مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 1071

(107)
جلسة 18 من أبريل سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 596 لسنة 7 القضائية

( أ ) كادر عمال - عمال عاديون - أجر - العمال العاديون تنتظمهم بكادر العمال ثلاث فئات متدرجة فى بداية مربوطها بحسب أهمية أعمالهم ومتحدة فى نهايته - معيار تحديد الأجر مناطه بساطة العمل أو أهميته بقطع النظر عن نوعه أو طبيعته.
(ب) كادر عمال - عمال عاديون - محولجى - سكك حديدية - عمل المحولجى يتطلب مرانا فنيا خاصا لا يكتسب الا بمباشرته الفعلية داخل مصلحة السكك الحديدية - لا تثريب على مصلحة السكك الحديدية فى تعيين المحولجى ابتداء فى أدنى فئات العامل العادى كمحولجى ظهورات أو تلميذ محولجى بأجر يومى بدايته 100 مليم ثم تعيينه أخيرا فى وظيفة محولجى تملى بأجر يومى قدره 140 مليما - الوظيفة الأخيرة هى وظيفة المحولجى بمعنى الكلمة المقصودة بالكشف رقم 1 الملحق بكادر العمال.
(جـ) كادر عمال - عمال عاديون - محولجى - سكك حديدية - نص قرار مجلس الوزراء الصادر بكادر العمال فى 23 من نوفمبر سنة 1944 على أن تحدد كل وزارة أو مصلحة عدد كل فئة من فئات الصناع فى كل قسم حسبما تقتضيه حاجة العمل - اعتبار مصلحة السكك الحديدية فى اطار ذلك أن المحولجى المعنى بكادر 140/ 300 هو فقط المحولجى التملى وأن ما دون ذلك من ظهورات أو روسبيت عامل عادى فى سبيل التهيئة لوظيفة محولجى - لا ينطوى على تجزئة للوظيفة الواحدة وليس خروجا على قواعد هذا الكادر - ليس فى هذا المسلك ما يعد استثناء من أحكام كادر العمال من قبيل ما خوله الكادر لوزارة المالية وحدها مما نقلت فيه السلطة فيما بعد اليه ديوان الموظفين.
1 - يخلص من استعراض قرارات مجلس الوزراء الصادرة فى 23 من نوفمبر سنة 1944 و28 من ديسمبر سنة 1944 و12 من أغسطس سنة 1951 بشأن كادر عمال الحكومة وما بنى عليها من الكتب الدورية أن مجلس الوزراء اعتبر الفراشين والسعاة والعتالين والجناينية الذين أورد بيانهم على سبيل المثال ومن شابههم من العمال العاديين فى درجة موحدة وقضى فى بادئ الأمر بأن تكون هذه الدرجة من 120/ 240 مليما على أن تخفض بداية مربوطها الى 100 مليم بالنسبة للمشتغلين بالأعمال البسيطة ثم رأت وزارة المالية أن هناك طائفة من هؤلاء العمال يشتغل أربابها داخل الورش ولعملهم أهمية خاصة، فقرر مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزارة، تكملة لقراره السابق، رفع بداية الدرجة بالنسبة لهذه الطائفة الى 140 مليما، وبذا يكون وضع العمال العاديين فى الواقع من الأمر طبقا لقرارى مجلس الوزراء الصادرين فى 23 من نوفمبر سنة 1944 و28 من ديسمبر سنة 1944 بكادر عمال اليومية أنهم فى درجة مربوطها من 120/ 240 مليما، مع تخفيض بداية هذا المربوط الى 100 مليم بالنسبة للمشتعلين منهم بالأعمال البسيطة، ورفع تلك البداية الى 140 مليما لمن يعملون داخل الورش ولعملهم أهمية خاصة وعلى هذا انتظمت درجة العمال المذكورين ثلاث فئات متدرجة فى بداية مربوطها بحسب أهمية أعمالهم ومتحدة فى نهايته التى عدلت بزيادتها الى 300 مليم فيما بعد - واتخذ الشارع فى تحديد بداية الأجر وتفاوتها بالنسبة الى أفراد كل فئة من هذه الفئات معيارا مناطه بساطة العمل أو أهميته بقطع النظر عن نوعه أو طبيعته وأن اتحد فيها ما دام داخلا فى نطاق ما يقوم به العمال العاديون - وقد خول الشارع وزارة المالية سلطة الاستثناء من جميع قواعد الكادر - كما أورد بالكشف رقم (1) الملحق بهذا الكادر والخاص بالعمال العاديين تطبيقات للتدرج فى أول مربوط الأجر لبعض هؤلاء وتفاوته تبعا لدرجة أهمية العمل الذى يؤديه وان كان هو ذات العمل - وقد سبق لهذه المحكمة أن خلصت من استقرائها هذه النصوص الى أن أهمية العمل هى مناط تدرج بداية مربوط الأجر وتفاوته فيما يتعلق بالعمال العاديون وهى الأساس الذى يقوم عليه تقدير بداية أجورهم والفئة التى يوضعون فيها.
