أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 676

جلسة 15 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صدقى العصار، وجمال الدين عبد اللطيف، وجلال الدين رافع، وعبد الحميد المرصفاوى.

(123)
الطعن رقم 574 لسنة 43 القضائية

اختصاص "اختصاص ولائي". رى.
لمفتش الرى إصدار قرار مؤقت بتمكين المنتفع بمسقى أو مصرف خاص من استعمال حقه عند الاعتداء عليه متى حائزا للحق فى السنة السابقة على الشكوى. م 15 ق 68 لسنة 1953 الفصل فى أصل الحق ذاته. من اختصاص المحاكم العادية.
1 - النص فى المادة 15 من القانون رقم 68 لسنة 1953 فى شأن الرى والصرف المنطبق على واقعة النزاع وتقابلها المادة 14 من القانون رقم 74 لسنة 1971 يدل على أن الشارع وإن أجاز لمفتش الرى أن يصدر قرارا مؤقتا بتمكين من يثبت انتفاعه بمسقى أو مصرف خاص من استعمال حقه إذا وقع اعتداء عليه وكان الشاكى حائزا للحق المدعى به فى السنة السابقة على تقديم الشكوى، إلا أنه نص على أن للقضاء العادى وحده ولاية الفصل فى المنازعات التى تتصل بأصل الحق، ولما كان الثابت من الاطلاع على الصورة الرسمية لمحاضر أعمال الخبير المنتدب فى الدعوى والمقدمة فى الطعن أن مهندس الرى قرر أن المسقاه موضوع النزاع هى مسقاه خاصة، وكان النزاع فى الدعوى يدور حول ما يدعيه المطعون عليهما من أن الطاعن نقل هذه المسقاه من مكانها وباتساع أقل مما أعاقهما عن الانتفاع بها لرى أرضهما، وطلبا إعادة الحالة إلى ما كانت عليه وهو نزاع يتعلق بأصل الحق وتختص المحاكم بنظره طبقا لنص المادة الخامسة عشرة سالفة الذكر، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة، فإنه لا يبطله خطؤه فى الاستناد إلى حكم المادة التاسعة من القانون رقم 74 لسنة 1971، ويكون النعى عليه غير سديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليهما أقاما الدعوى رقم 96 سنة 1966 مدنى دمنهور الابتدائية ضد الطاعن وآخر هو مفتش رى ثالث بدمنهور بصفته، طلبا فيها الحكم بإزالة المضار التى نشأت من فعل الطاعن المبينة بصحيفة الدعوى وتقرير مكتب الخبراء والخريطة المساحية المقدمين فى الدعوى رقم 383 لسنة 1962 مدنى بندر دمنهور وذلك بتحويل الحد القبلى للترعة موضوع النزاع ثلاثة أمتار إلى الجهة القبلية وبعمق يتراوح بين 150، 170 سنتيمترا وبحيث تكون على امتداد الجزء الباقى منها فى الجهة الشرقية وبامتدادها إلى أن تصل إلى ساقيتهما الواقعة إلى جوار مصرف شبرا خيت، وقالا شرحا لدعواهما أنهما يمتلكان أرضا زراعية مساحتها 7 قراريط و12 سهما تروى هى وأرضا زراعية مملوكة للطاعن من ترعة قمبر العمومية، وقام الأخير بنقل هذه الترعة من مكانها إلى الجهة البحرية فى منافع الحومة وردم المجرى القديم وأنشأ ترعة تخالف مواصفاتها الترعة القديمة إذ أن الترعة الجديدة بعرض ثلاثة أمتار وبعمق يتراوح بين 60، 80 سنتيمترا فى حين أن امتدادها من الجهة الشرقية بعرض ستة أمتار وبعمق يتراوح بين 150، 170 سنتيمترا، وإذ ترتب على عمل الطاعن إعاقة الرى لأرضهما بحيث لا تصل اليهما المياه إلا فى الأدوار العالية، فقد أقاما هذه الدعوى للحكم لهما بطلباتهما وبعد أن ضمت المحكمة الدعوى رقم 383 سنة 1962 مدنى بندر دمنهور حكمت بتاريخ 10/ 1/ 1960 بندب مكتب خبراء وزارة العدل بدمنهور للاطلاع على مستندات الطرفين وبحيث اعتراضات الطاعن والانتقال إلى تفتيش رى ثالث بدمنهور والإطلاع على الأوراق الخاصة بالترعة موضوع النزاع ومعاينتها لبيان تاريخ إنشائها وما إذا كان حدث فى مجراها وعمقها تغيير وتاريخ حدوثه ومن الذى أحدثه ومدى تأثير ذلك على أرض المطعون عليهما. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة فى 6/ 5/ 1970 بطلبات المطعون عليهما. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 386 سنة 26 ق مدنى الأسكندرية "مأمورية دمنهور" وبتاريخ 24/ 3/ 1973 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرات أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى تأسيسا على أن المطعون عليهما طلبا تعديل وتغيير مجرى المسقاه موضوع النزاع وهو أمر خارج عن ولاية القضاء العادى وفقا للمادة التاسعة من القانون 74 لسنة 1971 بشأن الرى والصرف المقابلة للمادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 التى جعلت النظر فى كل ما يتعلق بالمساقى والمصارف من اختصاص تفتيش الرى وحده، غير أن محكمة الاستئناف رفضت هذا الدفع استنادا إلى أن مفاد نص المادة التاسعة سالفة الذكر أن المشرع مراعاة منه لمصلحة الزراعة وتوخيا للسرعة التى يقتضيها الحال أجاز فى حالة تعدى أحد المنتفعين بالمساقى والمصارف بما يضر الآخرين أن يلجأ هؤلاء للجهات الإدارية المختصة كى تعيد الأمور إلى ما كانت عليه دون أن يقصد منع المحاكم من الفصل فى هذه الدعاوى سواء كانت متعلقة بوضع اليد أو الملك وهو من الحكم خطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن الحكمة التشريعية من جعل الاختصاص لتفتيش الرى فى هذه جميع المنازعات المتعلقة بالرى والصرف وهى حرص المشرع على سرعة الفصل فى هذه المنازعات تتنافى مع جعل الاختصاص مشتركا بين المحاكم العادية وتفتيش الرى، يؤيد هذا النظر أن المادة التاسعة سالفة الذكر نصت على أن قرار نهائى وهو ما يفصح عن رغبة المشرع فى أن يكون الاختصاص النهائى لتفتيش الرى فى مثل هذه المنازعات.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أن النص فى المادة 15 من القانون رقم 68 لسنة 1953 فى شأن الرى والصرف المنطبق على واقعة النزاع وتقابلها المادة 14 من القانون رقم 74 لسنة 1971 على أنه إذا قدم صاحب الأرض أو حائزها أو مستأجرها شكوى لتفتيش الرى بأنه قد منع أو أعيق بغير حق من الانتفاع بمسقاه أو مصرف خاص أو منع بغير حق من دخول إحدى الأراضى لترميم أو لتطهير تلك المسقاه أو المصرف جاز لتفتيش الرى إذا ثبت أن الشاكى كان حائزا الحق المدعى به فى السنة السابقة على تقديم الشكوى أن يصدر قرارا مؤقتا بتمكين الشاكى من استعماله مع تمكين غيره من المنتفعين من استعمال حقوقهم أيضا على أن ينص فى القرار على القواعد التى تنظم استعمال هذه الحقوق ويصدر القرار المذكور فى مدة لا تجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم الشكوى وينفذ على نفقة المشكو فى ويستمر تنفيذه إلى أن تفصل المحكمة المختصة فى الحقوق المذكورة يدل على أن الشارع وإن أجاز لمفتش الرى أن يصدر قرارا مؤقتا بتمكين من يثبت انتفاعه بمسقى أو مصرف خاص من استعمال حقه إذا وقع اعتداء عليه وكان الشاكى حائزا للحق المدعى به فى السنة السابقة على تقديم الشكوى إلا أنه نص على أن للقضاء العادى وحده ولاية الفصل فى المنازعات التى تتصل بأصل الحق، ولما كان الثابت من الاطلاع على الصورة الرسمية لمحاضر أعمال الخبير المنتدب فى الدعوى والمقدمة فى الطعن أن مهندس الرى قرر أن المسقاه موضوع النزاع هى مسقاه خاصة، وكان النزاع فى الدعوى يدور حول ما يدعيه المطعون عليهما من أن الطاعن نقل هذه المسقاه من مكانها وباتساع أقل مما أعاقهما عن الانتفاع بها لرى أرضهما، وطلبا إعادة الحالة إلى ما كانت عليه وهو نزاع يتعلق بأصل الحق وتختص المحاكم بنظره طبقا لنص المادة الخامسة عشرة سالفة الذكر، وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فانه لا يبطله خطؤه فى الاستناد إلى حكم المادة التاسعة من القانون رقم 74 لسنة 1971 ويكون النعى عليه بهذا السبب غير سديد.
وحيث إن حاصل النعى بالسببين الثانى والثالث أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت فى الاوراق وشابه قصور فى التسبيب ذلك أن الحكم استند إلى أن تقرير الخبير المنتدب فى الدعوى يتفق تماما مع تقريره المقدم فى الدعوى رقم 383 لسنة 1962 مدنى بندر دمنهور، فى حين أن هناك تناقضا بينهما وقد أخذ الحكم بنتيجتهما دون أن يرد على هذا التناقض، وهو ما يبطله.
وحيث إن هذا النعى غير صحيح، ذلك أن الثابت من الصورة الرسمية لتقرير الخبير المؤرخ 12/ 1/ 1964 والمودع فى القضية رقم 383 لسنة 1922 مدنى بندر دمنهور أن الخبير انتهى إلى أن الطاعن قد نقل الترعة موضوع النزاع من مكانها إلى الجهة البحرية فى منافع الحكومة وردم المجرى القديم وأن الترعة المستخدمة عرضها ثلاثة أمتار وبعمق يتراوح بين 60، 80 سنتيمترا فى حين أن امتدادها من الجهة الشرقية عرضه ستة أمتار وبعمق يتراوح بين 150؛ 170 سنتيمترا وأن العرض والعمق الجديدين بالنسبة للترعة المستحدثة يعوق مرور مياه الرى لأرض المطعون عليهما التى لا تصل إليها المياه إلا فى الأدوار العالية، كما يبين من الصورة الرسمية لتقرير الخبير المؤرخ 19/ 1/ 1970 والمقدم فى الدعوى الحالية أن الخبير انتهى فى البند الثالث من النتيجة إلى أن المسقاه موضوع النزاع بوضعها الحالى بعد المعاينة الثانية أصبحت من حيث العمق تماثل العمق بالجزء الشرقى الذى لم يحصل فيه تغيير وأنها حاليا باتساع ثلاثة أمتار ونصف فى حين أن امتدادها الشرقى الذى لم يحصل فيه تغيير بعرض ستة أمتار ثم أوضح فى البند الرابع أنها بوضعها الحالى تمر فيها مياه الرى إلى نهايتها من الناحية الغربية عند ساقية المطعون عليهما وذلك بعد تعميقها الذى حصل بعد المعاينة الأولى وأن اتساعها الحالى له تأثير بسيط على قوة المياه فيها ويستفاد من ذلك أن المسقاه الجديد أصبحت بعمق المسقاه القديمة بسبب تعميقها بعد المعاينة الأولى؛ أما الاتساع فيوجد فيه خلاف وله تأثير بسيط على قوة تصريف المياه فى المسقاه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت مضمون التقريرين على النحو الثابت فيهما وانتهى إلى أنه لا زالت هناك بعض الأضرار التى تصيب المطعون عليهما لما كان ذلك فانه لا يكون هناك تناقض بين التقريرين ويكون النعى على الحكم بهذين السببين على غير اساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.