أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 341

جلسة 2 من فبراير سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجورى، وصلاح نصار، وأحمد صلاح الدين وهدان.

(69)
الطعن رقم 564 لسنة 39 القضائية

(1، 2) إصلاح زراعى. إيجار. اختصاص.
(1) اختصاص لجان الفصل فى المنازعات الزراعية. فى 148 لسنة 1962. المنازعات بشأن الأفضلية بين مستأجرى الأرض الزراعية. لا تندرج ضمن الاختصاص الانفرادى لهذه اللجان.
(2) اختصاص لجان الفصل فى المنازعات الزراعية. ق54 لسنة 1966. تزاحم مستأجرى الارض الزراعية. لا يدخل ضمن حالات الاختصاص الانفرادى لهذه اللجان.
(3) وكالة. إيجار.
صدور عقد إيجار للوكيل. اعتبار حيازته من قبيل الإشراف بمقتضى الوكالة. لا تناقض.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
سلطة محكمة الموضوع فى بحث الدلائل والمستندات وترجيح ما تطمئن إليه. سلطتها فى عدم الأخذ بالصور الشمسية.
(5) دعوى "تقديم المذكرات". حكم.
تقديم مذكرات خلال فترة الدعوى للحكم وبعد انقضاء الأجل المصرح فيه بذلك. عدم تعويل الحكم على ما جاء بها. لا اخلال بحق الدفاع.
1 - إذ كانت المادة الثالثة من القانون رقم 148 لسنة 1962 بإنشاء لجان الفصل فى المنازعات الزراعية الذى رفعت الدعوى فى ظله وقبل إلغائه بالقانون رقم 54 لسنة 1966 حددت اختصاص هذه اللجان بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام المادة 39 مكررا ( أ ) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى وهى الخاصة بامتداد عقود الإيجار التى تدور حول مقدار المساحة المؤجرة والالتزامات التى يتحملها كل من المالك والمستأجر فى نظام المزارعة وكيفية استخدام السلف النقدية أو العينية فى عقد الزراعة وكان النزاع فى الدعوى يدور حول الأفضلية بين الطاعنة وبين المطعون ضده الأول فى إستئجار أرض النزاع وهو ما لا يندرج ضمن أى من الحالات المشار إليها آنفا، فإنه لا مجال لإخضاعها لما تقضى به المادة الخامسة من ذات القانون من وجوب طرح النزاع على اللجان المنشأة بمقتضاه قبل الالتجاء إلى الجهات القضائية.
2 - إذ كان القانون رقم 54 لسنة 1966 الذى الغى القانون 148 لسنة 1962 صدر أثناء سير الدعوى وقبل الفصل فيها وأورد قواعد جديدة تنظيم اختصاص اللجان التى أنشأها فناط بها وفقا لنص المادة الثالثة منه الفصل فى المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية فى الأراضى الزراعية وما فى حكمها من الأراضى البور والقابلة للزراعة وخصها انفرادا بالفصل فى المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام المواد من إلى 36 مكررا (ز) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى وكل خلاف ينشأ حول استخدام السلف النقدية أو العينية فى عقود الزارعة وجميع الاشكالات المتعلقة بتنفيذ قرارات اللجنة، وحظر على المحاكم وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة السابعة منه النظر فى المنازعات التى تدخل فى اختصاص هذه اللجان المحدد بالفقرة الثانية من المادة الثالثة سالفة الذكر وأوجب إحالة جميع القضايا المنظورة أمام محاكم الدرجة الأولى والتى تدخل فى هذا الاختصاص إلى اللجان المذكورة، وكان مؤدى ذلك أن الشارع خول لجان الفصل فى المنازعات الزراعية اختصاص عاما ينظر المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية فى الأراضى الزراعية وما فى حكمها ثم اختصها وحدها بالفصل فى المنازعات التى أوردها فى الفقرة الثانية من المادة الثالثة، مما مفاده أن المشرع سلب المحاكم اختصاصها بنظر المنازعات