2 - ان عمل المحولجى بحكم طبيعته يتطلب مرانا فنيا خاصا، ويقتضى الالمام بطريقة تشغيل الخط المزدوج والمفرد وتنوير العربات بواسطة عصا المناورة، واشهار علامة الخطر اليدوية فى حال تعطيل الخط، وتشغيل معداوى على الخط المفرد عند تعطيل العدد أو فى حالة التهدئة لوجود تصليحات فى الخط، ومقابلة القطارات الصاعدة والنازلة واعطاء علامة القيام للسائق واستعمال الاشارات فى الأجواء العادية ووقت الضباب والزوابع وعند اجراء المناورات أو سير القطارات فى اتجاه مخالف واستعمال مصباح الاشارة، وتشغيل القطارات على طريقة البلوك وغيرها بالخطوط المزدوجة والتصرف فى حالة اختلاف السيمافورات أو وقوف القطارات بسبب الحوادث أو الخلل أو المعارضات، وادخال العربات الى المخازن المنحدرة، واجراء مناورة العربات المشحونة بمواد قابلة للكسر أو الفرقعة واستعمال اشارات الضباب والأذرع كاشارات وكلها أعمال تتصل بسلامة الخطوط وتحتاج للالمام بها الى تعلمها والتدرب عليها، ولما كان هذا هو شأن عمل المحولجى وتلك هى اختصاصاته وواجباته، وكانت طبيعة عمله هذا تجعل تمرسه به لا يكتسب الا بمباشرته فعلا داخل المصلحة نظرا الى النظم الفنية وللأساليب الخاصة التى تتبعها فى ادارة مرفق السكك الحديدية الذى تقوم عليه - فلا تثريب على المصلحة اذا اقتضاها صالح العمل وحسن سير المرافق أن تجعل المرشح لهذه الوظيفة يتدرج فيها قبل التعيين فيها مبتدئا بعمل محولجى ظهورات أو بعبارة أخرى تلميذ محولجى فى أدنى فئات العامل العادى بأجر يومى بدايته 100 مليم ثم تعيينه أخيرا فى وظيفة محولجى تملى بأجر يومى مقداره 140 مليما على اعتبار أن هذه الأخيرة هى وظيفة المحولجى بمعنى الكلمة، مراعية فى ذلك أهمية ما يسند اليه من أعمال بالبدء بأبسطها وأيسرها مسئولية ثم استقرار مرانه فى المرحلتين الأوليين بوصفهما مرحلتى تمرين واعداد تمهيدا للتعيين فى وظيفة محولجى المقصودة بالكشف برقم (1) الملحق بكادر العمال بحيث لا يمنح أجر هذه الوظيفة الا من يشغلها بالفعل.
