مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 1055

(105)
جلسة 17 من أبريل سنة 1965

برياسة السيد الأستاذ/ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ محمد شلبى يوسف وعادل عزيز وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 136 لسنة 8 القضائية

( أ ) قرار ادارى نهائى - موظف - تقرير سنوى - ولاية التعقيب على تقارير الكفاية فى التقرير السنوى - ثبوتها لقضاء الالغاء لأن هذا التقرير بمثابة القرار الادارى النهائى - تقيد الطعن على تقرير الكفاية بميعاد الستين يوما ما لم يقم به وجه من أوجه انعدام القرار الادارى.
(ب) محكمة تأديبية - اختصاص - تقرير سنوى - ليس للمحكمة التأديبية أن تعقب على تقدير الكفاية فى التقرير السنوى طالما لم يلغ التقرير من قضاء الالغاء المختص أو يسحب اداريا بالطريق الصحيح الا أن يكون قد قام به وجه من أوجه انعدام القرار الادارى - أساس ذلك أن المحكمة التأديبية ليست فى هذا المجال محكمة الغاء.
(ج) موظف - تقرير سنوى - قرار ادارى - انعدامه - اغفال توقيع رئيس المصلحة على تقرير الكفاية السنوى قبل عرضه على لجنة شئون الموظفين - حضور رئيس المصلحة اجتماع لجنة شئون الموظفين بوصفه رئيسا لها ومشاطرته فى اصدار قرارها النهائى وتوقيعه على تقرير الكفاية بصفته رئيسا للجنة - ليس فى تقرير الكفاية بعدئذ ما يمكن أن يشكل وجها من أوجه انعدام القرار الادارى.
(د) محكمة تأديبية - اختصاص - تقرير سنوى - لجنة شئون العاملين - ولاية المحكمة التأديبية فى شأن الموظف الذى يقدم عنه تقريران بدرجة ضعيف - زوالها منذ العمل بقانون نظام العاملين المدنيين - ثبوت الاختصاص فى ذلك للجنة شئون العاملين.
1 - أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ولاية التعقيب على تقدير الكفاية فى التقرير السنوى - وهو بمثابة قرار ادارى نهائى - انما هى لقضاء الالغاء، فهو القضاء الذى شرعه القانون للطعن فى القرارات الادارية. وقد يسر القانون للموظف وسيلة العلم بالتقرير وبوجه خاص فى حالة تقديم تقرير عنه بدرجة ضعيف اذ نص فى ذيل المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على أن "يعلن الموظف الذى يقدم عنه تقرير بدرجة ضعيف بصورة منه" فاذا فوت صاحب الشأن على نفسه فرصة الطعن فى التقرير فى الميعاد القانونى لاستصدار حكم بالغائه من قضاء الالغاء، فان التقرير يصبح حصينا من الالغاء. ولا سبيل للعودة الى مناقشته وزعزعة هذه الحصانة حتما أمام قضاء الالغاء، الا أن يكون قد قام بالتقرير وجه من أوجه انعدام القرار الادارى.
2 - ان المحكمة التأديبية فى ولايتها التى خلفت فيها الهيئة المشكل منها مجلس التأديب فى مجال أعمال حكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951، ليست محكمة الغاء ومن ثم فهى لا تملك التعقيب على تقدير الكفاية فى التقرير السنوى الذى يعرض عليها طالما لم يلغ التقرير من قضاء الالغاء المختص أو يسحب اداريا بالطريق الصحيح ألا أن يكون قد قام بالتقرير وجه من أوجه انعدام القرار الادارى.
3 - ان رئيس المصلحة، الذى هو فى الوقت ذاته رئيس لجنة شئون الموظفين، وأن لم يوقع على التقريرين قبل عرضهما على اللجنة افصاحا عن رأيه الا أنه حضر اجتماع اللجنة عند عرض التقريرين عليها واشترك فى اصدار قرارها النهائى فى شأن كل منهما ووقع عليهما بعد ذلك بصفته رئيسا للجنة، وفى هذا ما يوسد له السبيل الى ابداء كل ما يعن له كرئيس للمصلحة من ملاحظات وآراء فى شأن تقدير الكفاية المطروح على البحث كما يكفل لأعضاء اللجنة تعرف رأيه والوقوف على مدى تأييده أو اعتراضه على تقدير الرئيس المباشر والمدير المحلى بما يضع آراء الرؤساء جميعا - الرئيس المباشر والمدير المحلى ورئيس المصلحة - تحت نظر اللجنة وهى تصدر قرارها ويحقق بذلك - ولو مع تجاوز جزئى فى الشكل المرسوم - الضمان الذى حرص القانون على تحقيقه، ويتضح من ذلك أنه ليس ثمة فى التقريرين المشار اليهما ما يمكن أن يشكل وجها من أوجه انعدام القرار الادارى.
