أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 400

جلسة 9 من فبراير سنة 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى والدكتور عبد الرحمن عياد ومحمد الباجورى وأحمد وهدان.

(78)
الطعن رقم 441 لسنة 42 القضائية

(1) حراسة "حراسة إدارية". خلف.
أيلولة أموال من رفعت عنهم الحراسة إلى الدولة. وقوعها بقوة القانون. مؤدى ذلك. عدم اعتبار الدولة خلفا عاما أو خاصا لهم.
(2، 3) حراسة "حراسة إدارية". إثبات. تسجيل.
(2) أختلاف الغيرية فى التسجيل عنها فى ثبوت التاريخ. الدولة لا تعتبر غيرا بالنسبة لتصرفات أصحاب الأموال التى آلت اليها بالقانون 150 لسنة 1964. جواز تمسكها بعدم سريان تلك التصرفات فى حقها إلا إذا كان لها وتاريخ ثابت قبل انتقال الأموال إليها.
(3) مخالصات الأجرة عن مدة تزيد على ثلاث سنوات. وجوب تسجيلها لنفاذها فى حق الغير. م 11 من قانون تنظيم الشهر العقارى. عدم جوز تمسك إداره الأموال التى آلت إلى الدولة بهذا النص قبل المستأجر من الملك السابق.
(4) إثبات. نظام عام.
قاعدة ثبوت تاريخ المحرر العرفى. م 395 مدنى المقابلة للمادة 15 إثبات. عدم تعلقها بالنظام العام. عدم تمسك الغير بها. مؤداه. اعتبار التاريخ العرفى حجة عليه.
1 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 والفقرة الرابعة من المادة الأولى من القرار الجمهورى رقم 1876 لسنة 1964 أن المشرع جعل الأموال والممتلكات التى وضعت تحت الحراسة بموجب قانون الطوارئ ملكا للدولة من وقت رفع الحراسة، وإذ كانت أيلولة الملكية إلى الدولة تقع بقوة القانون ولا تتلقاها بمثابة أنها خلف عام أو خاص من أصحاب هذه الأموال، فإن الإدارة العامة للأموال التى آلت إلى الدولة والتى خولت حق تمثيل الدولة فى كل ما يتعلق بادارة هذه الأموال فى صلاتها بالغير وأمام الهيئات القضائية بالتطبيق للمادة الأولى من أمر رئيس الوزراء رقم 135 لسنة 1964 لا تمثل الشخص الذى كان خاضعا للحراسة ورفعت عنه.
2 - إذ كانت الغيرية فى التسجيل يقصد بها إعمال جزاء عدم سريان التصرف فى حق من يعتبر غيرا فى نطاقه، وكان قانون تنظيم الشهر العقارى رقم 114 سنة 1946 أورد نصوصا تنظم هذا الجزاء، وكان المقصود بالغير فى التسجيل كل من يثبت له على العقار حق عينى مصدره تصرف قانونى يخضع للشهر وأن يقوم من آل إليه فعلا بشهره، وكان من ثم لا يعتبر غيرا فى هذا المجال من يتلقى الملكية أو الحق العينى بحكم القانون، وبالتالى فإن الدولة إنما تؤول إليها أموال الخاضعين السابقين لحراسة الطوارئ وفق أحكام القانون 150 لسنة 1964 نزولا على حكم القانون وليس بموجب تصرف واجب الشهر ولا تعتبر من الغير بالمعنى المقصود فى التسجيل وإن كانت قاعدة التفصيل على أساس الأسبقية فى التاريخ تظل مطبقة، بمعنى أن الدولة تملك التمسك بغيرتها فى ثبوت التاريخ فلا تسرى فى حقها التصرفات التى أجراها الخاضع السابق للحراسة قبل أيلولة ممتلكاته إلى الدولة طالما لم تكن ثابتة التاريخ قبل العمل بالقانون الذى نقل ممتلكاته إلى الدولة.
3 - إذ كان التكييف الصحيح للعبارة - التى ذيل بها عقد الايجار والموقعة من المؤجر الخاضع السابق للحراسة - أنها مخالصة بالأجرة بمقتضاها استوفى المؤجر مسبقا دين الأجرة الذى له قبل المطعون عليها فإنه لا يسوغ للطاعنين - إدارة الأموال التى آلت إلى الدولة وإدارة التحصيل - التذرع بما تقضى به المادة 11 من قانون تنظيم الشهر العقارى آنف الاشارة من وجوب تسجيل المخالصات المتضمنة أجرة تزيد على ثلاث سنوات مقدما حتى تكون نافذة فى حق الغير والتى قصد بها منع التدليس الذى قد يرتكبه ضد الغير الذى يحصل على حقوق صالحة للشهر على العقار المؤجر لأنهما لا يعتبران غيرا فى مجال التسجيل.
