أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 537

جلسة 23 من فبراير سنة 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمن عياد، وصلاح نصار، وأحمد وهدان.

(99)
الطعن رقم 559 لسنة 42 القضائية

(1) ايجار "ايجار أماكن". دعوى "قبول الدعوى". نظام عام.
دعوى المؤجر باخلاء المستأجر للتخلف عن سداد الأجرة. قبولها رهين بتكاليف المستأجر بالوفاء بالاجرة المتأخرة بشروط صحه التكليف. بطلانه. أمر متعلق بالنظام العام.
(2) إيجار "إيجار أماكن". بطلان. نظام عام. نقض.
دعوى الاخلاء. بطلان التكليف بالوفاء بالأجرة لتجاوز المطلوب فيه الأجرة المستحقة. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض رغم تعلقه بالنظام العام. علة ذلك.
1 - مفاد نص الفقرة "أ" أن المادة الثانية من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 - والمقابلة للفقرة ( أ ) من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء شرطا أساسيا لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير فى الأخير فى الأجرة، فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلا تعين الحكم بعدم قبول الدعوى، ويعتبر بطلان التكليف متعلقا بالنظام العام، ويشترط أن يبين فى التكليف بالوقاء الأجرة المستحقه المتأخرة التى يطالب بها المؤجر حتى يتبين المستأجر حقيقة المطلوب منه بمجرد وصول التكليف إليه وإلا فلا ينتج التكليف أثره إلا إذا لم تكن قيمة هذه الأجرة محل خلاف بين الطرفين فلا يشترط عندئذ بيانها.
2 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان التكليف بالوفاء، وكان مبنى الدفع الذى تمسك به الطاعن بسبب النعى أن التنبيه المعلن للطاعن لا يمثل الحقيقة، إذ تضمن التنبيه طلب مبلغ 185 ج بينما الثابت أنه لم يكن مدنيا إلا بمبلغ 39.060 ج ليس غير، لما كان ذلك وكان يشترط لقبول الأسباب المتعلقة بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض ألا يخالطها أى عنصر واقعى لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع، اعتبارا بأن السبب لا يكون قانونيا صرفا ألا يتوافر هذه الشروط، وكان لا يتسنى لمحكمة النقض التحقق من سداد الدفع ببطلان التكليف بالوفاء لا بالخوض فى وقائع النزاع واحتساب المبالغ التى أوفاها الطاعن ومقدار الأجره المستحقة عليه حتى تاريخ التنبيه توصلا للتعرف إلى مطابقة المبلغ الذى تضمنه التنبيه للمبلغ المستحق فى ذمته حتى ذلك الوقت، فأن ما أثاره الطاعن من بطلان التكليف بالوفاء، وإن كان سببا قانونيا يتعلق بمدى صحة تطبيق محكمة الموضوع للقانون إلا أنه يخالطه واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع، ولا يجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن مورث المطعون عليهم أقام الدعوى رقم 392 سنة 1968 مدنى أمام محكمة المنيا الابتدائية ضد الطاعن طالبا الحكم باخلائه من الشقة استئجاره المبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها له، وقال بيانا لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 6/ 4/ 1957 استأجر الطاعن منه الدور الثالث بالعقار رقم........ بأجرة شهرية قدرها 500 جنيه و2 مليم، وإذا لم يسدد من الاجرة المستحقة عليه عن المدة من 1/ 4/ 1962 حتى 7/ 1968 وقدرها 185 جنيه سوى مبلغ 82 جنيه و300 مليم بموجب إنذار عرض، وتأخر فى سداد مبلغ 102 جنيه و970 مليم خلاف ما يستجد، فقد أقام الدعوى بطلباته. وبتاريخ 27/ 1/ 1970 حكمت المحكمة بالزام الطاعن باخلاء العين المبينة بصحيفة الدعوى عقد الايجار المؤرخ 6/ 4/ 1957 وتسليمها خالية إلى مورث المطعون عليهم. أستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 29 سنة 6 ق بنى سويف (مأمورية المنيا) طالبا الغاءه ورفض الدعوى، وفى 20/ 5/ 1971 حكمت محكمة الاستئناف بندب مكتب خبراء وزرة العدل لبيان ما سدده الطاعن من أجرة عين النزاع باعتبار أن الأجرة الشهرية لها 218 قرش وذلك اعتبارا من أول أبريل سنة 1962 جتى قفل باب المرافعة فى الاستئناف، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وحكمت فى 25/ 6/ 1972 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على سببين، ينعى الطعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيانه يقول إن المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 اشترطت لقبول دعوى الإخلاء التأخير فى سداد الأجرة أن يسبق تحريكها تنبيه على المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة، وإذا كان التنبيه الحاصل من مورث المطعون عليهم إليه بتاريخ 4/ 6/ 1968 انطوى على الزعم بأنه تأخر فى وفاء مبلغ 185 جنيه من قيمة الأجرة المستحقة حتى يونيو سنة 1968، وكان الثابت من إنذارات العرض