مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 952

(95)
جلسة 28 من مارس سنة 1965

برياسة السيد الأستاذ الدكتور/ محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 1133 لسنة 7 القضائية

محكمة تأديبية - تقرير سنوى - عرض حالة الموظف الذى يقدم عنه تقريران بدرجة ضعيف عليها، وفقا لحكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - فقد أحد هذين التقريرين - لا يمنع من اعمال هذا الحكم - أساس ذلك.
اذا كان التقرير الخاص بالموظف المعروضة حالته على المحكمة التأديبية أعمالا لحكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 عن عام 1958. قد استوفى الأوضاع المرعية فى هذا الشأن وأعتمدته لجنة شئون الموظفين حسب الثابت من محضرها وترتب على هذا التقرير آثاره القانونية وحرم المدعى من أول علاوة دورية بناء على حصوله على درجة ضعيف فى هذا التقرير، فعلى المدعى عليه أن هو ادعى خلاف هذا الواقع أن يثبت العكس واذ كان قد أحيط علما به بل وتظلم منه وتقرر رفض تظلمه ولكنه قبل الوضع ولم يطعن عليه قضائيا فمن ثم لا يسوغ القول - اذا ظهر أن أصل التقرير قد فقد - بانعدامه اعتمادا على هذا السبب وحده، ذلك أن فقد أصل التقرير لا يحجب الحقيقة الواقعة ما دامت وقائع الحال حسبما يستخلص من الأوراق الرسمية التى هى حجة بما تضمنته قاطعة فى توكيد ما تضمنه التقرير.


اجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء 26 من أبريل سنة 1961 أودع الاستاذ/ بدوى حسين رياض المحامى بادارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد/ محافظ الاسكندرية بصفته رئيسا لمجلس محافظة الاسكندرية والسيد/ مدير عام النيابة الادارية سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن فى القرار الصادر بجلسة 25/ 2/ 1961 من المحكمة التأديبية بالاسكندرية فى الطلب المقيد بجداول المحكمة برقم (1) لسنة 3 قضائية المقدم من النيابة الادارية ضد السيد الدكتور مصطفى البلتاجى الطبيب بصحة بلدية الاسكندرية والقاضى "برفض الطلب المقدم اليها للنظر فى شأن المطعون ضده" وطلب الطاعن للأسباب الواردة بعريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه واعادة الأوراق الى المحكمة التأديبية للنظر فيها على ضوء الحكم مع الزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وبعد استيفاء الاجراءات المقررة قانونا واحالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا ونظره أمامها على الوجه الموضح بمحاضر الجلسات عين لاصدار الحكم فيه جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل فى أن النيابة الادارية طلبت عرض السيد الدكتور مصطفى البلتاجى الطبيب بصحة بلدية الاسكندرية من الدرجة السادسة على المحكمة التأديبية بالاسكندرية لأنه قدم عنه تقريران متتاليان بدرجة ضعيف عامى 1958/ 1959 وأعمال حكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فى حقه، وقيد الطلب تحت رقم 1 لسنة 3 قضائية، وبعد أن نظرت المحكمة التأديبية الطلب قررت بجلستها المنعقدة فى 25 من فبراير سنة 1961 رفضه، وأقامت قرارها على أنه يشترط لتطبيق نص المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أن يقدم عن الموظف تقريران بدرجة ضعيف وأن يتوافر فى هذين التقريرين الضمانات الجوهرية التى حددها المشرع مما يتعين معه أن تكون هذه التقارير (تحت بصر) الهيئة لتلمس بنفسها مدى توافر هذه الضمانات الجوهرية فى شأنها فان استحال ذلك اكتفاء بما هو ثابت بمحاضر لجنة شئون الموظفين مع أن هذه المحاضر لا يبين منها صفات الموقعين على التقارير السرية أو مدى مراعاة هذه الضمانات الجوهرية بشأنها - أمتنع تطبيق نص المادة 32 المشار اليها لتخلف شروط تطبيقها، ولما كانت الادارة قد عجزت عن تقديم أصل التقرير السرى لعام 1958 عن الدكتور المعروض أمره على المحكمة لفقده، مما يتعذر معه القطع بتوافر الضمانات الجوهرية التى أحاط بها المشرع