مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 967

(97)
جلسة 3 من أبريل سنة 1965

برياسة السيد الأستاذ/ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ محمد شلبى يوسف وعادل عزيز زخارى وعبد الستار عبد الباقى آدم وأبو الوفا زهدى محمد المستشارين.

القضية رقم 594 لسنة 7 القضائية

( أ ) مرافعات - تقيد القاضى بحدود الطلبات المقدمة اليه - ليس له أن يقضى فى غير ما طلب منه الحكم فيه.
(ب) اختصاص - عمد ومشايخ - دعوى الغاء قرار عدم ادراج اسم المدعى فى كشف المرشحين للعمدية - اختصاص القضاء الادارى بها - العبرة فى الاختصاص بالتكييف الصحيح للدعوى لا تكييف الحكم المطعون فيه لها.
(جـ) اختصاص - قضاء ادارى - محكمة ادارية - عمد ومشايخ - القرارات الصادرة من لجنة الفصل فى الطلبات التى تقدم طعنا فى كشوف الجائز ترشيحهم للعمدية - تعد فى النظر الصحيح قانونا قرارات بالتعيين مآلا فى وظيفة العمدية اختصاص المحاكم الادارية بها دون محكمة القضاء الادارى.
(د) قرار ادارى - قرار ضمنى - قرينة قانونية - لجنة الفصل فى الطلبات التى تقدم طعنا فى كشوف الجائز ترشيحهم للعمدية - سكوتها عن الفصل فى الطلب فى الميعاد الذى حدده القانون - لا يعتبر بمثابة رفض له - القرينة القانونية على الرفض لا تقوم الا بالنص صراحة فى القانون على أن سكوت الادارة مدة معينة يعتبر بمثابة قرار بالرفض.
1 - توجب الاصول العامة فى المرافعات على القاضى أن يتقيد بحدود الطلبات المقدمة اليه وتأبى عليه أن يقضى فى غير ما طلب منه الحكم فيه.
2 - أن الدعوى فى الحدود التى رسمها لها المدعى أن هى الا دعوى الغاء قرار بعدم أدراج اسم المدعى فى كشف المرشحين للعمدية أو بالرفض الضمنى لطلبه ادراج اسمه، وبهذه المثابة ووفق هذا التكييف الصحيح لا تقوم شبهة فى اختصاص القضاء الادارى بها. ومن ثم يكون الدفع المبدى من الحكومة فى صحيفة الطعن بعدم اختصاص القضاء الادارى بنظر الدعوى تأسيسا على تكييف الحكم المطعون فيه لها على تكييفها الصحيح وفق ما تقدم، يكون هذا الدفع فى غير محله قانونا.
3 - أن الدفع بعدم اختصاص المحاكم الادارية بنظر الدعوى بمقولة أن القرارات التى تصدر من لجنة الفصل فى الطلبات التى تقدم طعنا فى كشوف الجائز ترشيحهم للعمدية هى من القرارات الادارية النهائية التى نصت عليها الفقرة السادسة من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 والتى تختص بها محكمة القضاء الادارى. مردود بأن قرارات اللجنة المشار اليها تعد فى النظر الصحيح قانونا قرارات بالتعيين مآلا فى وظيفة العمدية وتندرج تحت الفقرة 3 من المادة الثامنة سابقة الذكر وتختص بها المحاكم الادارية دون محكمة القضاء الادارى لعدم تعلقها بالموظفين الداخلين فى الهيئة من الفئة العالية أو بالضباط، ومن ثم يكون الدفع فى غير محله.
4 - أن وقوف لجنة الفصل فى الطلبات التى تقدم طعنا فى كشوف المرشحين للعمدية موقفا سلبيا من الطلب الذى تقدم به المدعى اليها دون أن تفصل فيه فى الميعاد الذى حدده القانون لا يعتبر بمثابة رفض له، اذ ليس ثمة قرينة قانونية أو موضوعية على هذا الرفض، فالقرينة القانونية على الرفض لا تقوم الا بالنص عليها صراحة فى القانون، على أن سكوت الادارة مدة معينة يعتبر بمثابة قرار بالرفض وذلك على غرار ما نص عليه قانون مجلس الدولة فى المادة 22 منه اذ يقول "ويعتبر فوات ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات الادارية المختصة بمثابة رفضه" ولئن كانت المادة السادسة سالفة الذكر قد نصت على أن تفصل اللجنة فى الطلبات خلال شهر الا أنها لم تنص على أن فوات هذا الميعاد دون فصل فى الطلب يعتبر بمثابة رفض له، هذا الى أن تحديد ذلك الميعاد لا يعنى سوى توجيه من المشرع لحث اللجنة على سرعة البت فى الطلبات المقدمة اليها.