الأخيرة وحدها دون المنازعات الإيجارية الأخرى التى جعل للخصوم فيها الخيار بين سلوك الطريق العام برفعها أمام المحاكم أو سلوك الطريق الخاص برفعة أمام لجان الفصل فى المنازعات الزراعية، لما كان ذلك وكان تزاحم المستأجرين لا يدخل فى نطاق المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام المواد من 32 إلى 36 مكررا (ز) من قانون الإصلاح الزراعى، فإن الحكم المطعون فيه إذا انتهى إلى رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظرها يكون قد أصاب صحيح القانون.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص فى حدود سلطته الموضوعية من أقوال الشهود الذين سمعت أقوالهم أمام الخبير إلى أن التأجير تم للمطعون عليه الأول بموافقة الطاعنة التى كانت تحوز الأطيان المؤجرة من قبل بمقتضى وكالتها عن زوجها المؤجر وأن المستأجر المذكور وضع يده على العين المؤجرة اعتبارا من تاريخ التعاقد، لا تناقض بين صدور عقد إيجار إلى الطاعنة عن أرض النزاع وبين اعتبار حيازتها لها من قبيل الإشراف بمقتضى الوكالة الصادرة لها من زوجها المالك إذ ليس ثمة تلازم بين تحرير عقد الإيجار واقترانه بوضع اليد، كما أنه لا تعارض بين قيام هذه الوكالة وثبوت تعامل الطاعنة مع البنك باسمها إذ لا مانع من تعامل الوكيل باسمه لحساب موكله.
4 - المقرر أن لقاضى الموضوع السلطة التامة فى بحث الدلائل والمستندات المقدمة له موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه منها، ولا تثريب عليه إن هو لم ير الأخذ بصور شمسية لأورق قصد التدليل بها فى الدعوى.
5 - إذ كان ما ترمى إليه 168 من قانون المرافعات من عدم جواز قبول الأوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون إطلاع الخصم الآخر عليها إلا كان العمل باطلا إنما هو عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه، وإذ كان الثابت من الاوراق أن المستندات التى تقدم بها المطعون عليه الأول فى فترة حجز الدعوى للحكم تأشر عليها بما يفيدا اطلاع وكيل الطاعنة عليها خلال الفترة المصرح فيها لكل من الطرفين بتقديم كما تأشر عليها من الطاعنة شخصيا، وأن المذكرة المقدمة منه وأن أعلنت إلى الطاعنة بعد انقضاء الميعاد المصرح فيه بتقديم المذكرات إلا إن الحكم المطعون فيه لم يعول على شئ مما جاء بها بل ولم يشر إليها على الإطلاق فلا محل للقول بالإخلال بأى حق للطاعنة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر اوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 19 لسنة 1966 مدنى أمام محكمة العياط الجزئية ضد الطاعنة والمطعون عليها الثانى والثالث طالبا الحكم ضد الأولين وفى مواجهة الأخير بتمكينه من الأرض الزراعية استئجاره وماكينة الرى المبينة بالصحيفة ومنع تعرضهما له فيها وقال شرحا لها أنه بموجب عقد مؤرخ 16/ 3/ 1965 استأجر من المطعون عليه الثانى أطيانا زراعية مساحتها 43 ف و12 ط و6 س وماكينة رى لمدة ثلاث سنوات تبدأ من أول نوفمبر سنة 1964 وتنتهى فى 31 أكتوبر سنة 1967 ولعدم إيداع نسخة من العقد بالجمعية الزراعية المختصة فقد تحرر عقد إيجار جديد فى 20/ 4/ 1965 عن المدة من 1/ 5/ 1965 حتى نهاية أبريل سنة 1968 وأودعت نسخته بالجمعية الزراعية وإذ تعرض له المطعون عليه الثانى والطاعنة فى الانتفاع بالعين المؤجرة بدعوى استئجار الثانية عشرين فدانا منها فقد أقام الدعوى، ودفع المطعون عليه الثانى بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى لتجاوز قيمتها النصاب الجزئى باعتبارها منازعة فى صحة إيجار ومفاضلة بين