مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 901

(91)
جلسة 21 من مارس 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 605 لسنة 15 القضائية

( أ ) دعوى الالغاء - قبولها - تظلم - العبرة فى تقديمه فى الميعاد القانونى، هى بتاريخ وصوله الفعلى الى الجهة المتظلم اليها صاحبة الاختصاص، وليست بتاريخ ايداعه بالبريد - التأخير غير العادى فى وصول التظلم الى الجهة المرسل اليها، سواء كان هذا التأخير راجعا الى هيئة البريد، أم تراخى الادارة فى تسجيل التظلم فى سجل المكاتبات الواردة، أو فى سجل التظلمات - يجب أن يؤخذ فى الاعتبار دائما، ويخضع ذلك لتقدير المحكمة - مثال.
(ب) عمل تشريعى - تحديد طبيعته - تغليب المعيار الشكلى - الأعمال الادارية التى تصدرها السلطة التشريعية فى صورة قانون - اعتبارها قانونا ولو كانت لا تنطوى على قاعدة عامة مجردة - يكفى من ناحية الشكل أن يكون القانون صادرا وفقا للاجراءات الدستورية المتبعة بالنسبة الى سائر القوانين العادية - مثال: القانون رقم 207 لسنة 1955 بفتح اعتمادات اضافية فى ميزانيات الدولة وجامعتى الاسكندرية وعين شمس للسنة المالية 54/ 1955 والكشوف الملحقة به بنقل موظفين ذكرت أسماؤهم، من الجامعة الى وزارة التربية والتعليم يعتبر قانونا - عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بالنظر فيما تضمنه من أحكام أو التعقيب عليها أو الطعن فيها لأى سبب من أسباب عدم المشروعية.
1 - أن نهاية ميعاد التظلم هى تاريخ وصوله الفعلى الى الجهة المتظلم اليها صاحبة الاختصاص وليس تاريخ ايداع الكتاب بالبريد على أنه يجب أن يؤخذ دائما فى الاعتبار حالة ارسال التظلم بطريق البريد التأخير الغير عادى فى وصول هذا التظلم الى الجهة المرسل اليها مما يخضع لتقدير المحكمة ولما كان التظلم قد سلم للبريد كما هو واضح من خاتم مصلحة البريد على المظروف يوم 21/ 2/ 1960 وكان ميعاد التظلم ينتهى يوم 24/ 2/ 1960 ووصل التظلم الى مكتب مدير الجامعة يوم 29/ 2/ 1960 أى فى ثمانية أيام مما يعتبر بدون شك أنه تأخير غير عادى لوصول كتاب من القاهرة الى الجيزة وأنه من المألوف أنه يصل عادة فى يوم أو يومين مما لا يقبل معه القول أنه وصل بعد الميعاد سواء كان هذا التأخير راجعا الى مصلحة البريد نفسها أم الى تراخى ادارة الجامعة فى تسجيل هذا التظلم فى سجل المكاتبات الواردة لها أو فى سجل التظلمات من القرارات الادارية.
2 - اذا كان نقل المدعى من الجامعة الى وزارة التربية والتعليم قد نص عليه بالجداول الملحقة بالقانون رقم 207 لسنة 1955 بفتح اعتمادات اضافية فى ميزانيات الدولة وجامعتى اسكندرية وعين شمس للسنة المالية 1954/ 1955، فانه مهما قيل فى وصف هذا العمل بأنه من الأعمال الادارية التى تصدرها سلطة التشريع فى صورة قانون، فان هذه المحكمة لا يسعها الا تغليب المعيار الشكلى، ومقتضاه ولازمه أن يكون لقانون ربط الميزانية حصانات القانون العادى، لا سيما وأن النقل ذاته فقد تم أصلا بمقتضى القانون رقم 207 لسنة 1955 سالف الذكر كما سبق ايضاحه، اذ ورد اسم المدعى فى الكشوف الملحقة بهذا القانون ومن ثم فان ما ورد فى هذه الكشوف هو جزء لا يتجزأ من القانون وتندرج فى مضمون أحكامه، ولا عبرة بعد ذلك بأن يكون هذا القانون غير منطو على قاعدة عامة مجردة، لانه يكفى من ناحية الشكل أن يكون صادرا وفقا للاجراءات الدستورية المتبعة بالنسبة الى سائر القوانين مما لا يجوز معه الطعن فيه أو التقرير باختصاص القضاء الادارى بالنظر فيما تضمنه من أحكام ومن ثم يتعين القضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بالنظر فيما تضمنه القانون رقم 207 لسنة 1955 من أحكام أو التعقيب عليها أو الطعن فيها لأى سبب من أسباب عدم المشروعية.