4 - إذ كان ما تقضى به المادة 395 من القانون المدنى المنطبقة على واقعة الدعوى والمقابلة للمادة 15 من قانون الاثبات رقم 25 لسنة 1968 من اشتراط التاريخ الثابت فى المخالصات لتكون حجة على الغير بتاريخها، هذه القاعدة - قاعدة ثبوت التاريخ - ليست من قواعد النظام العام وإنما وضعت لحماية الغير، وكان الطاعنان لم يتمسكا فى صحيفة الطعن بالنقض بعدم ثبوت التاريخ واقتصرا على وجوب التسجيل، فإنه يكفى التاريخ العرفى لتكون الورقة حجة على الغير رغم عدم وجود التاريخ الثابت، أخذا بأنهما قد نزلا عن حقهما فيه وقد أوردت المذكرة الايضاحية أن هذه المادة لا تطبق إذا كان من يحتج عليه بالتاريخ قد اعترف بصحته صراحة أو ضمنا أو تنازل عن التمسك بعدم مطابقته للواقع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 4132 لسنة 1967 أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين إدارة الأموال والممتلكات التى آلت إلى الدولة وإدارة التحصيل بها بطلب الحكم ببراءة ذمتها من جميع أجرة الفيلا المبينة بالصحيفة من تاريخ رفع الدعوى. وقالت بيانا لها إنه بموجب عقد مؤرخ 8/ 11/ 1958 وثابت التاريخ فى 1/ 7/ 1959 استأجرت من المرحوم ...... فيلا كائنة بشارع جلال رقم 7 بمصر الجديدة بأجرة شهرية قدرها 12 جنيها مدى حياتها، وأقر المؤجر فى العقد بقبضه مقابل الأجرة منها، وإذ فرضت حراسة الطوارئ على المؤجر فى سنة 1961، ولم تعتد الحراسة ومن بعدها الطاعنة بما يتضمنه العقد من وفاء بكامل الأجرة طيلة سريانه، واتخذ الطاعنان من قبلهما إجراءات التحصيل فقد أقامت دعواها. دفع الطاعنان بعدم سماع الدعوى، بتاريخ 28/ 12/ 1968 حكمت المحكمة برفض الدفع وباستجواب طرفى الخصومة، ثم عادت بعد الاستجواب فحكمت فى 29/ 3/ 1969 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها بكافة طرق الاثبات أن التخالص الصادر إليها عن أجرة الفيلا من المرحوم...... صدر فى ديسمبر سنة 1958 وصرحت للطاعنين بالنفى، وعد سماع شاهدى المطعون عليها حكمت فى 28/ 6/ 1969 ببراءة ذمة المطعون عليها من جميع أجرة الفيلا اعتبارا من أكتوبر سنة 1961. استأنف الطاعنان هذا الحكم طالبين إلغاءه والقضاء برفض الدعوى وقيد استئنافهما برقم 1776 لسنة 86 ق القاهرة، وبتاريخ 23/ 4/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين؛ ينعى بهما الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب. وفى بيان ذلك يقولان إن الحكم أسس قضاءه برفض الدعوى على سند من القول بأن العبارة المذيل بها عقد الإيجار لا تفيد مخالصة بالأجرة، وإنما هى اتفاق عادى أراده المؤجر المرحوم...... ليكون حقا بالانتفاع بالعين المؤجرة حال حياة المطعون عليها مقابل ما حصل عليه من مميزات تنازلها له عن ملكية العين بذات الثمن المخفض الذى اقتضته منها المالكة الأصلية (شركة مصر الجديدة للإسكان)، وبسبب ما أجرته المطعون عليها بها من تحسينات وإصلاحات، فى حين أن الاتفاق المبرم بين المطعون عليها وبين المؤجر صريح فى أنه عقد إيجار أضيف اليه بعد تحريره عبارة مذيلة بتوقيعه تتضمن إقراره باستلام كامل الأجرة عن مدة العقد المحددة ببقاء المطعون عليها على قيد الحياة وتنطوى هذه العبارة على مخالصة لا تسرى فى حق الطاعنين باعتبارهما من الغير بالنسبة للمؤجر - الذى كان خاضعا سابقا للحراسة وآلت أمواله إلى الدولة بموجب القانون رقم 150 لسنة 1964 - فيما زاد على أجرة ثلاث سنوات تبعا لعدم تسجيلها عملا بالمادة 11 من قانون تنظيم الشهر العقارى، هذا إلى أن الطاعنين تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأنه بفرض أن العبارة المشار إليها تتضمن تخويل حق الانتفاع بالعين طبقا لمذهب الحكم، فإن هذا الحق وارد على العقار وهو من الحقوق العينية الأصلية التى يلزم التسجيل لإنشئها سواء بالنسبة لذوى الشأن أو بالنسبة للغير وفق المادة التاسعة من قانون تنظيم الشهر العقارى السالف، وإذ أغفل الحكم الرد على ذلك الدفاع، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون علاوة على قصوره فى التسبيب.