عقدين، وبتاريخ 20/ 3/ 1966 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى بإحالتها إلى محكمة الجيزة الابتدائية المختصة، وقيدت الدعوى أمامها برقم 480 لسنة 1966 مدنى وقصر المطعون عليه الأول طلباته على تمكينه من مساحة 7 ط و 2 س فقط وأدخل علية الرابع خصما فى الدعوى بصفته حارسا على أطيان النزاع ليصدر الحكم فى مواجهته. أقامت الطاعنة دعوى فرعية ضد والمطعون عليه طالبة الحكم بتمكينها من أرض النزاع ثم حددتها بالـ 11 فدان و6 قراريط المبينة بالمحضر، ودفعت الدعوى الأصلية بعدم قبولها للتجهيل بالمدعى به فيها وبعدم توافر شرط مدة الحيازة السابقة على رفع الدعوى. كما دفعها المطعون عليه الثانى بعدم قبولها لرفعها على غير ذى صفة بعد أن وضعت الأطيان تحت الحراسة القضائية، وبتاريخ 26/ 3/ 1967 حكمت المحكمة (أولا) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى للتجهيل بالمدعى به وبقبولها (ثانيا) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة (ثالثا) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى الفرعية وبقبولها (رابعا) بندب مكتب الخبراء لبيان واضع اليد على أرض النزاع وسببه ومدته وما إذا كانت تدخل ضمن الأطيان المؤجرة للمطعون عليه الأول والطاعنة وكذا بالنسبة للأعيان موضوع الدعوى الفرعية، وبعدم أن قدم الخبير تقريره عادت وحكمت بتاريخ 12/ 5/ 1968 (أولا) فى الدعوى الأصلية بتمكين المطعون عليه الأول من مساحة... الموضحة الحدود والمعالم بالصحيفة ومحضر جلسة 14/ 4/ 1966 (ثانيا) فى الدعوى الفرعية برفضها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1582 لسنة 85 ق القاهرة طالبة الغاءه والقضاء أصليا بعدم اختصاص محكمة أول درجة ولائيا بنظر الدعوى وبعدم قبولها لرفعها قبل الأوان أو لفقدها ركنا من أركانها بوصفها دعوى حيازة واحتياطيا برفضها وفى الدعوى الفرعية الحكم بالطلبات، وبتاريخ 15/ 6/ 1969 حكمت محكمة الاستئناف برفض الدفعين وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وبعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث ان الطعن أقيم على ثمانية أسباب، تنعى الطاعنة بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم قضى برفض الدفعين بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وبعدم قبولها لرفعها قبل الأوان على سند من أن المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1966 حصرت اختصاص لجان الفصل فى المنازعات الزراعية بنظر المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية فى نطاق تطبيق المواد من 32 إلى 36 مكررا من قانون الإصلاح الزراعى وأن هذه المواد لم تنظم حالات التنازع بين طرفى عقد الإيجار والغير أو التزاحم بين المستأجرين فى حين أن الفقرة الثانية من المادة المذكورة لم تحدد اختصاص اللجان بالمنازعات التى تنشأ بين طرفى التعاقد دون تلك التى تنشأ بينهما وبين الغير أو بين المستأجرين فى حالة تزاحمهم، وإنما جعلت الاختصاص شاملا لكافة المنازعات والدعاوى الناشئة عن تطبيق مواد قانون الإصلاح الزراعى المحددة بها، هذا إلى أن الخصومة فى الدعوى لا تعدو أن تكون منازعة بين مؤجر وبين مستأجرين منه، وهذا التعدد لا ينشى غيرا لأنه لا يوثر على طبيعة العلاقة التى يقوم عليها الحق المدعى به، وإذ رفعت الدعوى فى ظل سريان القانون رقم 148 لسنة 1962 قبل أن يعرض النزاع على لجان الفصل المنازعات الزراعية لتصدر قرارها فيه طبقا لما توجبه المادة الخامسة منه فإن الحكم إذ قضى برفض الدفعين يكون قد خالف القانون.