3 - ينص قرار مجلس الوزراء الصادر بكادر العمال فى 23 من نوفمبر سنة 1944 فى الفقرة (1) (من القواعد العامة) الواردة به على أن (تحدد كل وزارة أو مصلحة عدد كل فئة من فئات الصناع فى كل قسم حسبما تقتضيه حالة العمل، وأن يكون متوسط هذه الفئات مضروبا فى عدد الوظائف لا يجاوز الاعتماد المقرر) وهو ما يصدق على العمال. لذلك فاذا أعتبرت الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية أن المحولجى المعنى بالكادر فى الفئة 140/ 300 هو فقط المحولجى التملى، وأن ما دون ذلك من ظهورات أو روسبيت انمل هو عامل عادى فى مرحلة التدريب على أعمال المحولجى لاعداده، وتهيئته لوظيفة محولجى تملى، وأن أطلق عليه تجاوزا اسم محولجى ظهورات أو محولجى روسبيت لمجرد بيان اتجاه تأهيله، فان هذا التنظيم الذى تقتضيه طبيعة العمل بالهيئة فى هذا الفرع من الوظائف لا ينطوى على تجزئة للوظيفة الواحدة أو خروج على قواعد كادر العمال، كما لا يعد استثناء من قبيل ما خوله الكادر لوزارة المالية وحدها، مما نقلت فيه السلطة فيما بعد الى ديوان الموظفين بقرار مجلس الوزراء الصادر فى 5 من مايو سنة 1953.


اجراءات الطعن

بتاريخ 18 من يناير سنة 1961 أودع السيد رئيس ادارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد مدير عام الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية عريضة طعن فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية بالاسكندرية بتاريخ 12 من نوفمبر سنة 1960 فى الدعوى المقيدة بالسجل العام رقم 404 لسنة 7 ق والقاضى باستحقاق المدعى تسوية حالته فى الدرجة 140/ 300 فى وظيفة محولجى اعتبارا من تاريخ تعيينه فى 17/ 8/ 1954 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية عن الخمس السنوات السابقة على تقديم طلب المعافاة فى 6/ 1/ 1960 وألزمت الحكومة المصروفات - وقد طلبت ادارة قضايا الحكومة الطعن على هذا الحكم للأسباب التى بنت عليها طعنها - وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 7 من مارس سنة 1964، فقررت بأحالته الى المحكمة العليا الادارية حيث نظر بجلسة 14/ 2/ 1964 وارجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة حسبما يبين من أوراقها تتحصل فى أن المدعى أقام هذه الدعوى بعريضة أودعت سكرتارية المحكمة بتاريخ 4/ 5/ 1960 بعد قبول طلب المساعدة القضائية، طلب فيها تسوية حالته على أساس شغله وظيفة محولجى المقرر لها الفئة 140/ 300 مليم من تاريخ دخوله الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار والزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه - وقال شرحا لدعواه أنه عين فى وظيفة محولجى بأجر يومى قدره 100 مليم، وذكر المدعى أن الأجر المقرر لتلك الوظيفة بكادر العمال هو 140 مليما فى الدرجة 140/ 240 المعدلة الى 140/ 300 مليم، غير أن الادارة لم تمنحه ذلك الأجر، وحدد المدعى طلباته على الوجه السالف بيانه.
وقد ردت جهة الادارة بأن المدعى التحق بها فى وظيفة محولجى ظهورات بتاريخ 17/ 8/ 1954 بأجر يومى قدره 100 مليم وعند تطبيق كادر العمال على وظائف المحولجية روعيت الاعتبارات التى وردت بمذكرة اللجنة المالية التى وافق عليها مجلس الوزراء فى 18/ 12/ 1944 بوضعهم فى الفئات التى خصصها كادر العمال للعمال العاديين تبعا لاهمية العمل وتزايد المسئولية وهى ثلاثة: الأولى المحولجية الظهورات وخصصت لهم الدرجة 100/ 300 مليم والثانية المحولجية الروسبيت وخصصت لهم الدرجة 120/ 300 مليم والثالثة المحولجية التملية وخصصت لهم الدرجة من 140/ 300 مليم - فالعامل فى الفئتين الأولى والثانية ما هو الا عامل عادى ظهورات تلميذ محولجى أو محولجى روسبيت - بحيث لا يشغل وظيفة محولجى الواردة بالكشوف بكادر العمال والمخصص لها الدرجة 140/ 300 مليم حسب نظام العمل وتدرجه بالمصلحة الا المحولجى التملى الذى يشغل هذه الوظيفة فعلا فى حدود الربط المقرر، وعلى ذلك وضع المدعى فى الدرجة 140/ 300 مليم من تاريخ شغل وظيفة محولجى تملى.
وقد حكمت المحكمة الادارية باستحقاق المدعى تسوية حالته فى الدرجة 140/ 300 مليم فى وظيفة محولجى اعتبارا من تاريخ تعيينه فى 17/ 8/ 1954 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية عن الخمس السنوات السابقة على تاريخ تقديم طلب المعافاة فى 6/ 1/ 1960 والزمت الحكومة بالمصروفات - وأقامت قضاءها على أن مهنة محولجى وردت فى الكشف رقم (1) الملحق بكادر العمال تحت عنوان العمال العاديين وخصصت لها الدرجة 140/ 240 التى رفعت الى 140/ 300 مليم وليس فى هذا الكشف أى تمييز بين المحولجى الروسبيت والمحولجى الدائم اذ وردت كلمة محولجى مطلقة من كل قيد أو وصف مما لا يدع مجالا لتخصيصها أو تقسيمها الى فئات، واذا كانت وزارة المالية قد أشارت فى كتبها الدورية الى وجود ثلاث فئات من العمال العاديين بحسب أهمية اعمالها فان هذا لا يؤثر على ما تكلفت به الكشوف الملحقة بكادر العمال من بيان أنواع المهن والوظائف التى تندرج تحت كل فئة مما لا يسوغ معه السماح لجهة الادارة بالخروج عنه أو الترخيص فى أوضاع المهن ومقدراتها حتى لا تتجزأ الوظيفة الواحدة على الفئات الثلاث المخصصة للعمال العاديين اذ ينبغى التوزيع من الوجهة التى حددها الكادر مع مراعاة هذه الدرجات بحيث لا تعطى أية مهنة غير الدرجة والاجر المحددين لها فى احدى الفئات المذكورة، ولما كان كادر العمال قد خول لوزارة المالية وحدها سلطة القيام على حسن تطبيق هذا الكادر وضبط قواعده وتنسيقها بحسب مقتضيات المصلحة العامة وحالة العمل، كما أجاز لها حق الاستثناء من هذه الأحكام أو تفويض غيرها فى ذلك، فان قيام مصلحة السكك الحديدية وهى سلطة أدنى من السلطة واضعة الكادر ولا تملك تفويضات من هذه الأخيرة بتوزيع وظيفة محولجى على درجات ثلاثة بفئات بحسب أهمية العمل يكون فى التطبيق العملى خروجا على قواعد كادر العمال واستثناء من أحكامه وهى سلطة تنفرد بها وزارة المالية دون غيرها من الوزارات والمصالح بل ولا تملك التفويض فيها.