هذا التقرير فيتعين لذلك اعتباره معدوما، ذلك أنه يشترط لحمل القرارات على الصحة حتى يثبت عدم مشروعيتها أن تكون هذه القرارات تحت بصر الهيئة، وأنه مما يؤكد عدم توافر الضمانات الجوهرية فى أصل التقرير المفقود ما يبين من صورته المقدمة من الادارة من أنها لا تحمل سوى توقيع الرئيس المباشر دون توقيعات المدير المحلى ورئيس المصلحة ورئيس لجنة شئون الموظفين، وأنتهت المحكمة من ذلك كله الى رفض الطلب المعروض عليها لتخلف شروط تطبيق المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فى شأن الموظف المحال اليها.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن لجنة شئون الموظفين هى السلطة المختصة بتقدير درجة الكفاية التى تراها، أما دور الرئيس المباشر والمدير المحلى ورئيس المصلحة فى هذا الشأن فلا يعدو مجرد ابداء ملاحظات عن الموظف وعن درجة كفايته تستأنس بها اللجنة ولا تقيدها فى تقدير درجة الكفاية، فقد تعتمد فى ذلك على عناصر أخرى كملف الخدمة أو على معلومات تطمئن الى مصدرها وتكون منها عقيدتها فيما تنتهى اليه من رأى فى تحديد درجة الكفاية دون ما معقب على تقديرها باعتبارها السلطة المهيمنة على شئون الموظفين والأقدر على وزن كفايتهم، والثابت من محضر لجنة شئون الموظفين أنها قدرت كفاية المدعى عن عام 1958 بدرجة ضعيف فلا يسوغ القول والحالة هذه بانعدام هذا التقرير، هذا وأن فقد التقرير لا يعنى انعدامه ما دام ليس من المتعذر الوصول الى الحقيقة بطرق الاثبات الأخرى، وعلى هذا كان واجبا على المحكمة التأديبية أن تفحص حالة المطعون ضده على مقتضى أحكام المادة 32 من قانون الموظفين، واذ ذهب القرار المطعون فيه مذهبا مخالفا فانه يكون قد خالف القانون وقام به سبب من أسباب الطعن.
ومن حيث أن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن ولاية التعقيب على تقدير الكفاية فى التقرير السنوى انما هى لقضاء الالغاء، فهو القضاء الذى شرعه القانون لنظر الطعن فى القرارات الادارية.
وقد يسر القانون للموظف وسيلة العلم بالتقرير وبوجه خاص فى حالة تقديم تقرير عنه بدرجة ضعيف اذ نص فى عجز المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة على أن "يعلن الموظف الذى يقدم عنه تقرير بدرجة ضعيف بصورة منه" فاذا فوت صاحب الشأن على نفسه فرصة الطعن فى التقرير فى الميعاد القانونى لاستصدار حكم بالغائه من قضاء الالغاء. فان التقرير يصبح حصينا من الالغاء، ولا سبيل للعودة الى مناقشة وزعزعة هذه الحصانة حتى أمام قضاء الالغاء، ألا أن يكون قد قام بالتقرير وجه من أوجه انعدام القرار الادارى.
ومن حيث أنه لا حجة فى الاعتراض، بأن منع المحكمة التأديبية من مباشرة ولايتها التى خلفت فيها الهيئة المشكل منها مجلس التأديب فى مجال أعمال حكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 من التعقيب على تقدير الكفاية فى التقارير السنوية التى تعرض عليها من شأنه أن يجعل مهمتها آلية محضة - لا حجة فى الاعتراض بذلك لأن المشرع لم يجعل المحكمة التأديبية ذات سلطة مقيدة فى حدود انزال حكم القانون على الموظف الذى يقدم عنه تقريران متتاليان بدرجة ضعيف، وأنما ناط بها فى هذه الحدود فحص حالة الموظف وأن تقدر بعد ذلك الفحص ما اذا كان قادرا على الاضطلاع بأعباء وظيفة أخرى فتقرر نقله اليها أو أنه غير قادر على العمل فتفصله من وظيفته، كما أنها اذا ما قدرت أنه قادر على الاضطلاع بأعباء وظيفة أخرى فانها تقدر ما اذا كان ينقل الى الوظيفة الأخرى بذات الدرجة والمرتب أو ينقل اليها مع خفض درجته أو مع خفض مرتبه أو مع نقله الى كادر أدنى، وذلك كله واضح الدلالة فى نفى وصف الآلية عن عمل المحكمة التأديبية فى حدود انزال حكم المادة 32 ودون أن تقوم بالتعقيب على تقدير الكفاية فى التقارير السنوية. فهو عمل لا بد لأدائه من أعمال الفكر والتقدير واجراء الموازنة والترجيح وتوخى الملاءمة بين حالة الموظف والمركز الذى تقضى بوضعه فيه.
ومن حيث أنه تبين من الاطلاع على صورة التقرير السنوى السرى الخاص بالمدعى عن عام 1958 والتى تضمنت البيانات التى أثبتها الرئيس المباشر فى أصل التقرير المفقود والتى تحمل توقيع هذا الرئيس وكان يحتفظ بها فى مكتبه، أنه قدر مرتبه كفاية المدعى عن ذلك العام بدرجة ضعيف وأثبت بخانة الملاحظات العبارات الآتية:
"لا يهتم بالارشادات والتوجيهات التى تعطى اليه" "عدم درايته الفنية بأعمال الأوبئة - مستهتر - ولا يقدر المسئولية - مهمل فى أعماله وقد أحيل بعضها الى النيابة الادارية - غير منتج ولا يطيع الأوامر التى تعطى اليه لتنفيذ الأعمال وقد سبق أن جوزى بخصم أربعة أيام فى 5/ 11 بناء على تحقيقات النيابة الادارية - ما زال يحقق معه بواسطة النيابة الادارية لاهمالات أخرى خاصة بالعمل - نقل من مفتش بقسم الأوبئة الى طبيب قسم لهذه الأسباب ولعدم كفايته بموافقة الادارة الصحية - عدم محافظته على مواعيد العمل الرسمية وقد لفت نظره شفويا وكتابة - حاد الطباع - يميل الى المشاغبة والتعدى لأتفه الأسباب والتهجم على رؤسائه وقد أحيل بعضها الى النيابة الادارية وجوزى بخصم ثلاثة أيام كما أنه أحيل الى محكمة الجنح لتعديه على الأهالى بالضرب والقضية أمام القضاء - سئ التصرف وقد أحيل الى النيابة العامة لقيامه بعملية اجهاض كما أن النيابة الادارية تقوم بالتحقيق معه لمزاولة المهنة فى الخارج بدون أذن وحصوله على أموال البلدية بدون وجه حق"، ويتبين من الاطلاع على محضر لجنة شئون الموظفين المنعقدة بتاريخ 27 من أبريل سنة 1959 برئاسة السيد الوكيل العام محمود عبد الواحد محسن وعضوية السادة عبد المنعم خربوش مدير عام الادارة المالية العامة والدكتور مصطفى ابراهيم نيازى مدير عام ادارة التخطيط والمبانى والدكتور محمد العروسى وكيل عام الادارة الصحية أن اللجنة قد عرض عليها تقرير الموظفين الحاصلين على درجة ضعيف عن عام 1958 فأعتمدتها وقررت حرمانهم من علاوة مايو سنة 1959 ومن بين هؤلاء الموظفين الدكتور مصطفى البلتاجى، وقد صدر بذلك قرار السيد مدير عام بلدية الاسكندرية رقم 30 لسنة 1959 فى 29 من أبريل سنة 1959، وقد تظلم الدكتور مصطفى البلتاجى من هذا القرار وقيد تظلمه برقم 45 بتاريخ 20/ 5/ 59 وتقرر رفض التظلم. كما تبين من الاطلاع على تقرير سنة 1959 أن الرئيس المباشر قدر مرتبة كفايته عن هذا العام بدرجة ضعيف وأثبت فى خانة الملاحظات ما يلى:
"عدم درايته الفنية بأعمال الأوبئة - مستهتر ولا يقدر المسئولية - مهمل فى أعماله" "وقد جوزى بخصم خمسة عشر يوما للاهمال الجسيم فى مراقبة الأمراض المعدية" "وقد تكرر منه ذلك بعد هذا الجزاء - كما أهمل فى عمليات التطعيم الاجبارى ضد الجدرى للأطفال مما يعرض المدينة لخطر انتشار وباء الجدرى - وتضليله الادارة الصحية باثبات نماذج التطعيم على شهادات الميلاد مع مخالفة ذلك للواقع - تعريض حياة الأطفال