وحيث ان النعى مردود، ذلك أن المادة الثالثة من القانون رقم 148 لسنة 1962 بإنشاء لجان الفصل فى المنازعات الزراعية الذى رفعت الدعوى فى ظله وقبل إلغاءه بالقانون رقم 54 لسنة 1966 حددت اختصاص هذه اللجان بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق المادة 39 مكرر ( أ ) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى وهى الخاصة بامتداد عقود الإيجار والتى تدور حول مقدرا المساحة المؤجرة والالتزامات التى يتحملها كل من المالك والمستأجر فى نظام المزارعة وكيفية استخدام السلف النقدية أو العينية فى عقد المزارعة، وإذ كان النزاع فى الدعوى يدور حول الأفضلية بين الطاعنة وبين المطعون ضده الأول فى استئجار أرض النزاع وهو ما لا يندرج ضمن أى من الحالات المشار إليها آنفا، فإنه لا مجال لإخضاعها لما تقضى به المادة الخامسة من ذات القانون من وجوب طرح النزاع على اللجان المنشأة بمقتضاه قبل الالتجاء إلى الجهات القضائية يكون إذ قضى برفض الدفع بعدم القبول المؤسس على هذه القاعدة قد أصاب صحيح القانون، ولما كان القانون رقم 54 لسنة 1966 الذى ألغى القانون رقم 148 لسنة 1962 صدر أثناء سير الدعوى وقبل الفصل فيها وأورد قواعد جديدة تنظم اختصاص اللجان التى أنشأها فناط بها وفقا لنص المادة الثالثة منه الفصل فى المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية فى الأراضى الزراعية وما فى حكمها من الأراضى البور والصحراوية والقابلة للزراعة وخصها انفرادا بالفصل فى المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام المواد من 32 إلى 36 مكررا (ز) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى وكل خلاف ينشأ حول استخدام السلف النقدية أو العينية فى عقود المزارعة وجميع الإشكالات المتعلقة بتنفيذ قرارات اللجنة، وحظر على المحاكم وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة السابعة منة النظر فى المنازعات التى تدخل فى اختصاص هذه اللجان المحدد بالفقرة الثانية من المادة الثالثة سالف الذكر وأوجب إحالة جميع القضايا المنظورة أمام محاكم الدرجة الأولى والتى تدخل فى هذا الاختصاص إلى اللجان المذكورة، وكان مؤدى ذلك أن الشارع خول لجان الفصل فى المنازعات الزراعية اختصاصا عاما بنظر المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية فى الأراضى الزراعية وما فى حكمها ثم اختصها وحدها بالفصل فى المنازعات التى أوردها فى الفقرة الثانية من المادة الثالثة، مما مفاده أن المشرع سلب المحاكم اختصاصها بنظر المنازعات الأخيرة وحدها دون المنازعات الإيجارية الأخرى التى جعل للخصوم فيها الخيار بين سلوك الطريق العام برفعها أمام المحاكم أو سلوك الطريق الخاص برفعها أمام لجان الفصل فى المنازعات الزراعية، لما كان ذلك وكان تراحم المستأجرين لا يدخل فى نطاق المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام المواد من 32 إلى 36 مكررا (ز) من قانون الإصلاح الزراعى، فإن الحكم المطعون فيه إذا انتهى إلى رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظرها يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعى على غير أساس.
وحيث ان الطاعنة تنعى بالأسباب الثانى والثالث والسابع على الحكم المطعون فيه البطلان والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، وتقول بيانا لذلك أن الحكم لم يبين المطاعن التى وجهتها إلى تقرير الخبير عماد الحكم الابتدائى فى قضائه المؤيد به، أو يشر إلى ما قدمته من مستندات تقطع فى حيازتها لأرض النزاع منذ استئجارها لها، ولم يرد على أوجه الاستدلال بها واقعيا وقانونيا، وأغفل الرد على طلبها إحالة الدعوى إلى التحقيق استجلاء لوجه الحق فى حيازة عين النزاع، ورغم جوهرية أوجه الدفاع هذه فقد أكتفى الحكم بالرد عليها فى إيجاز محل بأنها لا تعدو أن تكون ترديدا لما سبق إثارته أمام محكمة أول درجة والتى ردت عليه بما فيه الكفاية، حالة أن الحكم الابتدائى جاء خلوا من ذلك، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور المبطل والإخلال بحق الدفاع والفساد فى الاستدلال.