4 - ان ولاية المحكمة التأديبية التى خلفت فيها الهيئة المشكل منها مجلس التأديب فى مجال أعمال حكم القانون فى شأن الموظف الذى يقدم عنه تقريران بدرجة ضعيف قد زالت منذ العمل بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 الذى جعل الاختصاص فى الشأن معقودا للجنة شئون العاملين وفقا لحكم المادة 34 منه.


اجراءات الطعن

فى يوم السبت 30 من ديسمبر سنة 1961 أودعت ادارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيدين وزير الأشغال ومدير عام النيابة الادارية تقرير طعن فى القرار الصادر من المحكمة التأديبية لوزارتى الاشغال والحربية فى أول نوفمبر سنة 1961 فى الطلب المقيد برقم 8 لسنة 3 ق والمقدم من النيابة الادارية ضد السيد/ محمد مصطفى محمد والقاضى برفض الطلب، وطلبت ادارة قضايا الحكومة للأسباب المبينة بعريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه والنظر فى حالة السيد/ محمد مصطفى محمد طبقا للمادة 32 من قانون التوظف وذلك لحصوله على تقريرين بدرجة ضعيف عامى 1959 و1960 ووفقا لقرار النيابة الادارية باحالته الى المحكمة التأديبية. وقد أعلن الطعن للمطعون ضده فى 15/ 1/ 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 28/ 11/ 1964 وأبلغ الطرفان فى 5/ 11/ 1964 بميعاد هذه الجلسة. وقررت دائرة فحص الطعون احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (دائرة أولى) حيث حدد لنظره أمامها جلسة 27/ 2/ 1965 التى أبلغ بها الطرفان فى 9/ 2/ 1965 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت ارجاء النطق بالحكم فى الطعن لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ايضاحات ذوى الشأن وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن النيابة الادارية، بطلبها المودع سكرتارية المحكمة التأديبية لوزارتى الأشغال والحربية فى 24/ 6/ 1961، طلبت النظر - طبقا للمادة 32 من قانون التوظف - فى حالة السيد/ محمد مصطفى محمد الموظف من الدرجة السادسة الكتابية بادارة الكهرباء والغاز لمدينة القاهرة بوزارة الأشغال، وذلك لحصوله على تقريرين بدرجة ضعيف عن عامى 1959، 1960 - وقد رد السيد/ محمد مصطفى محمد (المطعون ضده) على طلب النيابة الادارية بمذكرة قدمها للمحكمة التأديبية فى 24/ 10/ 1961 طالبا فيها رفض الطلب بناء على أن الخانة الخاصة برئيس المصلحة فى كل من التقريرين المشار اليهما خلو من التقدير ومن التوقيع، وانه لما كان تقدير كفاية الموظف بمعرفة رئيس المصلحة وبتوقيعه من الاجراءات الجوهرية التى نص عليها القانون فان اغفالهما فيه اهدار لاحدى الضمانات التى قصد القانون الى توفيرها للموظف الأمر الذى يبطل التقرير ويهدر آثاره - وبجلسة 1/ 11/ 1961 قررت المحكمة التأديبية رفض الطلب وأقامت قرارها على ان كلا من التقريرين جاء خلوا من تقدير رئيس المصلحة وان "تقدير كفاية الموظف لا يكون منتجا أثره الا اذا التزمت الحدود والاجراءات التى رسمتها المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 معدلا بالقانون رقم 73 لسنة 1957 والتى ترمى الى التوفيق بين اعتبارات المصلحة العامة وبين توفير الضمانات للموظف حتى لا يكون عرضة بغير حق للتحكم والاهواء وعلى ذلك يكون تقدير رئيس المصلحة اجراء جوهريا حسب مفهوم حكم المادة المذكورة ويعتبر اغفاله مبطلا للتقرير فلا ينتج أثره مما يكون معه الطلب بحالته المعروضة غير مقبول لعدم توافر أركان التقدير متعينا رفضه بحالته الراهنة".