اجراءات الطعن

بتاريخ 4 من مارس سنة 1963 أودع السيد رئيس ادارة قضايا الحكومة عريضة طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 3/ 1/ 1963 فى الدعوى رقم 605 لسنة 15 قضائية المرفوعة من على أحمد اسماعيل ميره ضد جامعة القاهرة ووزارة التربية والتعليم القاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع ببطلان القرار الصادر فى 1/ 3/ 1955 بنقل المدعى الى وزارة التربية والتعليم وبرد أقدميته فى الدرجة الخامسة الادارية بالجامعة الى التاريخ المبين بالقرار الصادر فى 30/ 12/ 1952 وفى الدرجة الرابعة الى التاريخ المبين فى قرار الجامعة الصادر فى 30/ 9/ 1957 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجامعة المدعى عليها المصروفات. وطلبت ادارة قضايا الحكومة للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن الطعن الى المدعى فى 16/ 3/ 1963 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11/ 4/ 1964 وأخطرت الحكومة والمدعى فى 10/ 3/ 1964 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة احالة الدعوى الى المحكمة الادارية العليا وحددت لذلك جلسة 3/ 1/ 1965 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ملاحظات ذوى الشأن على الوجه المبين بالمحضر قررت أرجاء النطق بالحكم الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن فى أن المدعى أقام دعواه طالبا الحكم الآتى:
1 - الغاء القرار الصادر فى مارس سنة 1955 بنقله من جامعة القاهرة الى وزارة التربية والتعليم واعتباره فى عداد موظفى الجامعة منذ 3/ 2/ 1952.
2 - الغاء قرار جامعة القاهرة الصادر فى 30/ 4/ 1953 بنقل السيد مصطفى كامل أحمد الى الدرجة السادسة الادارية بميزانية الجامعة.
3 - الغاء قرار الجامعة الصادر فى 31/ 12/ 1953 بترقية السيد/ مصطفى كامل أحمد الى الدرجة الخامسة الادارية الغاء جزئيا وذلك بأرجاع أقدمية المدعى الى التاريخ المبين بهذا القرار بدلا من 24/ 1/ 1959 تاريخ ترقيته الى الخامسة.