وحيث ان النعى مردود، ذلك أن البين من الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أعتمد فى أخذه بتقرير الخبير على قوله "..... وكان الثابت مما تضمنه تقرير السيد الخبير المنتدب والذى تأخذ هذه المحكمة بما انتهى إلية لقيامة على أسس قانونية وفنية سليمة وصحيحة وتطمئن المحكمة إلى ما أدلى أمامه من أقوال الشهود بحسبانها قرائن تأخذ بها، أن الأعيان موضوع التداعى الأصلية، والفرعية تدخل ضمن عقدى الإيجار المحررين لكليهما وأنها كانت فى حيازة المدعى - المطعون عليه الأول - نفاذا لعقده المؤرخ 20/ 4/ 1965 واستمرت فى وضع يده حتى تعرضت له المدعى عليها الثانية - الطاعنة - وصدور قرار من النيابة فى شأن الحيازة الأمر الذى يفيد بذاته أن المدعى قد وضع اليد على العين المؤجرة منذ تاريخ إستئجاره دون المدعى عليها الثانية ولا يقدح فى ذلك قيامها فى مدة سابقة بالإشراف على العين بوصفها وكيلا عن زوجها الملك المؤجر إذ أن الاشراف كوكيل يختلف اختلافا جوهريا عن صفة المستأجر وكان قد ثبت وضع يد المدعى كمستأجر من المالك دون المدعى عليها الثانية فإنه من المتعين إجابته إلى طلبه تمكينه من العين موضوع دعواه "ولما كان من المقرر - فى قضاءه هذه المحكمة - أنه متى كانت محكمة الموضوع قد رأت فى حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالا على الطعون التى وجهها الطاعن إلى ذلك التقرير لأن فى أخذها به محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد فى تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه قد أخذ بتقرير الخبير لاقتناعه بالأسس التى بنى عليها وبما ساقه الحكم من قرائن وما تكتشف له من ظروف الدعوى التى أوردها فى أسبابه وانتهى من هذه الأدلة إلى أن المطعون عليه الأول وضع يده على عين النزاع نفاذا لعقد الإيجار الصادر له من المالك وأنه استمر فى وضع يده حتى تعرضت له الطاعنة فلا يعاب على هذا الحكم بعد ذلك أنه لم يأخذ أو يرد على القرائن التى ساقتها الطاعنة ردا على ما أورده الخبير فى تقريره، إذ ليس على الحكم أن يفند كل قرينة ما دام أنه انتهى إلى ما خلص إليه بأدلة تحمل قضاءه لأن أخذه بهذه الأدلة يتضمن الرد المسقط لما يخالفها، كما لا تثريب عليه وقد وجد فى أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدته فيها إذا لم يستجب إلى طلب الطاعنة احالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة وضع اليد التى انتهت إلى رأيه فيها مستخلصا مما أورده الخبير فى تقريره باعتبار أنه ليس حقا للخصوم وإنما من الرخص المخولة لقاضى الموضوع متى لم يجد فى أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفى لاستجلاء وجه الحق فيها، ويكون النعى على غير أساس.