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن لرئيس المصلحة (المهندس على عمر دمرداش) توقيعين على كل من التقريرين المتقدمى الذكر، الأول بصفته رئيس المصلحة والثانى بصفته رئيس لجنة شئون الموظفين وان كان التوقيع الأول قد جاء منحرفا عن المكان المخصص للتوقيع بالنموذج، وان رئيس المصلحة هو نفسه رئيس لجنة شئون الموظفين وقد وقع على التقرير قبل عرضه على اللجنة ثم اشترك فى بحث التقدير فى اجتماع اللجنة وعرض عليها المبررات التى استند اليها لتقدير كفاية المطعون ضده بدرجة ضعيف واقتنع باقى أعضاء اللجنة بهذه الأسانيد ووافقت على هذا التقدير فلا يمكن ان يقال بعد ما تقدم ان الضمانات التى اشترطها القانون لصالح الموظفين لم تتحقق لمجرد أن رئيس المصلحة انحرف فى التوقيع عن المكان المخصص لامضائه فى النموذج.
ومن حيث ان هيئة مفوضى الدولة قد أودعت تقريرا برأيها أبدت فيه ان ظاهر التقريرين يدل على انهما عرضا على رئيس المصلحة قبل عرضهما على لجنة شئون الموظفين غاية الأمران رئيس المصلحة قد فات عليه أن يوقع قرين رئيس المصلحة ووقع فى خطأ مادى حينما وقع تحت عبارة "رئيس اللجنة" الواردة بطلب التقرير، وهو خطأ لا يمكن أن يستدل منه على عدم عرض التقرير على رئيس المصلحة قبل عرضه على لجنة شئون الموظفين، ويؤيد ذلك ويعززه انه وقع على الجزء الخاص بقرار لجنة شئون الموظفين بتوقيع آخر وازدواج توقيعه على كل من التقريرين لا يفسر الا فى مجال أنه عرض عليه بوصفه رئيس المصلحة فأقر التقرير ووقع عليه الا أنه وقع فى خطأ مادى فوقع فى غير المكان الذى كان يتعين عليه التوقيع فيه وهو خطأ لا يهدر قيمة التقرير أو يجعله معدوما، وانتهت هيئة المفوضين الى انها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه والقضاء فى طلب النيابة الادارية أعمال حكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فى شأن المطعون ضده - وقد عقب المطعون ضده على ما جاء بتقرير هيئة المفوضين بمذكرة تضمنت أنه طبقا لأحكام القانون ولمبادئ أحكام هذه المحكمة يعتبر عرض التقرير السنوى المقدم عن الموظف على رئيسه المباشر وعلى المدير المحلى وعلى رئيس المصلحة من الاجراءات الجوهرية التى قصد المشرع منها توفير الضمانات للموظف ضد تعسف رؤسائه وان عدم استيفاء اجراء من هذه الاجراءات بعدم عرض التقرير على أحد هؤلاء الثلاثة فيه اهدار لاحدى الضمانات التى قررها القانون ويترتب عليه بطلان وانعدام التقرير، وهو يشكل وجها من أوجه انعدام القرار الادارى بتقدير كفاية الموظف، وان الثابت أن التقريرين موضوع البحث لم يعرضا على رئيس المصلحة وآية ذلك أن السيد المهندس على عمر دمرداش فى وقت وضع التقريرين كان يشغل وظيفة مدير عام ادارة الغاز والكهرباء كما يشغل فى ذات الوقت وظيفة رئيس لجنة شئون الموظفين وكانت التقارير لا تعرض عليه على انفراد بصفته رئيس المصلحة وكان يكتفى بعرضها عليه بعد موافقة لجنة شئون الموظفين وكان يوقع فى خانة رئيس اللجنة المكتوبة فى الأنموذج المطبوع ويوقع تحت كلمة رئيس اللجنة بالخاتم الذى يختم به التقرير بعد عرضه على لجنة شئون الموظفين، ولا اعتداد بما جاء فى تقرير هيئة المفوضين لأن ازدواج توقيع السيد/ على عمر الدمرداش تحت عبارة "رئيس اللجنة" يقطع فى أن التوقيعين حصلا فى وقت واحد كان سيادته متأثرا فيه بصفته رئيس اللجنة ومن غير المعقول أن يكون قد وقع فى خطأ مادى فى كل من التقريرين فى سنتين متتاليتين ولو كان أى من التقريرين عرض عليه قبل عرضه على لجنة شئون الموظفين لكان من المؤكد أن يوقع فى خانة رئيس المصلحة وهى خانة واضحة تركها خالية فى التقريرين ووقع فى خانة أخرى مخصصة لرئيس اللجنة وهذا دليل قاطع على أن التقريرين لم يعرضا عليه قبل عرضهما على اللجنة وقام بهما بذلك سبب من أسباب انعدام