أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 619

جلسة 7 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد صالح أبو راس وعضوية السادة المستشارين/ جميل الزينى، وسعد العيسوى، ومحمود حسن حسين، ومحمود حمدى عبد العزيز.

(113)
الطعنان رقما 393، 413 لسنة 43 القضائية

أوراق تجارية. "شيك". بنوك. مسئولية. تزوير.
وفاء البنك بقيمة شيك مذيل بتوقيع مزور على الساحب. وفاء غير مبرئ لذمة البنك قبله. شرطه. الا يقع خطأ من جانب العميل.
متى كان الأصل أن ذمة البنك - المسحوب عليه - لا تبرأ قبل عمليه إذا أوفى بقيمة الشيك مذيل بتوقيع مزور على الساحب باعتبار أن هذه الورقة تفقد صفقة الشيك بفقدها شرطا جوهريا لوجودها وهو التوقيع الصحيح للساحب. فلا تعدم آنئذ القرينة المقررة فى المادة 144 من قانون التجارة، وتعتبر وفاء البنك بقيمة الشيك وفاء غير صحيح حتى ولو تم الوفاء بغير خطأ منه، إلا أن ذلك مشروط بألا يقع الخطأ من جانب العميل الثابت اسمه بالشيك وإلا تحمل الأخير تبعة خطئه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ثبوت خطأ الطاعن متمثلا فى إخلاله بواجب المحافظة على مجموعة الشيكات المسلمة له من البنك فتمكن مجهول من الحصول على واحد منها وتزويره وصرف قيمته فإنه يكون قد أثبت الخطأ فى جانب الطاعن وبين علاقة السببية بينه وبين الضرر الذى وقع وخلص من ذلك إلى الزام كل من الطاعنة والمطعون ضده بنصف قيمة الشيك موضوع النزاع فى حدود ما حصلة من وجود خطأ مشترك بين الطاعن والمطعون ضده فإن النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون بمقولة انعدام رابطة السببية بين ما ارتكبه الطاعن من خطأ وبين الضرر الواقع فعلا متمثلا فى صرف قيمة الشيك لمن زور إمضاء الطاعن عليه يكون نعيا غير سديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل فيما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق - فى أن - الاستاذ ..... أقام الدعوى رقم 410 سنة 1968 تجارى كلى القاهرة طلب فيها الزام بنك القاهرة بأن يؤدى له مبلغ 1600 جنيه والفوائد والمصروفات منه مبلغ 1400 جنيه قيمة الشيك رقم 679019 الذى صرفه البنك من حسابه لديه بموجب توقيع مزور عليه ومبلغ 200 جنيه تعويضا عن الاضرار التى لحقت به. أدخل بنك القاهرة شركة الشرق للتأمين فى تلك الدعوى طالبا الحكم عليها بما عسى أن يحكم به عليه فى حدود مبلغ 1100 جنيه لأنه أمن لديها ضد أخطار عمليات البنوك أو بتاريخ 28/ 2/ 1971 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى الأصلية وبرفض دعوى الضمان، استأنف الأستاذ....... الحكم بالاستئناف. رقم 194 لسنة 88 ق وبتاريخ 28/ 2/ 1972 قضت محكمة الاستئناف القاهرة بالغاء الحكم المستأنف وبالزام البنك مبلغ 700 جنيه والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد، طعن الاستاذ ...... كما طعن بنك القاهرة فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعن الأول برقم 393 لسنة 43 ق وقدمت النيابة مذكرة فى كل من الطعنين أبدت فيها الرأى برفض الطعن، عرض الطعنان على غرفة المشورة فحددت جلسة فيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن المحكمة قررت ضم الطعن 470 سنة 43 ق إلى الطعن 393 لسنة 43 ق لصدر فيهما حكم واحد.