4 - الغاء قرار الجامعة الصادر فى 30/ 9/ 1957 بترقية السيد/ مصطفى كامل أحمد الى الدرجة الرابعة الادارية الغاء جزئيا وذلك بارجاع أقدمية المدعى فى هذه الدرجة الى التاريخ المبين بهذا القرار بدلا من تاريخ ترقيته اليها فى 26/ 3/ 1960 - مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال فى بيان ذلك أنه التحق بخدمة الحكومة فى 21/ 1/ 1929 بالدرجة الثامنة بوزارة العدل ونقل الى الجامعة فى أبريل سنة 1946 ورقى الى الدرجة السابعة بها فى 1/ 5/ 1946 والى الدرجة السادسة فى 1/ 11/ 1950 والى الدرجة الخامسة من 24/ 1/ 1959 والى الدرجة الرابعة من 26/ 3/ 1960 وبتاريخ 3/ 2/ 1952 كان قد صدر قرار من مدير الجامعة بمنحه لقب رئيس قلم وهى من الوظائف المدرجة بالكادر الادارى وفى 30/ 4/ 1953 صدر قرار بنقل خمسة من موظفى الدرجة السادسة بالكادر الكتابى الى درجات سادسة بالكادر الادارى بالجامعة ولم يكن المدعى بينهم بالرغم من أن وظيفته مدرجة بالكادر الادارى ولهذا أقام المدعى الدعوى رقم 1500 لسنة 10 قضائية أمام محكمة القضاء الادارى وصدر الحكم فيها برفض الدعوى فى 29/ 5/ 1958 وطعنت هيئة مفوضى الدولة فيه أمام المحكمة الادارية العليا فاصدرت بجلسة 26/ 12/ 1959 حكمها فى الطعن بالغاء الحكم المطعون فيه واعتبار أقدمية المدعى فى الدرجة السادسة الادارية منذ 3/ 2/ 1952 مع ما يترتب على ذلك من آثار وأعلن المدعى هذا الحكم الى الجامعة والوزارة ثم وجه انذارا الى الجامعة مطالبا فيه بتنفيذ آثار الحكم ثم تظلم الى الجامعة والوزارة فى 21/ 2/ 1960 مطالبا باعتبار قرار نقله الى الوزارة فى سنة 1955 باطلا واعتباره من موظفى الجامعة الاداريين بوظيفة رئيس قلم منذ 3/ 2/ 1952 مع ما يترتب على ذلك من آثار فى الدرجتين الخامسة والرابعة ولما لم يفصل فى تظلمه خلال المدة المقررة قانونا للفصل فيه، طالب خلال الستين يوما التالية لميعاد الفصل فى التظلم باعفائه من رسوم الدعوى الحالية وأجيب الى طلبه فى 9/ 3/ 1961 وذكر المدعى أن القانون رقم 207 لسنة 1955 بفتح اعتمادات اضافية فى ميزانية الدولة عام سنة 54 - 1955 تضمن فتح اعتماد بمبلغ 1556 جنيه لمواجهة تكاليف الوظائف المنقولة من جامعة القاهرة الى وزارة التربية والتعليم وأن درجته كانت محسوبة ضمن هذه الدرجات باعتباره شاغلا درجة سادسة كتابية ولما كان حكم المحكمة العليا قد كشف عن حقه فى اعتباره شاغلا الدرجة السادسة الادارية فان نقله يكون باطلا ويعتبر مستمرا فى الخدمة بالجامعة ومن حقه أن يحصل على ما يستحق من ترقيات على هذه الأسس بالجامعة. كما ذكر المدعى أن الجامعة منحت السيد/ مصطفى كامل أحمد الدرجة السادسة الادارية التى كان يشغلها المدعى بالقرار الصادر فى 30/ 4/ 1953 وبعد ذلك رقى السيد المذكور الى الدرجتين الخامسة والرابعة فى التاريخين السالف ذكرهما ومن حق المدعى بناء على ذلك أن يطلب الغاء ترقية السيد/ مصطفى كامل أحمد الى هاتين الدرجتين ونظرا لأن المدعى رقى فعلا الى هاتين الدرجتين فى تواريخ متأخرة فقد قصر طلب الالغاء على أرجاع أقدميته فى هاتين الدرجتين الى التاريخين اللذين وردا فى القرارين المطعون فيهما وأجابت الجامعة على الدعوى بأنه يبين من أسباب حكم المحكمة الادارية العليا أنه قضى للمدعى بالدرجة السادسة الادارية لأن الوظيفة التى كان يشغلها وهى وظيفة رئيس قلم من الوظائف الادارية ومن ثم يكون تنفيذ هذا الحكم بنقل المدعى الى الكادر الادارى دون التعرض لنقل السيد/ مصطفى كامل أحمد لهذا الكادر وقد ورد اسم المدعى فى الكشوف الخاصة بأسماء