أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 718

جلسة 20 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة أنور خلف وعضوية السادة المستشارين/ محمد مصطفى المنفلوطى، وحسن السنباطى، ود. بشرى رزق فتيان، ومحمد حسب الله.

(131)
الطعن رقم 726 لسنة 41 القضائيه

(1، 2، 3، 4) عمل "فسخ عقد العمل". نظام عام.
(1) تغيب العامل عن العمل أكثر من 10 أيام متوالية فى السنة الواحدة. أثره. جواز فسخ العقد. شرطه. إنذاره كتابة بعد مضى 5 أيام. وجوب وصول الإنذار للعامل قبل أكتمال العشرة أيام.
(2) قيام العامل باخطار رب العمل بسبب غيابه لمرضه. ثبوت علم رب العمل بذلك بعد فسخ العقد لتغيب العامل مدة أكثر من 10 أيام. اعتبار الفسخ مبررا.
(3) بدل الانتقال. اعتباره جزءا من الأجر، متى كان لقاء طاقة يبذلها يقطع بزوالها، إعطاؤه للعامل عوضا عن نفقات يتكبدها. عدم اعتباره جزءا من الأجر.
(4) أجازات العامل. استبدالها بأيام أخر أو بمقابل نقدى. غير جائز إلا فى الأحوال المقررة قانونا ومقتضيات العمل. الاستثناء حلول موعد الإجازة ورفض رب العمل الترخيص للعامل بها. استحقاق العامل التعويض عنها.
(5) نظام عام. إثبات.
قواعد الإثبات عدم تعلقها بالنظام العام. جواز الإتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمنا. عدم جواز التحدى به أمام محكمة النقض لأول مرة.
(6) إثبات. "البينة". محكمة الموضوع.
ترجيح شهادة على أخرى من اطلاقات قاضى الموضوع. عدم التزامه ببيان أسباب هذا الترجيح ما دام لم يخرج عما يؤدى إليه مدلولها.
(7) نقض."أسباب الطعن".
عدم تحديد الطاعن الوقائع والمستندات المراد الاستدلال بها ودلالة كل منها والقصور المنسوب للحكم. نعى مجهل. غير مقبول.
1 - نص الفقرة الخامسة من المادة 76 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 يدل على أن لصاحب العمل الحق فى فسخ عقد العامل دون مكافأة أو تعويض إذا تغيب الأخير عن عمله أكثر من عشرة أيام متوالية خلال السنة الواحدة بشرط أن يوجه إليه إنذارا كتابيا بعد مضى خمسة أيام على الأقل من تاريخ انقطاعه عن العمل، ومن ثم فلا يعتد بالإنذار إذا وقع قبل اكتمال هذه المدة ولكن هذا لا يمنع صاحب العمل من التراخى فى إرسال الإنذار إلى ما بعد اكتمالها ومنح عامله مهلة أطول بشرط أن يصله هذا الإنذار قبل اكتمال مدة العشرة أيام المتوالية، إذ كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن قد انقطع عن العمل فى 5/ 5/ 69 وأرسل إلى المطعون ضده إنذارا كتابيا مؤرخا فى 12/ 5/ 69 وصله فى 14/ 5/ 69 ثم أعقبه المطعون ضده بخطاب الفصل المؤرخ 17/ 5/ 69 فإن العشرة أيام المتتالية التى اشترطها المشرع تكون قد اكتملت، وبالتالى فلا يجدى الطاعن التحدى بأنه لم يكمل مدة خمسة أيام من تاريخ استلامه الإنذار حتى صدور قرار الفصل.