وطعنت ادارة قضايا الحكومة على هذا الحكم بذات الاسباب التى ساقتها جهة الادارة أمام المحكمة الادارية وبما لا يخرج عنها، وطلبت قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والزام المدعى بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
ومن حيث انه جاء بالبند 7 من مذكرة وزارة المالية الخاصة بكادر عمال الحكومة التى وافق عليها مجلس الوزراء بقراره الصادر فى 23 من نوفمبر سنة 1944 فيما يتعلق بالعمال العاديين "مثل (الفراش) والسعاه والعتالين والجناينية ومن شابههم" هؤلاء تقرر لهم درجة 120/ 240 مليما على أن تخفض البداية الى 100 بالنسبة للمشتغلين بالأعمال البسيطة. كما جاء فى الفقرة 3 من "القواعد العامة" الواردة فى هذا القرار أنه "لا يجوز الاستثناء من هذه القواعد الا بموافقة وزارة المالية" وقد ردد كتاب وزارة المالية الدورى ملف رقم ف 234 9/ 1953 الصادر فى 19 من ديسمبر سنة 1944 بشأن انصاف عمال اليومية ما تقدم بنصه - كذلك ورد فى مذكرة اللجنة المالية المكملة لقرار مجلس الوزراء آنف الذكر والتى وافق عليها المجلس بقراره الصادر فى 28 من ديسمبر سنة 1944 فى البند الخاص بالعمال العاديين "مثل الفراشين والعتالين والسعاة (والجناينية) نص قرار مجلس الوزراء المشار اليه على أن يوضعوا فى الدرجة من 120/ 240 مليما مع تخفيض البداية الى 100 مليم بالنسبة للمشتغلين بالأعمال البسيطة وترى وزارة المالية أن هناك طائفة من هؤلاء يشتغلون داخل الورش ولعملهم أهمية خاصة وتقترح وزارة المالية أن ترفع بداية الدرجة بالنسبة لهذه الطائفة الى 140 مليما..." وتنفيذا لهذا القرار صدر فى 6 من يناير سنة 1945 كتاب وزارة المالية الدورى ملف رقم 234 - 9/ 1953 ناصا فى البند 4 منه على ما يأتى "العمال العاديون مثل الفراشين والسعاة والجناينية - فالذين يشتغلون منهم داخل الورش ولعملهم أهمية خاصة تكون فئة درجاتهم 140/ 240 والذين يشتغلون داخل الورش - وعملهم يقل أهمية عن السابقين تكون فئة درجاتهم 120/ 240 مليما، أما الذين يقومون منهم بالأعمال العادية فتكون فئة درجاتهم 100/ 240 مليما" ثم صدر كتاب وزارة المالية الدورى ملف 234 - 1/ 1953 فى 16 من أكتوبر سنة 1945 وجاء فى البند التاسع منه الخاص بالعمال العاديين "هؤلاء تنقسم درجاتهم حسب أهمية أعمالهم الى ثلاث فئات الأولى 100/ 240 مليما، والثانية 120/ 240، والثالثة 140/ 240 مليما" وقد وافق مجلس الوزراء بقراره الصادر بجلسة 12 من أغسطس سنة 1951 على رأى اللجنة المالية بزيادة نهائية ربط درجات هؤلاء العمال العاديين بجعله 300 مليم بدلا من 240 مليما دون تعديل لبداية هذا الربط وقد تضمن الكشف رقم (1) الخاص بالعمال العاديين والملحق بكادر العمال بعض فئات من هؤلاء العمال تتحد فى طبيعة العمل الذى تقوم به وتتفاوت مع ذلك فى بداية مربوط الأجر وفى الدرجة المخصصة لكل منهم تبعا لأهمية العمل، كعامل الرش بالطرق وعامل الغسيل المقرر لكل منهما بداية قدرها 100 مليم فى أدنى الفئات الفرعية الواردة بالكشف المذكور، وعامل الرش والغسال المقرر لأولهما بداية قدرها 120 مليما فى الفئة الفرعية المتوسطة وللثانى بداية 140 مليما فى الفئة الأعلى بالكشف عينه - وكعامل البنزين العادى، وعامل طلمبة البنزين المقرر لأولهما 100 مليم والثانى 120 مليما، وكالعتال خارج الورش والعتال داخلها المقرر لأولهما 120 مليما والثانى 140 مليما".
