى الأخص أن مدة خدمته السابقة اذا كانت قد ضمت طبقا لقرار مجلس الوزراء فى 17 من ديسمبر سنة 1952 فلانها قضيت فى ذات الدرجة التى أعيد تعيينه فيها وهى الدرجة السادسة وفى ذات الكادر وهو الكادر العالى، ولم يكن مراعيا فى ضمها اتحاد طبيعة العمل فى الحالتين وذهبت الهيئة فى ختام تقريرها الى تأييد الطعن.
ومن حيث أنه فيما أثاره الطعن من ناحية الدفع الشكلى بعدم قبول الدعوى، فقد قامت هيئة مفوضى الدولة بالتعرض له على النحو السالف بيانه، وانتهت الى رفضه وهذه المحكمة ترى أن ما ذهبت اليه هذه الهيئة سليم للاسباب التى بنى عليها ومن ثم يتعين الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى.
ومن حيث أنه بالنسبة للموضوع فان نص المادة (19) من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة تنص على أن "يكون التعيين لأول مرة فى (أدنى) الدرجات بوظائف الكادرين الفنى العالى والادارى ويكون التعيين فى وظائف الكادر الفنى المتوسط فى الدرجتين السابعة والثامنة حسب الوظيفة المطلوب التعيين فيها، ويكون التعيين فى وظائف الكادر الكتابى فى وظائف الدرجتين الثامنة والتاسعة وذلك مع عدم الاخلال بما جاء فى الفقرة الأخيرة من المادة 40 ويكون التعيين فى الوظائف المشار اليها تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر" ومدة الاختبار على ما سبق أن قضت به هذه المحكمة هى فترة زمنية فعلية أراد الشارع أن يظل الموظف خلالها تحت رقابة الجهة الادارية واشرافها المباشر لامكان الحكم على مدى صلاحيته للعمل الحكومى المسند اليه وعلى كيفية نهوضه بمسئوليات وظيفته وما يتطلبه من استعداد خاص لاتصال ذلك بالمرفق العام ويؤكد قضاء هذه المدة ما نصت عليه المادة 11 من المرسوم الصادر فى 12 من يناير سنة 1953 باللائحة التنفيذية للقانون 210 لسنة 1951 فى شأن نظام موظفى الدولة من أن" يدون الرئيس المباشر ملاحظاته شهريا على عمل الموظف المعين تحت الاختبار، وذلك على النموذج الذى يعده ديوان الموظفين وتعرض هذه الملاحظات على الرئيس الأعلى للرئيس المباشر فى نهاية مدة الاختبار ليضع تقريرا على النموذج سالف الذكر موضحا رأيه وأسانيده" ومقتضى هذا أن تعيين الموظف لا يكون فى مدة الاختبار المنصوص عليها فى المادة (19) من القانون رقم 210 لسنة 1951 نهائيا باتا، بل أن بقاؤه فى الوظيفة بعد تعيينه فيها يكون منوطا بقضائه فترة الاختبار على ما يرام، أى أن موقف الموظف المعين تحت الاختبار هو موقف وظيفى معلق أثناء تلك الفترة، اذ لا يستقر وضعه القانونى فى الوظيفة الا بعد قضاء الفترة المذكورة وانحسام موقف الموظف بقرار من الجهة الادارية من حيث الصلاحية للبقاء فيها أو عدمها، ومتى كان الأمر معلقا على هذا النحو وكان قضاء فترة الاختبار على ما يرام شرطا لازما للبقاء فى الوظيفة، فان الترقية الى الدرجة التالية قبل قضاء هذه الفترة واستقرار وضع الموظف بصفة نهائية باجتيازه اياها بنجاح تكون ممتنعة، اذ يترتب عليها اخراج الموظف من أدنى الدرجات واعفائه من فترة الاختبار التى لا تكون الا فى هذه الدرجة الدنيا والاقرار له بالكفاية وبصلاحية قبل الأوان مع أنه لم تكتمل له أسبابها وأخصها عنصر الخدمة الفعلية وعامل الزمن وبذلك يغل يد جهة الادارة عن ممارسة حقها المقرر لها بمقتضى المادة (19) من قانون نظام موظفى الدولة فى فصله من وظيفته لعدم الصلاحية اذا ما ثبت لها أنه لم يمض فترة الاختبار على وجه مرضى يسمح باستمراره فى الخدمة.