2 - العبرة فى سلامة قرار الفصل وفيما إذا كان صاحب العمل قد تعسف فى فصل العامل أو لم يتعسف هى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالظروف والملابسات التى كانت محيطه به وقت الفسخ لا بعده. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الثابت فى الدعوى أن الطاعن لم يخطر المطعون ضده بسبب غيابه إلا بعد مضى أكثر من عشرة أيام، وكان الأخير لم يتصل علما بمرض الطاعن إلا بعد أن استعمل حقه الذى منحه القانون إياه فى فسخ العقد، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
3 - بدل الانتقال اما أن يعطى إلى العامل عوضا له عن نفقات يتكبدها فى سبيل تنفيذه لعمله، وهو على هذا الوضع لا يعتبر جزءا من الأجر ولا يتبعه فى حكمه وإما أن يعطى لقاء طاقة يبذلها وفى هذه الحالة يعتبر جزءا من الأجر مرهونا بالظروف التى دعت إلى تقريره فيستحق لوجودها ويقطع بزوالها، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن بدل الانتقال الذى يطالب به الطاعن بفرض صحة وجوده لم يكن لقاء جهد إضافى يلتزم ببذله، ورتب على ذلك عدم اعتبار بدل الانتقال جزءا من الأجر، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
4 - إجازات العامل بأنواعها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عزيمة من الشارع، دعت اليها اعتبارات من النظام العام وهى فى نطاق قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 أيام معدودات من كل سنة لا يجوز فى غير الأحوال المقرره فى القانون وبعد مقتضيات العمل استبدالها بأيام أخر من السنة أو السنوات التالية، كما لا يجوز استبدالها بمقابل نقدى، وإلا فقدت اعتبارها وتعطلت وظيفتها ولم تحقق الغرض منها واستحالت إلى (عوض) ومجرد مال سائل يدفعه صاحب العمل إلى العامل، وفى ذلك مصادرة على اعتبارات النظام العام التى دعت إليها ومخالفة لها والقول بأن للعامل أن يتراخى بأجازاته ثم يطالب بمقابل عنها معناه أنه يستطيع بمشيئته وإراداته المنفردة أن يحمل صاحب العمل بالزام هو عوض حقه بينما لا يد له فيه وهو حال يختلف عما إذا حل ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص له بها فإنه يكون قد أخل بالتزام جوهرى من التزاماته التى يفرضها عليه القانون ولزمه تعويض العامل فيه.
5 - قواعد الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ليست من النظام العام، فإذا سكت عنها من يريد التمسك بها، عد ذلك تنازلا منه عن حقه فى الإثبات بالطريق الذى رسمه القانون، ولا يجوز التحدى به لأول مرة أمام محكمة النقض.
6 - ترجيح شهادة شاهد على شاهد اخر هو من إطلاقات قاضى الموضوع لا شأن فيه لغير ما يطمئن إليه وجدانه وليس بملزم أن يبين أسباب هذا الترجيح ما دام لم يخرج بأقوال الشاهد عما يؤدى إليه مدلولها.
7 - إذ كان الطاعن لم يحدد الوقائع والمستندات المراد الاستدلال به وإنما ساق نعيه بشكل عام دون بيان لها ودلالة كل منها وأثره بالنسبة للحكم من قصور فى قضائه مما يجعله نعيا مجهلا غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث ان الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن تقدم بطلب إلى مكتب عمل غرب القاهرة ضمنه أنه التحق بالعمل لدى المطعون ضده اعتبارا من أول مايو سنة 1960 بأجر شهرى مقداره 35 جنيه يضاف إليه مبلغ 3 جنيه كبدل انتقال، وأنه بتاريخ 5 من مايو سنة 1969 أصيب بمرض أقعده، عن العمل، فأبلغ مكتب المطعون ضده هاتفيا، غير أن الأخير أنذره بكتاب موصى عليه تسلمه 14/ 5/ 1969 بانقطاعه عن العمل بغير مبرر فرد على المطعون ضده بخطاب آخر مؤرخ فى 15/ 5/ 1969 يخبره فيه بمرضه، إلا أن المطعون ضده أخطره فى 17/ 5/ 1969 بفصله، وأضاف أن هذا الفصل قد جاء مشوبا بالعسف، وطلب إعادته إلى عمله، ولما لم يتمكن مكتب العمل من تسوية النزاع أحاله إلى محكمة القاهرة الجزئية حيث قيد بجدولها برقم 4715 سنة 1969 عمال جزئى القاهرة. وبجلسة 24/ 12/ 1969 قضت المحكمة بوقف قرار الفصل وبإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن أجره بواقع 35 جنيه شهريا من تاريخ فصله. وبعد أن حدد الطاعن طلباته الموضوعية بمبلغ 2173 جنيه و530 مليم منه مبلغ 6 جنيه و330 مليما قيمة أجره عن المدة من 1/ 5/ 1969 حتى 5/ 5/ 1969، ومبلغ 57 جنيه و200 مليم مقابل أجازاته السنوية عن الثلاث السنوات الأخيرة، ومبلغ 