ومن حيث انه يخلص من استعراض قرارات مجلس الوزراء الصادرة فى 23 من نوفمبر سنة 1944 و28 من ديسمبر سنة 1944 و12 من أغسطس سنة 1951 بشأن كادر عمال الحكومة وما بنى عليها من الكتب الدورية أن مجلس الوزراء اعتبر الفراشين والسعاة والعتالين والجناينية الذين أورد بيانهم على سبيل المثال ومن شابههم من العمال العاديين فى درجة موحدة وقضى فى بادئ الأمر بأن تكون هذه الدرجة من 120/ 240 مليما على أن تخفض بداية مربوطها الى 100 مليم بالنسبة للمشتغلين بالأعمال البسيطة ثم رأت وزارة المالية أن هناك طائفة من هؤلاء العمال يشتغل أربابها داخل الورش ولعملهم أهمية خاصة، فقرر مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزارة، تكملة لقراره السابق، رفع بداية الدرجة بالنسبة لهذه الطائفة الى 140 مليما، وبذا يكون وضع العمال العاديين، فى الواقع من الأمر طبقا لقرارى مجلس الوزراء الصادرين فى 23 من نوفمبر سنة 1944 و28 من ديسمبر سنة 1944 بكادر عمال اليومية فى درجة مربوطها من 120/ 240 مليما، مع تخفيض بداية هذا المربوط الى 100 مليم بالنسبة للمشتغلين منهم بالأعمال البسيطة، ورفع تلك البداية الى 140 مليما لمن يعملون داخل الورش ولعملهم أهمية خاصة وعلى هذا انتظمت درجة العمال المذكورين ثلاث فئات متدرجة فى بداية مربوطها بحسب أهمية أعمالهم ومتحدة فى نهايته التى عدلت بزيادتها الى 300 مليم فيما بعد - واتخذ الشارع فى تحديد بداية الأجر وتفاوتها بالنسبة الى أفراد كل فئة من هذه الفئات معيارا مناطه بساطة العمل أو أهميته بقطع النظر عن نوعه أو طبيعته وأن اتحد فيها ما دام داخلا فى نطاق ما يقوم به العمال العاديون - وقد خول الشارع وزارة المالية سلطة الاستثناء من جميع قواعد الكادر - كما أورد بالكشف رقم (1) الملحق بهذا الكادر والخاص بالعمال العاديين تطبيقات للتدرج فى أول مربوط الأجر لبعض هؤلاء وتفاوته تبعا لدرجة أهمية العمل الذى يؤديه وان كان هو ذات العمل - وقد سبق لهذه المحكمة أن خلصت من استقرائها لهذه النصوص أن أهمية العمل هى مناط تدرج بداية مربوط الاجر وتفاوته فيما يتعلق بالعمال العاديين، وهى الاساس الذى يقوم عليه تقدير بداية أجورهم والفئة التى يوضعون فيها. ولما كان عمل المحولجى بحكم طبيعته يتطلب مرانا فنيا خاصا، ويقتضى الالمام بطريقة تشغيل الخط المزدوج والمفرد وتنوير العربات بواسطة عصا المناورة، واشهار علامة الخطر اليدوية فى حال تعطيل الخط، وتشغيل معداوى على الخط المفرد عند تعطيل العدد أو فى حالة التهدئة لوجود تصليحات فى الخط، ومقابلة القطارات الصاعدة والنازلة واعطاء علامة القيام للسائق واستعمال الاشارات فى الأجواء العادية ووقت الضباب والزوابع وعند اجراء المناورات أو سير القطارات فى اتجاه مخالف واستعمال مصباح الاشارة، وتشغيل القطارات على طريقة البلوك وغيرها بالخطوط المزدوجة والتصرف فى حالة اختلاف السيمافورات أو وقوف القطارات بسبب الحوادث أو الخلل أو المعارضات، وادخال العربات الى المخازن المنحدرة، واجراء مناورة العربات المشحونة بمواد قابلة للكسر أو الفرقعة، واستعمال اشارات الضباب والأذرع كاشارات وكلها أعمال تتصل بسلامة الخطوط وتحتاج للالمام بها الى تعلمها والتدرب عليها، ولما كان هذا هو شأن عمل المحولجى وتلك هى اختصاصاته وواجباته، وكانت