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 والفقرة الرابعة من المادة الأولى من القرار الجمهورى رقم 1876 لسنة 1964 أن المشرع جعل الأموال والممتلكات التى وضعت تحت الحراسة بموجب قانون الطوارئ ملكا للدولة من وقت رفع الحراسة، وإذ كانت أيلولة الملكية إلى الدولة تقع بقوة القانون ولا تتلقاها بمثابة أنها خلف عام أو خاص من أصحاب هذه الأموال، فإن الإدارة العامة للأموال التى آلت إلى الدولة والتى خولت حق تمثيل الدولة فى كل ما يتعلق بإدارة هذه الأموال فى صلاتها بالغير وأمام الهيئات القضائية بالتطبيق للمادة الأولى من أمر رئيس الوزراء رقم 135 لسنة 1964 لا تمثل الشخص الذى كان خاضعا للحراسة ورفعت عنه. ولما كانت الغيرية فى التسجيل يقصد بها إعمال جزاء عدم سريان التصرف فى حق من يعتبر غيرا فى نطاقه، وكان قانون تنظيم الشهر العقارى رقم 114 سنة 1946 أورد نصوص تنظيم هذا الجزاء، وكان المقصود بالغير فى التسجيل كل من يثبت له على العقار حق عينى مصدره تصرف قانونى يخضع للشهر وأن يقوم من آل إليه فعلا بشهره، وكان من ثم لا يعتبر غيرا فى هذا المجال من يتلقى الملكية أو الحق العينى بحكم القانون، وبالتالى فإن الدولة إنما تؤول إليها أموال الخاضعين السابقين لحراسة الطوارئ، وفق أحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 نزولا على حكم القانون، وليس بموجب تصرف واجب الشهر ولا تعتبر من الغير بالمعنى المقصود فى التسجيل، وإن كانت قاعدة التفضيل على أساس الأسبقية فى التاريخ تظل مطبقة، بمعنى أن الدولة تملك التمسك بغيريتها فى ثبوت التاريخ، فلا تسرى فى حقها التصرفات التى أجراها الخاضع السابق للحراسة قبل أيلولة ممتلكاته إلى الدولة طالما لم تكن ثابتة التاريخ قبل العمل بالقانون الذى نقل ممتلكاته إلى الدولة. لما كان ذلك وكانت العبارة التى ذيل بها عقد الإيجار والموقعة من المؤجر - الخاضع السابق للحراسة - جرى نصها بما يلي: "وجميع الايجار المستحق عن طول مدة هذا العقد مسدد فى مقابل مسعى...... المطعون عليها - فى الحصول على تنزيل ألفى جنيه من ثمن المنزل الذى طلبته الشركة فى أول الأمر، وكذلك أمام التحسينات والاصلاحات التى قامت وستقوم بها"، وكان التكييف الصحيح لهذه العبارة أنها مخالصة بالأجرة بمقتضاها استوفى المؤجر مسبقا دين الأجرة الذى له قبل المطعون عليها مقابل ما أولته إياه من ميزات مادية تتمثل فى نقل ملكية العين المؤجرة إليه بذات الثمن المخفض الذى دفعته للمالكة السابقة رغم أنه يقل عن الثمن الحقيقى، وفى قيامها ببعض الإصلاحات فى العين المؤجرة، فإنه لا يسوغ للطاعنين التذرع بما تقضى به المادة 11 من قانون تنظيم الشهر العقارى آنف الإشارة من وجوب تسجيل المخالصات المتضمنة أجرة تزيد على ثلاث سنوات مقدما حتى تكون نافذة فى حق الغير، والتى قصد بها منع التدليس الذى قد يرتكب ضد الغير الذى يحصل على حقوق صالحة للشهر على العقار المؤجر لأنهما لا يعتبران غيرا فى مجال التسجيل على ما سلف بيانه. لا يغير من ذلك ما تقضى به المادة 395 من القانون المدنى المنطبقة على واقعة الدعوى - والمقابلة للمادة 15 من قانون الاثبات رقم 25 لسنة 1968 - من اشتراط التاريخ الثابت فى المخالصات لتكون حجة على الغير بتاريخها، لأن لما كانت قاعدة ثبوت التاريخ ليست من قواعد النظام العام وإنما وضعت لحماية الغير، وكان الطاعنان لم يتمسكا فى صحيفة الطعن بالنقض بعدم ثبوت التاريخ واقتصرا على وجوب التسجيل، فإنه يكفى التاريخ العرفى لتكون الورقة حجة على الغير رغم عدم وجود التاريخ الثابت أخذا بأنهما قد نزلا عن حقهما فيه وقد أوردت المذكرة الإيضاحية أن هذه المادة لا تطبق إذا كان من يحتج عليه بالتاريخ قد اعترف بصحته صراحة أو ضمنا أو تنازل عن التمسك بعدم مطابقته للواقع، لما كان ما تقدم، ولئن أخطأ الحكم المطعون فيه فى انصراف العبارة المذيل بها عقد الإيجار، وأنها تنطوى على حق الانتفاع إلا أنه إذ انتهى إلى النتيجة السليمة من سريانها فى حق الطاعنين وإن تنكب الوسيلة فى ذلك، فإن من حق محكمة النقض ان تصححه وتقوم ما به من خطأ دون أن تنقضه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.