ومن حيث أنه ولئن كان من المقرر انه اذا كانت للموظف مدة خدمة سابقة فى الحكومة تزيد على فترة الاختبار، ثم أعيد تعيينه فيها، فان هذا لا يعتبر تعيينا جديدا فى حكم المادة (19) الا أن هذا التعميم ليس على أطلاقه بل يجد حده الطبعى فى لزوم أن تقضى مدة الخدمة السابقة فى ذات الوظيفة أو الدرجة الداخلة فى الهيئة التى يعين فيها الموظف أو يعاد تعيينه فيها بقطع النظر عما عسى أن يكون له من مدد عمل سابقة يجوز حسابها فى تقدير الدرجة والمرتب أو أقدمية الدرجة ذلك أن نظام الاختبار له مجاله الواجب أعماله فيه، ولضم مدة الخدمة السابقة مجاله الواجب أعماله فيه كذلك - وينبنى على الايضاح السالف ان هناك شرطين ينبغى توافرهما حتى يعفى الموظف من قضاء فترة اختبار جديدة أولهما أن يعين الموظف فى ذات الدرجة وفى ذات الكادر وثانيهما أن يكون تعيينه الجديد فى ذات الوظيفة أو فى الأقل أن تكون الوظيفة السابقة متفقة فى طبيعتها مع الوظيفة اللاحقة، فان تخلف الشرطان المذكوران كلاهما أو أحدهما فان تعيين الموظف فى الوظيفة الجديدة يعتبر تعيينا لأول مرة فى حكم المادة (19) من القانون 210 لسنة 1951 سالفة الذكر، ويتعين على الموظف أن يقضى فترة اختبار جديدة لقيام الموجب لها ولتوافر الحكمة التى تغياها الشارع من وراء تقرير فترة الاختبار.
ومن حيث أنه باستظهار حالة المدعى فى ضوء المبادئ السالف بيانها يبين أن المدعى حصل على بكالوريوس التجارة دور أول سنة 1951 وصدر اذن بتعيينه برقم (4) فى التعليم الحر مدرسا اعتبارا من 12 من نوفمبر سنة 1951 بمرتب شهرى قدره 12 جنيها فى الدرجة 15 - 25 (السادسة) بعقد حرف أ قابل للتجديد لمدة سنة أخرى بعد المدة الأولى التى تنتهى بنهاية المسامحة الصيفية سنة 1952 - ثم صدر الاذن رقم 2458 بتاريخ 11 من يوليه سنة 1953 بنقله الى الكادر الجديد فى الدرجة 15 - 25 ومنحه الزيادة وقدرها 3 جنيهات اعتبارا من أول يوليه سنة 1953، وبتاريخ أول أكتوبر سنة 1956 تقدم بطلب استقالة من التعليم الحر اعتبارا من 2 من أكتوبر سنة 1956 وقد قبلت هذه الاستقالة اعتبارا من التاريخ المذكور، ورفع اسمه من سجلات الوزارة بناء عليها، والمستقى من الأوراق أنه كان يعمل أثناء خدمته بوزارة التربية مدرسا للغة وللمواد الاجتماعية والثابت من ملف خدمته أنه أثناء خدمته بوزارة التعليم كان قد تقدم لمسابقة ديوان الموظفين الصادر بها الاعلان رقم 8 لسنة 1956 عن وظيفة مفتش حسابات من الدرجة السادسة الادارية (يراجع كتاب المدير العام للاختبار والتمرين)، وأنه صدر فعلا الأمر الادارى رقم 1525 بتاريخ 30 من سبتمبر سنة 1956 وأشير فى ديباجته الى كتاب ديوان الموظفين رقم 185/ 1/ 1 بتاريخ 3 من سبتمبر سنة 1956 المتضمن ترشيح المدعى للتعيين بمصلحة التليفونات بعد نجاحه فى امتحان مسابقة الاعلان المذكور، والى قرار القومسيون الطبى لمصلحة السكك الحديدية رقم 393 بتاريخ 10 من سبتمبر سنة 1956 بلياقته للخدمة بوظيفة مفتش، والى مسوغات تعيينه التى أشير باستيفائه اياها، ونص هذا القرار على أنه "اعتبارا من اليوم يعين المدعى تحت الاختبار لمدة سنتين