طبيعة عمله هذا تجعل تمرسه به لا يكتسب الا بمباشرته فعلا داخل المصلحة نظرا الى النظم الفنية وللأساليب الخاصة التى تتبعها فى ادارة مرفق السكك الحديدية الذى تقوم عليه - فلا تثريب على المصلحة اذا اقتضاها صالح العمل وحسن سير المرفق أن تجعل المرشح لهذه الوظيفة يتدرج قبل التعيين فيها مبتدئا بعمل محولجى ظهورات أو بعبارة أخرى تلميذ محولجى فى أدنى فئات العامل بأجر يومى بدايته 100 مليم ثم تعيينه أخيرا فى وظيفة محولجى تملى بأجر يومى مقداره 140 مليما على اعتبار أن هذه الأخيرة هى وظيفة المحولجى بمعنى الكلمة، مراعية فى ذلك أهمية ما يسند اليه من أعمال وبدئه بأبسطها وأيسرها مسئولية ثم استمرار مرانه فى المرحلتين الأوليين بوصفهما مرحلتى تمرين وأعداد تمهيدا للتعيين فى وظيفة محولجى المقصودة بالكشف برقم (1) الملحق بكادر العمال بحيث لا يمنح أجر هذه الوظيفة الا من يشغلها بالفعل يعزز هذا أن عدد الوظائف المخصصة لكل من المحولجى ظهورات والمحولجى روسبيت والمحولجى تملى محدودة فى كل فئة من هذه الفئات، وأن الاعتمادات المالية المقررة فى ميزانية الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية مربوطة على أساس متوسط الدرجات. وقد نص قرار مجلس الوزراء الصادر بكادر العمال فى 23 من نوفمبر سنة 1944 فى الفقرة (1) (من القواعد العامة) الواردة به على أن (تحدد كل وزارة أو مصلحة عدد كل فئة من فئات الصناع فى كل قسم حسبما تقتضيه حالة العمل، وأن يكون متوسط هذه الفئات مضروبا فى عدد الوظائف لا يجاوز الاعتماد المقرر) وهو ما يصدق على العمال لذلك فانه اذا اعتبرت الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية أن المحولجى المعنى بالكادر فى الفئة 140/ 300 هو فقط المحولجى التملى، وأن ما دون ذلك من ظهورات أو روسبيت انما هو عامل عادى فى مرحلة التدريب على أعمال المحولجية لاعداده، وتهيئته لوظيفة محولجى تملى، وان أطلق عليه تجاوزا اسم محولجى ظهورات أو محولجى روسبيت لمجرد بيان اتجاه تأهيله، فان هذا التنظيم الذى تقتضيه طبيعة العمل بالهيئة فى هذا الفرع من الوظائف لا ينطوى على تجزئة للوظيفة الواحدة أو خروج على قواعد كادر العمال، كما لا يعد استثناء من قبيل ما خوله الكادر لوزارة المالية وحدها، مما نقلت فيه السلطة فيما بعد الى ديوان الموظفين بقرار مجلس الوزراء الصادر فى 5 من مايو سنة 1963.
ومن حيث أنه باستظهار حالة المدعى من واقع ملف خدمته يبين أن المدعى عين بالهيئة المذكورة بوظيفة محولجى ظهورات بأجر يومى قدره 100 مليم من 17 أغسطس سنة 1954 وأصبح محولجيا بأجر يومى قدره 120 مليما من 26 من مايو سنة 1955، ثم محولجى تملى.
ومن حيث انه لما تقدم فان المدعى - وقد وضع طبقا لأحكام كادر العمال فى الدرجة 140/ 300 مليم المخصصة لوظيفة محولجى من تاريخ شغله لوظيفة محولجى تملى لا يكون على حق فيما يطلبه من استحقاقه لأن يوضع فى هذه الدرجة من تاريخ بدء التحاقه بالخدمة، وما يترتب على ذلك من آثار. واذا أخذ حكم المحكمة الادارية المطعون فيه بغير هذا النظر، فانه يكون قد أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه ويتعين الغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع الزام المدعى بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات.