أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 591

جلسة أول مارس سنة 1977

برئاسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد صدقى العصار، ورأفت عبد الرحيم، وجمال الدين عبد اللطيف، وإبراهيم هاشم.

(109)
الطعن رقم 538 لسنة 43 القضائية

(1) مسئولية "المسئولية الشيئية".
الحراسة الموجبة للمسئولية عن الأشياء ماهيتها. م 178 مدنى. مثال بشأن مسئولية مالك الشئ عن اصابة أحد عمال المقاول أثناء قيامه بالعمل لحسابه.
(2) حكم "تسبيب الحكم". استئناف.
أخذ المحكمة الاستئنافية بأسباب محكمة أول درجة دون إضافة. لا خطأ.
(3) مسئولية "المسئولية الشيئية" قوة قاهرة.
المسئولية الشيئية. قيامها على أساس خطأ مفترض من حارس الشئ. نفيها لا يكون إلا باثبات الحارس أن الضرر وقع بسبب القوة القاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.
(4) إثبات "إجراء المعاينة" خبرة.
الانتقال لإجراء المعاينة أو ندب خبير فى الدعوى. من الرخص القانونية المخولة لمحكمة الموضوع. لا تثريب عليها أن هى لم تستجب إلى طلبها.
(5 و6) تأمينات اجتماعية "إصابة العمل". تعويض. مسئولية.
(5) إصابة العامل أثناء تأدية العمل أو بسببه. التزام الشخص المسئول بتعويض الضرر وفقا لأحكام المسؤولية التقصيرية. لا يعفى هيئة التأمينات الاجتماعية من التزامها طبقا للقانون 63 لسنة 1974.
(6) مطالبة المسئول بتعويض الضرر الذى أصاب العامل. ليس للمسئول توجيه دعوى الضمان لهيئة التأمينات الاجتماعية. علة ذلك.
1 - نصت المادة 178 من القانون المدنى على أن "كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولا عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر مالم يثبت وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يد له فيه" ومن ثم فإن الحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض طبقا لهذا النص إنما تتحقق بسيطرة الشخص على الشى سيطرة فعلية لحساب نفسه. ولما كان الثابت فى الدعوى أن الشركة الطاعنة عهدت إلى مقاول بسد فتحات فى أبواب بمبان مملوكة لها، وفى يوم الحادث كان مورث المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته وهو أحد العمال التابعين للمقاول يقوم بعمله وأثناء مروره صعقه سلك كهربائى مسند على حائط فى المبنى، فإن الحراسة على هذا السلك تكون وقت الحادث معقود للشركة باعتبارها صاحبة السيطرة الفعلية على البناء والسلك الكهربائى الموجود فيه، ولم تنتقل هذه الحراسة إلى المقاول لأن عملية البناء التى أسندت إليه لا شأن لها بالأسلاك الكهربية الموجودة فى المبنى أصلا، وبالتالى تكون الشركة مسؤولة عن الضرر الذى لحق بمورث المطعون عليه الأول مسئولية أساسها خطأ مفترض طبقا لنص المادة 178 سالفة الذكر، ولا تنتفى عنها المسئولية إلا إذا أثبتت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يد لها فيه.
2 - لا تثريب على محكمة الدرجة الثانية أن تأخذ بأسباب محكمة أول درجة دون إضافة متى رأت فى هذه الأسباب ما يغنى عن إيراد جديد.
3 - المسئولية المقررة بالمادة 178 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشئ، ومن ثم فإن هذه المسئولية لا تدرأ عن هذا الحارس باثبات أنه لم يرتكب خطأ ما أو أنه قام بما ينبغى من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشئ الذى فى حراسته، وإنما ترتفع هذه المسئولية فقط إذا أثبت الحارس أن وقع الضرر كان بسبب أجنبى لا يد له فيه، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.
4 - الانتقال لإجراء المعاينة أو ندب خبير فى الدعوى هو من الرخص القانونية التى تستعملها محكمة الموضوع متى، شاءت فلا عليها إن لم تستجب إلى هذا الطلب طالما أنها وجدت فى أورق الدعوى وعناصرها ما يكفى لتكوين عقيدتها للفصل فيها بأسباب مقبوله.
5 - مفاد نص المادة 41 من قانون التأمينات الاجتماعية السابق رقم 63 لسنة 1964 وتقابلها المادة 66 من القانون الحالى رقم 79 لسنة 1975 أن العامل الذى تسرى عليه أحكام تأمين إصابات العمل، إذا أصيب نتيجة حادث أثناء تأدية العمل أو بسببه وكانت الإصابة ترجع إلى فعل ضار من شخص أخر خلاف صاحب العمل، فإن ذلك لا يعفى الهيئة من التزامها بالتعويض ولا يخل بما يكون للمصاب من حق قبل الشخص المسئول وفقا لأحكام المسئولية التقصيرية الواردة فى القانون المدنى لاختلاف مصدر كل حق عن الآخر.