اجراءات الطعن

فى يوم الاربعاء الموافق 18 من يناير سنة 1961 أودعت ادارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير الداخلية سكرتيرية المحكمة، عريضة طعن فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بجلسة 22 من نوفمبر سنة 1960 فى القضية رقم 176 لسنة 7 قضائية المقامة من السيد/ عبد العزيز محمد واعر ضد السيد وزير الداخلية والقاضى بالغاء القرار الضمنى بامتناع اللجنة عن الفصل فى طلب المدعى المقدم لها لادراج اسمه فى كشف الجائز ترشيحهم لعمدية ناحية منشأة رضوان مركز امبابة وما يترتب على ذلك من آثار والزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماه، وطلبت ادارة قضايا الحكومة للاسباب التى استندت اليها الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وأصليا بعدم اختصاص القضاء الادارى بنظر الدعوى واحتياطيا بعدم اختصاص المحاكم الادارية بنظرها وعلى سبيل الاحتياط الكلى بعدم قبول الدعوى وفى جميع الحالات بالزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقد أعلن الطعن للمدعى فى 31 من يناير سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18 من أبريل سنة 1964 وأبلغ الطرفان فى 17 من مارس سنة 1964 بميعاد هذه الجلسة، وقررت دائرة فحص الطعون احالة الطعن الى الدائرة الأولى بالمحكمة الادارية العليا حيث حدد لنظره أمامها جلسة 24 من أكتوبر سنة 1964 التى أبلغ بها الطرفان فى 10 من سبتمبر سنة 1964 وتداول الطعن بالجلسات وسمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقد تقرر ارجاء النطق بالحكم فى الطعن الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ايضاحات ذوى الشأن وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 176 لسنة 7 قضائية ضد السيد وزير الداخلية بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الادارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل فى 5 من يوليو سنة 1960 طالبا الحكم بالغاء القرار الصادر من وزارة الداخلية بعدم ادراج اسم الطاعن فى كشوف الترشيح لعمدية منشأة رضوان مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه، وقال المدعى شرحا لدعواه أنه بتاريخ 10/ 4/ 1948 صدر قرار وزير الداخلية بتعيينه عمدة لبلدة منشأة رضوان مركز امبابة وبقى شاغلا لهذه الوظيفة الى أن أبلغ بتاريخ 7/ 12/ 1959 بأن السيد وزير الداخلية أصدر فى 30/ 11/ 1959 قرارا أعطى رقم 112 لسنة 1959 باخلاء العمدية واتخاذ اجراءات شغلها فتظلم من هذا القرار لأنه يعرف الأسباب الكامنة وراءه ولما لم يجد تظلمه شيئا أقام الدعوى رقم 122 لسنة 7 قضائية بالطعن عليه بالالغاء وهذه الدعوى لا تزال مطروحة على المحكمة ولما يصدر فيها حكم، وفى شهر فبراير سنة 1960 أعد كشف بالمرشحين للعمدية بمعرفة نائب عمدة البلدة وأدرج اسم المدعى باعتباره حائزا