للخطر بتكراره عملية التطعيم وأحيل أحدهم لمستشفى الحميات - استيلاؤه على شهادات ميلاد بعض الأطفال لحسابه الخاص مخالفا واجبات وظيفته - اهماله فى مراقبة اصابات أمراض معدية وما زال يحقق معه بمعرفة النيابة الادارية ولا يطيع الأوامر التى تعطى اليه - حاد الطباع - يميل الى المشاغبة والتهجم على رؤسائه وقد أحيل بعضها الى النيابة الادارية - يرفض الحضور الى الادارة لتلقى التعليمات أسوة بزملائه مخالفا الأوامر - قام باخفاء السجل الرسمى الخاص بمراقبة الأمراض المعدية وعمل سجلا آخر بدلا منه أثبت فيه بيانات مخالفة وقام باخفاء سجلات مصلحية أخرى موضع تحقيق النيابة الادارية - أحيل الى مجلس تأديب بمعرفة النيابة الادارية لمزاولته مهنة الطب فى الخارج مخالفا فى ذلك قانون التوظيف ولحصوله على 15 جنيها شهريا بدل طبيعة عمل بلا مبرر ووافق المدير المحلى ورئيس المصلحة على تقدير كفايته بدرجة ضعيف. ووافقت لجنة شئون الموظفين على تقديره بمرتبة ضعيف وذلك بجلستها المنعقدة فى 10/ 4/ 1960.
ومن حيث أنه يستخلص مما تقدم جميعه أن التقرير الخاص بالدكتور المعروضة حالته على المحكمة التأديبية عن عام 1958 قد أستوفى الأوضاع المرعية فى هذا الشأن واعتمدته لجنة شئون الموظفين حسب الثابت من محضرها وترتب على هذا التقرير آثاره القانونية فحرم المدعى من أول علاوة دورية بناء على حصوله على درجة ضعيف فى هذا التقرير، فعلى المدعى عليه أن هو ادعى خلاف هذا الواقع أن يثبت العكس، واذ كان قد أحيط علما به بل وتظلم منه وتقرر رفض تظلمه ولكنه قبل الوضع ولم يطعن عليه فمن ثم لا يسوغ القول - اذا ظهر أن أصل التقرير قد فقد - بانعدامه اعتمادا على هذا السبب وحده، ذلك أن فقد أصل التقرير لا يحجب الحقيقة ما دامت وقائع الحال حسبما يستخلص من الأوراق الرسمية التى هى حجة بما تضمنته قاطعة فى توكيد ما تضمنه هذا التقرير، واذ ذهب القرار المطعون فيه مذهبا مخالفا فانه يكون قد خالف القانون ولا يغير من هذا النظر ما ظهر من أن رئيس اللجنة التى اعتمدت التقرير السرى لعام 1959 هو الذى وضع التقرير بوصفه المدير المحلى لأن هذه اللجنة ليست جهة قضاء حتى تلتزم بالأصول القضائية التى تحكم أعمال الهيئات القضائية ومن ثم لا يبطل القرار الصادر منها مثل هذا السبب وفضلا عما تقدم فان هذا التقرير قد اكتسب بفوات مواعيد الطعن عليه حصانة يمتنع معها أثارة أى وجه من أوجه الطعن عليه، وكان على المحكمة التأديبية نزولا على المبادئ متقدمة الذكر أن تعمل فى شأن الحالة المعروضة عليها حكم المادة 32 من قانون موظفى الدولة مما يتعين معه الغاء القرار الصادر منها برفض الطلب وأعادة الأوراق اليها للفصل فيه على أساس المبادئ والأسس السالفة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وباعادة الطلب الى المحكمة التأديبية بالاسكندرية للفصل فيه وألزمت المدعى عليه بالمصروفات.