6 - إذ كان الثابت أن المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته قد أقام دعواه الحالية ضد الشركة الطاعنة لمطالبتها بالتعويض استنادا إلى أحكام المادة 178 من القانون المدنى الخاصة بمسئولية حارس الأشياء، فإنه ليس للطاعنة أن توجه دعوى الضامن إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عن الحق المطالب به إذ لا علاقة بينهما تخولها هذا الحق، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر أنه لا تعارض بين الدعوى التى يرجع بها العامل أو ورثته على هيئة التأمينات استنادا إلى قانون التأمينات الاجتماعية، ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى الضمان، فإنه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه عن نفسه وبصفته وليا على إبنة ابنه...... أقام دعوى رقم 312 سنة 1971 مدنى أسوان الابتدائية ضد الشركة وادى كوم أمبو - الطاعنة - طلب فيها الحكم بالزامها بأن تدفع له مبلغ 5000 جنيه وقال بيانا لدعواه أنه بتاريخ 3/ 5/ 1969 وأثناء قيام ابنه... والد القاصرة... ببناء سور للشركة الطاعنة صعقه سلك كهربائى مملوك لهذه الشركة وتوفى على الأثر وحرر عن هذه الواقعة محضر العوارض رقم 271 سنة 1969 كوم أمبو وتبين من معاينة مكان الحادث أنه يوجد سلك كهربائى مسند على الحائط وكان يتعين على ابنه أن يعبر هذا السلك أثناء عمله، وإذ أعملت الشركة وهى المالكة له والحارسة عليه فى إتخاذ الاحتياطيات اللازمة لمنع وقوع ضرر منه، وتسببت بإهمالها فى وقوع الحادث، وتلزم طبقا للمادة 178 من القانون المدنى بتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى حاقت به وبالقاصر المشمولة بولايته بفقد مورثهما وهو عائلهما الوحيد ويقدر هذه الأضرار بمبلغ 5000 جنيه، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. أقامت الشركة دعوى ضمان فرعية اختصمت فيها كلا من المطعون عليه الثانى والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية المطعون عليها الثالثة طالبة الحكم عليها بما عساه أن يحكم به على الشركة من تعويضات، وقالت بيانا لهذه الدعوى أنها لم تتعاقد مع المورث المذكور للقيام بالعمل بل كان تابعا للمقاول المطعون عليه الثانى ويعمل لحسابه، فيكون المقاول هو المسئول عن سلامة عماله ويلزم بتعويضهم عن الأضرار التى تلحق بهم أثناء قيامهم بالعمل كما أنه هو المسئول عن التأمينات الخاصة بعماله لدى هيئة التأمينات الاجتماعية لتغطية الأضرار الناجمة عن الحوادث المفاجئة أثناء العمل. وبتاريخ 26/ 12/ 1972 قضت المحكمة بالزام الشركة الطاعنة بأن تؤدى للمطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته مبلغ 2000 جنيه وفى دعوى الضمان برفضها استأنفت الطاعنة هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 19/ 48 ق مدنى أسيوط - مأمورية أسوان. وبتاريخ 7/ 4/ 1973 قضت المحكمة برفض الاستئناف - طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب ذلك أنها تمسكت فى دفاعها أمام محكمة الاستئناف بانقضاء مسئوليتها لأنها لم تكن الحارسة الفعلية على السلك الكهربائى الذى تسبب عنه الحادث وإنما انتقلت الحراسة بمقتضى عقد المقاولة إلى المطعون عليه الثانى لأنها عهدت إليه ببناء الفتحات الموجودة بالسور الذى يعلوه السلك الكهربائى وبدأ فى تنفيذ العمل المسند إليه فيكون هو المسؤول عن الحادث وقدمت الطاعنة تأييدا لهذا الدفاع إذن صرف مؤرخ 5/ 5/ 1969 بمبلغ 74 جنيها 520 مليما قيمة أعمال البناء التى قام المقاول بتنفيذها للطاعنة، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع أو على المستند المقدم منها مكتفيا بتأييد الحكم الابتدائى لأسبابه مما يعيبه بالبطلان.