أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 612

جلسة 6 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة أنور خلف، وعضوية الساده المستشارين/ محمد مصطفى المنفلوطى، وحسن السنباطى، والدكتور بشرى رزق، ومحمد حسب الله.

(112)
الطعن رقم 339 لسنة 41 القضائية

(1) نقض. "أسباب الطعن". محكمة الموضوع. عمل.
سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص قيام علاقة العمل. بأسباب سائغة. المنازعة فى ذلك. جدل موضوعى. عدم جواز إبدائه أمام محكمة النقض.
(2) نقض. "أسباب الطعن". عمل.
دفاع جديد لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض مثال فى عمل.
(3) التزام. "التضامن". عمل. ملكية.
انتقال ملكية المنشأة لا يؤثر فى استمرار عقود عمالها. مسئولية رب العمل الجديد بالتضامن مع صاحب العمل السابق عن تنفيذ حقوق العمال السابقة على انتقال الملكية.
(4، 5) عمل. "الأجر". التزام. شركات "شركات القطاع العام". قوة قاهرة.
(4) اعتقال العامل. قوة قاهرة تجعل تنفيذ التزامه مستحيلا. أثره. وقوف العقد مؤقتا دون انفساخه.
التزام رب العمل رغم ذلك بالأجر عن فترة اعتقاله.
(5) انتهاء خدمة العامل بشركات القطاع العام. ورودها على سبيل الحصر فى المادة 75 من اللائحة 3309 لسنة 66 ليس من بينهما اعتقال العامل. وجوب أداء أجره إليه طوال فترة الاعتقال. 1 - إذ كان الذى خلص اليه الحكم المطعون فيه يشف عن أن المحكمه فى حدود سلطتها الموضوعية استخلصت قيام علاقة العمل بين المطعون ضده وبين المالك الأصلى للصيدلية موضوع التداعى وامتداد هذه العلاقة إلى الحراسة العامة ثم إلى الشركة الطاعنة - المشترية للصيدلية - واستندت فى كل ذلك إلى أسباب سائغة لها أصلها الثابت فى الأوراق، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يضحى فى غير محله ولا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا غير جائز إبدائه أمام هذه المحكمة.
2 - تحدى الشركة الطاعنة - المشترية للصيدلية - بعدم إمكان تعيين المطعون ضده مديرا للصيدلية لأنه ليس صيدليا، فمردود بأنه دفاع جديد لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - بيع المنشأة أو إدماجها فى غيرها أو انتقالها بالارث أو الوصية أو الهبة أو النزول عنها أو غير ذلك من التصرفات لا يؤثر وفقا للمادة 85 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 فى بقاء عقود استخدم عمال المنشأة قائمة وجعل صاحب العمل الجديد مسئول بالتضامن مع أصحاب العمل السابقين عن تنفيذ الالتزامات المقررة قانونا الخاصة بالمدة السابقة على تحويل عقود العمل ومنها الوفاء بالأجور لأن صلة العمال بالمنشأة أقوى من صلتهم بصاحب العمل المتعاقد معه وهو ما يتأدى منه أن الشركة الطاعنة تسأل عن التزامات الفترة السابقة على تاريخ شرائها الصيدلية متى استوفت شرائط استحقاقه.
4 - لئن كان اعتقال العامل بأمر من المحاكم العسكرية أو سلطات الطوارئ غير ممكن التوقع ومستحيل الدفع فيعد قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا على العامل بيد أنه لما كانت هذه الاستحالة وقتية بطبيعتها لا ترتب انفساخ عقد العمل بقوة القانون بل تؤدى إلى مجرد توقعه لأن الانفساخ لا يقع إلا بالاستحالة النهائية. وكان المبدأ السائد فى نطاق السياسة التشريعية لقوانين العمل هو مبدأ استقرار روابط العمل حماية للعامل أساسا وضمانا لمعاشه فإن من مقتضى ذلك أن وقف عقد العمل المنبثق عن اعتقال العامل لا يرتب كل آثار الوقف إنما يبقى للعقد على الرغم من وقفه أحد الالتزامات الرئيسية الناشئة عنه وهو التزام صاحب العمل بأداء أجر العامل إليه عن مدة الاعتقال طالما أن الأجر هو عماده الأساسى فى معاشه مما ينبغى مع الأعتداد بصفته الحيوية هذه بالنسبة له وعدم حرمانه منه بسبب اعتقاله الذى أوقف عقده ويعد أمرا خارجا عن إرادته لا يد له فيه.
5 - قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام - الذى تملكت الطاعنة فى ظله الصيدلية محل النزاع - بعد أن حدد فى المادة 75 منه على سبيل الحصر الأسباب التى تنتهى بها خدمة العامل أتبع ذلك بالنص فى المادة 80 على "أن يستحق العامل مرتبه حتى اليوم الذى تنتهى فيه خدمته" مما مؤداه أن وقف عقد العامل بشركة من شركات القطاع العام بسبب اعتقاله لا يرتب حرمانه من أجره طوال فترة الاعتقال ما دام أن مناط الحرمان إنما هو انتهاء الأسباب التى أوردتها على سبيل الحصر المادة 75 من القرار الجمهورى أنف الذكر. متى كان ذلك وكان الثابت فى الدعوى أن المطعون ضده قد أعتقل يوم 22 من أغسطس سنة 1965 فإن هذا الاعتقال الذى يعد قوة قاهرة لا يرتب انفساخ عقده بقوة القانون بل يؤدى إلى وقف هذا العقد مع إبقاء التزام الشركة الطاعنة بأجرة عن فترة اعتقاله موضوع التداعى الراهن سواء فى ذلك المدة السابقة على القرار الجمهورى 3309 لسنة 1966 وتلك اللاحقة عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 5531 سنة 1969 عمال جزئى القاهرة التى قيدت برقم 603 لسنة 1969 عمال كلى القاهرة بعد إحالتها إلى المحكمة الابتدائية يطلب إلزام الطاعنة والحراسة العامة على أموال المعتقلين متضامنتين بأن تدفعا إليه أجره بواقع 80 جنيها شهريا من أول أغسطس سنة 1965 حتى تاريخ رفع الدعوى وما يستجد مع إلزامهما بسداد أقساط التأمين إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية من تاريخ التوقف عن سدادها، وقال بيانا لدعواه أنه التحق بالعمل فى وظيفة المدير المالى والإدارى لصيدلية ...... بالاسماعيلية التى يمتلكها الدكتور...... وذلك منذ انشائها فى أول مايو سنة 1951 ثم اعتقل بتاريخ 22 من أغسطس سنة 1965 ولما فرضت الحراسة فى أوائل عام 1966 على أموال وممتلكات ذلك المالك ومنها تلك الصيدلية تولت الحراسة العامة إدارتها إلى أن باعتها للشركة الطاعنة فى 29 من سبتمبر سنة 1966 وإذ يحق له تقاضى أجره منذ اعتقاله وامتنعت هذه الأخيرة عن أدائه اليه فقد أقام الدعوى الماثلة بطلباته المشار اليها. ومحكمة الدرجة الأولى حكمت فى 2 من يونيو سنة 1970 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة باستئنافه الذى قيد برقم 3010 لسنة 87 ق مدنى. وبتاريخ 31 من يناير سنة 1971 حكت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وبإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده المبلغ 5200 جنيه قيمة أجره عن فترة اعتقاله الواقعة فى المدة من 22/ 8/ 1965 حتى 31/ 12/ 1970. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها هذا.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله من وجهين( أولهما) إنه ذهب إلى أن المطعون ضده يستحق أجره عن فترة اعتقاله لعدم جواز تحميله آثار هذا الاعتقال المفروض عليه، حالة إنه وقد منع عن عمله لسبب خارج عن إرادتها هو اعتقاله فلا تلتزم بأداء أجر هذه الفترة اليه إذ ينبغى أن يكون الأجر لقاء مجهود العامل فلا يستحقه إذا لم يقم بالعمل المتفق عليه لأن التزامه بأدائه هو المقابل لإلتزام صاحب العمل بدفع الأجر ولأنه وفقا للمادة 692 من القانون المدنى لا يكون الأجر من حق العامل الذى يبدى استعداده لمزاولة عمله إلا فى حالة منعه عنه بسبب راجع إلى صاحب العمل (وثانيهما) إنه ألزمها بمرتب المطعون ضده عن فترة اعتقاله وهى غير ملزمة به لان هذا الأخير لم يثبت علاقة العمل ولم يكن من بين العاملين بصيدلية النزاع عندما اشترتها من الحراسة العامة كما أنه لا يمكن تعيينه مديرا لها بالتطبيق لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 فى شأن مزاولة مهنة الصيدلة لأنه ليس صيدليا، فضلا عن أنه بفرض التزامها بمرتب فترة الاعتقال لا تلتزم بأدائه إلا من تاريخ شرائها الصيدلية وليس منذ بدء الاعتقال كما قضى الحكم المطعون فيه.
وحيث إن النعى فى وجهه الثانى يفتقر إلى الصواب، ذلك أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى ثبوت علاقة العمل محل التنازع من كتاب الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية المؤرخ 29/ 7/ 1968 وإقرار صاحب العمل مالك الصيدلية بقيام هذه العلاقة والبطاقة الصادرة من مؤسسة التأمين والادخار للعمال فى 16/ 4 سنة 1965 وإذ كان هذا الذى خلص إليه الحكم المطعون فيه يشف عن أن المحكمة فى حدود سلطتها الموضوعية استخلصت قيام علاقة العمل بين المطعون ضده وبين المالك الأصلى للصيدلية موضوع التداعى وامتداد هذه العلاقة إلى الحراسة العامة ثم إلى الشركة الطاعنة واستندت فى كل ذلك إلى أسباب سائغة لها أصلها الثابت فى الأوراق، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يضحى فى غير محله ولا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا غير جائز ابدائه أمام هذه المحكمة. أما تحدى الشركة الطاعنة بعدم إمكان تعيين المطعون ضده مديرا للصيدلية لأنه ليس صيدليا، فمردود بأنه دفاع جديد لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. أما قول الطاعنة بأنها لا تلتزم بأداء أجر المطعون ضده إلا من تاريخ شرائها الصيدلية وليس منذ اعتقاله، فمردود بأن بيع المنشأة أو ادماجها فى غيرها أو انتقالها بالإرث أو الوصية أو الهبة أو النزول أو غير ذلك من التصرفات لا يؤثر وفقا للمادة 85 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 فى بقاء عقود استخدم عمال المنشأة قائمة وجعل صاحب العمل الجديد مسئولا بالتضامن مع أصحاب العمل السابقين عن تنفيذ الالتزامات المقررة قانونا الخاصة بالمدة السابقة على تحويل عقود العمل ومنها الوفاء بالأجور لأن صلة العمال بالمنشأة أقوى من صلتهم بصاحب العمل المتعاقد معه، وهو ما يتأذى من أن الشركة الطاعنة تسأل عن التزامات الفترة السابقة على تاريخ شرائها الصيدلية متى استوفت شرائط استحقاقها. والنعى فى وجهه الأول غير سديد، ذلك أنه لئن كان اعتقال العامل بأمر من الحاكم العسكرى أو سلطات الطوارئ غير ممكن التوقع ومستحيل الدفع فيعد قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا على العامل، بيد أنه لما كانت هذه الاستحالة وقتية بطبيعتها لا ترتب انفساخ عقد العمل بقوة القانون بل تؤدى إلى مجرد وقفه لأن الانفساخ لا يقع إلا بالاستحالة النهائية، وكان المبدأ السائد فى نطاق السياسة التشريعية لقوانين العمل هو مبدأ استقرار ورابط العمل حماية للعامل أساسا وضمانا لمعاشه، فإن من مقتضى ذلك أن وقف عقد العمل المترتب على اعتقال العامل لا يرتب كل أثار الوقف إنما يبقى للعقد على الرغم من وقفه أحد الالتزامات الرئيسية الناشئة عنه وهو التزام صاحب العمل بأداء أجر العمل إليه عن مدة الاعتقال طالما أن الأجر هو عماده الأساسى فى معاشه مما ينبغى مع الاعتداد بصفته الحيوية هذه بالنسبة له وعدم حرمانه منه بسبب اعتقاله الذى أوقف عقده ويعد أمرا خارجا عن إرادته لا بد له فيه. وقد عمد المشرع إلى تقنين المبدأ المشار إليه فى قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 باصدار نظام العاملين بالقطاع العام - الذى تملكت الطاعنة فى ظله الصيدلية محل النزاع - ذلك أنه بعد أن حدد فى المادة 75 منه على سبيل الحصر الأسباب التى تنتهى بها خدمة العامل أتبع ذلك بالنص فى المادة 80 على أن "يستحق العامل مرتبه حتى اليوم الذى تنتهى فيه خدمته"، مما مؤداه أن وقف عقد العمل بشركة من شركات القطاع العام بسبب اعتقاله لا يرتب حرمانه من أجره طوال فترة الاعتقال ما دام أن مناط الحرمان إنما هو انتهاء خدمته لأحد الأسباب التى أوردتها على سبيل الحصر المادة 75 من القرار الجمهورى آنف الذكر. ومتى كان ذلك وكان الثابت فى الدعوى الماثلة أن المطعون ضده قد اعتقل يوم 22 من أغسطس سنة 1965، ولما كان هذا الاعتقال الذى يعد قوة قاهرة لا يرتب انفساخ عقده بقوة القانون بل يؤدى إلى وقف هذا العقد مع إبقاء التزام الشركة الطاعنة بأجره عن فترة اعتقاله موضوع التداعى الراهن سواء فى ذلك المادة السابقة على القرار الجمهورى رقم 3309 لسنة 1966 وتلك اللاحقة عليه؛ وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء للمطعون ضده بأجر تلك الفترة، فإنه يضحى متفقا والصواب بمنأى عن الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله ويكون النعى عليه بهذا الوجه منعدم الأساس.
وحيث إنه ابتناء على ما تقدم يتعين رفض الطعن.