الموظفين الذين نقلوا الى الوزارة وهى كشوف ملحقة بالقانون رقم 207 لسنة 1955 المشار اليه ومن مقتضى ذلك أن يكون نقل المدعى الى الوزارة قد تم بهذا القانون ولا يجوز الطعن فى القانون بالالغاء كما أن المحكمة الادارية العليا قضت برفض الطعن بنقل السيد/ مصطفى كامل أحمد وأخيرا لا يجوز للمدعى أن يطعن فى ترقيات السيد المذكور - اذ لا مصلحة له فى هذا الطعن ما دام كل منهما فى جهة فالمدعى فى الوزارة والمطعون فى ترقتيته فى الجامعة، وانتهت الجامعة الى الدفع بعدم قبول دعوى الطعن فى قرار نقل المدعى من الجامعة الى الوزارة لأنه نقل الى الوزارة بالقانون رقم 207 لسنة 1955، وبالنسبة الى قرار نقل السيد/ مصطفى كامل أحمد من الكادر الكتابى الى الكادر الادارى لسابقة الفصل فيه وبالنسبة الى قرارى الترقية الى الدرجتين الخامسة والرابعة لانتفاء المصلحة. وعقب المدعى على رد الجامعة فأصر على انه نقل بالقرار المطعون فيه لا بالقانون وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا فى الدعوى انتهت فيه الى أنها ترى الحكم ببطلان نقل المدعى الى وزارة التربية والتعليم وبارجاع أقدميته فى الدرجتين الخامسة والرابعة الى التاريخين اللذين طلب ارجاع أقدميته اليهما ورفض ما عدا ذلك من الطلبات.
وبجلسة 3/ 1/ 1963 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع ببطلان القرار الصادر فى 1/ 3/ 1955 بنقل المدعى الى وزارة التربية والتعليم وبرد أقدميته الى الدرجة الخامسة الادارية بالجامعة الى التاريخ المبين بالقرار الصادر فى 30/ 12/ 1953 وفى الدرجة الرابعة الى التاريخ المبين فى قرار الجامعة الصادر فى 30/ 9/ 1957 وما يترتب على ذلك من آثار والزمت الجامعة المدعى عليها المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لقبول الدعوى على أن المركز القانونى للمدعى قد استقر من تاريخ صدور حكم المحكمة الادارية العليا فى الطعن رقم 800 لسنة 4 قضائية بجلسة 26/ 12/ 1959 ومن ثم تحسب مواعيد الطعن فى القرارات المطعون فيها من ذلك التاريخ ولما كان المدعى قد تظلم من هذه القرارات فى 21/ 2/ 1960 ولما لم يفصل فى تظلمه خلال ستين يوما طلب أعفاءه من رسوم هذه الدعوى خلال الستين يوما التالية وأجيب الى طلبه فى 9/ 3/ 1961 فأقام دعواه فى 15/ 4/ 1961 ومن ثم تكون الدعوى قد استوفت أوضاعها الشكلية. وأنه بالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى بخصوص القرار الصادر فى 30/ 4/ 1953 فيما يتضمنه من نقل السيد/ مصطفى كامل الى الدرجة السادسة الادارية فقد بان للمحكمة من الاطلاع على حكم المحكمة الادارية العليا فى الطعن رقم 800 لسنة 4 قضائية أن هذا الطلب من بين الطلبات التى تقدم بها المدعى وقضى برفضها ولذلك حكمت بقبول الدفع بالنسبة لهذا الطلب وعدم جواز سماعه لسابقة الفصل فيه وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للموضوع بأن المدعى لم ينقل الى وزارة التربية والتعليم بالقانون رقم 207 لسنة 1955 لأن هذا القول يتعارض مع نصوص القانون ذاته ومع ما هو مسلم به من أن القانون يصدر بقواعد عامة مجردة وعلى ذلك لا تعتبر الكشوف التى أعدت لتنفيذه جزءا منه ويكون نقل المدعى قد تم خطأ بالقرار المطعون فيه وقضت المحكمة بالغاء قرار النقل وأرجعت أقدميته فى الدرجتين الخامسة والرابعة الى التاريخين اللذين طلبهما المدعى استنادا الى أن وضعه قد استقر فى الكادر الادارى بالجامعة ويكون من حقه الطعن على القرارين المطعون فيهما ويكون دفع الحكومة بعدم قبول الطعن فيهما لعدم توافر شرط المصلحة على غير أساس ويتعين الحكم برفضه وباجابة المدعى الى طلب أرجاع أقدميته فى الدرجتين الخامسة والرابعة الى تاريخ الترقية فى القرارين المطعون فيهما على التوالى والزام الحكومة المصروفات.