بوظيفة مفتش بالدرجة السادسة الادارية (180/ 300) الخالية بالميزانية بماهية مقدارها مائة وثمانون جنيها فى السنة"، وقد أخطر المدعى بهذا القرار، ووقع عليه باستلامه الصورة الخاصة به وذلك فى 2 من أكتوبر سنة 1956 وقد تسلم عمله فعلا بادارة الحسابات مفتشا للحسابات بقسم التفتيش الحسابى بالقاهرة. وبتاريخ 21 من أكتوبر سنة 1956، تقدم بطلب لضم خدمته بوزارة التربية والتعليم اعتبارا من 18 من نوفمبر سنة 1951 الى 2 من أكتوبر سنة 1956 تطبيقا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من ديسمبر سنة 1952 وقد رأى ديوان الموظفين بكتابه المؤرخ 24 من مارس سنة 1957 بأنه طبقا لكتابة الدورى رقم 5 لسنة 1953 يجوز ضم مدة خدمته السابقة التى قضاها بوزارة التربية والتعليم اعتبارا بأن هذا الكتاب لم يشترط اتفاق طبيعة العمل الا بالنسبة لمن لهم مدد خدمة سابقة غير حكومية وقد صدر فعلا اذن بضم مدة الخدمة المذكورة وأعتبر فى الدرجة السادسة من 10 من نوفمبر سنة 1951 وبتاريخ 12 من أكتوبر سنة 1957 تقدم بطلب أراد به انهاء مدة اختباره الا أن طلبه هذا لم يلق قبولا من المصلحة، وأيدها فى ذلك ديوان الموظفين طبقا لكتابية المؤرخين 31 من ديسمبر سنة 1957 و18 من مارس سنة 1958 مؤسسا وجهة نظره على اختلاف طبيعة العمل السابق عن العمل اللاحق وظل المدعى على هذه الحال الى أن صدر القرار رقم 871 فى 4 من مايو سنة 1958 بانهاء فترة اختباره اعتبارا من هذا التاريخ لقضائه مدة تزيد على العام على ما يرام وصدر بعد ذلك القرار رقم 81 فى 20 من يوليه سنة 1958 بترقيته الى الدرجة الخامسة اعتبارا من 10 من يوليه سنة 1958 ويبين من الاستعراض السالف بيانه للوقائع أن المدعى الحق بالوظيفة الجديدة مفتشا للحسابات بقرار تعيين جديد مما استتبع اتخاذ كافة الاجراءات الخاصة بهذا التعيين من دخول المسابقة، فالترشيح للوظيفة واستيفاء مسوغات التعيين ووضع المدعى تحت الاختبار، وعلم المدعى بذلك فى حينه وقد جاء هذا الاجراء الذى اتخذته جهة الادارة مع المدعى مطابقا لحكم القانون، وذلك لتخلف شرط جوهرى فى حقه اذ أن طبيعة عمله فى الوظيفة السابقة "كمدرس للغة وللعلوم الاجتماعية" مختلفة عن طبيعة وظيفته "مفتش حسابات". واذا كان الأمر كذلك فان تعيين المدعى فى وظيفة مفتش حسابات يعتبر تعيينا لأول مرة فى هذه الوظيفة بما يستوجب وضعه تحت الأختبار المدة المقررة قانونا لتوافر الحكمة التى شرع من أجلها حكم المادة (19) سالفة الذكر والتى تهدف الى التحقق من صلاحية الموظف للقيام بأعباء الوظيفة الجديدة، واذ كان مركز المدعى القانونى خلال هذه الفترة لم يزل معلقا ولم يكن بعد منحسما بتقرير صلاحيته للوظيفة فانه لم يكن يسوغ قانونا ترقيته بموجب القرار المطعون فيه.
ومن حيث أنه اذ ذهب الحكم المطعون فيه على خلاف هذا المذهب فانه يكون قد أخطأ فى تفسير القانون وتأويله مما يتعين معه قبول الطعن شكلا وفى الموضوع القضاء بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعى مع الزامه بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزمت المدعى بالمصروفات.