على جميع الشروط اللازم توافرها فيمن يرشح للعمدية وأرسل هذا الكشف الى المركز فالمديرية وقد فوجئ المدعى باسقاط اسمه من هذا الكشف وعلم أن مركز امبابة أرسل الى المديرية يستفسر عن جواز ادراج اسم العمدة الذى أخلى من وظيفته فى كشوف الترشيح للعمدية التى أخلى منها وأرسلت مديرية الجيزة كتابا الى وزارة الداخلية تستفسر عن جواز ترشيح ثلاثة عمد المدعى أحدهم فردت الوزارة على المديرية بمنع ترشيح المدعى وحده واباحة ترشيح العمديين الآخرين وقالت الوزارة تبريرا لذلك أنه فاقد لأحد شروط الصلاحية للعمدية وهو شرط حسن السمعة، وفى 20/ 4/ 1960 علق كشف المرشحين وبدأت مدة عرضه من يوم 21/ 4/ 1960 على أن تنتهى فى 30/ 4/ 1960 وطبقا لنص المادة الخامسة من القانون رقم 106 لسنة 1957 فى شأن العمد والمشايخ تقدم التظلمات من حذف الأسماء أو أدراج الأسماء بدون حق خلال مدة العرض وقد تظلم المدعى من حذف اسمه بدون حق بكتاب موصى عليه أرسله فى 27/ 4/ 1960 ولم يتم الفصل فى هذا التظلم طبقا لنص المادة السادسة من القانون المذكور ولكن مركز أمبابة أرسل الى نقطة المنصورية ليبلغ المدعى بأنه ليس له حق ترشيح نفسه فنفذت النقطة هذا الأمر وحررت محضرا فى يوم 14/ 5/ 1960 برقم 1661 أثبتت فيه أنها قامت بابلاغ المدعى بأنه ليس له حق ترشيح نفسه وقد توقع منه بالعلم على هذا التبليغ فى التاريخ المذكور، واستطرد المدعى قائلا أن قرار وزارة الداخلية رقم 112 لسنة 1958 باخلاء عمدية بلدة منشأة رضوان منه لا يتضمن فصله من وظيفته بالكيفية الواردة فى المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 وعلى ذلك لا يكون ثمة وجه لحرمانه من حق ترشيح نفسه للوظيفة، وأن المنع من الترشيح للعمدية مقصور فى القانون على الحالة التى نصت عليها المادة 31 وهى حالة الفصل بالطريقة التى أوردتها المادة ويلحق بها بداهة حالة الفصل بالطريق العادى المبين فى المادة 29 من القانون لأن الفصل هنا قام على فقد الصلاحية للبقاء فى الوظيفة أو على الاهمال فى الاضطلاع بأعبائها، والمدعى لم يفصل بالاستناد الى أى من النصين فلا يجوز حرمانه من الترشيح للعمدية مرة أخرى، والادعاء بأن فصله كان بسبب فقده شرط حسن السمعة هو ادعاء باطل وللمحكمة عليه الرقابة الكاملة، وقد سبق أن قيل أن المدعى رجل كثير التزوج وأن هذه الصفة فيه تفقده شرط الصلاحية للبقاء فى العمدية وهذا نظر خاطئ فى فهم المعنى المقصود من شرط حسن السمعة، والمدعى متمتع بالسمعة الحسنة وما كان يجوز اخراجه من العمدية لسبب لا نصيب له من الصحة كما لا يجوز الامتناع عن درج اسمه بكشوف الترشيح.
وردت وزارة الداخلية على الدعوى بما قرره الحاضر عنها بجلسة التحضير المنعقدة بتاريخ 6/ 10/ 1960 من أن اجراءات اعداد كشوف الترشيح للعمدية قد أوقفت بناء على قرار الوزارة وأن لجنة الطعن لم تصدر بعد قرارها فى شأن التظلم الذى قدمه المدعى.