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تحديد تاريخ تقديم التظلم ذلك أنه طبقا لما ذهب اليه الحكم من أن ميعاد الطعن فى القرارات المطعون فيها يبدأ من 26/ 12/ 1959 وهو تاريخ صدور حكم المحكمة العليا المشار اليها فان ميعاد الستين يوما ينتهى فى 24/ 2/ 1960 غير أن الثابت أن المطعون ضده قدم تظلمه الى السيد الدكتور مدير الجامعة وقيد بدفتر الوارد تحت رقم 433 بتاريخ 29/ 2/ 1960 وقيد بسجل قيد التظلمات من القرارات الادارية تحت رقم 31 بتاريخ 10/ 3/ 1960 ومن ثم يكون تظلمه مقدما بعد الميعاد سواء أخذنا بتاريخ قيد التظلم بسجل قيد التظلمات أو بتاريخ قيده بدفتر الوارد اذ أنه من المسلم به أن العبرة فى حساب مواعيد الطعن بتاريخ قيد التظلم برقم مسلسل فى السجل الخاص بالتظلمات لا من تاريخ تحريره ولا من أى تاريخ آخر وهذا ما قررته المحكمة الادارية العليا فى حكمها الصادر بتاريخ 23/ 1/ 1965 فى القضية رقم 391 الذى جاء به أنه "وحفظا لهذه المواعيد وتنفيذا لأحكام القانون فى هذا الصدد قرر مجلس الوزراء فى قراره آنف الذكر (وهو القرار الصادر فى 6/ 4/ 1956 ببيان اجراءات التظلم الادارى) أنشاء سجل خاص يبين فيه تاريخ تقديم التظلمات ومن ثم يتعين تحديد ميعاد الطعن على أساس حسابه من تاريخ تقديم التظلم وقيده برقم مسلسل فى السجل الخاص لا من تاريخ تحريره أو من أى تاريخ آخر" - مجموعة مبادئ المحكمة الادارية العليا السنة الخامسة صفحة 241 - وبمقتضى ما تقدم تكون دعوى المطعون ضده غير مقبولة شكلا لعدم التظلم فى الميعاد ويكون الحكم اذ ذهب خلاف ما تقدم قد خالف القانون وأخطأ فى تأويله واستطرد الطعن فى تعييب الحكم المطعون فيه فذكر أنه أخطأ من ناحية الموضوع فيما قضى به من الغاء قرار نقل المطعون ضده من الجامعة الى وزارة التربية والتعليم تأسيسا على القول بأن المدعى اعتبر فى الدرجة السادسة الادارية من 3/ 2/ 1952 بمقتضى حكم المحكمة الادارية العليا آنف الذكر بينما تم النقل على أساس أنه كان بالدرجة السادسة الكتابية ذلك أن مقتضى حكم المحكمة الادارية العليا المشار اليه اعتبار المطعون ضده بالدرجة السادسة الادارية من التاريخ المذكور دون أن يؤثر ذلك على نقله اذ أن هذا النقل مكانى وكل ما يترتب للمطعون ضده من حقوق هو تسوية حالته بوزارة التربية والتعليم واعتباره فى الدرجة السادسة الادارية من التاريخ المنوه عنه بالحكم وقد قامت الجامعة بابلاغ الوزارة فعلا بتنفيذ الحكم على هذا الأساس وترتيبا على هذا فان قرار نقل المطعون ضده من الجامعة الى وزارة التربية والتعليم لا يجوز أن يطعن فيه باعتباره قرار نقل مكانى لخروجه من اختصاص القضاء الادارى طبقا لنص المادة 8 من قانون مجلس الدولة الذى حدد القرارات الادارية التى يختص المجلس بطلب الغائها وليس من بينها قرارات النقل المكانى وطبقا لما استقر عليه قضاء المحكمة الادارية العليا فى هذا الشأن. وانتهى الطعن الى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصليا بعدم قبول دعوى المطعون ضده واحتياطيا برفضها مع الزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا انتهت فيه الى تأييد الحكم المطعون فيه ورأت الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع رفض الطعن وألزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه.
أولا: عن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا لتقديم التظلم بعد الميعاد:
من حيث أنه وأن كان المدعى يعلم بالقرارات المطعون فيها ألا أنه لم يكن قد حدد مركزه القانونى بالنسبة لهذه القرارات اذ أن أقدميته فى الدرجة السادسة الادارية كانت لا تزال مطروحة أمام المحكمة الادارية العليا فى الطعن رقم 800 لسنة 4 القضائية ولم يتبين مركزه القانونى الا من التاريخ الذى صدر فيه لصالحه الحكم فى الدعوى المذكورة وهو 26/ 12/ 1959 ولما كان الثابت من الأوراق أنه تظلم من القرارات المطعون فيها فى 21/ 2/ 1960 ولما لم يفصل فى تظلمه خلال ستين يوما طلب اعفاءه من رسوم الدعوى خلال الستين يوما التالية وأجيب الى طلبه فى 9/ 3/ 1961 فأقام دعواه فى 15/ 4/ 1961 ومن ثم تكون دعواه قد استوفت أوضاعها الشكلية ورفعت فى الميعاد المقرر قانونا مما يتعين معه الحكم برفض الدفع بعدم قبولها شكلا وقبولها لرفعها فى الميعاد. ولا حجة فيما ساقته الحكومة فى هذا الدفع من أن التظلم المقدم من المدعى وصل مكتب مدير جامعة القاهرة برقم 433 بتاريخ 29/ 2/ 1960 وقيد بسجل قيد التظلمات من القرارات الادارية تحت رقم 31 بتاريخ 10/ 3/ 1960 وبذلك يكون مقدما بعد الميعاد لا حجة فى هذا القول لأن نهاية ميعاد التظلم هى تاريخ وصوله الفعلى الى الجهة المتظلم اليها صاحبة الاختصاص وليس تاريخ ايداع الكتاب بالبريد على أنه يجب أن يؤخذ دائما فى الاعتبار - فى حالة أرسال التظلم بطريق البريد - التأخير الغير عادى فى وصول هذا التظلم الى الجهة المرسل اليها مما يخضع لتقدير المحكمة ولما كان التظلم قد سلم للبريد كما هو واضح من خاتم مصلحة البريد على المظروف يوم 21/ 2/ 1960 وكان ميعاد التظلم ينتهى يوم 25/ 2/ 1960 ووصل التظلم الى مكتب مدير الجامعة يوم 29/ 2/ 1960 أى فى ثمانية أيام مما يعتبر بدون شك أنه تأخير غير عادى لوصول كتاب من القاهرة الى الجيزة وأنه من المألوف أن يصل الكتاب عادة فى يوم أو يومين مما لا يقبل معه القول أنه وصل بعد الميعاد سواء كان هذا التأخير راجعا الى مصلحة البريد نفسها أم الى تراخى ادارة الجامعة فى تسجيل هذا التظلم فى سجل المكاتبات الواردة لها أو فى سجل التظلمات من القرارات الادارية.
ثانيا - عن الموضوع:
من حيث أن المحكمة الادارية العليا قد قضت فى حكمها الصادر فى الطعن رقم 800 لسنة 4 القضائية باعتبار المدعى فى الدرجة السادسة الادارية منذ 3 من فبراير سنة 1952 - ولما كانت أقدمية المدعى فى الدرجة السادسة ترجع الى 1/ 5/ 1946 بينما أقدمية المطعون فى ترقية السيد/ مصطفى كامل أحمد ترجع الى 5/ 8/ 1947 فيكون طلب المدعى الغاء القرار الصادر فى 31/ 12/ 1953 بترقية السيد/ مصطفى كامل أحمد الى الدرجة الخامسة الادارية بالأقدمية رغم كونه أحدث من المدعى فى أقدمية هذه الدرجة متفقا مع الواقع والقانون ولما كان المدعى قد رقى الى الدرجة الخامسة فى 24/ 1/ 1959 فانه يتعين القضاء له فقط بأرجاع أقدميته فى هذه الدرجة الى 31/ 12/ 1953 تاريخ صدور القرار سالف الذكر بتخطيه فى الترقية الى الدرجة الخامسة.
ومن حيث أنه بالنسبة الى الغاء القرار الصادر فى مارس سنة 1955 بنقل المدعى من جامعة القاهرة الى وزارة التربية والتعليم واعتباره فى عداد موظفى الجامعة منذ 3/ 2/ 1952 فقد بان لهذه المحكمة أنه قد صدر القانون رقم 207 لسنة 1955 بفتح اعتمادات اضافية فى ميزانيات الدولة وجامعتى الاسكندرية وعين شمس للسنة المالية 54/ 1955 ونص فى مادته الثانية على أن يفتح فى ميزانية السنة المالية 54/ 1955 قسم 9 (وزارة التربية والتعليم) فرع (1) الديوان العام والمناطق باب 1 (ماهيات وأجور ومرتبات) اعتماد اضافى قدره 1556 ج ألف وخمسمائة وستة وخمسون جنيها) لمواجهة تكاليف الوظائف المنقولة اليها من جامعة القاهرة حسب الجدول المرافق رقم 2 وذلك عن المدة الباقية من السنة المالية الحالية - ويؤخذ هذا الاعتماد الاضافى من الوفر فى اعانة الحكومة لجامعة القاهرة المدرجة ضمن البند 11 (اعانات) من الباب الثانى من نفسه. وجاء بالكشف رقم 2 المرافق للقانون بعنوان "الموظفون المنقولون من جامعة القاهرة الى جامعتى القاهرة وعين شمس ووزارة التربية والتعليم" تحت رقم (1) درجات منقولة الى وزارة التربية والتعليم اسم المدعى - على اسماعيل ميرة بالدرجة السادسة الكتابية فى وظيفة مستخدم وأن الادارة المنقول منها هى الادارة العامة ومتوسط درجته 240 جنيها وأن التكاليف عن أربعة أشهر هى 80 جنيها وقد صدر تنفيذا لهذا القانون القرار رقم 249 بتاريخ 22/ 6/ 1955 بنقل المدعى من الجامعة الى وزارة التربية والتعليم اعتبارا من أول مارس سنة 1955 وهو القرار المطعون فيه ثم صدر بعد ذلك القرار رقم 517 بتاريخ 12/ 7/ 1960 أعملت بموجبه الآثار المترتبة على حكم المحكمة الادارية العليا فى الطعن رقم 800 لسنة 4 قضائية باعتبار المدعى فى الدرجة السادسة الادارية منذ 3/ 2/ 1952 ونص فى القرار آنف الذكر على الغاء القرار رقم 249 الصادر فى 22/ 6/ 1955 فيما تضمنه من اعتبار المدعى على درجة كتابية وأن يكون نقله الى وزارة التربية والتعليم اعتبارا من أول مارس سنة 1955 على وظيفة ادارية. ومن ثم يكون قرار نقل المدعى الى وزارة التربية والتعليم قد صوب باعتباره أثرا حتميا مترتبا على قضاء المحكمة الادارية العليا مما لا يجوز معه بعد ذلك أن ينعى عليه بأنه ما يزال منطويا على تنزيل فى الدرجة فيكون مخالفا للقانون بدعوى أنه لا يجوز نقل الموظف من وظيفة الى أخرى درجتها أقل من درجته وفقا للمادة 47 من قانون موظفى الدولة وبالتالى فان القرار