القرار الادارى النهائى، وقد خلص المطعون ضده الى طلب الحكم برفض الطعن والزام الطاعنة بالمصروفات - وتقدمت ادارة قضايا الحكومة بمذكرة قالت فيها أن رئيس المصلحة قد وقع على كل من التقريرين ولكنه أخطأ فى مكان التوقيع وهو مجرد خطأ مادى وفضلا عن هذا فأن المراد من النص على عرض التقدير على مدير المصلحة أن تكون للمدير صفة انفرادية وذلك لمعرفة تقديره أما اذا اجتمعت فيه الصفتان معا - صفة مدير المصلحة وصفة رئيس اللجنة - فانه يكفى توقيعه الأخير اذ هو لا بد وأن يكون قد وافق على تقدير اللجنة أو اعترض ومع ذلك انتهى الأمر الى رأى اللجنة، وهو ما سبق أن قضت به هذه المحكمة فى حكم لها لم ينشر بعد، هذا الى أنه ليس للمحكمة التأديبية أن تتعرض لمشروعية التقارير وهى ليست محكمة الغاء فاذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى الى عدم اعمال الآثار المترتبة على التقريرين محل النزاع قولا بأنهما لم يستوفيا مرحلة من المراحل التى عددتها المادة 31 من قانون موظفى الدولة حال أن المطعون ضده لم يكن قد طعن على هذين التقريرين أمام القضاء الادارى ولم يصدر بالتالى حكم بالغائهما فانه يكون قد قضى ضمنا بالغاء هذين التقريرين مع أن المحكمة التأديبية لا تملك ذلك.
ومن حيث أن المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تنص على أن "يقدم التقرير السنوى عن الموظف من رئيسه المباشر، ثم يعرض على المدير المحلى للادارة.. فرئيس المصلحة لابداء ملاحظاتهما، ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتقدير درجة الكفاية التى تراها ويعلن الموظف الذى يقدم عنه تقرير بدرجة ضعيف بصورة منه".
ومن حيث انه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المطعون ضده أن تقريره السنوى عن عام 1958 مؤشر عليه بأنه عرض على لجنة شئون الموظفين بجلسة 17/ 4/ 1960 وأقرت درجة كفايته بـ 45 "درجة ضعيف"، وأن تقريره عن عام 1960 مؤشر عليه أيضا بأنه عرض على لجنة شئون الموظفين بجلسة 29/ 4/ 1961 وأقرت اللجنة درجة كفايته بـ 42 "درجة ضعيف"،. والتقريران موقع عليهما من الرئيس المباشر الذى قدر كفاية المطعون ضده عن سنة 1959بـ 50 "مرتبة مرض" وعن سنة 1960 بـ 42 "مرتبة ضعيف" كما وقع عليهما بدوره المدير المحلى، أما رئيس المصلحة (مدير عام ادارة الكهرباء والغاز) وهو فى الوقت ذاته رئيس لجنة شئون الموظفين فقد وقع على كل من التقريرين مرتين احداهما تحت عبارة رئيس اللجنة المطبوعة فى صلب التقرير عند نهاية خانة "تقرير اللجنة" التى على خانة "رأى رئيس المصلحة" والمرة الثانية تحت عبارة "رئيس اللجنة" الواردة فى ذيل الاشارة الخاصة بالعرض على لجنة شئون الموظفين، وتذهب الحكومة الى أن رئيس المصلحة أخطأ فى المرة الأولى فى المكان المخصص للتوقيع فانحرف جانبا ووقع تحت عبارة "رئيس اللجنة" بدلا من أن يوقع بجانب عبارة "رئيس المصلحة" هذا الخطأ لا يعنى انه لم يسبق عرض التقريرين عليه قبل عرضهما على لجنة شئون الموظفين لأنه وقع مرة أخرى على التقرير، كما ذهبت هيئة المفوضين الى أن ازدواج توقيعه على كل من التقريرين لا يفسر الا فى مجال انه عرض عليه بوصفه رئيس المصلحة فأقر التقدير ووقع عليه الا أنه وقع فى خطأ مادى فوقع فى غير المكان الذى كان يتعين عليه التوقيع فيه، أما المطعون ضده فقد ذهب الى أن ازدواج توقيع السيد/ على عمر الدمرداش تحت عبارة "رئيس اللجنة" يقطع فى أن التوقيعين حصلا فى وقت واحد بصفته رئيسا للجنة ومن غير المعقول أن يكون قد وقع فى خطأ مادى فى كل من التقريرين فى سنتين متتاليتين.