المعلنة فى تواريخ سابقه على تاريخ التنبيه أنه لم يكن مستحقا عليه حتى آخر يونيو سنة 1968 سوى مبلغ 60 جنيه و39 مليم فإن ما ورد بالتنبيه المعلن إليه يكون منطويا على المطالبة بسداد مبالغ ليست مستحقه فى ذمته ولم يكن مدينا بها عند ذاك مما يبطل التكليف بالوفاء ويرتب عدم قبول الدعوى، وهو أمر متعلق بالنظام العام يجوز التحدى به لأول مرة أمام محكمة النقض، مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أنه وأن كان النص فى الفقرة ( أ ) من المادة الثانية من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 والمقابلة للفقرة ( أ ) من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان المؤجر ولو عند انتهاء المدة المتفق عليها فى العقد إلا لأحد الأسباب الآتية، ( أ ) إذا لم يقم المستأجر بوفاء الأجرة المستحقة طبقا لأحكام هذا القانون فى خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تكليفه بذلك باعلان على يد محضر أو بكتاب مسجل يسلم له بأيصال...."، يدل على أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء شرطا أساسيا لقبول دعوى الاخلاء بسبب التأخير فى الأجرة، فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلا تعين الحكم بعدم قبول الدعوى، ويعتبر بطلان التكليف متعلقا بالنظام العام، ويشترط أن يبين فى التكليف بالوفاء الأجرة المستحقة المتأخرة التى يطالب بها المؤجر حتى يتبين المستأجر حقيقة المطلوب منه بمجرد وصول التكليف إليه وإلا فلا ينتج التكليف أثره، إلا إذا لم تكن قيمة هذه الاجرة محل خلاف بين الطرفين فلا يشترط عندئذ بيانها، لئن كان ذلك، إلا أنه لما كان البين من الأوراق أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان التكليف بالوفاء وكان مبنى الدفع الذى تمسك به الطاعن بسبب النعى أن التنبيه المعلن للطاعن فى 4/ 7/ 1968 لا يمثل الحقيقة وأن الأجرة المطلوبة فيه مجاوزه لما هو مستحق فعلا فى ذمته عند إعلانه به، إذ تضمن التنبيه طلب سداد مبلغ 1850 جنيها فى حين أن الثابت أنه لم يكن مدينا إلا بمبلغ 60 جنيه و39 مليم ليس غير، لما كان ذلك وكان يشترط لقبول الأسباب المتعلقة بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض ألا يخالطها أى عنصر واقعى لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع، اعتبارا بأن السبب لا يكون قانونيا صرفا إلا بتوافر هذه الشروط، وكان لا يتسنى لمحكمة النقض التحقق من سداد الدفع ببطلان التكليف بالوفاء لا بالخوض فى وقائع النزاع واحتساب المبالغ التى أوفاها الطاعن ومقدار الأجرة المستحقة عليه حتى تاريخ التنبيه توصلا للتصرف إلى مطابقة المبلغ الذى تضمنه التنبيه للمبلغ المستحق فى ذمته حتى ذلك الوقت، فأن ما أثاره الطاعن من بطلان التكليف بالوفاء وإن كان سببا قانونيا يتعلق بمدى صحة تطبيق محكمة الموضوع للقانون، إلا أنه يخالطه واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع، ولا يجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة، ومن ثم يكون النعى غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفى بيان ذلك إن الحكم اعتمد فى قضائه على النتيجة التى إنتهى اليها تقرير الخبير مستبعدا فيه رسم انذارات العرض، مع أن الثابت من مستندات الطاعن أن مورث المطعون عليهم كان يقبل المبالغ المعروضه عليه دون أى تحفظ، وكانت تخصم منها رسوم الإنذارات تبعا لما أثبت بالإنذار الأول، ومن ثم فأن جنوح مورث المطعون عليهم للمطالبة بأكثر مما هو مستحق يقطع بتعمده الامتناع عن قبول الأجرة، ويلقى على كاهله رسوم الانذارات التالية للإنذار الأول، بما يفيد أن العرض الذى تم بالإنذار المعلن لمورث المطعون عليهم فى 14/ 4/ 1966 تم صحيحا، وأن عدم احتساب المبلغ المعروض لهذا الانذار على ما ذهب الخبير والحكم المطعون فيه لا يعتمد على صحيح القانون.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه ركن فى قضائه إلى أن ما انتهى إليه الخبير فى تقريره بشأن تصفيه حساب الأجرة المتأخرة المستحقة على الطاعن حتى 30/ 5/ 1971 وقدرها 41 جنيه و910 مليم، وأنه بإضافة مبلغ 25 جنيها و70 مليم مقدار الأجرة المستحقة بعد ذلك وحتى قفل باب المرافعة فى 5/ 5/ 1972 وخصم مبلغ 27 جنيها و725 مليما قيمة المسدد فى تلك الفترة على دفعتين، تصبح الأجرة المتأخرة مبلغ 39 جنيها و725 مليم. لما كان ذلك، وكان اعتراض الطاعن اذ ينحصر فى عدم احتساب قيمه إنذار العرض المعلن فى 14/ 4/ 1966 وقيمة رسوم الإنذارات وجملتها مبلغ 34 جنيها و280 مليم أى أقل من المبلغ الذى أثبت الحكم تأخر الطاعن فى سداده، فأن ذمة الطاعن تظل مشغوله حتى يفرض صحة ما يذهب إليه، ويكون النعى غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.