وقدم مفوض الدولة لدى المحكمة الادارية تقريرا بالرأى القانونى فى الدعوى مسببا، وقد تضمن أن المشرع رسم فى وضوح القواعد والاجراءات الخاصة بتحرير كشوف المرشحين للعمدية أو الشياخة وحدد اللجنة المنوط بها أعداد هذه الكشوف وأباح لكل من أهمل ادراج اسمه دون وجه حق أن يطلب قيده، وحدد المشرع الوسيلة الى ذلك والجهة التى يرفع اليها الطلب والمدة المقررة لذلك، فجعل ولاية الفصل فى هذا التظلم الادارى للجنة المنصوص عليها فى المادة السادسة من قانون العمد ونص على أن قرارات هذه اللجنة تكون نهائية ومتى كان ذلك كذلك فانه لا يقبل من المدعى أن يطعن ابتداء على كشف الترشيح بل كان يتعين عليه أن ينتظر صدور القرار النهائى من اللجنة المنصوص عليها فى المادة السادسة فى التظلم الذى قدمه اليها طالبا ادراج اسمه فى الكشف، لأنه اذا رسم المشرع طريقا للتظلم الادارى من قرار معين فانه يتعين ولوج هذا الطريق قبل رفع الدعوى بطلب الغائه والا كانت الدعوى غير مقبولة لرفعها قبل اتخاذ هذا الاجراء، ولا وجه للقول بأن اللجنة اذ لم تصدر قرارا فى التظلم فى الميعاد المنصوص عليه فى المادة السادسة تكون قد رفضت هذا التظلم لأن مضى هذه المدة لا يعد قرينة على الرفض خصوصا وأن اجراءات الترشيح قد أوقفت جميعها بقرار ادارى لا شك أن الادارة تملكه باعتبار أن وقف شغل العمدية أمر تترخص فيه بسلطة تقديرية لا تخضع فيه لرقابة القضاء الا فى حدود التعسف، هذا الى أن المشرع لم ينص على أنه يعد فى حكم قرار بالرفض مضى هذا الميعاد دون أن تصدر اللجنة قرارا فى التظلم، الأمر الذى يدعو الى القول بأن الميعاد المنصوص عليه فى المادة السادسة لا يتضمن سوى توجيه من المشرع الى الادارة لسرعة البت فى التظلم، وعلى هدى ذلك قد كان يتعين على المدعى أن ينتظر حتى تفصل اللجنة فى تظلمه بقرار نهائى، وهذا القرار النهائى - الذى لم يصدر بعد - هو وحده القابل للطعن أمام مجلس الدولة، وخلص المفوض الى أن الدعوى غير مقبولة شكلا لرفعها قبل صدور القرار النهائى من اللجنة المنصوص عليها فى المادة السادسة سالفة الذكر.
وعقب المدعى على تقرير المفوض بمذكرة انتهى فيها الى التصميم على طلباته المبينة بصحيفة الدعوى، وقال فيها أنه أقام هذه الدعوى بطلب الغاء القرار الصادر من مركز أمبابة برفض ادراج اسمه فى كشف المرشحين لعمدية بلدة منشأة رضوان مركز أمبابة مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأن وزارة الداخلية فى ردها على صحيفة الدعوى قد أقرت بأن مركز أمبابة لم يدرج اسم المدعى فى الكشف المذكور بناء على التعليمات المبلغة اليه بالكتاب رقم 273 سرى، ولم تبين الوزارة فى دفاعها سبب هذا الاستبعاد وأن المدعى استند فى دعواه الى ما تقضى به المادة السادسة من القانون رقم 106 لسنة 1957 من ضرورة الفصل فى الاعتراضات على كشوف المرشحين خلال الشهر التالى لانقضاء ميعاد تقديمها ولم تجب الوزارة المدعى على اعتراضه بخير ولا بشر فلم تبلغه مثلا بأنها أرجأت اعداد الكشوف الى فرصة أخرى أو انها ستبحث أمر اعتراضه فى الوقت المناسب فلا تثريب عليه ان أقام دعواه طعنا على قرار رفض اعتراضه فى المدة التى تلت الموعد الذى حدده القانون للفصل فى أمثال هذه الاعتراضات. هذا الرفض الذى استنتجه المدعى من عدم الاجابة على تظلمه وما من شك فى أنه لو سكت عن اقامة هذه الدعوى مدة زادت على ستين يوما لدفعتها الوزارة اذا قدمها بعد ذلك بعدم قبولها لأنه اعترض فى الميعاد ومضى ميعاد الفصل فى اعتراضه وميعاد الطعن القضائى بعده دون أن يرفع الدعوى، فالوزارة هى المسئولة عن رفع هذه الدعوى وكان أولى بها أن تقر بذلك وتطلب الحكم بالزامها بمصروفاتها وتقر بأن حق المدعى فى الاعتراض على كشوف المرشحين لم يلحقه أى تقادم وما دامت لم تقبل ذلك فلا محيص عن الزامها بالمصروفات التى أنفقها المدعى على مقاضاتها ما دامت هى المسئولة عن هذه المقاضاة، وقال المدعى أيضا أن دعواه تعتبر مقبولة لأنه تظلم فى الميعاد القانونى وانتظر انقضاء المدة المقررة للبت فى تظلمه ثم رفع دعواه بعد ذلك فى الميعاد المقرر لرفع الدعوى، وانه لم يثبت أن الجهة الادارية فى أثناء السير فى الدعوى عدلت عن قرارها الذى أبلغته الى مركز امبابة باستبعاد اسم المدعى فى كشف المرشحين للعمدية فيكون من حق المدعى أن يفصل فى طعنه القضائى سواء كانت اللجنة المنصوص عليها فى قانون العمد قد اجتمعت فى موعد آخر غير الموعد الذى كان واجبا عليها بنص القانون أن تجتمع فيه وتفصل فى الطلبات المقدمة اليها أو لم تجتمع حتى الآن لأن الأمر طرح على جهة القضاء بالطريق القانونى السليم وفى المواعيد المقررة له ولا علم للمدعى بالتعليمات السرية التى توزعها الوزارة على فروعها، وأنه لذلك يكون من حقه الحكم بقبول دعواه واجابته الى طلباته الموضوعية أو اعادة الدعوى الى المرافعة لتفصح الوزارة عن سبب الأمر الذى أصدرته باستبعاد اسمه من كشف المرشحين ليناقشه ثم تقول المحكمة كلمتها فيه.
وبالجلسة المنعقدة فى 22 من نوفمبر سنة 1960 أصدرت المحكمة الادارية حكمها فى الدعوى قاضيا بقبولها شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار الضمنى بامتناع اللجنة عن الفصل فى طلب المدعى المقدم لها لادراج اسمه فى كشف الجائز ترشيحهم لعمدية ناحية منشأة رضوان مركز أمبابة وما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة، وأقامت المحكمة قضاءها على أن التكييف القانونى السليم للدعوى هو انها طعن بالالغاء فى قرار اللجنة السلبى بامتناعها عن الفصل فى الطلب المقدم من المدعى لادراج اسمه فى كشوف الترشيح للعمدية واذا كان الثابت أن المدعى قدم طلبه هذا ولم تفصل فيه اللجنة رغم مضى الشهر التالى لانقضاء ميعاد تقديم الطلبات والذى ينتهى فى 9/ 6/ 1960 وقد أقام دعواه فى 5/ 7/ 1960 أى خلال الستين يوما التالية لهذا الميعاد فان دعواه تكون قد رفعت فى الميعاد القانونى، وبالنسبة لموضوعها فانه لما كانت اللجنة المنصوص عليها فى المادة السادسة من قانون العمد هى جهة تفصل فى الطلبات التى تقدم من ذوى الشأن لادراج أسمائهم فى كشوف الترشيح للعمدية أو حذف أسماء من قيد فى هذه الكشوف دون وجه حق ولما كانت اللجنة فى صدد مباشرتها لسلطتها هذه ليس للادارة عليها سلطة رئاسية وبالتالى لا تخضع لما تصدره الادارة من أوامر كوقف الترشيح أو غير ذلك من الأمور فمن ثم كان يتعين عليها اصدار قرارها فى شأن طلب المدعى ادراج اسمه فى كشف المرشحين لعمدية ناحية منشأة رضوان والذى تقدم به اليها وبالتالى فان اللجنة وقد امتثلت لما أصدرته الادارة من قرار بوقف الترشيح فامتنعت لذلك من الفصل فى طلب المدعى فانها تكون قد خالفت القانون ومن ثم وعلى أساس أن الدعوى هى طعن فى قرار اللجنة السلبى بامتناعها عن الفصل فى شأن ادراج اسم المدعى من عدمه تكون الدعوى قائمة على أساس سليم من القانون ويتعين بالتالى الحكم بالغاء قرار اللجنة السلبى المذكور.
وبالعريضة المرفوعة الى سكرتيرية هذه المحكمة فى 18 من يناير سنة 1961 طعنت ادارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير الداخلية فى حكم المحكمة الادارية المشار اليها وذلك بناء على الأسباب الآتية:
أولا - عدم اختصاص القضاء الادارى بنظر الدعوى، لأن مقتضى الحكم المطعون فيه هو الزام جهة الادارة بالفصل فى الطلب المقدم من المطعون ضده والمحكمة ليست من هيئات الادارة العامة ولا تملك بهذه المثابة أن تصدر قرارات ادارية كما لا تملك اصدار قرارات بتكليف جهة الادارة باجراء أمر معين هو من وظيفة هذه الجهة والقول بغير ذلك يجعلها كاحدى هيئات الادارة العامة ومن شأنه أيضا أن يجعل لها سلطة رئاسية تجاه الادارة الأمر الذى يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات.
ثانيا - عدم اختصاص المحاكم الادارية بنظر الدعوى على فرض التسليم باختصاص القضاء الادارى بنظرها، ذلك أن القرارات الصادرة من اللجنة المشكلة للفصل فى الطلبات التى تقدم طعنا فى كشوف الجائز ترشيحهم تصدر فى مرحلة تمهيدية قبل مرحلة الترشيح للعمدية التى تأتى بعد صيرورة هذه الكشوف نهائية ولذلك فان هذه القرارات لا يمكن اعتبارها من القرارات الادارية النهائية الصادر بالتعيين فى الوظائف العامة التى تختص بها المحاكم الادارية عدا ما يتعلق منها بالموظفين الداخلين فى الهيئة من الفئة العالية أو بالضباط، وأنما هى من القرارات الادارية النهائية التى نصت عليها الفقرة السادسة من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 والتى تختص بنظرها محكمة القضاء الادارى طبقا لنص المادة 14 من ذلك القانون.
ثالثا - عدم قبول الدعوى ذلك أنه اذا سلم جدلا بأن القرار المطعون فيه بامتناع اللجنة عن الفصل فى الطلب المقدم من المطعون ضده لادراج اسمه فى كشف المرشحين، هو قرار نهائى متعلق بالتعيين، فى وظيفة العمدية فان الدعوى بطلب الغاء هذا القرار لا تقبل - وفق حكم المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 - قبل التظلم للهيئة الادارية مصدرة القرار أو الهيئات الرئيسية وانتظار المواعيد المقررة للبت فى هذا التظلم، والمطعون ضده أقام دعواه قبل تقديم هذا التظلم، وقد طلبت الحكومة الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وأصليا بعدم اختصاص القضاء الادارى بنظر الدعوى واحتياطيا بعدم اختصاص المحاكم الادارية بنظرها وعلى سبيل الاحتياط الكلى بعدم قبول الدعوى وفى جميع الحالات بالزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن مسببا رددت فيه النظر الذى تضمنه تقرير مفوض المحكمة الادارية وانتهت الى أنها ترى قبول الطعن شكلا وفى الموضوع الغاء الحكم المطعون فيه وعدم قبول الدعوى والزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل الأتعاب.
ومن حيث انه يبين من الرجوع الى صحيفة الدعوى المطعون فى الحكم الصادر فيها، أن المدعى أورد بها أن وزارة الداخلية ردت على مديرية الجيزة بمنع ترشيحه للعمدية لأنه فاقد لأحد شروط الصلاحية وهو شرط حسن السمعة، كما ذكر أنه تظلم فى 27/ 4/ 1960 من حذف اسمه من كشف الترشيح ولم يتم الفصل فى هذا التظلم طبقا لنص المادة السادسة من قانون العمد ولكن مركز امبابة أرسل الى نقطة المنصورية ليبلغه بأنه ليس له حق ترشيح نفسه فنفذت النقطة هذا الأمر وحررت محضرا فى 14/ 5/ 1960 برقم 4661 أثبتت فيه أنها قامت بابلاغه بأنه ليس له حق ترشيح نفسه وقد توقع منه بالعلم على هذا التبليغ فى التاريخ المذكور، وأوضح المدعى بعد ذلك ما يتمسك به من أنه ليس ثمة وجه لحرمانه من حق ترشيح نفسه للعمدية ومن أنه متمتع بالسمعة الحسنة وما كان يجوز أخراجه من العمدية أو الامتناع عن درج اسمه فى كشوف الترشيح، ثم انتهى الى الطلبات الآتية "الحكم بالغاء القرار الصادر من وزارة الداخلية بعدم ادراج اسم الطاعن فى كشوف الترشيح لعمدية منشأة رضوان مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" ولما قدم مفوض الدولة تقريره متضمنا أنه لا يقبل من المدعى أن يطعن ابتداء على كشف الترشيح وأنه كان يتعين عليه أن ينتظر صدور القرار النهائى من اللجنة المنصوص عليها فى المادة السادسة من القانون فى التظلم الذى قدمه اليها وأنه لذلك تكون الدعوى غير مقبولة شكلا لرفعها قبل صدور ذلك القرار النهائى، لما قدم هذا التقرير عقب عليه المدعى بالمذكرة التى سبق بيانها فى مقام سرد الوقائع، وقد صمم فيها على طلباته المبينة بصحيفة الدعوى ذاهبا الى أنه "لا تثريب عليه أن أقام دعواه طعنا على قرار رفض اعتراضه فى المدة التى تلت الموعد الذى حدده القانون للفصل فى أمثال هذه الاعتراضات. هذا الرفض الذى استنتجه المدعى من عدم الاجابة على تظلمه... فالوزارة هى المسئولة عن رفع هذه الدعوى وكان أولى بها أن تقر بذلك وتطلب الحكم بالزامها بمصروفاتها وتقر بأن حق المدعى فى الاعتراض على كشوف المرشحين لم يلحقه أى تقادم.." وواضح من كل ما تقدم أن المدعى أنما طلب فى دعواه الغاء قرار عدم ادراج اسمه فى كشف الترشيح للعمدية وذلك على أساس ما استنتجه من رفض تظلمه من هذا القرار، فهو انما يطعن فى رفض ادراج اسمه أو فى رفض تظلمه من عدم ادراج اسمه لا فى مجرد امتناع اللجنة عن الفصل فى تظلمه توصلا الى الزامها باصدار قرار سواء بقبوله أو برفضه فهذا طعن أو طلب مغاير موضوعا ونتيجة لما طلبه المدعى فى دعواه، وغير داخل فى الاطار الذى رسمه لها.
ومن حيث أنه لما كانت الأصول العامة فى المرافعات توجب على القاضى أن يتقيد بحدود الطلبات المقدمة اليه وتأبى عليه أن يقضى فى غير ما طلب منه الحكم فيه.
ومن حيث ان المحكمة الادارية فى حكمها المطعون فيه قد حادت عن هذه القاعدة، ففصلت فى الدعوى فى غير الحدود التى رسمها المدعى لها بطلباته الواضحة على نحو ما تقدم، ذلك أنها بعد أن قررت أن ميعاد الشهر الذى حددته المادة السادسة من قانون العمد للفصل فى طلبات القيد بكشف الترشيح أو الحذف منه هو بمثابة توجيه لحث اللجنة المختصة بهذا الفصل على سرعة البت فى تلك الطلبات دون أن يعنى مضى الميعاد المذكور بغير اصدار قرار فى طلب ما، افتراض رفضه، أى لا يعد فى حكم قرار بالرفض الضمنى، بعد أن قررت المحكمة هذا، أى عدم وجود قرار ضمنى برفض طلب المدعى قيد أسمه فى كشف المرشحين للعمدية، ذهبت الى تكييف دعواه بأنها طعن بالالغاء فى قرار اللجنة السلبى بامتناعها عن الفصل فى ذلك الطلب وانتهت الى الحكم بالغاء هذا القرار السلبى ناعية على اللجنة أنها وقد امتثلت لما أصدرته الادارة من قرار بوقف الترشيح فامتنعت لذلك عن الفصل فى طلب المدعى فأنها تكون قد خالفت القانون، ولما كان المدعى يطعن فى عدم أدراج اسمه بكشف المرشحين أو فى رفض اللجنة طلبه ادماج اسمه، ولما كان الطعن فى مجرد عدم فصل اللجنة فى طلب ادراج الاسم على اساس أنه لا قرينة فيه على الرفض وتوصلا الى الزام اللجنة باصدار قرار فى الطلب سواء بقبوله أو برفضه، هو غير الطعن فى رفضها الضمنى للطلب توصلا الى الغاء هذا الرفض وقبول الطلب، فهما متباينان موضوعا ونتيجة، لما كان ذلك فانه يكون واضحا أن الحكم المطعون فيه، اذ اعتبر أن الدعوى هى طعن بالالغاء فى امتناع اللجنة عن الفصل فى طلب المدعى ادراج اسمه لا فى رفض اللجنة الضمنى لهذا الطلب أو فى قرار عدم أدراج اسمه، أن الحكم المطعون فيه قد وجه الدعوى وجهة تغاير قصد المدعى منها وطلباته الواضحة فيها ونأى بذلك عن الصواب.
ومن حيث أن الدعوى فى الحدود التى رسمها لها المدعى على ما سلف بيانه أن هى الا دعوى قرار بعدم ادراج اسم المدعى فى كشف المرشحين للعمدية أو بالرفض الضمنى لطلبه أدراج اسمه، وبهذه المثابة ووفق هذا التكييف الصحيح لا تقوم شبهه فى اختصاص القضاء الادارى بها، ومن ثم يكون الدفع المبدى من الحكومة فى صحيفة الطعن بعدم اختصاص القضاء الادارى بنظر الدعوى تأسيسا على تكييف الحكم المطعون فيه لها لا على تكييفها الصحيح وفق ما تقدم، يكون هذا الدفع فى غير محله قانونا.
ومن حيث أنه فيما يتعلق بالدفع بعدم اختصاص المحاكم الادارية بنظر الدعوى بمقولة أن القرارات التى تصدر من لجنة الفصل فى الطلبات التى تقدم طعنا فى كشوف الجائز ترشيحهم للعمدية هى من القرارات الادارية النهائية التى نصت عليها الفقرة السادسة من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 والتى تختص بها محكمة القضاء الادارى، فان قرارات اللجنة المشار اليها تعد فى النظر الصحيح قانونا، قرارات بالتعيين مآلا فى وظيفة العمدية وتندرج تحت الفقرة 3 من المادة الثامنة سابقة الذكر وتختص بها المحاكم الادارية دون محكمة القضاء الادارى لعدم تعلقها بالموظفين الداخلين فى الهيئة من الفئة العالية أو بالضباط، ومن ثم يكون هذا الدفع فى غير محله أيضا.
ومن حيث أن المادة الخامسة من القانون رقم 106 لسنة 1957 قد نصت على أنه عقب تحرير كشوف المرشحين للعمدية بمعرفة المركز وعرضها، يكون لكل من أهمل قيد اسمه أن يطلب قيده فيه ولكل من كان أسمه مقيدا بالكشف أن يطلب حذف اسم من قيد اسمه بغير وجه حق، ونصت المادة السادسة على أن تفصل فى الطلبات المذكورة لجنة مؤلفة من السكرتير العام للمديرية ومن أحد وكلاء النيابة ومن أحد أعضاء لجنة العمد والمشايخ وذلك خلال الشهر التالى لانقضاء ميعاد تقديم الطلبات، وتكون قرارات اللجنة نهائية، وعلى مقتضى هذا فانه يتعين على من أهمل قيد أسمائهم بكشف الترشيح أن يتقدموا بطلباتهم أولا للجنة المشار اليها ولا يقبل منهم الطعن أمام القضاء الادارى قبل أن تصدر فى شأن هذه الطلبات قرارات نهائية من اللجنة المشار اليها.
ومن حيث أن وقوف هذه اللجنة موقفا سلبيا من الطلب الذى تقدم به المدعى اليها دون أن تفصل فيه فى الميعاد الذى حدده القانون لا يعتبر بمثابة رفض له، اذ ليس ثمة قرينة قانونية أو موضوعية على هذا الرفض، فالقرينة القانونية على الرفض لا تقوم الا بالنص عليها صراحة فى القانون على أن سكوت الادارة مدة معينة قد يعتبر بمثابة قرار بالرفض وذلك على غرار ما نص عليه قانون مجلس الدولة فى المادة 22 منه اذ يقول "ويعتبر فوات ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات الادارية المختصة بمثابة رفضه" ولئن كانت المادة السادسة سالفة الذكر قد نصت على أن تفصل اللجنة فى الطلبات خلال شهر الا انها لم تنص على أن فوات هذا الميعاد دون فصل فى الطلب يعتبر بمثابة رفض له هذا الى أن تحديد ذلك الميعاد لا يعنى سوى توجيه من المشرع لحث اللجنة على سرعة البت فى الطلبات المقدمة اليها، أما من الناحية الموضوعية فأنه لا قرينة على رفض طلب المدعى خاصة وأن اجراءات الترشيح للعمدية قد أوقفت بقرار من الوزارة، وعلى هدى ذلك ولما كانت اللجنة المشكلة طبقا للمادة السادسة سالفة الذكر لم تصدر بعد قرارها النهائى فى طلب المدعى قيد اسمه بكشف المرشحين الذى أغفله، فان الدعوى تكون غير مقبولة لرفعها قبل صدور ذلك القرار النهائى.
ومن حيث أنه بناء على ما تقدم يتعين الغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى والزام المطعون ضده المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى وألزمت المدعى المصروفات.