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أنه وقد نصت المادة 178 من القانون المدنى على أن "كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولا عما يحدثه هذه الأشياء من ضرر ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يد له فيه". فان الحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض طبقا لهذا النص إنما تتحقق بسيطرة الشخص على الشئ سيطرة فعلية لحساب نفسه، ولما كان الثابت فى الدعوى أن الشركة الطاعنة عهدت إلى مقاولى المطعون عليه الثانى - بسد فتحات فى أبواب ببان مملوكة لها، وفى يوم الحادث كان مورث المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته وهو أحد العمال التابعين للمقاول يقوم بعمله وأثناء مروره صعقه سلك كهربائى مسند على حائط فى مبنى، فإن الحراسة على هذا السلك تكون وقت الحادث معقودة للشركة باعتبارها صاحبة السيطرة الفعلية على البناء والسلك الكهربائى الموجود فيه، ولم تنتقل هذه الحراسة إلى المقاول لأن عمليه البناء التى أسندت إليه لا شأن لها بالأسلاك الكهربائية الموجودة فى المبنى أصلا، وبالتالى تكون الشرك مسئولة عن الضرر الذى لحق بمورث المطعون عليه الأول مسئولية أساسها خطأ مفترض طبقا لنص المادة 178 سالفة الذكر ولا تنتفى عنها المسئولية إلا إذا اثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يد لها فيه، وإذا التزم الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر أن الشركة الطاعنة كانت لها السيطرة الفعلية على السلك الذى صعق المورث، وهو ما يكفى للرد على دفاعها بهذا الخصوص، وكان لا تثريب على محكمة الدرجة الثانية أن تأخذ بأسباب محكمة أول درجة دون إضافة متى رأت فى هذه الأسباب ما يغنى عن إيراد جديد، وكان إذن الصرف المقدم من الطاعنة وهو يتضمن بيان الأجرة التى تقاضها المطعون عليه الثانى عن عملية سد ابواب فى مخزن للشركة لا يفيد فى حد ذاته أن الحراسة على السلك الكهربائى قد انتقلت إلى المطعون عليه الثانى، مما يكون معه النعى على الحكم بعدم الرد على هذا المستند غير منتج، لما كان ذلك فان النعى بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم استند فى قضائه بمسئولية الشركة إلى أنها لم تعزل التيار الكهربائى عن السلك وهو يمتد بجوار الحائط الذى تخطاه المورث ولم تنبه على العاملين بهذا المكان بوجود تيار كهربائى بالأسلاك لتفادى الاقتراب منه، وأنه ثبت من المعاينة التى تمت فى محضر العوارض أن المورث لم يكن أمامه إلا الطريق الذى مر منه ويوجد به السلك الكهربائى وقد تأيدت المعاينة بأقوال موظف الشركة الذى أبلغ عن الحادث والعامل المرافق للمورث فى محضر العوارض فى حين أن السلك لم يكن ممتدا على الحائط بل هو عبارة عن شبكة كهربائية كاملة على ارتفاع عال ويمكن للشخص العادى أن يتبينها - كما أن - للمخزن بابين يطلان على الطريق بخلاف الأبواب الأخرى المطلوب سدها، وقد وقع الحادث بعد انتهاء العمل بالشركة ورغم كل هذه الظروف اعتلى المورث السور محاولا القفز منه ولما لم يتمالك نفسه أمسك بالسلك الكهربائى فصعقه، وقد طلبت الطاعنة من المحكمة الانتقال إلى مكان الحادث لمعاينته أو ندب خبير لهذا الغرض لمعرفة ما إذا كان المورث مضطرا لعبور السور بتلك الطريقة نظرا لأن محضر ضبط الواقعة قد حرر خدمة للمورث، هذا إلى أنها لا تطمئن إلى أقوال الموظف الذى أبلغ عن الحادث لما عرف عنه من خروجه على مقتضى واجبات الوظيفة، غير أن الحكم المطعون فيه رفض طلب إجراء المعاينة وقضى بالزامها بالتعويض وهو ما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن المسئولية المقررة بالمادة 178 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشئ ومن ثم فإن هذه المسئولية لا تدرأ عن هذا الحارس بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما أو أنه قام بما ينبغى من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشئ الذى فى حراسته وإنما ترتفع هذه المسئولية فقط إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان لسبب أجنبى لا يد له فيه وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ الغير، ولما كان يبين من الحكم الابتدائى الذى أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه أورد فى هذا الخصوص قوله "أن سبب الحادث هو سلك كهربائى ممتد بجوار الحائط الذى كان يتخطاه مورث المدعى - المطعون عليه الأول - وهذا يعتبر من الأشياء التى تتطلب عناية خاصة وبالنظر إلى طبيعته، وأن الشركة المدعى عليها - الطاعنة - لها السيطرة الفعلية على هذا الشئ لأنها الحائزة له وأن خطأها فى الحراسة ثابت من عدم عزل التيار الكهربائى عن هذا السلك أو التنبيه على العاملين بهذا المكان من وجود تيار كهربائى بالاسلاك ذلك لتفادى الاقتراب منه وهى لم تفعل لا هذا ولا ذاك وقد حدث الضرر من هذا الشئ إيجابيا لأن وضع السلك سبب الحادث فى حالة تسمح عادة بأن يحدث الضرر بالظروف التى حدث فيها الحادث ومن ثم وبالبناء على ما سلف تكون أركان المسئولية قد توافرت قبل الشركة المدعى عليها من خطأ وضرر وعلاقة سببية ولا يقدح فى ذلك ما أثارته الشركة من أن الخطأ قد وقع من المصاب إذ أن الثابت من معاينة مكان الحادث والتى تطمئن المحكمه إليها أن المصاب لم يكن أمامه طريق يسلكه إلا الطريق الذى سلكه وكان به السلك الكهربائى وأيد هذه المعاينة الوكيل القضائى للشركة المدعى عليها بمحضر ضبط الواقعة والعامل المرافق للمصاب" وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى ذلك قوله "أنه عن طلب إجراء معاينة لمكان الحادث فإن المحكمة تلتفت عنه أكتفاء بأسباب الحكم المستأنف الذى استند فيما استند عليه إلى المعاينة المثبتة بمحضر ضبط الواقعة فى محضر العوارض سالفة الذكر والتى تأخذ بها هذه المحكمة أيضا وكان الواضح مما سلف أن الحكم قد أطرح بأسباب سائغة لها أصلها الثابت فى الأوراق ما تمسكت به الطاعنة من أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يد لها فيه هو خطأ المضرور كما أنه لم ير حاجة بعد ذلك إلى إجابة طلب الانتقال لمعاينة محل الحادث أو تعيين خبير لهذا الغرض وكان الانتقال لإجراء المعاينة أو ندب خبير فى الدعوى هو من الرخص القانونية التى تستعملها محكمة الموضوع متى ساءت فلا عليها أن هى لم تستجب إلى هذا الطلب طالما أنها وجدت فى أوراق الدعوى وعناصرها ما يكفى لتكوين عقيدتها للفصل فيها بأسباب مقبولة، لما كان ذلك فإن النعى بهذا الوجه لا يعدو أن يكون مجادلة فى تقدير محكمة الموضوع للأدلة التى اعتمدت عليها مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم يكون النعى فى غير محله.
وحيث إن حاصل النعى بالوجه الثانى من السبب الثانى أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن الحكم قد قضى برفض دعوى الضمان التى وجهتها الطاعنة إلى هيئة التأمينات الاجتماعية تأسيسا على أن الدعوى الحالية أساسها مسئولية الحارس عن الأشياء عملا بالمادة 178 من القانون المدنى وأن الطاعنة وحدها هى المسئولة عن التعويض باعتبارها حارسة الشئ الذى أحدث الضرر أن هذه الدعوى لا تتعارض مع ما تلتزم به هيئة التأمينات الاجتماعية قبل ورثة المتوفى عن إصابة العمل لأنها تقوم على أساس مغاير للدعوى الحالية، فى حين أن العامل المتوفى كان يعمل فى البناء لدى المقاول وتوفى أثناء العمل وبسببه فتكون هيئة التأمينات هى المسئولة عن تغطية التعويض المستحق نيابة عن رب العمل ويبقى هذا الالتزام قائما حتى ولو لم يؤمن على عماله، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى غير سديد؛ ذلك أنه لما كانت المادة 41 من قانون التأمينات الاجتماعية السابق رقم 63 لسنة 1964 وتقابلها المادة 66 من القانون الحالى رقم 79 لسنة 1975 تنص على أن "تلتزم الهيئة بتنفيذ أحكام هذا الباب حتى ولو كانت الإصابة تقتضى مسئولية شخص آخر خلاف صاحب العمل ولا يخل ذلك بما يكون للمؤمن عليه من حق قبل الشخص المسئول" مما مفاده أن العامل الذى تسرى عليه أحكام تأمين إصابات العمل إذا أصيب نتيجة حادث أثناء تأدية العمل أو بسببه وكانت الإصابة ترجع إلى فعل ضار من شخص أخر خلاف صاحب العمل، فإن ذلك لا يعفى الهيئة من إلتزامها بالتعويض، ولا يحل بما يكون للمصاب من حق قبل الشخص المسئول وفقا لأحكام المسؤولية التقصيرية الواردة فى القانون المدنى لاختلاف مصدر كل حق عن الآخر، ولما كان الثابت أن المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته قد أقام دعواه الحالية ضد الشركة الطاعنة لمطالبتها بالتعويض استنادا إلى أحكام المادة 178 من القانون المدنى الخاصة بمسئولية حارس الأشياء، فإنه ليس للطاعنة أن توجه دعوى الضامن إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عن الحق المطالب به إذ لا علاقة بينهما تخولها هذا الحق، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر أنه لا تعارض بين الدعوى الحالية وبين الدعوى التى يرجع بها العامل أو ورثته على هيئة التأمينات استنادا إلى قانون التأمينات الاجتماعية، ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى الضمان، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعى عليه بهذا الوجه على غير اساس.
حيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.