38 جنيه مقابل مهلة الإخطار، ومبلغ 76 جنيه مكافأة عن سنتى 68؛ 69، 2000 جنيه تعويضا عن الفصل قضت المحكمة باحالة الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 670 سنة 70 كلى القاهرة وفى 21 من أبريل 1970 حكمت المحكمة بالزام الطاعن بأن يؤدى للمطعون ضده مبلغ 10 جنيه و336 مليم استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1752 سنة 87 ق. وبجلسة 24 يونيه سنة 1971 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. وعرض الطعن على غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث ان الطاعن نعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول الفساد فى الاستدلال. وقال بيانا لذلك إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن الطاعن لم يخطر المطعون ضده بسبب غيابه إلا بعد مضى عشرة أيام من تاريخ انقطاعه عن العمل، وأن المطعون ضده لم يعلم بمرض الطاعن إلا بعد فصله، فى حين أن الثابت بالأوراق أن الطاعن قدم ضمن حافظة مستنداته شهادة مؤرخة 15/ 12/ 70 صادره من السيد المحامى يشهد فيها بأنه أخطر صاحب العمل شفاهة بانقطاعه لمرضه فى اليوم التالى، كما أن المطعون ضده استلم خطاب الطاعن المؤرخ 15/ 5/ 1969 فى 17/ 5/ 1969.
وحيث ان النعى مردود ذلك أن لحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما ثبت له من أن مرض الطاعن بدأ فى 5/ 5/ 1969 - تاريخ انقطاعه عن العمل - وأن المطعون ضده أرسل له إنذارا كتابيا فى 12/ 5/ 1969 وصله فى 14/ 5/ 1969، ثم ألحقه بكتاب فصله المؤرخ 17/ 5/ 1969، وأن الطاعن لم يخطر المطعون ضده بسبب غيابه إلا بعد مضى العشرة أيام من تاريخ الانقطاع بمقتضى الخطاب الذى أرسله إلى المطعون ضده وتسلمه الأخير ذلك 17 من مايو سنة 1969 - بعد أن تمت واقعة الفصل - وهو استخلاص موضوعى سائغ يكفى لحمله الحكم، إذ كان ذلك وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتتبع الخصوم فى مختلف مناحى أقوالهم وحججهم وبالرد استقلالا على كل حجة أو قول أثاروه، وحسبها أن تقيم حكمها على أسباب سائغة تكفى لحمله، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث ان الطاعن نعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الثانى والثالث الخطأ فى تطبيق القانون. وقال بيانا لذلك أنه من مقتضى المادة 76/ 5 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 أن للعامل الحق فى العودة لعمله خلال الخمسة أيام التالية على الإنذار الكتابى الصادر من صاحب العمل إليه والثابت أنه تسلم هذا الانذار فى 14 من مايو سنة 1969 فكان يتعين ألا يفصل قبل يوم 19 من مايو سنة 1969.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن النص فى الفقرة الخامسة من المادة 76 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 59 على أنه "لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون سبق إعلان العامل ودون مكافأة أو تعويض إلا فى الحالات الآتية: - إذا تغيب العامل بدون سبب مشروع أكثر من عشرين يوما خلال السنة الواحدة، أو أكثر من عشرة أيام متوالية على أن يسبق الفصل إنذار كتابى من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرة أيام فى الحالة الأولى وانقطاعه خمسة أيام فى الحالة الثانية..." يدل على أن لصاحب العمل الحق فى فسخ عقد العمل دون مكافأة أو تعويض إذا تغيب الأخير عن عمله أكثر من عشرة أيام متوالية خلال السنة الواحدة بشرط أن يوجه إليه انذارا كتابيا بعد مضى خمسة أيام على الأقل من تاريخ انقطاعه عن العمل، ومن ثم فلا يعتد بالإنذار إذا وقع قبل اكتمال هذه المدة ولكن هذا لا يمنع صاحب العمل من التراخى فى إرسال الإنذار إلى ما بعد اكتمالها ومنح عامله مهلة أطول بشرط أن يصله هذا الإنذار قبل اكتمال مدة العشرة أيام المتوالية، إذ كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن قد انقطع عن العمل فى 5/ 5/ 1969 وأرسل له المطعون ضده إنذارا كتابيا مؤرخا فى 12/ 5/ 1969 وصله فى 14/ 5/ 1969 ثم أعقبه المطعون ضده بخطاب الفصل المؤرخ 17/ 5/ 1969، فإن العشرة أيام المتتالية التى اشترطها المشرع تكون قد اكتملت وبالتالى فلا تجدى الطاعن التحدى بأنه لم يكمل مدة خمسة أيام من تاريخ استلامه الإنذار حتى صدور قرار الفصل،
ويكون النعى على الحكم بهذين السببين على غير أساس.