وحيث ان الطاعنة تنعى بالسببين الرابع والخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك تقول أنه أيد الحكم الابتدائى فى اطراحه الدفع بعدم قبول الدعوى القائم على انتفاء أحد أركانها باعتبارها دعوى حيازة على سند من سبق ابدائه أمام المحكمة الجزئية التى رفعت الدعوى إليها ابتداء دفاعا متعارضا مبناه أن موضوع الدعوى هو المفاضلة بين عقدين أخذت به المحكمة وقضت على موجبه وأن طلب التمكين المرفوعة به الدعوى يستند إلى عقد إيجار بينما تستند دعوى الحيازة إلى وضع اليد المصحوب بنية التمليك، كما أيده فيما أقام عليه قضاءه برفض الدعوى من أن حيازة الطاعنة لأرض النزاع فى المدة السابقة على عقد الإيجار الصادر للمطعون عليه الأول كان بصفتها وكيلة عن زوجها المؤجر، حالة أن ما أبدته من دفاع أمام المحكمة الجزئية كان فى نطاق الدفع بعدم الاختصاص المحلى ولم يكن فى مجال أعطاء الدعوى تكييفها الصحيح. هذا إلى أن المطعون عليه الأول كيف دعواه بأنها دعوى منع تعرض وهى من دعاوى الحيازة وأن اسباغ الحكم صفة دعوى التمكين عليها لا يعتبر ردا كافيا فى هذا المجال لأن القانون لم يعرف تلك الدعوى وخصائصها ولا شروط قبولها، بالإضافة إلى أنه جاء خلوا من التدليل على أن حيازتها لأرض النزاع قبل المطعون عليه الأول كان بصفتها وكيلة عن المؤجر وليست كمستأجرة طبقا لعقد الايجار الصادر لها المودع بالجمعية الزراعية ومتناقضا مما سبق التسليم به من قيام العلاقة الإيجارية بموجب هذا العقد وغفلا من الرد على ما قدمته من خطاب يفيد تعاملها بإسمها مع البنك وهو ما يقطع فى انتفاء صفة الوكالة عن زوجها، وإذ أسس كل من طرفى الدعوى الأصلية والفرعية دفاعه على عقد الإيجار الصادر له وكيف المطعون عليه الأول دعواه بأنها دعوى منع تعرض فإن الحكم يكون معيبا بالتناقض المبطل فضلا عن الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال.
وحيث ان النعى مردود، ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانونى الصحيح دون أن تتقيد فى ذلك بتكييف الخصوم لها وإذ حصل الحكم المطعون فيه - بماله من سلطة فهم الواقع أن دعوى المطعون عليه الأول هى دعوى موضوعية بالمطالبة بتمكينه من العين المؤجرة استنادا إلى عقد الإيجار الصادر له من المطعون عليه الثانى وأيد ذلك بما سبق أن أثارته الطاعنة من دفاع أمام المحكمة الجزئية قائم على أن الدعوى فى حقيقتها منازعة فى صحة إيجار ومفاضلة بين عقدين، فإنه إذ أطرح الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم استيفائها شروط قبولها باعتبارها مكن دعاوى الحيازة لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه خلص فى حدود سلطته الموضوعية من أقوال الشهود الذين سمعت أقوالهم أمام الخبير إلى أن التأجير تم للمطعون عليه الأول بموافقة الطاعنة التى كانت تحوز الأطيان المؤجرة من قبل بمقتضى وكالتها عن زوجها المؤجر وأن المستأجر المذكور وضع يده على العين المؤجرة اعتبارا من تاريخ التعاقد فى 20/ 4/ 1965، وكان لا تناقض بين صدور عقد إيجار إلى الطاعنة عن أرض النزاع وبين اعتبار حيازتها لها من قبيل الإشراف بمقتضى الوكالة الصادرة لها من زوجها المالك إذ ليس ثمة تلازم بين تحرير عقد الإيجار واقترانه بوضع اليد، كما أنه لا تعارض بين قيام هذه الوكالة وثبوت تعامل الطاعنة مع البنك باسمها إذ لا مانع من تعامل الوكيل باسمه لحساب موكله، فإن النعى على الحكم المطعون فيه يكون فى غير محله.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك تقول الطاعنة أن الحكم رفض دفعاها القائم أن المطعون عليه الأول يحوز أطيانا زراعية تزيد على خمسين فدانا بالمخالفة للمادة 37 من قانون الإصلاح الزراعى رقم 178 لسنة 1952 وهو ما يؤدى إلى بطلان عقد الإيجار الذى يتمسك به، مستندا إلى عدم ثبوتها أن يورد أسس استخلاصه هذه النتيجة ولا خلاصة ما استندت إليه الطاعنة من أدلة قانونية وحجج واقعية لإثباتها وهو ما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد فى الاستدلال.
وحيث إن النعى غير سديد، ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة على ما دفعت به من أن حيازه المطعون عليه الأول من الأراضى الزراعية بعد إبرامه عقد الإيجار الصادر له عن عين النزاع أصبحت تجاوز الخمسين فدانا، بصورة شمسية لبطاقة الحيازة رقم 303 صادرة بإسمه من الجمعية الزراعية بالفهمية ثابت بها حيازته 12 س و37 ط وبشهادة مادرة من تلك الجمعية بحيازته 37 فدان بطريق وضع اليد حتى نهاية 1964/ 1965 الزراعية عندما نقلت إلى اسم السيدة....... وأضافت بأنه ورث عن شقيقة له أطيانا زراعية كما يمتلك أطيانا أخرى ورد المطعون عليه الأول على ذلك بما قدمه من مستندات تفيد أن بطاقة الحيازة رقم 303 المقدم صورتها الشمسية غير خاصة به وأن المساحة الصادرة عنها الشهادة المقدمة من الطاعنة كانت ملكا لشقيقة ثم أوصت بها لإبنتها........ التى انتقلت إليها الحيازة بعد انتهاء وصايته عليها، وإذ كان المقرر أن لقاضى الموضوع السلطة التامة فى بحث الدلائل والمستندات المقدمة له وفى موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه منها ولا تثريب عليه إن هو لم ير الأخذ بصور شمسية لأوراق قصد التدليل بها فى الدعوى فإن الحكم إذ لم يعتد بالصورة الشمسية لبطاقة الحيازة المنسوبة للمطعون عليه الأول والمقدمة من الطاعنة وأخذ بمضمون ما قدمه المذكور من مستندات، وخلص منها ومن تقديمه الوصية الصادرة من شقيقته لابنتها مع كونه وارثا بما يفيد إقراره لها إلى أن ما يحوزه من أطيان لا يجاوز الخمسين فدانا يكون قد أعمل سلطته التقديرية بما لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، ويكون النعى عليه فى هذا الخصوص من قبيل الجدل الموضوعى للأدلة المطروحة فى الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث ان مبنى النعى بالسبب الثامن الإخلال بحق الدفاع إذ لم يستبعد الحكم المطعون فيه المستندات المقدمة بعد الميعاد من المطعون عليه الأول، ولم يستجيب إلى طلب الطاعنة إعادة الدعوى إلى المرافعة للرد على المذكرة المقدمة منه والمسلمة إليها بعد الميعاد، ولتقدم صورة من التحقيقات التى أشارت إليها لبيان حيازة المطعون عليه الأول، دون أن يبين الأسباب المبررة وهو ما يعيبه بالإخلال بحق الدفاع.
وحيث ان النعى مردود، ذلك أنه لما كان ما ترمى إليه المادة 168 من قانون المرافعات من عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون إطلاع الخصم الآخر عليها وإلا كان العمل باطلا إنما هو عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لابداء دفاع لم يمكن خصمه من الرد عليه، وإذ كان الثابت من الأوراق أن المستندات التى تقدم بها المطعون الأول فى فترة حجز الدعوى الحكم تأشر عليها بما يفيد اطلاع وكيل الطاعنة عليها فى 28/ 4/ 1969 أى خلال الفترة المصرح فيها بكل من الطرفين تقديم مستنداته كما تأشر عليها من الطاعنة شخصيا فى 5/ 5/ 1969 وأن المذكرة المقدمة منه وإن أعلنت إلى الطاعنة فى 21/ 5/ 1969 أى بعد انقضاء الميعاد المصرح فيه بتقديم المذكرات إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعول على شئ مما جاء بها بل ولم يشر اليها على الإطلاق فلا محل للقول بالإخلال بأى حق للطاعنة. لما كان ذلك وكان عدم استجابة الحكم إلى طلب الطاعنة إعادة الدعوى إلى المرافعة للرد عليها أمر يخضع فى تقدير مدى جديته لمطلق سلطان قاضى الموضوع، فإن النعى يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.