المطعون فيه لم يعد له أى وجود قانونى فى خصوص تنزيل الدرجة وأضحى قرارا عاديا بتنفيذ حكم القانون رقم 207 سنة 1955 وقد جاء فى صلبه حسبما سلف بيانه نقل المدعى من الجامعة الى وزارة التربية والتعليم ومهما قيل فى وصف هذا العمل بأنه من الأعمال الادارية التى تصدرها سلطة التشريع فى صورة قانون، فان هذه المحكمة لا يسعها ألا تغليب المعيار الشكلى، ومقتضاه ولازمه أن يكون لقانون ربط الميزانية حصانات القانون العادى، سيما وأن النقل ذاته فقد تم أصلا بمقتضى القانون رقم 207 لسنة 1955 سالف الذكر كما سبق ايضاحه، اذ ورد اسم المدعى فى الكشوف الملحقة بهذا القانون ومن ثم فان ما ورد فى هذه الكشوف هو جزء لا يتجزأ من القانون ويندرج فى مضمون أحكامه، ولا عبرة بعد ذلك بأن يكون هذا القانون غير منطو على قاعدة عامة مجردة، لأنه يكفى من ناحية الشكل أن يكون صادرا وفقا للاجراءات الدستورية المتبعة بالنسبة الى سائر القوانين مما لا يجوز معه الطعن فيه أو التقرير باختصاص القضاء الادارى بالنظر فيما تضمنه من أحكام ومن ثم يتعين القضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بالنظر فيما تضمنه القانون رقم 207 سنة 1955 من أحكام أو التعقيب عليها أو الطعن فيها لأى سبب من أسباب عدم المشروعية.
ومن حيث أنه متى أصبح نقل المدعى الى وزارة التربية والتعليم اعتبارا من أول مارس سنة 1955 أمرا يحتمه تنفيذ أحكام القانون رقم 207 لسنة 1955 فلا يكون للمدعى وقد أصبح من عداد موظفى وزارة التربية والتعليم من أول مارس سنة 1955 أن يطعن فى القرارات الصادرة فى شئون موظفى الجامعة بعد هذا التاريخ ومن ثم فان طعن المدعى بالالغاء على القرار الصادر من الجامعة بتاريخ 30/ 9/ 1957 بترقية السيد/ مصطفى كامل أحمد وهو من موظفى الجامعة الى الدرجة الرابعة الادارية بعد أن نقل نقلا صحيحا الى وزارة التربية والتعليم لا يقوم على أساس سليم من القانون ويتعين القضاء برفضه.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه وقد قضى ببطلان القرار الصادر فى 1/ 3/ 1955 بنقل المدعى الى وزارة التربية والتعليم وبرد أقدميته فى الدرجة الرابعة الى التاريخ المبين فى قرار الجامعة الصادر فى 30/ 9/ 1957 يكون قد أخطأ فى تأويل القانون وفى تطبيقه ومن ثم يتعين القضاء بالغائه فى هذا الخصوص وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر طلب المدعى الغاء نقله الى وزارة التربية والتعليم بالقرار رقم 249 المؤرخ 22 من يونية سنة 1955 وبرفض الدعوى بطلب الغاء القرار الادارى الصادر من الجامعة فى 30/ 9/ 1957 مع الزام الحكومة بالمصروفات المناسبة وتأييد الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من أرجاع أقدمية المدعى فى الدرجة الخامسة الى 30/ 12/ 1953.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من بطلان القرار الصادر فى أول مارس سنة 1955 بنقل المدعى الى وزارة التربية والتعليم ومن رد أقدميته فى الدرجة الرابعة الى التاريخ المبين فى قرار الجامعة الصادر فى 30 من سبتمبر سنة 1957 وبعدم اختصاص القضاء الادارى بنظر طلب المدعى الغاء نقله الى الوزارة المذكورة وبرفض طلب تعديل أقدميته فى الدرجة الرابعة وألزمت الحكومة بالمصروفات المناسبة وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.