وحيث ان الطاعن نعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع بمخالفة القانون، وقال فى بيان ذلك إنه إذا ما ثبت وجود سبب مشروع للغياب فلا محل لتطبيق م 76/ 5 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 59، وأن انقطاعه كان بسبب مرضه - وهو مبرر مشروع - أمر ثابت فى الأوراق من الشهادة الطبية التى قدمها من طبيبه المعالج ومن أقوال شاهده.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن العبرة فى سلامة قرار الفصل وفيما إذا كان صاحب العمل قد تعسف فى فصل العامل أو لم يتعسف هى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالظروف والملابسات التى كانت محيطة به وقت الفسخ لا بعده. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الثابت فى الدعوى أن الطاعن لم يخطر المطعون ضده بسبب غيابه إلا بعد مضى أكثر من عشرة أيام، وكان الأخير لم يتصل علمه بمرض الطاعن إلا بعد أن استعمل حقه الذى منحه القانون إياه فى فسخ العقد، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الخامس الخطأ فى تطبيق القانون وقال فى بيان ذلك أن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم اعتبار بدل الانتقال جزءا من أجر الطاعن يكون قد شابه خطأ فى تطبيق القانون ذلك أن الفقه والقضاء يجريان على أن بدل الانتقال الثابت يعتبر جزءا لا يتجزأ من الأجر.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك إنه لما كان من المقرر أن بدل الانتقال أما أن يعطى إلى العامل عوضا له عن نفقات يتكبدها فى سبيل تنفيذه لعمله، وهو على هذا الوضع لا يعتبر جزءا من الأجر ولا يتبعه فى حكمه، وإما أن يعطى لقاء طاقة يبذلها وفى هذه الحالة يعتبر جزءا من الأجر مرهونا بالظروف التى دعت إلى تقريره فيستحق لوجودها وينقطع بزوالها، وإذ كان ذلك وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن بدل الانتقال الذى يطالب به الطاعن بفرض صحة وجوده لم يكن لقاء جهد إضافى يلزم ببذله، ورتب على ذلك عدم اعتبار بدل الانتقال جزءا من الأجر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون. ويكون النعى عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث ان حاصل السبب السادس أن المطعون فيه إذ أخذ بما انتهى إليه الحكم الابتدائى من رفض مقابل الاجازات السنوية المستحقة للطاعن عن السنة الأخيرة قولا بأن انقضاء سنة دون حصول العامل لإجازته يعتبر تنازلا ضمنيا عنها يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون لأن التنازل عن الحق لا يفترض كما أن حق العامل فى الإجازة لا يسقط إلا بفوات مواعيد التقادم.