عن الطعن رقم 393 لسنة 43 ق:
حيث إن الطاعن أقام طعنه على سببين ينعى بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيانه يقول إن الحكم المطعون فيه بعد أن قطع فى أسبابه بأنه ما لم يخطئ البنك المطعون ضده عند صرف الشيك والذى يثبت أن توقيع الطاعن عليه يختلف اختلافا ظاهرا عن توقيعه الصحيح المحفوظ لدى المطعون ضده والذى ما كان ينبغى أن يتنبه له موظف البنك المتمرس فى فحص التوقيعات - لولا ذلك - لما تحقق الضرر، فأن الحكم المطعون فيه يكون قد حدد علاقة السببية الوحيدة بين الخطأ والضرر وقطع بأنها تتمثل فى ذلك الخطأ الذى ارتبط فيه السبب بالمسبب. ولو فرض توافر خطأ آخر فى جانب الطاعن فأن الحكم المطعون فيه لم يبين علاقة السببية بينه وبين ما دفع من ضرر، إذ أن خطأ المطعون ضده هو الذى أدى مباشرة إلى إحداث الضرر، ويكون الحكم المطعون فيه قد خرج على قاعدة أن البنك - المسحوب عليه - لا تبرأ ذمته قبل العميل إذا أوفى بقيمة الشيك بتوقيع مزور على صاحبه بما يفقده شرطا جوهريا ليكون ورقة تجارية صحيحة.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه وإن كان الأصل أن ذمة البنك المسحوب عليه لا تبرأ قبل عميله إذا أوفى بقيمة شيك مذيل بتوقيع مزور على الساحب باعتبار أن هذه الورقة تفقد صفة الشيك لفقدها شرطا جوهريا لوجودها، وهو التوقيع الصحيح للساحب فلا تقوم آنئذ القرينة المقررة فى المادة 144 من قانون التجارة، ويعتبر وفاء البنك بقيمة الشيك وفاء غير صحيح حتى ولو تم الوفاء بغير خطأ منه، إلا أن ذلك مشروط بألا يقع خطأ من جانب العمل الثابت اسمه بالشيك وإلا تحمل الأخير تبعة خطئه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ثبوت خطأ الطاعن متمثلا فى إخلاله بواجب المحافظة على مجموعة الشيكات المسلمة له من البنك فتمكن مجهول من الحصول على واحد منها وتزويره وصرف قيمه، فأنه يكون قد أثبت الخطأ فى جانب الطاعن وبين علاقة السببية بينه وبين الضرر الذى وقع، وخلص من ذلك إلى الزام كل من الطاعن والمطعون ضده بنصف قيمة الشيك موضوع النزاع فى حد ما حصله من وجود خطأ مشترك بين الطاعن والمطعون ضده فأن النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون بمقولة انعدام رابطة السببية بين ما ارتكبه الطاعن من خطأ وبين الضرر الواقع فعلا فى صرف قيمة الشيك لمن زور إمضاء الطاعن عليه يكون نعيا غير سديد.
وحيث أن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول أنه لما كان وصف الفعل أو الترك المكون لركن الخطأ هو من المسائل القانونية وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر تسليم الطاعن دفتر الشيكات إلى أحد عماله خطأ يستوجب المسؤولية مع أن تسليم الطاعن دفتر الشيكات إلى أحد تابعيه وهو المسئول عن قسم الحسابات فى منشأته ليس من الأمور غير المألوفة أو المعتادة، وقد تمسك بذلك أمام محكمة الموضوع لينفى شبهة الخطأ فى جانبه إلا أن الحكم المطعون فيه كيف هذا الفعل بأنه خطأ يستوجب المسئولية ولم يرد على دفاعه فشابه ثلاثة أخطاء أولها - أنه خلع على واقعة محددة وصف الخطأ الموجب للمسئولية حالة أنه وصف خاطئ - وثانيها - أنه لم يرد على دفاعه بأن تسليم دفتر الشيكات إلى تابع من اتباعه يعد أمرا مألوفا فى المعاملات العادية. وثالثها أنه وقع فى تناقض حين قطع بمسئولية المطعون ضده (البنك) عن صرف الشيك المزور وألقى بالمسئولية فى ذات الوقف على عاتق الطاعن قولا منه أنه أخطأ فى تسليم مجموعة فى تسليم الشيكات إلى شخص سواه.
وحيث إن هذا النعى مردود فى وجهه الأول ذلك أن الحكم المطعون فيه عندما بين وجه الخطأ المسند إلى الطاعن أورد "أنه أخل بواجب على مجموعة الشيكات المسلمة إليه من البنك فتمكن مجهول من الحصول على أحد هذه الشيكات وتزويره وقبض قيمته" ورتب على ذلك مسئوليته عن هذا الإهمال ولم يقل الحكم أن خطأ الطاعن يتمثل فى تسليمه مجموعة الشيكات لأحد موظفيه كى يصح النعى عليه بأنه خالف المألوف فى المعاملات زمن ثم يكون النعى بهذا الوجه لا يصادف محلا فى الحكم المطعون فيه. ومردود فى وجهه الثانى - بأن الحكم المطعون فيه قد استخلص خطأ الطاعن من إهماله فى المحافظة على دفتر الشيكات وهو ما يكفى لحمل قضائه دون أن يلزم بالرد على كل قول يثيره الخصم متى كان قضائه يقوم على أسباب سائغة تكفى لحمله. ومردود فى وجهه الثالث بأن التناقض الذى يبطل الحكم هو ما تتماحى به أسبابه فلا يبقى منها ما يكفى لحمل قضاءه بحيث لا يفهم منها على أى ساس قام قضاءه وإذا كان الحكم المطعون فيه وعلى ما يبين من أسبابه أنه أقام قضاءه على ما يثبت من مساهمة الطاعن والمطعون ضده فى الخطأ وارتبط خطأ كل منهما بالضرر برابطة السببية معتنقا بذلك نظرية الخطأ المشترك المنصوص عليه فى المادة 216 من التقنين المدنى فإنه لا يكون قد تناقض فى اسباب ويكون النعى بهذا الوجه غير سديد. ويتعين رفض الطعن.
عن الطعن رقم 470 لسنة 43 ق:
حيث إن البنك الطاعن أقام طعنه على سببين حاصل أولهما القصور فى التسبيب وفى بيانه يقول أن الحكم المطعون بعد أن صرح بخطأ المطعون ضده متمثلا فى إهماله المحافظة على دفتر الشيكات المسلم إليه من الطاعن فتسرب واحد منها إلى يد مجهول تمكن من تزويره وصرف قيمته مما مفاده أنه أسند الخطأ الذى أدى إلى وقوع الضرر إلى المطعون ضده، عاد وقرر أن خطأ آخر وقع عن الطاعن بصرفه قيمة الشيك وهو موقع عليه بتوقيع مزور على المطعون ضده يختلف عن توقيعه الصحيح وأن الاختلاف بين التوقيعين كان ظاهرا، وفضلا من أن مفاد ما قرره الحكم ابتداء أن العميل قد استغرق خطأ البنك بما يوجب مسئولية الطاعن طبقا لقواعد المسئولية المشتركة باعتبار أن خطأ المطعون ضده كان عاملا أساسيا أدى إلى عملية الصرف وأن خطأ الطاعن كان يسيرا بجانبه، فإن الحكم المطعون فيه لم يبين مواضع الاختلاف فى التوقيعين الصحيح والمزور خاصة وأن الخبير الذى ندب فى الجناية المنضمة رقم 9507 لسنة 1967 عابدين لم يبين درجة إتقان التزوير حتى يمكن مساءلة تابعى البنك الذين قاموا بعملية الصرف.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن الأصل إن ذمة البنك لا تبرأ قبل العميل إذا أوفى بقيمة الشيك الذى يحمل توقيعا مزورا باعتبار أن هذا الصك وفى هذه الحالة يفقد صفة الشيك لفقده شرطا جوهريا هو صحة توقيع الساحب ومن ثم لا تقوم فى هذه الحالة القرينة المقررة فى المادة 144 تجارى ويكون مثل هذا الوفاء غير مبرئ لذمة البنك ولو تم بغير خطأ منه لأن تبعه صرف الشيك المزور تقع أساسا على عاتقه أيا كانت درجة التزوير بشرط ألا يقع خطأ من جانب العميل يستغرق خطأ البنك لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى فى أسبابه على أن المطعون ضده - العميل - قد ارتكب هو الآخر خطأ يمثل فى إهماله المحافظة على دفتر الشيكات المسلم له ورتب الحكم على ذلك رفع مسئولية الطاعن بمقدار نصف قيمة الشيك موضوع النزاع فإنه يكون قد انتهى باستخلاص سائغ إلى عدم استغراق خطأ المطعون ضده لخطأ الطاعن الملزم بحسب الأصل بتحمل تبعه التصرف الناشئ من تقديم شيك مزور إليه ومن ثم يكون النعى على الحكم بالقصور لعدم بيانه مواضع الاختلاف فى التوقيعين (المزور والصحيح) غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب الثانى الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيانه يقول الطاعن إن الحكم لم يفصل فى دعوى الضمان التى وجهها الطاعن إلى المطعون ضدها الثانية (شركة الشرق للتأمين).
وحيث أن الطاعن قد تنازل عن هذا السبب فلا محل للتعرض له.
لما تقدم يتعين رفض الطعن.