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ولاية التعقيب على تقدير الكفاية فى التقرير السنوى - وهو بمثابة قرار ادارى نهائى - انما هى لقضاء الالغاء، فهو القضاء الذى شرعه القانون للطعن فى القرارات الادارية. وقد يسر القانون للموظف وسيلة العلم بالتقرير وبوجه خاص فى حالة تقديم تقرير عنه بدرجة ضعيف اذ نص فى ذيل المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على أن "يعلن الموظف الذى يقدم عنه تقرير بدرجة ضعيف بصورة منه" فاذا فوت صاحب الشأن على نفسه فرصة الطعن فى التقرير فى الميعاد القانونى لاستصدار حكم بالغائه من قضاء الالغاء، فان التقرير يصبح حصينا من الالغاء. ولا سبيل للعودة الى مناقشته وزعزعة هذه الحصانة حتما أمام قضاء الالغاء، ألا أن يكون قد قام بالتقرير وجه من أوجه انعدام القرار الادارى، وان المحكمة التأديبية فى ولايتها التى خلفت فيها الهيئة المشكل منها مجلس التأديب فى مجال أعمال حكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951، ليست محكمة الغاء ومن ثم فهى لا تملك التعقيب على تقدير الكفاية فى التقرير السنوى الذى يعرض عليها طالما لم يلغ التقرير من فضاء الالغاء المختص أو يسحب اداريا بالطريق الصحيح الا أن يكون قد قام بالتقرير وجه من أوجه انعدام القرار الادارى كما سلف القول، وعلى مقتضى هذا وعلى أساس ان الأوراق خالية مما يدل على انه قد طعن فى التقريرين المتقدمى الذكر بدعوى الغاء وان دفاع المطعون ضده أمام هذه المحكمة والمحكمة التأديبية قد خلا من الادعاء بسلوكه هذا السبيل، يصبح البحث مقصورا على ما اذا كان ما يعيبه المطعون ضده على التقريرين يشكل وجها من أوجه انعدام القرار الادارى أم لا.
ومن حيث أنه - بفرض صحة ما ذهب اليه المطعون ضده من أن توقيع رئيس المصلحة فى الخانة المعدة لرئيس اللجنة لم يكن عن خطأ مادى وانما صدر عنه بوصفه رئيسا للجنة وبعد عرض التقريرين عليها - فان رئيس المصلحة، الذى هو فى الوقت ذاته رئيس لجنة شئون الموظفين، وان لم يوقع على التقريرين قبل عرضهما على اللجنة افصاحا عن رأيه الا أنه حضر اجتماع اللجنة عند عرض التقريرين عليها واشترك فى اصدار قرارها النهائى فى شأن كل منهما ووقع عليهما بعد ذلك بصفته رئيسا للجنة، وفى هذا ما يوسد له السبيل الى ابداء كل ما يعن له كرئيس للمصلحة من ملاحظات وآراء فى شأن تقدير الكفاية المطروح على البحث كما يكفل لأعضاء اللجنة تعرف رأيه والوقوف على مدى تأييده أو اعتراضه على تقدير الرئيس المباشر والمدير المحلى بما يضع آراء الرؤساء جميعا - الرئيس المباشر والمدير المحلى ورئيس المصلحة - تحت نظر اللجنة وهى تصدر قرارها ويحقق بذلك - ولو مع تجاوز جزئى فى الشكل المرسوم - الضمان الذى حرص القانون على تحقيقه، ويتضح من ذلك انه ليس ثمة فى التقريرين المشار اليهما ما يمكن أن يشكل وجها من أوجه انعدام القرار الادارى، ومن ثم كان يتعين على المحكمة التأديبية أن تنزل حكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على المطعون ضده دون اطراح هذين التقريرين وعدم ترتيب آثارهما.
ومن حيث أن القرار المطعون فيه اذ ذهب غير هذا المذهب يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله ويتعين لذلك القضاء بالغائه.
ومن حيث ان طلب النيابة الادارية غير مهيأ للفصل فيه، كما أن ولاية المحكمة التأديبية التى خلفت فيها الهيئة المشكل منها مجلس التأديب فى مجال أعمال حكم القانون فى شأن الموظف الذى يقدم عنه تقريران بدرجة ضعيف قد زالت منذ العمل بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 الذى جعل الاختصاص فى هذا الشأن معقودا للجنة شئون العاملين وفقا لحكم المادة 34 منه مما يتعين معه على الجهة الادارية المختصة أن تحيل المطعون ضده الى تلك اللجنة.
ومن حيث انه بناء على ما تقدم يتعين الحكم بالغاء القرار المطعون فيه مع الزام المطعون ضده بالمصاريف.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء القرار المطعون فيه وألزمت المطعون عليه بالمصروفات.