وحيث ان هذا النعى فى غير محله، ذلك أن إجازات العامل بأنواعها - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - عزيمة من الشارع دعت إليها اعتبارات من النظام العام وهى فى نطاق قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 أيام معدودات من كل سنة لا يجوز فى غير الأحوال المقررة فى القانون ولغير مقتضيات العمل استبدالها بأيام أخر من السنة أو السنوات التالية، كما لا يجوز ستبدالها بمقابل نقدى، وإلا فقدت اعتبارها وتعطلت وظيفتها ولم تحقق الغرض منها واستحالت إلى "عوض" ومجرد مال سائل يدفعه صاحب العمل إلى العامل، وفى ذلك مصادرة على اعتبارات النظام العام التى دعت إليها ومخالفة لها، والقول بأن للعامل أن يتراخى بأجازاته ثم يطالب بمقابل عنها معناه أنه يستطيع بمشيئته إرادته المنفردة أن يحمل صاحب العمل بالتزام. هو عوض حقه لا عين حقه بينما لا يد له فيه وهو حال يختلف عما إذا أخل ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص له بها فإنه يكون قد أخل بالتزام جوهرى من التزاماته التى يفرضها عليه القانون ولزمه تعويض العامل عنه، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه.
وحيث إن حاصل السببين السابع والثامن أن الحكم المطعون فيه رفض طلب المكافأة عن سنتى 68، 69 استنادا إلى قول الشاهد الأول للمطعون ضده فى حين أن المادة 43 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 59 أجازت للعامل وحده إثبات كافة حقوقه بجميع طرق الإثبات، مما كان يتعين معه ألا يأخذ الحكم المطعون فيه بأقوال شاهد المطعون ضده ما دام لم يدلل الأخير على دفاعه بدليل كتابى بلى يلزمه بتقديم دفاتره أو يندب خبيرا للاطلاع عليها، فشابه خطأ فى تطبيق القانون كما أنه أهدر دفاع الطاعن ذلك أنه طلب من محكمة الموضوع ندب خبير للاطلاع على دفاتر المطعون ضده ولم تحجبه إلى طلبه فشاب حكمها البطلان.
وحيث ان هذا النعى مردود ذلك أن قواعد الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست من النظام العام، فإذا سكت عنها من ير التمسك بها، عد ذلك تنازلا منه عن حقه فى الإثبات بالطريق الذى رسمه القانون، ولا يجوز التحدى به لأول مرة أمام محكمة النقض، وكان ترجيح شهادة شاهد على شاهد آخر هو من اطلاقات قاضى الموضوع، لا شأن فيه لغير ما يطمئن اليه وجدانه، وليس بملزم أن يبين أسباب هذا الترجيح ما دام لم يخرج بأقوال الشاهد ما يؤدى إليه مدلولها، وكان يبين من الحكم الابتدائى الذى أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه بعد أن استعرض أقوال شهود الطرفين انتهى إلى أن شهادة شاهد الطاعن لا تكفى لاقناع المحكمة بصحة ادعائه، واستخلص من شهادة شاهد المطعون ضده أن الأخير لم يجر على منح عماله أية مكافأة سنوية وكان استخلاصه سائغا، قائما على أسباب تكفى لحمله، فلا عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم فى مختلف أقوالهم وحججهم ويرد استقلالا على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام قيام الحقيقة التى اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمنى المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، لما كان ذلك وكان ما استند إليه الحكم المطعون فيه على ما سلف بيانه يكفى لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط بطلب ندب خبير فإن النعى بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن نعى بالسبب التاسع على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب وقال فى بيان ذلك أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على أوجه دفاع جوهرية تمسك بها إذ أنه عاب على حكم محكمة أول درجة خطأها فى استخلاص الوقائع وتواريخ الخطابات المتبادلة وخطأها فى تطبيق القانون، ولم يعن الحكم المطعون فيه بالرد على ذلك.
وحيث ان هذا النعى غير مقبول ذلك أن الطاعن لم يحدد الوقائع والمستندات المراد الاستدلال بها، وإنما ساق نعيه بشكل عام دون بيان لها، ودلالة كل منها وأثر ما ينسبه للحكم من قصور فى قضائه مما يجعله نعيا مجهلا غير مقبول.
وحيث انه لما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن.