مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 1045

(104)
جلسة 10 من أبريل سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ محمد شلبى يوسف وعادل عزيز وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 861 لسنة 9 القضائية

( أ ) عامل - تأديب - فصل - القرار الصادر بفصل العامل لما ثبت من عدم صلاحيته لأى عمل وعدم أمانته وسوء سمعته واتصاله المريب بالعمال - ليس قرارا تأديبيا - القرار التأديبى يصدر بناء على اقتراف جريمة محددة بعناصرها - سبب قرار الفصل فى هذه الحالة عدم صلاحية المطعون ضده للعمل.
(ب) عامل - تأديب - الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضى - سلطة تأديب عمالها وموظفيها غير موظفى الوظائف الرئيسية - تنعقد لمدير عام الهيئة - أساس ذلك من قرار رئيس الجمهورية رقم 2270 لسنة 1960 باللائحة الداخلية للهيئة.
(جـ) عامل - فصل - تحقيق - الفصل لعدم الصلاحية - لا يشترط أن يسبقه تحقيق وسماع أقوال من يصدر ضده أو عرض أمره على لجنة شئون العمال.
(د) عامل - كادر عمال - فصل بغير الطريق التأديبى - كادر العمال يبيح الفصل بغير الطريق التأديبى - أساس ذلك من المادة 15 من تعليمات المالية رقم 9 لسنة 1912 ومنشور المالية رقم 9 لسنة 1942.
1 - أنه لتجلية كنه هذا القرار تورد المحكمة نص عبارته وهو صادر من المدير العام للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضى وقد أشارت ديباجته الى اطلاع مصدره قبل أصداره على تقرير التفتيش العام المؤرخ 26/ 7/ 1961 وعلى ما ارتآه السيد مدير ادارة الشئون القانونية وذلك فيما يلى "يفصل المواطن/ محمد صالح عيد الملاحظ بمنطقة النوبارية من خدمة الهيئة اعتبارا من تاريخه وذلك لما ثبت من عدم صلاحيته لأى عمل وعدم أمانته وسوء سمعته واتصاله المريب بالعمال".
ومن حيث أنه من المسلمات أن الجهة الادارية لا تلزم بذكر أسباب قراراتها الا اذا ألزمها القانون بذلك ففى هذه الحالة يتعين عليها ذكر هذه الاسباب تنفيذا لأمر القانون وفى الحالة الأولى يفترض قيام قرارها على الأسباب التى تحمله.
ومن حيث أنه يبين مما تقدم أن مصدر القرار أعرب فيه عن أسباب صدوره وهى قيام الحالة التى استلزمت صدوره وقد كشف بعبارة صريحة لا لبس فيها ولا ابهام عن أن سبب هذا القرار هو عدم صلاحية المطعون ضده للعمل وأن ذكر نعوتا أخرى فانها تعتبر عناصر لعدم الصلاحية وتأكيدا لفقدان صلاحيته للبقاء بين عمال هذا المرفق ومن ثم يكون هذا القرار غير القرار التأديبى الذى يصدر بناء على اقتراف جريمة محددة بعناصرها واذ كشفت عبارة القرار الصريحة عن طبيعته فلا حاجة الى تأويل هذه العبارة أو الى صرفها الى غير مفهومها الصريح بغير مبرر.
2 - أنشئت الهيئة الدائمة لاستصلاح الاراضى بالقانون 643 لسنة 1955 المعدل بالقانون 613 لسنة 1957 الذى تنص المادة السابعة منه على أنه "يعد مجلس الادارة لائحة للهيئة تصدر بقرار من رئيس الجمهورية تتضمن النظم والقواعد التى تسير عليها وتنظم أعمالها وحساباتها ونظام موظفيها ويشمل قواعد تعيينهم وترقيتهم وتأديبهم والمكافآت التى تمنح لهم أو لغيرهم ممن يندبون أو يعارون اليها".
وفى 18 من ديسمبر سنة 1960 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 2270 لسنة 1960 باللائحة الداخلية لهذه الهيئة ونصت مادته الأولى على أن مجلس ادارتها هو السلطة العليا المهيمنة على شئونها وتصريف أمورها وادارتها ونصت مادته الثالثة عشرة على أن يتولى مدير عام الهيئة ادارتها وتصريف أمورها ويختص بما يأتى:
(6) - تعيين الموظفين فى غير الوظائف الرئيسية وترقيتهم ونقلهم ومنحهم العلاوات وتأديبهم وانهاء خدمتهم وفقا للنظم التى يقررها مجلس الادارة.
ونصت المادة العشرون من تلك اللائحة على أن تسرى على موظفى وعمال هذه الهيئة - فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى اللائحة التى تصدر بقرار من رئيس الجمهورية أحكام التشريعات واللوائح المنظمة للوظائف العامة.
وواضح من ذلك أن نص المادة الثالثة عشرة من اللائحة يجعل مدير عام الهيئة صاحب السلطة التأديبية على عمال وموظفى هذه الهيئة غير موظفى الوظائف الرئيسية، وفى الوقت ذاته المختص باصدار قرار انهاء خدمة غير أصحاب الوظائف الرئيسية فى غير حالات التأديب.
3 - أن الفصل لعدم الصلاحية لا يشترط فى القرار الصادر به أن يسبقه تحقيق وسماع أقوال من يصدر ضده أو عرض أمره على لجنة شئون العمال.
4 - أن المادة 15 من تعليمات المالية رقم 9 الصادرة فى أول يولية سنة 1912 ومنشور المالية رقم 9 لسنة 42 ملف 234 - 6/ 2 قد أباحا فصل العامل لعدم الكفاءة فى العمل وهذا ينم على أن كادر العمال يبيح الفصل بغير الطريق التأديبى.


اجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 23 من شهر مايو سنة 1963 أودع السيد رئيس ادارة قضايا الحكومة بصفته نائبا عن السيد رئيس مجلس ادارة مؤسسة هيئة مديرية التحرير سكرتارية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من المحكمة الادارية لرئاسة الجمهورية بجلسة 24/ 3/ 1963 القاضى بالغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار والزام الطاعنة بالمصروفات. وطلب السيد الطاعن بناء على أسباب طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده والزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفى 26/ 5/ 1963 أعلن الطعن للمطعون ضده ثم عينت له جلسة 27/ 6/ 1964 أمام دائرة فحص الطعون وأخطر بها ذوو الشأن فى 2/ 6/ 1964 فقررت باحالته الى هذه الدائرة فعينت له جلسة 5/ 12/ 1964 أخطروا بها فى 26/ 10/ 1964 فسمعت ما رأت ضرورة سماعه ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان واقعات هذه المنازعة تخلص فى أن المطعون ضده أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتارية المحكمة الادارية لرياسة الجمهورية فى 19/ 11/ 1961 طالبا فيها الغاء قرار فصله من خدمته بمديرية التحرير مع الزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة.
وتبيانا للدعوى ذكر أنه التحق بخدمة الطاعنة فى 14/ 4/ 1954 بوظيفة كاتب الادارة المالية تبع منطقة النوبارية، وفى 5/ 8/ 1961 علم بقرار فصله من خدمتها وهو القرار رقم 690 الصادر بتاريخ 11/ 7/ 1961 فتظلم منه فى 17 من شهر أغسطس سنة 1961 بكتاب مسجل بعلم الوصول وأرسله الى السيد مدير عام الهيئة الدائمة لاستصلاح الاراضى ولم يتلق عنه ردا حتى تاريخ رفع الدعوى واعتمد فى الغاء القرار على الأسباب الآتية:
(1) كان مثلا للموظف الأمين النشيط ومحل ثقة جميع رؤسائه.
(2) لم يسبق قرار الفصل اجراء تحقيق أو محاكمة تأديبية.
(3) جاء فى هذا القرار أنه غير صالح للعمل بعد أن أمضى فى الخدمة سبعة أعوام طوال.
فأجابت الطاعنة على الدعوى أولا بأن ملف خدمته - حوى الكثير من الجزاءات والتحقيقات التى تنبئ عن عدم صلاحيته وبوجه خاص قرار فصله فى 29/ 2/ 1956 بسبب تزويره فى سراكى العمال ثم أعيد للعمل بقرار السيد عضو مجلس الادارة المنتدب الذى وضعه تحت الاختبار وأن يقدم عنه تقرير كل شهرين وأضافت الى ما تقدم أن السيد مدير الادارة العامة للتفتيش العام أجرى تحقيقا فى شكوى رفعت اليه من السيد مدير التنفيذ بمنطقة النوبارية فتبين أن المطعون ضده لا يجيد أى نوع من العمل الكتابى وأنه على اتصال مريب بالعمال للحصول على المال ومن ثم يكون لها أن تعمل سلطانها بالفصل لعدم الصلاحية حماية للجهاز الادارى من انتشار الفوضى بين موظفيه وعماله ومن ثم طلبت رفض الدعوى.
ومن حيث أن تلك المحكمة أقامت قضاءها من ناحية شكل الدعوى على أن القرار المطعون فيه صدر فى 2/ 8/ 1961 فتظلم منه المطعون ضده فى 5/ 8/ 1961 فلم يتلق ردا عليه فأقام دعواه فى 19/ 11/ 1961 ومن ثم تكون فى الميعاد فهى مقبولة شكلا.
وأما من ناحية موضوعها فأقامته على أن قرار الفصل صدر من السيد مدير عام مؤسسة التحرير وورد بديباجته اشارة الى اطلاع مصدره على تقرير التفتيش العام المؤرخ 26/ 7/ 1961، وأنه ثبت عدم صلاحيته لأى عمل وعدم أمانته وسوء سمعته واتصاله المريب بالعمال، واسترسلت المحكمة الى القول أن نظام موظفى المؤسسة العامة لمديرية التحرير وقد أدمجت فى الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضى البور بالقرار الجمهورى رقم 1043 لسنة 1957 تحكمه القواعد العامة حتى تاريخ صدور القرار المطعون عليه اذ لم تصدر بعد أداة النظام الخاص بهؤلاء الموظفين وهو قرار رئيس الجمهورية، وأن القواعد العامة فى كادر العمال توجب أخذ رأى لجنة شئون العمال عند ارتكابه جريمة تأديبية والا كان قرارها باطلا اذ أن صفة المطعون ضده ثابتة اذ هو يعمل عملا كتابيا بأجر يومى مقداره 350 مليما.
ومن حيث أن الطعن بنى على الأسباب الآتية:
(1) خالف الحكم القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله اذ صدر القرار المطعون فيه من مختص طبقا لقرار رئيس الجمهورية رقم 2270 لسنة 1960 باللائحة الداخلية للهيئة العامة لاستصلاح الأراضى بتاريخ 18/ 12/ 1960 الذى نصت مادته/ 13 على أن يتولى مدير عام الهيئة ادارتها وتصريف أمورها ويختص بتعيين الموظفين فى غير الوظائف الرئيسية وبترقيتهم ونقلهم ومنحهم العلاوات وتأديبهم وانهاء خدمتهم وفقا للنظم التى يقررها مجلس الادارة. وأن سلطة مدير عام الهيئة الدائمة تمتد الى سائر الموظفين على النحو السابق ما عدا الموظفين فى الوظائف الرئيسية، كما أن هذا النظام لم يستلزم أخذ رأى لجنة شئون العمال كما هو الحال فى كادر عمال الحكومة.
ثانيا - أن بقاء الموظف فى وظيفته رهين باستمرار صلاحيته لها فان أضحى غير صالح لأعباء الوظيفة كان لجهة الادارة أن تفصله دون تثريب عليها ويكون قرارها صحيحا ما دام قد خلا من عيب اساءة استعمال السلطة. وهى تملك فى هذا الشأن سلطة تقديرية لا تخضع لرقابة القضاء وفى ملف خدمته الدليل الناطق على عدم صلاحيته.
ومن حيث أن هيئة مفوضى الدولة قدمت تقريرا أبانت فيه ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية ثم عالجت موضوعه بأن ذكرت ان قرار الفصل المطعون عليه هو قرار فصل من غير الطريق التأديبى لما ثبت من عدم صلاحية المطعون ضده وسوء سمعته وأن مدير عام الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضى وهى التى أدمجت فيها مؤسسة مديرية التحرير هو صاحب الاختصاص فى انهاء خدمة الموظفين فى غير الوظائف الرئيسية والعمال والخدمة السايرة عن غير الطريق التأديبى، ويباشر اختصاصه وفقا للقواعد العامة، وأن هذه القواعد لا تلزمه بأخذ رأى لجنة العمال قبل اصداره هذا القرار اذ انها تقضى بضرورة أخذ رأى هذه اللجنة فى حالة الفصل الذى يقع تأديبيا ولم يكن القرار المطعون فيه كذلك بل كان فصلا لعدم الصلاحية، كما يبين من ملف خدمته ومن تقارير رؤسائه عنه، وأن السلطة التى نبع منها هذا القرار سلطة تقديرية لا يحدها الا سوء الاستعمال ولم يقم عليه دليل، واذ فصلته استعمالا لها فلا حاجة الى اجراء تحقيق ضده ويكفيها أن يقوم لديها السبب المبرر لهذا الفصل. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه أخطأه التوفيق ويتعين الغاؤه.
ومن حيث أن ادارة قضايا الحكومة قدمت مذكرة ظاهرت فيها ما جاء فى صحيفة الطعن وتقرير هيئة مفوضى الدولة بأن رددت ما جاء فيهما من أسانيد واستشهدت بحكم هذه المحكمة الصادر فى الطعن رقم 33 لسنة 8 ق بجلسة 9/ 2/ 1963 ولما ينشر بعد والطعن رقم 178 لسنة 3 ق الصادر بجلسة 1/ 3/ 1958 المنشور فى مجموعة السنة الثالثة قاعدة 88 ص 569 وأضافت اليه سببا آخر مفاده أنه بفرض أعمال قواعد كادر عمال الحكومة فانه يبين من أحكامها ومن أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 643 لسنة 1960 ان أخذ رأى اللجنة الفنية لا يكون الا فى حالة الفصل القائم على سبب تأديبى وانه لا يلزم اتخاذ مثل هذا الاجراء فى حالة انهاء الخدمة بغير الطريق التأديبى واذ فصل المطعون ضده بغير الطريق التأديبى فان الحكم السابق لا يصدق عليه.
ومن حيث أن المطعون ضده قدم مذكرة بدفاعه ردا على ما أثير ضده فى صحيفة الطعن وفى تقرير هيئة مفوضى الدولة ومذكرة الحكومة فقال أن فصله كان تأديبيا وقد أفصح قراره عن ذلك وأسند اليه أسبابا محددة هى سوء السلوك وعدم الأمانة والاتصال المريب بالعمال ثم ذهب الى القول بأن قرار فصله صدر باطلا فلم تثبت صحة الأسباب التى استند اليها مصدره على وجه التخصيص حتى تتولد للقرار مناسبة لاصداره ولا تكفى الأسباب على وجه العموم ومن واقع ملف الخدمة وليس من شك فى أن السلطة التأديبية تملك تقدير الوقائع المنسوبة الى الموظف وتقدير ما اذا كانت جريمة تأديبية أم لا، ويجب أن يشترك معها فى التقدير هيئات فنية وهى اللجان الفنية المختصة سواء لجنة شئون العمال طبقا لكادر العمال أو اللجنة الفنية المختصة طبقا لقرار مجلس ادارة الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضى واذ تخلف شرط عرض الأمر على اللجنة الفنية المختصة فان قرار الفصل يكون باطلا ومن ثم صمم على طلب رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه.
ومن حيث انه يبين من مساق واقعات هذه المنازعة انه ليس ثمة خلاف حول مركز المطعون ضده القانونى وهو انه عامل بأجر يومى وانما محور الخلاف يدور حول كنه القرار الصادر فى 2/ 8/ 1961 وهل هو قرار تأديبى أم غير تأديبى وهل صدر صحيحا أم شابه عيب يؤثمه.
ومن حيث أنه لتجلية كنه هذا القرار تورد المحكمة نص عبارته وهو صادر من المدير العام للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضى وقد أشارت ديباجته الى اطلاع مصدره قبل اصداره على تقرير التفتيش العام المؤرخ 26/ 7/ 1961 وعلى ما ارتآه السيد مدير إدارة الشئون القانونية وذلك فيما يلى "يفصل المواطن/ محمد صالح عيد الملاحظ بمنطقة النوبارية من خدمة الهيئة اعتبارا من تاريخه وذلك لما ثبت من عدم صلاحيته لأى عمل وعدم أمانته وسوء سمعته واتصاله المريب بالعمال".
ومن حيث انه من المسلمات ان الجهة الادارية لا تلزم بذكر أسباب قراراتها الا اذا الزمها القانون بذلك ففى هذه الحالة يتعين عليها ذكر هذه الأسباب تنفيذا لأمر القانون وفى الحالة الأولى يفترض قيام قرارها على الأسباب التى تحمله.
ومن حيث أنه يبين مما تقدم ان مصدر القرار أعرب فيه عن أسباب صدوره وهى قيام الحالة التى استلزمت صدوره وقد كشف بعبارة صريحة لا لبس فيها ولا ابهام على ان سبب هذا القرار هو عدم صلاحية المطعون ضده للعمل وان ذكر نعوتا أخرى فانها تعتبر عناصر لعدم الصلاحية وتأكيدا لفقدان صلاحيته للبقاء بين عمال هذا المرفق ومن ثم يكون هذا القرار غير القرار التأديبى الذى يصدر بناء على أقتراف جريمة محددة بعناصرها واذ كشفت عبارة القرار الصريحة عن طبيعته فلا حاجة الى تأويل هذه العبارة أو الى صرفها الى غير مفهومها الصريح بغير مبرر.
ومن حيث انه توصلا لمعرفة القاعدة القانونية التى تحكم مركز المطعون ضده تعرض المحكمة لبيان حالته كما هى ثابتة من ملف خدمته فقد التحق بخدمة مديرية التحرير عاملا بأجر يومى فى سنة 1954 وظل مركزه لم يتغير الى أن أدمجت مديرية التحرير فى الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضى بالقرار الجمهورى الصادر فى 3/ 11/ 1957 والمنشور فى النشرة التشريعية عدد نوفمبر سنة 1957 واذ أنشئت الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضى بالقانون 643 لسنة 1955 المعدل بالقانون 613 لسنة 1957 الذى تنص المادة السابعة منه على انه "يعد مجلس الادارة لائحة للهيئة تصدر بقرار من رئيس الجمهورية تتضمن النظم والقواعد التى تسير عليها وتنظم أعمالها وحساباتها ونظام موظفيها ويشمل قواعد تعيينهم وترقيتهم وتأديبهم والمكافآت التى تمنح لهم أو لغيرهم ممن يندبون أو يعارون اليها".
وفى 18 من ديسمبر سنة 1960 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 2270 لسنة 1960 باللائحة الداخلية لهذه الهيئة ونصت مادته الأولى على أن مجلس ادارتها هو السلطة العليا المهيمنة على شئونها وتصريف أمورها وادارتها ونصت مادته الثالثة عشرة على أن يتولى مدير عام الهيئة ادارتها وتصريف أمورها ويختص بما يأتى:.. (6) - تعيين الموظفين فى غير الوظائف الرئيسية وترقيتهم ونقلهم ومنحهم العلاوات وتأديبهم وانهاء خدمتهم وفقا للنظم التى يقررها مجلس الادارة.
ونصت المادة العشرون من تلك اللائحة على أن تسرى على موظفى وعمال هذه الهيئة - فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى اللائحة التى تصدر بقرار من رئيس الجمهورية - أحكام التشريعات واللوائح المنظمة للوظائف العامة.
وواضح من ذلك أن نص المادة الثالثة عشرة من اللائحة يجعل مدير عام الهيئة صاحب السلطة التأديبية على عمال وموظفى هذه الهيئة غير موظفى الوظائف الرئيسية، وفى الوقت ذاته المختص باصدار قرار انهاء خدمة غير أصحاب الوظائف الرئيسية فى غير حالات التأديب.
ومن حيث انه وان كان هو المختص باصدار هذا القرار على ما سلف من بيان فان المحكمة تعرض لما أودع فى ملف خدمة المطعون ضده ولما جاء فى التقرير الذى نوهت به ديباجة القرار لتتعرف على ما اذا كان قد قام على صحيح سببه أم لا.
ومن حيث أن الثابت من ملف خدمته كما أشارت هيئة المفوضين فى تقريرها ان فيه الكثير من الجزاءات التى وقعت عليه فقد جوزى بالخصم من راتبه كثيرا لتغيبه مرات عديدة بدون أذن وهذا أمر ينم على عدم اكتراثه بالعمل وعلى اهماله فيه وعدم مبالاته بتعطيله، كما سبق انذاره وسبق فصله من الخدمة لتزويره سراكى العمال، ثم أعيد الى العمل ولسوء سمعته امتنعت جميع الادارات من الحاقه بها كما أعلن مدير الادارة المالية بالهيئة رغبته فى ابعاده عن هذه الادارة والاستغناء عن خدماته ثم قدم التفتيش أخيرا تقريره المؤرخ 6/ 7/ 1961 الذى ذكر فيه انه غير صالح لأى عمل كتابى وغير أمين وأنه سئ السمعة وعلى اتصال مريب بالعمال بغية الحصول منهم على المال دون مسوغ مشروع.
ومن حيث ان ما تقدم فيه السبب المبرر للفصل لعدم الصلاحية وهذا الطريق تلجأ اليه الادارة اعتمادا على ما لها من هيمنة على سير المرافق العامة اذ حقها هذا يبيح لها الحرية فى اختيار من ترى فيهم الصلاحية لهذا الغرض وفصل من ترى فيه انه غير صالح له، كما ان سلطتها فى ذلك تقديرية لا يحدها الى الحيف وسوء الاستعمال الذى يقوم عليه الدليل المقنع من جانب مدعية الأمر غير الموجود فى هذه الأوراق (الطعن رقم 1529 لسنة 2 ق - مجموعة السنة الثانية - قاعدة 25 ص 215) فمتى قام القرار على أسباب جدية وشبهات قوية تبرره كان قرار صحيحا (طعن رقم 1755 لسنة 2 ق - المجموعة السنة الثانية قاعدة 135 ص 1309 والطعن رقم 10 لسنة 2 ق - مجموعة السنة الخامسة ص 1214).
ومن حيث ان الفصل لعدم الصلاحية لا يشترط فى القرار الصادر به أن يسبقه تحقيق وسماع أقوال من يصدر ضده أو عرض أمره على لجنة شئون العمال (الطعن رقم 58 لسنة 4 ق المنشور فى مجموعة السنة الثالثة - قاعدة 172 ص 1729).
ومن حيث أنه يضاف الى ما تقدم أن المادة 15 من تعليمات المالية رقم 9 الصادرة فى أول يولية سنة 1912 ومنشور المالية رقم 9 لسنة 42 ملف 334 - 6/ 2 قد أباحا فصل العامل لعدم الكفاءة فى العمل وهذا ينم على أن كادر العمال يبيح الفصل بغير الطريق التأديبى.
ومن حيث انه يتضح من حاصل ما تقدم ان قرار الفصل المطعون فيه قد صدر من مختص وقام على صحيح سببه واستخلص من وقائع تنتجه ماديا وقانونا وليس على السلطة التى أصدرته من قيد أو شكل خاص يجب عليها مراعاته أو اتباعه قبل اصداره ومن ثم يكون النعى عليه على غير أساس من القانون واذ أخذ الحكم المطعون بهذا النعى فانه يكون حكما قد تنكب وجه الصواب وحق بالتالى الغاؤه ورفض دعوى المطعون ضده التى لا تقوم على سند من الواقع أو القانون.
ومن حيث أن المطعون ضده وقد أصابه الخسر فى الدعوى فانه يتعين الغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع الزام المدعى بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات.